ذهبت ريم برفقة أخيها وزوجته الى الشركة ليستأنفوا عملهم بعد فترة انقطاع طويلة عن الحضور ,ولم تكن هى بأقل حماسة منهما لمباشرة التصرف بجد فى شؤون الأعمال المتراكمة وقد نالت بعضا من الخبرة فى الشهرين الماضيين على يدى سيف وكريم اللذين لم يبخلا عليها بأية معلومة أو استشارة , فى غياب رفيق كانت عونا كبيرا لهما باعتراف كليهما ,ورغما عن تباعدهما الملحوظ فى الآونة الأخيرة الا أنهما كانا يتعاملان بمهنية واحتراف فى نطاق ادارة العمل .. لاحظت هى الأسلوب البارد الجاف فى أحاديثما المشتركة التى يفرضها سير العمل .. وما أن تدير لهما ظهرها حتى يسود الصمت بينهما كأنما هما مجرد غريبين لا صديقين تربطهما أواصر القربى .. لم تحتج الى كثير من الذكاء لتستنبط أن الأمر له علاقة وثيقة بزواج سيف من مها ,لا بد أن تكون تلك الفتاة هى منبع الشرور التى تتعرّض لها عائلتها .. وبينما اشار لهما رفيق أن تسبقاه حتى يصف سيارته فأطاعته ريم باذعان بينما اعتذرت لها أميرة برقة عن مرافقتها متعلّلة برغبتها فى انتظار زوجها قالت ريم بلا مبالاة:
-كما تشائين , سأذهب أنا وأراكما لاحقا بالمكتب.
فى الطابق الثانى اصطدمت بلقاء هديل الذى جعل الفتاة الاخرى تعتذر بهدوء وهى تقول:
-هل أنتِ ذاهبة الى مكتب ك.. السيد كريم ؟
-لا ,أنا فى طريقى الى مكتب رفيق.
شعرت بأنها مبهوتة لرؤيتها مما اثار تعجبها فارتأت أن تسألها لتروى فضولها:
-لماذا أشعر بأنكِ تستغربين وجودى أو ربما لا تميلين الى رؤيتى هنا ؟
-على العكس تماما , أنتِ صاحبة الحق بالتواجد هنا أما أنا فمجرد موظفة تعمل بالشركة ,كل ما فى الأمر أننى لم أراكِ من قبل بالشركة.
شعرت باتهام مبطّن فى لكنتها الغريبة فأصرّت على انتزاع الحقيقة منها ولكن بلطف فتساءلت تتصنّع المزاح:
-لماذا ظننتِ فى البداية أننى متوجهة الى مكتب كريم ؟
أجابتها هديل بارتباك واضح:
-لأن مكتبه يقع بهذه الجهة ف.. أعتقدت .. آسفة على التطفّل ولكن بدا لى منطقيا أن .. أنكما لا بد ستلتقيان ..
- لماذا يبدو منطقيا ؟ ولماذا لم تفكّرى بأننى ربما أرغب برؤية سيف مثلا ؟
-لأنه .. لأنكِ مخطوبة ..
تراجعت ريم مندهشة وهى تقاطعها بانفعال:
-ما دخل خطبتى بالأمر من أصله ؟ أيمكنك أن تفسّرى لى أكثر ؟
قالت هديل تنفض عن كاهلها هذا الحمل الجاثم:
-لأنه من الطبيعى أن تذهب المرأة للقاء خطيبها خاصة اذا كانا يعملان بنفس المكان ..
فجأة انقشعت الغيوم من عقل ريم فهتفت باستخفاف:
-آه .. هل تعنين أنكِ ظننتِ أننى وكريم مخطوبان ؟ يا الله ! يا لخيالك الواسع يا عزيزتى .. وهكذا فهمت لماذا تضطربين لرؤيتى بهذه الصورة المفزعة.
توقفت عن متابعة حديثها لترى مدى تأثير كلماتها على هديل التى كانت ممتقعة الوجه بشكل رهيب ثم استطردت بجدية أكبر:
-اسمعى يا هديل لو لم تكونى زميلتى سابقا وأودّ أن أجدد أواصر صداقتنا من جديد لكان لى تصرفا آخر بشأنك .. أنتِ .. ساذجة لدرجة فظيعة .. حسنا , لو أخبرتك بأننى لست مخطوبة لكريم ولا هو ينوى أبدا الزواج منى هل تقبلين بالعمل معى ؟
-ولماذا انا بالذات ؟ أعنى أنه توجد الكثيرات ممن تمتلكن خبرة أكثر منى ..
-تستطيعين القول بأننى أميل الى الانصاف والعدل ولم يعجبنى تصرف كريم تجاهك بابعادك عن عملك السابق.
فتحت هديل عينيها على اتساعهما لتقول بدهشة:
-أكنتِ على علم بما فعله ؟
-للأسف كنت متواجدة يومها وفشلت فى منعه من هذا الاجراء الذى أراه مجحفا بحقك .. ماذا تقولين .. يتعامل الرجال بحماقة بالغة حينما يمس الأمر كبرياءهم الذكورى ,ويمتلك رجال عائلة الشرقاوى الفيض الغزير منه .. اسأليننى أنا التى عاشرتهم دهرا من الزمان .. والآن ما رأيك فى عرضى ؟
أجابتها هديل بغمغمة بينما تتصارع الأحاسيس المختلفة بداخلها من سعادة غامرة لمعرفتها بأن كريم ليس خاطبا وخوف ووجوم من قبولها بهذا العرض :
-أيمكن أن تتركى لى فرصة للتفكير بالعرض ؟ أم أنه أمرا مباشرا ؟
-لا طبعا , ماذا تظنين بى ؟ أتشبهيننى بهؤلاء الطغاة المتكبرين .. الذين يتعاملون بكل غطرسة مع الآخرين , لا يا هديل أنا سوف أنتظر قرارك وسأحترمه فى كل الأحوال سواء قبلتِ أم رفضتِ وهذا حقك المطلق.
منحتها ابتسامة هزيلة وهى تستأذنها للانصراف بينما هى تستدير لتنطلق فى طريقها فوجدته على بعد أمتار قليلة منها يراقبها بتأنٍ ونظراتها متلهفة تتعطّش لملامح وجهها الرقيقة يحاول أن يسكن صوت قلبه الذى ينهش بصدره مطالبا باللقاء بعد حرمان طويل .. أنه هو جاسر بشحمه ولحمه .. واقفا يضع يديه فى جيبى بنطلونه بينما يرمقها بنظرات تفيض حبا ,لا يمكنها أن تخطئ تفسير هذه المشاعر الواضحة كالشمس .. لماذا لا يقترب منها ؟ أينتظر منها أن تقدم على الخطوة الأولى ؟ أنه واهم اذا اعتقد أنها ستفعلها ,والأهم ماذا يفعل هنا ؟ الاجابة بسيطة .. أتى لرؤيتها هى .. توقفت وهى تضع يديها على خصرها تنظر له بتحدٍ أن يتخطّاها الا أنه تقبّل المخاطرة فأخذ يسير نحوها قاطعا المسافة الفاصلة بينهما فى خطوات سريعة حتى لم يعد باقيا الا خطوتين فتسمّر فى موقعه رافضا الكشف عن شوق يهدد بالاكتساح فى لمحة خاطفة ,بادرت بالحوار تسأله بتمهل:
-يا لها من مفاجأة ! جاسر بنفسه هنا فى شركتنا.
أخذت نظراته تتعلّق أكثر بها وهو يقول مشدّدا على حروف كلماته:
-أهى مفاجأة سارة ؟ أم ..
مطت شفتيها وهى تقول بعد أن هزت كتفيها:
-هذا يتوقف على سبب مجيئك .. الى هنا.
قال بصراحة مطلقة دون تفكير:
-أتيت لرؤيتك طبعا .. اشتقت لكِ حد الموت ..
-وما الذى منعك فى السابق من المجئ لرؤيتى ؟ أتذكرت هذا بعد كل هذا الوقت ؟
كانت تؤنبه بهدوء معلنة عن رفضها الاقتناع ببساطة مغلّفة بالانكار فقال ويداه تعبثان بخصلات شعره كعادته كلما شعر بتوتر:
-فضّلت أن أبرّ بقسمى لتجنب رؤيتك أو الاتصال بكِ حتى عودة والديكِ من السفر ,, رغم أن هذا كان يقتلنى من الداخل ..
-فهمت .. والآن ترى أن الامور تغيّرت وصار من حقك أن تأتى الى هنا وقتما تشاء ..
ضاقت عيناه من استقبالها الخالى من الترحاب وهو الذى كان يظن أنها ستفرح لرؤيته , لم يبدُ على ملامح وجهها الشوق ولا كان للحنين اثرا بصوتها الجاف .. قال بضيق لم يستطع اخفائه:
-أترانى جئت بوقت غير مناسب ؟
-بل أرى أنه لم يجدر بك المجئ الى هنا من الاساس ,ماذا تظن نفسك فاعلا لتجرؤ على التعرّض لشقيقتى بهذه الصورة الحقيرة ؟
لطمه صوتا قويا لرجل ذى ملامح حادة ووجه أسمر يحدّق فيه بعداء واضح بينما يضع ذراعا متملكة يحمى بها زوجته التى كانت ترتعش مرتجفة لدى ادراكها بهوية الزائر المفاجئة .. استطرد رفيق قائلا بثورة:
-ما لك تقف واجما هكذا ؟ لا تحرك ساكنا .. هل تحاول مضايقة ريم ؟ لأننى أقسم بأنك لو آذيتها مقدار شعرة ل...
قاطعته ريم بدون وعى خائفة من ردة فعله المتشددة:
-لم يحدث شئ يا رفيق , لم يضايقنى بوجوده أبدا.
ساورته الشكوك لدفاع أخته عن هذا الرجل ,ترى لماذا تهتم بانقاذه من بين براثن غضبه ؟ فأضاف متوعّدا:
-أعتقد بأنك أخطات العنوان يا جاسر , فموقع شركتك ليس بهذه الناحية الا اذا كنت تعانى من اختلاط بالاتجاهات .. هذا مكان محظور عليك تخطّيه.
جاء الآن دور ريم لتصيبها الدهشة وهى ترى العداء والكراهية تنبعث من حديثهما اذ اندفع جاسر يقول بصرامة :
-لم أخطئ يا رفيق فأنا قادم لرؤية خطيبتى .. فما العيب فى ذلك ؟
-خطيبتك !!
هتف به الاثنان رفيق واميرة فى نفس الوقت فتمطى هذا قليلا فى وقفته وهو يمسك بكف ريم اليمنى برقة متناهية يرفع أصابعها ليتلألأ خاتمه الماسى فى خنصرها ببريق لامع يخطف الانظار قبل أن يطبع قبلة حانية خفيفة على باطن يدها ليردف قائلا دون أن يتركها:
-نعم ,, فقد سبق وطلبت من شقيقتك الزواج وهى شرفتنى بالقبول , ألم تخبريه بعد يا عزيزتى ؟
ونظر بعمق الى عينى الفتاة الذاهلة من هذا العرض لا تدرِ ما الغرض منه ؟ فاشاحت بوجهها بعيدا تبتلع ريقها وهى تتلعثم باجابتها :
-لم .. لم أجد فرصة مناسبة لاخباره بعد.
تجهّم وجه رفيق وهتف مرددا بحنق بالغ:
-لا يمكن أن يكون هذا صحيحا .. لا يمكن .. انت تخطب أختى .. لا .. لن يصير الا على جثتى.
ثم وبنزعة غيورة قفز يهجم على جاسر ليبعده عن شقيقته التى فوجئت بهذا التصرف العنيف من جهة أخيها وأمسك بتلابيبه يهزه بعنف وهو يتوعّد هادرا:
-الا ريم .. افهمت يا جاسر ؟ لن أسمح لك أن تمس شعرة منها .. على جثتى ... سوف اقتلك.
حاولت أميرة أن تتدخل لتحول بينهما وهى تجاهد لتجذب زوجها بعيدا عن الرجل الذى يكاد يتسبّب فى انهيار عالمها الوردى بهذه البساطة بينما تتراقص على شفتيه ابتسامة واثقة وهو يزيح غريمه جانبا بحركة حادة ويعيد ترتيب ثيابه من أثر قبضته القوية هاتفا ببرود:
-لا , لا أفهمك يا رفيق ,ولا يعنينى ماذا تظن بى , جل ما يهمنى هو ريم فقط .. ورأيها وحده يعنينى ..
-ايها الحقير ! ابتعد عنها ,لن أتركك تحقق انتقامك مرورا بقلبها وحياتها.
فطنت ريم فى هذه اللحظة الى أن غضب أخيها موجها نحو شخص جاسر بالذات وليس لجهله بموضوع الخطبة كما كانت تعتقد ,فآثرت التماسك لمعرفة الحقيقة حول هذا الأمر الغامض ,فاقتربت بتردد من أخيها تسأله:
-رفيق .. لماذا تقول هذا الكلام ؟ ماذا تعنى بانتقامه ؟
نظر رفيق الى جاسر شذرا وهو يدمدم:
-يريد الانتقام منى على حسابك .
قطبت جبينها بشدة وهى تتساءل برعب:
-منك ؟ لماذا تظن أنه يريد الانتفام منك ؟
وقف جاسر متحديا بقوة وعيناه ترسلان انذارا رادعا لرفيق بأنه لن يتجرأ لاخبار شقيقته فتراجع هذا يشعر ببعض الضعف يعترى مشاعره نحو شقيقته فتمتم :
-لا تنسى موضوع الميراث .. لا بد أنه ما زال ناقما علينا.
-لا يمكن الموضوع تم حله مند عاد الحق الى اصحابه , فما الجدوى من مثل هذا الانتقام اذن ؟
حاول رفيق أن يخفف الصدمة قليلا عليها كما أنه لن يكن مستعدا للاعتراف بالحقيقة فصاح باندفاع:
-كما أننى أعرف أنه كان على وشك أن يخطب فتاة أخرى لكنه أدرك أنها متزوجة .. فليس معقولا أن يأتى فجأة ليعلن عن رغبته بالاقتران بكِ.
-لا,هذا ليس صحيحا , أليس كذلك ؟ لماذا تقف صامتا يا جاسر ؟ تصلّبت ملامح جاسر وكأن وجهه قدّ من صخر بعد أن حدّج رفيق بنظرة قاتلة تفيض كرها وهو يحاول أن يتهرّب من مواجهة نظرات حبيبته الملتاعة وقد انقسم قلبه شطرين لتوجعها وألمها ,يستحق هو كل هذا العذاب ,أما هى فلم يحتمل أن يكون مصدر حزنها وانكسارها .. غطّت ريم فمها بيديها تكتم شهقة كادت تفلت من حلقها بينما يتأكد لها أن ما يحدث لها ليس مجرد كابوس ليلى سوف تفيق من نومها لتجده سرابا ,, أنه حقيقة واقعة وملموسة .. لهذا الغرض تعرّف عليها واراد التقرّب منها لم يكن بهدف الانتقام من عائلتها لحرمان جده من حقه بالميراث ,كان لسبب آخر ..ارادها بديلة عن حبيبة سابقة .. لا يا ريم .. لقد تلاعب بكِ الجميع .. وأرادت فجأة الهروب من المواجهة .. الاختفاء .. تود لو تنشق الأرض لتبتلعها فى باطنها ,حتى قرّر جاسر انه قد اكتفى بلعب دور المدافع وتشجّع ليقترب منها مجددا وهو يهمس بأسى:
-هذا ليس صحيحا تماما .. أنا .. لم أكن .. أحب ..ها
نظرت له غير عابئة بما قد يراه فى عينيها من ألم مشبّع بالحزن وقالت باتهام:
-ولكنك فعلا أردت الاقتران بتلك الفتاة.
-حسنا , الأمر معقّد يا حبيبتى ولو منحتنى الفرصة لأرشح لكِ.
ومد يده ليلتقط كفها فى راحته فقاطعه رفيق وهو يقف حائلا بينهما:
-اتركها فورا , لا تلمسها.
انفجر هذا فى وجهه بغضب لاذع وهو يشير الى رأسه:
-فلتتعقّل يا هذا قليلا , الا يمكنك أن ترى مدى الأذى الذى تسبّبت فيه لها .. أنت تحاول تحطيمى فليكن ولكن ما ذنبها هى ؟
احمرّ وجه رفيق بشدة وهو يقول بصوت أقل حدة:
-أنت الذى تسأل بكل صفاقة عن ذنبها .. ويداك ملوّثة بدماء قلبها النازف ..سأكون ملعونا لو تركتك تتلاعب بها وبعواطفها.
سحبه جاسر بعيدا عن مرمى سمع الفتاتين وقال بصوت هامس:
-ثأرك عندى أنا , فلتفعل بى ما شئت .. أما ريم فابتعد عنها ,لا تجرحها بحديث قديم دُفن فى الماضى ولم يعد له اية أهمية فى الحاضر .. ما الذى ستفيده من مثل هذا الاعتراف ؟
-أتريد أن تقنعنى بأنك تهتم فعلا لأمرها ولا تريد لها الأذى ؟
-صدّق أو لا تصدّق فأنا أعشق أختك الى حد الجنون وأريد الاقتران بها دونا عن أية امرأة أخرى بالكون واذا اقتضى الأمر ازاحتك من الحياة بأسرها لأنال رضاها فهنئيا لك بما سوف أفعله.
-كيف تريد منى التصديق بزعم حبك لها ؟ وأنت الذى .. كان ..
ولم يتم عبارته فقال جاسر ساخرا:
-هيا فلتقلها .. كنت .. فى الماضى .. وربما كانت لى اسبابى الخاصة التى لن أفصح عنها الآن ,ولكن ما أريدك أن تفهمه جيدا اننى لم أحب ولن أحب سوى ريم حتى آخر عمرى.
-وتريدنى أن أقبل بك صهرا لنا ؟
-هذا أقل ما يمكنك أن تقدمه من أجل حبك لشقيقتك كما تدّعى أم أنها لا ترقى لمستوى حبك لزوجتك ؟
وضع رفيق سبابته فى وجه الرجل الآخر مهددا وهو يحذره بصرامة:
-ايّاك والحديث عن زوجتى ,, ابتعد عنها فهذا أفضل للجميع.
هز جاسر كتفيه بلا مبالاة وقال ببرود:
-ومن قال أننى أهتم لأمرها .. وليكن معلوما لك أننى لن أتسامح اذا ما راودك عقلك أن تخبر ريم بما تظنّه أنت الحقيقة ..دع لى الأمر برمته فأنا قادر على التعاطى مع هذه المسألة.
التزم الرجلان الصمت بعد هذا الاعلان عن هدنة أجبر الاثنان على القبول بها من أجل صالح فتاة واحدة .. ريم.
*****************