لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-04-18, 04:10 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 

كده خلصنا اول 9 فصول
اخرجوووووا عن صمتكم شوي 🙈🙈

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 25-04-18, 11:41 AM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2010
العضوية: 185951
المشاركات: 239
الجنس أنثى
معدل التقييم: ناي محمد عضو على طريق الابداعناي محمد عضو على طريق الابداعناي محمد عضو على طريق الابداعناي محمد عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 381

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ناي محمد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 

لكم منى ألف تحيه ومحبه

 
 

 

عرض البوم صور ناي محمد   رد مع اقتباس
قديم 25-04-18, 09:28 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 



الفصل العاشر

نحن لا نتعلم بالنصيحة ، نتعلم بالوجع
جبران خليل جبران
***
اصبر ك يوسف اذ صحت نبوءته فى حلمه بالتلاقى بعد اعوام
مرت به سنوات الشوق منتظرا وانا ذبت اشتياقا بعد ايام <3
قّبَل الهوى جبين الفقد .... فراق حتى أشعارٍ أخر
لا أخشى سوى من اُحِب...لذا اُربك الحياة عندما أهبها أشيائى القيمة ببرود
مُتطرف أنا .. ك قلبا لا قرار له لم يخلق فى المُنتصف ,بل منحازُ لجهة
كل حياتي مرسومة بالممحاة..كأنما قُدر علىّ أن أقف دائما في صف الخطأ
كأنّك يا نفسُ علِمتَ بإفتقادِ سمعي لسُمِّ كلامك فأتيتَ ..على حين غِرة
مُحطم لألف قِطعة وكلما حاولتُ جمعي أجرحني
.مُرددآ ضَمِيرِي أَسْوَدّ لِأَيَسْقُطُ أَبَدًا ,,مُتَلَبِّس انا بِضَمِيرٍ خَبِيثْ...لن أعفو حتى يُقتص لىّ
حرفيآ,,
أذا وقعت ذبيحآ تكاثرت بك الطعنات من حيث لا تدرى
وتحول الجمع الى نصل حاد مُسرعآ نحوك لِيُضرب له بسهمٍ فيك
أترقب هناك فى تلك الزاويه المُظلمه ...من يطوف بقلبى وألوح للراحلين ب أبتسامه
قد أقذف بضع سطور من نص سئ كمن يُكِيلُ اللكمات
ثُم أمر بك وقد أصبحتُ خاليآ ,,كأن كل ما كان ماكان
سنون عجاف كن لها يوسفيآ أرمى على العميان قمصانآ ليرتد هذا الضلال الآعمى بصيرآ :)
كُن ذاكَ النُّور المُتسكعُ بينَ ضِفافِ رَوحِك المُتعبة كُن طيف ظلالٍ لذاتك
غائبتى ,,,,
مَـحْـكُومٌ عَـليْـكِ بِـ عِـنَـاق ، وبِـقُوة ٧ رِخْـتَر
قدر الله أن تكون كثيرا في قلبي ♡ خشيةَ هروب آخر قطرةِ نُور منى
#ثرثرة <3 ♥
إهداء الغالية : لمياء

............................................................ ........................................................

_ رغم أنى متعاملتش مع زهور أوى .. لكن قدرت أقول أنها قوية ، أقوى منى أنا شخصيا .. فيها حاجة تجذب وتريح فى نفس الوقت ..
زهور وهى بتقول أنها هترجع لجوزها شوفت فى عينها إصرار كبير .. مش متأكدة إذا كان الاصرار ده علشان تعرف الحقيقة ولا علشان تغير زوجها ، لكن شوفت الحب اللى مش ممكن أجهله .
صمتت مبتسمة برقة لتجده يدقق النظر لها ، ليقول بالأخير متعجبا :
_ أزاى قدرتى تفهمى كل ده من مجرد لحظات .
_ مش محتاج تعرف حد لسنين علشان تفسر نظرته .
أخفض ناظريه بوجوم .. بينما كانت تراقب إنفعالات وجهه بقلق متسائلة عن ذلك الضيق الذى بدا جليا على ملامح .
لتجده قد رفع رأسه فجأة ليقول بحسم قاطع :
_ حياتنا مش هتستمر كده .
عقدت حاجبيها بتعجب ، لتتسع عينيها بصدمة وتراودها الظنون القاتلة التى شغلت بالها طويلا .. فهمست بصوتا متحشرج :
_ تقصد إيه ؟ ... ها .. هنطلق ؟
عقد حاجبيه بذهول مصدوما من تلك الكلمة .. طلاق !!
هو ابدا لم يفكر بهذا الخيار الصعب .. مجرد خاطرة الأمر لم تمرق على باله
طلاق .. كيف خطر على بالها ذلك الظن ؟ .. هل تتخيل بأن سيتخلى عنها .. هل حقا تراه كذلك .. أم تصدق بأن زواجهما مؤقت من أجل ردع ابن عمها كمال !!
نهاد لم تعد الفتاة التى إقتحمت حياته بالقوة لتستولى على اسمه ، بل اصبحت شخصه الملاذم لذاته .. فكيف يفكر بأن يتخلى عنها وهو يجدها الأقرب إليه من ذاته !!
نهاد هى من أعادت له الاحساس بأنه السند والدعم لأحدهم ، بعدما أكتشف أنه لم يكن كذلك مع أخته .
أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول بنبرة قوية حملت حزم بين أحرف كلماتها :
_ مفيش طلاق يا نهاد ، أنتِ مراتى .. وأيا كان سبب الجواز .
حياتنا لازم تتغير بأننا نقرب من بعض وكأننا مكتوب كتابنا ، بعدها نعمل فرح كبير يليق بيكِ وتكونى عروسة حلوة فرحانة .. وأكون أنا العريس وألبس البدلة المعلقة جوه من سنتين دى ..
وقبل كل ده لازم نتفاهم مع عيلتك .
قال كلمته الأخيرة ببطئ ليوصل الرسالة ..
بينما كانت تشعر بكلامه كأوراق الزهور الندية ، ملمسها ناعم ورائحتها منعشة .. لكن ما لم يكن بالحسبان تلك العبارة الاخيرة .. تفاهم مع عائلتها !!
مع عمها وابنه كمال الذى كاد يغتصبها !!
لتهرب منه وتلجأت لسيف ليتزوجها !!
وكان سيف يعرف حينها بأن ابن عمها قد تهجم عليها !!
لا تزال تلك النقطة تؤرقها كلما تذكرت ، فكيف علم ما حدث معها ؟ ... وهل تعرض كمال لسيف بشئ ؟
كانت كالتائهة فى متاهة الغابة ، لا تعلم كيف الخلاص والهروب منها .. ولا تعلم كيف تستسلم لها .
بينما كان لاحظ بضيق شحوب وجهها وإشاحتها عنه ، لقد كانت خلال كلامه عنهما تنظر إليه بعينين مشعتين متألقتين بفرحة .
وحين صدمها بعبارته الاخيرة وجدها تشحب بقوة وتبتعد عنه .

لم يستطع رؤية صراعاتها ويقف مكتف اليدين .. فجذبها من ذراعها لتستقر بين أحضانه بقوة معتصرا إياها بذراعيه العضلية ، ليهمس فى أذنها برقة أكتسحت خشونة صوته :
_ متخافيش .. أنا معاكِ .
"وأنا أريدك دائما معى"
همست بها لنفسها ولكنها لم تملك القدرة على قولها بلسانها وشفتيها المرتجفتين .
فتنهدت بصمت لتسمعه يكمل برفق وصوتا حزين :
_ اول مرة أحس فعلا أنى لوحدى ، كنت دايما حاسس بعيلتى جنبى .. بابا اللى كان سند ودعم ليا فى كل مواقف حياتى فجأة أختفى ، وأمى اللى كانت عمود صامد صامت فى البيت .. تعبت وأنهارت بعد موت بابا ، وأختى .. أختى اكتر واحدة كانت قريبة ليا ، كانت بنتى وأختى وطفلتى .. فجأة كبرت وبقيت بتختار وبتقرر لوحدها .. فجأة اتسربت منى ومبقيتش تعرفنى .
نظرتها ليا وقت ما أتخذت قرارها أنها ترجعله كسرتنى حسستنى أنى ضعيف وأنها أقوى منى ، أنها دفعت تمن غلط كبير لا أنا عارفه ولا عاوز اعرفه ...
نظرتها هى وحدها اللى خلتنى أبصل لحياتى تانى .
اسأل نفسى اللى بعمله صح ولا لأ ، وكنتِ أنتِ اول حاجة لقيت نفسى مقصر معاها .
حياتنا .. لا هى كانت حياتى وبس ، كنت مش ببصلك ولا بفكر فيكِ .. كان كل همى أتفوق فى الشغل الجديد وابنى مستقبلى اللى كنت علطول بجرى علشان ابنيه ودلوقتى حاسس انى مبنتش أى حاجة ..
لكن لما رجعت أفكر تانى ، لقيت أنك ملكيش ذنب تفضلى معايا .. سألت نفسى كتير .
هى بتحبنى ولا لأ ؟ .... هترضى تكمل معايا ولا لأ ؟ ... طب أنا عملتلها إيه علشان تكمل معايا وترضى بيا ؟؟
واسئلة كتير ملهاش جواب ، لكن نظرة واحدة لعينكِ عرفت كل الإجابات ... و وقتها قررت أننا لازم نغير حياتنا .

أنهى كلامه بهدوء ليرفع وجهها إليه بأصابعه برقة ، وينظر إلى عينيها الخضراء التى إرتبكت و وجنتيها اللآتى أخذن اللون الوردى الغامق ..
أبعدت وجهها عن مرمى نظره لتقول بتلعثم :
_ أنا هروح اساعد طنط فى ...
_ ماما .
قالها بثقة مبتسما ، لتقول بسعادة حاولت إخفائها :
_ أنا هروح .
أشار بيده تجاه الباب ورفع يديه بإستسلام لذيذ ، لتركض إلى الخارج .. بينما يقف مكانه متنهدا براحة .

............................................................ ........................................................

ضياع ..
فى عالم المخاوف يحكم عليكَ بالضياع
لتأخذك دوامة ساحقة لا مستقر لها
فماذا إن كان عالم الحب ممتزجا بالخوف والضياع .

كانت تحملق فى سقف الغرفة بشرود ، تسأل نفسها أما فعلت صحيح أم خاطئ ؟
من منهما الصحيح .. ومن يسير على درب الخطأ ؟
أغمضت عينها تسترجع ذكريات الدقائق الفائتة .

كانت تعيش تجربة آخرى بين ذراعيه ، للمرة الثانية ولكن بإختلاف شاسع .
ولكن بلحظة تبدل كل شيئ ، لا تعلم ماذا فعلت لتنال منه ذلك .. لتنال شعور الكره والغضب تجاه نفسها وهى تجده قد تركها ..
تركها مثلما تركها لك الليلة ، ولكن بإختلاف بسيط .. لتظل النتيجة واحدة .. غضب ، غضب يتجأجا بداخلها تجاهه وتجاه نفسها .
تشعر فى تلك اللحظة بأنها ستنفجر من شدة الغيظ والقهر .
قهر عاشقة تلاعب بها من عشقته .. قهر أنثى شعر بنفسها تتهادى جراء فعلته القذرة .
ترى نفسها الأن خائنة لكل مبادئها ، لكل وعودها التى قطعتها على نفسها بألا تستسلم .

ماذا تريد يا أدهم ؟
وما نهاية طريقنا ؟
اسئلة كثيرة ولكن دون إجابة شافية .
أنتفضت من شرودها حين فُتح باب الغرفة لتجلس بإعتدال فى سريرها وتعدل من وضع ثوب نومها القطنى الخفيف .
لتجد أدهم يدخل من باب الغرفة بإندفاع ليقف أمامها شاردا .
تأملت حاله بدهشةوإستنكار ، فقد كان قميصه الابيض المنمق مفتوح بفوضى غير عادية بالنسبة لإعتياداته فى التنمق ، وشعره المصفف دائما ناقد ذلك بتشعثه متنافرا بغضب كما كان حال عينيه التى اشتعل رمادها حارقا .
تلاقت نظراتهما أخيرا ، تلاقت نظرة العتاب بالأسف .. الحزن بالمواساة .. الغموض بالتسائل .. الحب بالحقد !!
أشاح عنه عندما شعرت بنظراته تزداد قساوة ، وكأنه يعاقبها خفية لشئ ما تجهله !
تحركت تفاحة آدم بغلظة بعدما أزدر ريقه الجاف ، ليقول لها بصوتا غريب :
_ بكره هنسافر البلد .
قطعا ولا مجال للتفكير !

حين الخوف يكون تشتت الإنتباه .
وهذا كان حالها وهى لا تعى سر خوفها الذى إتقد فجأة .
أهو لما ستلاقيه فى تلك البلد الغريبة ؟
ألم يكفها عمته وبناتها !!
لا بل وأيضا ستذهب إلى وكر الضباع بقدميها !
بلدته حيث دفنت قصة الماضى الغريبة !
التفتت له لتجده ينظر إليها بتركيز وكأنه علم ما تفكر به ، فقال ببرود هازئ :
_ متخفيش محدش هيقدر يتعرضلك .. أحنا رايحين علشان هدف معلوم .. قصة القتل !
نهضت لتسير بخطى ثابته نحوه ، لتقف على مقربة منه رافعة رأسها بإباء لتقول ببطئ حمل الثقة بين كلماته :
_ مش خايفة .. ولا هخاف ، لأنك معايا .. ووجودك بيريحنى .
أنهى كلامها بهمسٍ ناعم وكفها تستقر على صدره الذى إضطرب تحت وقع كلماتها ولمستها البريئة .
حينها لاقت عينيها عيناه فى إصرار تعجبه ، ولكنه حين وقع أسيرٌ عرف مبغاه ، فقط كان يفيه نظرة عيناها ليسلم حصونه ...
لم يعلم قط بأن العيون السوداء قد تحمل جاذبية مهلكة ، يكفى تلاعب حدقتيها ولمعانهم المثير ..
فإقترب الخطوة التى تفصلهما ، ليكونا أكثر قربا .. يضيع بحينيها .. وتأسره هى بقوة .. وحين علم بأنه سيسقط وسيضيع كل ما خطط له .. ابتعد ببطئ وهو يشيح عنها .
ليقول بغلظة حاولها فنجحت فى بعض الكلمات وغفلت عن الآخرى :
_ كنت فاكر أنى مصدر ألم وحزن ليكِ .. مش راحة وامان .
صمتت شاردة وصمت هو بالمقابل متأملا جمال ملامحها على الضوء الخافت بعدما خفضت عيناها التى أصبحت خطرا عليه .
لينتبه لها حين قاطعت الصمت بهمسها الخافت المتألم :
_ مشكلتك يا أدهم أنك علطول فاكر أنك أذكى من الكل فى اللعبة دى ..
أنتَ أذكى منى ومن بابا وأخويا ومن الكل ، دايما تاخد قراراتك لوحدك وبناء على فكرك وحساباتك لأى موضوع بتتخذ قرارك واحدك ..
شايف نفسك مصدر للألم والحزن .. طب إيه السبب اللى يخلينى أرجع ليكِ ؟
انتَ عارف كويس أن مفيش أى حاجة تردعنى عن اللى عوزاه .. ولو كنت مش عوزاك مكنتش هتقرب منى تانى .
أعرف بس يا أدهم أنى قريبة منك لأنى عاوزة ، ولأنك سبب لحجات كتير فى حياتى منها الحلو ومنها الوحش .
أشاح بنظره عنها فى آخر كلماتها ، لتبتسم وتلتفت إلى فراشها قائلة بهدوء :
_ بكره هكون جاهزة علشان نسافر .
أولته ظهرها بعدما دثرت نفسها جيدا ، ليقف أمام السرير ينظر إلى بلا تعبير .. لا يعرف أيتخذ الخطوة التالية معها الأن أم يتريس حتى يصل معها إلى بر الأمان .
رغم ما قالته الأن إلا أنها لم تعتب عليه ، لم تضرخ به وهى تتهمه بإهدار كرامته حين تراجع فجأة وسط عاصفة المشاعر التى جرفتهما .. لم تسبه وتخبره بأنه وغد بلا أخلاق ، لم تفعل ولم تقل .. إلا أنه رأى الألم والحيرة فى عينها حين دخل من باب الغرفة ..
تنهد بإرهاق ليجلس على طرف الفراش ، يراقبها بتمعن .. لم تكن قد خلدت للنوم وهو موقنا بهذا ولكنه أدعته او أرادت أن تنام .
إستلقى على الفراش ببطى ليعقد ذراعيه خلف رأسه على الوسادة ويوجه نظره إلى سقف الغرفة بشرود حتى سمع همسها الناعم :
_ مش قادر تنام ؟
لم تحد نظراته وظلت على جمودها تراقب السقف ، ولكنه أجاب بخفوت :
_ بفكر .
تابعت سؤاله بفضول راقه :
_ فى إيه ؟
أخذ نفسا عميقا قبل أن يلتفت له مسندا رأسه على ذراع واحدة .
_ إيه اللى جمعنا سوا .. وليه مكملين .. وهنفضل لإمتى مكملين.
أوقات بحس نفسى مظلوم فى كل حاجة ، فى بنت حاسس أنها تكملة لحياتى وكان نفسى أرتبط بيها إرتباط صادق .. أكون عيلة معاها وأحس بالأمان وسطهم ، وظلوم فى تعب سنين لسه بكمله على نفسى .. مظلوم فى أنى ألاقى حب من اللى حواليا بعد ما أتربيت على القسوة وسط ناس بيكرهونى .
وظالم فى اللى بعمله فى نفس البنت اللى شايف حياتى معاها ، وظالم فى قراراتى وأحكامى ... ظالم فى نظرة لأمى بتوجعها وبتحرقنى .
مبقتش عارف أنا ظالم ولا مظلوم !
نظر إلى عينيها بعدما صمت متنهدا بألم ، ليجدتها تلمع ببريق خاطف .. مع ابتسامة ارتسمت برقة على زاوية شفتيها .
امتدت يدها تداعب خصلات شعرها الطويلة ، بينما همست برقة إتسمت بالعذوبة :
_ قولتلك أنتَ بتحب تحكم على كل حاجة ومش بتدى لحد مجال أنه يساعدك ويستشيرك فى حكمك .
ده " وأشارت تجاه قلبه " صحيح أنه جاى من القضب الشمالى إلا أنه فيه مشاعر متضاربة ، محتاج اللى يساعده علشان يوصل لمعناها ..
اما ده " واشارت إلى عقله " محتاج خلال دورات فهم القلب يقف شوية عن التفكير .. يسلم الحرية للقلب .
اما لو أجتمعوا سوا .. هتلاقى نفسك ميزت نفسك ، فهمت هى عاوزة إيه .
أنهت كلامها مبتسمة برقة ... فجذبها من ذراعها لتستقر على صدره .. ليقول بالنهاية متنهدا :
_ تصبحى على خير .
............................................................ ........................................................

وحين يضيق بكَ الحال .. لمن تلجأ سوى لربك .
وقفت بإزدال الصلاة فى شرفة شقتها المتواضعة بعدما أنهت صلاتها الليلية ، لتناظر القمر المكتمل بدموعا متلألأة .
أليس لها من راحة البال والقلب نصيب ؟
لقد تعبت فى عشق من لم يعشقها !
أحبت مؤيد رغم كونه ينافر شخصية من حلمت به .. لم يكن أبدا ممن تفكر بهم ، ولكنها فجأة وجدت نفسها تحبه .
طفلها المدلل من منحها كل الاحاسيس السيئة تجاه نفسها وتجاهه العطف !
إرتباكه وخوفه عليها ، حتى فى كرهه لها كانت تحفظ قسمات وجهه داخل ذاكرتها .

غطت وجهها الندى بكفيها ، تسأل نفسها ما الخطوة القادمة ؟
عادت إلى عملها .. غلفت نفسها بحصون قوية .. عادت الى الواجهة المبتسمة ولكن بتحفظ ..
عادت ميساء ناقصة شيئا !
ولكن لا .. عادت مسياء ناقص و زائد ، زائد طفلا صغير بين أحشائها !!
عادت تحمل طفل مؤيد الذى أخذ يتعلق بها رغم ما فعلت الفترة الماضية .

رغم تماسكها أمام الجميع إلا أنها ظلت متألمة مجروحة ، وحين علمت بأنها تحمل طفلا كادت تجن .
تتذكر مرات عديدة كانت تقفز بقوة علها تنهى حياة جنينها ، وحين لم يفلح ذلك إبتاعة الحبوب المناسبة للمهمة .
ولكن فجأة وقبل أن تبتلع الحبتين ، وجدت رعشة تنتاب جسدها ، وصراعا ينشب بداخلها .. وكان الناتج بكاءا شديد وشعور بالشفقة على حالها .. وهى وحيدة بطفل ليس معها زوج أو أخ ..
لكن قدر هذا الطفل منعها مما كانت تنوى ، فأصر بقوة على البقاء والتمسك بها .. مطالبا إياها بتماسك مماثل !
وحينها فقط بدأت راحة خفية تتسلل إليها ، وإستسلام للأمر الواقع يداعب أهدابها .. لتصل إلى ما هى عليه الأن .
ميساء + طفل = قدر غير معلوم .

............................................................ ........................................................

تخطوا بنا الذكريات إلى طرقٍ لا نرغبها
ولكنها تجبرنا على خوض تجاربها مرة آخرى
بذكرى تلاصقت بصورة ونية خفية

طرق بقلمه مكتبه الاسود الفاحم المصنوع من خشب الزان المتين .. ليصدر القلم أصوات رتيبة لطرقات مكتومة .
بينما صاحب القلم يجلس على كرسيه الفخم واضعا قدمه على مكتبه ، ليستلقى محدقا بأرجاء الغرفة بلا هدف ، وعقله سابحا فى ملكوت آخر .
سابحا فى عالم كان له ملك وملكة !
هو وهى .. والسعادة ثالثهما .. والحب رابعهما والعشق فى طريقه إليهما .
مدللة كانت .. وكان يقابل دلالها بالعطاء حتى تفيض بحور عينيها رضا .. فيضحك هو سعيدا بما قدمه لها .
صريحة ومندفعة كانت ، ليأخذ على محمله تحذيرها أحيانا ، وأحيانا آخرى يتقبل بابتسامة لطيفة .
زوجته كانت ! ... بلى كانت ....

أنتفض من شروده على صوت باب المكتب يفتح ، لتدخل جدته رافعة الرأس بإباء امتاز به كل افراد عائلة الزهيرى ، لتسير بإعتدال متشبثة بعصاها الاسود الانيق ، لتجلس أمامه .
رمقته بنفس النظرة المترفعة المعتادة لتقول بهدوء وعملية :
_ أظن أن وقتك خلص هنا ولازم تسافر ألمانيا علشان أمور الشغل هناك متتوقفش .
لم يعدل من وضع جلوسه ، ليجدها تنظر إلى قدميه المرفوعة على المكتب بوجهها .
لتقول بصرامة وقوة ناقدت سنوات عمىها التى تتلاعب فى العقد الثامن :
_ أعتقد أننا علمناك أن الحركة دى قلة ذوق ، نزلت رجلك .
وكانت إجابته مجرد إلتواء ساخر لحاجبه الممتعض بينما لم يتأثر وجهه بأى إنفعال ليقوى هازئا :
_ مين أنتوا ؟ .. ومين قالك أنى أتعلمت منكم الاحترام ؟ ... أنتِ ناسية يا شهيرة هانم أن ملكة القصر هنا مش من وظائفها تربية العيال !
أنا أتربيت على إيد الخدم وابنى أهو بيكمل المسيرة ، ودى قواعد العائلات الراقية بتاعة زمن الخامسينات .
قابلت سخريته بأنفة وعزة نفس تحسد عليها لتقول بحزم ثابت :
_ مش موضوعنا يا أوس .. نزل رجلك وأقعد كويس فى كرسيك وأسمع الكلام اللى جايالك فيه .
إعتدل أخيرا فى جلسته ليسمع ما تقوله ويتخلص من أحاديثها الغير مهمة ، فقال بسخرية مبتسما :
_ ها أتفضلى يا شهيرة هانم .. كلى آذان صاغية .
وضعت شهيرة هانم قدما فوق قدم لتقول بكبرياء :
_ شركة A.S.D عاوزة تتعاقد مع شركتنا ، ومديرها ذات نفسه أتكلم معايا .. يعنى كان معرفة قديمة ، الشركة مش عاوزة مجرد عقد يجمع بينها .. هى عاوزة رابطة قوية بين الشركتين ، فرشحلى مالكها كريم القلنساوى أن ......
قطعها بحدة وسرعة :
_ انكم تعموا عقد جواز !!
طبعا ده رابط أكثر قوية .. وكريم القلنساوى عاوزنى لبنته سيرا القلنساوى ، وانتِ جاية تقوليلى أو تأمرينى بالموافقة ، لا وأكمل المسرحية بأنى أروح أتقدملها ... ونتجوز ونكتب عقدين شراكة واحد للشركة والتانى لينا ... ونهاية القصة !!

صممت بعدما قال ما كان يتوقعه ، وقد صدق بكل كلمة وعرف ذلك من نظرة عين لجدته .
نهض من كرسيه ببطئ ليتجه نحو النافذ ينظر خلتلها إلى خارج قصر الزهيرى .
طالما حلم بالخروج من إطار القصر ، الإطار الذى لطالما منعه من كل ما يحب ويرغب وأولهم كانت زوجته .
أنتبه إلى صوت جدته الذى جاء حازما من خلفه :
_ مفيش داعى لكل ده يا أوس .. كل العيلة شايفة العقود دى فرصة كويسة وأنتهى الموضوع .
إلتفت لها ليناظرها بتهكم قائلا :
_ أكيد أنتهى .. العائلة تشوف اللى يناسبها وأنا زى ما تقررولى بعمل ...
طالعته جدته شهيرة ببرود لتقول :
_ أنتَ ناسى أن الكل هنا بيعمل علشان أسم العيلة وشركاتها ، مفيش هنا حد بيختار بمزاجه .. أهم حاجة للكل هو أسم العيلة .
إلتفتت مغادرة لتسمع صياحه الغاضب :
_ ولما أتجوزت أم زياد مكنش بردوا علشان مصلحة العيلة وشوفتى كانت آخرت الجوازة إيه .. طلاق وطفل تايه بينا ملوس مستقبل نفسى مستقر .
إلتفتت له بحدة لتقول مزمجرة بشراسة تميزت بها :
_ وكان آخر الحب إيه يا أوس ؟
ست أنتحرت وأنتَ روحك أنتحرت وراها ، أفتكر كويس الحب مش كل حاجة علشان أى علاقة تظبط ، أهم حاجة توافق العقول ، وغير كده مفيش داعى للعلاقات أصلا .
وبكره سيرا وابوها كريم هيجوا من السفر وهتروح تقابلهم فى المطار .
وأنصرفت بترفع كما دخلت بترفع ، آمره وناهية وعليه إعلان فروض الطاعة والولاء .

............................................................ ........................................................

لما الضعف جريمة عند الرجال ؟
ليس ضعف فى القوة والمقدرة
ولكنه ضعف قلبا وعقلا يريدان الارتياح

دخل غرفة ابنه فوجده نائما بفراشه ، إقترب منه ببطئ ليجلس مجاورا له .. يمد يده ويلتقط كفه الصغير ليضعها على كفه الكبير .
ظل يتأمل الفرق فى الحجم بين الكفين ، إلى أن شعر بعينين صغيرتين تتفتحان بنعاس لتنظر له بدهشة .
مع القول الخافت الناعس :
_ باب بتعمل إيه هنا .
ابتسم أوس لابنه دون تعبير ليقول بتأسف :
_ معلش شكلى صحيتك من نومك .. كمل نوم أنا ماشى .
كاد ينهض هاربا إلا أن يد الصغير التى تشبثت بكفه منعته ، ليتفت أوى بتسائل خفى بينما قال زياد :
_ هتنام جنبى ؟
لم يكن يعلم أهذا إقتراح ام سؤال .. ولكنه حبذا الاقتراح ، فاومأ برأسه وهو يقترب منه محتضنا إياه .
_ بس نانة مش هتزعل ؟
سأله أوس بهدوء وهو يشدد من إحتضانه ر ليقول زياد باسما :
_ لأ ..
كان يعلم بأن زياد يكذب لكنه يريد بقاءه بجواره ، فجدته إن علمت بأنه خالف قواعد التربية الصارمة ونام بجوار ابنه ليلة ستنفجر غاضبة .
ولكن لا يهم .. فلا قاعدة تحتم ذلك .
لم يعلم أهو من تطوع بأن يحكى لزياد قصة ام هو من طلب ، لكنه أندفع يحكى قصة الامير والفتاة الفقيرة التى أحبها .. وظل يسرد القصة بتألم ، إلى أن أنتهت القصة بإنتحار البطلة .
أنزعج ابنه كثيرا من النهاية فصاح متذمرا ليجيبه أوس بشرود :
_ للاسف يا زياد .. مش كل القصص الحلوة بتنتهى بالسعادة ، وده اللى جربته بنفسى .
صمت ولم يستطع أن يجيب تذمرات زياد الواهية ، ليسقط بالأخير فى بئر النوم غافلا عن الحياة .
بينما أوس ظل يراقب ملامحه بحب أبوى لم يعهده قبلا ..
يسأل نفسه بشرود وهو يمشط شعره بروية .. متى كبر صغيرى ؟ ... لقد كان فى آخر مرة أتذكره بها قطعة حمراء صغيرة .. فمتى كبر ؟
هلى سيحبنى ؟ ... ولكن ماذا فعلت لكى يحبنى ؟ ...
ظلت الاسئلة تراوده حتى شعر بالإختناق مع أول أشعة الشمس ، فنهض ببطئ تاركا صغيره يتقلب بتذمر باحثا عنه .. ليسكن فى النهاية وملامحه ترسم حزنا لم يغفل عنه .

خرج من غرفته بخطى بطيئة متهالكة وكأن عمره تعدى الخمسين عاما .
بينما بآخر الرواق الذى كان يسير به كانت تقف عاقدة ساعديها ، تراقبه بتفحص .. وعينيها مشتعلتين بحقدا تكاد تحرقه .
همست لنفسها وهو يدخل غرفته :
_ أوس الزهيرى ... هتدفع تمن اللى عملته ، والتمن هيبقى غالى اوى .

............................................................ ........................................................


 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 25-04-18, 09:29 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناي محمد مشاهدة المشاركة
   لكم منى ألف تحيه ومحبه

تسلمي يا قمرة😍❤

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 24-05-18, 08:10 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


بما إني أنهيت امتحاناتي.. ساستأنف تنزيل الفصول


الفصل الحادى عشر

شفا القلب مرهونا بيديكِ
يا من ملكته وهربتى
أبغى الوصول ولكن لا فائدة
فضياعى بطريق الحب كارثة
أعشقكِ وكان جزائى النبذ
ولأنى لا أطيقه
سأركض خلفك مغمض العينين
يا من هواها يضطرب بداخلى
وهوايا يلوح بعينيها

حين العشق تذرف الدموع
فالعشق أثم .. والآثام خطئا كبير
العشق أثم حين يرتبط بالشخص الخاطئ
وعشقها لمؤيد هو أكبر أثم إرتكبته !
تطلعت أمامها بتعب ، لقد خرجت اليوم من عملها باكرا بسبب الارهاق والدوار المسيطر عليها من الصباح الباكر مع نوبات متتالية من التقيؤ .
عبرت الشارع بسرعة لتقف على الجهة الآخرى تنتظر ما يقلها الى منزلها .
لاحظت بعينين مترقبتين تلك السيارة السوداء الفارهة التى وقفت على مقربة منها ، لتجد صاحبها يخرج منها وكان ما توقعته صحيحا ... كان مؤيد .
هى تعلم جيدا حبه للسيارات الفارهة ، وكيف كان يبدلها كما يبدل النساء بين يديه .
أشاحت عنه حين رأته يخرج كن يسارته بخفة متجها إليها .. لتشعر بعد لحظات بظله يقع عليها .

وقف أمامها بطوله المميز .. فرفعت عيناها بحدة تنظر إلى وجهه وعيناه التى أخفاها خلف نظارة الشمس السوداء ..
للحظات كانت عيناها تأسر عينيه التى لم يحل بينهما الزجاج الأسود ، إلى أن غدرتا بها عينيها وطافت على جسده ، تستشف منه بعض الاطمئنان على حاله .
كان يرتدى بنطالا أسود من الجينز ، مع قميصا أسود ممشوقا بإعتدال على صدره العريض ، وبالطبع كان يرتدى ساعة فارهة سويسرية ..
كان حاله كما المعتاد .. مؤيد بأناقته المعهودة ، وهيئته الصاخبة فى حضوره .
مطت شفتيها بإمتعاض ، لتشيح عنه مزفرة بحنق .. وجوده فقط قربها بهيئته تلك تجعل عقلها يدور بتناقداته قاصفا تفكيرها وقراراتها .
سمعت صوته يقول بلهفة حاول كبتها فأبت حروف كلماته ألا تفعلها :
_ ميساء أنتِ تعبانة ؟ .. وشك مرهق أوى و واضح أنك مش بتاكلى كويس .. تحت عينك أسود ..
كان يشير إلى فقدانها الوزن .. والهالات السوداء التى تنامت تحت عينيها .. وشحوب وجهها .. وبالطبع لا يعلم بأن نظرها قد ضعف وجسدها يأن ألما .. والغثيان كان التكملة لمشقة تعبها فى حمل ابن مؤيد .
نظرت إليه بإستهجان مستنكر ، لتشيح قائلة بغلظة :
_ مؤيد عاوز إيه ؟ .. جاى مكان شغلى تقولى وشك بهتان ..
أثار كلامها حنقه الفظ حنقه ، بالطبع هو يخاف على صحتها وعلى حالها ولكن إستنكارها للأمر يجعل منه وحشا وهو لا يقبل أن يكون كذلك .
فقال من بين أسنانه بغيظ :
_ ميساء اولا احنا لسه فى العدة وممكن أرجعك لعصمتى تانى .. ثانيا أنتِ فعلا تعبانة وهتيجى معايا للدكتور علشان نشوف إيه السبب فى تعبك .
السبب فى تعبى أيها الأجدب أنتَ وأبنك الذى يشابهك على ما يبدوا .. فهو يستمتع بتعبى وتعذيبى .. بينما أنتَ تحاول إرتداء هالة البرائة لتعاود إقترابك الحنون غير المقبول .
إدعت البرود وهى تجيبه بتحفظ :
_ أنا عارفة كويس أنك مش هتقدر تعملها .. مش هترجعنى لأنى مش عوزاك ، ولآخر مرة هقولها أبعد عنى يا مؤيد أنا مش عاوزة قربك .. كل اللى بتحاول تعمله مش هيفرق معايا فى حاجة .
كادت تغادر إلا أنه إعترض طريقها كالجبال الشامخ عاقدا ذراعيه على صدره ، ليقول بلهجة باردة بطيئة :
_ مش هبعد يا ميساء .. واللى بعمله مش علشان أنا ندمان بس .. لأ علشان أنتِ مهما حصل مراتى وهترجعيلى ، ودلوقتى هتيجى معايا للدكتور بإحترام ولا أستخدم طريقتى ؟
نظرت له بحنق وهى تحاول تخطيه ولكن أيا من محاولاتها لم تنجح .. فكلما حاولت السير بعيدا عنه عاود الوقوف امامها عاقدا ذراعيه على صدره بكزم ، فصرخ بإعتراض :
_ لو مبعدتش عنى هصوت وألم الناس عليك .
نظر حولهما بسخرية ليعود بنظره إليها قائلا بتشفى :
_ الطريق فاضى .. شوفى مين هيساعدك .
ودن إضافة أى كلمة آخرى كان يهبط قليلا ليمسك بقدمها ويحملها على ظهره "كشوال البطاطا"
لوهلة لم تصدق ما فعل .. لكنها سرعان ما فاقت من صدمتها لتصرخ ضاربة إياه بذراعيها ... ولكن دون فائدة .. فقط كانت تتعالى ضحكاته المغيظة .
وبعد لحظات كانت تستقر فى سيارته لينطلق بها بخفة وهو يضحك بإستمتاع .
بينما صرخت ميساء غاضبة :
_ نزلنى .. نزلى يا مؤيد ... نزلنى .
كلما زادت صراخا كان يزداد ضحكه باستمتاع إكتسى بتشفى ، ليقول أخيرا بمرح وهو يلتفت ناظرا إلى وجهها الأحمر :
_ بس إيه رأيك فى الحركة دى .
وأنهى جملته بغمزة خفيفة ، لتشتعل وجنتاها أكثر ولكن هذه المرة خجلا وليس غضبا ، فخفضت وجهها لتبدأ بسبه بخفوت غاضب .

حين شعرت بأن غضبها قد هدأ ، أخذت نفسا عميقا .. عميقا للغاية وهى تعد حتى العشرة ، لتقول بصوتا حاولت أن يكون هادئا قدر الامكان :
_ مؤيد لو سمحت روحنى بيتى .. أو نزلنى وأنا هاخد تاكسى وأروح .
" الصبر .. الصبر على تلك المعتوهة الغبية التى للمصادفة أن قلبى هو عاشق لها "
عقد مؤيد حاحبيه بتفكير ليقول بهدوء :
_ لو قولتيلى مالك .. وإيه سبب تعبك .
ابتسمت حين إستشعرت نبرة الخوف والقلق فى كلماته ، لتقول بهدوء مماثل إكتسب لهجة عملية باردة :
_ مجرد إرهاق مع فقر دم .. وقلة نوم .
نظر إليها باستنكار ليسألها بشك :
_ متأكدة ؟
اومأت برأسها دون كلام ، لتدير وجهها للنافزة ناظرة للطريق أمامه بشرود .
أنتبهت فجأة لسؤال قفز بعقلها ، فقالت دون أن تلتفت إليه :
_ هتعتمد ورق الطلاق رسمى أمتى ؟
رد بإقتضاب قائلا :
_ قريب .
لم يكن يعنيها بالكلمة .. بل أراد ألا يدخل معها فى نقاشات وجدالات بالأمر الأن ، وفضل تركه لحين وقته .. ولكن لابد أن يعيدها قبل فوات الأوان .
صمتا عن الكلام ، بينما كانت تجلس منتظر أن تنتهى الدقائق بسرعة وتذهب إلى منزلها تاركا إياه .

ولكن ما كانت تمنى نفسها به لم يحدث ، فها هى فى منزلها الحبيب مع مؤيد الذى رفض الرضوخ لطلبها وتركها .
لقد تجادلت معه كثيرت حين علمت بنيته فى الصعود معها .. وبالبطع حين حاولت الصراخ عليه كان يحملها ويخرج مفتاح شقتها من حقيبتها بأريحية ، ليدخل بتملك وكأنه صاحب المكان .
وحتى الأن لم تنفع معه عباراتها الحارقة فى اخراجه من بيتها .
نظرت إليه بحنق وهو يدخل إلى مطبخها ليتفقده بأريحية أغاظتها ، خرج بعد ثوانى متذمرا :
_ مفيش أكل خالص جوه .. أنتِ عايشة أزاى ؟
مطت شفتيها بضيق لتقول بسأم :
_ لما بجوع بطلب أكل .. وأغلب وقتى بقضيه فى المستشفى فباكل هناك ..
زفر مؤيد بغضب .. الحمقاء تقتل نفسها بالبطئ بتلك الطريقة ... بالطبع ستكون على هذا الحال من الارهاق والتعب .
قال بهدوء يحاول مجاراتها فى تبلدها :
_ طب هنعمل أكل أزاى دلوقتى ؟
_ نعمل ؟
سألته بتعجب امتزج بالاستنكار ليبتسم ويقول بتفاخر مصطنع :
_ آه طبعا هنعمل .. أنتِ متعرفيش أنى شيف قديم ؟!
إرتفع حاجبها بإرتياب لتسأله بشك :
_ متأكد ؟
ضحك مؤيد بإستمتاع ليجيبها بفخر :
_ طبعا ...
بصى أنا هروح المحل القريب أشترى منه مستلزمات الوصفة اللى عملها وآجى .
أشارت له بأن ينصرف بوجوم ، فأخذ أحد المفاتيح الموضوعة على الطاولة ليقول بهدوء :
_ بلاش تقفلى الباب من جوه لأن رد فعلى مش هيعجبك .
طالعته بملل قبل أن تقول بسأم :
_ عمرك ما هتتغير يا مؤيد .. روح شوفت هتعمل إيه .

بعد ساعة
كانت خلالها تشكت بأنه سيعود ، فراحت فى سبات عميق على الاريكة .
لتستفيق على حركة رقيقة لـ يده التى تلامس وجهها بنعومة ... ففتحت عينيها ببطئ لتطالع عينينه السوداء .
اقترب بوجهه منها ليهمس بإبتسامة رقيقة داعبت شفتيه :
_ كملى نوم .
مسد شعرها الاسود بروية وخفة فشعرت بأن حصونها أنهارت ، وأنهارت معها جفنيها لتنام بعمق مسترخية .
*****
فتحت عينيها بسرعة تنظر حولها بتعجب ، أين هى ؟ .. آآه هى فى غرفتها .. ولكن أين هو ؟
سمعت صوتا فى الخارج فـ رجحت بأنه هو .
ألتقطت حجابها بغضب حين علمت بأنها كانت نائمة بدونه ، وخرجت لتجده قد أعد لها الطعام المكون من .
_ بطاطس !!
عقد حاجبيها وهى تنظر إلى طبق البطاطس الذى توسط سفرتها .
ضحك مؤيد على مظهرها بعقدة حاجبيها ، ليقول بصدمة مصطنعة :
_ مستقلة بطبق البطاطس .. ده أختراع .
إرتفع حاجبها بإستنكار ، إلا أنه لم يمهلها الكثير من الوقت وهو يدفعها برفق لتجلس أمام طبق البطاطس .
جلس بجوارها ليشير إلى الطبق قائلا بمرح :
_ دى مش بطاطس عادية .. دى بطاطس مسلوقة عليها بقدونس وجبنة كذه نوع ، وطبعا توابل .. بعد كده بنشكلها على شكل دوائر او بالطول وبيض وبقسماط وهب للفرن تكون جهزت .
شوفتى تعبت أزاى .. وأنتِ مستقلية بتعبى .. طب دوقى وقوليلى رأيك .
تذوقتها من يده بإرتباك ، لتقول بتوتر وهى تحاول الابتعاد عنه :
_ حلوة .. حلوة .
مد يده بقطعة آخرى لتأكلها ، إلا أنها هذه المرة أخذتها منه بإرتباك وهى تطلب منه العودة إلى مكانه .

تناولت البطاطس التى أعدها كلها بأمرا منه ، لتستكمل تنفيذ أوامره بشرب كوب اللبن الذى أحضره لها ، لتنتهى أوامره بالإسترخاء والراحة .... ولعجبها كانت تنفذ دون نقاش ، بينما بداخلها ترتسم البهجة لشعورها بأن أحدهم يهتم بها أخيرا .
جلست وإياه على الاريكة أمام التلفاز الذى فتحه مؤيد على احد افلام الرعب .
كانت تتابع مؤيد بتعجب ، تنظر إليه عدة مرات .. تتأكد حقا أنه هو .
لقد صدمت عندما دخلت المطبخ ووجدت الكثير من المشتروات .. كمان أن المطبخ كان نظيفا ومرتبا بعناية تعجبتها .
لتخرج وتصدم من حال المنزل الذى كان مرتبا ومفتوح النوافذ لتبديل الهواء .
فى الفترة الماضية كان الحمل يقضى على صحتها ولازال ، فما عادت تستطيع التنظيف والطهى ودائما تريد الراحة والإستلقاء .
وبعد كل ما رأت عادت لذات النقطة .. هل هذا مؤيد ؟؟
لقد أحضر لها ڤيتامينات وكالسيوم ، وكاد يطلب لها الطبيب إلا أنها رفضت قطعا .

هل هذا مؤيد ؟
هل يستحق منها فرصة ؟
أيستحق أن تخبره أنها تحمل طفله ؟
همست بإسمه فتقطعت حروف كلمتها ، ولكن الهواء الغادر حملها إلى أذنه الحساسة .. ليلتفت لها بسرعة فتلاقت عيناهما وصمت الحروف والكلمات فى عجز عن وصف حالهما ، وتعالت همسات العيون بشفرات سرية لا يقدر قرائتها سوى الطرف الثانى .
همس زمردتيها فى مواجهة همس سواده .
وتُرك لهما الوقت ، ولكنها أختارت الخجل لتبعد عينيها عن عينه وتقول فى ضيق مصطنع حاولت به اخفاء إضطرابات قلبها الغادرة :
_ مش هينفع قعودك معايا هنا لوحدنا ، الساعة عدت تمانية بليل .. أمشـ...
_ همشى .
قالها بحسم وهو يأسر عينيها من جديد ولكن بقوة منعتها من محاولة ابعادها ، ليكمل بثقة مبتسما :
_ علشان أنا خايف عليكِ من كلام الناس ، وبالنسبة لموضوع الطلاق .. أنا متأكد أن هيجى اليوم اللى تقبلى ترجعيلى فيه ، ووقتها أبدا مش همشى .
" ولن أتركك لتمشى "
لم تستطع قولها بشفتيها ولكن عينيها قالتا وكفى بحديثهما .

............................................................ ........................................................

بداية الطريق للحقيقة .....
أنطلقا منذ ساعتين فى طريقهما الى البلد .. تلك التى تربى بها والدها لسنوات ، التى شهدت مقتل والد زوجها .. التى ستشهد معرفتها الحقيقة .
التفتت لتنظر الى زوجها ، ذلك الذى يقود السيارة موليا لها اهتماما أكثر منها ..
تأملته بحب لم يخفى .. وخوفا سيطر على عقلها .
أ تحبك ؟
لا بل أعشقك .
أ اكرهك ؟
لا بل أمقت اسلوبك
أتحبنى ؟
لا اعلم .
كان هذا السؤال دائما المسيطر على عقلها .. يحبها أم لا ؟
فى رسالته الشنعاء قال بأنه كذلك ، ولكن فعلته بعدها تؤكد عكس ذلك .
حياتهما على حافة ضياع ، فقط حقيقة هى التى تتحكم بهما .
تحدثت قاطعة الصمت الذى دام منذ بدأ الطريق :
_ أنت حطيت حياتنا تحت تهديد حقيقة مش عارفة هى ايه .. سواء كان بابا القاتل ولا لأ هتطلقنى ؟
التفت إليها ناظرا لعينيها بغموض ، لطالما حاكه حول نفسه ولم تفهمه هى وحين حاولت صدمت برداته السريعة .
ولم تكن تلك المرة مختلفة عما قبلها ، فأيضا جهلت بمعرفة ما يرموا اليه .
أنتبهت فجأة إلى قوله الهادئ :
_ حياتنا محكوم عليا من زمان أنها تكون مجرد حياتى وحياتك ، بالنسبالى معنديش حياتنا .
إجابته أحرقت صبرها وقطعت حبل الترقب ، فصرخ غاضبة محتجة عن تصنيفها كشئ مهمل :
_ وليه أتجوزتنى .. ليه تممت الجواز .. ليه موت بابا .
وخرجت العبارة الاخيرة قاذفة حارقة ملتهبة ، لترمقه بنظرة خاطفة وهى تلعن اللسان الغبى المندفع وقت الغضب ، بينما كانت يداه تعتصر مقود السيارة بقوة .
والعجيب أنه لم يبدى سوى هذا الانفعال !!
فوجهه الذى كان يراقب الطريق بثبات لم يحمل أى انفعال ، فقط عينين جليديتين إزداد جليدهما .. تراقبان الطريق .
ليقول أخيرا بصوتا مخيف جامد :
_ لو كنت عاوز أنتقم من والدك وأقتله مكنتش كشفت نفسى ولا عن نيتى تجاهك .
صرخت بانفعال لم تملك سواه :
_ قولى أنا ليه أصدقك .. أحنا مفيش بنا أى ثقة يا أدهم , فطبيعى أنى أفضل شيفاك قاتل بابا ..
وزى ما قولت مفيش أحنا ، فيه أنا فراغ كبير أنت ..
لم يبرر ولم تكن لتسمح له ، فهى الان كالبركان الثائر فى أتم الاستعداد للانفجار .
ألا يمتلك هذا الرجل قلبا .. أم ربما لأنه قادما من الجليد قد تركه هناك .
يستفزها بروده القاتل ، وردود أفعاله الغير مبررة ، مع صلف كلماته الثلجية فتشعر بالتخمة من الحقد والغضب تجاهه ..
تتسائل دائما حين تنظر لرماد عينيه الفانى ، أليس لهذا الرماد شعلة أمل تغييره .. أما آن للجليد بمقلتيه ان يذوب لتشرق شمس جديدة على حياته ..
ولكن دائما الاجابة جائت فى نظرة منه فى همسة مستنكرة .. فى قلب صنع من قالب جليد ...

وصلا أخيرا الى حجر الضباع كما لقبت المكان من أول وهلة .. وقد صدقت !!
هبطت من السيارة تنظر الى ما أمامها من سرح ضخم .. فهذا المبنى لا يلقب ابدا بالمنزل !
فقد كان كبيرا باتساع قصر .. الا أنه حمل من القدم مبلغ أتساعه , مع طرازه القديم الذى بدا ظاهرا فى نوافذه الطويلة الضخمة , ذات الاخشاب القوية اليابسة .. وبابه الرئيسى مفتوحا على حدى أتساعه , بالاضافة الى ألوانه القاتمة ذات الاطلالات القديمة .
أزدرت ريقها بتوتر ما أن لمحت أحدهم يقف أما باب المنزل بانتظارهم .
كان رد فعل أدهم الذى كان يراقبها, أن أمسك يدها البارده ودفعها برفق لتسير معه .. بينما أعطى حقائبهما لأحد العمال .
صعدت السلالم الرخامية الصلبة لتقف بجوار أدهم أمام رجلا تحشم بجلباب رمادى واسع .. مع عصى بنية يتكئ عليها .
كان أدهم من تحدث ليقول بهدوء :
_ أزيك يا عمى .
وكان الرد متوقع وقد تكون فى نظرة حادة شرسة من العم الذى باغته قائلا :
_ جايب بنت القاتل بيت أبوك وجدك يا أدهم .. جايب بنت حسن العامل الفلاح صرح جدك .
رمقه أدهم ببرود .. بينما كانت زهور بجواره ترتجف من وقع الكلمات الحادة على مسامعها .
لتكون أول المصدومين فى كلام أدهم الذى قال :
_ عزت بيه متنساش أن الصرح او البيت ده بتاعى , وزهور مراتى .. يعنى صاحبة البيت.
نظرت له زهو بدهشة وهى تحاول استيعاب ما قال ..
_ البيت مفتوح لكل الناس يا أدهم يابنى , بس أنت عارف كويس بنت مين دى .
قالها عمه بحدة مزمجرا , ليبتسم أدهم بسخرية ويجيبه :
_ وأنت عارف يا عزت بيه أنت مين .. صمت يرمقه بنظرة ذات مغزى ليكمل بتهكم .. للاسف يا عزت الماضى مبيتنسيش .
أزداد الحقد بعينا عمه ليقول صارخا :
_ وأخدت بتارك زى ما بنعمل .
صدرت عن أدهم ضحكة مستهزئة , ليقول ببطئ وكأنه يحاول أن يفهم من لا يفهم :
_ تارى باخده بده " وأشار بيده تجاه عقله " زى ما كل حاجة عملتها كانت بيه .. وزى ما قدرت أرجع ورثى وحقى .. وزى ما قدرت أشترى بيه البيت ده .. وآخرهم زى ما كونت بيه أدهم عاصم العامرى .
كانت تراقب بصمت صراع الضباع الكلامى , لتتهلل أساريرها بخبث طفولى وهى تجد زوجها الفائز .. وهو يمنح عمه نظره صاعقة بمعنى مبطن .. أنا لم أنسى .
قال أدهم بتهكم :
_ ايه يا عمى مش هتعزمنى ندخل .
وجاءت الاجابة بتهكم مماثل :
_ البيت بيتك يا أدهم يا بنى .
دخلت الى المنزل الكبير بخطى وئيدة .. تنظر الى ما حولها بانشداه .. فكما حمل من الخارج الطابع الزمنى القديم , حملت نقوشه ذلك الطابع .
أنتبهت الى عمة أدهم التى زارتها هى وابناتها .. لتنتهى زيارتهم بأثر كوب الشاى الذى حرق بشرة ظهرها مع ذلك الجرح الذى تسبب به كسر الفنجان على ظهرها .
وقبل أن تستوب ما يحدس .. وجدت نفسها بين ذراعى المرأة بحبور مزيف .
لم يخطر على بالها حينها سوى .. كم تلك العائلة مخادعة !!
وما ينتظرنى معهم ليس بقليل !

............................................................ ........................................................

_ أنا مش موافق .
قالها قصى بنبرة حازمة صارمة ، لتنظر له رغد بتعجب وهى تسأله :
_ ليه يا قصى ؟
غمغم قصى بضيق وهو يشيح عنها :
_ كده يا رغد .. ياسين مش الراجل اللى هيبسط وهينسيكى اللى شوفتيه .
إعتدلت رغد فى جلوسها لتقول بقوة :
_ بس أنتَ متعرفهوش ومتعاملتش معاه كتير فـ ليه بتحكم عليه كده وعلى أى أساس .
حمقاء وغبية تظن الحقير يحبها كما قال ، تجد به الخلاص لدوامة إكتسحت طاقتها فتريد الخلاص بدعوى أنه الحل الأنسب .
_ مهو أنتَ مش هترفض كده وخلاص ، لازم يكون فيه سبب وأنا عاوزة أعرف السبب ده !
أشاح بوجهه عنها ليقول بصرامة :
_ ده رئيى يا رغد ..
رموقته بنظرة حزينة كسيرة لتقول بألم :
_ أنتَ كده مش بتساعدنى يا قصى ..
همست همستها المتألمة ودفعت قدميها لتخرج من الحجرة التى يجلس بها .
لقد أصبح أخاها كشبح ، يمر بها مرور الكرام كل يوم مع سؤال جيد عن حالها ، بينما حاله لا يعجب أحدا .
من المنزل للمسجد .. حتى أصبك يومه كله فى المسجد معتزلا جميع الناس وأولهم هى .
ولكن فى الفترة الاخيرة بدأ يعود لعمله ولكن هناك ما يؤرقه كما أنها سمعت منه أحد المرات أنه سيباشر فى التحقيق عن أمر الحادث .. فهل يشك بأنه مدبر ؟

شعرت فجأة بذراعين قويتين تحيطان كتفها وتجذبانها إلى صدر قوى ، بينما الصوت الدافئ الذى إعتادته يعود قائلا :
_ رغودة دايما كانت بتثق فى قصى .. هتثقى فيا دلوقتى ؟
رفعت عينيها التائهتين إليه ، ليلاقيها إبتسامة الرقيقة المشرقة والتى قد نستها منذ أعوام .. فقالت وهى تجاريه فى الابتسام :
_ أكيييد .. أنا بثق فيك يا قصى أكتر من نفسى .
ربت على كتفها مواسيا ليهمس لها :
_ وأنا مش هخيب ثقتك فيا .
كان وعدا بمطن بالبحث عن المزيد من الأدلة ، فهو بين جريمتين .. جريمة حادثة زوجته وعائلتها التى إكتشف مؤخرا بأنه كان مدبرا .. وجريمة ياسين الخفية المتمثلة بالخيانة .
وهو بين ذلك وذلك أصبح محققا يبحث عن الادلة والشهود ليصل إلى الحقيقة .

............................................................ ........................................................

وبين أبا فاشل وأما مستهترة ينشأ الخلل وبالتالى يكون المتضرر الاول هو طفلهما .
كانت تنظر إلى زياد بغضب ، تراقب كيف يهمس لها بخفوت ما حدث معه فى المدرسة اليوم .
زياد ورغم كرهها لهذا المكان إلا أنه عشقها ، تحبع بجنون وترى به طفلا ذكى فطين يستحق المزيد من الاهتمام ليخرج ما لديه من ابداع .
ولكنه كأى طفل منغلقا على نفسه .. لا يجيد التحدث والكلام بطلاقة مثل الاطفال ، يعانى من قلة إهتمام تجعله ينظر إلى رفاقه .
ولكن مشكته تعدت ذلك ، فها هو يقص عليها لأول مرة ما يحدث معه فى مدرسته ، فزياد يتعرض للتنمر من قبل أطفالا بعمره وأكبر منه .
التنمر قد تكون مشكلة عادية ويقابلها جميع الاطفال ، ولكن يبدوا أن أمره تزايد عن الحد ، فاليوم عاد وحقيبته ممزقة .. كذلك أخبرها بأن طفلا بعمره أحضر أخوه الاكبر سنا ورفاقه ليضربوه ..وقد حدث ذلك معه عدّة مرات .
وحين سألته عن إخباره لأحد معلميه قال لها بأن أحدهم لم يقدم له المساعدة وأدعوا بأنه لعب أولاد لا مشاكل به .

صمتت بعدما أنهى زياد سرد ما حدث معه ، ليقول لها بخفوت :
_ متقوليش لنانا .. أنتِ وعدتينى .
رفعت رأسها بحزم بعدما أتخذت القرار ، لتقول بهدوء حمل الصرامة :
_ مش هقول لنانا .. لكن هقول للى المفروض مسئول عنك .
نظر لها زياد بفزع وبدأ فى ترجيها ألا تخبر والده ولكنها كانت مصرة .
فإلتقطت كفه الصغير ، وخرجت به من الغرفة بسرعة وقادته إلى غرفة المكتب الخاصة بوالده .
طرقت الباب بقوةوسرعة ، وقبل أن تسمع الرد إندفعت إلى الداخل ..
رمقها أوس بتعجب لتقول بهدوء وهى تقف معتدلة رافعة الرأس :
_ زياد هيقولك حاجة .
نظرت إلى زياد بحزم فخفض وجهه ، ليقول متلعثما :
_ بابا .. أصحابى .. أقصد زمايلى .. آآ .
وظل يتلعثم بالكلام ، وهو لا يعلم كيف يستخرج جملة مفيدة .
فنظر له أوس بتعجب أنتقل منه إليها يسألها ، فقال مباشرة لها :
_ قوليلى إيه اللى حصل معاه ؟
_ لأ هو اللى هيقول علشان يتعود أنه يصارحك باللى بيحصل معاه .
قالتها بحزم قوى وهى تنظر إلى زياد ، فتحدث أخيرا قائلا :
_ بابا فيه عيال بتضربى فى المدرسة .. و واحد منهم قطعلى الشنطة بتاعتى .
أرجع أوس ظهره مستندا على كرسيه ليقول ببساطة :
_ فيها إيه ؟ ... النهاردة تتخانقوا وبكره تبقوا اصحاب ، لازم تقابل كل ده فى المدرسة عادى الموضوع مش كبير .. ولو على الشنطة تجيب غيرها .
بساطته إستفزتها .. جعلتها تصل إلى حدود الغضب الثورى ، لتقول بهدوء يخفى خلفه الكثير :
_ زياد روح لـ اوضتك دلوقتى ، هتكلم مع بابا شوية وأجيلك نكمل الواجب .
ونفذ الصغير طلبها باستغراب ، لتنظر إلى أوس بغضب بعدما خرج زياد .
_ الولد بيقولك أنه أتعرض للضرب على أيد زمايله كذه مرة .. وبيجيبوله عيال أكبر منه تضربه ، غير أن الشنطة مقطوعة بأداة حادة !
عقد حاجبيه قليلا بتفكير ، ليقول بالاخير بصوتا هادئ :
_ خلاص هكلم حد يروح المدرسة ويشوف الموضوع .
_ بجد ؟ ... ده اللى وصله تفكير حضرتك .. أسمحلى أقولك أنك كده بتضيع أبنك أكتر ما هو ضايع .
زياد ذكى جدا وكل رد فعل ليك على موقف ليه بيعمله سيناريوا ويشيله فى ذاكرته .. وفى يوم هيطلع كل ده وهتبقى أنتَ الوحيد اللى خسران .
فيها إيه لو قربت منه وسألته لوحدك ماله ، ساعدته يخرج من عالم المزاكرة والكتاب ، خليه يتعامل مع الناس ويتعامل معاك أنتَ قبلهم .
بأى أساس مسمى نفسك أب !! ... الابوة مش مجرد طفل أخد أسمك .. الابوه أكبر من مجرد فلوس بتجيبله اللى يربيه ، الابوه هى علاقتك بإبنك وحبك ليه ...
أنهت كلامها بصوتا شابه الصراخ لتقول بتهكم ساخر :
_ آسفة على المحاضرة دى .. نسيت أن حضرتك بتفرط فى الغالى بالساهل ومش بيفرق معاك .
وألتفتت بسرعة مغادرة وكأنها إن ظلت قليلا ستقتل أحدهم .
إلا أن يديه أوقفته قبل أن تخرج من غرفة المكتب ، ليدفعها إلى الداخل ويغلق الباب بعنف مسندا إياها إليه ولازالت يده تعتثل ذراعها بقوة .
لينظر إليها بغموض و يسألها :
_ قصدك إيه بعبراتك الأخيرة ؟
أجابته بتحدى وعينيها تنافس عينيه فى القوة والسلطة :
_ مش عارفة .
هزها بعنف ليهمس من بين أسنانه وهو يقترب منها :
_ مش شايفة أنك بتعدى حدودك .. أنتِ مجرد عاملة هنا فى البيت ، بتاخدى مرتبك من صاحبه اللى هو أنا .
ضحكت بسخرية لتقول بمرارة :
_ ودى النظرية الديقة للأغـ ... ولا أقول للاذكياء .
إقترب منها حد الخطر لتكتشف فجأة أن أنفاسه تلفح وجهها ، ليعلوها التوتر وهى تسمع همسه الحار فى أذنها :
_ بلاش تتخطى الحدود .. أنتِ مش عارفة مين أوس الزهيرى .
قلبت همسه بتحدى سافر لتقول مزمجرة :
_ وأنا مش خايفة منك .. لأنى بدور عن حقيقة .. وعارفة أن الحقيقة هنا .
أبتعد عنها قليلا لينظر إلى عينيها الشرستين ، ليبتسم قائلا بهدوء :
_ طبعا بنت علام صفوت مش هتشتغل مربية أطفال علشان الفلوس .
أجفلت قليلا من المفاجأة ، لتتملكها ابتسامة تحدى وهى تقول برقة :
يبقى عرفت أنا مين .. بس الغريبة أنك لسه سايبنى فى بيتك ؟!
ضحك بسخرية ليهمس وهو يراقب شفتيها بتعمد أن يستحوذ خجلها ويربح فى الجولة الاولى فى التحدى :
_ أكيد هسيب القطة تلعب وتدور حوليا ، علشان أوصل للسبب الحقيقى لوجودها .
دفعته عنها بحده وهى تستشعر لمسات يده التى فكت القيد حول ذراعها لتتحول لآخرى تتلمس برقة .
فقالت بغضب وهى تشيح عنه :
_ مبروك الجولة الاولى .. بس صدقنى دى الأخيرة ، وكويس أن اللعب بقا مكشوف ..
فتحت الباب خلفها وكادت تغاد ، إلا أنها وقفت تقول دون أن تلتفت له :
_ لكن زياد ملهوش علاقة .
وأنتهت الجولة .. بفوزه ولكنه وجد نفسه خاسرا .
سؤالا استحكم عقله .... " أهلّة علام ماذا تريدين منى ؟ "

............................................................ ........................................................


 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسيرٌ, الماضي, الدامية, العشق, يروح, سلسلة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:44 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية