- يمكنني تغيير لون احمر الشفاه إذا كنت ترغبين في ذلك, لكني لا اعتقد انك تستطيعين استعماله في مكانك.
ضحك الاثنان وشعرت داليا انها بحالة طيبة لم تشعر بها منذ زمن طويل . فجأة , شعرت بتقلص اعادها إلى الواقع.
اغمضت عينيها تحت تأثير الألم . سألها شاد في قلق:
- هل تتألمين بشدة ؟
- بلى , ولكن لا بأس , اصبت بتقلص , يمكنني ان اتحمل لحظات احتضاري.
- داليا!
- إني امزح .منتديات ليلاس
ضحكا من جديد , وهو يقترب من السرير ليساعدها لتضع الوسادات في مكانها , استنشقت داليا عطر شاد واقفلت عينيها ليصل العطر إلى انفها .
سمعته وهو يهمس بصوت منخفض:
- هل أنت متأكدة انك بخير؟
- نعم , نعم ...
لم تستطع ان تشرح له أثر مجاملته لها , وبجهد كبير فتحت عينيها لتقعا على شاد . قالت :
- اعتقد انك تستطيع ان تحدثني عن اقتراحك الآن.
بدت لها اللحظة مواتية , إن لديها الوقت ولا تريده ان يبرحها على الفور . لكن لم يبد شاد بنفس الاستعداد.منتديات ليلاس
- مم , لا يا داليا ليس هنا ! على الأقل , ليس قبل ان تشفي تماما.
ارادت ان تعترض لكنها صمتت , على اية حال , لقد كان محقا في هذا التصرف , تذكرت داليا خطورة خلط العمل بالأحاسيس , وبدأت تعتاد وجود شاد.
إنه هنا من اجل العمل , فلا يجب ان تنسي ذلك , وعلى الرغم من ذلك, لم تعامله فقط كرجل اعمال , لقد كان رجلا خاصا بالنسبة لها .
- كم من الوقت يجب ان تبقى في المستشفى يا داليا ؟
اخرجها هذا السؤال من دائرة تفكيرها , لقد كانت تقول لنفسها : إن عليها تدقيق النظر في البطاقة التي اعطاها إياها شاد في سان رايز.
- اوه , اعتقد ان الطبيب يريد إبقائي تحت الملاحظة , انظر, هاهو .
- هل تريدينني ان اتركك ؟
- كلا , كلا, على الإطلاق ! لن يمكث طويلا , أنا متأكدة من ذلك .
صاح د فوريه وهو رجل كبير في الأربعينات من عمره , السماعة معلقة على صدره.منتديات ليلاس
- كلا, هذا صحيح ! ساحتجزك يومين او ثلاثة , قبل ان اتركك تهربين.
قال وهو يغمز لشاد :
- والزيارات مسموح بها بل يوصى بها !
اجابت داليا :
- شكرا يا دكتور.
نهض شاد .
- حسناً جدا سأتركك اليوم وسأحضر لأراك غداً, اتفقنا يا داليا ؟
- اتفقنا يا شاد.

بد لها الغد بعيداً جدا , لم تكن تعرف كيف تفسر ما يحدث لها . عندما خلدت للنوم على سرير المشتشفى المريح بدأت تفكر في عيد الميلاد الغريب, والجزيرة الغامضة , وفي اخوين محيرين ...
لم يكن بجانبها شخص ينصحها بخصوص المغامرة التي اكتشفتها بعد موت والدها . كان هناك شيء واحد مؤكد : هو انها تعيش احداثا مهمة.
في اليوم التالي وجدت داليا عند استيقاظها في السرير المجاور نزيلة في الغرفة. كانت سيدة متوسطة العمر , جاءت لتجري فحوصا روتينية . لم تكن ميالة للحديث , ولم تحاول إقامة حديث معها . وعندما حان وقت الزيارات , جاء زائرين لرفيقتها في الغرفة , مما شغل المقعد المخصص للزائرين.
لم يكن امام شاد إلا ان يجلس على طرف السرير , مما اسعدها لم يستطع شاد المجيء من اول الزيارة وليقدم اعتذاراً لداليا , اهدى إليها باقة من الزهور الصفراء التي تفضلها .
- اوه , إنها رائعة , كيف واتتك الفكرة لتحضرها بهذا اللون. ليس ما يسعدني أكثر من ذلك.
- لقد اسعدني ذلك , لكن قولي لي كيف حالك؟
كانت داليا تتحسن بالفعل , لقد خطت بضع خطوات في الحجرة هذا الصباح. تجاذب شاد وداليا اطراف الحديث , واكتشفا نقاطا عديدة مشتركة, تعشق داليا موسيقى الجاز وشاد ايضا. هي تحب الأفلام الإيطالية كثيرا , كذلك هو .منتديات ليلاس
تجنب شاد ان يتحدث كثيرا عن نفسه, لكن لم تعرف هل الكتمان من طبعه , أم ان هناك سببا مجهولا بالنسبة لها يمنعه من التحدث؟
مهما يكن , فقد قضيا وقتا ممتعا , ووعدها شاد ان يعود في اليوم التالي ومعه فيلم كانت المستشفى تعير افلاما والغرفة مزودة بتلفاز مجهز بجهاز فيديو. لم تشعر داليا بمثل هذه السعادة من قبل لأنها في المستشفى .
كان لديها شاب ساحر يعتني بها , ولا يشعرها بمرور الوقت . فبعد يومين , عندما اخبرها الطبيب بأنه وافق على خروجها من المستشفى في نهاية اليوم , لم تظهر حماسا واضحا. لم تشعر إلا بالقشعريرة عندما تفكر في ان عليها العودة إلى سان رايزكي , لم تكن الحسابات دائما عملا مرحا.
كان شاد موجودا عندما اخبرها الطبيب بنبأ خروجها , واقترح على الفور توصيلها .
- سنستقل السيارة حتى جزيرة كابتيف , ومنها سنصل إلى سان رايزكي بمركبي , وبذلك سنتجنب إصابتك بدوار البحر مرتين .
- شكراً يا شاد هذا لطف منك حقا .
- لقد احضرت لك بعض الملابس , تحسبا لخروجك , إنها في السيارة سأنزل لأحضرها , ليس امامنا سوى ان تبدلي ملابسك ونرحل.منتديات ليلاس
كانت داليا تفكر فعلا في انها ستضطر إلى ارتداء الملابس التي كانت ترتديها يوم الحادثة, في الحقيقة إن شاد لديه دائما افكار جيدة .
استغلت مدة غيابه لترتيب بعض اغراضها وتصفف شعرها . عاد شاد بسرعة , دخلت داليا إلى الحمام.
كانت شغوفا لكي تعرف ماذا احضر لها من ملابس, وخاصة إذا كانت مناسبة من حيث المقاس , وجدت داليا الجيب ابيض رائعا طويلا لكنه ضيق بعض الشيء. إلا انها استطاعت ان تلبسه وعلى العكس كان القميص الذي اختاره ليتناسب مع الجيب كبيرا جدا . كان يتناسب أكثر مع امرأة ممتلئة عنها .

شعرت برعشة وهي تلقي بنظرة سريعة على المرآة , ووجدت وجنتيها قد توردتا , قالت لنفسها : داليا بينتون , اشعر انك تفكرين كثيرا في الشاب الذي يدعى شاد .
انتهت من إقفال ازرار القميص واحاطت خصرها بحزام من نفس لون الجيب . كان شاد يتمتع بذوق رفيع. وعندما خرجت من الحمام لم يستطع شاد ان يمنع نفسه من ان يجاملها .
- انت رائعة !
- شكرا, لا يوجد سوى القميص , إنه كبير بعض الشيء .
- آه , نعم . منتديات ليلاس
شعرت داليا ان اللون الاحمر قد تصاعد إلى وجهها , بينما نظر شاد إلى القميص.
- آسف , اعتقدت ان مقاسك اربعون ..
- كلا , مقاسي ثمانية وثلاثون , لكن الأمر ليس على درجة كبيرة من الأهمية , كنت ساتضايق كثيرا لو كان العكس.ريحانة
- هل تريدين ان اذهب لأبدله؟
- اوه , كلا شكرا , لا طائل من ذلك.
على الأقل, فهو يعرف الكثير عن ملابس النساء , وذلك ليس شأن الكثير من الرجال ربما يكون شاد قد عمل في الملابس الجاهزة. لكنه لم يمهلها الوقت لتسأله.
- هيا , تعالي معي الآن , لنترك هذا المستشفى , سأعيدك إلى بيتك.
لم تدعه داليا يرجوها كثيرا , وتبعته دون ان تضيف كلمة واحدة .

نهاية الفصل

الفصل الرابع

كان الجو هادئا في هذا المساء , واضطرت داليا إلى الاستناد إلى ذراع شاد , إنها لم تخرج منذ ثلاثة ايام وهواء البحر يسبب لها دوار , لكنها كانت سعيدة جدا لخروجها من المستشفى .
قادها شاد مباشرة إلى سيارته جاجوار المكشوفة واجلسها إلى جواره.
- اتمنى ألا تصابي بالبرد.
- اوه, كلا , على العكس , الهواء له اثر طيب علي.
رمقها بنظرة ماكرة :
- اتشوق لدعوتك على العشاء, لكني لا اريدك ان تجهدي نفسك , واعتقد انه من الافضل ان اوصلك مباشرة .
مدت داليا ساقيها .
- هل تعلم ما يسعدني حقا ؟

- كلا افصحي .
- احلم بالهامبورجر والبطاطس المحمرة .
اخذ شاد يضحك .
- اعترف بأني لم اتوقع ابدا هذا! لكن إذا كان ذلك ما يلزمك , فسنسرع على الفور لنحصل عليه.
- من اين؟
انطلق شاد ضاحكا , بينما رمقته داليا بنظرة ساحرة .منتديات ليلاس
- في المقابل , لا اعتقد اني ارتدي ثياباً ملائمة للذهاب إلى ماكدومالدز.
- إني اجدك جميلة حقا حتى لو كان القميص كبيرا بعض الشيء , لكن إذا كنت تفضلين ان نأكل في السيارة , فلن يضايقني ذلك ابدا؟
- اتفقنا إذن , لنأكل في السيارة .
- حسنا جداً, اعرف مكانا , يطل على مشهد جميل للبحر , ثم سنتحدث دون ان اؤخرك , لا اريدك ان تتعبي .
لم تجب داليا , وانطلقت السيارة , كانت تنعم بتلك اللحظات . نجح شاد في ان يحضر إليها طلبها واخذ هو واحدة , وأكلا وهما ينظران إلى اضواء المدينة المنعكسة على صفحة البحر. ثم قادها شاد الى السيارة مرة اخرى ليوصلها حتى المركب . إنه لا يريدها ان تصاب بالإجهاد , وقد اثرت داليا سعادته على راحتها .
قصت عليه مغامرتها في المستنقعات , وطرحت على شاد العديد من الاسئلة الخاصة بالحيوانات التي رأتها. ولقد اجابها على اتم وجه , تبينت داليا انه يعرف البيئة الطبيعية لفوريدا . لابد ان شاد يحب الحيوانات .منتديات ليلاس
لقد عبر الكوبري الذي يصل سانيبال بجزيرة كابتيف في الليل الحالك, وعندما اضاءت فوانيس سيارته الجاجوار على كتلة سوداء على الطريق صاحت داليا:
- احترس!منتديات ليلاس
توقف شاد بأقصى سرعة قبل ذلك الشيء بقليل.
خفق قلب داليا بسرعة , وشعرت بدوار ورعشة خفيفة .ريحانة
- داليا , هل انت بخير ؟
- نعم , نعم , وأنت ؟
- أنا ليست لدي مشكلة ! إني قلق بشأنك أنت على الأخص. كيف حال رأسك ؟
- رأسي يؤلمني قليلا , لكن سيتحسن الآن . إن ذلك بسبب الفرملة المفاجئة , ماذا حدث ؟
- لست ادري على الإطلاق لقد اصطدمنا بشيء سأذهب لأرى .
- سآتي معك .
- حسنا, لكن ببطء.
خرجا من السيارة , كان شاد قد ترك فوانيس السيارة مضاءة لتنير الطريق , لكنه اوقف المحرك. بدا حيوان يتحرك على جانب الطريق , صغير حيوان الراتون يتعلق بفراء امه التي قتلتها صدمة السيارة .
قال شاد بصوت حزين:
- للأسف , لا نستطيع تقديم شيء للأم , لقد ماتت بالفعل.
- يا للأسف.