همست فجأة:
- وأبي؟
اجاب ويك بجدية ادهشتها :
- كان صديقا عظيما لي وكان محبوبا من الكثيرين.منتديات ليلاس
لم تستطع منع نفسها من ان تقول :
- إنه لغريب ما تقول . ألهذا السبب هجرني؟
- لا يجب ان تحاسبيه على ذلك يا داليا ! لست ادري لماذا تصرف على هذا النحو معك . على اية حال , لم أكن اعرف بوجودك حتى هذا الصباح.
- وهذا تماماً ما قلته !
- لا , لا تعتقدي ذلك, كان دينيس رجلا حساساً ورقيقاً جدا , لقد كان في جوهره رجلا مثالياً , اتصور انك تعرفين بعض الشيء عن حياته .
أومأت داليا برأسها نافية .
- كان دينيس رجل بحر , لقد التحق بالبحرية وبهذا الشكل طاف العالم بسفينته , ظل ضابطا بحريا حتى اليوم الذي اصيب فيه بالملاريا , اصابه نوع من الملاريا قابلة للعلاج والتي قد تعود بعد سنوات من الشفاء. لكنه كان قد ادخر بعض المال من تجارة بعض البضائع حتى يستطيع العودة إلى الولايات المتحدة الامريكية .
لم تجرؤ داليا على ان تسأله أي نوع من البضائع كان يستوردها والدها؟ وإذا كانت بضائع قانونية او لا ؟
- عندما يهبط دينيس إلى هذه الجزيرة وقع في حبها على الفور وقرر الإقامة بها وتنميتها في البداية , لم يكن بها سوى الشواطئ والمستنقعات إنه هو الذي جعلها قابلة للعيش.
كان ويك واقفا , غامت عيناه بسحابة من الحزن لا يمكن ان يلاحظها إلا شخص حساس بقدر كبير . وقد استشفت داليا في عينيه هذا الحزن.
انهى حديثه قائلا :
- اردتك ان تعلمي ان دينيس رجل رائع .منتديات ليلاس
نهضت بدورها , من الواضح ان الحديث قد انتهى , توجه ويك نحو الباب ورافقته .
قالت معترضة رغما عنها :
- هل هذا كل ما ستخبرني به عن والدي ؟
لقد وجد نظرتها حادة وبها بعض السخرية .
- اليوم , نعم .منتديات ليلاس
قبل ان تستطيع الكلام طبع فوق شفتيها قبلة .
قال على سبيل الاعتذار:
- أنا متأكد من انك لم تقابلي احدا متسرعا لهذه الدرجة .
رحل في الليل الدامس تاركا إياها بدون صوت . بات مؤكدا ان شاد وويك ليسا طبيعيين , عندما تفكر في شاد تشعر داليا برجفة , اما ويك فلا يؤثر فيها بنفس الدرجة . ماذا لو ان شاد هو الذي قبلها ؟
فكرت في ألا تفكر في ذلك وان تعود إلى غرفتها . ولكن ليس قبل ان توصد الباب المفتوح بالمفتاح , على اية حال لا احد يعرف أي هوى قد يعتري ويك او شاد .

نهاية الفصل

الفصل الثالث

بعد ليلة مؤرقة استيقظت داليا مبكرا صباح اليوم التالي. لقد وجدت صعوبة في النوم بعد اليوم الغني بالاحداث التي عاشتها . لم يكن نومها في غرفة والدها سبب عصبيتها . لكنها استيقظت مبكرا وهرعت تاركة سريرها وقد اقتنعت انها نالت كفايتها من النوم .
لقد قررت ان تذهب في نزهة صباحية على الشاطئ قبل ان تتناول فطورها . ارتدت ملابسها , بما انها تعرف بالفعل الشاطئ الشمالي , توجهت تلقائيا صوب الشاطئ الجنوبي وفهمت على الفور لماذا لم يرد شاد اصطحابها لهذا الشاطئ ليلة امس.ريحانة
كان هذا الشاطئ مفروشا بالأصداف , الواحدة اجمل من الاخرى ومن شتى الألوان . كانت متعة للعيون ! إلا ان السير لم يكن سهلا على ارض مليئة بالعوائق , فمن المنطقي الا تذهب لتمارس رياضة الركض في صباح اليوم التالي .
استنشقت هواء الصباح النقي متأملة زرقة مياه البحر التي اختلطت مع زرقة السماء هذا النهار.
مالت لتلتقط صدفة ملونة ووضعتها فوق اذنها , إن خبيرة الحسابات المؤهلة من جامعة بوسطن شعرت بأنها قد وجدت طفولتها في تلك المرحلة كانت تسمع الأصداف كما علمتها صديقتها المفضلة .منتديات ليلاس
- لا اعتقد انك ستحصلين على كثير من النتائج بأتباع هذه التقنية .
- بيرت جونسون !
تركت داليا الصدفة والتفتت نحو بيرت الذي كان قد وصل وراءها . قالت بتعجب تحت تأثير مفاجأة ظهوره :
- ماذا تفعل هنا, في هذه الساعة المبكرة من الصباح ؟ لا اعتقد انك قد اتيت لتعمل.
- احب القيام بنزهة قبل ان أبدأ العمل.
ابتعد بيرت , فهو لا يميل للحديث كما بدا عليه بالأمس. في الحقيقة إنه شخص غريب الأطوار , سألت داليا نفسها : اذا كان هناك شيء يستطيع حقا إثبات انه يعمل هنا؟
قطبت داليا حاجبيها , بالمناسبة هي ايضا لديها عمل. على اية حال لقد زال سحر اللحظة , لقد حان الوقت لتبدأ يومها . عندما توقفت عن العمل نحو الثالثة بعد الظهر , رأت انها تستحق قليلا من الراحة , إنها لم تتحرك منذ عدة ساعات , لقد حرصت كونسويلا على تقديم الطعام لها وقت الغداء كما تناولت داليا بعض الفواكه . لكنها الآن شعرت برغبة في تحريك ساقيها .

خرجت داليا إلى الشرفة ونظرت صوب المستنقعات منذ ان حدثها عنها ويك وهي تحترق شوقا لترى هذا الجزء من الجزيرة.منتديات ليلاس
سلكت داليا طريقا اخضر ووجدت نفسها بعد قليل غارقة في قلب غابة كثيفة . اخذت على الفور بسحر المكان , البري والموحش في آن واحد كأنه معزول عن العالم . سارت مدة ربع ساعة تقريبا يتجاذبها الشذا المنبعث من اماكن متفرقة وصيحات العديد من الطيور , فجأة أبطأت خطاها , ربما كان عليها ان تأخذ خريطة للغابة . وربما تضل الطريق . كم تأسف على عدم وجود شاد او حتى ويك !
افزعتها صرخة حادة تذكرت انه قد يكون هناك تماسيح امريكية وانتبهت لموضع قدميها .
اصبح المكان اكثر وحشة وضاعت معالم الطريق تقريبا وسط هذه الاشجار الكثيفة. عندما اومض البرق , توقفت داليا على الفور ورفعت بصرها صوب السماء التي تحولت فجأة إلى اللون الرمادي , لقد نسيت ان في فلوريدا يتقلب الجو في خلال دقائق , انهمرت امطار رعدية غطى صوتها على كل اصوات الغابة .ريحانة
اخذت داليا تعدو وتعدو محاولة ان تجد طريقا لكن كانت الأرض مبتلة وزلقة , ضاعت معالم الطريق تحت الماء الذي بدا يكون طينا بنيا . فجأة , لاحظت خلف شجرة , منزلا يشبه المخزن لم تشاهده في طريق الذهاب كان يكفي ان تعبر فتحة لتصل إليه ورأت داليا انه من الحكمة ان تحتمي بهذا المخبأ حتى انتهاء انهمار الأمطار .
وسارت في اتجاه المخزن , جامعة كل قوتها لتعبر الفتحة واستندت إلى باب الدخول , الذي فتح على الفور لحسن حظها .
اشتمت داليا رائحة تدل على عدم التهوية بالإضافة إلى ان المكان كان مظلماً بالداخل . لم تتمكن حتى من مسح وجهها المبتل بقطرات المطر حتى شعرت بألم حاد في رقبتها من الخلف , سقطت على جانبها فاقدة الوعي تحت تأثير الألم.
كانت في الثالثة من عمرها راكبة الأرجوحة مع والدتها , شعرت داليا بالحصان الخشبي يدور ويدور ...
- داليا ؟ داليا اجيبيني.
- ها ؟ ماذا هنالك ؟
على اية حال لم يكن ذلك صوت والدتها , إنها متأكدة من ذلك . قطبت جبينها وحاولت النهوض لكنها نهضت بمشقة تذكرت الآن انها قد تلقت ضربة على رقبتها من الخلف, إنها تشعر بألم حاد في هذه المنطقة .منتديات ليلاس
- سيتحسن كل شيء سأقودك إلى المستشفى .
شعرت داليا بصوت ويك القلق لكنها لم تعترض . إنها تشعر بألم حاد. عندما فتحت عينيها من جديد , وجدت نفسها على ظهر مركب ويك همست وهي تقاوم دوار البحر .
- اين تأخذني ؟
- لا تتحركي , سأقودك إلى كاب كارول غرب فوت مايرز حيث اقرب مستشفى , لقد اخبرتهم بالراديو , تنتظرنا عربة إسعاف في الميناء.

وجدت داليا في ذلك لطفا منه, قبل كل شيء ويك صديق والدها ولم تكن للحظة مواتية للاهتمام بشكره .
- ماذا حدث لي بالضبط؟
- لابد انك سقطت على شيء ما خبط رأسك.
- آي, لا تحدثني عن رأسي ! اشعر انه ينفجر ! لكن ... لقد كنت في المستنقعات كيف عثرت علي؟
- كنت قد رسوت بمركبي هناك , ومررت بالمستنقعات .. إنه اقصر طريق , عندما تعرفينه , بالتأكيد...!
- بالتأكيد ...
كانت تريد ان تعرف الكلمة الأخيرة , وقبل ان تفقد وعيها من جديد , همست داليا :
- في النهاية , إني لمحظوظة جدا ان تكون هناك.
استعادت وعيها من جديد, لتجد نفسها في غرفة بيضاء استغرقت داليا بعض الوقت لتتبين ان الغرفة التي تشغلها كانت غرفة مستشفى . كان السرير الذي إلى جوارها خاليا وستائر النافذة مرفوعة , فتسلل نور الصباح إلى الغرفة.
دخلت الممرضة فجأة , تدفع امامها عربة .
- اخبريني عن حالتي.منتديات ليلاس
ابتسمت الممرضة إلى داليا:
- أنا التي ستأسألك هذا السؤال , لقد اصبت بإغماء بسيط نتيجة لسقوطك . لكن لم تظهر الأشعة شيئا خطيراً. إلا ان د. فوريه الذي يعالجك يفضل ان تبقي قليلا تحت الملاحظة , حتى تستردي صحتك كاملة .ريحانة
اومأت داليا برأسها , كانت لا تزال تشعر بألم بسيط في رأسها وان كل شيء يدور من حولها. حقنتها الممرضة لإبرة وطمأنتها مرة اخرى على صحتها . وقالت :
- هل تعلمين أن احداً سيزورك قريبا؟
بدت الدهشة على وجه داليا وصاحت في تعجب:
- لكن كلا , لست ادري ! من سيزورني ؟
- اوه , لست ادري , لكن الشائعات في المستشفى تنطلق انطلاق البرق, فهناك القليلات من النساء المحظوظات اللاتي يحظين بصديق وفي وكريم حتى انه يجلس طوال الليل دون ان ينام . بالإضافة إلى ... ان سحره قد اخذت به كل الممرضات !
ارتسمت ابتسامة على شفتي داليا , تذكرت ان ويك قد وصلها بمركبه , لكنها لم تفكر في انه سيبقى طوال الليل ينتظر ان تفيق .ريحانة
- هل تريدين ان اتركك بعض الدقائق قبل ان يدخل .
- بكل تأكيد.
حاولت داليا ان تنهض وتستند إلى الوسادة وطلبت من الممرضة مرآة . إنها لا تريد ان تبدو في مظهر سيء . وقد اطمأنت , عندما وجدت وجهها بحالة لا بأس بها . وبحركة سريعة بالمشط نظمت شعرها البني , وانتهت بأن شعرت ببعض الثقة. كانت تود ان يكون معها قلم احمر شفاه لكن لا يمكن للمرء ان يحصل على كل شيء .
- هل استطيع الدخول؟
بسماعها هذا الصوت الرجولي , وضعت داليا المرآة وشدت الغطاء إليها .
- ويك , نعم , تفضل.

- آه لا ... ليس ويك , إنه أنا شاد.
- شاد !
- اتمنى ان تسمحي لي بالدخول على الرغم من كل شيء.
- اوه , شاد بالتأكيد , ياله من سؤال , إنه لطف منك ان تأتي.
إنه شاد الذي سهر الليل ليطمئن عليها .
- لقد اخبرني ويك على الفور بسقوطك , وأنا الذي حضرتك بسيارة الإسعاف حتى هنا.
- شاد!
جلس على المقعد الوحيد المخصص للزائرين , كان يحمل حقيبة من البلاستيك السميك وضعها على الارض بجانبه .منتديات ليلاس
قالت بصوت هادئ , وكأنها تشك في الأمر :
- هل مكثت طوال الليل في المستشفى ؟
اجاب دون ان يتركها بعينيه :
- اردت ان اتأكد انك لم تصابي بشيء خطير , بماذا تشعرين هذا الصباح؟
- بخير, على اية حال لم أصب بشيء خطير وهذا هو المهم . ألم برأسي , عدا ذلك فأنا بخير.
امسك شاد الحقيبة البلاستيك , واخرج منها علبة ملفوفة في ورق هدايا .
- فكرت في حاجتك لشيء ما ...
ثم بسط إليها يده بالعلبة .
- اوه , لم اجهدت نفسك؟ ربما احضرت لي رأسا جديدا هنا.
اجابها ضاحكاً:
- ليس تماماً!
فتحت داليا اللفافة وقلبها يخفق , على الرغم من انها ليست المرة الأولى التي تفتح فيها هدية , إلا ان هذه الهدية لها وضع خاص إذ إن شاد هو من اختارها . همست :
اوه , إنها رائعة .
اكتشفت ثوبا منزليا , من الحرير الاخضر الموشى بزهور صفراء , ذا شكل يشبه الكيمونو.
- هل يعجبك؟
- كثيراً . لكن هذا ليس كل شيء. قالت لنفسها.
لمحت داليا في قاع العلبة لفافة اخرى, ويبدو من اللفافة بها قطعة حلي .ريحانة
- شاد , لست ادري إذا كنت استطيع قبول ...
- بل لا تترددي يا داليا ! أنا لا اهديك شيئا لا استطيع ان احصل منه على مقابل.
امام مظهره المرح قررت داليا ان تفتح اللفافة . كان كل ما تتمناه ألا يكون شاد يحاول شراءها , بأن يشتري لها الهدايا . لكن عند رؤيتها لما تحويه اللفافة , ابتسمت ابتسامة ساحرة :
- يالها من فكرة طيبة !
كانت العلبة القطيفة السوداء تحتوي على قلم احمر شفاه , من كريستيان ديور بلون من ألوانها المفضلة . وهي التي كانت تحلم منذ قليل باحمر شفاه.
- فكرت في انك ستحتاجين لبعض الأدوات , ستجدين ايضا فرشاة للأسنان واخرى للشعر في قاع الحقيبة.
- اوه , شكرا يا شاد ! إن فكرتك ممتازة.