المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
أربعة وعشرون قيراطاً
قصة قصيرة بقلمى
سيريناد
أربعة وعشرون قيراطاً
تحقق الحلم
الذى طال انتظاره ليلا نهارا
نلت درجة الدكتوراة أخيرا ..
لا يهم كم سهرت الليالى أحتسى عددا لا بأس به من فناجين القهوة السوداء المرّة ... لا يعنينى الهالات السوداء التى أصبحت تزيّن عينىّ الجميلتين ... لن أندم على ما فاتنى من متع الحياة , رحلات سفر مع العائلة , سهرات سمر مع الأصدقاء ,حياة زوجية مستقرة مع حبيبى الوحيد.
رأيت بضعة خصلات من الشعر الأبيض , تسللت فى غفلة من الزمان لتضفى على شخصيتى الجادة لمحة من الوقار كما يقال ,لم أعد أحصى عدد العقاقيىر التى أتناولها بصفة شبه يومية لمعالجة أمراضى المزمنة , قرحة حادة بالمعدة , الصداع النصفىّ المزمن من جرّاء القراءة المستمرة بشكل يومىّ , تقوّس العمود الفقرى نتيجة لجلوسى ساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب الخاص بى أنهى أبحاثى العلمية الهامة ,هذه هى ضريبة التفوّق والنجاح وعلىّ أن أقبل بأن الحياة لا تعطى الأربعة وعشرين قيراطا لشخص واحد , لن يحبطنى أن فقدت قيراطا واحدا ,ما زلت أملك الثلاثة وعشرين الأخرى.
جلست وحيدة مع نفسى أحصى ما ربحته وما فقدته فأمسكت بورقة ناصعة البياض وقلمى الحبرىّ الأسود المفضّل وأخذت أخطّ بيدى المرتعشة ...
قسمت الصفحة الى جزءين بطريقتى التى تعتمد على الاجراءات العملية المحددة مثل خطط الأبحاث الخاصة بى ...
بدأت أعد تنازليا ورقم أربعة وعشرين على رأس قائمتى يتربع على عرشها
1- فقدت ترابطى العائلىّ.
2- لم تعد تربطنى أى صلة بأصدقائى.
3- قمت بفسخ خطبتى من الشخص الوحيد الذى أحببته.
وشعرت بالعد التنازلى يزداد سرعة , ولكن ما استشعرت أبدا بمدى خطورة كا أكتبه ما زال أمامى واحد وعشرون قيراطا ,فلأكمل ...
4- تجاوزت الخامسة والثلاثين ولم أنجب أطفالا.
5- ازددت نحولا بشكل ملحوظ ,وربما لا يعتبرها البعض ميزة مفقودة الا أننى كنت أكثر ميلا الى الامتلاء الجسدىّ.
6-أصبحت أرتدى العوينات الطبية فقد تضاعف فقدانى الجزئى للبصر بشكل متردى.
7- توقفت عن ممارسة هواياتى التى كنت أهوى ممارستها بشكل دائم.
ما زلت أكابر بأننى ما خسرت الكثير بقى لدى سبعة عشر قيراطا.
8-..........
وتوقفت لدى الرقم العشرين ....
ثم انتقلت الى القسم الآخر الذى بدا فارغا كحياتى التى أعيشها بدون روح , وأخذت أحاول التفكير بايجابية فيما اكتسبته من سنوات عمرى الضائعة حتى توصلت الى ...
نلت درجة علمية ( الدكتوراه ) بتقدير ممتاز
أصبحت أكثر زملائى تفوقا وربما أنال ترقية استثنائية
هذا بالطبع سيجلب لى الكثير من مشاعر الحسد الممزوجة ببعض الحقد من ذوى النفوس الضعيفة فأضفت للقائمة الأخرى أننى قد خسرت علاقتى الطيبة بزملائى.
وأكملت طريقى فى سرد المميزات :
أصبحت امرأة مستقلة ماديا وذاتيا فقد انتقلت الى شقة خاصة بعيدا عن مسكن والدىّ الذى ترعرعت فى كنفهما بداخل حجرة واحدة هى كل ما كنت أملكه فى منزلهما , أما الآن فأنا صاحبة البيت.
وأصبحت وحيدة تماما ....
واحترت كثيرا أين أضع هذه الملاحظة على يمين الصفحة أم على الجانب الأيسر ....
وجاءت النهاية ...
لقد أصبحت وحيدة ... وشعرت بالكلمة البسيطة تتضخم وتتضخم محتلة الصفحة بأكملها لأدرك ما الذى جنيته حقا مقابل ما تخليت عنه بارادتى الحرة من نصيبى بالحياة , فكانت الكفة الخاسرة هى الأرجح ... وبقيت حتى آخر يوم فى عمرى كما أنا ....
ناجحة ....
مستقلة ....
.... وحيدة.
|