كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
كانت هديل ووالدها مدعوين الى حفل عقد القران بصفتها خطيبة لكريم وان ظلّت هناء على عنادها ورفضها الزواج من صلاح بحجج واهية .. كل مرة تفتعل سببا مزيفا بينما صلاح يتقبّل هذا الرفض بصدر رحب وان بقى على علاقته بها يساعدها فى ادارة المؤسسة الخيرية التى تحمل اسميهما ويعاونها على استذكار دروسها فقد عملت بنصيحته بعد الحاح وجهد لتعود الى صفوف الجامعة المفتوحة وتكمل دراستها بكلية الحقوق .. وكل هذا بتشجيع ودعم من كريم وهديل اللذين تصالحا أخيرا بعد اعتراف طويل مفصّل من الاول بخطئه فى حقها , واجحافه لقدرها على مدار سنوات .. واعترافه الصارخ بحبه العميق لها ووعده لها بتحقيق السعادة معا .. الى آخر العمر .. اضافة الى مباركته لزواج والديهما الا أنه لم يسعه اقناع امه بقبول هذه الزيجة حتى بعد أن توسطّت الجدة شريفة من أجلها لاقناعها بالقبول .. وكانت ردها الوحيد الذى تشبثت به بقوة:
-لقد تزوجت من قبل بوجدى - رحمه الله - والد ابنى كريم , ولن أعيد هذه التجربة مجددا.
قالت شريفة بنبرة متزنة مليئة بالثقة :
-ولكنك لم تعودى زوجته .. فقد توفى وجدى وأنت الآن وحيدة , حتى وهو على قيد الحياة كنتِ وحيدة .. يحق لكِ الآن أن تستمتعى بحياتك وتقضى بقية عمرك مع رفيق لك يؤنس وحدتك ويمنحك الحب والرعاية التى تستحقينهما ,حبيبتى الحياة تستمر حتى بعد فراق من نحبهم , هذا ما تعلمّته بسنوات حياتى التى تخطت الخمسة والسبعين عاما .. وهذا لا يشكّل خيانة لهم ولا عدم وفاء لذكراهم .. مطلقا ..
هتفت هناء فى ارتياع:
-لا أنكر أن وجدى قد جرحتى فى الصميم بزواجه من مهجة وهجره لبيت الزوجية ولنا ,, ولكننى وعيت على هذه الدنيا وأنا معه وله .. تزوجته وانجبت منه ولدى الوحيد .. أتصدقيننى يا أماه لو اخبرتك بأننى لا أحتمل مجرد التفكير برجل آخر سواه .. يمكنك أن تسمى هذا عشرة .. تعوّدا .. أو هى مجرد حماقة منى ,, ولكن الأمر ليس بهذه البساطة .. لا ,, لا يمكننى التفكير فى الزواج من رجل غيره.
-ولكن صلاح يحبك يا هناء .. وهو رجل جدير بكِ وبامكانه منحك السعادة والحب الذى حُرمتِ منه , فلتعطِ نفسك فرصة لاعادة التفكير فى الأمر.
-وكريم ؟؟ أنه يحتاج الىّ !
-ما به ؟ لقد شب رجلا ولم يعد مجرد طفل صغير بحاجة الى رعايتك , كما أنه قد اقترن بفتاة جميلة ومهذبة وفى سبيله لانشاء اسرته الخاصة ..
وبعد مرور السنين و حتى وان ظل على برّه وعنايته بكِ , وهو حتما سيفعل الا أنه سينشغل باحتياجات زوجته واولاده , ستبتلعه دوامة الحياة بدون عمد .. وهذا مصيرنا جميعا .. فماذا ستجنين غير الوحدة وأنتِ فى خريف العمر , لا تنظرى الى نفسك الآن وانتِ قادرة على تلبية احتياجاتك وتسلية اوقاتك .. صدقيننى الوحدة قاتلة وخاصة فى سنّى المتقدم ذاك .. حتى وان كنت محاطة بالابناء والأحفاد ..
-ولكن كريم لن يتركنى , لقد خصص لى قسما كبيرا من الفيلا الجديدة وأهدّها من أجلى لأكون بقربه حتى بعد زواجه.
ابتسمت شريفة ابتسامة باهتة وهى تقول بحكمة ورزانة:
-لا أنكر أنه ابن بار ,, كما أبنائى جميعهم ,, أنا أحدثك عن الرفقة الدائمة .. التى تمنحكِ دفئا واحساسا بالأمان وراحة البال .. لا تتخذى قرارا متسرعا .. فكّرى مرة أخرى ,ولا تردّى هذا الرجل المحترم خائبا.
ولم يحاول صلاح فرض نفسه عليها أكثر من ذلك ,بل ولم يحاول اعادة مطلبه مرة اخرى ,يبدو انه قد اكتفى بلعب دور الصديق الوفىّ والشريك فى العمل اضافة الى كونه صهرا لابنها , وقد ظنّت خطأ انه سوف يتعنّت بمسألة زواج كريم وهديل .. ربما انتقاما من رفضها أو حتى انكارا لأية صلة قد تربط بينه وبين عائلة الشرقاوية التى ابتعد عن مجالها لفترة طويلة من الزمن , بل لم تصدّق عيناها حينما وقع بصرها عليه قادما الى الحفل يصطحب ابنته معه وقد بدا أنيقا وجذابا للغاية فى حلّته الكلاسيكية الداكنة اللون وقد صفف شعره الرمادى الناعم الى الخلف فبدا اصغر سنا من عمره الحقيقى .
اتجه اليها وصافحها بلباقته المعهودة وهو يقول مجاملا:
-مبارك للعروسين.
فبادلته المباركة بابتسامة حانية قائلة وهى تشير الى الزوجين المتشابكى الأيدى الى جوارهما:
-الله يبارك فيك يا صلاح .. والعقبى لهذين الاثنين .. هاه كريم وهديل .. ألم تكتفيا بعد من هذه الخطبة ؟ لقد آن الأوان للتفكير جديا بعقد القران .
قال كريم بدون أن يرفع عينيه عن خطيبته الرقيقة التى توردت وجنتاها حياءا:
-لا يا أمى , لقد سبق واتفقنا أنا وهديل على تمديد فترة الخطبة الى ستة اشهر , لم يمض منها سوى النصف .. كما اننا بحاجة الى تأثيث منزلنا أولا , وهذا سوف يستغرق وقتا لا بأس به.
تمتمت هديل بصوتها العذب الرقيق:
-نعم .. كريم لديه الحق , وما الداعى للعجلة ؟ علينا أن نتعرّف جيدا على طباعنا ونختبر مدى قابليتنا للزواج فى هذه الفترة حتى نضمن باذن الله النجاح والتوفيق دون أن ندع مجالا للأوهام والمظاهر الخادعة.
شعر صلاح بفخر واعتزاز بابنته وتفكيرها المتعقّل الرزين فأومأ برأسه موافقا وهو يقول :
-سلم لسانك يا هديل .. أنتِ محقة يا ابنتى فالزواج ليس مجرد علاقة حب أو اعجاب متبادلة بين اثنين , أنه يُقام على التوافق والتفاهم والاحترام .. وعليكما أن تمنحا أنفسكما الفرصة السانحة لمعرفة مدى الانسجام فى علاقتكما المستقبلية.
اشاحت هناء بيدها بضيق ظاهر وهى تقول بفتور:
-حسنا .. حسنا .. لقد اتفقتم أنتم الثلاثة معا , وعلىّ ان ألتزم الصمت وأعترف بأننى لا أحبذ التفكير بهذا المنطق الغريب.
نظر لها صلاح متعمقا وهو يحاول سبر أغوارها لمعرفة السبب وراء ضيقها قبل أن يقول معتذرا:
-ابناى .. اسمحا لى أود الانفراد بهناء لمحادثتها بأمر خاص .. تعالى معى يا هناء.
وقبل أن تجد فرصة لمعارضته أو ابداء اية ممانعة أمسك بمرفقها بحزم وهى ترسل نظرات متوسلة تستنجد بابنها وخطيبته , الا أنهما هزّا كتفيهما بعجز سامحين لهما بفرصة الانفراد حتى يستغلّاها بدوريهما ليهتف كريم متشدقا وهو يحيط كتفى هديل بذراعه اليمنى يقودها بعيدا عن الجموع:
-تعالى معى .. أشعر بأن الجو هنا أصبح خانقا.
-ألن ننتظر أبى وأمك ؟
رمقها بنظرة شمولية قبل أن ترتفع قهقهاته مجلجلة وهو يقول باستخفاف :
-اعتقد أن حديثهما سيطول , وان كنت أتمنى أن يسيطر عمى صلاح على الوضع ...
-عن أى وضع تتحدث ؟
-يا لكِ من فتاة بريئة ساذجة .. تعالى معى لأشرح لكِ الأمر برمته.
***************
|