كاتب الموضوع :
Enas Abdrabelnaby
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية
الفصل السابع
احبك ؟!
لا ... لا أحبك !!
معجبة ؟!
لا لستُ بمعجبة !!
ماذا فعلت بى لتصنع موجة التداخل بمشاعرى أيها الاحمق .
بت لا أدرى ما هى مشاعرى تجاهك ، فكل ما أشعر به هو أمتزاج لمشاعر عديدة ، منها اليائس ومنها الأمل .
مَزج السعادة مع الخوف يعطى الراحة المؤقتة ، هسيس النفس و صدى الروح يمزجان أغنية الغرام القاتل .
أ أحبك ؟!
لا .. لا أحبك !!
أمعجبة ؟!
لا .. لستُ بمعجبة !!
وضعتنى بطريق الحيرة أيها اللعين ، ألقيتنى بدوامة لا قرار لها الا الضياع ، بعدما عانيت من ضياع النفس .. جعلتنى اعانى من تلف فى المشاعر .
تعالا وضمنى إليكَ رجاءا ، فأنا بحاجة إلى احضانك الدافئة .
اخفنى عن العالم بين ذراعيكَ فأنتَ لى الملجأ الوحيد .
احبنى كما تريد ، وعملنى الحب كيفما تشاء .
احكى لى قصص العُشاق ، واطربنى بنغمات القلب .
أ احبك ؟!
لا .. لا احبك !!
طرقت برأسها الحائط من خلفها ببطئ ، لا هى لا تحبه ولن تحبه .. فتوقف أيها العقل اللعين عن التفكير فقد أضعت الباقى من فكر مجرد منه .
اسبوع مر مثل الريح ، لم تره او تسمع عنه شئ ، كأنه شبح أسود .. خرج فجأة واختفى فجأة .
إقتص لروحها المعذبة ثم اختفى بكل شهامة، تاركا شعور السعادة المنتشبة يتملكها.
لقد عشقت ما أنزله بزوجة أبيها وابن اختها .. لقد شعرت بالسعادة لمرأها تتعذب بعدما عذبتها لشهور وسنوات فائتة ..
لقد رأت فيها ذنب طفلة تتلقى التقريع العنيف لأنها السبب فى موت أخاها "زوجة ابيها الحامل" ، رأت ذنب مراهقة وشابة ليس لها حضن دافئ تلجأ إليه فوالدها كان دائم الإنشغال بزوجته .. رأت ذنب امرأة صدمتها آخر كلمات والدها الموجه لها بالشكر والإمتنان بينما هى .. لا شيئ !!
مؤيد أعاد لها حقها كامل وفوقه أيضا ، قدم أوراقها التى لا تعرف من اين حصل عليها إلى المشفى الذى كانت تعمل به وتم قبول عودتها للعمل .
أعاد لها شقة والدتها التى كانت تعيش بها و أعاد لها حقها المهدور .. أعاد لها جزءا من السعادة فى رد حق مظلوم ..
اعاد لها الشعور بأن لها رجل تحتمى به .. رجل هو سندها وداعمها الأول فى الحياة .. أعاد لها الشعور به ، السعادة والأمان فى وجوده .. والخوف فى بعده .. أعاد لها ابتسامة غادرة تتقافز على شفتيها حين تراه ، أعاد لها نظرة دافئة تشرق بزمردتيها حين تلقاه ... أعاد لها جزءا ليس بالقليل من ميساء .. وأحتفظ بالباقى لنفسه .
وبعد كل هذه الشهامة التى واجهتها للمرة الاولى منه إختفى بأكثر منها شهامة ونبل ، تاركا خلفه ذكرى تدمع لها العين كلما تذكرتها .
لماذا هو بمثل هذه القسوة ؟!
حين عادت لرشدها بعد فترة طويلة من الضياع .. تجده يتركها !!
أفلا ينتظر قليلا كى تتعافى ويعود ليحميها بجناحيه كيفما تمنت وحلمت !
لقد أهانته فى يوم طلاقهما بشدة أخرجت كل ألامها عليه دفعة واحدة .. وهى تلاقى به ضعف لم تستطع تقبله وخنوع شعرت بأنه يكتم أنفاسها ، ولكن اين العذر الذى قدمه لها حينها !
لقد كانت بحال نفسية سيئة للغاية ، وبدلا من وقوفه بجانبها .. نفذ لها طلبها بطيب خاطر وعن رضى تام أو بإستسلام متناهى الحدود لن تفرق المعانى كثيرا .
لقد تركها هو وألقى بأحمالها الثقيلة بمحض إرادته !! ، فكيف تقول له لا تتركنى بل وعد لى !
ورغم كل تصارعات العقل والقلب ، تبقى مشاعر خجلة فى المنتصف .. تهمس لها بأن تجرى اتصالا معه وتشكره .
تعلم بأن شكرها له أبسط من التصور ، لكن التنفيذ أصعب من التخيل .
بين قلب وعقل هى تتأرجح .. تراودها مشاعر ناعمة هوجاء لم تنتبه لها مسبقا تدفعها لتحادثه بحجة واهية وهى الشكر او الإعتذار لا تعلم أيهما ، الأهم بالأمر أن تحداثه .
إلتقطت هاتفها الذى جاورها منذ ساعات بالتحديد منذ إثنا عشر ساعة ، على الارض الباردة القاسية فى نفس الزاوية التى كانت تختبأ بها قديما حين كانت زوجة أبيها تصرخ بها بجنون ، كانت زاويتها المفضلة فى المنزل فهى معزولة ولا يستطيع أحد غيرها الوصول إليها .
باصابع مرتعشة دقت على شاشة الهاتف ، وبلحظة خاطفة .. لحظة شجاعة زائفة نقرت على زر الاتصال به .
وضعت الهاتف على أذنها بإرتباك ، وهى تشعر بقلبها يكاد يقفز من بين أضلعها ويصرخ من شدة توتره .
طال الانتظار ، وأستمر الرنين دون إجابة له ، حتى أستمد بها القلق والخوف .. إلى أن انقطع تماما ، فإنقطعت أنفاسها لثوان وهى تشعر بأنها دهور .
إنه لم يرد !!
وللسؤال مئة جواب ولكن من يبحث ، فالعقل فارغ سوى من فكرة واحدة ، وهى أنه لا يريد الرد .
بإنهزام وضيق أخفضت الهاتف ومعه تهدل كتفاها بحزن أمتزج باليأس ، لا يريد أن يجيب عليها .. لا يريد أن يحادثها ، لا يريدها للحقيقة !
ومن يلومه ؟!
ولكن هل تستسلم بهذه السرعة ؟!
هى بحاجة إليه ، مثلما هو بنفس الحاجة إليها .
لحظات الضعف تتملكنا .. فى نطاق الوهم تأسرنا ، بين قصص الماضى والحاضر نتخبط .. بين أوهام فرض الظنون وصراحة الواقع نصدم ..
ولكننا نبقى فى حاجة إلى الدعم ! .. كلمة واحدة تأخذنا إلى قمة السعادة ، وكلمة آخرى تأخذنا إلى قاع الحزن ..
ويبقى الأمل ما يحينا ، رغم الألم !
رفعت رأسها إلى الاعلى بحزن ، وعيون دامعة لتهمس بصوت عالٍ :
_ أنا مش عارفة إن كنت بحبه ولا لأ ، مش عارفة أنا عاوزة إيه .. أوقات ببقا عوزاه جنبى وعوزاه يساندنى ، وأوقات ببقى مش عاوزة أشوفه .
أعمل إيه ، يارب أهدينى للطريق الصحيح .
أنهت كلماتها بدعاء مترجى ، وعيونها متعلقة بالسماء السوداء أمامها..
ظلت لدقائق الى حالها .. لتكفكف فى النهاية دموعها وتنهضت بتكاسل لتعود إلى غرفتها .
ألقت بجسدها المنهك على السرير بتعب بينما حدقت عيناها فى السقف دون هدى .
نظرت إلى سطح الغرفة بشرود غائم منذر بسقوط الامطار .
أ احبك ؟!
لا .. لا احبك !!
أمعجب ؟!
لا .. لستُ بمعجبة !!
إذا فما هى وما موقع مشاعرها من الإعراب .. وكيف للقلب أن يعيش كل هذا التنافر والتناقض بين شيئ لا مجال لجمعهما معا .
الحب والكراهية
الأمل واليأس
السعادة والحزن
الخوف والأمان !!
مشاعرها تستق قول الدوامة الساحقة ، تلك التى تجرفك بلا هوداة إلى أعماقها .. حتى تغرق فى النهاية ..
فهل نهاية مشاعرها البائسة الغرق !!
إستفاقت من شرودها على صوت هاتفها فإنتفضت بسرعة تلتقطه وتجيب بلهفة أنستها أن تقرأ اسم المتصل .
_ مؤيد ؟!
عذاب الشوق منعه من الرد ، كبل لسانه عن الحركة ، فقط شكر لحاسة سمعه التى إلتقطت كم اللهفة والشوق التى قفزت من إسمه الذى نطقته حبيبته لتوها بوله .
زفير حاد متهدج أخبرها بأنه هو ، وبأن قلبها الذى يشدوا بهذه اللحظات قد صاب حظه بأنه سيتصل بها ، ولكن لما لا يجيب لما لا يملك أن يريحها فى المقابل !!
_ مؤيد ؟!
وأستمر السكون ، وطال .. طال إلى أن تسللت الخيبة بخبث إلى قلبها ، فهمد بمكانه متعبا مرهقا من مجافيه بعدما كان يتقافز من شدة الفرح منذ لحظات .
_ لو مردتش عليا يا مؤيد أنا هقفل .
قالتها بحزم يائس .. علّه يجيبها ويريح قلبها المتعب ولكن ظنونها خابت ، فقد عمّ السكون مرسلا إليها الرد الواضح ، فلم تشعر بالدمعة الحارة التى إنسابت على وجنتها ولا بيديها التى أخفضت الهاتف بعدما أغلق الطرف الآخر الخط .
لقد اغلق الهاتف !! ، لا يريد الحديث معها ، فقط يعلمها بأنه بخير وهذا يكفى .
شهقت باكية بعنف ، بقوة لم تعهدها منذ زمن .. بألم تريد أن تخرجه من جسدها لتعود ميساء التى يعرفها الجميع ، تريد أن تتخطى مأساتها وتبتعد عنه .. إلا أن عقلها وقلبها يأبيان ، فما السبيل للراحة ؟!
............................................................ ......................................................
أغلق الخط بعدما وصل إلى ما يريد وبأسهل الطرق .
الغبية تظنه ذلك الأحمق مؤيد !
لقد ساعدته كثيرا بإندفاعها اللامحسوب فى الرد ، فلم تلحظ بأن الرقم غريب ولا ينتمى إلى أسم محدد .. بل وجارت ظنونه بولعها الحاد فى محادثة مؤيد .
الأن يمكنه اللعب كيفما يريد بعدما تأكد من أن الطعم جاهز للإستخدام .
أمر الإنتقام برمته من مؤيد ما هو إلا جولة جيدة فى الصيد .. والأذكى والأكثير أنتباها هو من سيربح فى النهاية ..
تلاعب بالهاتف بين يديه ، يقلبه من فوق لأسفل والعكس .. إلى أن إستفاق لصوت يقطع تفكيره .
نظر إلى أسم المتصل بسخرية .. شذى !
ماذا تريد بيدقه الأن وفى هذا التوقيت اللطيف ، وفى عزلته التى تعلم جيدا بأنه لا يحب أن يقاطعه أحد فيها .
سيجيب وسيعرف فى الحال ماذا تريد .
فتح الخط فإندفع صوتها الرقيق ذو اللكنة الناعمة ينساب بسرعة متعجلة، وكأنها تخشى تفلت الكلمات أو نسيانها .
*****
_حسام من غير مقدمات ملهاش فايدة أنا مش هكمل الخطط بتاعتك دى ، أنا تعبت ومش عاوزة غير أبعد ، لو سمحت أمسح رقمى وانسانى وبعدنى عن كل المشاكل دى .
جائها إجابة متهكمة ، فسارعت للرد :
_ حسام .. أنتَ عارف كويس إنى كنت عاوزة اقطع علاقتى بمرام قبل موتها ، فبلاش تخلينى الحقيرة اللى أتخلت عن حق صاحبتها .
مرام مكنتش مثال للنزاهة والشرف ، ولا أنا فلو سمحت أنا مش عاوزة أتكلم كتير فى الموضوع .. أنا هسافر لبابا بره البلد .
وقبل أن تسمع الرد من الطرف الآخر .. أغلقت الهاتف بسرعة مزفرة بقوة .
لم يكن سهلا عليها أبدا أن تتصل به وتقول له ذلك ، لقد كانت تتعذب طيلة الفترة الماضية ، من الارق والاهراق وقلة النوم والكوابيس .
ما دخلها هى بمرام منذ البداية ؟! ، الجميع كان يعلم أن مرام لم تكن منضبطة بالكامل .
كانت دائما تتصرف بغرابة وتلقى بنفسها بكل ما هو سئ .
وليس هذا فحسب فهى أيضا كانت تهوى الإيقاع بكل من هم أفضل منها ، ولذلك كان لها نصيب من حب مرام الاسود .
تتذكر بأحد الايام ، اتصال مرام بها تستنجدها بأنها ذهبت إلى شقة صديقتها لتبيت عندها بعد حفل استمر للصباح كما هى عادتها ، ولكنها حين استيقظت لم تجد صديقتها ، وهى تشعر بالدوار والغثيان ولا تستطيع الوقوف وتريد مساندتها لتعود لمنزلها .
وبكل طيب خاطر وببلاهة غير طبيعية إنساقت تجرى لتلحقها .
حين وصلت للفيلا الواقعة بمنطقة راقية ، وجدت الباب مفتوح فإنتفض قلبها خوفا على مرام ، وبدأت تبحث عنها بأرجاء المنزل إلى أن وصلت لغرفة النوم ، دخلتها بسرعة تنادى على مرام لتفاجأ بأحدهم يهجم عليها من الخلف .
تتذكر رعبها حينها ، وصراخها المترجى ، وربما بكاء متوسل أيضا .
ولكن لم يكن ليرحمها ، ومن بين قبلاته القذرة كانت تسمعه يتهدج قائلا بأنه تمناها طويلا وبأن مرام هى من حققت له الحلم .
وكادت تفقد كل عزيز بذلك الموقف الذى لا يزال يترك فى نفسها البغض لمرام .
ولكنها استطاعت فى النهاية الهرب ، بضربة قوية بزجاجة خمر ملقاة بجوار السرير .
وحين ذهبت لها منهارة تبكى بذعر وتسألها لما فعلت ذلك ، إدعت ببرائة أن صديقتها جاءت وأخذتها وهى نسيت الاتصال بها .
لا تعلم حينها إن كانت قد صدقت كذبتها بسهولة أو تعمدت ذلك ، ولكنها ظلت ملتصقة بها .
قد يكون الامر هو الغباء برمته ، ولكنها انساقت مع تيارات الغباء .. وظلت قائمة على صداقة واهية ، أساسها دمار النفس .
وها هو حسام قادم ليكمل على البقية الباقية من روحها المعذبة ، وكأن القدر لا ينوى تركها بدون أن يضع علاماته الدائمة .
............................................................ ........................................................
صاحت به فى ضيق :
_ سيف كان المفروض تقولى مش تصدمنى كده ، وبعدين أنا أصلا مش بحب بنت عمو عز .
نظر لها متعجبا ، ليقول بهدوء :
_ مفيش داعى لكل ده يا نهاد ، هى مجرد زيارة .. عز باشا هيطمن فيها عليكِ قبل السفر .
زفرت بحنق وهى تنظر إلى سيف الذى عاد إلى حاسبه موليه إهتمامه .
لقد جائها اليوم سيف محملا بالأخبار .
فأولا قال لها بأنهما سيسافران بعد غد إلى مصر ، وثانيا يخبرها بأن السيد عز سيزورهما غدا وليس وحده .. بل معه زوجته التى لم ترتح لها وإبنته اللزجة .
هى لم تكد تتعامل مع أمر سفرهما إلى مصر ، حتى تأتيها صدمة الزيارة اللطيفة .
لقد زارتها سوليا مع ابنتها كنزى فى منزل والدها عندما كان مريضا ، ولم تروقها تماما .. بملابسها الفاضحة بطريقة لا تريح .. وزينتها الأنيقة التى تبرز جمالها الفاتن الذى لا تستطيع نفيه ، ومع أسلوبها المترفع ونظراتها المدققة التقيمية .. عرفت بأنهما لن تتوافقا معا .
فماذا إن جائت تلك " الصاروخ " التى فتنتها إلى زوجها !
زفرت للمرة التى لا تعلم بحنق ، لتسمع سيف الجالس على الأريكة قبالتها يقول وعينيه لا تفارق شاشة حاسبه :
_ كفاية يا نهاد .. أنا مش فاهمة إيه سبب ضيقك ، عادى زيارة عادية جدا !
تحدث ببساطة ، لتقول بغيظ وهى تتأمله :
_ وليه من أصله الزيارة العادية ، عمو عز لو عاوز يطمن عليا .. يكلمنى بالتلفون وخلصنا ، لكن ....
قاطعها سيف بثبات وهو يضع حاسبه جانبا :
_ مفيش لكن يا نهاد .. خدى الموضوع ببساطة ، ولو على تجهيز الأكل فأنا ممكن أطلبه من محل عربى وخلاص .
تنهدت نهاد بقلة حيلة لتقول أخيرا :
_ مفيش داعى .. انا هجهز الأكل ، وربنا يستر بقا .
القلق وعدم الراحة تؤرقانها من الأن ، فلماذا ذلك الخوف ؟
هى زيارة عادية رغم كل شيئ .. هدفها نبيل وهو الإطمئنان عليها !
لماذا إذا تكبر الأمر وتجعله يستحوذ على تفكيرها ويخنقها بتلك الطريقة !!
............................................................ ........................................................
_ اختفت تانى ؟
قالها بغضب نارى ، ليقول رفيقه فى محاولة لتهدئته :
_ معلش يا راشد .. بكره تلاقيها .
صاح راشد بعنف :
_ ألاقيها فين ، كل ما أقول أتحلت وهلاقيها تختفى تانى ..
ترك صديقه سراج الذى كان ينادى عليه ليغادر حانقا بسيارته بسرعة كبيرة .
لقد جاء إلى مصر من أجلها ، وعندما عثر على طرف الخيط للوصول إليها وجد نهايته بسرعة ، ليفقد الأمل مرة آخرى .
أخته الغبية التى يمقتها تصر على الإختفاء والتلاعب به .
ما ذنبه ليدور باحثا عنها ؟
أهى وصية أمه العالقة برقبته ؟ .. أم ربما حنين لمعرفة من سلبت عقل والدته ؟
انتفض فجأة عندما راى شبح أسود يظهر أمامه ، فضغط على المكابح بقوة ولكن كان متأخرا للغاية .. فقد صدم الشبح الاسود .
خرج من سيارته بسرعة ليجد ذلك الشبح قابعا على الأرض يتأوه .
إقترب ليحاول المساعدة فأمسك بالذراع وهو لا يعى إن كان رجل أو امرأة ولكن فجأة شعر بألم حارق فى يده .. ليفاجأ بأن ذلك الشبح فتاة وقد نشبت مخالبها فى يده فأدمتها .
إنتفض مبتعدا عنها ليقول لها بسرعة لم تخلوا من التعجب :
_ بعتذر منك كتييير .. كيف فينى ساعدك .
صرخت به الفتاة غاضبة وهى تحاول النهوض :
_ بتعتذر إيه .. رجلى شكلها أتكسرت بسببك .
إقترب منها وهو يمد يده كى ينهضها ، إلا أنها صفعة باطن يده بقوة وهى تقول صارخة :
_ أبعد عنى .
نظر إلى يده التى تحول بياضها إلى احمرار خفيف بسبب فعلتها ، فزفر بقوة شاتما .. ليعاود الاقتراب وهو يجدها بدأت تنهض وتستند إلى السيارة :
_ تعى نروح المشفى القريب .
نظرت له بجنون لتهتف به :
_ تروح جهنم يا غبى .
كاد يرد عليها ردا لاذعا بعدما سأم قلة تهذيبها ، ولكن وجد مجموعة من الشباب يقفون له ويسألونه ماذا حدث .
فأراد إخبارهم ولكنها نحته جانبا وهى تقول بصوتا عالى :
_ الراجل ده خبطنى بالعربية .. وعاوز يخلص الموضوع ويودينى المستشفى .
نظر لها مستنكرا ، ليقول بوجوم :
_ أنتِ عم تقولى رجلى أتكسرت وأنا عم قولك تعى نروح المشفى نطمن عليها ... شو عملت أنا ؟
قالها متسائلا بحيرة ، ليجدها ترد عليه بإندفاع :
_ أنتَ عاوز تهرب ومتتحملش نتيجة اللى عملته ، وعاوز تريح ضميرك بأنك تودينى المستشفى .. بس أنا مش هسكت .
وألتفتت تنظر لرقم السيارة فعل بأنها تحفظه لتبلغ عنها ، فقال بهدوء قاطعا لها :
_ لا تتعبى حالك .. هى مانا سيارتى ، أنا اصلا مانى من هون .. وبكره بسافر بلدى .. بدك وديكى المشفى ولا المغفر ؟
تدخلت بعض الفتيات كانت تقف وتراقب المشهد ، ليحاولوا إقناعها بالعدول عن رأيها وترك الفتى وشأنه ، فقالت أخيرا بحقد :
_ ودينى المستشفى .. بس أنا مش مسامحة فى حقى .
زفر غاضبا وهو يحاول تمالك نفسه والصمود كى لا ينفجر بوجه الوقحة ويعلمها قدرها ..
نظر إليها والفتيات يقتدنها تجاه سيارته ..
حقا أنها شبح أسود !!
كيف للفتيات الرقيقات .. الناعمات .. الحنونات المعطائات .. أن تتحول لتلك النسخة البشعة من التقلبات ..
_ شبح أسود !
قالها بحنق وهو يعود لسيارته ليأخذها إلى المشفى لينتهى الأمر ويغادر تلك البلد .
............................................................ ........................................................
خرجت من سحابة الذكريات السوداء على صوت جرس الباب .. فنهضت بتكاسل لتفتح باب الشقة التى إلتجأت إليها بعد شجار والديها الأخير منذ يومين .
هذه الشقة هى شقة الهروب ، الهروب من والديها .. ومن العالم أسره .. ومن حسام بالطبع .. ومن نفسها أيضا .
لم تسأل عن الطارق فـ بالطبع هذا رجل توصيل الطعام الذى طلبته منذ قليل .
فتحت الباب فرجة صغيرة لتصدم بهالة سوداء قاتمة .. تمثلت بجاكت أسود وقبعة سوداء تخفى ملامحه .
اندفع الباب بقوة ، وألتصقت يد الملثم المكسية بقفاز جلدى أسود بشفتيها تمنعها من الصراخ وتدفعها لأقرب حائط .
وجدت يده الآخرى تلتقط مسدسا أسود وتدفعه بقوة الى خصرها .. لتسمع صوته الذى جمدالدماء بعروقها :
_ عاوزة تسيبى كل حاجة يا شذى ؟ .. هتسيبينى أنا .. وأنا حبك .. ماشى يا شذى زى ما أنتِ عاوزة أنا هبعدك عنى بطريقتى أنا .
حاولت الصراخ عندما سمعت صوت زناد السلاح .. بينما كان يقترب منها مع كل كلمة يقولها لتلتصق شفتيه بعنقها وهو يكمل بصوتا بفحيح :
_ لكن بعد ما أخد اللى عاوزه .
أنتفضت فى محاولة فاشلة لإبعاده بعدما صدمتها شفتيه التى عرفت الطريق من عنقها إتباعا الى شفتيها ..
كانت تقاوم قبلاته التى أنهمرت حاره تحرق عنقها ، بينما تسمع همسه يجمدها من شدة الخوف :
_ روحك حلوة .. بس آخرها تربة .. وعلى أيدى أنا يا شذاى .
شعرت بشفتيه تقتربان من شفتيها ، فبكت بألم وهى تحاول جاهدة إبعاده .. إلا أن ضغطه على جانب خصرها بالمسدس جعلها تتألم أكثر .
تملك شفتيها !!
بلى تملكها بقوة .. بإكتساح .. مانعا المعارضة ، وفاتحا المجال للمبادلة !!
وكخائنة فى محراب العشق والأدمان لحبه اللعين ، كانت تتجاوب معه ببطئ .. ليزداد أندفاعه .. وهو يبادلها الرقة بقسوة لم تعهدها ..
ليعيث فسادا بشفتيها .. يجرح ما جرح .. ويقتل ما قتل .
ترك شفتيها أخيرا ببطئ .. آخذا عدة شهقات طويلة .. بينما عيناه الباردتان لم تفارق عينيها .
إنتقلت نظرته من أسر عينيها إلى شفتيها التى إستحال لونهما من الوردى إلى الاحمر وقد ظهره أثر عنفه بدمائها التى إنطبعت على شفتيه .
همس بصوتا جاف وهو لايزال موجها سلاحه لخصرها :
_ مش هتقدرى تبعدى .. أنتِ ملكى .. من يوم ما حبتينى وانتِ ملكى .. وأنا بس اللى أقرر بعدك .
جلمود قاسى .. وقح .. حقير وغبى .
أحبك فتقابل حبى بالألم ؟
أهجرك فتقابلى بسلاح ؟
تدمى شفتىّ ومن قبلهما قلبى ؟
ألا تشعر بى .. أتريد قتلى مرتاحا ؟
مما صُنعت أنتَ ؟ ... من قسوة أو ربما جحود ؟
تركها منتزعا سلاحه بقوة ، ليضعه بسترته .. وهو يدلف إلى منزلها بمنتهى البرود ليستلقى على الأريكة بكل راحة واضعا قدمه على الطاولة أمامه .
كادت تصرخ به .. تسبه وتخرج شياطينها ، إلا أنه أنتفضت عندما سمعت جرس الباب ، لتركض إليه كأنه النجدة من كابوسها .
فتحت الباب لتجده فتى التوصيل ، يناولها الطعام الذى طلبته .
كادت تصرخ بطلب مساعدة ، إلا أنها شعرت بالسلاح يغرز بظهرها بقوة ألمتها .. فتناولت الطعام بإرتباك لتغلق الباب وتلتفت إلى الظل الأسود الذى تمثل أمامها .. بكل ما تلبسه من ملابس سوداء كان حقا ظل أسود بائس مخيف .
قال ببطئ وهو يناظر عينيها :
_ بلاش يا شذى تاخدى الدور ده .. دور المهددة بالقتل .. الدور فعلا صعب .
أبتلعت رقيها بصعوبة ، لتقول له بتوتر :
_ أمال إيه ده ؟
إقترب منها الخطوة الفاصلة بينهما ليقول لها بغضبا أسود :
_ ده الحب الأسود .. حب الأنتقام .. حب القتل .. حبك انتِ يا شذى .
أعليها الرقص لأنه يقول بأنه يحبها ، أو البكاء على عمرها الذى سيفنيه حسام من أجل الحب .
قالت بهدوء تحاول تمالك نفسها :
_ حسام إذا سمحت أمشى ، أنا مش هقدر أتكلم ولا أفكر فى خططك المبهرة دلوقتى .
_ أنا اللى بخطط وأنتِ تنفذى .
قالها بنذق جعلته ترتعد من الداخل ، إلا أنها تظاهرت بالثبات وهى تقول :
_ زى ما أنتَ عاوز يا حسام ، بس يلا من هنا ... مش عاوزة حد يعرف أنك هنا .. أنا مش عاوزة مشاكل يا حسام .
ضحك .. بلى ضحك بسخرية وهو يعود للإستلقاء على الاريكة ، ليقول وهو ينزع الاقبعة عن وجهه :
_ من أمتى وشذى بيهما آراء الناس ، ولو كنتِ فعلا مهتمة كنتِ مشيتى مع مرام ؟
اسمعينى كويس يا شذاى .. دى آخر فرصة ليكِ .. لأن أى حاجة بتقترن بحسام هتبقى زيه ، وأنا شيطان .. و نهاية الإقتران بالشياطين مش حلوة خالص .
أرتعدت أوصالها من لهجته الباردة الصادقة !!
هل هذا وعيد بالقتل ؟
لم تستطع سوى الهمس بإرتجاف :
_ أنتَ .. أنتَ تعرف مرام منين ، وليه كل الاصرار ده على الانتقام من مؤيد ..
رفع سلاحه أمام عينيه .. ليدقق بجسده المعدنى بتفحص ، ليقول أخيرا بهدوء وهو مازال على تفحصه :
_ مش هتسألى الفنان بتحب الفن ليه ؟ ... ولا هتسألى القاتل بتحب القتل ليه ؟
وأنا بين ده وده .. بهوى الفنون .. وبذات الوقت عنى الدافع للقتل .
أما مرام .. فدى ممكن تقولى مجرد دافع من مجموعة دوافع ..
وبالنسبة لمؤيد .. فهو صديقى !
هزت رأسها بعدم فهم .. لتقول له بإختناق وهى تجاهد لإخراج الكلام :
_ انتَ عاوز إيه يا حسام ، منى ولا من مؤيد ولا من ميساء ولا من شريك جديد؟؟ .. أنا مش قادرة أفكر وأخطط .. فلو سمحت أمشى دلوقتى ونتكلم بعدين .
عاد إلى ضحكاته العالية ، لينتهى قائلا بسخرية :
_ لا يا شذاى .. أنتِ ليكِ مهمة التنفيذ بس ، وأنا بفكر .. ومفيش مجال تانى للكلام ، أنا قولت كل حاجة ولو عاوزة تتحدى الشيطان الأسود واجهينى .
لينهض بسرعة من الأريكة ليقترب منها واضعا مسدسه على رقبته وهو يهمس بأذنها :
_ كل ده مش عروض إستعراضية ، دى رسائل خفيفة كده .. أعتبريها حب بشكل جديد .
ليتقط قبلة سريعة من شفتيها ويغادر .
غادر !!
تنفست الصعداء لتقع على الأرض من هول ما رأت .
لقد كاد يودى بحياتها ، وبدون أى إحساس !!
أى حبا ذلك الذى تكنه له ، بل كيف لها برقتها أن تحب امثاله ؟!
ياإلاهى لقد ذهبت لحجر الشيطان الأسود بقدميها ، فأصبحت أسيرة لا يحررها سوى الموت وبيده هو !
............................................................ ........................................................
كانت تلف فى دوائر مغلقة ، تدور فى الغرفة مثل الحبيسة .. تفكر بغيظ مترقبة لمرور الدقائق بل والساعات القادمة .
لقد أستعدت وأعدت كل شيئ للزيارة اللطيفة ، ولكن لازال الضيق يقتلها والخوف أيضا ..
زفرت بقوة وهى تحاول تهدئت نفسها .
" لا عليكِ نهاد إن الأمر مجرد زيارة ، لا تقلقى فزوجك ملكٌ لكِ فقط "
أنتفضت على ضوت جرس الباب ، تلاها عدّة أصوات رجحت بأن سيف يستقبلهم ..
فأخذت عدّة شهقات متلاحقة لتخرج راسمةً ابتسامة أنيقة على ملامحها ... لتسلم على صديق والدها السيد عز ، تلته زوجته سوليا التى ناظرتها ببرود أوربى متعارف ، أخيرا كانت الابنة كنزى .. التى كانت ترتى فستان أقل ما يقال عنه أنه فاضح ..
لمع الحنق بعينيها وهى تجد الفتاة تناظرها بإستحقار ولا ترد على يديها الممتدة فى الهواء ، لتجدها تدخل بسرعة لاحقة بسيف .
" يارب صبرنى "
همست بها لنفسها ، لتعود إلى المظبخ وتخرج الطعام .
بعد أنتهائهم من الطعام ، توجهوا إلى الصالون حيث جلست تراق كيف ألتصقت تلك الباعوضة كنزى بزوجها ، لتقول له بصوتا رقيق واثق :
_ حدثنى والدى عنك سيف .. وقال بأنى سأتدرب معك .
كان الحديث بالألمانية التى لا تزال تتعلمها ، ليزداد حنقها وهى تتعرف لبعض الكلمات وتجهل البعض .. فلا تتكون لديها جملة مفيدة .
أكملت كنزى وهى تضع قدما فوق الآخرى ليرتفع الفستان الأحمر أكثر ويظهر جمال ساقيها البيضاء .
_ أخبرنى والدى بأن علىّ الذهاب للشركة وتلقى التدريب المكثف لأستطيع أن اصبح مديرة بوقت قياسى كى يتقاعد هو عن العمل ، وحين طلبت منه من يدربنى ذكر لى أسمك على الفور وقال أنه يحبك ويراك أكثر من تستطيع إفادتى .
زفر بضيق وحاول الابتعاد قليلا ، يكاد يشعر بإنطباع جانب جسدها على جانبه ، مع قدميها ال... عاد يزفر بحنق وهو يذهب بتفكيره لمكان آخر بعيد ..
إلا أنه إنتفض حين شعر بجسد كنزى يبتعد عنه وآخرى تجلس بدلا منها .
نظر إلى زوجته التى إلتفتت لكنزى لتقول مصطنعة ابتسامة باردة :
_ معلش أصلى مش بعرف أقعد غير جنب جوزى .
وأنهت عبارتها بقوة تثبت لها بأن سيف ملكيتها الخاصة وليس مسموحا لها الاقتراب ، فوجدت الآخرى تترفع عنها بالرد وتبتعد بوجهها .
بإنتهاء الجلسة العقيمة وحينما جاء أخيرا موعد ذهابهم ، وجدت السيد عز يقترب منها ويقول لها بطيبة :
_ خلى بالك من نفسى يا نهاد .. وأبقى كلمينى على طول ، أنا زى والدك .
اومأت له برأسها مبتسمة برقة .. فهى للحق تشعر بوجوده بالإطمئنان ، شيئ من رائحة والدها الراحل .
ألتفتت لتجد تلك " الباعوضة" التى عاودت الإلتصاق بزوجها مرة آخرى لتقول له بنعومة وغمزة من عينيها السوداء الشقية :
_ سنلتقى قريبا .. ولكن للعمل فقط .
تصنع ابتسامة عادية ، ليجدها تقترب منه فجأة فى نية واضحة لتقبل وجنته !
كاد ينتفض إلى الخلف ويتداركها ، ولكن وجدها تبتعد عنه بقوة .. وكان الفضل ل زوجته !! التى أبعدتها بقوة عنها .
نظرت لها نهاد بغضب لتقول من بين أسنانها :
_ سيف مش بيسلم على ستات .. وأكيد مش بالاحضان والقبلات.
نفضت كنزى يدها بقرف ، لتنظر لها بترفع وهى تقول بالألمانية :
_ سنرى .
............................................................ ........................................................
|