واحست ناتاشا ان لو قد احب والدته- بالرغم من انه لم يقل ذلك , ولذلك اعتبر هجرانها له من أسوأ الأمور , واعتقد ان ابتعاده عن النساء سيجعله في امان.
ماحدث لم يكن غلطته .. بل غلطتها لأنها احبته . اما غلطته وغلطتههما معا انهما يعرفان كم هي متناقضة معتقداتهما وحاجتهما, ورغم ذلك فقد سمحا لنفسهما بأن تجرهما الرغبة التي تقود الى طريق واحد فقط..
نعم من الأفضل انه غادر .. تجولت في الصالة وهي تلمس الاشياء التي تعرف بأنه قد لمسها من قبل كعلب اللومات , واللحوم .. وتتخيل يديه تتحركان عليها.
اهتزت قليلا , عليها ان تغلق عقلها وجسدها في وجهه وان تنسى وجوده للأبد ..
عاد ليو وعمتها , وهي لا تزال تعمل.. كانا يبدوان في غاية السعادة, ولم تدهش ناتاشا عندما اعلن ليو بفخر ان هيلين قد وافقت على الزواج منه.
" بالطبع سيتزوجني لأنه سيحصل على بستاني ومدبرة منزل في آن واحد" قالت هيلين كي تضايق ليو, لكن نظرة عينيها وهي تنظر اليه كانت مناقضة لكل كلمة قالتها.. من الواضح تماما انهما يحبان بعضهما بعمق وإخلاص .ريحانة
نظرت ناتاشا بعيدا عنها بسبب دموع الضعف والأنانية التي تغطي عينيها, وأصر ليو على فتح زجاجة شمبانيا كي يشرب الجميع نخب الخطوبة .. ورغم تظاهرها بالفرح إلا ان ناتاشا هربت الى غرفتها في اول لحظة ..
كم هي أنانية.. كيف تسمح لمشاعرها ان تظلل على متعة غيرها .. إنها تأمل ألا يلاحظ احدهما كم كان من الصعب عليها ان تبتسم وتشاركهما سعادتهما , بالرغم من انها وبكل صدق سعيدة لأجلهما.

وسمعت ناتاشا صوت عمتها يدق على الباب وهي تنادي باسمها وسمحت لها بالدخول وسألتها هيلين مباشرة " ما الأمر ؟ هل استطيع ان احرز ؟ لقد اخبرني ليو الآن , بأن لوك تملكومب كان هنا بعد عطلة نهاية الأسبوع , ويعتقد بأنه كان على عجلة من امره عندما غادر كان من المفروض ان يعلق اللوحات في الصالة .. وكل مافعله هو إخراجها من الصناديق ..ربما استدعي لعمل عاجل في لندن فلدى لوك مهمة عمل لوحة لأحد افراد الأسرة المالكة".منتديات ليلاس
" لقد غادر الليلة الماضية " قالت ناتاشا وهي غير قادرة على عدم إظهار حزنها.
ثم اخبرت عمتها دفعة واحدة عن حبها للوك , واكتشافها لكرهه وازدرائه لبنات جنسها واعتقاده انها مثله .. ذات تجربة , وانها ترضى بدخول علاقة معه لا معنى لها. وتابعت قائلة " حتى ولو كنت مثلما يعتقد عني , فإن ذلك لا يغير أي شيء لأنني لا اريده بتلك الشروط"
ارتعدت قليلا , فكم كان سهلا عليها ان تتخلى ولو بشكل بسيط عن معتقداتها, وان تسمح له بالاقتراب منها وقالت لهيلين بألم " إنه حب مهلك للذات .. إنها غلطتي , لقد سمحت ان يعتقد .. ان يصدق .."
وقال عمتها بلطف" ناتاشا , إنه رجل ذو خبرة ولابد انه قد عرف .. ولاحظ"
" لا" ازدردت ناتاشا.ريحانة
" عزيزتي , انني آسفة , لو كان بإمكاني القيام بأي شيء"
" لا يوجد مايمكنك القيام به " قالت ناتاشا وهي تعض بقوة على شفتها السفلى " سأعتاد على ماحدث.. فلم يطلب مني احد ان احب لوك , حتى لوك نفسه" وتابعت بألم " كنت أعلم من البداية ما الذي يريده مني, وقلت لنفسي إنني سأعالج الموضوع , لكن ذلك لم يكن صحيحا, نعم إنه شيء مضحك وسخيف , خصوصا إنني كنت دائما فخورة بنفسي وبقدرتي في السيطرة على عواطفي"

اشارت عمتها بنعومة " جميعنا نصبح مرهفي الشعور عندما نحب.. الرجال كالنساء .. يبدو لي ان لوك يخاف حتى الموت إذا سمح لنفسه ان يحب "
قالت ناتاشا " من السهل جدا إيجاد المبررات له , وبأن هجر والدته له هو سبب تصرفاته وكأنه لايزال طفلا"
" أوافق معك , ولأكون صريحة معك ياعزيزتي .. فحتى لو قال إنه يهتم بك فيجب ألا تورطي نفسك معه.."
اجابتها ناتاشا بسخرية " لا امل في ذلك.. فربما قرر منذ الآن ان ينسى انني موجودة .. ثم لماذا سيتذكر"
تنهدت عمتها وربتت على يدها مواسية " لو كان بإمكاني انا وليو القيام بشيء ما؟"
وأكدت لها ناتاشا " لاشيء, إلا ان تسامحيني لأنني كنت أنانية, إنني مسرورة جدا لخطوبتك , متى سيكون الزفاف ؟"
" في شهر كانون الأول .. لأن المنزل سينتهي في ذلك الوقت , يريد ليو ان يكون حفل الزفاف مميزا , اما أنا فأعترف انني احب ان اتزوج في الكنيسة التي تزوجت فيها سابقا , إضافة الى ان والدتك لن تغفر لي اذا اخترت القيام باحتفال هادئ , فهي وليو يحبان الاستمتاع في مناسبة كهذه"
ضحكت ناتاشا وسألتها " وهل عرفت إيما؟". ريحانة
" لا, سأتصل بها هاتفيا لأنقل اليها الخبر , اما ان يسمح عمل ريتشارد في الأبريشة الجديدة بقدومها لحضور الحفل الذي اخترنا ان يكون في الاسبوع الاول من كانون الاول "
" مم.. حسنا , إذا كان ليو يتوقع افتتاح الفندق في عيد الميلاد , فمن الأفضل ان اذهب الى فلورنسا لأطلب الأقمشة التي سنحتاجها " ابتسمت لعمتها ابتسامة مشرقة وتابعت قائلة " اذا اردت مراجعة المخططات التي قمت بها , فأختار .."
" ياللسموات, لا" اكدت لها عمتها " إنها حقل عملك انت ياناتاشا واعرف ان ماتختارين سيكون صحيحا تماما وكما تعلمين فإن ليو معجب بعملك جدا "

" كنت محظوظة بحصولي على مهمة رائعة كهذه " قالت ناتاشا , واكفهر وجهها عندما تذكرت اتهامات لوك والتي آلمتها بعمق , وقد اعتادت على الألم , ومع ذلك فإنها كلما تذكرت ذلك وبدأت تشعر بألم حاد ينتزع قلبها بقوة .
غادرت ناتاشا بعد اسبوعين الى فلورنسا دون ان تسمع اي كلمة عن لوك , ولم تكن تتوقع حصول ذلك اذ لا أمل.. لكنها بقرارة نفسها كانت تأمل بحدوث شيء ما .. فهل هي غير عاقلة؟.منتديات ليلاس
لقد ذهبت الى فلورنسا ومعها ملاحظات مفصلة عن الأقمشة التي تحتاجها لمنزل ليو, إضافة الى رسائل من والدها لأصحابه هنا, لاشك بأن كل وقتها سيكون مليئا بالعمل وتأمل ان يكون ذلك هو الدواء السحري الذي تحتاجه كي تتوقف عن التفكير بلوك , وعن الاشتياق له, والألم لفراقه.
علقت والدتها قبل سفرها قائلة " عزيزتي , لقد اصبحت نحيلة جدا وتبدين منهكة اليس كذلك ياهيلين ؟"
رأت ناتاشا عمتها تنظر اليها من فوق رأي والدتها وهي تقول كي تنقذها بطريقة ذكية " من المتوقع ذلك لأنها تجهد نفسها في العمل "
وتابعت مغيرة مجرى الحديث " آمل ان اكون مخطئة , لكن ان ايما ستجعلني جدة , فلقد لمحت الى ذلك في رسالتها الأخيرة"
اعترضت والدة ناتاشا قائلة " ليس بهذه السرعة بالتأكيد ..كنت اظن ان ايما وريتشارد ينويان الانتظار فهذا ماوضحه ريتشارد "
" يبدو ان لإيما افكارا اخرى , فمتى كانت تريد الانتظار لاي شيء" قالت هيلين بجفاف " إيما سيكون لها طفل ..ليس أي طفل , بل طفل من الرجل الذي تحب .. "تحرك شيء داخل ناتاشا, ليس الحسد بالطبع , لكن توق دون أمل لشيء تعرف تماما انه لن يكون.منتديات ليلاس
كانت تفكر بلوك عندما حطت الطائرة في فلورنسا ومتى توقفت عن التفكير به ؟ لقد اصبح هاجسا يسيطر عليها.منتديات ليلاس
ورحب بها في فلورنسا فهي قدمت للتعامل معهم.. واعجبوا بخبرتها ومعرفتها , لقد كانت ابنة ابيها , كانت الدعوات الى الغداء والعشاء توجه لها دائما , وكانت عائلات من تعاقدت معهم ترحب بها ويعاملونها كأنها قريبة لهم.

إنها جميلة وشابة, لكنها حزينة قليلا , وهي شيء لاحظه الايطاليون بخاصة الفلورنسيون فهم مشهورون بميراثهم المتوسطي في العواطف و الحنان..
وفي إحدى المرات في الصالة في منزل احد معارف والدها القدماء , مجلة نصف مفتوحة على الكنبة فذهبت تلتقطها , ولفت نظرهت مباشرة وجه لوك يحدق بها.
القت المجلة من يدها وكأنها احترقت وشحب وجهها ثم احمر , وغشيت عيناها عاطفة معينة..
شاهدت مضيفتها وهي ام لأربع بنات وصبي ماحدث , واخذت ناتاشا بعيدا بحجة انها ستريها بعض الستائر التي صنعتها بنفسها, فحاولت ناتاشا ان تلم شتات نفسها وتبدو هادئة وطبيعية لكن عند مغادرتها المنزل وجدت نفسها تتهور وتطلب ان تستعير المجلة ..
وفي غرفتها في الفندق اخذت تقرأ المقال بشوق وكأنه أكسير الحياة .. كان الكاتب يطري موهبة لوك الرسام , ويلمح بأنه قد تلقى الآن الرعاية الملكية , ثم سأل عدة اسئلة عن الرسم والفن... وبقيت ناتاشا طوال الليل تتخيل لوك.منتديات ليلاس
بقيت في فلورنسا لمدة شهر تقريبا.. عملت بجد الى ان اكملت مهمتها وفقا لماخططت , كما انها اكتشفت مصادر جديدة لتزويدها بالأقمشة .. وواست نفسها بأنها وإن لم تكن ناجحة جدا في عملها .
عادت من سفرها في يوم بارد ووجدت بانتظارها رسالة من ليو يطلب منها الحضور الى العزبة فقد وصلت اول دفعة من ستائر غرف النوم من مصنع والدها , ويريد ان تكون ناتاشا موجودة كي تشرف على مهمة تعليقها .
اثارتها هذه الأخبار .. وادهشها انه قد مضى الى الآن حوالي ستة اسابيع تقريبا منذ ان رأت لوك لآخر مرة .. ستة اسابيع لا تزال في ذاكرتها وكأنها الأمس .. لماذا لا تقوم بما يفيدها .. وهو ان تمحوه من ذاكرتها وتنسى معرفتها به؟ لأنها حمقاء..