كاتب الموضوع :
عمرو مصطفى
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى
(5)
ـ لماذا ؟..
ببطء يرفع نادر طرفه متأملاً وجه جلال الحانق..
كان جالساً باسترخاء مستنداً إلى جدار أحد المنازل بالقرب من اللجان الشعبية..
ـ لماذا ماذا ..؟
اشاح جلال بوجهه جهة الدكتور العوادلي الذى يسرح ويمرح بين رجال اللجان الشعبية في رسالة واضحة.. فهز نادر رأسه متفهماً و قال في هدوء:
ـ لم يحن وقته بعد .. كما أنه مفيد لنا في الفترة الحالية ... نحن بحاجة إلى بوق دعاية أمام شعوب العالم لتأييد موقفنا ...
ـ فقط .. نتركه يتجسس علينا من أجل الدعاية ؟..
مدد نادر قدميه أكثر وتثائب في كسل، ثم قال بعينين حمراوين :
ـ ليس هذا فقط .. هناك أشياء أخرى ..
ـ مثل ماذا ؟..
رفع نادر حاجبيه ولاح على شفتيه شبح ابتسامه وهو يقول :
ـ ليس الآن ..
هنا دوى صوت محسن كجهاز الإنذار المبكر :
ـ حافلة تقترب .. يبدو أنه سائق فار من الظلاميين ...
نهض نادر وكالعادة نهض كل رجال اللجان نهضة رجل واحد منتظرين الأسوأ .. على حين وثب العوادلي متعلقاً بعنق المعلم فوزي وهو ينظر من وراء كتفه في ترقب وذعر ...
ـ دعني ألقى نظرة ..
قالها نادر ثم صعد المبنى الذى يجلس فوق سطحه محسن للمراقبة ولتدخين النرجيلة على انفراد بعيداً عن الفضوليين .. أشار محسن بكفه إلى الأفق وقال مؤكداً :
ـ هناك ... الطريق السريع ...
دقق نادر النظر ثم التفت إلى محسن قائلاً في قرف :
ـ هلا أرحتني من رائحة النرجيلة هذه ..
ـ لولاها لما رأيت ما رأيت .. إنها أفضل منبه..
هنا جاء جلال وهو يلهث من أثر السلم متسائلاً فالتفت إليه نادر
صائحاً :
ـ هل سمعت عن حصان طروادة ؟.
ضيق جلال عينيه كأنما بوغت بالسؤال، ثم رنا ببصره ناحية الحافلة القادمة من قلب الظلام على الطريق السريع وبرقت عيناه في فهم ..
ـ حصان طروادة المشوي ؟..
ولم يستطع نادر منع نفسه من الابتسام وهو يلتفت إلى محسن قائلاً :
ـ محسن دورك لم يعد مجرد (ناضورجي).. لقد حان وقت اختبار قدراتك على القنص ..
رفع محسن بندقيته قائلاً في حماس :
ـ سيسعدني هذا .. أنا أمقت دور الناضورجي أصلاً فهو يذكرني بأيام تدخيني للحشيش مع ...
وقطع عبارته وهو يرمق جلال ممتقعاً لكن نادر جذب الأخير من ذراعه وانطلقا لاتخاذ مواقعهم ..
وارتفعت الصيحات التحذيرية مدوية متسلسلة عبر اللجان الشعبية المتناثرة على نواحي الشوارع الفرعية بشرق المدينة .. وخصوصاً عند تلك التي تواجه الطريق السريع عند أطراف المنازل ...
ـ أصحى .. أصحى ...
كان هذا هو هتاف اللجان الشعبية في حالة التنبيه على خطر قادم .. وكان الخطر القادم حافلة يقودها كائن ظلامي شبه مجنون..مجنون بحب الدماء.. مجنون بحب الزعامة ... ومن حوله صراخ وطاويط الظلام وفحيحهم أحال الحافلة إلى سيرك متحرك .. ولما تبدت النيران التي أشعلها شعبنا كسياج محيط بشرق المدينة بدأ صوتهم يخفت مع بعض الهمهمات المضطربة ولعق الشفاه والأصابع ...
ـ استعدوا .. سنقهر عدوتنا النار ..
صاح بها يسرم وهو يزيد السرعة بأقصى ما يملك..
ومرقت الحافلة من أتون النار الملتهب وعبرته إلى الجهة الأخرى..
ولمح يسرم العشرات من المرابطين خلف النار يتراجعون متحاشين الحافلة التي تنقض عليهم من بين النيران كالعنقاء..
ـ مزقوهم ..
ولم يكن الظلاميين بحاجة لهذا الأمر بالفعل لكنهم قبل أن يتحركوا قيد أنملة رأوهم قادمين .. كل ظلامي يعرف حقيقة هؤلاء القادمين وحقيقة تلك الأزياء التي تشبه أزياء رواد الفضاء، وتلك الأشياء التي يحملونها والمتصلة بأنابيب يحملونها على ظهورهم ..
ولم يسمعوا صوت جلال قائد فرقة قاذفي اللهب وهو يعطي إشارة البدء ...
البدء في شوي حصان طروادة..
وبينما يتصارع الظلاميون للخروج من الحافلة ويصارع يسرم كي يتراجع بها بدأ حفل الشواء .. تحولت الحافلة إلى كتلة ملتهبة .. كتلة ملتهبة تنفصل عنها كتل صغيرة كانت منذ قليل كائنات ظلامية تحلم بوجبة طازجة من الدماء .. البعض نجح في الخروج من النوافذ والقفز عبر كتلة النيران .. لكن محسن ومعه العديد من قناصة الأسطح أثبتوا كفاءة غير عادية في اصطيادهم ..
يسرم قفز من النافذة المجاورة لمقعد القيادة وكور جسده وهو يتدحرج بعيداً عن النيران وسمع دوى الطلقات التي ارتطمت بالأرض بالقرب منه ... وحينما اعتدل لمح جلال يصوب ناحيته قاذفة اللهب فقفز في الهواء وتعلق بإحدى أنابيب الصرف وبدأ يتسلقها كالقرد وفي سرعة شيطانية ... وخارج جدار النار وقف من تبقى من الظلاميين وقد احجموا عن خوض النار بأجسادهم .. وقفوا ينصتون إلى صراخ إخوانهم ويتراجعون لاإرادياً..
لقد انتهى أمرهم.
بالفعل انتهى أمر الحافلة التي اقتحموا بها النيران .. ولم يبق سوى بعض الفارين عاثري الحظ الذين نجحوا في التسلل إلى بعض البيوت لكن تبين لهم أن نار رجال السلطة والشعب أرحم بكثير من الوقوع في قبضة نساء شرق المدينة .. وهكذا رأينا الظلاميين الذين روعوا غرب المدينة يفرون ولهم صراخ من أمام نساء شرق المدينة المدججين بعصي المكانس وأواني الألومنيوم..
إحدى هؤلاء النسوة وثبت بواحد من الفارين وأقسمت أن تعصره عصراً حتى ينز كل قطرة دم امتصها من عروق أبناء شعبنا في غرب المدينة.. طبعاً تحول الظلامي إلى ما يشبه العصيدة..
وجاء المعلم فوزي حاملاً عكازه الذي ورثه عن أبيه وخلفه عدد لا بأس به من رجال المقاومة .. وصاح في غضب هادر :
ـ لا تجعلوهم يتسللون إلى الحريم.. لو مس أحدهم طرف واحدة من نسائنا فسوف...
وابتلع بقية عبارته وهو يتأمل الظلامي الذي تحول إلى عصير طماطم طازج بين يدي ما أطلق عليهم (حريم).. ثم إنه التفت إلى الرجال خلفه قائلاً:
ـ كفى الله المؤمنين شر القتال.
نادر كان يتابع تسلل يسرم عبر مواسير صرف إحدى البنايات وكان يعرف أنه يقصد القناصة المرابطين لحماية ظهر الرجال على الأرض.. وحينما هم بالنهوض خلفه فوجئ بحشد من الرجال يحيطون به من كل جانب في رسالة واضحة .. لن نتركك تغامر بنفسك ونحن متوفرون ..وسمع صوت جلال يهتف :
ـ إنه مجرد واحد أيها القائد..
لكن نادر صاح به وبمن حوله :
ـ نعم هو شيطان واحد يمكنه شرب دماء نصف سكان شرق المدينة.. نبهوا القناصة فوق السطح وليصعد بعضكم لدعمهم .
ارتفع الصياح التحذيري بالرجال فوق الأسطح على حين تحرك البعض لدعمهم كما أمر نادر..
أما يسرم فقد نجح في الوصول إلى نهاية أنابيب الصرف بتلك البناية وقفز فوق سطحها ولم يكد يستقر حتى وثب برجلنا هناك
وتكور الاثنان أرضاً.. رجلنا فقد سلاحه مع السقطة لكنه قاوم يسرم بشراسة.. والأخير كان يعرف طريقه جيداً إلى عنقه..
بعد ثوان خارقت قوى الرجل فتركه ورفع طرفه ليبصر السطح المجاور.. كان يتعمد الزحف محتمياً بسور السطح من طلقات القناصة المجاورين.. وفي اللحظة المناسبة يثب وثبة هائلة يعبر بها الفراغ الفاصل بين الأسطح ويهوي على سطح جديد بحثاً عن المزيد
من الرجال.. ولم تكد قدميه تستقر هذه المرة حتى تلقت رأسه ضربة هزت كيانه .. ولمح بعينين زائغتين الشاب محسن وهو يتحسس النرجيلة التي هوى بها لتوه على رأسه والتي تهشمت قاعدتها الزجاجية..
ثم هوى يسرم كالحجر بين يدي محسن الذي سارع إلى حافة السطح وصاح في حنق :
ـ لقد أسرت أحدهم ... وتحطمت النرجيلة !
***
(6)
أحبطنا محاولة الظلاميين الولوج إلى شرق المدينة وفر من بقي منهم بعد أن سقط زعيمهم يسرم ....
من سوء حظ محسن أن ذخيرته نفدت.. فاضطر إلى ضربه بزجاجة النرجيلة الثقيلة .. لقد تهشمت الأخيرة وفقد محسن أعز ما يملك وهو مستعد جدياً لتلقي العزاء في تحطم النرجيلة..
أمر نادر بإحصاء الخسائر، لقد فقد أبناء شعبنا مجموعة من الأبطال كانوا بالأمس بلطجية يثيرون الفزع في قلوب الشعب ... فختم لهم بخاتمة خير.. وصاروا أبطالاً يحتسبون في مصاف الشهداء... مجموعة سمكة راكبي الدراجات الذين حصدهم يسرم بالحافلة حصداً لم يعد منهم أحداً .. أمر نادر الضابط جلال بعمل جولة استكشافية ومعه عدد من السيارات فعاد بعد ساعة محملاً بالجثث .. جثث تم دهسها وامتصاص ما بقي فيها من دماء .. وأمر نادر بدفن الجثث سريعاً حتى لا تفت رؤيتهم في عضد بقية المقاتلين.
ـ هل هناك مفقودين؟..
قالها نادر فأجابه جلال واجماً :
ـ لم نجد سمكة ولا وزة ..
ـ هذا يعني أنهم أحياء ؟..
هز جلال رأسه في بطء نافياً وهو يقول :
ـ هذا ليس مؤكداً.. ربما حملوهم معهم في رحلة العودة كخزين للطعام ...
تقلصت أمعاء نادر وهو يتخيل .. رباه .. منذ ساعات كان يحدث سمكة والأن لم يعد هناك سمكة ... ولم يتخيل يوماً لا هو ولا جلال ولا أحد من سكان شرق المدينة أن رحيل سمكة سيسبب لهم كل هذا القدر من الحزن والأسى ..
***
لكن من قال أن سمكة رحل أصلاً ؟..
صحيح أن الكائنات الظلامية التي تخلفت عن الركب أحاطت به وقد أثارتها رائحة الدماء التي بدأت تنزف من جروحه لكن .. وزة أيضاً كان ما يزال حياً .. وما يزال قادراً على إلقاء زجاجات المولوتوف ..
ـ وزة .. مرحى يا رجل ...
وتناثر الشرر وتفرقت الكائنات في كل مكان .. والمحصلة هي احتراق ثلاثة منها .. وكان لابد من الفرار قبل أن تعاود البقية الهجوم.. جرى سمكة ناحية الدراجة وقام برفعها وخلفه وزة يطلق بعض الخرطوش فيتناثر البلي الحارق على الأجساد الظلامية .... هنا وثب أحدهم وأنشب أنيابه في ساعد سمكة الذى يمسك بمقود الدراجة فأطلق صرخة عاتية ثم أهوى بقبضته الأخرى على رأس الكائن حتى تخلى عن ساعده.. ووثب فوق الدراجة ووثب خلفه وزة وهو يحشو سلاحه بالخرطوش ..
ـ لم يعد معي مولوتوف .. والخرطوش قرب على النفاد ...
ضغط سمكة على أسنانه وهو ينطلق بالدراجة صارخاً :
ـ تشبث جيداً .. سنعود لرفاقنا ...
ـ رفاقنا ماتوا يا سمكة .. ولم يعد لنا رفاق ...
هز سمكة رأسه في عنف قائلاً :
ـ ما زال لنا رفاق في شرق المدينة يا وزة وهم بحاجة إلينا..
هنا انقض أحدهم عليه من الأمام .. ولم يعد يرى شيئاً ..
وصرخ وزة .. وصرخ هو والألم يعصف به.. الوغد ينشب أسنانه في رقبته وصوت لهاثه المسعور يفعم أذنيه.. و.. انقلبت الدراجة البخارية على جانبها وقفز وزة للوراء متخلياً عنها .. على حين ظل الكائن متشبثاً بعنق سمكة والدراجة تزحف بهما مسافة لا بأس بها على الأرض الإسفلتية قبل أن تسكن أخيراً .. لم تفلح الضربات المحمومة مع الوغد المتشبث لذا فقد مد سمكة كفه في جيب سرواله وأخرج مطواته الأثيرة (قرن الغزال)ودون تردد أولجها في جسد الكائن .. لم يعد يفرق هل هذه دمائه أم دماء الكائن الذى مزقه بمطواته لتوه.. كان الدوار يكتنف رأسه وشعر بضعف عام نتيجة ما فقده من دماء لكنه حاول أن يعتدل ليطمئن على وزة ..
لقد قفز الأحمق من فوق الدراجة قبل أن تنقلب وهى طريقة أسرع للموت في أحيان كثيرة لمن يريد تفادي انقلاب الدراجات .. سرعان ما يسقط على شيء ما فتدق عنقه أو تتهشم جمجمته.. ترى إلى أي المصيرين صرت يا وزة يا صاحب العمر .. هنا صكت أذنيه أصوات المص والبلع وهاله المصير الأسوأ لصديق عمره..
ـ لاااااااه ...
كان هناك حشد من الكائنات عاكفون على مص دماء وزة الذى بدا ساكن الحركة تماماً ولا يكاد يرى منه إلا قدميه من كثرة تكالب الكائنات الظمآى على جسده .. وصرخ سمكة صرخة أخيرة أودعها كل ما تبقى فيه من قوى ثم مادت به الأرض ونما إلى مسامعه وهو يهوى في دوامة الضعف والوهن صوت طلقات تدوى من ورائه ..وحينما حاول أن يلتفت سقط على ظهره .. ورأى مشهداً مشوشاً لسيارة ضخمة فوقها طبق إرسال ومن سطح الكابينة برز شخص يصوب مدفعاً رشاشاً ويطلق منه الرصاص .... ثم أحاط بناظريه الضباب الكثيف وتلاشى كل شيء خلف جدار من السواد الحالك..
ـ سيكونون بخير ... رغم ما فقدوه من دماء ...
هذا أول ما نمى إلى مسامعه وهو يفتح عينيه في بطء .. كان لابد له أن يسأل السؤال الأبدي الذى يسأله كل من يفيق من غيبوبة ..
ـ أين أنا يا أولاد الـ...
رفع ب ـ 1 أحد حاجبيه قائلاً :
ـ أهدأ .. لقد قمنا بإنقاذك ..
بدأ سمكة يستوعب المكان حوله .. هو داخل مكان يشبه عربة الإسعاف من الداخل ... هناك فراشان متجاوران كان هو نائماً على أحدهما ووزة نائماً على الأخر .. هناك محاليل تم توصيلها إلى عروقهما .... كان وزة يتنفس في عمق .. إنه حي ... واكتسى وجه سمكة بالامتنان وهو يقول :
ـ ما ظننت أنني سأفتح عيناي مرة أخرى .. الشكر وحده لا يكفي يا .. يا..؟
ـ ب ـ1 ..
ـ بماذا ؟!..
ابتسم ب ـ 1 وهو يراقب شيء ما على شاشة حاسوب وضعه على منضدة صغيرة أمامه ثم قال :
ـ هو جاهز الأن يا سيد نوسام ..
أعتدل سمكة في حركة حادة كادت تقلب عمود المحاليل وهو يتذكر ذلك الاسم .. رباه .. إنه لم ينجوا بعد إذن .. لقد عاد إلى قبضة سيده القديم ..
هنا دوى الصوت المميز للسيد نوسام :
ـ حمداً لله على سلامتك يا سمكة ..
قال سمكة في تردد وهو يرمق شاشة الحاسوب التي نقلت صورة للسيد نوسام وهو داخل مكان يشبه القبو :
ـ سمكة لن ينسى هذا الجميل لك يا خواجه ...
حك نوسام وجنته بظفره وهو يقول في بطء :
ـ هل أنت بحالة جيدة يا سمكة فعلاً ...؟
ابتلع سمكة ريقه وهو ينظر لـ ب ـ 1 ثم قال :
ـ الفضل يعود لرجالك يا خواجه ....
ـ أنت رجلي أيضاً يا سمكة ... لكن .. هل تذكر اتفاقنا ؟...
صاح سمكة بسرعة :
ـ هؤلاء الحمقى أفسدوا كل شيء ... كنت قريباً جداً من الهدف وعلى وشك النيل منه .. حتى بادر الظلاميون بالهجوم الأحمق ووجدت نفسي أقاتل إلى جانب الشعب مضطراً .. وكاد الظلاميون الحمقى أن يقتلوني .. بدلاً من أن يساعدوني ...
أنهى سمكة دفاعه وكتم أنفاسه منتظراً النتائج .. وتمنى في سره أن يكون نوسام أحمقاً بما يكفى ليصدق ... كان الأخير ينصت وهو مرتكز بذقنه على كفه وظل صامتاً لبرهة.. حتى بدأ العرق يتفصد من جبين سمكة..
ـ أنت محق ...
حاول سمكة أن يكتم زفرة حارة كادت تفضحه على حين استطرد نوسام قائلاً :
ـ الظلاميون همجيون غير منظمين .. وشهوانيين .. وأخطر ما فيهم .. لا يقدرون قيمة التواصل عبر الوسائل الحديثة .. والحمد لله أن الفريق ب وصل إليك في الوقت المناسب .. الأن ستعود يا بطل إلى معسكر شعبكم الباسل وأعدك هذه المرة .. أنه لن يحول بينك وبين الهدف شيء ..
ثم تحول بالكلام إلى ب ـ 1 قائلاً :
ـ ب ـ 1 .. ستنزلون سمكة ورفيقه عند أقرب نقطة يمكنهم بعدها السير حتى يصلوا إلى اللجان الشعبية ....
هنا تذكر سمكة شيئاً :
ـ وزة لم يستعد وعيه بعد .. كما أن الدماء التي فقدناها...
قاطعه ب ـ 1 قائلاً :
ـ تم عمل نقل دم لكليكما وسيفيق صاحبك قبل شروق الشمس ..
ـ والطعام .. أنا جائع بشدة .. ولا شك أن وزة سيكون كذلك ...
أطلق نوسام ضحكة عارمة قبل أن يسعل هاتفاً :
ـ كح .. كح .. طلباتك أوامر يا (سي) سمكة ..
ثم انقلبت سحنته فجأة وهدر صوته في توحش :
ـ ولا مجال للفشل هذه المرة .. أريد رأس ذلك الوغد نادر لأزين بها حجرة مكتبي .. أنا مستعد أن أتحول لظلامي أخر كي أتمكن من شرب دمه ....
أما سمكة فقد حمد الله في سره .. نوسام فاقت حماقته كل توقعاته..
وبينما اختفت صورة الأخير توجه ب ـ 1 إلى ثلاجة صغيرة بجوار المنضدة التي يضع عليها الحاسوب وتناول بعض المعلبات ثم قذفها في حجر سمكة الذى تأملها في شك، ثم رفع طرفه إليه وصاح متنمراً :
ـ هل تمزح معي؟.. قلت لكم أنا جائع يا حمقى.
ثم استرخى واضعاً ساقاً على ساق وأردف :
ـ أريد طاجن عكاوي.
***
|