كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
عاد سيف أدراجه الى غرفته بعد حوار طويل دام لساعة كاملة مع والده .. والذى من خلاله عرف الكثير والكثير عن ماضى والديهما المشترك ,هو ومها زوجته الأثيرة من دفعا فاتورة الذنوب كاملة ,ولكن لهول الصدمة التى وقعت عليه كالصاعقة أن مها ليست مجرد فتاة تنتمى لعائلة معادية لهم وليست مجرد ابنة الرجل الذى كان خاطيا لوالدته قبل أن تتزوج من أبيه بعد قصة حب عنيفة مليئة بالتحدى والصراعات الطويلة مع عائلة والده وبالأخص جده عبد العظيم الذى لم يستسغ فكرة ان تكون تلك السكرتيرة النكراء كنة له وأما لحفيده , أن مها تمت له بصلة قربى أكثر التصاقا مما يمكن لخياله أن يتصور .. أنها ابنة خالته , نعم والمفاجأة أن سهام - أمها - أختا غير شقيقة لأمه هو ... كان قرار والديه بعد اتفاق بينهما ألا يخفيا عنهما أية تفصيلة ولو كانت صغيرة تتعلّق بهذا الماضى الأسود الذى انغمس الجميع فيه دون جريرة منهم ,, مها .. حبيبته .. لها كامل الحق فى نيل رعاية وحماية والديه ... وان تخلّت أمه عن لعب دور الخالة لعدة أسباب .. أحداها أن علاقتها بأختها سهام لم تكن على ما يرام حتى قبل أن تتزوج من كمال الراوى ,والسؤال الذى كان ملحّا هو لماذا لم تعترف أيا منهما بصلة الدم التى تربطهما معا بعروة لا تنفصم ؟
لم يروِ فضوله تلك الكلمات المتناثرة بحساب والتى ألقاها والده على مسامعه عن خلافات قديمة بين الأختين , حيث كانت منى هى الابنة الكبرى لزوجين سعيدين متحابين ولكنهما يعيشان على هامش الحياة يملكان فقط قوت يومهما .. حتى توفى الزوج الذى كان يعمل بشركة احدى العائلات الثرية التى تنتمى للطبقة المخملية بالمجتمع ,, وبالطبع سقطت الزوجة فى دوامة الحياة التى ابتلعتها حتى توفّر لابنتها الصغيرة التى لم يتجاوز عمرها الثلاثة اعوام الضروريات اللازمة من مأكل ملبس وغيره ,وداخت كثيرا حتى تنال معاش زوجها الذى لم يكن يكفيها هى وابنتها عشرة ايام بالشهر ... ولم تجد مفرا من اللجوء لمالك الشركة , الرجل القوى صاحب النفوذ الواسع والثراء الفاحش .. وتكررت القصة القديمة المستهلكة .. رجل فى أوائل الأربعينات يملك كل شئ وامرأة صغيرة السن جميلة بمنتصف العشرينات فقيرة تسعى وراء تلبية احتياجات ابنتها الوحيدة دون سند أو معين فى الدنيا الواسعة , سال لعابه حينما وقع بصره عليها وظن أنها ستكون مجرد لقمة سائغة له الا أنها فاجأته برفضها لعرضه المشين حيث كان متزوجا من أخرى ولديه منها ولدين ولم يتردد فى أن يراودها عن نفسها فى مقابل حفنة من الجنيهات كمرتب شهرى لها نظير خدماتها الخاصة .. وبعد رفض قاطع أذلّ الرجل ومرغ كرامته فى التراب من أجلها .. توّسلها حتى توافق على الزواج منه وقد ايقن أنه السبيل الوحيد للحصول على تلك المرأة رائعة الجمال والتى يضاهى حسنها نجمات السينما اللامعات ... وبالنهاية حصل عليها كزوجة ثانية بالخفاء ثم انتهى به الأمر مجبرا على اعلان زواجه منها بعد أن ظهرت معالم الحمل جلية عليها ولم بعد هناك بدا من الاعتراف بهذا الطفل القادم ,, فى مقابل التخلّى عن ابنتها الكبرى .. ولم يتزحزح الرجل عن شرطه القاسى ... وهكذا افترقت الأم عن ابنتها منى التى ذهبت لتعيش مع جدّيها لوالدها بينما بقيت هى ترعى ابنتها الوليدة سهام فى كنف زوجها الثرى.
دامت القطيعة الجبرية بين الأم وابنتها البكريّة لسنوات حتى وقعت الأم صريعة لمرض قاتل , كانت تصارع الموت تتعلّق بالحياة بخيط قصير وأرسلت فى طلب ابنتها ,, منى ,, التى هرعت اليها رغم المرارة والحزن الدفين فى قلبها فقد نشأت يتيمة الأب ومحرومة من حنان الأم , وتعرّفت الى أختها لأول مرة منذ خمسة عشر عاما ..
أفاق سيف من رحلته الطويلة مع أفكاره الشاردة .. وهو يتطلّع بصمت رهيب الى وجه زوجته الشاحب دلالة على أنها قد عرفت بالقصة كاملة مثله .. قامت أمه بمهمة تعريفها .. بينما قام والده بالمثل معه .. كانت للعداوة أصول وجذور ضاربة بعمق ... سيكون عليهما أن يتغلّبا عليها لاستمرار الحياة بينهما بصورة طبيعية ..
كانت مها مستلقية بفراشها تحس بمرارة العلقم فى حلقها بعد أن تم ايجاد الحلقات المفقودة فى الحكاية وايصالها ببعضها البعض حتى أضحت السلسلة مكتملة وظهرت الصورة البشعة للواقع , وهى التى كانت تعتقد أن ما عرفته حتى صباح اليوم كان كفيلا بجعل حياتها مستحيلة مع سيف , فما بالها بعد أن رمتها خالتها منى بتلك الحقائق المروعة بوجهها دونما رحمة أو شفقة , او مراعاة لظروف حملها الغير مستقرة ...
تتبعت بنظراتها الضائعة المنكسرة وصول زوجها وقد بدت على وجهه معالم الاستياء والأسى .. لم تكن بحاجة لذكاء خارق حتى تستكشف أنه على علم الآن بما تعرفه هى .. وخفق قلبها مرتجفا فى صدرها كطير ذبيح يتراقص فوق منصة الاعدام ... ولم تكتفِ حماتها بكشف المستور عن علاقتها بوالدتها ولكنها بذرت فى نفسها الشك تجاه أمها حينما أعلمتها وبكل صراحة ووضوح أنها - أى أمها - كانت تهيم عشقا بسامى - شقيق والدها التوأم - وهذا قبل اقترانها بكمال ... الا أنه ما لبث أن تخلّى عن حبهما مفضلّا السفر الى الخارج ليحصل على فرصة افضل للعمل تاركا ورائه قلبا جريحا وجرحا لا يندمل.
ما أكّد حديثها وانها لا تدّعى كاذبة على أمها أن العلاقة بين والديها كانت دائما متوترة مشوبة بالحذر والتربص .. حتى كان يوم وفاة والدها .. وصوت أمها الملتاع يتردد صداه فى اذنيها :
-سامى ارجوك لا تتركنى ... سامى ..
كانت تنادى على حبيبها الذى هجرها بينما زوجها يلفظ انفاسه الأخيرة , أتكون قد رضت بالزواج من أبيها لمجرد التشابه الخارجى فى الشكل بينهما لأنهما توأم متماثل , أم أنها قد أحبته باخلاص ؟
ظلت دوائر الاسئلة المتشابكة تتقاطع وتتقاطع حتى شعرت بالدنيا تظلم من حولها وأنها تسقط فى بئر عميق جدا ... صرخة انطلقت من حلق زوجها كانت آخر ما تناهى الى سمعها وهو بهتف باسمها بمزيج من الحب واللوعة .. وساد السكون الرهيب ...
********************
|