كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
عاد كريم ادراجه نحو الفيلا التى ترك بابها مواربا فأغلقه بدفعة من قدمه حينما أتاه اتصالا هاتفيا من صديقه فأجاب بلهفة عاجلة:
-أحمد .. اين اختفيت الايام الماضية يا رجل ؟
أتاه صوت رجولى خشن بالرد الصاعق على الجانب الآخر:
-كنت أعمل يا ابن الذوات فكما تعلم أننى أسعى وراء لقمة عيشى فلم ..
قاطعه كريم ضجرا وهو يحاول تقليد أسلوبه الساخر:
- فلم تولد وفى فمك ملعقة من ذهب مثلى .. الخ الخ .. فلتلخّص فى حوارك .. فأنا الآخر لدىّ بعض الأعمال الغير منتهية ولا وقت لدىّ لاضاعته مع أمثالك من عامة الشعب.
تناهى الى مسامعه قهقهة عالية أعقبها الرد الذى أثلج صدره:
-حسنا حسنا أفحمتنى يا كيمو .. أقصد يا سيد كريم .. لقد وجدت ضآلتك المنشودة أخيرا .. بذات المواصفات التى طلبتها كما يقول الكتاب تماما .. هه ما رأيك ؟ هل أتفاوض مع المالك لشرائها ؟
أفلتت صيحة انتصار من كريم وهو يجيبه بنشوة:
-وماذا تنتظر ؟ طبعا قم بالاجراءات اللازمة وعلى جناح السرعة.
تململ أحمد قليلا قبل ان يقول بتخاذل:
-ولكن .. السعر .. أنه يطلب رقما خياليا.
-كم ؟
وسمّى أحمد المبلغ المطلوب بتردد فقاطعه كريم سريعا ليسأل من جديد:
-وهل تقع فى مكان راقٍ كما أردت ؟
أملى عليه أحمد كافة التفاصيل دون أن يهمل أى جزئية ولو ضئيلة فظهرت على وجه كريم دلائل الرضا والراحة وهتف منشرحا:
-حسنا يا ميدو .. توكّل على الله يا بنى ولا تخش شيئا .. اسمع سأهاتفك لاحقا فأنا مشغول الآن ... الى اللقاء.
كان ينهب الدرج صاعدا الى أعلى وقد انزاح عن كاهله همّا كبيرا وعاد ليجتمع بالثلاثة الآخرين الذين كانوا فى انتظاره على أحر من الجمر وما أن لمحه رفيق يبتسم ملء فيه حتى بادره بالسؤال:
-ما لى أراك سعيدا هكذا كأنك كسبت لتوك ورقة اليانصيب الرابحة ؟
أخذ كريم يتمشى على مهل مطلقا صفيرا منغوما للحن شهير قبل أن يتخذ مقعدا مجاورا لابن عمه ويقول متخليّا عن وقاره كاملا:
-يمكنك التخمين منذ الآن وحتى مطلع الفجر ولن أرضى فضولك أبدا يا عزيزى.
-يا للهول !
صاح رفيق مقلّدا لهجة ممثل مسرحى اشتهر بأدائه المبالغ فيه ثم تظاهر بالألم وهو يمسك بصدره فى توجع متنهدا:
-ياه قلبى لم يعد يحتمل , يا لقسوتك المتعمّدة يا كريم.
أغرقت الفتاتان فى الضحم على هذا المشهد التمثيلى للثنائى وبالنهاية قامت ريم بالتصفيق الحاد لهما هاتفة بجزل:
-تستحقان نيل جائزة اسوأ أداء تراجيدى .. أف لكما ! ما رأيك أنتِ يا أميرة ؟
غمز رفيق لزوجته بحب وهو يشير بيده للأعلى متشدقا:
-لا أميرة اليوم فى عالم آخر تحلّق فى سماء السعادة .. لن تنالى منها على الاطلاق ..
تساءلت ريم بفضول وهى تقوّس حاجبيها لأعلى:
-ولماذا اليوم بالذات ؟
خبطها كريم على جبهتها وهو يقول مذكّرا:
-أصبحت تعانين من داء النسيان يا ريرى .. لا بد أنها منتشية لأنها قضت اليوم بأكمله فى صحبة عمتنا الغالية .. بالتأكيد أوحشتك للغاية يا أميرة.
قالت أميرة تؤيد رأيه بحماس:
-نعم ولكن ليس هذا هو السر يا ابن خالى.
-ما هو اذن ؟ تكلمى يا أميرة فقد نجحتِ باثارة فضولنا الى حد بعيد.
كانت هذه هى ريم التى أخذت تلّح بشكل طفولى اثار رغبة الجميع بالضحك وأميرة التى تبادلت نظرات ذات مغزى خاص مع زوجها قبل أن تقول بعناد:
-هل أخبرهما يا رفيق ؟ ام أنتظر حتى يقتلهما الفضول كالقط ؟
-هيا هيا .. تحدثى.
هتفت بها ريم وهى تقضم أظافر يدها من فرط انفعالها الى أن جاءهم صوت سيف المتهكّم يرن بآذانهم:
-ما هو الشئ الهام الذى جمعكم هنا ؟ باذن الله مجتمعون فى زيارة النبى ( صلّى الله عليه وسلّم ).
ردّد الجميع فى صوت واحد :
-عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
دعته أميرة لمشاركتهم الجلوس وهى تقول بغموض:
-اجلس يا سيف ,فلدىّ خبر سارّ أعلنه لكم.
نفّذ سيف طلبها دون مناقشة وجلس متجهما الى جوار ريم التى تجاهلت وجوده تماما .. وانطلق كريم يستحثها على الحديث وهو يقول بملل:
-هيا ... هاتِ ما فى جعبتك فأنا لن أقضى الليل بأكمله هنا فى انتظارك.
رمقه رفيق بنظرة سوداء وقال بلهجة تحذيرية:
-ايّاك وأن تضايق أميرتى بكلمة واحدة , اترك لها مساحة كافية لتلتقط أنفاسها فالخبر مفاجأة بحد ذاته.
ثم التفت الى زوجته مشجّعا بلطف وقال:
-هيّا عزيزتى ,, الجميع على نار متشوقون لسماع الخبر.
هبّت أميرة واقفة على قدميها وأخذت تراقب الجميع الذين سكنوا وكأن على رؤوسهم الطير ,وحينما عمّ الصمت المكان حتى لتسمع رنين الابرة أن القيت أرضا فتحدثت قائلة:
-لن اطيل انتظاركم أكثر من هذا ... المفاجأة هى أننا على وشك استقبال مولود جديد فى العائلة ...
قاطعتها ريم متحمسة:
-هل تعنين بأنكما .. ستصبحان عن قريب ..
واشارت بيدها بيأس الى الزوجين غير قادرة على انتقاء الكلمات المناسبة الا أن أميرة هزت رأسها بأسف وهى تقول:
-كلا تخمينك خاطئ يا ريم ,, لسنا نحن المقصودين بهذا الخبر.
اتجهت الأنظار تلقائيا الى سيف الذى كان يتظاهر بالانشغال بالنظر الى الجهة الأخرى حتى لا تلتقى عيناه مصادفة بعينى تلك الجالسة على يساره ,الى أن شعر بأنه قد أصبح محط أنظار الجميع فرفع بصره اليهم ببطء متسائلا بجرأة:
-ما لكم ؟ لماذا تحدّقون بى ؟ آه فهمت ,, تظنون أننى المعنى بالأمر .. آسف لأن أخيّب آمالكم , على حد علمى لست أنا من أنتظر طفلا.
قال كريم وقد اصابه الذهول:
-من اذن ؟ لم يتبقّ سواى أنا وريم .. وكلانا على ما أتذكّر غير متزوج .. فهل هو اللهو الخفىّ ؟ أن ماذا ؟
تبادلت أميرة النظرات الضاحكة مع زوجها حتى أعلن رفيق بالنهاية مخلّصا الجميع من حيرتهم البالغة:
-اسمعوا وعوا .. ما سأقوله ذكرى للتاريخ .. أنه حدث فى مثل هذا اليوم أننى .. عرفت أن حماتى ستنجب لزوجتى أخا أو أختا ...
هتفت ريم غير مصدّقة:
-لاااا رفيق أميرة انتما تمزحان بلا شك .. عمتى ؟؟؟ فريال !!
قهقه رفيق بمرح وهو يردّد:
-نعم عمتك فريال وهل هناك غيرها ؟ ولماذا التعجب أليست متزوجة من مجدى ؟
قالت ريم ثانية :
-ولكن .. أعنى السن ..
واخفقت فى اكمال عبارتها احراجا من وجود أميرة التى استطردت حتى ترفع عنها هذا الحاجز:
-تقصدين السن .. نعم يا ريم يمكنها أن تحمل بهذا العمر فأمى لم تتجاوز منتصف الاربعينات بعد .. ما زالت لديها الفرصة للانجاب مرة ثانية , الحمد لله على نعمته .. طبعا كان لدى الطبيب مخاوفه الخاصة وقد أعرب عن قلقه فنصحها بالتزام الراحة التامة مع التوصيّة ببعض العقاقير فى فترة لاحقة من الحمل ..
أطلق كريم صفيرا طويلا وهو يقول بوقاحة:
-لا بد أن مجدى يطير الآن سعادة بهذا الخبر .. وهذا ما يؤكد نظرية ( الدهن فى العتاقى ) .
تلاعب سيف بحاجبيه وقد انتقلت اليه عدوى المرح ليهتف بدوره:
-سيصبح لدينا ابن عمة .. ونحن بعمر الثلاثين .. حتى أنتِ بنفسك يا اميرة تصلحين لأن تكونى أمه لا أخته .. شئ مدهش !
سألتها ريم بحالميتها القديمة وقد عادت للعب دورها المرح بعد أن غلب الطبع التطبّع:
-أنتِ فرحة من أجلها ,, أليس كذلك ؟
هتفت أميرة بسعادة جمة:
-بالتأكيد , لا تسعنى الدنيا فرحا ,, أمى ظُلمت كثيرا وحُرمت من فرحتها بى والآن يعوّضها القدر بفرحة جديدة لها مذاق خاص .. وانا الى جانبها أتلقّى معها هذه السعادة فكأنى كما قال سيف أما لهذا الجنين الذى لم يولد بعد .. لن تصدقوا اذا ما أخبرتكم أننى أنوى أن أتقاسم معها رعايته والعناية به بعد الولادة.
ربت رفيق على كتفيها بحنان ثم أردف بخبث قائلا:
-ولكن يا حبيبتى ما أدراكِ الا تكونى أنتِ الأخرى حاملا فى وقت قريب جدا .. وبهذا لن تكونى قادرة على العناية بطفلين فى آن واحد.
تخضبت وجنتيها احمرارا لتلميحه المبطّن الا أنها نجحت فى أن تهمس بخجل:
-ربما من يدرى ! حينها سأضطر الى البقاء مع أمى وأتركك وحيدا.
اشار لها بأصبعه نفيا وهو يتوعدها قائلا:
-لا تحلمى قط بالتفكير فى هذا فما بالك فى الابتعاد عنّى .
وقف سيف فجأة قاطعا عليهما تغريدهما المنفرد وهو يقول بحدة:
-حسنا بعد سماع الأخبار الجيدة أود أن ابارك لكما ,, يتعيّن علىّ الذهاب الى غرفتى .. فأنا أشعر بارهاق فظيع .. طاب مساؤكم.
استوقفه رفيق وقد شعر بتغيّر مزاجه الملحوظ قائلا:
-هل أنت بخير ؟
أومأ برأسه ايجابا وغادر موقعه بدون اضافة كلمة أخرى.
بعد انصرافه مباشرة تساءلت أميرة باهتمام:
-ما به سيف ؟ لدى شعور بأنه يخفى شيئا ما ,كان مرحا يبادلنا المزاح ثم تبدّل حاله فجأة الى النقيض.
هتف كريم ورفيق بذات النفس:
-بالتأكيد هى السبب.
قطبت أميرة جبينها بصورة لا ارادية مغمغمة:
-من هى ؟
قالت ريم بصوت شبه هامس وهى تشير للغرفة البعيدة المغلقة:
-زوجته ... السيدة مها.
-أما زالا على خصام ؟
-وما شأننا بهما يا حبيبتى ؟ دعى الخلق للخالق وهيا بنا نحن الى جناحنا فأنا الآخر اشعر بحاجة ماسة للراحة.
ثم تصنّع التثاؤب وهو يضع يده على فمه ثم قال بصوت خافت:
-تصبحان على خير .. هيا حبيبتى.
وأمسك بذراعها يتأبطها بينما ذراعه الأخرى تستقر بأريحية حول خصرها فألقت بدورها تحية المساء بابتسامة خالصة.
-لم يبقّ هنا سوانا .. أنا وأنتِ يا ريم ,, ماذا ترين ؟
نهضت هى الاخرى مؤشرة بيدها الى غرفتها لتقول بفتور:
-لا أرى شيئا على الاطلاق .. أنا ذاهبة لأنام .. وغدا لنا حوار خاص.
-بخصوص ماذا ؟
-الأمر يتعلّق بك وبهديل .. يا عزيزى.
وألقت له بقبلة فى الهواء بأطراف اناملها غامزة ايّاه بجرأة ثم اختفت عن نظره قبل أن يجد ردا مناسبا .
فلم يجد بدّا من اللجوء الى غرفة والدته تلبية لمشيئتها وهو على يقين من انها لن تفوّت تلك الفرصة السانحة للحديث عن الموضوع الأكثر شعبية الآن فى البيت ... هديل .. آه , عجلة الزمن تدور .. انتهى دور مها ,, وحلّ الدور على ملاكه البرئ.
****************
|