لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-20, 04:21 PM   المشاركة رقم: 76
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

الفصل العاشر



كانت ريم هى الأولى التى تستقبل العائدين من السفر بابتسامة جميلة وسعادة جمة , صافحت عمها واحتضنت زوجته التى انبهرت بمظهرها الجديد قائلة بمودة:
-غير معقول , ريم قصصتِ شعرك لدرجة أننى كدت ألا أتعرف عليكِ.
كانت هذه بالطبع مبالغة من جهتها الا أن ريم تقبّلتها بصدر رحب لأنها ادركت أنها لا تقصد شرّا من ورائها , فقط أرادت التعبير عن مبلغ دهشتها لهذا التجديد الغير متوقع .. فى مظهرها الخارجى .. وماذا ستقول زوجة عمها اذا ما رأت تصرفاتها الغريبة ؟
اندفعت ريم تقول بترحاب لتغطّية نفسها وتغيّر دفة الحوار:
-عمى .. أرى أنكما قد جددتما شهر عسلكما مثل أبى وأمى الا أنك تفوّقت على أخيك .. كنا ننتظر عودتكما منذ شهر مضى ..ترى من كان صاحب القرار بتمديد الاجازة ؟
وتلاعبت بحاجبيها بشقاوة محببة دفعت الاحمرار الى وجه منى بينما قطّب عادل جبينه بعبوس خفيف وهو يقول لائما:
-احتشمى .. يا فتاة .. ماذا ارى هنا ؟ أغيب أربعة أشهر لأعود وأجد ريم الخجول التى تتوارى خلف الجدران .. تطلق تلميحات خبيثة كتلك .. ترى ما السر وراء ذلك التغيّر ؟
قاطعهما صوت سيف الصارم وهو يقول بجدية :
-ربما من الأفضل لو نذهب لغرفة المعيشة ونؤجل هذه الأحاديث الجانبية لما بعد .. أعتقد أن أمى مرهقة جدا بتتحمل الوقوف هكذا .. أليس كذلك ؟
كانت نبرته الغاضبة عامة الا أن ريم شعرت بأنها موجهة ضدها هى بالذات .. لن تلوم ابن عمها على غيظه منها .. فقد اصرّت على موقفها المتجاهل له على مدار الأسابيع الماضية دون أن تتراجع ولو لمرة , ما زالت غير قادرة على مسامحته .. خطؤه كان عظيما وعلى قدره يجب أن تعاقبه وبشدة.
سارع عادل الى جوار زوجته يتأبط ذراعها بمحبة وهو يغمغم معتذرا برفق:
-آسف حبيبتى .. انشغلت قليلا بتلك الشقيّة .. هل أنتِ على ما يرام ؟
أومأت برأسها وهى تسير بمحاذاته الى غرفة الجلوس الفسيحة , بينما تبعهما سيف دون أن يعير انتباها لريم التى وقفت مسمّرة بمكانها , فهى لمحت مها تنزل الدرج على مهل ووقفت أسفله تنظر حولها بحيرة ..
قدّرت ريم أنها تبحث عن زوجها , قررت فى نفسها ألا تهتم واستدارت بغية اللحاق بأقاربها حيث همست مها بقلق :
-ريم .. لو سمحتِ .. أيمكن أن أتحدث اليكِ قليلا ؟
ارتفع حاجبا ريم باندهاش وهى تقول بتأفف:
-أنا ؟ هل أنتِ متأكدة أنكِ لا تبحثين عن سيف ؟
ابتلعت مها ريقها بصعوبة , تكاد تشعر بجفاف حلقها كالصحراء فى أوج النهار وقالت مترددة:
-اذا لم أكن سأعطّلك عن شئ.
هزت ريم كتفيها وهى تقول ساخرة:
-فقط .. صدف للتو أن وصل عمى وزوجته بعد غياب اربعة أشهر عن المنزل , واذا لم تمانعى يا سيدة مها فأنا أريد الذهاب للترحيب بوصولهما كما يجب.
أطرقت مها برأسها الى الأرض فى خجل وهى تتمتم:
-أعرف , لهذا أردت مساعدتك.
فغرت ريم فاها تعجبا , ثم انتبهت لتصرفها الأحمق فعادت تتخذ هيئة الجمود السابقة وهى تقول بتعالٍ:
-حسنا , ولكن ليس أكثر من خمسة دقائق فقط.
-لن أحتاج سوى ثلاثة فقط.
يا لها من متحذلقة ! استنكرت ريم فى داخلها تصرف مها ولكنها أشارت لها بسلطة أن تتبعها فأطاعتها الأخيرة مستسلمة .
كانت ريم تصارع رغبة قوية فى معرفة كنه هذا الحوار .. وتتلهف لانهائه حتى لا تفوتها لحظة من التجمع العائلى الدائر.


****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 04:27 PM   المشاركة رقم: 77
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

-عادل .. أخى .. حمدا لله على سلامتك.
وتلاقى الشقيقان .. يضم الأكبر أخاه الاصغر باشتياق بينما وقفت زوجته قريبا جدا منه .. شعرت منى ببعض الدوار الذى سرعان ما زال حين جلست على الاريكة الوثيرة الى جوار زوجها وابنها الذى كان يقبّل يديها بين الفينة والأخرى ويلقى بكلمة ممازحة .
اجتمع بقية العائلة سويا بعد أن قام الجميع بالترحيب بعادل ومنى على أفضل وجه .. جلسوا يتبادلون أحاديثا ودية , وشاع جو من الدفء والألفة بينهم من جديد.
حتى فريال وزوجها مجدى كانا حريصين على التواجد مع العائلة احتفالا بهذه المناسبة ,وقد أثارت فريال الشكوك فى نفس أخيها وزوجته لدى رؤيتهما لها تجلس بهدوء واضعة يدها على بطنها لا اراديا وقد رفضت تناول اية مشروبات معتذرة لسماح برقة بالغة وقد تقبّلتها تلك بابتسامة واسعة وهى تدرك سبب هذا التمنّع.
كان سيف جالسا بينهم وان كان عقله شاردا يفكر في المرأة التى قلبت كيانه ,ونظر الى ساعته مليا قبل ان يقرر النهوض لملاقاتها واصطحابها لتتعرّف الى والديه .. حانت اللحظة الحاسمة فى حياته , لا مفر من المواجهة وقد اقتنع تماما كما أقنع عمه بأن الحل الأمثل هو عدم الهروب والتخفّى لئلا تزداد حجم الصدمة فيما بعد.
استعد للوقوف بنية المغادرة فأثار انتباه والدته التى قالت بقلق :
-ماذا هناك يا حبيبى ؟ الى أين أنت ذاهب ؟
ربت بحنان على كفها الذى التقطه بين اصابعه القوية وهو يقول بصوت دافئ :
-لا تشغلى بالك يا أمى , لن أتأخر كثيرا .. سأعود على الفور.
نظرت له متأملة بحدة فقد استشعرت بحاسة الأم التى قلما تخطئ أن ابنها ليس على سجيته , كان صامتا أغلب الوقت .. على غير عادته.
فجأة سحب يده بعد أن ترك كفّها يسقط برفق فوق حجرها وهو يحاول أن يرسم ابتسامة على شفتيه لعلها تطمئن الا أنها جاءت بالنتيجة العكسية فقد زادت من همّها وضيقها حيث رأت تصرفه مرتبكا ونبرة صوته ترتعش رغما عنه.
وخرج مسرعا ليبحث عن مها فى غرفتهما المشتركة حتى يقدّمها الى أمه وأبيه .



*****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 04:31 PM   المشاركة رقم: 78
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

-ليلى .. تعالى لتجلسى الى جوار خطيبك .. هنا.
نطق الجد بهذه العبارة بصوته الرخيم وهو يشير لحفيدته بأصبعه الى المقعد المجاور لخالد الذى جلس صامتا يتأمل ملامح الفتاة الحسناء بشغف وقد تلونت وجنتيها بلون أحمر خفيف زاد من فتنتها التى تصعقه كلما رآها وكأنه يراها لأول مرة .. وما كان منها الا أن أطرقت برأسها خفرا وهى تسعى لتنفيذ أمر جدها بخطوات خجولة مترنحة , متجاهلة نظرات أمها الحادة التى أعلنت بوضوح عن تذمرها وعدم رضاها عما يحدث.
ما أن شعر بها قد استقرت بجواره حتى التفت نحوها يهمس بحب:
-اشتقت لكِ كثيرا ..
ثم ألقى نظرة خاطفة على حماته المستشيطة غضبا واستطرد بلهجة هزلية:
-وان كنت أعتقد أننى لن أنجو سالما هذه المرة بعد انتهاء الزيارة , فأمك لا تكف عن رميى بنظرات سوداء محرقة لأننى أتجرأ وأتحدث اليكِ.
لم تستطع ليلى أن تمنع نفسها من الابتسام بخفة وهى تهمس بدورها:
-لا تخشّ شيئا .. فجدى يقف الى صفنا ولن يتخلّى عنّا أبدا ..
-أتظنين أنه قادر على اقناعها بالموافقة ؟
-طبعا.
أجابته بثقة وهى تتحاشى النظر الى والدتها كما قررت حتى لا تفسد خطتها السرية مع جدها الحبيب الذى ما لبث أن اعتدل فى جلسته وهو يقول برزانة بالغة موجها حديثه لأفراد عائلته المحيطين به:
-لقد جمعتكم اليوم حتى أعلن لكم نبأ سارا .. بداية فلنفتتح جلستنا تلك بقراءة الفاتحة ..
وأتم تلاوته بخشوع تام كما حذا حذوه الجميع بلا استثناء , ثم أكمل حديثه بصوت متهدج قليلا:
-الحمد لله على نعمه التى لا تعد ولا تحصى , والتى يمن بها علينا , أشكر فضله علىّ وعلى أسرتى .. عاد لى حقى المسلوب سابقا بتركة أبى - رحمه الله وغفر له - وجمع شملى بأبناء أخى ,ثم انتقل الخير الى أحفادى الأعزاء .. وها قد تمت خطبة ليلى وسيتبعها جاسر باذن الله ,, وقد أنعم الله على كليهما بالزوج الصالح .. أجد أنه لا داعٍ لتأجيل فرحتنا أكثر من ذلك , فقد فاتحنى خالد منذ فترة بموضوع اتمام الزواج وأجد أنه قد أوفى بعهوده كاملة كما أردتِ يا فريدة فأهدى ليلى الشبكة كما حلمتِ بها فى منامك والآن انتهى من توضيب شقة الزوجية فلا مانع من أن يبدآ باختيار الاثاث الملائم لبيتهما الجديد ثم نحدد موعدا لعقد القران و ..
-عذرا يا أبى ..
قاطعته فريدة التى وصلت الى درجة الغليان وهى تستطرد بعنف:
-أرى أنك تتسرّع كثيرا , ما الذى يدفعنا لمثل هذه العجلة ؟
رمقها عبد الله بحدة وهو يقول معنفا بلطف:
-ولا أرى سببا يدعو لعدم الاستعجال ؟ فخير البر عاجله يا فريدة.
كان زوجها ملتزما الصمت بينما تقوم هى بشن الهجوم وحدها فأضافت بلهجة خشنة:
-كلامك صحيح ولكن هناك عدة أشياء لا بد أن نأخذها بعين الاعتبار.
-وما هى ؟
-أولا لا يعجبنى موقع الشقة أصلا , فهى بمكان غير لائق لمكانتنا الجديدة , أيعقل أن تسكن ابنتى فى منطقة أقرب للأحياء الشعبية ؟
انتفض الجد غاضبا وهو يهتف حانقا فى وجه ابنته المتكبرة:
-سبحان الله ! ألم توافقى عليها سابقا وقد التزم الرجل بكلمته معنا الى آخر حد .. كما أننى لا أراها بموقع سيئ , فهى بمنطقة حيوية ومنظمة كما أنها قريبة من المكتب فلن يجدا صعوبة فيما بعد فى الذهاب الى العمل .. ماذا أيضا لديكِ ؟
تراجعت فريدة قليلا الا أنها ناضلت باستماتة من أجل هدفها فتمتمت بصوت واهن متصنّعة الصدمة:
-لا شئ فقط لا يمكننى أن أتحمل ابتعاد ليلى عنى بهذه السرعة.
ثم أخذت تنتحب بصوت مسموع ولما لم تجد استجابة من الآخرين لتمثيلها البارع ذرفت بعضا من الدموع , فسارع سليم يمد اليها محرمة ورقية حتى تجفف دموعها الغير حقيقية , نقل الجد بصره بين الاثنين وهو يضرب كفا بكف على حالهما ثم قال بأسى:
-والله أننى لآسف على حالكما وعلى حال ابنتكما , ما لك يا رجل لا تتدخل أبدا فيما يخص شأن ابنتك الوحيدة ؟ أيرضيكِ ما تقوله زوجتك ؟
ارتبك سليم وأخذ ينظر حوله بعينين زائغتين قبل أن يدرك أنه هو المعنى بهذا الكلام فقال مترددا وهو بنظر الى زوجته بين الحين والآخر بوجل:
-فريدة تريد الأفضل لليلى ,, وهى أمها وأدرى منى بهذه التفاصيل ..
ثم نظر الى حماه متوسلا وعيناه ترسلان رسالة غير مكتوبة بأن يعفيه من هذا الجدال حتى لا يتورط أكثر مع زوجته المتسلطة.
-حسنا , اذا كنت تتنازل عن دورك بهذه البساطة من أجل ارضاء فريدة , فأنت حر بتصرفك وقد تخلّيت عن حقك وواجبك الأبوى تجاه ابنتك , الا أنه لا يمكننى أن أقف فى صفوف المتفرجين وأنا أراك تحطم حياة ليلى أنت وأمها بهذا الشكل السافر .. وأنتِ يا فريدة كفاكِ بحثا عن أعذار واهية من أجل التأجيل , وسعيا وراء مظاهر شكلية خداعة .. لا تهم .. ما يعنينى أكثر هو سعادة هذين الشابين واستقرارهما .. لذا فسوف يسرى الاتفاق بيننا كما سبق وقلت .. هل أنتِ راضية يا ليلى عن هذا أم لا ؟
لمعت ابتسامة رضا على شفتيها المكتنزتين وهى تغمغم بحياء:
-ما تراه مناسبا يا جدى أنا موافقة عليه.
-اذن قضى الأمر.
جلست فريدة مبهوتة لا تعرف ماذا تقول ولا كيف تتصرف ,فقال عبد الله وقد لمح نظرات ليلى الخائبة الأمل بسبب موقف أمها العدائى:
-ماذا ؟ ألن نسمع الزغاريد يا أم العروس ؟
أشاحت الوالدة بوجهها وهى تقول من بين أسنانها:
-لا أعرف كيف أزغرد.
أطلقت شقيقتها شريفة زغرودة مجلجلة من حنجرتها ثم أتبعتها بواحدة أطول وأعلى صوتا ثم أخذت تهنئ ليلى بسعادة وهى تتولى الدور الذى استهانت الأم به فى حياة ابنتها.
وتبعها الوالد الذى قام بدوره ليقبّل ابنته صاغرا متمنيا لها السعادة والهناء تحت نظرات فريدة الغير راضية.
تلألأ الدمع فى عينى ليلى وهى ترى أمها متباعدة عنها , تألمت كثيرا من اهمالها لأهمية هذه اللحظة فى حياة أية فتاة , فمهما بلغ جمالها وثقتها بنفسها وتأكدها من حب خالد لها .. أملت فى أن تنال احترامه لها ولأسرتها ,, بالنهاية هى ستتزوجه ولن تجعل أفكار أمها المغلوطة تفسد دنياها الجديدة.
بعد أن قدم جاسر التهانى لابنة خالته وصديقه الذى ربت على كتفه داعيا بالعقبى له هو وريم , ارتسمت معالم الاشتياق على وجهه بمجرد ذكر اسمها , وكأنه كان بانتظار من يذكّره بها , أنها لا تغيب عن باله أبدا.
انسل من بينهم بخفة الفهد قاصدا الشرفة الخارجية .. وبعتمة الليل أشعل سيجارة بقداحته الثمينة ,وأخذ يطلق دخانها الكثيف فى الهواء صانعا سحبا رمادية , هيئ اليه أنها تتشكل بملامح محببة الى نفسه وقلبه متخذة هيئتها الملائكية الرقيقة وهى تزجره بلطف قائلة:
-ألم تعدنى بالاقلاع عن التدخين ؟
كانت هذه هى المرة الاولى له منذ فترة طويلة بعد أن اوشك على ترك هذه العادة السيئة تماما .. يشعر بحاجته لاستنشاق هذا السم فى هذا الوقت تحديدا , ربما لأنها بعيدة عنه كما النجمة فى سمائها العالية , وربما لحاجته بأن يعاندها على قراراتها المجحفة بحقه , هو استسلم لرغباتها بالكامل حتى لا يثير مشكلة بينهما , فهو بأمس الحاجة لهدنة .. بينهما , علاقتهما مشتعلة الى أقصى حد .. ولا شك أنها ستنفجر يوما ما اذا ما عرفت بالحقيقة التى يخفيها عنها حتى الآن , صحيح أنه قد صارحها بالكثير عن حياته واسراره الدفينة عن والده .. الا أنه ما زال يشعر باحساس الدونية ... لأنه أبقى اكثر الأسرار بشاعة طى الكتمان .. علاقته السابقة بزوجة أخيها ..
فى النهاية بعد أن أنهى سيجارته سحقها بحافة السور ثم ألقاها أرضا ليدهسها بقدمه وقد انتابه شعور جارف بالندم لضعفه المفاجئ فقد استسلم لرغبته فى معاودة التدخين دون أن يتحلى بارادة قوية تمنعه من العودة الى هذا الطريق ومصارحة حبيبته بالحقيقة .. أيكفى استسلامه لرغباتها الانتقامية منه لتطهيره من ذنبه الكبير ؟
عرف فى قرارة نفسه أن الجواب هو : لا , بيد أنه نجح فى اخماد صوت ضميره ليقنعه بأن هذا كافيا فى الوقت الحالى , بصورة مؤقتة.



*********************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 04:32 PM   المشاركة رقم: 79
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

بعد انتهاء حفل الافتتاح الكبير وقد انفض الجميع من حولهم , نظر كريم الى ساعته ليجد أن الوقت قد مرّ سريعا بدون أن يشعر به فألقى بنظرة خاطفة الى أمه وهو يشير لها اشارة خاصة التقطت مغزاها على الفور فاعتذرت بتهذيب من صلاح وهى تخبره بضرورة عودتهما للمنزل ,قبل اعتذارها ببساطة شديدة مؤكدا على بقائه حتى ينتهى العمّال من أشغالهم ,انتهز كريم هذه الفرصة عارضا عليه أن يقل هديل الى منزلها ,نظر لها صلاح متسائلا عن رأيها ,حاولت هى أن تتعلل برغبتها البقاء الى جوار والدها مشددة على عدم تركه وحيدا الا أنه لمح بعينيها بريقا خاطفا من السعادة قبل أن تستعيد هدوئها لتنضم اليه وهى تمسك بيده بمؤازرة وهى تقول بفخر:
-لن أترك أبى وحده وسوف نعود سويا الى البيت بعد أن يفرغ من عمله.
لم يحاول كريم اثنائها عن رأيها هذه المرة بل تقبّل اعتراضها بصدر رحب ما أثار دهشتها فقد أرادت فى قرارة نفسها أن يلح عليها بل وتمنت لو اصرّ على اصطحابها معه دون أن يتأثر برفضها.
تعانقت هناء وهديل بحرارة وقبل أن تغادر بصحبة ابنها أوصتها بالعناية بوالدها وأن تمنعه من التأخر فى العودة لأن اليوم كان طويلا ومرهقا بالنسبة له ,فتعهدت هديل لها بأن تبذل قصارى جهدها لحثه على الراحة.
وتصافح الرجلان بقوة ,وقبل أن يبتعد كريم الى حيث كانت سيارته قابعة فى شارع جانبى اقترب من هديل مودّعا وهو يقول بصوت خفيض:
-كان يوما لطيفا بحق , وان كنت قد تمنيت أن يطول أكثر , سأنتظرك غدا فى الشركة .. هناك موضوع أريد أن أحادثك بشأنه.
رمقته بنظرات عميقة وهى تقول بحيرة:
-ماذا هناك ؟
-غدا .. سأخبرك , هديل .. الأمر لا يحتمل أى تأجيل.
-حسنا.
أجابت بخفوت وقد شعرت بقلبها يخفق بشدة جراء نظراته المتفحصة فأضاف سريعا:
-أشكرك يا هديل.
وقبل أن تسأله عن سبب شكره لها استطرد بعفوية:
-أشكرك على هذه اللحظات السعيدة التى شاركتنى بها اليوم .. أضفتِ لهذا الحدث مذاقا خاصا بوجودك.
ارتعشت أهدابها وقد أخجلها اطرائه البرئ فغمغمت بحياء:
-أنا لم أفعل شيئا.
-بلى , يكفى أنكِ بقيتِ الى جوارى.
ثم فجأة تأبط ذراع والدته وانصرف تاركا ايّاها غارقة بحيرتها وخجلها .. أحقا كريم أثنى على تصرفها ؟ وهل شعر بالسعادة لوجودها اليوم ؟
بالنسبة لها أمضت يوما جميلا بصحبته وقد أثبت لها أنه مرافق جيد .. حادثها بلباقة وعاملها كأميرة مدللة , لم تنسَ لمساته الرقيقة وهو يناولها كأس العصير ولا لمحات الرقى من جانبه وهو يزيح لها المقعد قبل أن تجلس .. اضافة الى انصاته بعمق لحديثها الطويل وثرثرتها الفارغة دون أن يبدو عليه الضجر أو التذمر.
تنهدت وهى تضع يديها على صدرها قبل أن تنظر الى ثوبها الغالى الثمن والذى أصرّ والدها على أن تبتاعه لهذا الحفل خصيصا , وفى سرّها كانت ممتنة له بعد أن أبدى كريم اعجابه بأناقتها وذوقها الرفيع فى اختيار ملابسها التى تشى بالرقى والبساطة وأسلوبها الذى يتسم بالعفوية وعدم التكلف.
وظلّ السؤال دائرا بعقلها : ماذا يريد منها غدا ؟ ألم يحن الوقت لايقاف تلك اللعبة المزعجة ؟ الشد والجذب بينهما ... الشوق والتمنّع .. هى من أرادت الابتعاد عنه هذه المرة ولكنه استسلم لقرارها حتى حينما عرض أن يوصلها الى المنزل ورفضت هى بدافع أنثوى بحت حتى تدفعه للاصرار ,وعوضا عمّا تخيّلته .. لم يكرر عرضه مكتفيا بالتنازل من أجلها .. شعرت بغصة فى حلقها .. فهى لم تعد تتحمّل هذا الاسلوب الجديد فى معاملتها .. اشتاقت لرئيسها المستبد .. شعرت بالحنين للهجته المتعالية .. وان كانت تحمل شيئا من دفء يجاهد لوأده دائما ,وتعجبت من نفسها : كيف تفكر هكذا ؟



******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 04:33 PM   المشاركة رقم: 80
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

لم يجد سيف زوجته بغرفتهما , فتش عنها بكافة أنحاء الطابق العلوى بدون جدوى , شعر فجأة بخوف قوى يسيطر على مشاعره .. ترى هل فرّت مها من المنزل ؟ ولكن كل ثيابها واغراضها الشخصية ما زالت موجودة ,لن يهدأ له بال أو يرتاح الا عندما يعثر عليها .. أتظن أنها تستطيع الهرب والاختباء منه وهى حامل بطفله ؟ لا , سيكون ملعونا لو سمح لها بهجره خاصة بعد أن اكتشف عمق المشاعر التى يكنّها لها بغض النظر عن الماضى الأسود الذى يربط أسرتيهما بلعنة الكراهية والحقد .
هى الوحيدة التى نجحت فى ازاحته عن الخط المستقيم الذى رسمه لمسار حياته بعد علاقته السابقة بليلى والتى انتهت نهاية مأساوية ,ورغم أنه قد عرف بالحقيقة الا أن أحساسه بها قد اختلف تماما , لم يتأثر كثيرا لرؤيتها وهى تصارحه بصدق حبها له فى ذلك الوقت الذى آمن فيه بخيانتها ,لا ينكر أن شعورا عارما بالراحة قد اجتاحه بعد اعترافها , فكبرياؤه كرجل لم يتحمّل فكرة أن تخدعه امرأة وتتلاعب بعواطفه الصادقة آنذاك , الا أن هذه العواطف صارت باهتة وأصبحت تمت للماضى فقط.
-مها ... مها .
أخذ صياحه يتعالى وهو ينزل الدرج بخطوات رشيقة , عيناه تدوران فى محجريهما تبحثان هنا وهناك ,وقد بدت ملامح الجزع واضحة على محياه فقد باتت شكوكه أكيدة .. هذه المجنونة هربت منه بلا شك , وأقسم بداخله أن يجعلها تدفع ثمن فعلتها تلك غاليا ولكن عليه أم يجدها أولا .. قرر أن يخرج للبحث عنها .. أين يمكنها الذهاب ؟ لا يوجد سوى شقتها القديمة .. لا , لا هذا هو أول مكان تعرف أنه سيفتش عنها فيه , سيجوب الطرقات ويتفحص الفنادق واحدا تلو الآخر .. وقبل أن تصل أصابعه الى مقبض الباب , أحس بلمسة رقيقة على كتفه وصوت هش يقول:
-سيف .. أكنت فى طريقك للخارج ؟ هل ستتركنى هنا وحدى ؟
تنهد ارتياحا والتفت على الفور الى زوجته الواقفة خلفه تنظر له بعينين وجلتين تستجديه ألا يخذلها ,فابتسم بصورة محببة وهو يتناول كفيها الضئيلين فى راحة يده الضخمة ,أحنى رأسه قليلا ليلثم أطراف أناملها برقة واحدا بعد الآخر مؤكدا لها ودون كلمات أنه باقٍ من أجلها .. شعرت مها بساقيها تهتزان وترنحت قامتها الهيفاء مما دفعها لتستند الى صدر زوجها وقد اطمأنت بعض الشئ لسكونه ,قالت بصوت ضعيف ترجوه:
-سيف , لا تتركنى أبدا مهما حدث , لن أحتمل هذا.
مسح على شعرها بحنان وهو يتمنى فى قرارة نفسه أن يدوم الانسجام بينهما على هذا المنوال بعد أن تنقشع الغيوم من علاقتهما , وهمس لها بصوت دافئ :
-لم يعد هذا ممكنا .. من الآن فصاعدا لن نبتعد عن بعضنا ,لم يعد لكِ الخيار فى ذلك , أنتِ تنتمين لى وحدى .
ثم وبحركة مباغتة مسح بخفة على بطنها وقد طغت على ملامحه دلائل السعادة والزهو ,فانتابتها موجة من المشاعر المتضاربة بين الشعور بالأمان والخوف حينما أضاف بصوت ينضح بعاطفة قوية:
-كما أنه اصبحت هناك بذرة لحياة تنمو بأحشائك .. فلا مجال للعودة الى نقطة البداية , علينا أن نمضى فى طريقنا حتى نهايته.
تسلل صوتها مرتعشا وهى تتوسله:
-أتعدنى يا سيف أنه مهما كان ردة فعل والديك على زواجنا أنك لن تتخلى عنى ولا عن طفلنا ؟
ضاقت عيناه السوداوان وقال ببطء متعهدا:
-أعدك يا مها .. والآن تعالى معى لأعرفك على والدىّ.
أدارها وهو يلف ذراعه حول خصرها بتملك يقودها الى غرفة المعيشة حيث ينتظر والداه.
سألته بوجل:
-هل .. هل ستخبرهما عن .. حملى ؟
وأشارت الى حيث يستقر الجنين فى رحمها ,فداعبها بأصبعه ملاطفا وهو يقول باصرار:
-بالطبع .. ولمَ سأخفى عنهما شيئا هاما كهذا ؟
قالت مترددة:
-لأنها المرة الأولى .. ستفاجئهما بخبر زواجنا ثم حملى .. اضافة الى أننى .. أقصد ماذا سيحدث حينما يدركان من أنا فى الواقع ؟
ضغط اصبعه على شفتيها مسكتا ايّاها وهو يتشدق مزهوا:
-أنتِ زوجتى .. وأم ابنى .. فقط لا شئ آخر.
-أتعنى أنك لن تطلعهما على حقيقة نسبى ؟
-كفاكِ اسئلة واستجوابات يا مها , أنا أكيد بأنهما سيعجبان بكِ.
رفعت مها حاجبا بدهشة وهى تتمتم :
-أحقا ؟
-نعم , مثلما حدث لابنهما بالضبط.
-أنت أعجبت بى ؟ متى كان ذلك ؟
ضحك من عدم ثقتها الواضحة فى نبرة صوتها المذهولة وهو يقول بصوت مقطوع الأنفاس:
-متى ؟ منذ وقعت عيناى عليكِ للمرة الأولى أثناء اجرائى لمقابلة العمل معكِ , رأيتك تتقدمين نحوى كملكة متوجة لها كامل حقوق الولاء على رعاياها , كنتِ واثقة جدا من نفسك وأزعجنى أننى لم أقوَ على ابعاد عينىّ عن رؤية جمالك ,, وأنتِ تعرفين البقية .
-لا أصدقك , فقد بدوت لى حينها كأنك تكرهنى ,, لمحت بعينيك نظرات احتقار .. و ..
قاطعها قائلا بنزق:
-كان هذا بعد معرفتى لاسمك كاملا وقد تكهنت بدوافعك للتقدم لمثل هذه الوظيفة , ولكن مع هذا لم استطع أن أتوقف عن التفكير فيكِ .. رغم أننى حاولت كثيرا حتى لا يزداد تعلقّى بكِ بمرور الوقت.
-اذا كنت عرفت حقيقة هويتى , لماذا وافقت على منحى الوظيفة ؟ هذا ما لم أفهمه الى الآن.
منحها ابتسامة واسعة كشفت عن اسنانه البيضاء اللامعة فهوى قلبها فى قدميها .. يا لها من جاذبية مشعّة ! وقال بغموض:
-ستعرفين يا حبيبتى .. ولكن ليس هذا هو الوقت المناسب.
وكانا قد وصلا الى وجهتهما المنشودة .. فارتفعت الوجوه نحوهما وتلاقت الأعين بنظرات اندهاش مختلطة بعدم التصديق وساد الوجوم غالبا على الوضع بأكمله.
تقدّم سيف نحو أبويه وهو يجر مها خلفه فقد تخلّت عنها شجاعتها ولم تعد قادرة على محاذاته بخطواته الواسعة ,وهو يقف الآن على قيد خطوتين من رجل وامرأة فى منتصف العمر يجلسان متجاورين وعيونهما مليئة بالتساؤلات بينما سمعت صوت زوجها جليّا وهو يقول بثقة واتزان:
-ماما ... بابا .. أحب أن أقدّم لكما ... مها .. زوجتى .
شحب وجه منى فجأة وبدت كأنها ترى شبحا ماثلا أمامها تتطلّع نحو ابنها ثم تحدج الفتاة التى يدّعى أنها زوجته بنظرات مريرة ,حاولت أن تتحدث .. أن تصرخ .. كأن صوتها قد انحبس فباتت شفتاها تتحركان بلا كلمات مسموعة ... والأسوأ كان التالى .. ازدادت ضربات قلبها الى درجة خيّل اليها أن طبولا تقرع بصدرها ,وكادت أن يغمى عليها لولا أن انتبه عادل فى اللحظة المناسبة وهو يحيط خصرها بقوة فارتمت برأسها على صدره وأنفاسها تتلاحق متخبّطة وعادل يحاول أن يجعلها تنظم من تنفسها آمرا بحزم:
-افعلى كما أخبرنا الطبيب بالضبط .. توقفى عن التنفس لثانيتين قبل أن تأخذى شهيقا عميقا .. حسنا .. اكتميه جيدا .. أطلقى زفيرا من فمك .. هيا يا منى .. كرريه ثانية.
أطاعته يالبداية ثم رفضت بتصميم وهى تهز رأسها بحدة قائلة:
-كلا .. أنا بخير الآن.
جثا سيف مذعورا على ركبتيه وهو يمد يداه متوسلا الى أمه يتساءل بجزع:
-ماذا بكِ يا ماما ؟ أأنتِ بخير الآن ؟
ولما لم يجد منها استجابة حوّل اهتمامه الى والده الذى أخذ يحدّق بقسمات وجهه قبل أن يهب منتفضا ليمسك بتلابيب ابنه مجبرا ايّاه على النهوض وهو يهتف بصرامة مخيفة:
-كيف تجرؤ ؟ كيف تجرؤ على هذا ؟
هتف سيف بصوت مختنق من جراء ضغط اصابع ابيه الفولاذية على عنقه:
-لماذا كل هذه الانفعال ؟ ألمجرد أننى تزوجت دون علمكما ؟
لم تحتمل منى البقاء صامتة وهى ترى ابنها بهذا الوضع الرهيب .. تحدّت شعورها الرهيب بالدوار وصرخت ملتاعة:
-كفى .. عادل .. اتركه فورا ..
اخترق نداءها الأمومى كيان زوجها فتوقف فجأة عن الضغط على عنقه ابنه وقد أدرك ما كان يفعله بذهول ,أفلت ياقة القميص من يديه ووقف شاعرا بالخزى وهو يرى وجه سيف محتقنا بالدماء المحبوسة يسعل بعنف ليدفع بالهواء الى رئتيه .. وقد اندفع رفيق نحوه ليطمئن عليه , أخذ يربت على ظهره بقوة حتى يساعده على تنظيم أنفاسه ,الا أن سيف استعاد رباطة جأشه على الفور وقبض على ذراع ابن عمه ليوقفه بنظرة حازمة من عينيه النافذتين فامتنع رفيق عن مقاومته لئلا يزيد الطين بلة .. فاذا أصر على مد يد العون له سيعتبرها بمثابة اهانة له أمام الجميع خاصة بعد تصرف عمه العنيف نحوه.
تمتم عادل متخاذلا وهو يدفن وجهه فى راحتى يديه:
-لماذا يا سيف ؟ ألم تجد سوى هذه الفتاة لتقترن بها ؟
قالت منى بصوت واهن:
-أما زلت تسعى لعقابنا يا ولدى ؟
عقد سيف حاجبيه مقطبا , غير واعيا لما يُقال فاندفع صائحا وهو يشعر باحباط كبير:
-عمّ تتحدثان ؟ لماذا أريد معاقبتكما ؟ كل ما فى الأمر أننى تزوجت ,, وقد اخترت الفتاة التى تناسبنى , ربما تسرّعت فى اتخاذ هذا القرار لظروف معينة الا أننى لم اقصد الاساءة لأى منكما.
-ابنة سهام وكمال .. هى الفتاة الملائمة لك يا سيف .
انطلقت هذه العبارة من بين شفتى أمه على شكل استفسار أو ربما تخمين .. فتعجب كيف عرفت من هى مها دون أن يتفوّه هو بكلمة عنها و كما أنه من المستبعد أن يكون عمه محمد هو الواشى لأنه وعده بعدم التدخل فى هذا الموضوع بعد أن سبق وأقنعه بأنه سيحسن التصرف ويتعامل مع الوضع بحكمة ,ولا يمكن أن يقدم رفيق على تصرف وضيع كهذا .. وكريم ... لا .. صحيح أين هو الآن ؟ عاد للوضع المربك الذى علق فيه .. حاول أن يركز تفكيره بصورة سليمة دون تشويش فلم يفلح فى استنتاج كيف توصل والداه لحقيقة نسب زوجته بهذه الدقة .
أراد أن يصل الى هذه النقطة ,, ولكنه لم يتخيّل أن تتحوّل المناقشة كليا الى هذا الاتجاه الجديد , ظن أنه سيكون البادئ بالهجوم لا متمركزا فى خط الدفاع محاولا تهدئة ثورة أبيه العارمة وتجنّب نظرات أمه العاتبة التى تشعره بمرارة لا مثيل لها ,عليه أن يشرح لهما الوضع سريعا قبل ان تتأزم الأمور أكثر , عدّل من هندامه واستوى فى وقفته قبل أن يحوّل انتباهه الى تلك المرأة الرائعة التى تسمّرت فى مكانها كأنها تمثال رخامىّ تستمع للحوار الذى يدور بخصوصها دون أن تكون طرفا فيه , أشفق عليها لرؤيته للدموع المتلألئة فى عينيها الزمرديتين .. أنها بموقف عسير كما أن حملها زاد من وطأة هذا العبء عليها , اتجه اليها وسحب ذراعها ليجبرها على الجلوس بينما يعتذر بتهذيب بالغ لوالديه قائلا:
-أستمحيكما عذرا , ولكن هل يمكن أن نستكمل حديثنا جلوسا , فالوضع هكذا يصبح أكثر ارهاقا .. ومها لديها ظروفها الخاصة.
طلّت من عينى منى نظرات استفسار فلوى سيف فمه بابتسامة صبيانية قبل أن يهتف مزهوا:
-نعم يا أمى .. أنها حامل وبنهاية شهرها الثالث.
عضت مها على شفتيها تكاد تشعر بالنظرات المارقة كأنها سهاما حادة ترشقها حيث اتجهت أنظار الجميع لا اراديا الى بطنها فعقدت يديها بدون وعى فى محاولة بائسة لحماية صغيرها بغريزة دفينة .. أنه أغلى وأعز ما تملك , لا سيما أنه ابن سيف ذاك الذى ينمو بجوار قلبها .. سيف .. الحبيب والزوج.
-حسنا , هلا بدأت بالحديث .. أننا فى انتظارك.
قالها عادل مغضبا الى ولده وقد عاد لبجلس بجوار منى محتضنا كفّها , يمنحها الدعم الذى تحتاجه , يمدّها بالقوة وقد مال نحوها يسألها باهتمام:
-أتشعرين أنكِ قادرة على مواصلة هذا الحوار ؟
أومأت له برأسها وهى تقول بجلد:
-لا تقلق علىّ , سأصمد.
انتاب سيف الفضول لمعرفة سبب هزال والدته وشعوره بأن والده يحاول حمايتها بصورة مبالغ فيها , الا أنه قرر ارجاء هذا التساؤل ما بعد , وتنحنح بصوت عالٍ قائلا:
-أود فى البداية أن أخبركم جميعا بأننى أنا اتخذت قرار الزواج هذا دون اللجوء الى أى احد من العائلة , لذا اذا اردتم القاء اللوم على شخص فأنا وحدى المسؤول عن هذا .. حتى مها لم تكن قادرة على مجابهتى بالرفض ..
-لا أشك بذلك , فأنت عنيد جدا ... واذا أصررت على شئ فلا يمكن أن يوقفك أحد.
صوت عادل الملئ بالسخرية اللاذعة والانتقاد نحو سيف تسبب فى أن تسرى قشعريرة باردة فى جسد مها ,هى بدورها تمنت لو تتحمّل هى اللوم عن زوجها , كانت تشعر بأن هذا هو واجبها خاصة بفعلتها الدنيئة فى اجباره على اتمام هذه الزيجة وفى وقت قصير .. كادت أن تتكلم وتبوح بالسر الا أن نظرة واحدة من عينيه أرسلت افكارها أدراج الرياح , كانت نظرة تحذيرية حادة وقد زم شفتيه بحزم قائلا:
-مثلك تماما يا بابا .. ألم تخبرنى من قبل انك قد تحديت أبيك والعالم بأسره لترتبط بمن دق لها قلبك .. أمى ..ضاربا بالتقاليد والأاعراف عرض الحائط .. ثم جاء خبر حملها بى ليطيح الجميع عن اقدامهم .. مما اضطرهم للقبول بهذا الزواج والاعتراف به.
-وهأنتذا تحذو حذوى .. الولد سر ابيه كما يُقال , أليس كذلك ؟ أتعرف يا بنىّ ما الذى فاتك فى هذه القصة التى حكيتها لك ؟ أن تعرف المغزى ورائها ؟ شتان الفارق بين هاتين الحالتين .. ولا مجال طبعا للمقارنة بين أمك وهذه الفتاة .. التى تشبه الحرباء فى تلوّنها حتى تصل الى غرضها .. لا بد أنها قد أوقعتك فى حبائلها بحيلة رخيصة.
لا هذا كثير جدا , اعتدلت مها بجلستها فى حركة محتدة وقد ظهر العصيان واضحا على ملامح وجهها الفاتن ,وقبل أن تفتح فمها لترد بما يناسب فوجئت بسيف يقول بصوت هادئ لم يخلُ من بعض الحزم :
-أرجوك يا بابا لا يوجد ما يدعو لهذا الحديث , وأنا لست غر ساذج ليدفعنى أحد الى ما لا أريده ,أنا أردت أن أتزوجها .. لأننى أحببتها.
لماذا يدافع عنها بهذه الحرارة ؟ والأدهى أنه قد كذب لتوه على والده .. ودون أن تطرف له عين , أكل هذا من أجل حملها ؟
-رغما عن انتمائها لعائلة الراوى ؟؟ بصراحة لا أفهمك ,لقد تصرفت بشكل مخزٍ وأسأت للعائلة كثيرا .. وكأنك لست ابنى .
شعر سيف بطعنة نجلاء تخترق ضلوعه تمزقها وتستقر بقلبه ,كان واثقا من قدرته على تدارك الأمر والدفاع عن مستقبله المشترك مع مها , الا أنه بات من الواضح سوء تقديره للوضع ككل ..
-عادل ... عادل.
نداء زوجته الواهن والذى انبعث بصعوبة من بين شفتيها مرتعشا جعله يتوقف عن متابعة حديثه ويوليها كامل اهتمامه ,رقّت نظرات عينيه وتغيّرت لهجته تماما وهو يسألها بلين:
-ماذا هناك يا عزيزتى ؟
أشارت له بأصابعها المرتجفة الى الأعلى وهى تتعثر بحروف كلماتها:
-أود الذهاب الى غرفتى لأستريح.
هب واقفا على الفور ثم انحنى يسندها حتى وقفت على قدميها وغمغم متوترا:
-أتشعرين بالارهاق ؟ أم استدعى لكِ الطبيب ؟
-لا , مجرد احساس بالتعب , أنت تعرف أن رحلتنا كانت طويلة للغاية , كما أن الأجواء هنا خانقة ... جل ما أريده هو الخلود الى النوم.
أسرع سيف بدوره ليساعد والدته فى الصعود الى الطابق العلوى وهو يقول بمودة:
-ماما .. استندى الى كتفى.
الا أنها انتزعت ذراعها منه بحركة عنيفة لا تتناسب مع ضعفها وشعورها بالتعب , أجفل متراجعا وقد اهتز لرؤية نظراتها الحانقة مسلطة عليه توخزه كأشواك دامية .. تخبره أنه قد خذلها , وأى خذلان ؟
-لست بحاجة اليك.
ثم تجاهلت نظراته المتألمة وألقت التحية على الجميع دون أن تلتفت الى مها بلمحة واحدة وقالت بعزم:
-هلا تعذرونى ,فأنا أشعر بأننى لست على ما يرام .
سمعت همهمات تسرى بينهم بأمنيات بالشفاء العاجل لها.
وانطلق الزوجان العائدان فى طريقهما تاركين ابنهما يقف وحيدا متحسرا بعد أن خسر معركته قبل أن تبدأ.



********************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسرار, الحيتان, السيف, سلسلة, زواج, عائلة, نيفادا
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:02 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية