كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
لم يكن السبب الحقيقى لابتعاده هو البحث عن شقيقته كما ادّعى وقتها ,ولكنها رغبة جامحة فى الهروب .. أيعقل انه هو دونا عن جميع الناس والذى اعتاد أن يواجه اصعب الظروف فى احلك المواقف أن يتبنّى سياسة الهرب وممن , من أميرة زوجته وحبيبته وشريكة دربه .. يشعر بالتقصير فى حقها .. هو وعدها بالحماية التامة , فماذا كانت النتيجة ؟ لم يبرّ بقسمه ولم يكتفِ بذلك بل آلمها الى أقصى درجة .
خرج الى الشرفة الجانبية التى تطل على الحديقة بأشجارها الباسقة وزهورها العطرة التى نشرت شذاها عبر الهواء الذى تسلل الى صدره فاستنشق عبيرها بعمق واستمتاع , أنه بحاجة الى الاسترخاء .. ولو للحظات معدودة , ليستعيد نفسه مرة أخرى ..
-أنت هنا وحدك ؟ ألا تمانع لو انضممت اليك ؟
التفت خلفه ليجد شقيقته المفضلة واقفة على عتبة الشرفة الزجاجية تنظر له بتمعن محاولة سبر أغوار عينيه الفضيتين .. تقدمت منه بخطوات وئيدة تفيض ثقة وقوة .. لمَ ينتابه دائما هذا الاحساس بأن ريم قد تغيّرت وربما للأفضل , اصبحت أكثر نضجا وخطواتها أكثر ثباتا وتفكيرها أكثر عمقا .. الا أنه يفتقد لنظرات عينيها الطفولية والتى كانت تغلب على طبيعة تصرفاتها .. دوما يشعر بحاجتها للحماية .. وهذا هو واجبه تجاهها , وللمرة الثانية يشعر بمرارة الخذلان .. فشل مجددا فى الاعتناء بها .. معرّضا ايّاها لخطر جسيم .. كيف يتركها تتزوج من جاسر غريمه السابق حتى ولو تراجع عن المعركة تاركا له الساحة خالية بعد علمه بزواحه من أميرة أو لبنى فى حينها ,الا أنه يظل رجلا أراد يوما حبيبته هو لنفسه والآن عليه أن يتقبّله كعضو فى اسرته ولس هذا فقط يل وزوجا لريم ... التى ان اشتمت رائحة الماضى لن يهدأ لها بال ولن يغمض لها جفن.
مالت بجذعها على سور الشرفة تاركة النسيم يداعب خصلات شعرها القصيرة التى استطالت قليلا , سرحت بنظرها الى البعيد وقالت بصوت متهدج:
-أتذكر يا رفيق حينما كنّا صغارا واعتدنا اللعب فى حديقة النادى الصغيرة .. وذات مرة قام فتى أكبر منى سنا بدفعى عن الزحلوقة المرتفعة فوقعت أرضا وأصيبت ذراعى ,, أتذكر حينما رأيتنى مجروحة ماذا فعلت ؟
أطلق رفيق من صدره زفيرا حادا وعقله يستعيد ذكرياته البعيدة مع شقيقته .. قال بصوت حانٍ:
-نعم , جئتِ نحوى تركضين وذراعك ينزف من جرح غائر , كنتِ تبكين من شدة الألم ,سألتك من فعل بكِ هذا ؟ فأشرتِ الى ولد ضخم قوى البنية برعب وكنتِ ترتجفين حينها كورقة شجر فى فصل الخريف ...
استكملت ريم السرد بحالمية قائلة:
-لم تتردد وقتها , سارعت نحوه لتتشاجر معه , اندفعت نحوه كالقنبلة لتلكمه فى معدته ثم فى وجهه حتى لقنته درسا معتبرا , أذكر أننى رأيته خائقا مرتجفا فى مواجهتك وهو يتوسل لك حتى ترحمه ...
قال رفيق بصوت حانق من اثر الذكرى:
-ولكننى أجبرته على الاعتذار منكِ وقلت له : لو سامحتك هى سأعفو عنك وأتركك ترحل .. وبالفعل كنتِ كريمة جدا معه بالغفران .. وقد خاب أملى لأننى أردت أن اضربه الى حد فظيع لا يعود معه الى محاولته للتجبّر على الفتيات والضعفاء الذين لا قبل لهم بالوقوف فى وجهه.
قالت ريم وهى تتمسّك بذراعه بقوة:
-كنت خير سند لى .. شعرت حينها بأننى لست وحيدة وأنه مهما يكن فلن تخذلنى .. كنت فخورة جدا بكونك شقيقى وحاميى .. المدافع عنى ..
-لطالما كنت ألومك على تهاونك فى حقوقك , دوما تقبلين الاعذار الواهية ولا تتعلمى من أخطائك السابقة ..
-كنت تنعتنى بالساذجة , أتذكر ؟
أشاح بوجهه الى الجهة الأخرى وهو يتمتم بأسى:
-كنت مخطئا يا ريم للأسف , حينما اعتبرت التسامح ضعفا ..
ثم عاد لينظر مباشرة الى عمق عينيها وهو يقول بتصميم:
-التسامح والغفران هما نقاط قوة وليس ضعف , الذى يعفو هو القوىّ .. الانتقام لا يمكن احتسابه قوة .. أعتذر منكِ.
تراقصت ابتسامة ضعيفة على شفتيها الورديتين وهى تسأله بصورة مفاجئة:
-من هى يا رفيق ؟ أخبرنى ..
أطلّت من عينيه نظرات اندهاش قبل ان يغمغم حائرا:
-من تعنين يا ريم ؟
قالت بلهجة حادة وهى تغرس أظافرها فى لحم ذراعه دون أن تشعر:
-من هى المرأة التى كان جاسر على علاقة بها ؟ المرأة المتزوجة الذى تحدثت عنها .. لا تقف صامتا , أرجوك تكلم ..
بات الصراع الآن بين عقله وعواطفه .. أيخبرها باسم المرأة ويخاطر بعلاقته الوثيقة بها ؟ بل كيف ستستقبل نبأ كهذا ؟ أم يكتم الآهة فى صدره متجلدا ليجابه ألما اقسى من حمل الجبال ؟ ويتركها كالمخدوعة تعيش بالأوهام ؟
فى لحظة طيش اتخذ قراره أن يصارحها بالحقيقة مهما كلفه الأمر ,ولو كان عليه أن يدفع هو الثمن غاليا فهو على أتم استعداد , شعر بألم جسدى فى ذراعه حيث كانت تضغط عليه دون توقف ,ازدرد لعابه وهو يتأهب للاعتراف قائلا:
-المرأة التى كان يحبها ...
-رفيق !
هتاف ملح شق سكون الليل ,ولثوانٍ وقفا الاثنان متواجهين دون كلمة , هل انطلق هذا النداء حقا أم هو محض خيال ؟
-رفيق , ريم .. ها قد وجدتكما .. ماذا تفعلان هنا ؟
حدجت ريم ابن عمها كريم بنظرة حاقدة سوداوية فقد قاطع حوارهما بلحظة حرجة وحاسمة أما رفيق فقد ثاب لرشده وضرب على جبهته بقوة ماذا كان فى نيته أن يقول ؟ كان سيخبرها باسم زوجته .. الى أين كنت ستقود عائلتك ؟ حمد الله على تدخل كريم فى الوقت المناسب حتى دون أن يدرك سبب لهفة رفيق الى عناقه وهو يربت على كتفه بقوة محتضنا ايّاه :
-بل قل اين كنت أنت يا رجل ؟
تلاعب رفيق لحاجبيه الى الأعلى مداعبا وهو يتصنّع الأهمية:
-هل افتقدتمونى الى هذا الحد يا رفاق ؟
-طبعا , وهل نستغنى عنك يا ابن العم ؟
نقل كريم بصره الى ريم الواجمة وتراجع بحركة تمثيلية هزلية قبل أن يقول ساخرا:
-يبدو أن هناك من لا تشاركك رأيك هذا ؟ لماذا يبدو عليها وكأنها على وشك أن تقتل شخصا ما ؟
قال رفيق ملاطفا:
-احذر فقد تكون أنت الشخص المرشح.
-أووه ! يا لكِ من فتاة !
هتف كريم صارخا عندما دفعته ريم بعنف حتى تزيحه من طريقها.
واستطرد بعدم تصديق موجها حديثه لرفيق:
-أتصدق هذا ,, ريم الرقيقة تجبرنى أنا على التراجع بهذا الشكل.
دلفت ريم الى الداخل وهى تتلظى بنيران الحقد والغضب .. لقد كادت أن تصل لمبتغاها لولا وصول كريم الغير متوقع.
*********************
|