لم يخف الجهد الذي تبذله داليا , لكن لم يكن لها الخيار . حتى لو كان قلبها يميل إلى شاد فعقلها يملي عليها ان تتصرف على هذا النحو .
- بمجرد ان انتهي من فحص حسابات سان رايز كي سأكون على مستوى دراسة العروض , كل العروض.
- داليا , لا يمكن ان تفعلي ذلك بنا , هذا مستحيل.
بالتحدي , لا يجب ان تستسلم تحت أي ظرف.
- لم يعد هناك نحن يا سيد شاوديك , وإذا اردت رأيي , فإنك ستكون بصراحة متأخرا عن موعد غداء العمل.منتديات ليلاس
كان شاد يعرف انها على حق. لكن كان الألم قويا . إنها تتحدث معه بتجهم , هذا كثير جدا , تذكر شاد موعده . إنه لا يستطيع حقا التأخر , استدار فجأة دون ان ينظر لأخيه ورحل يعدو كالمجنون .
اقترب ويك من داليا وأراد ان يمسك بذراعها بوقاحة. صاحت داليا وعيناها مليئتان بالدموع :
- آه , لا تلمسني.منتديات ليلاس
استعاد ابتسامته الساخرة :
- انت تحتاجين إلى كتف لتبكي عليها .
رفعت كتفيها :
- كلا, شكرا , لدي كتفاي.
تساقطت الدموع من عينيها ولم تعد تستطيع منعها أكثر من ذلك حك ويك رأسه , إنه لا يجب ابدا ان يرى سيدة تبكي ولا يعرف كيف يواسيها.
- داليا , أنا آسف حقا إذا ...
- اوه , لست بحاجة لإشفاقك , دعني وشأني.
- داليا , حاولت فقط ان اساعدك.
- حسنا , الآن اتركني , اتفقنا؟ و اذهب لتسلب قرية او شيئا آخر , لكن دعني .
استدارت ومضت دون ان تضيف كلمة .
بعد يومين خرجت داليا من صالة الطعام بعد ان تناولت وجبة خفيفة , لقد اعتادت الغداء في وقت متأخر , نحو الثالثة وكونسويلا, تعد لها دائما طبقا باردا ينعشها كثيرا .ريحانة
ثم قبل ان تعود الى العمل , كانت تقوم بنزهة على احد شواطئ الجزيرة . في هذه المرة , كانت قد قامت بالفعل بنزهتها وقررت ان تصعد للعمل . عندما دخلت إلى حجرة المكتب, لمحت على الفور لفافة مربوطة بشريط فوق الطاولة . لقد مضى حتى الآن ثلاثة ايام لم تعرف شيئا عن اخبار شاد مع ذلك كانت واضحة معه , فهي التي اخبرته بأنها لم تعد تريد رؤيته .
تقدمت داليا وفتحت اللفافة . كانت عبارة عن علبة شوكولاتة وكتاب أشعار وإيشارب من الحرير. من الممكن ان يكون شاد هو صاحب هذه الهدية إلا ان شيئا يحدثها بأنه ليس هو .

لقد رأت ويك عندما دخل الحجرة , على الرغم من تناقض مبادئها مع صاحبها , الرجل الشاب لم تكن تكرهه تماما , ومنذ ثلاثة ايام لم تر إلا كونسويلا , كارلوس وبيرت من وقت لآخر . كان عليها ان تعترف بأنها ليست مستاءة من زيارة ويك رغم كل شيء. سألته بدون مقدمات والفضول يملأ صوتها :
- ما كل هذا ؟
- لقد سلبت قرية و وهذا ما حصلت عليه .
- هل علي ان اضحك ام لست مجبرة على ذلك ؟
نظر إليها ويك وقرر انها ليست مجبرة .
- هل تعلمين ؟
بدا برهة في ضيق وكان ذلك آخر شيء تتوقعه داليا , لقد ادهشها ان ترى ويك محتارا لاسيما بعد ما ساقه من تفسير .
- لا , لا اعرف شيئا , أيمكنك ان تفسر لي ؟
- حسنا , ظننت ان هذا هو نوع الهدايا الذي يقدمه إليك شاد . لنقل إنني فعلت ذلك بدلا منه.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة حرجة , ورفعت داليا عينيها إلى السماء , على الرغم من حس نياته ما زالت هي غير مستعدة لتظهر له اية إشارة تشجيع .
- في الحقيقة , لقد أهدى إلي بالفعل باقة زهور صفراء كيمونو وقلم احمر شفاه.
- آه , حسنا .
امام مظهر ويك المدهوش , اضافت :
- كان ذلك في المستشفى .ريحانة
خبطت بعصبية على الطاولة , واستطردت دون ان تترك ويك بعينيها :
- حسنا لنختصر , اعرف اين نحن , من تكون , او أكاد ...وماذا تريد في النهاية , أتخيل ذلك وإلا لما قدمت هدايا مماثلة .
استمرت في الدق على الطاولة وقد قطبت حاجبيها ونظرت اليه بسخرية .
- ما لا استطيع إداركه هو , لماذا ؟ ما الذي يدفعك إلى الخروج معي ؟
فتح ويك فمه ليجيب بشيء إلا انه عدل عن ذلك فجأة , بدلا من ذلك استند إلى الحائط ويداه في وسطه.منتديات ليلاس
- اشعر انك تودين إخباري بأننا لم يخلق احدنا للآخر!
صفقت داليا .
- رائع , كيف خمنت ذلك؟
لم تعتقد حقا ان ويك يغازلها , كانت على شفتيه ابتسامة صغيرة بدأت تراها الآن لكنها تذكرت ايضا ما قاله شاد عن اخيه , تعشقه النساء وهذا يسعده كثيرا .
عقدت داليا ذراعيها فوق صدرها , وواجهت نظراته . ستريه ان ليس كل النساء يركعن تحت قدميه .
- هذا يعد تلخيصا بسيطا للموقف , إنني قد خرجت مع اخيك , هل تغار منه لدرجة انك تريد سلب ما حققه من نجاح معي؟
- كلا, هذا ليس صحيحا , في الحقيقة هذا يتوقف على النجاح الذي حققه , لكن أنا وأنت سنستطيع ان نفعل الكثير , اعتقد ذلك .

استشفت في نبرته وقاحة لم تعهدها من قبل, لقد ادركت بشكل افضل لماذا تعشقه النساء, ولابد ان تعترف بأنه لا يقل سحرا ولا عنادا .
- ما الذي يدعوك لقول ذلك؟
- انت ابنة دينيس..
- لا اشبهه على الإطلاق .
- والقبلة التي تبادلناها ؟
- تقصد التي اختلستها ؟ آسفة , لقد تلقيت ما هو اصدق منها , ماذا تريد يا ويك , نحن مختلفان تماما.
- خسارة , كنت اعتقد...
مسح ويك بيده فوق شعره .
- دون ان ارغب في التدخل فيما لا يعنيني , هل تعتقدين حقا أنت وشاد ان احدكما خلق للآخر؟
ترددت داليا في الاجابة , هي نفسها لم تكن تعرف عن ذلك شيئا , خاصة بعدما فعله بخصوص عرض الشركة العقارية التي يعمل لحسابها .ريحانة
لقد حصلت داليا على قدر كاف من الوقت لتفكر في الموقف, وتتخذ قرارا بتوضيح بعض الأمور قبل ان تقابل شاد وتصارحه بمشاعرها , كان حسابات سان رايز كي , مركب ويك والمستنقعات .
تنهدت , مهما يكن , لقد نجح في إصابة قلبها بسهم هواه ولم يمض عليها يوم واحد دون ان تفكر فيه .
اجابته بهدوء:
- إذا اتم شاد صفقة البيع وتركني , فلن يحصل إلا على نسبته في البيع, اما إذا اتم البيع وتزوجني فيسحصل على زوجة غنية.
ابدى ويك دهشته ونظر اليها طويلا .
- حسنا , ياله من برنامج , هل ذهبت أنت وشاد بعيدا إلى هذا الحد حتى الحديث عن الزواج؟ لم أكن لأعرف اخي حقا إلا هذا اليوم .
- ماذا تقصد بهذا القول ؟
ثار الفضول في نفس داليا لتسمع ويك يتحدث عمن سكن فؤادها .
- لنقل إنه ليس بالشخص الذي يتخذ قرارته على عجل . لقد فعل ذلك مرة , لكن ..
لم يكمل ويك جملته ولم تجرؤ داليا على ان تسأله عما هو أكثر من ذلك. كانت تتحرق شوقا لكي تعرف الكثير , إلا ان كبرياءها حالت دون ذلك. لم يدع لها ويك الفرصة لكي تسأل أكثر. منتديات ليلاس
وابدى اهتمامه فجأة بما قد يكون اخوه قصه على داليا :
- هل تحدثتما حقا عن الزواج؟
رفعت داليا شعرها في انوثة .
- لا , ليس بوضوح , لكننا تحدثنا بشكل غير مباشر.
- قال موضحا :
- للأمانة , شاد ليس مهتما بالمال على الإطلاق , يمكنني الجزم بذلك لأني على علم بشيء ما بهذا الخصوص. إن شاد لديه ما يكفي من ماله الشخصي حتى لا ينجذب إلى اموال الآخرين . إني اؤكد لك هذه النقطة .

لمست داليا فيه الصدق . إذا كان قد أراد بذلك مدح اخيه , فلم يكن ليقول افضل مما قال , هل أراد إصلاح ما احدثه عدم لياقته ؟
- ربما يكون لديه ايضا غرور في قدراته المهنية , فإذا اراد البيع يستطيع اتخاذ اية وسيلة للوصول إلى اهدافه .منتديات ليلاس
اجابها ويك بهدوء :
- لا اعتقد ذلك.
رمقها بنظرة حانية , حولت داليا بصرها , لقد خطر بذهنها ان الوصف الذي اطلقته على شاد , قد ينطبق ايضا على ويك , قد يكون هناك اتفاق بين الأخوين للتأثير عليها نفسيا حتى يصلا إلى هدفهما .
تنهدت داليا وجلست إلى مكتبها , كانت الاحتمالات كثيرة والحلول متعددة .
وعلى الرغم من ذلك كان هناك سؤال اخير تريد طرحه , لقد حثتها نظرة ويك على ان تسأله :
- هل تعتقد يا ويك ان يكون شاد قد خرج معي فقط من اجل مصلحته ؟
كان شغوفا لتعرف إجابته , واخذ قلبها يخفق بشدة , كانت داليا تعرف انها ستتأثر بإجابته لأن ويك لن يستطيع ان يكذب.
ظهرت ابتسامة ويك في ركن شفتيه , اومأ برأسه كما لو كان يجد صعوبة في الإجابة ثم قال اخيرا :
- قد يسهل علي الأمر بأن اجيبك , نعم .. لكن ...
حبست داليا انفاسها :
- لكنك ابنة دينيس ولا استطيع ان أكذب عليك , هذا ما اعتقدته فعلا.
استطرد ويك :
- إذن , استطيع ان اجيبك بلا . لم يخلط شاد ابدا بين العمل والحب , إنه جاد بطبيعته .
وضع ويك يديه في جيبييه وجلس بدوره على ركن من المكتب, وهو يقهقه بضحكته الساخرة , يبدو انه قد ندم لحديثه على هذا النحو .
شعرت داليا بسعادة تتولد في نفسها لفكرة ان شاد ربما كان صادقا معها في الليلة الماضية , لكن لا يعرف ويك اخاه جيدا ايقظها ويك من احلامها فجأة .ريحانة
- إذا كنت قد فهمت جيدا, فإن محاولاتي لا أمل لها .
قهقهت داليا بدورها .
- اخشى ذلك .
- إذن , علي ان اعرف إذا كنت تتعبين نظاما غذائيا ؟
دهشت داليا لسؤاله , ورفعت حاجبيها متسائلة :
- هل تقصد انني بحاجة إلى إنقاص وزني ؟
هز ويك رأسه وهو يتفحصها .
- كلا أراك جميلة جدا هكذا , لكن أغلب السيدات يتبعن نظاما غذائيا فلا يستطعن تناول الشوكولاتة.
رفعت داليا عينيها إلى السماء , إن ويك رجل فريد من نوعه حقا .

- هل تريدني ان أعيد إليك علبة الشوكولاتة , هل هو ذلك , ربما من اجل بورك؟
اخذ ويك العلبة التي مدتها إليه .
- هل تريد الإيشارب ايضا؟
- بشرط ألا تكوني تشعرين بالبرد...
مدت إليه يدها بالإيشارب ضاحكة.
- كتاب الشعر ايضا ؟
- لكن في حالة ألا تكوني تستطيعين القراءة فقط . لأنك فقدت نظارتك .
- لست قصيرة النظر , لكني اشعر اني اصبت استيجماتيزم الآن .
بينما كانا يبتسمان , نهضت وكتاب الشعر في يدها , أرادت داليا ان توصل ويك حتى ترى إذا كانت ستعرف شيئا جديدا عن مركبه الغامض.منتديات ليلاس
لم يعترض على مرافقتها إياه حتى الشاطئ , لكنها لم تستطع هذه المرة ايضا الصعود إلى مركب الصيد الأزرق المتأرجح فوق صفحة المياه بفعل الأمواج.
لم تنجح داليا في معرفة المزيد, بعد محادثتها الاخيرة مع ويك , لم تترك يوما يمضي دون ان تذهب إلى الشاطئ الجنوبي حيث مركب الصيد , لكن في كل مرة , كان تصطدم ببورك الذي يقدم نحوها بمجرد ان تقترب .
كان ويك يأتي لرؤيتها بشكل منتظم . كانا يتحدثان عن كل شيء. دون ان يفصحا عن شيء. كان على داليا ان تعترف بأنها ليست مستاءة من زياراته التي تسعدها على الاقل أكثر من أي شيء, وفي المساء بعدما انتهت من العمل مدة ساعة أو أكثر في احد الملفات . رفعت رأسها وامسكت بالهاتف مثل كل يوم , كانت لا تزال تفكر في شاد ومن شدة رغبتها في الاتصال به كانت تحفظ رقم هاتفه عن ظهر قلب.ريحانة
في هذه المرة , لم يكن هو من تريد الاتصال به , إنما كيلي , افضل صديقاتها التي تفتقدها ,بالإضافة إلى شعورها بالوحدة وحاجتها إلى شخص ذي ثقة تتحدث إليه.
كانت كيلي خبيرة مالية غير متزوجة , ستكون بالتأكيد نعم المستشار بشأن قرارها في سان رايزكي.
اجابها صوت صديقتها على الفور . كانت كيلي سعيدة لسماع صديقتها على الطرف الآخر من الخط.
قالت داليا :منتديات ليلاس
- هل تعرفين انني بمجرد ان ابحث عن مستشار مالي , فلا اجد إلا شاد شادويك وشركاءه.
- لا بد ان هناك مستشارين آخرين في المنطقة , ابحثي مرة اخرى .
تنهدت داليا , لقد فكرت في ذلك مراراً , ودائما يأتي شاد في المقدمة .
- هل تعرفين يا كيلي ؟ لست ادري ماذا سأفعل في الضرائب المستحقة عن الميراث حتى الآن ؟ كما شرحت لك , في الآونة الاخيرة . كان أبي يقترض كل سنة ليواجه النفقات الجارية , ضرائب عقارية . مرتبات إلخ ... في مقابل ذلك , ما لا افهمه ما يحققه من ارباح , فبعد دفع القرض يوجد مبالغ يصح القول عنها إنها تتبخر وتطير مثل الدخان , لابد ان أبي قد فتح حسابا في بنك بسويسرا , او شيء من هذا القبيل.