كاتب الموضوع :
روتيلا
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: الباسمة
هذا فؤادي فامتلك أمرَهُ واظلمهُ إن أحببت أو فاعدِل
بخلتُ قبل اليوم عن بذله وفي سوى قلبي لم أبخل
لأنني أخشى انعدام الوفا لدى حبيبٍ فيّ .. لم يشغل
وأكره التسيار في روضةٍ إن لم يكن خطوي في الأوّل
لكنني .. بعدك يا فاتني أصبحتُ عن كبري في معزل
وبات قلبي بعد تيهِ الهوى أسيرَ حبّ في هواك ابتُلي
كل الذي يرجوه من عمرهِ رجعُ صدىً من شدوكَ المرسل
لو شُغِلَ الناسُ بما في الدّنا لم يُعْنَ إلا بكَ، أو يُشغَل
عبدالله الفيصل
الفصل الثامن
انتفض هارون صارخاً : أين كنتِ يا أمي
تجلس وهي تخلع حجابها لتعيد على مسامعه ما قالت : كنت عند أختي اتفق معها على زواجك من ليلى
مال بجسده العريض ناحية أمه وهو يجز على اسنانه بغضب : تتفقي على زواجي من أخرى دون استشارتي وقبل حتى أن اتمم زواجي من الباسمة ..
أراحت رأسها للخلف ببرود : كنت أدري إنك ستتراجع لذا فقد انهيت الأمر حتى تلتزم بكلمتك
إستقام واقفاً واضعا يديه بجيبي بنطاله : نعم عندك حق أنا فعلا كنت سأتراجع.. بل أنا تراجعت فعلا .. وتخيلي تراجعت متى بنفس اللحظة التي لم أعطيكِ فيه وعداً ..ها أنا صارحتك اخبريني الأن كيف ستصلحي الأمر دون أن تخسري أختك
أحمر وجه إعتماد الأبيض بشدة حتى أثارت قلق هارون عليها وهمهمت : كنت أعرف.. كل تصرفاتك تخبرني أنها سرقتك مني ..سرقت ابني الوحيد
تنهد كاتماً غضبه و ركع أمامها وهو يمسك يديها بلطف وبهدوء: أمي لم يسرقني أحد منك غلاوتك بقلبي لن يمسها أحد ..
ارتجفت يديها بين يدي ابنها الوحيد وهي تبكي : ستبعدك عني ..ستفعل كما فعلت أمها بجدتك صباح
مسح بيديه دموعها : لا حبيبتي لن يحدث يوماً ..
ثم أنا مرتبط بعملي وليس حر كما عمي حسن تأكدي من ذلك ...
لو تحبي أن تكون حياتنا مشتركة ولا نصعد لشقتنا إلا للنوم لكي ما تريدين ...أو حتى يمكننا تجهيز غرفتي هنا ماذا قلتِ
قبلت رأس وحيدها هامسه بصوت مبحوح : لن توافق
جلس بجانبها وهو يأخذها بحضنه : سوف أطلب منها ذلك وأنا أكيد ان الباسمة لن ترفض طلبي ..هل هكذا تكوني راضية
قاطع حوارهم طرقات على الباب المفتوح جزئياً كحال بيوت الريف العائلية ..
فذهب يفتح الباب ليفاجئ بليلى ابنة خالته
كانت تعصر يديها بشدة محمرة الخدين وهمست بخجل يصاحب حديثها دوماً بابن خالتها الذي كانت تعده الأخ الأكبر لأعوام كثيرة ماضية
:أ.. أريد... الحديث معك
تقدمها هارون بضيق يخشى من تفاصيل الحوار الذي قد يسمعه بسبب تسرع أمه
:طبعاً تفضلي
سلمت على خالتها التي وقفت لاستقبالها
: الحمدلله أنك موجودة خالتي ليكون حديثي أمامك ..
جلست اعتماد بقلق واضح: اجلسِ حبيبتي
ظلت واقفة تدير رأسها لخالتها دون أن تستطيع أن تواجه هارون : لا داعي خالتي ..هناك فقط كلام أريد قوله ..أ.أ نااا..
اقترب هارون منها يواجهها بنظرات لطيفه مهدئة: ما الأمر يا صغيرتي ..هل كل أمورك بخير ..
ظلت تعصر يديها وهي تحبس أنفاسها تحدث نفسها كيف فكرت يوماً أن توافق على الزواج من شخص تشعر نحوه بكل تلك الرهبة ..
أغمضت عينيها بخوف واضح ثم أطلقت كلماتها دون توقف وهي تنهت بقوة ..هي صاحبة حق ولن تتنازل عنه ابداً واجهت مجتمعها من أجل رغبتها بالأمومه ولن تخاف من مواجهة ابن خالتها
: لن أكون يا ابن خالتي تلك المرأة التي تأخذ حق ليس حقها ...عندما انفصلت عن زوجي السابق كنت أخذ حق من حقوقي وأجنبه خيبة أمل عندما أذكره دون أن أعي حبي للأطفال ..أنا لست أثمة أنا أخذت فقط حقي ..وهذا الحق الذي انتزعته انتزاعاً هو نفسه الذي يوقفني عندما يتلامس مع حقوق الأخرين ..
صحيح بسمة لم تكن صديقتي يوماً ولكن بمجرد أن أصبحت زوجتك أصبحت بمنزلة رباب عندي ..اعتذر يا ابن خالتي أرفض طلبك وأتمنى أن نظل دائماً أهل وعائلة تساند بعضها بعض بكل وقت وكل زمان ..
بعد قولها هرولت ليلى خارجاً وتركته واقفاً ينظر بأسى ظاهر على ملامحه أجاد رسمه تجاوره أمه التي استقامت شاهقة بينما الباب يغلق ...
رفع رأسه للسماء حامداً الله على عقل ابنة خالته الكبير الذي جنبهم الكثير من الإحراج أخذاً نفس عميق وأدار جسده بكامله ناحية أمه ناظراً لها من علو
:اتركيها أمي تعتقد إنها من رفضتني
تمالكت اعتماد نفسها : لماذا ..حتى ولو ابنة أختي من هي حتى ترفضك
زمجر جازاً على أسنانة : أمي
نظرت له أمه بعتاب صامت فتمالك نفسه : أمي يا حبيبة قلبي اتركي ليلى تعتقد أنها من رفضتني فأنا رجل لن تهزني كلمة رفض بينما هي رقيقة لدرجة قد تنهار وتفقد ثقتها بنفسها وبالنهاية أنتم من وضعتم برأسها تلك التفاهات وليس أنا من أوحيت لها بالفكرة فأقل تقدير من ناحيتك جهتها أن تتركيها تتنعم بكلمات رفض لن تنتقص من رجولة ابنك كما أنه بالنهاية فائدة للجميع وحفاظاً على العلاقة العائلية بيننا وخاصة هشام ورباب وأنتِ أيضاً ..
حركت اعتماد رأسها بنعم بامتعاض هامسة : وأنا ما الفائدة التي ستعود علي
يضحك هارون مقبلاً رأسها : تستطيعي كل مرة تجالسي بها أختك إحسان أن تمارسي عليها ضغوط وهمية فتحصلي على مساعدتها لك بصناعة خبزك الطري اللذيذ بسهولة وغيرها من الأمور التي كانت تجيدها وتمن عليك بها دون تأخير ما رأيك حبيبتي
تضحك اعتماد حاضنة ما طالته بقامتها القصيرة من قامة ابنها الطويلة : لا يوجد أحد بالدنيا كلها يجيد إقناعي وإدارة عقلي سواك يا رجلي الصغير
يضحك هارون مشيراً لطولة المميز : الصغير كل ذلك والصغير ..
ابتعدت عنه قليلاً ناظرة لعينيه رافعة حاجب واحد
: هذا لا يعني تغيير رأي السابق وأنا عند كلمتي ..لا تتذاكى على أمك يا ابن علي
ثم تركته بمكانه فترة ينظر لانصرافها وهو يشعر بالذهول من تصرفات أمه وكلامها
أه.. يا أمي.. أه ..لا أريد أن أقسو عليكِ وأنتِ تضعيني بكل مرة بموقف الاختيار بين ارضاء ربي بإرضاءك وبين الحق ..
تسيطري وتتمسكي برأيك وترفضي مشاركة أي أنثى بحياتي بحجة سيطرتهم على ابنك ..
ابنها الذي يفوقهم جميعاً طولاً وعرضاً ويخاف منه كل من يعمل معه أو يصادفه الحظ السيء ويخطئ أمامه ..كيف أكون بار بكِ وأنتِ لا تتنازلي أبداً ..
يا إلهي إلهمني الصبر عليها والحكمة لتصريف أموري دون جرحها ..
اتجه لشقة عمه في محاولة لإرضاء أمه لتغض الطرف مستقبلاً عن الأمور الهامة ويقلل من تملكها المرضي به ..فمن وجهة نظره أن أمر كمشاركتهم الحياة الأسرية مع أبيه وأمه وخاصة مع سفر رباب هو أمر مستساغ ومقبول ما دامت ستكون للباسمة شقة منفصلة تستطيع اللجوء لها مساءًا بينما تقضي النهار بعملها وبعد عودتها بشقة والديه وخاصة إن عمله يحتاج منه أحياناً المبيت أو الغياب فترات طويلة ..
بالنهاية لن يكون أقل جرأة من الباسمة التي طلبت منه الزواج لصالح صحة أبيها ..
نعم هذا هو الحل الأمثل الأن ..لابد أن ترضى ..
,,,,,,,,
دلفت لغرفتها وهي تعقد شالها الحريري الصغير على رأسها لتصدم بجلسة زوجها على طرف الفراش سانداً بمرفقيه على ركبتيه وواضعاً رأسه بين كفيه ..
لا يتخيل يوماً إنه قد يسمع ما سمع ..
عاد من رحلة شرائه لبعض السلع التي يحتاجها متجره ليرتاح قليلاً قبل صلاة العصر
ويا ليته لم يعد وليته ما سمع
وصلها صوته المكتوم : لهذه الدرجة وصل بكِ الجبروت ..لهذه الدرجة أوصلتك بحبي لكِ للأنانية
وكأنها لم تسمعه صعدت على الفراش وجلست عاقدة يديها ومحركتاً جذعها للأمام والخلف
: حبك ..عن أي حب تتحدث ... عندما تركتني صغيرة بالكاد اكملت الثمانية عشر عاماً تحت رحمة أمك الغير رحيمة وسافرت ..تحملت سنين طويلة لم أكن أراك فيها إلا شهر كل عام ..خسرت أبنائي واحداً يلي الأخر وأنت بعيد عني .. كنت خادمة بهذا البيت في حين أمال لم يرضى لها حسن بالخدمة بحجة إن لكل منا شقته وأمكم اختارت الإقامة عندي لسفرك
عض على نواجذه بغضب : لا تذكريها بسوء أمامي ..
اشاحت بيدها ناظرة لعمق عينه: لن نذكر صاحبة العصمة بسوء أمامك ..
أتعتقد أنني وافقت على زواج رباب وسفرها لأنك أمرت لا والله بل لأنها سافرت مع زوجها فلن أكون اعتماد التي عانت الأمرين وتجعل وحيدتها تعاني مثلها وتعيش وحيدة هنا بينما زوجها يسافر ويعود لها كل عام فلا تعيش عمرها ولا تعيش حبها ..ثم ما مشكلتك مع ما سمعت ..إنه ابنك الوحيد قرة أعينا الذي أحافظ له على مستقبله واضمن له الحصول على الذرية .. هل أخطأت أم لأنها ابنة أخيك
:ولازلتِ تسألي يا اعتماد .. ثم ألم تفكري بأن العيب من ابنك فزوجته السابقة أنجبت بدل الواحد اثنين
: لا أنا متأكدة
: وكيف تأكدتي
نظرت له رافعة حاجبها الأيسر وهي تميل بفمها المزموم جانباً ثم أمالت برأسها ليدرك فوراً أن زوجته العزيزة لابد وأن تعتمد على قدراتها الفذة والتي تتلخص بالتصنت
:لكن متى وكيف عرفتي
: قبل انفصالهم بوقت قليل سمعت نجلاء تحدث أختها إنها لم تترك حبوب منع الحمل بعد تمعنها في التطاول علي أنا بما لا استحق وتتهمني زوراً إني أتدخل بحياتهم الزوجية وإنها ستحرمني من الحفيد الذي أموت شوقاً له ..تلك ناكرة الجميل التي كان هارون يتركها ببيت اهلها طوال سفره وتعود عندما يحصل على عطلته ..تلك التي كان يجلسها بشقتها ولا يرضى أن تنزل حتى لتجتمع معنا بسهرة تجلس فيها أميرة ونحن نخدمها ..
هل عرفت ..سمعتهم دون قصد مني ..
هكذا صدفة ..
وهل كنت تعتقد إنها رفضت كل حقوقها كرم منها صحيح
: لا حول ولاقوة إلا بالله ..ألن تكفِ عن تلك العادة
: لا يهم
:اتقِ الله يا اعتماد بابنة اخي أنتِ لديك ابنه ترتجي سعادتها
أشاحت بيديها عالياً بغضب : الله أكبر ..لماذا تذكر ابنتك الأن وهل تقارنها ببسمة
انتفض مبتعداً عنها وهو يكاد يجن من أفعالها : لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ..
لو كنتِ تتخيلي إنه سيكون بمقدورك إذاء بسمة وأنا حي يرزق تكوني واهمة ..
إذا كنتِ تتخيلي إن هارون الرجل الذي أعرفه جيداً ابني الذي ربيته سيظل للنهاية مراعي لكِ تكوني أكثر وهماً ..نصيحة مني لا تخسري ابنك
سأذهب للصلاة ..
وتركها مع نفسها التي لازالت توهمها بصواب فعلها فهي تتذكر جيداً عندما أخذ حسن زوجته وابنته وسافر للعاصمة ليترك الجدة التي كانت متعلقة بأولادها لتصاب بالضعف والمرض بعدها حتى توفاها الله ..لا تريد ان يحدث لها ما حدث لأم زوجها تعتقد جدياً أن حسن اشترى خاطر زوجته على خاطر أمه ..وأن بسمة ستكون كأمها تجعل هارون يهاجر مثل عمه ..
وما أسهل من أن يترك الرجل الدنيا وما فيها من أجل من يحب
......
فرحة تلك التي أصابت قلبها فجعلته يرقص ويغني طرباً على أنغام دقاته ..
فرحة تلك التي تجعلها بالمطبخ تحضر القهوة لوالدها التي تمنعها عنه من يوم عرفت بمرضه
فقررت أن اليوم عادت لتنظر للدنيا بمنظارها الوردي وأن هارون كان صادق بكل كلمة عن تطلعه لحياة زوجية سوية معها ..
لم تؤنب نفسها عن سمعاها عرضاً لجملة واحدة وهرولت بعدها لا ترغب بالمزيد وهي تكاد ترقص على السلم عائدة لشقتها ..
كانت سعيدة بل تكاد تطير فرحاً عندما هاتفت طبيب أبيها الذي وعدها بإخبارها بنتيجة المقارنة بين صورتي الأشعة التي أجراها أبيها قبل وبعد العلاج ليخبرها إن الورم أصبح أقل حجماً لتطير على هارون الذي سمعت صوته عند عمها ليفرحوا جميعاً معها ..
والحمد لله سمعت قبل أن تطرق الباب بثانية واحدة الجملة التي أعادت لها الحياة
سمعت توبيخ هارون لأمه ورفضه لمخططها ..
الحمد لله ..الأن أبدأ حياتي مع زوجي على أساس صحيح دون خجل من طلبي أو إحساس بإنه كان بباله أخرى ..الأن صدقته
,,,,,,,,,,,,,,,,
ما السر فيكِ....
يهواكِ الناس يا قهوة وأنتِ بالمر نسميكِ..
هل لونك عيون معذبته أم أنتِ فقط تسليه...
أم حرارتك تلك أنفاسها فيرتشفها حتى ترويه ..
أم خطوط يدها على جدران قدحك تتركيها فتوهميه ...
فيعيد الكره ويطلبها وتكون إدمان لمحبيه....
R.H. ..
أخذ كوب القهوة الصغير الذي لا يملئ بالكاد نصفه من شراب القهوة الساخن وهو يشرب منه بعشق لمذاقها
: بخيلة ..فقط رشفتين زيديهم قليلاً حبيبتي
أخذت منه الكوب وهي تبتعد ضاحكة : لأنك تنعتني بالبخيلة فسأشربهم أنا وانتظر حتى أنسى كلمتك لتحصل على أخرى ..
فوجئت بهارون الذي جاء من خلفها وأحاطها بيديه دون لمسها ساحباً منها الكوب
وارتشف بتلذذ وهو يبدي إعجابه : أمممم لذيذ ...
ثم همس لها : هل شربت من مكانك العسل
كتمت الباسمة ضحكتها وهي تنظر له من أعلى كتفها هامسه : بل شربت مكان عمك ....
ضحك حسن فرحاً من رؤية تقارب ابنته من زوجها : وهل تلك التي تصنعها الباسمة لذيذة ..أه لو كنت شربت التي تصنعها أمال أو جدتك صباح على الشعلة النحاسية الصغيرة
ردت الباسمة ساخرة : أنتم جيل معقد جعلتم من عمل قدح بسيط من القهوة مهمة معقدة
يضحك حسن عالياً : وأنتم جيل كقهوتكم سريعة التحضير لا طعم ولا رائحة
هارون باستمتاع هامساً لها : وإنتِ جعلتي شربها مهمة ممتعه تحدثني نفسي تذوقها من شفتيك
خجلت الباسمة من قربه ووقفته التي لم يغيرها وراء ظهرها وهمساته الوقحه فضربته بمرفقها بخفية كما تعتقد عن والدها فتألم بصورة مبالغ فيها ليضيق حسن بين عينيه كاتماً ضحكته : ما بك بني
جلس هارون بجانب عمه : هل يرضيك يا عمي أطلب من زوجتي كوب من القهوة وترفض
شهقت الباسمة : أبداً يا أبي
غمز هارون لها بعينه : إن لم أكن طلبت منك القهوة فماذا كنت أطلب
نظرت له بضيق مغمغمة بغضب :وقح
ثم ابتسمت ببرود : بل طلبتها وسأذهب لإعدادها
استغل هارون خروج الباسمة ونظر لعمه بهدوء
: عمي هناك أمر أريد رأيك فيه
: تفضل بني أسمعك
: أمي عاشت عمرها تفعل كل ما تقدر عليه لتسعدنا ..لا استطيع أن أتناسى فضلها بسنوات غياب أبي وأنت أيضاً تعلم تعلقها بي ..وعندها رجاء طلبته مني ولم استطع الرد عليها قبل أن أخبرك به وأخذ موافقتك وموافقة الباسمة أيضاً
دخلت الباسمة واضعة صينية القهوة على الطاولة أمام هارون وهي تسمع استرساله في عرض طلبه فالتفتت برجاء لوالدها خفية عن هارون أن يرفض ولكنه لم يلتفت إليها بل قال : كما قلت يا هارون عملك وغيابك أو سهرك سيجعل الباسمة معظم الوقت بمفردها فلما لا ..
لتنظر له الباسمة تفتح فمها وتغلق كأنها تستجدي الهواء فأخر أحلامها أن تشارك بحياتها وخصوصيتها مع الأخرين ...
لينظر لها هارون بهدوء منتظراً اجابتها : باسمة
نظرت له بحيرة وغضب فهي ليست غبية لتفهم إنه أراد بإثارة الأمر أمام أبيها الحصول على موافقتها دون مناقشة فهو يعلم تماماً أن عمه بظروفه الحالية لا يريد مشاكل مع اعتماد
فقالت بهدوء: لكن أنت تعلم رعايتي لأبي وعملي فما الداعي لذلك ..
حاورها بهدوء : هذا أدعى لتلبية رغبة أمي فهي ستجعلك تتفرغي لعمي في حين ستتولى هي إعداد الطعام وغيره من أمور المنزل التي لا تكوني متفرغة لها
: لكني حاليا أقوم بتلك الامور بنظام جيد ولا ..
يقاطعها والدها بصرامة وهو عاقد جبينه : أنه أمر بسيط يا باسمة وفيه ارضاء لوالدة زوجك والتي في نفس الوقت زوجة عمك ومن واجبك تشجيع زوجك على بر والديه ..أليس كذلك
صمتت الباسمة وهي تنظر ليديها التي عقدتهم بحزن أمام صدرها تحت انظار هارون الذي كان يمنحها الاختيار بإسلوب ماكر حتى توافق بنفسها فهو يفعل ذلك ليضمن هدوء حياتهم الزوجية بالمستقبل ويجنبها المشاكل مع أمه
همست بحزن وبحروف خرجت ضعيفة : موافقة
لم تتاح الفرصة امام هارون ان يحدثها عندما قامت لتستجيب لدقات الباب ليتفاجئ بدخول اعتماد برباط رأسها المعقود على جبينها بشدة وعيونها الحمراء من البكاء وجلست بمقعد قريب من فراش حسن بينما يتبعها علي الذي جلس بجانب أخيه بعد السلام عليه
ليتحدث حسن بهدوء : يا أم هارون ..كل ما يرضيكِ ستفعله الباسمة بنفس راضية هي ابنتك كما علي أبوها وأنا وضعتها بأمانتكم ..
ليقاطعه علي الذي يرفض ما اتفقوا عليه : لا داعي يا أخي الباسمة بشقتها التي تعلونا ونحن جميعاً حولها
تدخل هارون الذي وقف بجانب الباسمة : الباسمة وافقت يا أبي
فتقف إعتماد فرحة وتأخذ الباسمة التي انحنت لتطالها حماتها لتحضنها وتقبلها : حقاً حبيبتي ..
أرأيت يا علي لقد وافقت حبيبة قلبي ..
ثم نظرت لحسن : تأكد إنها ستكون بمنزلة رباب عندي وكل أمور البيت ستكون مسئوليتي حتى تتفرغ لعملها ولك ..
وتضحك غامزة لهارون فتجلب الخجل وحمرة الخد للباسمة وضحك الأخين : وأيضاً تتفرغ لحمل أحفادي ..أليس كذلك يا هارون
ما دار بعد ذلك من اتفاقات حول حفلة العرس كان المتحدث فيها اعتماد وحدها والجميع بحالة وجوم أو انصات حذر حتى وصلت للحديث عن فستان العرس
: فستان ليلى كان جميل سأحضره لكِ غداً تقيسيه ونعطيه لخياط جيد يضيقه قليلاً فنحافتك لم أرى مثلها ..
شعر باشتداد قبضة الباسمة بجانبه وتحفزها للرد على كلام أمه الغير منطقي ليتحدث بهدوء
: بالعكس أنا أرى أن تأجير الفستان كما فعلت رباب أفضل و أصبح متعارف عليه حالياً ومنه تختار ما يناسبها فوراً لأن الوقت ضيق ..
ثم نظر للباسمة بابتسامه حانية : غداً إن شاء الله سأكون بانتظارك بعد مواعيد العمل لنذهب معاً لسوق المدينة القريبة لنختار واحداً ما رأيك
حركت له رأسها بنعم دون كلام فضاق صدره لرؤيتها لا تنطق الحروف ولو بتلكؤ عندما تضطرب فصمتها كان نابع من حزن وليس خجل كما قد يتخيل الأخرون ..صبر نفسه إنه سيحاول مراضاتها مستقبلاً تقطع أفكاره رؤيته لتنهيدتها الحزينة عندما سمع أمه تسترسل بمخطاطتها عن حفلة العرس الضيقة المعالم حتى تكاد تكون صادمة لفتاة تحتفل بعرسها لأول مرة ليتدخل مرة أخرى بصوته القوي دون أن يحيد بنظرة عن ثغر الباسمة الذي ابتسم اخيراً عندما سمعته يقول : حجزت لعرسنا قاعة الاحتفالات بنادي الشرطة وانتهى ...
بعد ما فعله هارون وقاله لم تستطع إلا أن تقابل ابتسامته المطمئنة بأخرى راضية فهي ترى أن تنازلها بمشاركة الحياة مع عائلة زوجها كما هو معروف بقريتهم أمر بسيط أمام ذوق هارون وحرصه على فرحتها وارضائها بالأمور الأخرى ..
وبالنهاية عائلته هو عمها الحبيب...
وزوجته اعتماد....
الغيورة على ابنها ....
نهاية الفصل الثامن
==================================
بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا ﴿٢٣﴾ وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا ﴿٢٤﴾
صدق الله العظيم
سورة الإسراء
لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن الصلاة
لا أبيح ولا أحلل نقل الباسمة دون الرجوع لي
اللهم بلغت اللهم فاشهد
|