كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات ألحان
رد: 104 - العطشان ( من روايات ألحان المكتوبة )
سجلت دانيال كل شيء كعادتها عندما تكتشف مكانا جديدا وكأن ريمي يراقبها من طرف عينه وهو يكتم انفاسه حتى لا يكون رد فعله سلبيا.منتديات ليلاس
إنه على استعداد للتنازل عن كل شيء في سبيل ان تحب وطنها الأم وان تتلقى حكمه بعاطفة جامحة.منتديات ليلاس
فجأة استدارت نحوه وابتسمت له ابتسامة وضاءة وقالت بصوت حلو :
- إن كل شيء جميل يا ريمي .
كانت كل محابس عواطفه قد انفتحت واجتاحه شعور بالارتياح والخلاص.
كانت مدينة لاك تقع فوق متاهة صغيرة وكان شارعها الرئيس تحتله الحوانيت العادية مثل بقالة وخردوات حيث زينت واجهات عرضها بإعلان قديم عن البسكويت وجزارة تعلوها لافتة تقول هنا نتحدث الفرنسية .
كانت لاك مهلهلة وفقيرة مثل بقية المدن الصغيرة في العالم, ووقعت دانيال في حبها من اول نظرة, كانت تتحرق رغبة في الإمساك بآلتها الفوتوغرافية كي تصور إعلان المطعم الذي يقول هنا سجق وشراب والعجائز الثلاثة الذين يحاولون استعادة الماضي وهم جالسون فوق اريكة خشبية , وشابة تخرج من صالون إيفيت للحلاقة وقد علت رأسها تسريحة دائمة جديدة.
دخلوا بعد ذلك في شارع مواز للرافد الأسود وهو عبارة عن شريط من الماء الموحل أسود كما يحمل اسمه . وكان آخر بيت في الشارع يقع على بعد مائة متر تقريبا من النهر وهو ملك والدي ريمي كان عبارة عن ضيعة جميلة من الطوب الأحمر له شرفة حول كل الواجهة تظللها شجرة بلوط ضخمة ويتدلى منها زهور إسبانية .
خرجت نويل دوسيه إلى شرفة وهي تمسح يديها في مريلتها واستقبلتهم جميعا بالقبلات والتحيات, وكأنهم جزء من عائلتها. كانت قصيرة ومستديرة كالكرة وعيناها حيويتان سوداوان ويفوح منها رائحة الخبز الطازج المغري. سألها ريمي بعد ان قبلها وتبادل معها بعض الكلمات الاسكتلندية :
- اين أبي؟
- لقد خرج ليبحث عن بعض قطع الغيار لسفينته من عند لويس سيعود إلى هنا للعشاء . إن هذا الرجل لم أره مرة يتأخر عن الطعام.منتديات ليلاس
احتضنها ريمي بقوة بين ذراعيه مما جعلها تنفجر ضاحكة وكأنها فتاة في العشرين من عمرها . راقبتهما دانيال وهي سعيدة وقلقة في آن واحد.
لقد بدا عليه الشباب بشدة . قال الصبي الكبير الذي له عيناه سوداوان واخذ يعاكس أمه ويسألها :
- ماذا اعددت لنا على العشاء يا أمي ؟ هل اعددت اطباقي المفضلة ؟
اجابت السيدة العجوز قبل ان تهمس في أذنه ما جعل وجهه يحمر : أنا اعددت لك مفاجأة .
قال ريمي لدانيال اثناء تعارف امه على الاولاد وبتلر:
- إنها تسأل عما إذا كنت عروسي المستقبلية !
ظلت دانيال صامتة من الدهشة واحست بالخجل , صارت حدقتا ريمي في سواد الحبر وهمس :
- لقد احمر وجهك يا ملاكي.
زمجرت :
- ولكن لا , إنها الحرارة الخانقة , او ربما من علامات سن اليأس .
تلقى ريمي ملاحظتها بضحكة فقالت :
- إننا سنغضب والديك يا ريمي.
كان البيت يبدو مريحا ولكنه ليس من الاتساع بحيث يضمهم جميعا, وخشيت دانيال من الخسائر التي يمكن ان يحدثها الأطفال . قالت وهي تشير إلى الرافد:
- يمكننا ان نقيم في الفندق هناك, إنها مثل المركب .ريحانة
- أتقصدين السفينة يا عزيزتي ؟ نعم هي سفينة .
ذهبا لاستكشاف مقر إقامتهم المنتظر تاركين لنويل متعة تقديم الفطائر من صنعها , عصير الليمون وولبتلر مهمة رعاية الطفلة , لوح لهم الاخير بيده وهو يبتسم ابتسامة ماكرة .
|