لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-18, 01:42 PM   المشاركة رقم: 61
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


الفصل العشرون

لاترتكب الخطأ إن لم تكن مستعدا للعقوبة.
*****
ألقت بجسدها المنهك على الفراش، لقد أنتهت لتوها من توديع آخر المعزيين .
ثلاثة أيام مرت بعد آخر مرة قابلته بها، لا تكاد تصدق هذا الشوق اللامحدود المتقد بداخلها .
ألانها عزمت على الفراق فيأبى قلبها أن يريحها؟؟!
ولكن عليها أن تعتاد ذلك، لقد أتخذت القرار ولا رجعة فيه .. إما أن يسلم حصونه ويستسلم لقلبه الذى يحبها وإما تنتهى قصة الانتقام التى طالت حتى قاربت أنفاسها على الإنقطاع بسببها .

دائرة الانتقام دائرة مغلقة
يدور بها الجميع حول بعضهم البعض
لا أحد يعلم أسبابها
ولكنهم يعلمون مركزها
ومركزها هو مقتل والده!!
ابتسمت بيأس حين دارت تلك الخاطرة برأسها، إنها ذاتها التى خطرت ببالها حين استفاقت من صدمتها بعدما وجدت نفسها فى الفراش وحيدة مع ورقة باهت الحبر خُط عليها طلاسم لوعيد خفى .
لقد وعدت نفسها بأن تنتقم منه، وعدت بأن تثبت له بأنه مخطأ وتنتقم لكبريائها الذى سحقه بفظاعة مرتين، الاولى حين أهانها برسالته بعدما أتم الزواج والثانية حين أعادتها إلى عصمته دون أن يسألها رأيها .
لقد تحملت منه الكثير، تحملت ما لا تتحمله أنثى .. تحملته حين فتحت ذراعيها له طلبا لدعمه، لكنه بمنتها البرود أدار وجهه عنها رافضا لها ..
تحملته حين طلب منها الصبر والإنتظار حتى يعرفا قاتل والده ..
تحملته فى قسوته، وتحمته ايضا فى بروده ..
تحملت جليد مشاعره، تحملت قسوة نظراته ..
تحملته حتى ما عادت قادرة على تحمل اعتزاره!!
بلى حبيبها القاسى أعتذر .. أعتذر بشموخ متعالى كما هى عادته .. ولكنه اعتذر!!
فى تلك الليلة انتهى كل شيئ .. وفيها بدأ كل شئ ..
بليلة موت عمتها حين خرجت لحديقة المشفى متعبة مرهقة مما عانت خلال اليوم .
قفزت لعقلها الذكرى القريبة، لتتجسد أمامها بوضوح فشعرت بأنها تعايشها كما عايشتها بتلك اللحظات الفاصلة .

""أنتبهت فجأة حين شعرت بأحدهم يقف على بعد منها ... بينما هناك عينان لامعتان تراقبانها بقوة جعلتها ترتبك .
للحظة شعرت بالضيق من ذلك الرجل الذى لم تتبين ملامحه وسط ذلك الظلام ولكنه يحدق بها بطريقة مزعجة ومثيرة للغيظ .
ظلت مكانها للحظات متصنعة اللامبالاة، حتى تمكن منها الغيظ وهى تلحظ بأنه لم يتحرك من مكانه .
نهضت بحدة لتعود إلى شقيقها، ولكن قبل أن تفارق مكانها كان ذلك الرجل يقترب منها ..
ببطئ .. خطوة تدفعها خطوة، حتى ظهرت ملامحه تحت الضوء الخفيض القريب منها .. لتشهق بصدمة وهى تعى بأنه هو ... أدهم، أسير أفكارها!!
تجمدت بمكانها فى ترقب، إلى أن وصل بهدوء إلى مكان جلوسها فنظر قليلا إلى وجهها المصدوم قبل أن يلقى بجسده على الكرسى بقوة .
شعرت بالكرسى يهتز بقوة بفعل جلوسه العنيف، إلا أنها أبدا لم تخرج نفسا من الاعتراض .
دقائق مرت بطيئة، لم يقطع أحدهما الصمت خلالها .. كلامنهما شاردا بتفكيره ..
أنتفضت ناظرة إليه حين قال بهدوء:
_ ورجعنا لنقطة الصفر .
أخفضت حينها رأسها بألم، لتهمس بإختناق:
_ أيوه .. رجعنا للصفر، لكن للأسف مش بنفس النفوس اللى بدأت .
إلتفت أدهم إليها لينظر إلى عينيها بعمق، قائلا بشرود:
_ آه النفوس أتغيرت .
أشاحت عنه شاعرة بالألم يهبط ثقيلا على قلبها، إلا انها لم تقدر على منع تلك الكلمات من الخروج بشكل متحشرج:
_ أظن أنه خلاص مبقاش فيه حاجه تربطنا ببعض .
أنتظرت رده لثوانى، إلا ان تلك الثوانى طالت فإلتفتت إليه مرغمة .. لتنظر إلى ملامح وجهه الغير مفسرة .
لطالما كانت جيدة فى قراءة تعبيرات الوجوه، إلا أنها معه فقدت قدرتها على ذلك، أو أنه هو من يتعمد أن يخفى مشاعره عنها كما اعتاد طويلا .
إلا ان قوله الذى جاء بعد لحظات الصمت تلك كان ضاربا لكل الاحتمالات، متمثلا فى كلمة حلمت طويلا بأن تسمعها منه .
_ آسف .
أبتسمت زهور بمرارة .. بينما تجمعت الدموع بعينها ثانية، لتكمل لوحة الأسى المرتبطة بوجوده .
يعتذر!!
أدهم يعتذر!!
بعد كل هذا يعتذر!!
لقد تأخرت كثيرا يا أدهم .. حتى فات الآوان!!
أكمل بهدوء قائلا :
_ اتأخر أعتذارى .. لكن لازم اقوله، أنا آسف يا زهور، على كل لحظة ألم عشتيها معايا .. على كل خطأ ارتكبته فى حقك وأنتِ سامحتينى من غير ما اعتذر ... بعتذر عن ظلمى ليكِ، بعتذر عن الوقت الطويل اللى ضيعته من حياتك .. بعتذر عن قلبك اللى أتجرح كتير بسبب .. بعتذر ليكِ عن أدهم اللى كان سبب لألمك طول الفترة اللى فاتت .
بعتذر عن ماضى حملتك عقابه .
أخمضت زهور عيناها بأسى، لتنساب دموعها برفق على وجنتها .. واحدة تلو الآخرى تتخذ مجراها على وجنتيها الناعمة .
شعرت فجأة بيده الخشنة تلامس وجنتها برقة، تتلمس دموعها الساخنة .. لتزيلها ببطئ .
قبل أن يقترب هامسا بحزن فى أذنها :
_ أنتِ حلم جميل يا زهور، أجمل حلم مريت بيه .. لكن للأسف مقدرتش أتمسك بحلمى رغم عنادى وقدرتى على كده .. بس....
فتحت زهور عينيها حينها لتقول بصوتا مرتجف :
_ بس انا بفكرك بالماضى، أو انا مفتاح لقسوة أيام الماضى اللى مش قادر تنساها .. أنا سر كل نظرة عجز ملت عينك فى يوم .. انا سر شعورك بالنقمة على نفسك .. أنا نقطة ضعفك وقوتك فى نفس الوقت .
أنا وأنتَ مش هنقدر نكون كده فى يوم من الأيام .. مش هنقدر نكون مع بعض، لأن اللى واقف بينا أقوى من أننا نتخطاه .. أو حتى نقف ضده .
أنتَ مش هتنسى فى يوم أن قاتل والدك هو والدى، وأنا مش هقدر أبعد الشك عنى أن قاتل والدى هو أنتَ ..
للأسف يا أدهم هى دى النهاية .. ده آخر الطريق، هحاول أتحلى بروح رياضية وأقولك .. أتمنالك الخير مع غيرى .
راقب أدهم ملامح وجهها خلال كلامها، فكانت تتحول من الرقة الحزينة .. إلى الصلبة القاسية، حتى أنتهت على تكشيرة مستائة.
فقال أدهم بهدوء وهو ينظر إلى السماء:
_ للاسف زهور التوليب خاصتى، مش هقدر أعمل كده .. مش هقدر أسيبك لأنى جزء منى ...كل اللى هقدر أقوله أننا محتاجين فترة راحة، محتاجين نصفى قلوبنا من كل الاحقاد ونفكر كويس، أدى لنفسك فرصى وأدينى فرصتى .. وان شاء الله هننجح .
ابتسمت زهور بمرارة وهى تراقب تعبيرات وجهه الهادئ، لتهمس بخفوت:
_ الفرصة ضاعت من زمان يا أدهم، أنا وأنتَ شوهنا الماضى، ومش هنقدر نتخطاه وإلا كنا أتخطناه من مدة طويلة .
أخفض أدهم ناظريه ثانية قبل أن يعاود رفعهما لينظر إلى وجه زهور بتمعن ..
أشاح عنها بعد لحظات لينهض قائلا بهدوء:
_ أحنا محتاجين وقت نرتاح فيه، لكن ده ابدا مش نهاية الطريق .. أنا قررت أتخطى الماضى وأعيش لمستقبلى، وأنتِ كمان هتتخطى الماضى بمساعدتى او من غيرها .
أنهى كلماته مغادرا بصمت، بينتابها شكا خفى فى كونه لم يحضر من الاساس وكانت تتوهم، إلا أنها استنكرت الفكرة، فهى لم تصل إلى تلك الحالة بعد، ولكن ان استمر أدهم على تقلباته الغريبة بكلامه الأكثر غرابة فلا شك أنها ستصل إلى حالة من العته .

............................................................ ........................................................

"أنتَ هتعيش وأنا وميسا هنموت .. وده قمة العدل"
قالها حسام بشيطانية، جعلت مؤيد ينتفض فى مكانه برعب.
لم يكن حسام بحالة سوية لاستنكار كلامه، بل على العكس تماما .. كان مندفعا بتهور لفعل كل ما يعذب مؤيد ويؤلمه.
شعر فجأة مؤيد بيدين تجذبانه بقوة كى ينهض، نظر إلى الخلف ليجد أحد معاوني حسام يمسك به بقوة .
صرخ مؤيد بوحشية محاولا دفع حسام عما ينوى:
_ خذنى أنا بدلها .. أقتلنى أنا .
ضحك حسام بالمقابل، ليصيح بجنون :
_ بجد الدور لايق عليك .. شابوه مؤيد، عجبتنى .. ممكن تلتحق بمعهد للتمثيل، هيناسبك جدا بعد المشهد ده .
حاول مؤيد التخلص من قبضتى ذلك الرجل، إلا أن قوته الواهنة لم تكن لتفعل أى شيئ، فقال صارخا:
_ اللى أنتَ هتعمله يا حسام غلط، صدقنى اللى بتعمله مش هيأذى حد غيرك .. فوق يا حسام، فوق أرجوك مش عاوز أخسرك .
إقترب حسام فجأة من مؤيد بهدوء، ليقف أمامه مباشرة ويميل عليه هامسا أمام وجهه:
_ للأسف يا مؤيد .. الوقت فات، بس قبل ما أمشى من الدنيا عاوز أقولك آسف .. آه آسف، لأنى بصراحة بعاقبك وبعاقب نفسى معاك ..
أنتَ كنت زيي، عملت معاها "مرام" زى ما أنا عملت معاها، يمكن أنا ساعدتها لكن نبذتها، أما أنتَ فأوهمتها وخدعتها علشان لقيتها وحيدة ضعيفة وعلشان كده أنا بنتقم منك فيها "وأشار بيده تجاه ميساء التى لاتزال جالسة على الأرض"
أغمض مؤيد عيناه بقوة وهو يقول:
_ صدقنى أنا مخدعتش مرام، أنا حبيتها لكن هى خدعتنى .
أنقض حسام حينها عليه ممسكا إياه من مقدمة قميصه، ليصرخ بوجهه بجنون:
_ مرام كانت بتحبك .. كانت عاوزة تتغير معاك، كانت عوزاك تحبها وتحميها وأنتَ بكل حقارة أخذت اللى عاوزه ورميتها ..
مش هيفيدك الكذب دلوقتى يا مؤيد .
تركه حسام بعنف ليلتفت لرجله ويشير له بأن يأخذه للخارج .

بينما كان ذلك الرجل يخرج مؤيد من المخزن، كان آخر يندفع إلى حسام بعلبة كبيرة أستنتج مؤيد فور رآها بأنها بنزين!!
حاول مؤيد للمرة التى لا يعد يعرف أن يبعد عنه الرجل الذى يدفعه للخارج، إلا أنه ابدا لم ينجح .
وقبل أن يخرج به الرجل من المخزن صدح صوت حسام صارخا:
_ أستنى .
وقف الرجل سريعا بمؤيد، ليبتسم حسام بشر وهو يراقب تعابير الفزع على وجه مؤيد .
بينما يداه كانت تعرف طريقها لفتح العلبة، وببطئ كان يبدأ بسكب محتواها حول ميساء الجالسة أرضا فى شكل دائرة .. وكلما دار حولها مرة كان يقترب منها بالعلبة .. حت وقف أمامها مباشرة ورفع ما تبقى من العلبة فوق رأسها .
رفعت ميساء ناظريها تنظر ليده الحاملة العلبة فوق رأسها، إنتقلت عينيها لعينيه قبل أن تهمس بثبات تعجبه :
_ مش اللى بدأ حاجة يكملها .
ابتسم حسام بشر قبل أن يخفض ذراعه إلى جواره دون أن يسكب الباقى من البنزين فوقها، ليقول بتشفى:
_ معاكى الأمر يختلف .. هتكون سعادة مطلقة لما أشوف وأنتِ بتخرجى من هدوئك وقت ما تلاقى النار حواليكى ومش قادرة تعملى حاجة.
ابتسمت ميساء بسخرية مجيبه إياه ببساطة:
_ وممكن أنتَ اللى تسبقنى، مش برضوا هتفضل معايا فى المخزن ويا أنتَ تموت الأول يا يكون قدرى قبلك .. مش سباق للوصول للموت يا حسام، لكن مش قدامى غير الصبر .
إلتفت حسام ناظرا أمامه إلى باب المخزن حيث كان مؤيد، ليقول بهدوء مخاطبا ميساء:
_ مش عاوزة تقولى حاجة لحبيبك فى وداعكم الأخير؟!!
نقلت ميساء ناظريها بسرعة إلى مؤيد الواقف بتعب لا يكاد يستطيع الوقوف دون يدا ذلك الرجل التى تتشبث به .
ابتسمت له ميساء برقة، ومع ابتسامتها التى كانت تتسع كانت دموع العجز تغطى عينا مؤيد وهو يراقبها .

لحظات وكان ينقلب الحال، نيران تلفح المكان من حولها .. صرخت مؤيد تصدح بالمكان .. صوت صراخ أحدهم .. ولا كان آخر ما رأت نظرة حسام السوداء تنعكس عليها النيران من حولهما كمرآة حزينة مهشمة .. ثم أختناق وعالم أسود إجتذبها بقوة إليه .

............................................................ ........................................................

كانت تجلس واضعا ساق فوق الآخرى، تتملك الثقة من ملامح وجهها لأول مرة منذ مدة طويلة .. تراقب ملامح وجه والدها المرتبكة وهو يقول:
_ رغد أنا سألت عن إياس وعن علته، وبصراحة بعد فترة من التفكير لقيت أنه مش مناسب ليكِ .
إعتدلت فى كرسيها بأناقة لتجيبه بهدوء مسايرة موكب حديثه:
_ وإيه المناسب ليا يا بابا؟؟ ... هل حسان كان مناسب، أو ممكن ياسين؟!
لكن مش هعترض على قرارك إلا لو قلتلى سبب رفضك .
تشنجت ملامح والدها بتوتر، ليقول بعصبية محاولا إنهاء الحوار:
_ ده قرارى الأخير يا رغد .. وأنا اللى شايفه أحسن ليكِ أكيد هعمله، لكن إياس مرفوض وده آخر حاجة عندى .
رفعت رغد رأسها بإباء قائلة بهدوء أنيق:
_ للأسف يا بابا القرار مش ليك .. القرار فى النهاية يرجع ليها، وأنا شايفة أن إياس مناسب جدا ليا .. ومدام مناسب يبقا هوافق عليه، لكن لو قلتلى سبب رفضك .. ممكن أفرك تانى فى قرارى.
إتسعت عينا والدها بذهول، قبل أن يشتعل الغضب بملامحه ويصرخ بها:
_ هتتجوزيه من غير ما أوافق عليه .
ابتسمت رغد بسخرية مجيبة:
_ وليه لأ؟! .. ممكن يكون القرار المرة دى لأنه جاى منى أحسن من اللى قبله، حضرتك كنت موافق على حسان وياسين وأنتَ عملوا إيه .
حاول مختار إيجاد حلا للورطة التى سقطت فوق رأسه فقال بصوتا حاول أن يكون هادئ متحايل:
_ رغد حبيبة بابا .. لو أنتِ موافقة عليه علشان تبقى ضدى فده مش هيفيدك و...
قاطعته رغد بحزم حينها قائلة:
_ وليه يا بابا أقف ضدك فى قرار أنا عارفة إنك متخذه علشان مصلحتى، لكن من حقى أعرف سبب رفضك .. وإلا أروح لإياس وأعرف منه بقا سبب الرفض .

ابتسمت رغد بخبث وهى تلاحظ التوتر الذى تلبس ملامح وجه والدها، حتى أنه بدأت فى التعرق من شدة الضغط الذى تمارسه عليه .
جيد إنها تتحسن للأفضل، كان لابد أن تعرف سر العداوة بين عائلة المغيرى ووالدها، كان يجب عليها ان تعلم لتعرف كيف تتعامل مع إياس وتنال منه ومن والدها فى ضربة واحدة .
لقد أكتفت من الضعف المخزى، أكتفت من البكاء على حالها لساعات حتى تتورم عينيها لتعاود فى الليلة التالية فعل نفس الشئ والبكاء على نفسها ثانية ...
لقد أكتفت من كونها لعبة يحركها والدها أينما وكيفما يشاء، اكتفت من ان تكون لعبة أنتقام لإياس باشا الذى لا تعلم سبب أنتقامه منها .
أكتفت من ان تكون لعبة الجميع، وحان دورها لتكون من تلعب بالجميع.

قالت رغد بمكر وهى تلحظ تردد والدها فى البوح بما لديه:
_ إياس كان عاوز تنازل عن باقى نصيبى فى الشركة .. علشان تنضم شركتنا رسمى لمجموعة شركات المغيرى .
إتسعت عينا والدها أكثر، لتبتسم هى بدها .. لابد أن تطرق على الحديد وهو ساخن كى تنجح فى الوصول لما تريد.
صاح والدها بإنفعال شاتما، فقالت رغد بهدوء واثقة:
_ أنا عارفة أن إياس بيلعب بينا، عاوز ياخد الشركة منا بدعوى تجميع المصالح، لكن الأمر لسه مخرجش بين أيدينا .. لو قولتلى سبب دخول إياس لحياتنا فجأة، وقتها ممكن أقدر أوقفه قبل ما ياخد اللى عاوزه .
أخفض مختار وجهه بضيق، قبل ان يرفعه قائلا بخفوت:
_ إياس كان ابن شريكى القديم .
ابتسمت رغد شاعرة بنفسها تكاد تنهض لتصفق بجذل، لقد نجحت أخيرا فى أمر .. ووالدها سيخبرها بعلاقته بتلك العائلة.
لكن لحظة .. ابن شريكه؟!!!!!
هل كان لوالدها شريك؟
دائما ما كانت تسمع أنه بنا أملاكه بنفسه دون أى مساعدة .. فما حكاية ذلك الشريك؟!

............................................................ ........................................................

تركت فرشاتها حين شعرت به خلفها ينظر إلى اللوحة بتقييم كما إعتادت منه حين تنهى لوحة .
لقد تركت الرسم منذ فترة شعرت خلالها بأنها كالنبات بلا ماء، لقد إكتشفت مؤخرا أنها تعشق الرسم لأنه الطريقة الوحيدة للتعبير عن نفسها .. فلم تكن الكلمات ابدا تسعفها فى وصف ما بداخلها .. ولكن رسم لوحة مضطربة الالوان هو ما كان يبدد مزاجها .
إلتفتت ببطئ لتنظر لترفع رأسها إلى سيف الواقف خلفها .
للحظات أستمر فى تفحصه للرسمة قبل أن ينظر إلى وجهها المرتفع له مبتسما بإرهاق .
تحدث سيف مشيرا إلى اللوحة:
_واضح أنك بتعانى من إضطراب فى المشاعر، مزجك فى الرسمة بين الجانب المظلم والجانب والمنير بيشير لجوانب السعادة والحزن .
ابتسمت نهاد برقة وسألته:
_ عرفت ازاى .
إقترب سيف أكثر ليميل بوجهه حتى أصبح مقابلا لها، فإستند بجبهته على جبهتها برفق قائلا:
_ لأنى بقيت أفهمك .. أفهم المنحة اللى أخذتها من غير ما أحس، أفهم إنك نهاد .. بتشكيلة مختلفة عن أى بنت شفتها .
توردت وجنتيها بخجل وهى تسمع للمرة الأولى غزله الرقية الراقى .
نظر سيف إلى عينيها الخضراء بعمق، قبل أن يقول بحزن متأسف:
_ آسف يا نهاد .. كان نفسى أعوضك.
حلت الحيرة على ملامحها ثانية، إلا أنها سرعان ما فهمت عن ماذا يعتذر فقالت برقة ملامسة بيديها لحيته النامية:
_ أنا مقدرة كويس اللى أنتَ فيه، وعارف أن اللى حصل خارج إرادت، وبعدين إن شاء الله خير .. كل تأخيرة وفيها خيرة .
غمزت بنهاية كلماتها ليبتسم سيف بالمقابل، إلا أنه عاود القول بحزن:
_ كان نفسى أشوفك بالفستان الأبيض .
قرصته نهاد حينها بوجنته الخشنة قائلة بامتعاض متذمر كطفلة:
_ وأنتَ فاكر أنى هسيبك متعمليش فرح، لأ أنتَ هتعملى فرح .. وكبير ومختلف، وأنا هلبس فستان أبيض وأنتَ بدلة ... وهنكون زى أى أتنين متجوزين .
إحتضنها سيف بقوة متنهدا براحة .
_ شكرا لإنك وقفتى جنبى الفترة اللى فاتت .. كان ليكى تأثير كبير على زهور أنها تخرج من حالة الصمت اللى دخلت فيها .. وماما بدأت بمساعدتك تتخطى الموضوع .. شكرا ليكِ يا نهاد، حاسس أن الكلمة لوحدها مش هتوفيكِ حقك .
إرتفعت يدا نهاد لتلامس خصلات شعره وتعيد ترتيبها، بينما عينيها لاتزال معلقة بعينيه ..
همست برقة مبتسمة :
_ أنا وأنتَ مفيش بينا شكر، عيلتك بقت عيلتى، لما أشوف حد منها زعلان أو تعبان أزعل لزعله، وزهور فعلا أختى وكنت زعلانة للحالة اللى وصلت ليها .. بس متنساش أن أدهم كمان كان بيحاول علشان يخرجها من حالتها .
زفر سيف بحنق حين جاء ذكر الأدهم، ليشيج بوجهه، ولكن نهاد لم تتركه فأدارت وجهه لها ثانية قائلة بحزم :
_ أنتَ مش متقبل أدهم .. خالص؟!
كان إقرار بالأمر أكثر منه سؤال، فأكملت دون أن تنتظر جوابه:
_ يمكن أنا معرفش الشخص ده، ولا أعرف هو ليه عمل كده مع زهور .. ولا أعرف إيه علاقته بيك وليه بتكرهه، لكن هو غلط فى حق زهور وخلاها تتألم كتير بسببه، وهو برضوا عاوز يصلح غلطه ..
مش هقولك انه بيحبها لأن هو اللى يقرر إذا كان بيحبها ولا لأ، لكن تمسكه وتغيره علشانها يحسب لصالحها ..
عارف إنك لسه زعلان من زهور علشان أختارته، ورضيت تمشى معاه فى طريق هى عارفة أن ملوش نهاية، انتَ زعلان منها لأنك كنت عارف أنها هترجع مكسورة، انتَ بتشيلها وبتشيل نفسك ذنب اللى وصلتله .. لكن خلاص.. اللى حصل حصل، ورغم ان زهور أتغيرت أدهم كمان أتغير ..
سيب الماضى وأنسى زى ما هو نسيى، أفتح صفحة جديدة .. عنوانها التغيير، بص لأختك وأنتَ تعرف هى عاوزة إيه، رغم انها طلبت الطلاق وهددت برفع قضية إلا أنها بتحبه بس مجروحة وعاوزة اللى يساعدها، بإيدك أنتَ لوحدك اللى تساعدها وهى تكمل وتوصل لزوجها، لكن بلاش تقف فى طريقها وتبقى عامل مساعد فى ألمها .. خليها تقوم وترجع زهور اختك .. طفلتك، اللى بتستنى الشكولاه بتعاتك، أرجع أنتَ سيف اللى تعرفه وهى هترجع زهور اللى تعرفها .
نظر سيف بذهول إلى وجه نهاد المبتسم، لم يكن يعلم ابدا انالحل بسيط وسهل إلى تلك الدرجة ..
"أرجع أنتَ سيف اللى تعرفه وهى هترجع زهور اللى تعرفها"
حقا هو بحاجة لهذا .. بحاجة لأن يعود سيف القديم، ويعيد بيده زهور أخته التى إشتاق إليها .

زاد سيف من احتضانه لنهاد هامسا فى أذنها برقة :
_ بحبك .
بحبك يا احلى حاجة فى حياتى، بحبك يا غلطتى الجميلة .. بحبك يا قدرى الفروض عليا، بحبك يا حلم وردى سكن أحلامى، يحبك يا ملاك قلبى ... بحبك يا فراشة المحبة، بحبك يا أجمل حاجة فى حياتى .. بحبك يلي غريتينى، بحبك ومبقتش قادر أسكت .. بحبك وحبك بقا عذاب حلو مش قادر أستغنى عنه .. بحبك يا الوان حياتى، بحبك يا رسامة رسمة شخصيتى من تانى .. بحبك يا نهاد .

............................................................ ........................................................

_ مش عاوزة تقولى حاجة لحبيبك فى وداعكم الأخير؟!!
نقلت ميساء ناظريها بسرعة إلى مؤيد الواقف بتعب لا يكاد يستطيع الوقوف دون يدا ذلك الرجل التى تتشبث به .
ابتسمت له ميساء برقة، ومع ابتسامتها التى كانت تتسع كانت دموع العجز تغطى عينا مؤيد وهو يراقبها .
همست ميساء بخفوت متحشرج تعلم بأنه لن يسمعه:
_ بـ.... بحبك .
أغمضت عينيها وهى لاتريد أن ترى هيئته أو ما سيحدث بعد قليل .. فتلك الحظات التى تعايشها الأن ليست بسهلة كما تحاول هى أن توصل لحسام .
فتحت عينيها حين قال حسام بجوارها بلامبالاة:
_ مؤثر جدا .. بس للأسف هو مسمعش اللى قولتيه .. تحبى أنا أقوله؟
نظرت ميساء بحقد إلى وجهه القريب منها، لتجيبه بثبات واثقة:
_ مش محتاجة إنك تقولك .. لإنه عارف كويس .
هز حسام كتفيه قائلا ببرود:
_ كنت عاوز أساعدكم مش أكتر .
إلتفت بعدها للرجل الذى يمسك بمؤيد ليشير له بأن يخرج .
حاول مؤيد ضرب الرجل فى ساقيه، إلا أنه تبك المرة لم يسكت لمحاولات مؤيد .. بل هبط على جانبه المتورم بلكمة قوية جعلت مؤيد يصرخ ألما ...
بينما كانت لاتزال على مكلسها أرضا، تنظر إلى حبيبها بألم إعتصرق قلبها .
لقد تمنت وحلمت كثيرا باليوم الذى ترى به مؤيد بتعذب، وكانت تحلم بأن تكون هى سر عذاب .
والأن لاتكاد تصدق بأن أحلامها المجنونة فى لحظات ضعفها تتحق، ومؤيد بتعذب الأن بسببها .. لكن ابدا لم تشعر بتلك النشوة التى كانت تنشدها فى ذلك الحين .
بل تشعر بكل ركلة او لكمة تهبط على جسده تهبط على جسدها هى، حتى ما عادت قادرة على النظر إليه وهى تشعر بقلبها يتمزق لما يحدث .

أنتفضت حين إقترب منها حسام هامسا بأذنها:
_ كده خلاص نبدأ بقا فى مراسم التوديع .
إلتفتت لتنظر إليه ببرود .
_ بقولك أعمل اللى عاوزه وخلص، لأنى مش متحملة فلم الدراما الرخيص اللى بتحاول تمثله .. لو كان مؤيد شاطر فى التمثيل فأنتَ فاشل وبجدارة .. فتجنبا لـ لملل بلاش الجو ده وأعمل اللى عاوزه .
نهض حسام واقفا، ليجيبها من علوه ببرود:
_ وأنا مش عاوز المتفرجة الوحيدة فى عرضى تصاب بالملل .. فخلينا نخلص العرض .
مد يده ببطئ إلى جيب بنطاله، ليخرج قداحة صغيرة من الذهب .. رسم عليها وجهى الجوكر الحزين والمبتسم، ليفتحها ببطئ .. ولكن قبل أن يشعلها .. كان صوتا بالخارج يصدح فجأة .
صوتا للعديد من الرجال، إطلاق ونار .. وأخيرا كان رجال شرطة يقفون بباب المخزن .. وقبل أن يتحدث أحدهم كان حسام قد تقدم لهم رافعا يديه بعلامة إستسلام ..
وحين قارب من الوصول إليهم، ألقى القداحة الصغيرة بعد أن أشعلها بسرعة، لتتعالى ألسنة النيران بسرعة وتبدأ بإبتلاع كل شيئ حولها .

كانت لاتزال على جلستها، تنظر إلى النيران التى تقترب منها حتى تشكلت حولها فى شكل حلقة كما سكب حسام البنزين ..
بدأت تشعر بأن أنفاسها ثقيلة، لا تستطيع إستنشاق الهواء ..
لحظات وكان الظلام يستحكمها .. لتسلم بأن حياتها قد أنتهت .

............................................................ ........................................................

عادت زهور من رحلة قصيرة إلى تلك الذكرى لتنظر أمامها بوجوم، تلك الذكرى المقيتة لليلة وفاة عمتها تأبى ان تبارح عقلها، بل وكأنها تتحداها بأن تنسى أو تحاول نسيان تلك اللحظات .
قرار أتخذه هو .. طريقا سلكاه سويا ..
لكن النهاية من حق من؟!!
أتترك له المجال كى ينتشل الباقى منها ويكملا حلمهما بأن يضمد كلا منهما جراح الآخر بعدما كان سببا فيها الماضى الأسود ..
أم يضلا أسيرين لماضى مات أصحابه!!
أم ربما يعودا لبعضهما وتظللهما غمامة رقيقة؟!
تتعد الخيارات .. لكن يبقا الأصعب أن تتشبث بأحدها فتجد نفسك مصفوعا بغدر الزمن ..
لم يعد لفكرة المجازفة والحماس الشبابى يدفعها لكى تجذاف فى معادلة غير موزونة!!
بالنهاية حين تشعر بالتخبط .. لابد أن تلجأ لأحدهم كى يمد لك يد العون بالنصح، لكن بين الأربع حوائط تلك لن تجد ابدا العون.

نهضت زهور بحزم لتتجه إلى طاولة الزينة، حيث عبثت بأدراجها حتى وجدت هاتفها ..
فتحته بسرعة بعدما اغلقته منذ عدة أيام، لتجد الكثير من الرسائل .. من بينهم رسالة من ميساء .
" زهور وحشتينى جدا .. أنا عارفة إنك عندك ظروف صعبة، وكفاية اللى أنتِ فيه .. بس حبيت أشارك حد او بالمعنى الأدق حبيت أنى افرح حد يمكن أنا أفرح .. أنا حامل "
ابتسم زهور بذهول وهى تعيد قراءة آخر كلمتين بالرسالة .
بعد لحظات الاولى من الإنبهار، بدأت تتساقط الابتسامة الفرحة وتتشكل آخرى حزينة .. بينما عقلها ألقى بالخاطرة فى بالها .. فكرة أن تحمل طفل أدهم ..
أسرة بسيطة تغلفها الحنية والمحبة، يأتى رب المنزل مساءا ليستلقى بجوار زوجته ويهمس لها بإرهاق عن أحوال يومه .. يقترب منها واضعا يده فوق بطنها الكبيرة ويداعبها بمزحات خفيفة قبل أن ينحنى ليقبل ابنه القابع بالداخل .
شردت زهور طويلا فى تلك الفكرة التى بعثت لقلبها سلام لم تعهده .
قبل أن تنفض رأسها حين وصلت لفكرة أنهما لم يصلا سويا لقرار ثابت بعد فى حياتهما .
عاودت التقليب فى الهاتف بمشاعر واجمة، إلى أن وصلت لرقم ميساء فطلبته بسرعة .
أنتظرت للحظات قبل أن يصلها الصوت المعتاد بأن الهاتف مغلق او غير متاح .
نظرت للهاتف بحنق قبل أن تغلقه .. يبدوا أن خيارها الأول بأخذ النصيحة من الأخت العاقلة الكبرى لم ينفع .. ستتجه للخيار الآخر .
بعد لحظات كانت تهاتف رقم رغد ، قبل أن يأتها نفس الجواب الذى تلقته منذ لحظات .
زمت شفتيها بحنق .. يبدوا أن كلا منهما غير متفرغة، ولهما الحق .. فهى لم تتصل بميساء ورغد منذ فترة طويلة رغم أنها تعلم بأنهما يواجهان فترة صعبة بحياتهما .. ولكنها فضلت أن تترك لكلا منهما التركيز لحياتها أفضل من أن تقحمهم فى مشكلاتها او تقتحم هى مشكلاتهم .
زفر ملقية الهاتف على الطاولة لتعود إلى فراشها لتجلس نفس جلستها المعتادة بضم قدميها لأحضانها بينما تتعلق عينيها بزاوية الغرفة بشرود .

أنتفضت حين فُتح باب الغرفة لترى أخاها يقف مستندا على إطار الباب ناظرا إليه بتركيز ..
أخفضت ناظريها عنه، إلا أنها عاودت رفعها حين قال بهدوء حازم:
_ أقدر أدخل؟
عقدت زهور حاجبيها بإستنكار، وكادت تجيبه إلا أنه قاطعها قائلا بمرح:
_ مش محتاج أذنك أصلا .
بعدما أنهى جملته دخل فورا الغرفة مغلقا الباب خلفه، ليلقى بنفسه جوارها على الفراش بقوة جعلته تسقط على جانبها ..
رفعت جسدها لتعاود الجلوس قائلة بإمتعاض متذمر:
_ بالراحة شوية .. السرير هيقع بينا، أنتَ نش خفيف خالص .
أجابها سيف محاولا إغاظتها:
_ ولا أنتِ خفيفة الظل يا خفيفة .
أشاحت عنه بضيق مصطنع، إلا أنها تفاجأت حين شعرت بذراعه يلتف حول كتفيها ليقربانها من صدره محتضنا إياها .
إنقلبت ملامحها لآخرى حزينة وهى تستقر برأسها المجهد من شدة التفكير على صدره .. بينما كانت ذراعه تضمانها إليه بحنو مربتة على شعرها الأسود .
همس سيف برفق بجوار أذنها :
_ وحشتينى يا زهرتى .
إلتمعت دموع أسيرة بعينيها، لتجيبه بصوتا خافت:
_ وأنتَ كمان وحشتنى أوى .. وحشنى وجودك جنبى، وحشنى أحكيلك كل الى بمر بيه وأستشيرك .. وحشتنى أوى يا سيف، كأننا كنا مسافرين لسنين وفجأة رجعنا .
داعب سيف خصلات شعرها بحنو، ليهمس بحزن:
_ فعلا .. مكنتش أتخيل فى يوم أنى هبعد عنك بالشكل ده ونبقى فى بيت واحد ومش قادرين نقعد مع بعض من غير ما نبقا شايلين من بعض .
آسف يا زهرتى، أنا غلطت فى حقك كتير .. وأكبر غلط أنى وقفت ضك فى قرارك، ودلوقتى مش عارفة أقف مع مين .. معاكى ولا معاه؟!!
زفرت زهور نفسا مرتجف .. لتقول بخفوت محاولة ان تصدق الكلمات التى تخرج من فمها قبل أن يصدقها هو:
_ خلاص أدهم مبقاش خيار موجود فى حياتى.....
ابتسم سيف ليهز رأسه مجيبا:
_ ردك أكبر دليل أن أدهم أهم حاجة فى حياتك، وأنه خيارك الوحيد دلوقتى او بعد كده .. زهور أنتِ بتحبيه .
أغمضت زهور عيناها لتنساب دموعها برقة على وجنتيها، لتهمس وهى لاتزال مغلقة عينيها:
_بس حبى مش فارق معاه حاجة ولا هيفرق معاه .. الحب دلوش لازمة لما يبقا من طرف واحد .
حينها رفع سيف وجهها إلى ليهمس أمامها قائلا بحزم:
_ متأكدة أنه من طرف واحد؟!!
قفزت إلى عقلها عباته التى كتبها فى رسالتها
"زوجتى العزيزة زهور
أحببتك بقلب مجروح .. لم أعلم الحب سوى بين يديكِ .
كنتِ لى الحلم رغم بعد المنال ..
كنتِ لى الحب الاول والأخير ..
حلمى كان وجودكِ بين ذراعى ، وها قد اصبحتِ .
حبك تسرب إلى قلبى فصرتى لى الحياة .
حبك لى شفاءا لجروح سنوات مضت ..
ولكن السعادة ليست عنوان حياتى .. عزيزتى
فبالرغم من شفائك لجروحى الأن ، إلا أنها لا تزال تترك ندوب بجسدى لن يستطيع شئ
إزالتها .
لن أنسى بأنكِ ابنة قاتل أبى .
حبيبتى ....زوجتى"
هزت رأسها لتبعد عنها تلك الذكرى التى تكرهها، لتجيبه بإخفاض وجهها بعجز غير قادرة على الرد .
فقال سيف بهدوء، بينما يداه كانت تعيد رفع وجهها :
_ بتحبيه وهو بيحبك .. وإلا كان أنتهز الفرصة علشان يبعد عنك، لكن هو بيحاول يصلح غلطه .. أكبر دليل باقة الورد التوليب، والكرت اللى مكتوب عليه "زهور التوليب خاصتى"
أنهى كلامه بغمزة خفيفة لتحمر وجنتيها بحرج مشيحة عنه ليكمل بجدية:
_ رغم أنى مش موافق خالص على اللى عمله معاكى، وعلى أسلوبه فى التعامل مع المشكلة .. اكن مش هقدر أقف فى وش سعادتك، مادامت سعادتك متعلقة بالكائن الغريب ده .. فللأسف مضطر أنى أقف فى صفه ضد نفسك .
أنهى كلامه بمنتهى الهدوء لتتسع عينا زهور بذهول، بينما أكمل سيف بنفس الجدية:
_ آخر فرصة يا زهور، آخر فرصة .. إما تغتنموها سوى وإما تنسوا أنكوا ترجعوا لبعض تانى ..
كابرى وخبى وخليكى صعبة المنال بالنسبة ليه، لكن بينى إنك لسه بتحبيه .. لسه عوزاه بس عاوزة أدهم النسخة المعدلة، لأن النسخة القديمة لازم تنتهى مع سر الماضى .
نهض سيف من جوارها ليبتسم شاعرا بالرضى وهو يحدق بملامحها المنذهلة، فقال بحنان:
_ فى الآخر ده قرارك .. لو حاسة إنك خلاص مش هتقدرى تستمرى معاه، قوليلى وأنا مش هخليه يقرب منك .. لكن مدام أنتِ سايبة الباب موارب، يبا أنا كده مطمن عليكِ .
أنهى عبارته بغمزة آخرى جعلتها تشعر بحرج بالغ وتشيح عنه لتسمع صوت باب الغرفة يغلق من خلفه .

للمرة الأولى تجد نفسها أخيرا تتحكم بكل شئ، بإمكانها الرفض أو القبول .. بامكانها أن تمنح الفرصة او تسلبها .
وللعجب بإمكانها معرفة الحقيقة .
إمتدت يدها لتسحب شيئا ما من تحت وسادتها، وتنظر إلى غلافه البنى القديم ..
سر قصة الماضى يقع الأن بين يديها، بعد كل تلك السنوات من العداوة ها هو السر أخيرا .
دليلة براءة والدها من التهمة التى أسندت إليه، ولكنه ابدا لن يكون الرابط الذى سيجمعها بأدهم ثانية ..
فإن كان أدهم قد قرر أن ينسى الماضى بصدق وأن يفتح صفحة جديدة وحارب من أجل أن يستعيدها، فستخرج ذلك الدفتر الذى تركته عمتها ليقول للجميع أن ما ظنوه لسنوات حقيقة ما هو إلا كذبه ..
وإن لم يتغير أدهم .. فلا معنى ولا قيمة لفكرة أن تخبره الحقيقة التى لم تعرفها حتى هذه اللحظة .

فتحت زهور الدفتر بيدين مرتعشتين، لتنظر إلى أولى صفحاته الصفراء بسبب قدمه .. لم تكن تحوى حرفا واحدا .. فأعادت فتح صفحة جديدة .. وقبل أن تبدأ بقراءة ما بها، إرتفع صوت هاتفهة كصفير مزعج .. لتنتفض فى مكانها شاهة .
إلتقطت الهاتف لتنظر بذهول حولها، هل له أعين حقا تنظر خلف الحوائط؟!!!
كيف عرف بأنها تمسك الدفتر الأن وتكاد تعلم السر من دونه؟!!!!
إستعادت رباطة جأشها سريعا وهى تجيب بهدوء:
_ السلام عليكم .. أدهم فيه إيه، صوتك غريب؟!
أنتفضت بمكانها شاهقة بذعر وهى تسمع لقوله ، قبل أن تهتف بسرعة:
_ وهى .. هى عاملة إيه دلوقتى؟؟
شهقت ثانية حين تلقت الصدمة التالية، فهتفت بذهول بينما عيونها أغرورقت بالدموع:
_ سقطت!!!!! ... إيه؟! .. حروق؟! .. حروق إيه؟! .. هو إيه اللى حصلها بالظبط؟، أنا مبقتش فاهمة حاجة؟!!
استمعت إلى أمره بأن تجهز بسرعة لكى يأخذها إلى ميساء ..فقالت بعجلة وهى تغلق الهاتف:
_ هسهتناك .

............................................................ ........................................................

صرخ بألم حين هبطت قبضة ذلك الرجل اللعين على جانبه المصاب ..
لم يقدر على الوقف ...تخاذلت ساقيه بعد تلك الضربة القاسية، ليرى آخر مشهد قبل أن يبعده الرجل .. ميساء وبجوارها ذلك الشيطان الأسود حسام .
شعر بتشوش فى النظر .. لايكاد يرى الأرض تحته .. بينما قبضة الرجل تسحبه على الأرض بلا رحمة .
أهذه هى النهاية؟!
ماذا فعل لكلمة نهاية؟!
أهكذا سيكون وداعه مع ميساء؟!!
ألن يلقاها ثانية؟!!
أحقا هذه نهايته ونهايتها؟!!!!
أغمض عينيه مترجيا أن تمر اللحظات بسرعة ويختفى من هذا العالم قبل أن يشهد اختفاها بصورة لايريد لعقله حتى محالة رسمها.

فتح عينيه فجأة على إتساعهما حين إرتفعت صافرة مميزة .. تلك الخاصة بسيارات الشرطة، إتبعتها آخرى خاصة بإطفاء الحرائق ..
ولكن لحظة من أين لهم أن يعرفوا بما يحدث؟!!
كان يحاول أن يجد حلولا للأسئلة برأسه حين إرتفع صوت إطلاق النار، وأصيب الرجل الذى كان معه فى قدمه فسقط متأوها إلى جوراه .
نظر بدهشة حين رآى شذى تقترب منه راكضة لتجلس على الأرض جواره قائلة برعب وهى تنظر لملامحه:
_ مؤيد أنتَ كويس؟؟
لم يبدوا عليه الفهم للحظات، لكنه حاول إخراج صوته فخرج متحشرجا ضعيفا، إلا أنه خرج بلهفة:
_ ميساء .. جوه ... جوه المخزن.
إتسعت عينا شذى بذعر وهى تهمس:
_ حسام ....
وقبل أم تتم عبارتها كانت النيران تندلع فى المخزن بلا هوادة .. ليصرخ مؤيد باسمها حتى أنقطع نفسه ..
ظل يحاول ويحاول أن ينهض إلى أن جاء شاب يصغره قليلا بالعمر، سانده حتى نهض وإتجه به ناحية المخزن الذى بدأت سيارة الإطفاء بخمد نيرانه ..
كان ينظر بضياع إلى الرماد الأسود المتصعاد إلى السماء، حتى خرج رجلين بزيا المطافئ أحدهم يمسك ميساء المغشى عليها .. والآخر يمسك حسام المشوه الوجه .
كان اسوأ ما شعر به يوما، ولكن اطمأن قلبه قليلا حين وجد جروحها طفيفة ولم تقترب منها النيران كثيرا ..
ولكن كانت العقبة بعد نجاتها من تلك الحادثة هو الحمل الذى ضاع ..

............................................................ ........................................................

بعد ساعة كانت زهور تدخل راكضة من باب المشفى، تنظر حولها بجنون باحثة عن مكتب الإستعلام .. قبل أن تجد ادهم يقف بجوارها ويخبرها بأنها محتجزة بغرفة العناية المركزة بالطابق الثالث .
إستقلت معه المصعد إلى ان وصل بهما إلى وجهتهما المطلوب دون أن ينبت أيا منهما ببنت شفة .
كما لم يفعلا بعدما أخبرها بما حدث لميساء .
وصلا أخيرا لغرفة العناية، لتجد مؤيد جالسا على الأرض بجوار باب الغرفة، بحال جعلها تشهق بصدمة .

رفع مؤيد ناظريه ببطئ من الأرض لأدهم الذى إقترب منها بسرعة ليجلس بجواره سائلا عن حاله بإنفعال .
ابتسم بسخرية .. كيف يكون بخير وهى بالداخل بين الحياة والموت .. كيف يقدر أن يستكين جسده على فراش المشفى ويحظى بعناية لجروحه بينما جرح قلبه الحديث لايزال يئن وهنا لوجودها بالداخل .
كيف يتذوق طعم الراحة، والراحة تكمن فى كلمة أنها ستكون بخير؟!!!
أشاح بوجهه على أدهم، ليقول بصوتا مجهد:
_ أنا كويس يا أدهم .. ومش هتحرك من مكانى لحد ما ميساء تبقى كويسة .
نظر أدهم بعجز إلى صديقه، ليلتفت إلى الباب المغلق فيعاود النظر لمؤيد قائلا بحزم:
_ ميساء فى العناية يا مؤيد .. يعنى لسه بدرى لحد ما تفوق، وأنتَ لازم تتعالج بسرعة وتشوف إيه اللى بيجرى فى دمك دلوقتى، أنا مش واثق فى كلام حسام بعد ما قالك أنه حط

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 06-08-18, 10:08 PM   المشاركة رقم: 62
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


بعد ساعة كانت زهور تدخل راكضة من باب المشفى، تنظر حولها بجنون باحثة عن مكتب الإستعلام .. قبل أن تجد ادهم يقف بجوارها ويخبرها بأنها محتجزة بغرفة العناية المركزة بالطابق الثالث .
إستقلت معه المصعد إلى ان وصل بهما إلى وجهتهما المطلوب دون أن ينبت أيا منهما ببنت شفة .
كما لم يفعلا بعدما أخبرها بما حدث لميساء .
وصلا أخيرا لغرفة العناية، لتجد مؤيد جالسا على الأرض بجوار باب الغرفة، بحال جعلها تشهق بصدمة .

رفع مؤيد ناظريه ببطئ من الأرض لأدهم الذى إقترب منها بسرعة ليجلس بجواره سائلا عن حاله بإنفعال .
ابتسم بسخرية .. كيف يكون بخير وهى بالداخل بين الحياة والموت .. كيف يقدر أن يستكين جسده على فراش المشفى ويحظى بعناية لجروحه بينما جرح قلبه الحديث لايزال يئن وهنا لوجودها بالداخل .
كيف يتذوق طعم الراحة، والراحة تكمن فى كلمة أنها ستكون بخير؟!!!
أشاح بوجهه على أدهم، ليقول بصوتا مجهد:
_ أنا كويس يا أدهم .. ومش هتحرك من مكانى لحد ما ميساء تبقى كويسة .
نظر أدهم بعجز إلى صديقه، ليلتفت إلى الباب المغلق فيعاود النظر لمؤيد قائلا بحزم:
_ ميساء فى العناية يا مؤيد .. يعنى لسه بدرى لحد ما تفوق، وأنتَ لازم تتعالج بسرعة وتشوف إيه اللى بيجرى فى دمك دلوقتى، أنا مش واثق فى كلام حسام بعد ما قالك أنه حطلك ثم فى الأكل .
هز مؤيد رأسه بوهن قائلا:
_ مش فارق يا أدهم .. خلاص مبقاش فارق بالنسبالى غير أن ميساء تبقى بخير .
بص وصلتها لفين، وصلتها لمكان مبقتش قادر انى أعملها حاجة .. وصلتها تكون بين الحياة والموت ... أنا وصلتها لأنها تفقد أبننا اللى مكنتش أعرف عنه حاجة، أنا وصلتها أنها تخبى عن موضوع حملها .. أنا سبب كل حاجة وحشة ميساء مرت بيها .. أنا كنت سبب فى تغييرها .. انا كنت سبب أن مرات والدها تنتقم فيها .. أنا كنت كل حاجة وحشة فى حياتها .
أغمض أدهم عيناه شاعرا بالعجز، من الواضح من كلام مؤيد أن دخله بحالاة اللاوعى، لكنه يعرف جيدا بأنه صادق فى كل كلمة يقولها .. ولكن ماذا يفعل؟!
تسائل أدهم فجأة حين تذكر:
_ حسـ .. حسام فين؟!
أنتبه مؤيد على أثر كلمات أدهم المتفاجأة، لتشتعل عيناه بحقد ويهتف صارخ:
_ لو شفته هقتله .. لو شفته هقتله، الحيوان قتل أبنى .
حاول أدهم تهدأت مؤيد إلا أن صراخه قد تعالى بتشنج قبل أن تحقنه الممرضة بمهدئ ويتم أخذه لغرفة الفحص .

............................................................ ........................................................

الفصل الحادى والعشرون والاخير

ألقى أدهم بجسده المنهك بجوار زوجته التى لم تبدى أن رد فعل لكل ما رأت وسمعت للحظات، وكأن العالم توقف بها وهى تنظر إلى باب الغرفة بذهول .
زفر أدهم محاولا تجميع شتات عقله، ما يحدث أبدا ليس بطبيعى؟!! .. ما كل تلك الكوارث التى ألقت فجأة فوق رأسه هكذا!!
من أين ظهر له كل هذا وفى نفس الوقت؟!!
ألا تكفيه مصيبة أوس فى الصباح وهو يأتيه بحال يشابه حال المجانين ليطلب رجاله كى يعاونوه فى البحث عن تلك المرأة التى إختطفت ابنه ..
والأن مؤيد بكارثته الأكبر حجما وما حدث معه، ناهيك عن الخسائر الضخمة التى سينالوها بسبب إندلاع النيران فى المخزن الكبير .
أخفض رأسه بين ذراعيه شاعرا بحملٍ ثقيل فوق كتفه ..
للحظات ظل على جلسته البائسة تلك، إلا أنه تفاجأ حين شعر بيدا رقيقة تحط فوق كتفه لتمسده برفق .
حينها رفع وجهه ببطئ لينظر بجواره حيث كانت زهور تنظر إليه بالمقابل بثبات تعجبه!
همست زهور وهى تنظر بقوة إلى عمق عينيه الرماديه:
_ إن شاء الله خير .
كانت عبارة بسيطة .. رقيقة وخافتة، لكن حملت الكثير من التشجيع والدعم الذى كان بحاجة إليه .. وكان ما يجعل السلام يعم نفسه أكثر هى يدها التى كانت ترتب برفق على ظهره .. حتى شعر فجأة بحاجته لحضن دافئ ..
حضن إحتاج إليه طويلا .. طويلا لدرجة أنه نسى عد السنوات من أجله، ولكنه فقط يعلم بأنه يحتاجه .. وفى تلك اللحظة أكثر .. إلا أنه كان يجب أن يتمهل .. فهنا فى المشفى أمام باب العناية لن يكون الأمر جيدا!!

إلتفت أدهم لينظر أمامه قائلا بهدوء:
_ إن شاء الله ميساء هتفوق ومؤيد هيبقى أحسن .. وربنا يعوضهم .
إلا أن زهور لم يبدوا عليها وكأنها سمعته من الأساس فقالت بهدوء:
_ إيه سبب إرهاقك؟! .. أنتَ مش فى حالت الطبيعية .. وواضح أوى إنك تعبان ومرهق .
هز أدهم رأسه موافقا وهو يخفضها، بلى إنه كذلك .. مرهق ومتعب حتى الهلاك .. يشعر بأن كل عظامه تأن من شدة إرهاقه .. ولا يكفيه كى تخرج ماردة أفكاره لتتجسد أمامه فى تلك الصورة من الرقة التفهم بطريقة تجعل الأمر مغرى بأن يلقى بنفسه بين أحضانها وينعم بسلام أفتقده لمدة طويلة .
أخذ نفسا عميقا قبل أن يجيب بهدوء:
_ أنتِ شايفة اللى أنا فيه، كل حاجة فجأة أتلغبطت .. غير أن والدتى فى المستشفى .
إتسعت عينا زهور بذهول وهتفت بإنفعال:
_ والدتك أزاى تدخل المستشفى ومتقوليش، طب هى مالها؟!
_ أزمة قلبيه .
أجابها بهدوء لتتشنج ملامحها وتعاود سؤاله:
_ من أمتى؟
ركز أدهم ناظريه تجاه الأرض البيضاء بشرود، إلا أنه أجابها بعد لحظات:
_ من يومين .
إنعقد حاجبيها بضيق، لماذا لم يخبرها بأن والدته مريضة، تلك المرأة الرقيقة أصبح لها مكانة غالية فى قلبها لا تعلم متى او كيف وصلت لها لكنها أصبحت بها .. ربما لأنها والدة مالك قلبها؟!
لكن للحق .. هى سيدة جميلة، ترى بها جوهرة خالص، رغم ما عانت وما قاست إلا أنها لاتزال تحتفظ بذلك الجوهر النفيس .. لتبدوا أكثر تقبل للروح .
تحدث قائلة بصوتا هادئ:
_ قولى اسم المستشفى علشان أزورها بكره .
إلتفت لها بملامح واجمة قائلا:
_ لو هتروحى لأمى يبقا أنا اللى هوصلك .
عقدت حاجبيها بإستنكار إلا أنها قالت بسأم:
_ ماشى .

إلتفتت لتنظر أمامها هى الآخرى، وتكتشف أنها لاتزال تضع يدها على ظهره.
نظرت له بإرتباك وبدأت بسحب يديها ببطئ، ولكن قبل أن تستكين على قدها وجدت يداه تعتقلها .
نظرت إلى يديه التى إقتحمت يداها لتفتحها وتتخلل أصابعها ثم تطبق عليها بقوة وكأنه يخبرها بلا كلام بأنها أبدا لن تنفك من أسر حبه .
حاولت عدة مرات أن تسحبها ولكن ما إن بائت كل محاولاتها بالفشل حتى تركته يهنأ بها، ليعم صمت ثقيل عليهما .
قاطعه أدهم بعد مدة تجهل مقدارها، قائلا بهدوء وهو ينظر إلى ساعته:
_ الوقت اتأخر وقعدتنا مش هتفرق كتير، هروحك بيتك وبكره الصبح هعدى عليكى بدرى .
نهض بعدما أنهى كلامه إلا أنها لم تنهض، بل ظلت للحظات تنظر إليه بملامح غير مقروئة .. بينما يديها لاتزال عالقة بأسر يده .
فقال وهو يشيح عنها:
_ هنتكلم .. هنتكلم بس أكيد مش هنا .
اومأت حينها برأسها لتنهض وتسير بجواره فى طريهما لإلقاء نظرة أخيرة على مؤيد قبل أن يرحلا .

............................................................ ........................................................

بعد أسبوع

زفر مؤيد بتعب وهو ينظر إلى النافذة البعيدة بغرفته، من كان يظن أن يعيش فى مثل هذا الرعب؟ .. ومن أقرب الناس له؟!!
أكثر ما صدمه بالأمر أن فاعله هو حسام!!
صديق عمره .. أخاه الذى لم تلده امه!!
كيف يفعل به هذا؟!
كيف يكذبه ويصدقها؟؟!
كيف كانت شقيقته ولم تخبره، مرام كانت كما قال حسام، النقطة السوداء فى حياتهما ... كان يظنها ملاك وقد قارب على اعطائها كل ما يملك من أجل أن تبقى معه، إلا انه حين علم بأنها خانته مع أحد أصدقائه تركها مكسورا .. شاعرا بنفسه تلقى ضربة قوية على رأسه ..
كيف استطاعت الكذب على حسام وتبديل الأماكن بينهما .. لتنال لقب المظلومة ويأخذ لقب الظالم!!
الأمر معقد بكل تلك الأطراف التى لا يعلم سبب دخولها فجأة .. شذى .. كريم .. ماجدة!!
إلتفتت إلى صديقه الجالس إلى جواره على كرسى منفصل، فقال بهدوء به اللهفة:
_ ميساء فاقت؟؟
رفع أدهم وجهه لينظر إلى مؤيد عاقدا حاجبيه، مؤيد لم يتحدث منذ استفاق .. بل كان صامتا شاردا ينظر بعيدا .. وحين قرر الخروج من صمته سأل عنها .
إنهما حقا بحالة بائسة، عاشقون لدرجة ميئوس منها .. ويذعون فى النهاية أنهم لا يتأثرون!!
أجابه بهدوء:
_ أيوه فاقت وأتنقلت لأوضه تانية .
زفر مؤيد مرتاحها، قبل أن يقول:
_ أقدر أروح أشوفها؟؟
هز أدهم رأسه برفض قائلا:
_ الدكتور قال لازم ترتاح ومتتحركش من مكانك علشان الضلعين المكسورين .
أنتبه مؤيد فجأة لأمر ضلعيه، لقد تناسى أمر إصابته خلال تلك اللحظات الفاصلة!!
لم يستطع أن يكتفى بهذا الكم القليل من المعلومات، فعاود السؤال:
_ فيه حد معاها؟ .. أقصد مراتك معاها؟؟
اومأ له أدهم برأسه دون أن يتحدث، ليجد مؤيد يتململ فى مكانه بعد راحة، فإتبعت قائلا:
_ متخافش .. ميساء بقت أحسن، وزهور معاها وإن شاء الله قريب هتقدر تجيلك ..
_ أتخطت الصدمة؟؟
أشاح أدهم عنه بضيق، إنه يجلب إنه الاحزان.
_ زهور بتحاول تساعدها على كده، بس العمل إنك أنتَ تبدأ بنفسك وتحاول تتخطى صدمتك، لازم تقابل شذى وكريم وتعرف منهم قصة مرام كاملة .. واللى هتعمله بعدها إنك هتواجه حسام .
إضطربت ملامح مؤيد بضيق، قبل أن يقول بتبرم:
_ هو .. هو عامل إيه؟
أجابه أدهم بهدوء:
_ اللى أعرفه إنه هيبقى كويس، حروق وشه وجسمه كلها من الدرجة التانية .. وبعمليات تجميل هتروح، لكن.......
هتف مؤيد حين توقف أدهم:
_ لكن إيه؟؟
أخذ أدهم نفسا عميقا ليقول بهدوء:
_ لكن هيتنقل لمصحة نفسية علشان يتعالج .
أخفض مؤيد ناظريه، يكاد حقا لا يصدق ما يمر به .. كيف تنقلب عليه الأيام بمثل تلك القسوة؟؟
كيف يكون الصديق .. الأخ .. الرفيق عدوا!!
كيف له أن يصدق بأن هناك صداقة بعد اليوم؟؟
كيف سينسى أن من قتل ابنه وكاد يقتل زوجته هو رفيقه الذى كان يمده هو بالمعلومات عن حياته؟!!!!
الأمر كله لم يعد يصدق .. أو أنه هو من يمتلك عطلا بعقله يجعله لا يستطيع الفهم مثل باقى البشر .
عاود مؤيد النظر للنافذه حيث كانت السماء صافية، السؤال الذى يستحق البحث عن إجابته هو .. ماذا سيفعل الأن معها؟؟
هو لم يملك يوما أى رصيد مشاعر لديها سوى الكره والحقد ... فماذا بعدما فقدت جنينها بسببه؟!!!!
لن يستطيع أن يحدد رد فعلها حتى تخبره هى، فلينتظر ويرى ما سيحدث.

............................................................ ........................................................

نظرت إلى يد ميساء المستقرة بين كفيها، لقد عانت كثيرا تلك الفتاة .. حتى ما عادت قادرة على تحمل المزيد من التعب .
إمتدت يدها الثانية لتربت على وجنتها برفق، حين طلب منها أدهم رقم أحد اقرباها كانت عاجزة عن أخباره .. فهى نفسها لا تعلم بمن تتصل .. لذا فضلت أن تترك الأمر لميساء نفسها.
تنهدت زهور بحزن، لتمسح دمعة هربت من أسرها، لقد كانت منذ عدة ساعات فقط تطير من الفرحة لأن ميساء سترزق بطفل .. كانت تتخيلها ببطنٍ منتفخة تُعد أغراض الطفل القادم .. وها هى أمامها شاحبة الوجه كالأموات، قد فقدت طفلها .. فماذا ستفعل إن كانت هى لم تتحمل الخبر؟!!
نهضت من جوارها ببطئ لتتجه إلى شرفة الغرفة .
قد تصدمنا الحياة بعواصب رعدية، قد تهدم بيوت .. وللعجب قد تساعد على بناء بيوت!!
ليست كل المصائب تكسر ما بداخلنا من قوة، بل قد تكون دافعا لقوة آخرى!!
ذلك الكلام كان من وحى تفكير أدهم العجيب، ذلك ما اخبرها به حين كانا فى طريقهما للعودة من المشفى مساء أمس .
عجيبا ذلك الرجل .. يمتلك عقلا يصعب تفسير أفكاره ... يمتلك مشاعر من الصعب وصفها كذلك!!
ليلة أمس كانت من أصعب ما عاشت، كانت المواجهة المطلوبة منذ زمن مع أحد .. كانت أكثر ما تمنت .. وأكثر ما خافت .
كانت مواجهة قاسية لكليهما، ومدمية قلبهما، ولكنها أنتهت على خير .. دون ضحايا .. لكن لازال الجفاء موجودا بينهما .
فحين جاء اليوم لإصطحابها للمشفى لم يحادثهل، ولم تبادر هى بفعل ذلك .. أكتفى هو بكلمة باردة تتمثل فى "صباح الخير" تجيبه بنفس البرود .. ليعم فوق قلبيهما صمت عجيب إمتد لحين وصولهما ليفترقا ما إن دخلا من باب المشفى .
زفر نفسا مرتجفا .. لن تكون ابدا النهاية .. لن تكون .

إلتفتت لتعود إلى الغرفة، وأول ما رأته هو وجه ميساء الملتف تجاهه .
إتسعت عينها بذهول، لتقترب منها بسرعة جاسة على طرف السرير .. لتهمس أمام وجهها بلهفة:
_ ميساء .. ميساء أنتِ كويسة؟
إرتفعت عينا ميساء لتنظر لها بدهشة، قبل أن تحاول الكلام لعدة مرات .. حتى خرج حديثها متحشرجا:
_ زهور؟؟!
إلتفتت تنظر حولها بتعجب، هى لم تمت؟!!!
لقد رأت النيران بعينها تلتهم المكان من حولها، تقترب منها ببطئ .. بينما كان الدخان الأسود يطبق على أنفاسها .
نهضت زهور بسرعة قائلة:
_ هشوف دكتور .
بعد لحظات عادت بطبيب بدأ فحص ميساء، ليعلمها بعدما أنتهى أنها بحال جيدة ..
بعدما غادر جلست زهور إلى جوارها لتمسك بيدها وتقول بحب إمتزج بالخوف:
_ حمدلله على السلامة .. قلقتينى عليكى.
نظرت لها ميساء بتعب، كانت تحاول تجميع أقكارها المبعثرة .. تحاول جاهدة تذكر آخر ما حدث لها قبل أن تغمض عينيها .
همست فجأة بفتور حين قفز شيئا ما برأسها:
_ الحمل؟!!!
إرتبكت زهور بشدة، ولكنها حاولت التماسك قائلة بهدوء:
_ ربنا يعوضك .
كانت عاجزة عن إيجاد تكملة للجملة، فتركتها معلقة .. لترى ميساء تغلق عينيها بشة متمتمة بكلمات خفيضة .
ولكنها سرعان ما فتحت عينيها آخذة نفسا عميقا لتسأل زهور بهدوء:
_ إيه اللى حصل؟
أجابتها بإرتباك محاولة تجنب الحديث عن هذا الأمر:
_ مش دلوقتى...
_ رجاءا ..
قاطعتها ميساء بحزم .. فقالت زهور بهدوء محاولة ألا تتعمق كثيرا بالقصة:
_ كل اللى أعرفه أن حد كان عارف باللى حسام هيعمل .. كان عارف أنه ناوى على حرق المخزن وأن معاه رجالة مسلحة، فطلب الشرطة والمطافى .. وقدروا أنهم يخرجوكِ أنتِ وهو ويطفوا المخزن قبل ما يولع كله .
راقبت زهور تعبيرات وجه ميساء، فلم تجد أى تغير .. كانت ملامحها صلبة جامدة وكأنها حجر لا يتأثر .
ولكن خلف كل واجهة صلبة يكمن جرحا عميق، يحتاج الوحدة كى يعبر عن ما بداخله .. لذا فليس عليها التسرع بإتخاذ القرار .
أنتبهت حين سألت ميساء بهدوء:
_ ومؤيد؟؟
أجابتها بهدوء مماثل:
_ عنده ضلعين مكسورين، وجروحه طفيفة .. والحمد لله مفيش أى ثم فى جسمه .. ده كان مخدر، وإن شاء الله هيفوق قريب .
اومأ ميساء برأسها بجمود .. لتنظر بعيدا وكأنها لاتزال مغيبة عن العالم .. لتتنهد زهور بتعب عاجزة عن فعل شئ .

............................................................ ........................................................

خرج من المنزل الذى يقيم به والدها، يا فرحتها بما علمت .. يا عظيم إنجازاتها الرائعة .
لم تكد تفرح بأنه اخبرها بقوله الوحيد، حتى صدمها فى قوله التالى بأنه لن يقدر على قول شيئا آخر ..
حقا يا فرحتها بما أنجزت .
لقد ضاعت هيبة إنتصارها فى قوله التالى، ولكن أنتهى الأمر ..
لم تعد تملك الخيار، لقد أنتهى كل الشيئ، الأن ستراقب بصمت ما سيحدث لوالدها.

فتحت باب السيارة التى أوقفتها بعيدا نسبيا عن البيت، لتجلس خلف المقود وتطرق بيدها عليه فى حركات رتيبة .
لتنقضى اللحظات ببطئ، إلى أن فتحت عينيها على إتساعهما حين رأت سيارة الشرطى تقف أمام بوابة الفيلا .
دقائق آخرى أنتظرت بفارغ صبرها أن تمر، لترى والدها مقيدا .. يلتف حوله عدد من رجال الشرطة، بينما كان ينظر إليهم بذهول عاجز عن الكلام .
إنطلقت حينها بالسيارة، لتقترب من سيارة الشرطى .. لتلتقى عينيها بعينا والدها التى إتسعت بصدمة .. بينما واجهته بابتسامة صفراء راقية بمعنى .. "سلام والدى"
زادت من سرعتها ما إن تخطت سيارة الشرطى، لقد نفذت ما عقدت العزم على فعله .. أخيرا أصبحت هى من يلعب بهم .. أنتقمت ممن أذاها بلا أى ذرة ضمير تذكر ..
ولكن الحقيقة هى لم تفعل شئ، فالشكر لإياس الذى ألهمها الفرصة فى زياته الاخيرة .

"" ألقت بجسدها المنهك على السرير .. لا تكاد تصدق ما تعرضت له اليوم .
إياس طلب يدها للزواج!!!
أهذا جنون أم ماذا؟؟!
والأدهى أن والدها سيلقى بها كما فعل من قبل!!
أعليها أن ترفع القبعة لإياس على ما فعل!!
هل هى موعودة برجال لا يتمتون للكلمة بصلة!!
ستتزوج إياس؟!!
يا لها من كارثة حطت على رأسها .
إنتفضت حين إرتفع صوت هاتفها، فلم تعره اهتمام .. ليعاود أزعاجها برنة ثانية .. فإلتقطته بضيق لتغلق بوجه المتطفل وتغلق الهاتف بعدها ..
لكنها تسمرت حين وجدت الرقم الغير مسجل على ذاكرة الهاتف .. لكن مسجل برأسها .
لقد كان نفس الرقم الذى إتصل منه إياس قبل أن يبدأ فى الظهور لحياتها .. حين أخبرها بأنه عهده سيبدأ، وبالفعل بدأ!!
نظرت إلى الرقم طويلا، بينما تشعر بصراع قائم فى رأسها .. بين فكرة أن تجيب وألا تجيب وتجعله يطرق برأسه الحائط .. إلا أنها بالنهاية إستسلمت لفكرة أنها يجب أن تجيب لتعرف ماذا يريد ذلك الرجل منها.
فتحت الخط ليأتيها صوته المميز القوى فى نبرة جامدة:
_ رغـــد ..شوفتى مش قادر على بعدك .
أغمضت رغد عينيها بقوة آخذة نفسا عميقا، حربها معه لابد أن تكون خلالها هادئة باردة حتى تستطيع أن تعرف ماذا يريد .. فقالت بهدوء ساخر:
_ كنت لسه بفكر فيك .. واضح أن فيه رابط خفى بينا .
ابتسم إياس على الطرف المقابل، ليجيب ببساطة:
_ أنتِ بترضى غروري .
ضحكت رغد بسخرية لتجيبه:
_ كويس .. ممكن أعرف سبب أتصالك .. أكيد مش علشان تعرف رأيي فى قرارك، أظن أنى محتاجة أفكر أو بابا أتخذ القرار من غير ما يقولى كالعادة وبلغك بيه .
تعجبت رغد حين جائها الرد بلهجه حازمة جدية:
_ طلبى هستنى ردك أنتِ، من غير أي ضغوط .. لإنك لو فاكرة أنى بهزر أو فعلا مش عاوزك تبقى غلطانة، لكن أنا عاوز قرارك أنتِ مش قرار أى حد .. علشان كده عندى ليكى عرض .
ابتسم رغد بسخرية وهى تقول ببرود:
_ عرض تانى؟؟!!
لم يأبه إياس بسخريته حين قال بهدوء:
_ آه يا رغد .. لكن العرض ده عاوزك تفكرى فيه بسرعة .
الورق اللى معاكى يثبت أن والدك مدين فى قضايا كبيرة .. تقدرى تسلميه للشرطة وهما هيتصرفوا .
إتسعت عينا رغد بذهول هاتفة:
_ للدرجة دى أنتَ مجنون!! .. عاوزنى أدخل بابا السجن بإيدى؟!!!
ابتسم إياس ساخرا، الغبية لا تعلم بأنهما إن لم تفعل ذلك فسيفعل هو .. فأعمال الغير مشروعة بدأت تظهر رائحتها، وبدأت الشرطة فى البحث خلفه .. وبالتأكيد هو يعلم بذلك، وسيلقى بأى أحدا عوضا عنه للشرطة كى لا يلقوا القبض عليه .
قال بصبر بعدما أخذ نفس عميقا :
_ صدقينى يا رغد ده لمصلحتك .. لو أنتِ معملتيش كده هو هيعمل، ودى مش أول مرة يلبس فيها حد تهمه .. بعدين أخوكى جاب دليل قوى يثبت أن والدك هو اللى دبر لقتل عيلة مراته .
هزت رغد رأسها مصدومة، ماذا يقول هذا الرجل!!
بل كيف يعرف كل هذا؟!!!
هتفت بسؤالها دون وعى تقريبا:
_ أزاى؟! .. عرفت أزاى كل ده؟!!
لم يأتها جواب للحظات قبل أن يقول إياس منهيا الحوار:
_ بطريقتى .. خليكى أنتِ فى قرارك، يا أما تنتهزى الفرصة .. يا تضيع وتفضلى ندمانة عليها طويل .
كاد يغلق الهاتف بعد عبارته إلا انها أستوقفته بسرعة قائلة بصوت ميت:
_ عاوزة أعرف ليه ظهرت فى حياتى، ليه بتساعدنى .. ليه بتأذينى .. ليه؟!!!
ليه بتنتقم منه فيا؟! .. ليه أنا مش قصى؟؟
ليه؟؟!!!!!
أغمض أياس عينيه فى الطرف المقابل، ليقول بعدها بيأس:
_ هتعرفى يا رغد .. هتعرفى وقريب أوى، أتخذى قرارك وأنا جنبك .
_ وليه تكون جنبى مش ضدى؟؟
جاء قولها كقذيفة لم يعرف لها إجابة بداخله، فقال بعجلة دون أن ينتظر ردها:
_ سلام"""

بعدها جلست لساعات تفكر وتفكر، إلى أن توصلت للقرارا المناسب .
لتتجه فى اليوم التالى لمقر الشركة، وتبدأ فى العبث بأوراق قديمة لحسابات أكثر قدما .. أخذت منها ما يفيدها وتركت الباقى، لتتجه إلى قسم الشرطة من فورها .. ثم كانت محطتها الأخيرة منزل والدها .. حيث تمنت ان تحصل على حقيقة أمر إياس، ولكنه لم يفيدها بشئ .
إلتقطت بأحدى يدها الهاتف الملقى على الكرسى المجاور، لتضغط رقمه .. وحين فُتح الخط قالت بصلابة:
_ قصى .. أنا سلمت أوراق تدين بابا فى صفقات غير مشروعة وغسيل أموال، وتم حبسه والتحقيق معاه قريب .. لو عاوز تبعت الادلة اللى تثبت أن بابا قتل مراتك وأسرتها ابعتها ... ليك حرية الأختيار، بس أختار بسرعة وأنسى فكرة أن ده والدك، وأفتكر أن كل واحد لازم يتعاقب على اللى عمله .... سلام .
أغلقت الهاتف بعدما أنهت آخر كلماتها لتلقيه بجوارها دون أكتراث .

............................................................ ........................................................

نظر إلى الهاتف مصدوما .. يشعر بأنه تلقى ضربة قوية على الرأس لتوه .
هل ما سمعه من أخته صحيح؟؟ .. أم أنه يعانى من هلوسات!!
كيف علمت بأنه يملك أدلة تشير إلى قاتل عائلة زوجته؟؟
هو لما يخبر أحدا سوى أحمد الذى يعلم جيدا بأنه لن يخرج سره ابدا ... فكيف علمت بالأمر؟؟
زفر بإرهاق واضعا يده على جبينه، ماذا يفعل؟؟
أيفعل كما فعلت شقيقته ويرسل الأدلى التى يملك للشرطة ويرتاج مما يعانى؟؟
أم يصمت ويراقب ما سيحدث؟؟
لم يكن يوما بمثل تلك السلبية، لم يكن ضعيفا ومتخاذلا فى إختيار أصعب القرارات، بل كان يحكم عقله ثم يتخذ القرار بدون تحيز .
فماذا الأن وهو يجد ان المتهم بقتل عائلته هو والده!!
لماذا ... لماذا وضعه بمثل ذلك الخيار الصعب؟؟
لماذا عليه الأختيار بين الحق والباطل؟؟

أرجع رأسه للخلف مسندا إياها على الكرسى، ليغمض عينيها ويترك لنفسه تأمل خيالها الذى يراوده كلما أغلق عينيه .
لقد أشتاق لها بجنون، لا أحد يعلم قدر العذاب الذى يعانى منه .. لا أحد يعلم بأنها لا تترك حلما إلا وظهرت له من خلاله، لا أحد يعلم بأنها تسكن روحه قبل قلبه وعقله ..
لا احد يعلم بأن قصى صُنع على يديها، لا أحد يعلم بأن العشق كلمة بسيطة بالنسبة لمشاعره تجاهها .
مهما حاول أن يصبح قويا، مهما أرتدى أقنعة الصلابة .. مهما أرتبط بإحداهن، ستظل ذكراها قائمة بعقله وقلبه وروحه .
كيف ينساها وهو يراها بعينه كل صباح فى المرآة، كيف ينساها وهو ينام على فراشها .. كيف ينساها وقلبه يصرخ به كجريح لأنه يريد الارتباط بآخرى .. كيف ينساها وهو يتذكرها كل لحظة؟؟
فتح عيناه فجأة حين فتح باب المكتب، ليجد ميسد تدخل بأناقتها المعتادة، وما إن لمحت ملامحه حتى قالت ضاحكة برقة:
_ ماذا؟؟ ... لم أجد السكرتيره بالخارج فدخل من فورى، أرجوا ألا أكون قد ضايقتك .
أخذ نفسا عميقا وهو يعتدل ليشير إلى الكرسى المقابل قائلا بهدوء:
_ أنا كنت بفكر فيكى .. وأتصدمت شوية لما لقيتك ظهرتى قدامى .
ابتسمت ميس قائلة بهدوء ماكر:
_ من الجيد ذلك إذا .. لقد جئت اشكرك لما فعلته لوالدى .
قاطعها قصى بهدوء :
_ ده واجبى يا ميس .. والدك كان مريض وطلب خدمة وأنا قضيتها، مش محتاجة إنك تشكرينى .
قالت ميس بنعومة رقيقة:
_ أعلم بأنك رجل شهم للغاية .
أشاح قصى عنها بضيق، لا يعلم لما بات يكره صحبتها فى الآونة الأخيرة ..
أ لأنها أتخذت طريقة جديدة فى التعامل معه منذ عرض عليها الزواج؟؟
لا يعلم ولكن اسلوبها الجديد أصبح يثير غضبه وإنزعاجه .
زفر بحنق ليقول محاولا تمالك أعصابه:
_ ميس .. أنا عارف ان اللى هقوله هيزعلك، لكن لازم أقوله دلوقتى أحسن ما نندم بعد كده .
أنا عرفت أن حادثة مراتى وعيلتها كانت بتدبير، واللى دبر الأمر هو والدى .
تابع بدقة تعبيرات وجهها التى تحولت من ابتسامة رقيقة إلى جمود .. ملامحها كانت أقرب للصخور فى صلابتها ..
كان المتوقع أن تكون مصدومة إلا أنه لم يتعجل الحكم وهو يكمل:
_ معايا الأدلة اللى تثبت أن بابا هو اللى عملها، لكن لسه متردد .. أقدم الاوراق اللى معايا والشهود، ولا الأحسن أنى أقفل على الموضوع ده وأفتكر أن ده والدى .
صمت بعدما أنهى كلامه، لتظل على حالها بنفس التعبيرات الصخرية .. قبل أن تقول بهدوء:
_ لازم قبل ما تتخذ أى قرار تفتكر أن ده والدك!!
عارف يعنى إيه تكون سبب أن والدك يدخل السجن؟؟ ... مهما عمل والدك المفروض متفكرش فى إنك تسجنه .. مهما عمل .
لاحظ قصى أنها لجأت للعربية، وهى حالات نادرة ما تلجأ إليها .. ولكنه تركها تكمل .
_ أنتَ متأكد من الموضوع ده، ممكن حد يكون عاوز يأذى والدك بيك .. ازاى تصدق أنك والدك ممكن يعمل كده، وحتى لو كل الأدلة ضده لازم أنتَ تقف ضدها، حتى لو والدك نفسه أعترف .. أنتَ المفروض تقف معاه .
أخفض رأسه بعدما حصل على ما يريد، لقد كانت لعبة إذا!!
كان والده يريد اللعب به من خلالها ..
يا إلاهى عليه التصفيق له بشدة، لقد أجاد اللعب هذه المرة .. وإختار من تستطيع التمثيل ببراعه حتى صدق!!!

رفع رأسه ثانية، لكن بتعبيرات مختلفة .. قسوة إستحكمت ملامحه، وإكتملت بقوله:
_ معاكى حق .. أنا لازم مصدقش كل ده .
نهض ببطئ من كرسيه ليلف حول المكت ويقف خلف كرسيها، ليميل عليها بتمهل هامسا بجوار أذنها:
_ كان لازم أعرف ان مختار باشا مش هيسيبنى بعد ما يخلص من عيلة غنى، كان لازم يكمل مسيرته ..
سألت نفسى كتير بعد ما عرفت الحقيقة، ليه بابا موت غنى ومعملش حاجة لحد دلوقتى، لكن أكتشفت أنى غبى .. وأنه كان شغال كويس أوى .. صح يا ميس؟؟
إلتفتت ميس له، لتقترب بوجهها من وجهه قائلة بابتسامتها الأنيقة:
_ يعجبنى ذكائك قصى، بلى هو كذلك .. لقد فعل والدك .. بل فعلناها سويا، ولكن يبدوا أننا فشلنا .
أطبق قصى فجأة على رقبة ميس، ليصرخ بوجهها:
_ أنتوا عاوزين إيه منى تانى بعد ما أخدتوا أقرب الناس ليا ... إيه تانى بقى من حياتى علشان تاخدوه .. كان أتبنى ابن تانى أحسن منى .. عاوزه إيه منى ... قولى .
حاولت نزع يده على رقبتها، إلا أنها فشلت فقالت صارخة :
_ أبتعد عنى قصى، أنتَ لا تعرف ماذا تفعل، لقد أصبت بالجنون ...
قاطعها قصى وهو يزيد من وقع يديه على رقبتها:
_ هتعترفى باللى طلبه منك مختار، ولا أقتلك زى ما قتل مراتى وعيلتى .. وصدقينى واحد زي مبقاش عنده حاجة يخسرها .
حاولت التماسك وهى تجيب:
_ إن تركتنى .. فقط إن نركتنى سأخبرك بكل المعلومات التى أعرفها عن الأمر .
نزع قصى يده بوحشية .. لتسعل بقوة .. بينما كان يستدير عنها موليا إياها ظهرها ..
لحظات من الصمت .. قبل أن يلتفت بعينين تقدحان شررا، ويصرخ بعنف:
_ أنطقى وخلصينى .
حينها تحدثت ميس صارخة:
_ لا ترفع صوتك علي .. وما فعلته ستندم عليه، أما عن أمر والدك العزيز فهو من جائنى فأنا لا أحتاجك ولا أحتاجه، ليطلب منى التقرب منك .. أخبرنى بأمر قتله لعائلة زوجتك .. إنه يريدك أن تعود له، تكون تحت يديه .. بمعنى ذراعه الأيمن كما تسمونها .
انا وجدت مصلحتى بالأمر فلم أعترض، وقد ظهر هذا جليا فى حديثنا .. أنا لا يشكل لى أمرك أى أهمية سوى مدى الربح الذى سأحققه من أمرك ..
ما لا تعرفه أن زوجته لاتزال على قيد الحياة، لقد اخفاها والدك عمدا بعدما عجز عن قتلها فى المشفى بعد الحادث.
لقد كانت بإرادة قوية رغم الغيبوبة التى دخلت بها .. نازعت محاولات القتل التى كان والدك يدبر لها، حتى سأمر من أمرها وأخفاها فى إحدى القرى ببلدكم ..
هى لا تتذكر الكثير عن حياتها .. لأنها فقدت جزءا من ذاكرتها فى الحادث، ولكن منذ يومين اتصل بى والدك وأخبرنى بأنها تذكرت كل شئ .. وحين سألته عما ينوى فعله قال بأنه سينهى أمرها .. ولم اتطلب الكثير من التفكير لأعلم بأنه سيقتلها .
قد يكون قد قتلها .. وهذا ما أريده كى تتعذب أكثر بمعرفتك ..
صرخت بآخر كلماتها بحقد، بينما كان واقفا أمامها مصدوما .. لايكاد يصدق ما يسمع ..
غنى حية!!
غنى ... زوجته ... حبيبته!!

أنتبه حين خرجت ميس مغلقة خلفها الباب بقوة .... فأخرج الهاتف من جيبه ليضغط رقم صديقه بسرعة قائلا ما إن فُتح الخط:
_ أبعت الأدلة والشهود اللى عندك للنيابة، خلى التحقيق يتفتح تانى .. أنا جاى مصر فى أقرب وقت .. وعاوز منك خدمة تانية، هديك أسم لكام راجل كانوا مهمين أوى عند بابا .. آه كانوا بيشتغلوا تحت إيده ..
عاوزهم بسرعة قبل ما يختفوا ..... هتعرف أول ما آجى .. طيب سلام .
إلتقط معطفه فى آخر كلماته ليخرج من المكتب بسرعة، سيسابق الزمن ليعثر عليها ..
احساسه يخبره بأنها حية .. بأنها حية وتنتظره أن يجدها!!!

............................................................ ........................................................

لا شىء يستحق ان تمنى النفس
وهم هناك يسرقهم النسيان عنك
يادربنا الخالى لعلك تتذكرنا عندما تلتقى خطانا
كلنا أنصاف ........نكمل أجزائنا معأ
أن تغيب وأن تحضر ...
مجهول أنت أم غريب أم قريب .........أنت عندما لا تكون أنت
لآنك لم تتسنى لك ان تعرف حقآ من أنت
المجهول ........حقيقة الانسان بما لايستطيع ان يظهره لك
فاذا أردت أن تصل اليه .........عليك أن تصغى الى مالا يقوله
*********

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 06-08-18, 10:09 PM   المشاركة رقم: 63
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 



لا شىء يستحق ان تمنى النفس
وهم هناك يسرقهم النسيان عنك
يادربنا الخالى لعلك تتذكرنا عندما تلتقى خطانا
كلنا أنصاف ........نكمل أجزائنا معأ
أن تغيب وأن تحضر ...
مجهول أنت أم غريب أم قريب .........أنت عندما لا تكون أنت
لآنك لم تتسنى لك ان تعرف حقآ من أنت
المجهول ........حقيقة الانسان بما لايستطيع ان يظهره لك
فاذا أردت أن تصل اليه .........عليك أن تصغى الى مالا يقوله
*********
_ هنتكلم .. هنتكلم بس أكيد مش هنا .
تقبلت وعده بنفسا راضية وهى تتبعه ليخرجا من المشفى ويستقلا سيارته .
طيلة طريق العودة كانت صامتة ساكنة، تنظر إلى الطريق بعينين غائمتين .. تتذكر بدايتها معه .. حين كانت نظرة!!
نظرة عابرة آسرة بذات الوقت، قوية جذبتها إلى المجهول .. وهى ترى بعمقهما ما لم تراه، حزن ... ألم ...جرح.
كانت نظرة غريبة وجاذبة جعلتها تعلق برأسها بطريقة غير معتادة، بينما كانت التخيلات تعبث برأسها وترسم لها مئات الحكايا لتلك النظرة الغريبة .
ولكن كانت الحقيقة أبشع من أى خيال..
قفز إلى عقلها مشهد جمعها بوالده وزوجها، ليلة زفافها .. حين ألقى بوجهها الصدمة .
لايزال صوته البارد القاسى عالقا بأذنيها كلما تذكرت تلك الليلة .. حين أتهم والدها بقتل والده!!
كانت ليلة من أبشع ما رأت، وهى تصدم بأقرب الناس لقلبها .. قدوتها التى تتبعها، والده!!
فجأة يصبح مجرما .. والأسوأ انه لا يجيب على هذا الإتهام؟!!
لا تعلم قد تكون تسرعت فى الحكم حينها على موقف والدها ولكن بعد ما عرفت ما عرفت عن قصته، ترى أنه لم يحاول الجدال لأنه تعبه منذ سنوات .. منذ أتهم بالقتل وهو بريئ!!
بلى هى ابدا لن تصدق بأن والدها قاتل، والدها الذى رباها على القيم والأخلاق .. الذى انشأها وأخاها بتلك التربية الحسنة لا يكون ابدا كما يقال عليه ... مهما قالت الألسنة أن والدها هو القاتل ستقف بوجههم وتقول بكل صلابة ... لا .
هى لا تعلم القاتل الحقيقى، لكنها تعرف والدها وهذا كاف لها .
إلتفتت لتلقى نظرة خاطفة على وجهه، فكان كما اعتادته قاسيا .. شاردا بالطريق أمامه ..

لما يقع القلب بحسابات غير عادلة ويسقط المرأ فيما يريد؟؟
لو لم تكن تحبه كانت لتتركه منذ زمن ولا تأبه لأى ماضى، لكنها تحبه .. تعشقه بجنون وهذا قدرها ولا تستطيع أن تتحداه بالإبتعاد عنه .. فلا تملك سوى قول "لو" بندم!!!
عاودت النظر إلى الطريق، ليجذب إنتباهها تغير المسار .. فعاودت النظر إليه مستفهمة، إلا أنه لم يحد بنظره عن الطريق .
أخذت نفسا عميق وهى تعاود النظر للطريق، لن تقلق .. ستترك له المجال كى يخطو هذه المرة ..
إن كان يريد الحديث فهى تريد أكثر منه، تريد حسم الحوار الذى لم ينتهى حين وعدها بهدنة، لكنها لم تقدر على تحملها .
بعد نصف ساعة .. كان يقف بسيارته أمام كافيه أنيق .. على ضفاف النيل .
سكنت مكانها للحظات تنظر للمكان بلا فهم، لكنها تفاجأت حين فتح الباب المجاور لها بفعل أدهم الواقف أمامها بحاجب مرتفع بإرتياب!
بإرتباك كانت تخرج لينتابها الذهول وهى تعاود الإلتفات لأدهم الذى أغلق الباب بعدما خرجت .
أكان حقا هو؟؟
أدهم يفتح لها الباب؟!!
حاولت إستعادت تركيزها وهى تسير بجواره إلى داخل المكان، حيث أشار النادل الذى بدا يعرفه إلى احدى الطاولات البعيدة .
جلست قبالته بإرتباك ليسألها بهدوء عن طلبها، أجن هذا الرجل ام جنت هى؟؟
أهما فى أول لقاء تعارف؟؟!!
يصطحبها لمقهى على النيل كى يتحدث معها؟!!
أخبرته عما تريد ليطلبه من النادل .
أنتظرت أن يتحدث بعدما طلب يا يريدانه، إلا أنه ظل صامتا ينظر لصفحة النيل السوداء بلا تعبير .
هل جلبها لهنا كى يهنأ بالنظر للماء!!
حاولت لفت إنتباهه عدّة مرات إلا أنه بدا شاردا بأمر جلل، سلب عقله بالكامل.
يأست من محاولة جذب أنتباهه، فأشاحت عنه بضيق .. إلا أنها صدمت حين سمعت قوله الهادئ:
_ بابا مات فى نفس اليوم ده من خمسة وعشرين سنة، كان يوم صعب .. كله لابس أسود وبيزعق .. لحد ما فجأة لقيت جدى بياخدنى من حضن أمى بعيد، لمكان مش عارف لحد دلوقتى هو إيه .. قالى بكل شدة، أنتَ دلوقتى بقيت الراجل بعد أبوك .. مش لازم تعيط .. مسموح ليك تعيط غير لما تاخد حق أبوك بس .
متخيلة أن طفل عنده خمس سنين يسمع الكلام ده، كان ممكن أنساه بسهولة زى أى حاجة، لكن لأن جدى كان دايما يفكرنى بالجملة دى فكانت محفوظة ..
أنا مكنتش بفكر أنى انتقم من حد، كنت نسيت خلال السنين اللى فاتت بعد موت جدى، لكن هو السبب ... هو اللى رجع .
عقدت زهور حاجبيها بقلق، لتسأله بحذر:
_ تقصد مين؟
ابتسم أدهم بسخرية وهو ينظر إلى الطاولة الخشبية، بينما اصبعه كان يطرق عليها بحركات رتيبة لا تتوقف ..
ظل الصمت بينهما قائما حتى قال أدهم مقاطعا إياه ببرود:
_ والدك .
اتسعت عينا زهور بصدمة، ليكمل أدهم دون أنتظار تبعات انفعالها:
_ والدك طلب يقابل عمى عثمان، وطبعا فى البداية عمى قال مش هقابله، بعدها وافق وفعلا عمى سافر القاهرة علشان يقابله بعد ما والدك رفض يجيى البلد .
لما سأله عمى عن اللى عاوزه، قاله الصلح .. وده كان أكبر دليل ليا أن القاتل هو، عمى قاله الصلح مش هيحصل إلا بواحد من عيلتكم .. وبالنسبة لأن عيلتكم ملهاش أصل فى البلد، فكان المقصود هو أخوكى سيف .
طبعا والدك رفض وقاله أنه مستعد يدفع فلوس لكن ميقتلش ابنه .. عمى وقتها رفض وأنتهت القاعدة بخناقة ومجبتش أى نتيجة .
عمى بعد ما قابله جالى علطول، وقالى تقبل العوض؟
سألته هو إيه .. فقالى روح أخوكى .
أنا مهما كرهت حد .. وحقدت عليه طول حياتى، ابدا ما هفكر أقتل وده اللى قولته لعمى .
ولأنى عارف أنه مش هيسكت بدأت أدور على والدك، وأجمع معلومات عنكم كلكم .. لحد ما قررت أنى أنتقم فى العضو الأصغر فى البيت .. أنتِ .
صمت أدهم قليلا دون أن يرفع ناظريها لها، ليقول بعد ثانية متهكما:
_ عارف أنها كانت ندالة منى أنى أنتقم منك .. أضعف كائن فى البيت، لكن يوم ما شفتك فى المطار وأنا مقدرتش أخرجك من بالى .
ممكن تستغربى أزاى شخصية زي مش بتتأثر بسرعة تتعلق ببنت من نظرة واحدة، لكن تعلقى بيكى مكنش من مرة .. لا من مرات وأنتِ مش عارفة .. أنا كنت أعرفك قبل ما تعرفينى بوقت طويل ..
أنا اللى بعت لأخوكى فرصة السفر والشغل فى الشركة الالمانية .. كنت عاوز أفكك العيلة، واحدة واحدة أبعد كله عن بعضه وده كان أنتقامى الاول ..
كنت عاوز أشوفكم زى ما أنا طلعت، لوحدى المفروض اقرب الناس ليا بيكرهونى!! ... وطبعا كنت محمل الذنب ده كمان لوالدك .. بصراحة أنا حملته الذنب فى كل حاجة حصلتلى .. لأن اللى خسرته بسبب قصة تافهة كان سبب فى تغيير حياتى .
كانت الخطوة التانية فى أنتقامى أنى أكسر والدك بيكِ، كنت عارف قد إيه هو بيحبك ومتعلق بيكى .. كنت عاوز أقوله أنا كنت بحب والدى وأنتَ أخدته منى، جرب الاحساس ده لما تفقد حد عزيز عليك .
وفعلا أتقدمتلك وهو وافق على اعتبار المعلومات اللى أنا بوصلهاله، وفى يوم الفرح كان لازم أكسر فرحته ..فقلتله أنى ابن الراجل اللى قتله .. وأنتِ كنتِ شاهدة اللحظات دى .
هتسألينى كسب السعادة اللى بتطمح ليها؟ .. هقول آه ولأ .. أيوه كنت حاسس أنى وصلتله ألمى ... ولأ لما لقيته كشف نيتى بنظره محتوية عرف فيها كل حاجة أنا مكنتش عاوز أقولها .
صمت أدهم قليلا قبل أن يعاود بنفس الهدوء:
_ لو هنبدأ من جديد .. يبقا لازم أقولك على كل اللى عندى، علشان كده قولتلك مشاعرى فى كل اللى مريت بيه .. لأنى عاوز أنسى، عاوز ابدأ من جديد .. انسان بدون ماضى.

كتمت شهقتها وهى تحاول تمالك نفسها، كم المعلومات التى حصلت عليها لتوها منه تشعرها بالإضطراب .
أعليها أن تشفق عليه أم تشمت فيه؟؟
لقد أراد بعائلتها سوء؟!!
أراد تفرقتهم؟؟
ولكن .. لكن ماذا؟!!!!
أغمضت عينيها بقوة عاجزة عن النظر إليه، تشعر بأن رأسها سينفجر ..
لم تعرف يوما بأن معاناته كانت أكبر بكثير مما تخيلت .. لقد تعاطفت معه حين قالت لها والدته ما حدث له من عائلته وهو صغير، لكن حين تسمع منه كل هذا فلا تعرف ما تفعل فهذه بادرة غير جيدة تماما .
هزت رأسها ببطئ تحاول نفض أفكارها المتخاذلة، لقد جاء فاتحا دفتر الماضى ليخطا به سويا النهاية ويلقيا به إلى بحر الكراهية بلا عودة .. فلما لا تحاول مساعدته كى يفعلاها سويا؟!!
مسحت دموعها بعنف وهى لا تعرف متى هبطت على وجنتيها او كيف لم تشعر بها؟ .. لكن لها العذر فإنتباهها الكامل مع حديث جعلاها لا تشعر بأى شئ حولها سوى تلك الصور التى كان يقذفها إلى مخيلتها خلال كلامه .
إستعادة رباطة جأشها سريعا وهى تقول بقوة:
_ قبل ما نقفل صفحة الماضى لازم نكشف كل الحقائق ... مين قتل بابا؟
حاولت بقدر الإمكان ألا تتعثر او تهتز منها حروف كلماتها فى آخر سؤال .. والذى بات أكثر اهمية عن كل ما قال .
رغم تكرارها الكثير أنه هو من دبر لقتل والدها إلا أنها أبدا لم تصدق ذلك، لم تكن لتجمع بينه وبين الدم فى مكان واحد .. أدهم رغم القسوة والجفاء إلا أنه كما قال لن يلوث نفسه بأى دماء .

حينها رفع رأسها .. بعد سؤالها المنتظر، ليأسر عينيها بقوة .. قبل أن يقول بهدوء:
_ لأ .. أنا مقتلتش والدك، لكن أعرف اللى قتله....
وقبل أن يكمل كانت تقاطعه بحزم:
_ عمك عثمان هو اللى دبر ودفع للناس اللى خبطت بابا بالعربية؟؟
كان اقرار بأمرا واقع أكثر منه سؤال، فاومأ برأسه عاقدا حاجبيه .
لتأخذ نفسا عميقا محاولة لملمت شتات نفسها، قبل أن تقول بصوت حزين:
_ أكيد مش هسألك مقولتش ليه أنه قتل والدى .
كانت تعلم بأن أدهم رغم كرهه لما فعله به أهله، إلا أنه لم يكن ليلقى بعمه فى السجن، ببساطة لأن بداخله طفل صغير يقف وسط الرجال .. يرى والده ينزل إلى مكان غريب، لا احد يربت على كتفه مواسيا .. لا أحد يحنو عليه ببسمة، لا أحد يشعر بأنه طفل فقد أباه .. بل إنه رجل والرجال لا تبكى أو تجزن .
لقد كان ينتظر ضمة حانية من عمه، كلمة مواسية وإن كانت غير حقيقة.
فتوره وبرود مشاعره ما هو إلا نتائج لسنوات عانى خلالها من قسوة البشر، فكيف تلومه؟؟

صمت وكذلك فعلت .. لينظر كلا منهما للآخر بحزن منجرح .
"سُلطة أسمك على قلبىّ حين اذكُره , تُشبه هيبة اللقاء الاول"
أخفضت وجهها مبتسمة بحزن، هل لهما عودة؟
أ لهما عودة بعد كل ما كان؟؟ .. احقا بيدهما الفرصة أم ضاعت منذ زمن؟
هل للندوب أن تختفى؟
هل للغمامة أن تنقشع؟
لم تشعر بنفسها وهى تهمس بخفوت دون إدراك، لتلتقط همسها أذن أدهم الحساسة، فقال مجيبا إياها بهدوء مبتسما برقة جعلتها تشعر بالذهول فى اللحظات الأولى قبل أن تذوب عشقا بجمالها .
_ الندوب مش بتختفى، لكن نقدر نحولها لشئ مبهج اوذكرى حلوة، والغمامة أنتهت من يوم ما فوقت لفكرة أنى مش أسير لأفكار الماضى .
صمت مخفضا وجهه قليلا، إلا أنه عاود رفعها بابتسامة حزينة قائلا:
_زهور التوليب .. أنتِ استحملتى حجات كتير بسببى، استحملى قسوتى عليكى .. استحملتى جرحى لكرامتك، رضيتى ترجعيلى رغم إنك كنتِ تقدرى ترفضى وتحتمى بأخوكى، ساعدتينى علشان أتغير وأخرج من أسر الماضى ..
مش هقدر أجبرك تانى على حاجة، عاوزة تكملى حياتك معايا هتكونى بهجة لحياتى .. ولو قررتى البعد مش هقدر أمنعك .. اللى عاوز أقوله ومش عاوزه يأثر عليكى .. أنى بحبك.
ختم كلماته بتلك الكلمة الموحشة التى تمنتها طويلا، رغم قراءتها لها عدّة مرات فى رسالته إلا أنها لم تشعر بعذابها كما الأن

"يمكننى أن أرى ألمك , ألمسه واشعر به حارا يلسع قلبىّ"
أغمضت عينيها لتنساب الدموع على وجنتيها، لم تعد قادرة على حبسها بعد الأن .
فتحت عينيها ثانية لتقول بحزم:
_ قبل ما تاخد قرار إننا نرجع لبعض لازم تعرف حاجة .. لازم تعرف مين قتل والدك .. لازم تعرف الحقيقة وبعدها تقرر .

............................................................ ........................................................

بعد أسبوع

كانت تدخل إلى غرفته، ببطئ تنظر إلى جسده الساكن على فراش المشفى .
لقد تحسن حاله كثيرا بالنسبة لآخر مرة رأته بها، حينما أخرجه حسام من المصنع .
لقد كانت لحظات قاسية إلا أنها مرت وأنتهى الأمر.
جلست على كرسى بجواره، لتقترب قليلا منه واضعة كفها على وجنتها برفق .
راقبت بيعينيها المتفحصة ملامح وجهه المجهده، شحوبها الظاهر .. كدماته التى مازالت تترك أثرا خفيف.
لقد أخبرها أدهم عن حاله من اليوم الأول، لكنها لم تشعر بهذا الألم كما الأن .. أن تراه بمثل هذا العجز الغريب عليه لم يكن بالأمر السهل عليه وعليها .
كلما أغمضت عينيها ترى نظرته الأخيرة لها قبل أن تندلع النيران، كانت نظرة نادمة .. متألمة .. بينما غرق جفنيه بدموع لأول مرة تراها .. دموع العجز التى تعلم جيدا قسوتها عليه قبلها!!!
لقد همست له حينها بحبه عله يفهمها، إلا أنه لم يقدر على ذلك .. فضاعت الهمسة وأنقضت الدموع وما عاد لأحدهم أن يلاقى الآخر .

خلال تلك الفترة القصيرة التى قضتها وحيدة بعد الحادث كانت تفكر .. هل لتلك المشكلة أن تبعدهما عن بعضهما أم تعيد ربط شملهما؟؟
كان هذا هو سؤالها الشاغل .. حاولت معرفة الاجابة وحدها إلا أنها عجزت، فمثل هذا القرار لا يتأخذ إلا منهما سويا!!
لن تنكر بأنها لاتزال تحمل بداخلها الكثير مما مرت به بسببه، لكن قبل الحادث كانت تشعر بأنها أصبحت أفضل، تخلصت من كل السلبية التى كانت تحملها ضده ... لقد عقدت العزم على اخباره بالحمل ... الذى لم يكتمل!!
أخفضت وجهها بألم لتمسح دموعها التى أنتهزت الفرصة لتجرى على وجنتيها .
جذبت يدها الآخرى إليها إلا أنها تفاجأت حين شعرت به قد أمسك بها بقوة واهنة .
إلتفتت له بسرعة لترى عينيه قد فتحتا أبوابها إليها .. وتزينت شفتيه بابتسامة رقيقة خشنة لم تعهد مثلها قبلا .. وبالأخير يده التى اعتقلت يدها .
أشاحت عنه بضيق وهى لاتعلم متى أستيقط، لقد كانت تظنه نائما .. أم لم يكن من الأساس؟!!!
أنتبهت حين قال مؤيد برقة خشنة:
_ وحشتينى .
توردت وجنتاها بخجل وهى تود الفرار من أمامه، إنها لا تريد المواجهة .. حقا لا تريد، يكفيها ما عانت فى الايام السابقة من الوحدة عدا مجيئ زهور .. لكن الشعور بالوحدة كان يقتلها .. وتزايد أكثر حين فقدت جنينها .
لا تريد المزيد من الألم .. والعبث بخطايا الماضى، تريده بجوارها .... كلا ينظر إلى عيون الآخر بأمل دون كلام .
رفعت عينيها بحذر إلى عينيه، لتشعر بالدهشة تنتابها وهى تلحظ البريق الغريب عليها يلتمع بعينيه، وكأنه حصل لتوه على كنز ثمين!!
تابع مؤيد حين وجدها صامتة تنظر إلى عينيه بإنشداه غريب:
_ كنت فاكر إنك مش هتيجى تزورينى .
إرتبك مشيحة بوجهها عنه، كيف علم بانها كانت تنوى ذلك، بلى لقد عقدت العزم عدة مرات ألا تذهب إليه وحين يأذن لها الطبيب بمغادرة المشفى فستذهب إلى منزلها دون رجعة .. لكن القلب الأحمق حطم كل النوايا وهو يدفعها إلى غرفته ما إن اغلن الطبيب قدرتها على المغادرة.
حاولت التركيز فى اجابة جيدة لا تؤذى أحدهما:
_ كنت محتاجة أرتاح .. وأنتَ كمان كنت محتاج الراحة دى، لكن مقدرتش .. ولقيت نفسى هنا فل أوضتك، مش عارفة حتى بعمل إيه .
قالت كلماتها الأخيرة بضياع حقيقى، هى حقا لا تعلم لماذا جائته؟ .. لقد أرادت أن تؤخر المواجهة فلما عجلت بها بمجيئها إلى هنا؟؟
إلا أن قوله التالى جعلها تنصدم بنفسها قبله:
_ وأرتحتى؟؟
إتسعت عيناها بذهول .. لقد وجدت راحتها بقربه وهى لا تشعر بنفسها!!!
عضت على شفتيها بقوة وهى تخفض وجهها، المواجهة صعبة للغاية .. بل أصعب مما تتخيل، تشعر بأنها تواجه نفسها فى مرآة .. عليها الخلاص سريعا قبل أن تفقد اعصابها .
قبل أن تتحدث كان يقاطعها قائلا بصرامة:
_ ميساء قبل ما ندخل فى تفاصيل للى حصل، هسألك سؤال ومحتاج اجابتك .. أنتِ مصدقة اللى حسام قاله عن حكايتى مع مرام؟؟
رفعت رأسها ببطئ لتواجهه .. عينيها تعلقت بعينيه دون جواب ..
عم الصمت للحظات طويلة، كان مؤيد يشعر خلالها بالخوف وكأنه أمام أمر مصيرى .. ولكن جاء رد ميساء هادئلا:
_ حسام مرة كلمنى .. قالى تعرفى مؤيد، قولتله آه .. قالى تعرفى مرام .. مقدرتش أجاوب، فقالى أن مرام هى ماضيك .
لما سمعت حكاية مرام من شذى قبل حسام، مصدقتش .. مقدرتش أصدق أنك ممكن تعمل كده، رغم كل حاجة شوفتها منك .. إلا أنى أقدر أقول مش أنتَ اللى تعمل كده .
تنهد مؤيد مرتاحا .. ليبتسم لوجهها بحب، لقد صدق حدسه .. ميساء لم تصدق ذلك الحقير .. ولن تصدق سواه .. إنها إشارة لبداية جديدة جيدة .
قال بعد فترة من الصمت :
_ ميساء تقبلى ترجعيلى؟
أنا عارف أن اللى عملته كتير أن حد يتقبله، عارف أنى كنت انسان سيئ فى حياتى، أنتِ غيرتينى وأنا للأسف غيرتك للأسوأ .
أنتِ خلتينى أرجع أشوف حياتى بعيون تانية ناقدة، وبعدها ابدأ اصلح فيها ..
عاوز أنسى اللى فات .. عاوز أنسى كل حاجة معاكى ونرجع سوى تانى، عاوز ناخد فرصة تانية لحياتنا ..
قبل ما أعرض عليكى فكرة أننا نرجع لبعض، وبعد اللى مرينا بيه تحديدا .. كنت عارف أن شفى جروحنا فى قربنا .
مش هقول أنى أتغيرت تماما، لكن هحاول أكون زى ما أنتِ عاوزة .. هحاول أكون الزوج اللى بتحلميه بيه .
"لن أكون متطلب كمن حولي من الرجال ، لن أطلب منكِ أن تتواجدي دائماً ، ولن أمتلك مدونة أجدول فيها ساعات يومك وبرفقة من وأين تقضيها ، لن أتصل بكِ يومياً ، ولن أطلب منكِ أن تكتبي إلىّ الرسائل الطوال ، وإنما فقط اكتبي لي كلمة صغيرة كل يوم ، لا حاجة حتّى لأن تكون بليغة ورقيقة"

إتسعت عينا ميساء وهى تسمع كلماته الرقيقة المعبرة عن حاله ببلاغة أذهلتها.
ألهذه الدرجة يحبها ويريد قربها؟؟
لكن صدمتها لم تكتمل .. فأكمل هو بنفس اللهجة الدافئة:
_ ذاك العجوز الذىّ ملأ قلبه من الدنيا حتى أرتوىّ تكور على ذاته عند الزاوية
يغمض عينيه هربآ ,يُنفض كفيه من وسخها .. فهل تقبلين به بعد كل ما كان؟؟
"فهل تقبلين به بعد كل ما كان؟؟"
أغلقت عينيها عند رجائه الأخير، لتنساب الدموع برقة .. جارفة معها آخر دموع الحزن والألم، لتنبثق آخرى مستبشرة بالقادم .. فرحة بما جاء .
مؤيد تغير .. تغير طيلة تلك الفترة التى كان البعد حليفهما، تغير كما تغيرت ..
لا تكاد تصدق بأنه هو من قال لها تلك الكلمات، لا تصدق بأنها ممن يقال لهم مثل ذلك الكلام .. الذى للعجب لم يكن حبا .. لكن تعبير عن ذاته يريد إيصاله لها .

نهضت بسرعة بعدما شعرت بأنها ستنهار، الحواجز المنيعة التى وضعتها لنفسها كى لا تنهار تهدد بالسقوط الأن، كبت الأيام السابقة وحتى ذلك الذى حدث يومها .. كله سينهار الان بلا هوادة إن لم تهرب من أمامه .
لكنها أستفاقت على يده التى تعتقل يدها بقوة غير راغبة فى تركها .. فقالت بسرعة شاهقة ببكاء:
_ سيب أيدى .
لكنه ببساطة هز رأسه رفضا، قبل أن يجذبها إليه بقوة لتسقط على صدره .. وكأنما كان يعلم بأنها محتاجة إلى صدره الدافئ كى تترك لنفسخا العنان وهى تبكى بصوتا عالى كما الأطفال .
تركها تخرج ما بداخلها، ليستمع بإنتباه إلى كلامها المتعثر أسناء بكائها العالى .
" كنت ... كنت عاوزة أقولك أنى .. أنى حامل، أنا آسفة .. ابنى راح .. راح بسببى، أنا لوحدى "
كانت تتمتم بتلك الكلمات دون وعى، بينما كان يحاول ربطهم ببعضهم ليحصل على جملة مفيدة ..
ليفهم بعد لحظات أنها نادمة لأنها لم تخبره بأمر الحمل، كما إنها تحمل نفسها ذنب موته!!
لم يشأ أن يخبرها بأنها غبية وبلهاء، فتركها تخرج كل ما بداخلها ثم يخبرها هو بما لديه .

لتنقضى الدقائق بسرعة .. بسرعة أكثر مما تخيل!!
وتبقى بقايا الدموع عالقة على أطراف رموشها الطويلة، بينما كانت شهقاتها تقطع صمت المكان .
يداه لم تتركها للحظة، بل كانت تربت على كتفها برفق .. لم ينبت ببنت شفة خلال عاصفة بكائها .. بل تركها تخرج ما بداخلها على صدرها .
بعدما هدئت تماما قال بهدوء متغزلا:
_ أنتِ جميلة ك ذاك الشعور الذى أستسلم له كُليا وأنا مُغمض العينين .
إتسعت عينا ميساء بذهول وهى تنظر إليه، إلا أنه أكمل بنفس الهدوء:
_ الحمل مش مكتبله يكمل وده قدره، موضوع حسام ومرام لازم يخلص وكل واحد ياخد حقه .. شذى قالتلى على كل حاجة .. قالتلى أنها قابلتك وقالتلك على كلام كدب حسام كان عاوز يوصلهولك، هى كانت بتشتغل معاه فى الأول ... لكن لما عرفت أنه مش ناوي على خير قررت تبعد وتساعدنا .
هى لقيت اللى يعرف قصة مرام من أول يوم لآخر يوم، بعد شوية هخليه يدخل ويقولنا الحقيقة .. أنا لسه معرفهاش .
أما بالنسبة لحسام فأنا قررت أسامحه فى حقى، لكن حقك وحق ابنى هيدفع تمنه .
إلتفت له مشيرا باصبعه إلى عينيها وهو يقول مضيقا عينيه:
_ قبل ما تبصيلى كده .. القضاء هو اللى هياخدلى حقى منه، لأن الموضوع بقا تحقيق رسمى .
بالنسبة لموضوع إنك لوحدك .. لأ أنتِ مش لوحدك وأنا جنبك وهفضل دايما جنبك حتى لو رفضتى وجودى .
صمت قليلا وهو ينظر إلى وجهها القريب من وجهه، قبل أن يزفر حانقا ويقول بضيق:
_ وأبعدى عنى علشان أنا تفكيرى راح لبعيد وأحنا مش متجوزين .
أحتقن وجهها فجأة وهى تعى صدق ما يقول، لم يعد يربط بينهما أى شيئ لتستلقى بحضنه الأن!!
هبطت بسرعة عن السرير وهى تشيح عنه شاعرة بالضيق من نفسها، لكن يده يالتى تشبثت بمعصمها لم تدع لها المجال كى تبتعد أكثر .. بل كان يعاود تقريبها منه هامسا أمام وجهها بشغب:
_ تيجى نروح عند المأذون دلوقتى .. أنا معنديش أى مشاكل، وأهو نرتكب فضيحة علنية على سرير المستشفى .
شهقت واضعة يدها على فمها ... الحقير نواياه قد ذهبت بعيدا .. بعيدا للغاية .
حاولت إزالت حرجها فقالت بغيظ:
_ أنتَ أصلا تعبان ومينفعش تتحرك من السرير .
حينها قهقه بمرح قبل أن يقول غامزا:
_ على فكرة أنتِ كنتِ رامية نفسك على جانبى اللى فيه ضلعين مكسورين .
إتسعت عيناها بصدمة .. قبل أن تهتف بسرعة دون وعى:
_ أنتَ كويس؟؟ .. أكيد.....
قاطعها حين قربها أكثر حتى باتت مشرفة عليه بوجهها، ليهمس بحرارة:
_ علشانك ممكن أستحمل أى حاجة .. هتتجوزينى دلوقتى ولا إيه يابنت الناس ..
تورد وجنتيها ثانية وهى تحاول الابتعاد عنه لتجيب بخفوت:
_ أنتَ قولت أن الدكتور منعك من الحركة .
تهللت أسارير وجهه وهو يقول:
_ بسيطة .. نكلم أدهم ونخليه يجيب المأذون هنا .
يرضيكى أنى أقعد لوحدى هنا من غير حد يسلينى، حتى أدهم اللى افتكرت أنه صاحبى باعنى وقالى أنه مش فاضيلى.
تزامن قوله مع دخول أدهم من باب الغرفة عاقدا حاجبيه، قبل أن يقول ببرود:
_ أنا مش فاضيلك؟؟
أشاح مؤيد بوجهه مغتاضا، بينما وجدتها ميساء فرصة لكى تبتعد عنه .. فإتجهت إلى آخر الغرفة .. بينما تقدم أدهم إلى مؤيد ليقترب منه هامسا:
_ أنا بعتك؟؟ .. ماشى .. تحب أكمل على الضلعين اللى فاضلين لك؟؟
هز مؤيد رأسه قائلا بتذمر كطفل مشاغب:
_ كدبة بيضة بقا يا أدهم علشان الحال ستصلح .
اومأ أدهم برأسه وهو يبتعد عنه، لينتبه إلى سؤال ميساء:
_ زهور عاملة إيه؟؟
لم تكن تقصد السؤال عن الحال، بل كانت تقصد السؤال عن حاله مع زهور .. ولكنه أدعى عدم الفهم وهو يجي. باختصار:
_ كويسة .
إلتفت إلى مؤيد وهو يقول موجها كلامه لميساء:
_ خلى بالك منه .. علشان أنا مش فاضى خااالص .
إلتفت مغادرا، إلا أنه توقف عند باب الغرفة قائلا لمؤيد بهدوء:
_ كريم مستنى بره .. أدخله ولا؟؟
اومأ له مؤيد برأسه، قبل أن يشير لميساء كى تقترب منه .. ليقول بهدوء:
_ كريم هو اللى يعرف قصة مرام والحقيقة كاملة .. عاوزك تسمعيه للآخر .

أخذت نفسا عميقا وهى تومأ برأسها، لتمضى لحظات قليلة قبل أن يُدق باب الغرفة ويدخل شابا بدا فى أواخر العشرينات من عمره .
عرف عن نفسه قائلا بهدوء:
_ كريم عماد الدين ..
قريبا ألتقيت بشذى وهى قالتلى عن حكاية مرام اللى سمعتها من أخوها حسام .
انا كنت أعرف مرام من أول يوم ليها فى الملجأ لأننا كنت سوى فى ملجأ واحد .. مرام كبرت قدام عنيا .. كان فيه بنا نوع من التجاذب وأحنا صغيرين .. ولما كبرنا عرفنا أنه حب .
فى سن التخرج من الدار عمى تكفل بتربيتى بعد ما رجع من السفر، وهى كملت بعدى فى الدار لخمس سنين .. مقدرتش خلالها أنى أتواصل معاها .
فى يوم اتفاجأت لما قابلتنى وقالتلى على اللى حصلها.. لما اتخرجت من الدار راحت لأخوها بعد ما قالت لها واحدة من المشرفات أنه أخوها وأنها لازم تاخد حقا منه .. لأنه كان معروف ان مرام لقيطة ... وهى فعلا راحته فقال لها الحقيقة أنها فعلا لقيطة .
أنا قولتلها تنسى كل اللى عاشته، وطلبت منها تستنى لحد ما أتخرج من الجامعة وهنبنى بيت سوى، وهى فعلا وافقت لكن قالت هتعيش فى الشقة اللى حسام كتبها بأسمها وهتاخد من الفلوس اللى حطها بأسمها فى البنك .
أنا كنت شايف أن ده أفضل ليها .. لما تعيش مع أخوها حتى ولو مش فى بيت واحد، لكن أفضل ليها .
وتواصلنا متقطعش بعد المرة دى، وكنا دايما نتقابل وتحكيلى عن اللى بيحصل ليها .
لكن اللى لفت انتباههى أنها أتغيرت، مكنتش مرام اللى أعرفها .. كانت حد تانى .. كانت دايما تقولى أنها هتنتقم لنفسها من كل اللى أذوها .. وللعجب كنت أول واحد فى القايمة .
لحد دلوقتى أنا مش عارف ازاى مرام وصلتنى للحالة دى .. حالة الأدمان!!
طول السنة اللى كانت بعد خروجها من الدار، كانت بتحطلى فيها نوع من المخدرات .. فى العصير فى الأكل فى أى حاجة متاحة قدامها .
فى يوم جت وقالتلى أننا لازم نتجوز، وانا استغربت جدا وقولتلها أنى لسه مخلص جامعة .. طلبت ممها تستنى اسبوعين، بس هى رفضت وقالت نتجوز عرفى .
كان بالنسبالى صدمة أنها تطلب نتجوز عرفى وأنا عاوز نتجوز علنى قدام الناس، لكن طلعت لى بحجة أنك أتقدمت ليها وأن أخوها عاوز يجوزها ليك علشان يخلص منها .
وفعلا وافقت تحت إلحاح منها بس أن الجواز يكون مجرد ورقة لحد ما أقدر أتقدملها من غير ما حد يساعدنى .
وهى وافقت وكله ماشى كويس، لكن فجأة أختفت من حياتى .. شهرين بقيت عامل زى المجنون، مش لبعدها .. لكن لبعد المخدرات عنى .. أنا مكنتش أعرف أنى بقيت مدمن مخدرات، لكن خلال الشهرين دول عرفت ..
وظهرت بعدهم مرام من تانى لكن بشكل مختلف، طار قناع البراءة وظهرت الحقيقة الشيطانية .
أنا كنت بحب مرام بجنون ورغم أنى كنت عارف أنها من الاول طفلة غير سوية، لكن كنت مكمل معاها .. وكنت بوعد نفسى أنى هغيرها لأنى بحبها .. ولأن الحب بيغير وكل القصص دى .
لكن فوقت لواقع أن الحب مش بيغير حاجة، وأنى وقعت فى طريق المعصية والأدمان .
كان حالى بيزداظ سوء بالأيام، ومرام جنبى ومش بتفارقنى .. كأنها بتراقب موت ضحيتها الأولى .. لحد ما قالتلى فى يوم أنها حامل منى .. وبعدها أختفت من حياتى وعرفت بعد فترة أنها أنتحرت .
متصور كمية السعادة اللى حسيتها لما ماتت؟ .. رغم أنى كنت بعشقها ومستعد أخليها ملكة ومحدش يقرب منها؟!!!
مرام فعلا كانت غير سوية، او كانت عاوزة تثبت لينا أنها مش هتبقى أحسن وهتكمل المسيرة اللى جت فى الدنيا بسببها .
بعد ما عرفت أن مرام أنتحرت، بصراحة حالى أزداد سوء لحد ما عمى عرف وحجزنى فى مصحة لعلاج الادمان .
بعدها أنا محاولتش أعرف هى ليه عملت كده، ليه أذتنى رغم أنى كنت بحبها، لكن لما شذى قالت لى على بقية القصة .. وجزء أخير من حسام .. قدرت أجمع خيوط الحكايا .
بتمنى أن القصة دى تكون مجرد عبرة، لكن مش عقبة فى حياتكم .. أنا عرفت كل اللى عمله حسام ولما قولتله على الحقيقة أن مرام كانت عاوزة توقع بينكم كان ندمان جدا .. ده كل اللى أقدر اساعدكم بيه .
أنهى كلامه ليلتفت مغادرا .. بينما نظر مؤيد وميساء إلى بعضهما بصمت .

............................................................ ........................................................

ألقى بجسده المنهك على الأريكة، ظل ساكنا بمكانه للحظات، قبل أن يرفع يده إلى أعلى أنفه فيمسها .
تلك الخبيثة أختفت كما يختفى السكر فى الماء، بحث عنها طويلا مع رجاله .. بحث فى منزلها القديم وذهب لعمها ولكن دون أى خبر يذكر .
لقد اختطفت ابنه و ولت بالفرار دون أن يمنعها!!!!
عليه التصفيق لها فقد اجادت اللعب عليه، حتى سقط مثل الأبله أسفل قدمها طالبا رضاها .
ما يزعجه ليس خطفها لابنه؛ لأنه يعلم جيدا بأنها ستراعيه أكثر منه .. لكن ألمه الاكبر يكمن فى كونه أحبها وأرادها بصدق أن تكون زوجته .
أمن العدل أن يحب فتاتين مريضتين بنفس الامراض العقلية؟!!!
هل إن عادت سيخوض معها هى الآخرى حربا لتتعالج قبل أن يفوت الآوان؟!!
أم سيتركها لحال سبيلها وينسى أمرها؟
ابتسم بسخرية حين مرت تلك الخاطرة بباله، من هذا الذى سينسى؟؟
لقد تزوج بعد موت أسما .. وعايش الكثير من الفاتنات فى أوربا .. إلا أنه ابدا لم ينسى جرحه العميق من أسما، والذى جائت شقيقتها لتعيد بفتحه بقوة .. لتتركه ينزف دون أن يجد من يضمده .
أغمض عينيه بإرهاق بعدما تعبت تلك الافكار التى تصارع عقله منذ عدّة ساعات .
لقد مرت فقك عدّة ساعات منذ إختفائها وها هو يقلب إلى رجل مجنون .

إلتقطت فجأة أنفه رائحة عطر غريبة فى المكان، إنه يأتى إلى هذا المنزل حين يحب الانعزال والبعد عن أجواء القصر، لكن هذه الرائحة بدت غريبة على انفه .. رائحة عطر أنثوى!!
فتح عيناه ببطئ لتبدأ الصورة فى التشكل أمامه ...وقد كانت أهلّة!!!
كانت عيناه تتسع حتى جحظت من ذهوله، لقد كانت تتجسد أمامه فى صورة واقعية!!!
كان يبحث ويدور بحثا عن خيط رفيع يوصلها له بينما كانت هى تتلاعب به وتجلس بمنزله!!
ابتسمت أهلّة بلا تعبير، لتقول بهدوء عاقدة ذراعيها حول صدرها:
_ إيه أخبار لعبة القط والفار؟!! .. وصلت للفار ولا لسه بتدور عليه؟!
لم يتحرك من مكانه .. بل ظل جالسا يراقبها بعيون متفحصة، حتى قال بالأخير:
_ لأ واضح أن الفار قرر يخرج من مكانه ..
صمت قليلا قبل أن يتبع بنفس الهدوء:
_ خلينا نبدأ من جديد .. نورتى بيتى!
ابتسمت بسخرية وهى تتحرك من مكانها لتتجه إلى النافذة القريبة .. فوقفت قبالتها تنظر للطريق المظلم .
_ كام ساعة عدت بعد آخر لقاء؟
أجابها بثبات:
_ ستاشر ساعة وعشرين دقيقة .
ضحكت برقة ملتفتة إليه، لتقول:
_ واضح أنك كنت بتعد الساعات علشان توصلى .. تعرف أكتر حاجة مسلية فى اللعبة دى إيه؟؟
تجاوب معها خلال حديثها ليقول بهدوء مستفهما:
_ إيه؟؟
إقتربت منه حينها ببطئ وخطوات ثابتة حتى وصلت إلى الأريكة التى يجلس عليها، فجلست بجواره قائلة ببرود:
_ نظرت العجز فى عينك وأنتَ شايفنى ماشية مع ابنك ومش قادر تعمل حاجة .
تقلبت ملامح أوس إلى آخرى صخرية قاسية، قبل أن يقول بصلابة:
_ بس أنتِ لجأتى للغش يا أهلّـة .

زفرت أهلّـة نفسا مرتجفا وهى تشيح عنه، لتقول بعد لحظات:
_ ينفع نقفل الصفحة دى من حياتنا .. ينفع كل واحد يروح لطريقه، أنا مش قد الانتقام وده ظهر بعد كام ساعة من آخر لقاء .. ابنك نايم فوق فى سريره، خلى بالك منه لأنه محتاج رعايتك أكتر من أى حد .
قالت كلماتها بألم وهى تعاود النهوض لتغادر، إلا أن يده القاسية التى أمسكت بذراعها لم تدعها لتنهض .. بل عاود جذبها بعنف لتسقط ثانية على الأرسكة بجواره ليقول بفحيح أمام وجهها بعدما قربها منه:
_ طبعا هو بمزاج حضرتك .. نقفل الصفحة لما متقدريش تكملى أنتقامك، نفتحها لما ترجعى تانى علشان تنتقمى .
أنا قولتلك بحب!! ... أعارفتلك بحب وبرغبتى أنك تكملى معايا حياتى، كنت صادق فى كل كلمة بقولها وأنتِ كنتِ عارفة كده كويس .. ودلوقتى جاية تقولى كل واحد يمشى فى طريقه .
للأسف يا أهلّـة مش كل حاجة وفق ترتيباتك، وبما إنك مش عارفة تنتقمى أنا هنتقم ..
لكن فى الاول هقولك الحقيقة وهجيبلك الأوراق اللى تثبت أن أختك مريضة، وحتى الدكتور اللى كانت بتتعالج معاه ..
بعد ما أتجوزت أختك وعيشنا مع بعض لفترة هى حملت وكان وقتها لازم نواجه عيلتى بالحقيقة، كنت مسافر فقلتلها تستنى لحد ما أرجع .. لكن هى راحت بكل جنون للقصر .. وقالت أنها صاحبته وغلطت فى جدتى، وكانت دى أول بادرات جنونها .
أنا أفتكرت أنه حاجة عادية وأنها ممكن تكون أنفعلت زيادة، لكن بعد فترة بدأت تصرفاتها تتغير .. وفجأة رفضت الحمل بعد ما كانت مصرة عليه .
لما دورت فى سجلات العيلة عرفت أن والدتك كان عندها مشكلات عقلية، فعرضت أسما على دكتور نفسى وقال أنها محتاجة تتعالج بسرعة، أنا مقصرتش مع أختك وكنت معاها خطوة خطوة .. لكن فجأة كل حاجة خرجت عن السيطرة.
أنا مكنتش وقتها فى مصر، وهى أنتحرت .. بسلك التليفون .. وكتبت رسالة بتقولى أنى السبب وأنى اللى وصلتها للحالة دى ..
بعد موتها روحت للدكتور بتاعها و وريته الرسالة، قالى أن الضغوط اللى أتعرضت لها خلال حياتها .. غير العامل الوراثى خلاها تفقد التمييز، متعرفش مين عدوها ومين حبيبها .
أنا لحد دلوقتى مش عارف مين اللى قالك أنى قتلت أسما؟!!
أخفضت أهلّـة ناظريها عنه، لتقول بصوتا متحشرج:
_ عرفت كل ده لكن متأخر .. واللى قالى كانت أسما .
إنعقد حاجبيه بإستنكار وقبل أن يسألها كانت تكمل:
_ أسما زى ما سابت ليك رسالة، عملت معايا نفس الشئ .. حكتلى فيها عن قصة ظلمك ليها وإنك فى الآخر حبستها فى مكان معزول علشان تقتلها ومحدش يعرف وتخفى اللى عملته .
وأنا بقرأ رسالتها كنت حاسة أن جوايا نار بتغلى لحق مظلومة قبل حق أختى، أنا فى الحقيقة محامية .. علشان كدد قدرت أجمع عنك معلومات كتير، ولقيت فكرة أنى أشتغل فى القصر ... ويوم بعد التانى بدأت أكتشف أن ليك ضحية جديدة وهى ابنك، لكن لما عرفتك كويس فى الفترة اللى قضيناها على البحر .. عرفت إنك كنت بتحبها وعمرك ما هتأذيها ..
لما يبتك من كام ساعة روحت للمكان اللى كانت عايشة فيه وبدأت اسأل الناس عنها لحد ما وصلت لصاحبها القريبة .. واللى صدمتنى بأن أختى كانت بتكرهنى .
آه أسما كانت بتكهرنى وكانت عارفة كويس أنى هثور لرسالتها وهبدأ أنتقم منك، كانت عوزانى أدخل فى حرب أكبر منى علشان أخسر وأضيع باقى عمرى .
أنا قولت ليك كل اللى عندى، لأنى خلاص تعبت من أنتقام ملهوش أسباب!!!
آسفة لو كنت أذيتك أو أذيت زياد .. بس بتمنى فعلا تقرب منه وتنسانى .

أشاحت عنه وهى تحاول النهوض، إلا أن يده التى كانت ما تزال تتعلق بها لم تتركها .. بل زاد من تعلقها بها ..
ليجذبها أوس إليه قائلا أمام وجهها الباكى بحزن:
_ وقلبى؟! .. هينساكى أزاى؟؟
أغمضت عينيها بقوة لتشعر بيده تلامس وجنتها برقة لتزيل دموعها التى أغرقت وجهها دون أن تشعر .
ليتبع قائلا بهدوء حزين:
_ أنا بحبك .. وزياد بيحبك، أنتِ بقيتى جزء من عيلتنا الصغيرة، بقيتى الزوجة اللى بتمناها والأمر اللى بيتمناها .. وفجأة عاوزة تختفى .
برأيك ممكن أسيبك بعد كده؟؟
هزت رأسها رفضا وهى تشهق باكية، لتقول من بين بكائها:
_ أنتوا كمان بقيتوا جزء من حياتى .. بس .. بس أنتَ مش هتقدر تستحمل حمل تانى جديد عليك، أنا بشفق عليك من الحمل ده .
إحتضنها هذه المرة بقوة بين ذراعيه هامسا:
_ أنا قدها وأنتِ هتساعدينى، وإن شاء الله سوى هنتخطى كل ده .. لكن مع بعض .
قال كلمته الأخيرة وهو يشبك أصابع

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 06-08-18, 10:11 PM   المشاركة رقم: 64
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


الخاتمة

وقف مؤيد إلى جوار أوس، ليقول الأول ضاحكا لأدهم:
_ شوفت أنا وأوس أنهينا العداوة اللى بينا وبنعمل الفرح سوى .
عقد أدهم حاجبيه بإرتياب، ليقول الثانى مؤيدا:
_ أكيد .
نقل نظره بينهما بلا تصديق، فقال مؤيد ضاحكا:
_ خلاص خلاص .. أنتَ عارف ان أخوك كان قرب يفلس فأوس ساعد الشركة بتاعتى، ولما قولت قدامه أنى هعمل فرح قال نعمله سوى .. ونروح سوى برضوا إيطاليا بعد الفرح .. هننزل فى مدينة البندقية .
ابتسم أدهم حين قال أوس لمؤيد:
_ هناك لا أنتَ تعرفنى ولا أنا أعرفك، كل واحد رايح يستجم لوحده .. تمام؟؟
أجابه مؤيد بسرعة:
_ أكيد .
صمت مؤيد ليلقى نظر على ساعة معصمه قبل أن يلتفت لأوس قائلا:
_ يلا نطلع نجيب العرايس .
تبعه أوس بسرعة متلهفا لرؤية زوجته أهلّـة بثوب الزفاف .

............................................................ ........................................................

ضحكت زهور بغنج وهى تسمع لسباب ميساء فى مؤيد ..
لقد رفضت ميساء تماما فكرة الزفاف وإرتداء فستان أبيض، إلا أن الغليظ زوجها لم يتنازل عن ذلك الشرط .. وها هى أمامها تتشاجر مع فستانها الذى حلت عليه اللعنة فى تلك الليلة .
اقتربت منها زهور وهى تحاول كتم ضحكاتها:
_ أهدى يا ميسا خلى الليلة تعدى على خير.
أنفجرت ميساء بوجهها صائحة:
_ أيوه هتعدى علشان انفرد بمؤيد .. شوفى الفستان اللى جايبه، كله مصايب .. أنا مكنتش عاوزة فرح .
هزت رأسها بيأس وهى تبتعد قائلة لنفسها
"أصحاب العقول فى راحة"
إتجهت إلى الغرفة الثانية المجاورة لغرفة ميساء فى الفندق، لتدخلها بعدما طرقت الباب .
كان أهلّـة تقف فى احدى زوايا الغرفة، أمام المرآة الكبيرة .. تنظر بانبهار إلى شكلها بعد الزينة وإرتداء الفستان .
زفر بإرتياح حين رأت أهلّـة قد دبرت أمرها، فلا ينقصها إلا ثانية متذمرة فى هذه الليلة .
اقتربت منها حتى وقفت بجوارها لتبتسم لصورتها فى المرآة قائلة برقة:
_ ماشاء الله زى القمر .
ابتسمت أهلّـة بخجل، لقد أرتدت اليوم الحجاب رغم الخلاف الذى قام بينها وبين أوس بسبب الأمر، فهى كانت تريد أن تترك لشعرها العنان .. إلا أنه رفض بشدة وأخبرها بانها لن ترتدى إلا ما أحضره لها .. لكن بالنهاية النتيجة مرضية للغاية .
إلتفتت زهور لتجلب لها باقة الورد قائلة بمحبة:
_ هدية منى .
أخذتها أهلّـة بفرح قائلة:
_ شكرا جميلة جدا .
إستدارت عنها زهور لتغادر الغرفة متجهة إلى ميساء لتجده بحال أفضل وهى تقول متنهدة بقلة حيلة ما إن رأت زهور:
_ الحمدلله الفستان اتظبط أخيرا .
ابتسمت زهور بإشراق وهى تقترب لتمسك بيدها وتتجه بها إلى المرآة قائلة:
_ بصى للصورة دى .. ركزى أنك النهاردة عروسة ومتفكريش فى غير كده .. فكرى أن مؤيد عاوز يفرحك .. عاوزك راضية وسعيدة .
نظرت ميساء لانعكاس صورتها بالمرآة، كانت تبدوا جميلة .. بفستانها الذى طغى عليه التل الأبيض .. إكتمل جماله بالحجاب الأبيض من الستان الرقيق .
اتسعت ابتسامتها برضى وهى تلتفت على جانبيها يمينا ويسارا كى تتأكد من هيئتها .
إلتفتت فجأة لزهور محتضنة إياها بقوة، وهى تهمس بصوت قارب على البكاء:
_ شكرا يا زهور .. مش عارفة من غيرك كنت هقف ازاى هنا فى يوم زى ده .
ابتسمت زهور برقة وهى تربت على كتفها بتشجيع قائلة:
_ لا بلااااش تعيطى هتبوظى كل حاجة، ويا ستى مش أنا اللى جبتك هنا .. ده مؤيد باشا اللى كان عاوز يديكى قطعة من السما علشان تبقى راضية .
تنهدت ميساء بولع هامسة:
_ وأنا راضية بكل حاجة معاه .
شعرت زهور بقبضة باردة تمسك بقلبها، فأشاحت بانظريها عن ميساء وهى تعلم بأن حزنها بدا واضحا بعينيها .. لتعاود القول محاولة تخطى الأمر:
_ تعرفين مين جاى النهاردة .
ظهرت الحيرة على وجه ميساء، لكن سرعان ما تقلبت لفرحة عارمة حين قالت زهور:
_ رغد .
صفقت بيديها بفرحة، لتقول بحنين:
_ ياااه أخيرا هشوفها ... متعرفيش عاملة ايه؟
أجابتها الآخرى بهدوء:
_ اللى أعرفه أنها أتخطبت من فترة قريب .. وحالها أحسن عن آخر مرة شوفناها فيها.
اومأت ميساء برأسها، لتعود بناظرة إلى المرآة ..
كادت زهور أن تغادر الغرفة حين فُتح الباب دون سابق أنذار ليظهر مؤيد قائلا بصوتا عالى:
_ النهاردة فرحى يا ميساااا.
عقدت حاجبيه متفاجأ حين رآى زهور الواقف بالقرب منه تنظر له بحاجبين مرتفعين بريبة .. فقال بحرج:
_ آسف كنت فاكر ميساء لوحدها...
صمت قبل ان يشير للخلف قائلا:
_ زوجك واقف بره لوحده .
أخفضت زهور ناظريها وهى تعبر من جواره، ليغلق الباب من فوره خلفها مقتربا من ميساء ليطلق صافرة معجبة وهو يقول بمرح:
_ حبيبتى طالعة زى الملايكة فى الأبيض .. شكلك زى القمر .. مش مصدق أن القمر ده هينزل للأرض النهاردة علشان يحضر معايا الفرح .
ضربته فى كتفه ما إن وصل إليها ليتأوه بقوة قائلا بمزاح:
_ أنتِ قلبتى بسرعة كده ليه .. ده أنا لسه بقول قمر .
صاحت به بغيظ :
_ أحرجت زهور وأنتَ عارف كويس حالها مع صاحبك أدهم .
ضحك مؤيد بإستمتاع وهو يقترب منها أكثر ليعتقل خصرها قائلا أمام وجهها بجنون:
_ مهو لازم يتحركوا شوية .. أربع شهور ولسه زى ما هما، لا متجوزين ولا متطلقين .. وبعدين أشك النهاردة أن أدهم هيرجع البيت لوحده .
قبل أن تتحدث معترضة، كان يهبط على شفتيها بقبلة بدأت رقيقة وأنتهت بهوجة من المشاعر المتضاربة، لتبعده عنها فى النهاية بالقوة، قائلة بضعف حاولت مزجه بالقوة:
_ أبعد يا مؤيد هتبوظ شكلنا .. وبعدين أنتَ مش مكفيك الأربع شهور اللى فاتت وأنا معاك .
تذمر مؤيد قائلا:
_ دى كانت مجرد قبلات واحتضانات علشان اصابتى، لكن النهاردة غير .
أنهى كلماته بغمزة وقحة، جعلت وجهها يحتقن من الخجل والحرج.
لقد جعل أدهم فى نفس اليوم يحضر المأذون كما قال ليعيدها له .. ولم تقدر عن قول كلمة واحدة معترضة .
حاولت الإبتعاد عنه وهى تقول بتذمر:
_ بص فى المرآية وشوف اللى حصلك .. وأنا هحاول أعدل اللى بوظته .
ضحك مؤيد مستمتعا، ليقول بلامبالاة:
_ مش فارق معايا حاجة ..
جذبته بقوة من ذراعه لتوقفه أمام المرآة قائلة بغيظ:
_ بس أنا فارق .
قال مؤيد فجأة :
_ذاكرتىّ حروف جر اليك......
خذ قلبىّ أليك قبل أن آتيك به.....
كُل أربعينك بشرُ الا أنت...
تقول عيناىّ أنىّ مِتُ شوقا ...فيرد طرفه أنىّ قد علمتُ .
عضت ميساء برقة على شفتها، ذلك الرجل لن يكف يوما عن ابهارها .

............................................................ ........................................................

خرجت من الغرفة لتصدم بإنغلاقها فور خروجها ..
توردت وجنتاها بخجل وهى تحاول ألا تفكر بهما بينما لم يفتر لسانها لم يتوقف عن الدعاء لهما .
سارت بخطاها لتتوقف حين رأته واقفا أمامها، بهيئة أقل ما يقال أنها تخطف الأنفاس .
كان يقف مستندا بجذعه الطويل على الحائط، عاقدا حاجبيه بتكشيرة لذيذة .. بينما شفتيه حملت أبتسامة قوية رقيقة وشرسة!!
كان مزيجا من التناقض .. إلا أنه يبهر النظر .. بطلته الأنيقة المتمثلة فى بدلة سوداء وساعة يده التى تزين معصمه على الدوام .. وبالطبع حذائه اللامع .. بينما كان شعره مصففا بعناية .
لقد كان يستحق لقب العريس بجدارة!!
أشاحت عنه مكملة سريها بعدما توقفت حين رأته لتقترب منه وتمر بجواره مكملة طريقها مدعية اللامبالاة .
إلا أنه لم يتركها بل اتبعها بسرعة، حتى أصبح يسير بمحاذاتها فقال بهدوء وهو ينظر أمامه:
_ واضحك أن باقات زهور التوليب مش جايبة تأثير .
أخفت ابتسامتها بمهارة، لتقول مدعية اللامبالاة:
_ ممكن تكون جايبة تأثير لكن فى الإتجاه الخطأ .
رفع حاجبيه باستغراب ليومأ برأسه بعد ثانية، قبل أن يقول بهدوء:
_ مش هتسامحين؟؟
لم تستطع تلك المرة كتم ابتسامتها وهى تلتفت إليه لتقول ببساطة:
_ أنتَ عارف كويس إنى سامحتك من زمان ... لكن عاوزة أنتقم لكل اللى عملته فيا .. وبعد تفكير طويل، قررت ان البعد مش أنتقام .
عقد حاجبيه بإستغراب، ليقول مستفسرا:
_ يعنى إيه؟؟
ضحكت وهى تكمل سيرها قائلة برقة:
_ يعنى أنا هنتقم منك لكن بطريقة جديدة .. أحنا نجيب عيال وهما ياخدوا بحقهم منك وأنا متأكدة أنهم هيعملوها .. بس أشوف شكلك وأنتَ شايل واحد منهم ومتغاظ أنه بهدل هدومك ده حلم .
ضحك أدهم بذهول متسع العين للحظات، قبل أن يتبعها قائلا بحب:
_ موافق .

............................................................ ........................................................

"حفل زفاف أوس ومؤيد"

وقفت إلى جوار زوجها ينظران إلى العروسين بفرحة .
مال أدهم على أذنها قائلا برقة خشنة:
_ إيه رأيك تروحى معايا النهاردة البيت .
إلتفتت له عاقدة حاجبيها بتفكير قبل أن تقول ببساطة:
_ ماشى .. اصلا البيت فضى بعد ما سيف ومراته وماما راحوا يعملوا العمرة .. وأنا مش بحب أقعد لوحدى، فممكن أقعد عندك ضيفة لحد ما يوصلوا .
ضحك أدهم ضحكة صغيرة وهو يميل على أذنها هامسا بصوت أجش:
_ ضيفة؟!! .. لأ يا زهور التوليب أنتِ مش رايحة فندق، ده بيت الأسد ... واللى بيدخله مش بيطلع .
رفعت حاجبيها بإستنكار قائلة بتذمر:
_ هنشوف .
أحاط خصرها بذراعه وهو يقربها منه هامسا بحب:
_ تحبى نعمل فرح؟!!
ضحكت زهور قائلة بسرعة:
_ لا .. لا بعد اللى شوفته من ميساء النهاردة، لأ ...... بس مش هتنازل عن شهر كامل عسل .
اومأ أدهم برأسه ليعاود سؤالها:
_ تحبى نروح معاهم إيطاليا؟؟
رفعت رأسها إليه عاقدة حاجبيها بتفكير مصطنع، لتقول بعد ثانية بمرح:
_ لأ طبعا .. خلينا نروح مكان لوحدنا .
غمز بعينه خفية وهو يقول بشغب:
_ تركيا .
ابتسم بفرح هاتفة بسرعة:
_ كان حلمى أنى أروح تركيا .
إحتضنها أكثر إليه هامسا بحب:
_ وأنا وجودى إيه فى حياتك غير تحقيقى أحلامك .
أبتسمت زهور بحب مخفية وجهها بصدره، لا تكاد تصدق بأنهما يجتمعان بعد كل ما كان ..
لاتزال تتذكر تلك الليلة التى أخبرته بها عن قاتل والده .

""_ قبل ما تاخد قرار إننا نرجع لبعض لازم تعرف حاجة .. لازم تعرف مين قتل والدك .. لازم تعرف الحقيقة وبعدها تقرر .
صمت أدهم فى ترقب، فقالت بصوت مرتجف:
_ بعد موت عمتى المستشفى سلمت لينا حجاتها، من بين حجاتها لقيت مفكرة قديمة ورسايل ..
لما فتحت الرسايل عرفت أنها كانت من بابا ليها بعد ما هرب من البلد، اول رسالة بيطلب منها ترفض فلوس حسين ومتاخدش منها حتى لو احتاجت .. مكنتش أعرف مين حسين فى الأول ..و اللى كان بيتذكر فى التلت رسايل اللى لقيتهم .. تانى رسالة كان بيقلها أنه اكتشف أن حسين بيشتغل حرامى وان ماله حرام وبيحذرها أنها تقبل المال .. تالت رسالة بيقلها أن حسين أتقتل على إيد شريكه بسبب خلافات هو مش عارفها .. ومش هيقدر يعمل حاجة .
فتحت الدفتر علشان أعرف مين حسين ده وايه علاقته بالقصة، وعرفت .. عرفت أنه القاتل وأنه توأم بابا .
رفعت عينيها بحذر لتراقب تعبيراته فوجدتها جامدة كما الرخام .. فأكمل متنهدة بتعب:
_ عيلة بابا مش من أصل البلد اللى والدك منها وأنتَ عارف كده، جدى قبل ما ينتقل لبلدكم كان معاه الأتنين حسن وحسين .. بابا وعمى، لكن حسيت جاتله سخونة جامدة وقالوا أنه مات بسبب اهمال أمه .. فجدى طلقها فيها وسابها واخد بابا وعمتى وسافر بيهم لبلد تانى وهى بلد والدك .
بعد سنين رجع ليهم حسين لكن لما كبر ..كان بيجيلهم فى زيارات .. وكان عايش فى القاهرة .
اللى كانوا يعرفوا أن بابا ليه توأم قليل .. غير أن عيلة بابا مكنش ليها اختلاط باللى حواليهم لأنهم يعتبروا أغراب .
فى يوم حسين عرف أن بابا أتطرد من بيتكم بطريق مهينة .. غير ان جدك اساء لبابا وجدى، وعلشان ياخد لبابا حقه قتل والدك ..
فى اليوم ده رجع لبابا البيت وقاله يهرب لأن الناس هتلاحقه، ولما بابا عرف أنه قتلك والدك قاله هقول الحقيقة .. بس للأسف الحقيقة فى الوقت ده مكنتش هتفرق كتير، لأن الطار كان هيتاخد منه .
جدى مقدرش يتحمل فكرة أنه يفقد ولد من ولديه فقالهم يهربوا سوا، وكانت التكملة فى الخطابات دى .
أتبعت قولها بأن أخرجت من حقيبتها الدفتر الجلدى القديم والخطابات المهترئة الثلاث ومعهم كانت صوره بالأبيض والأسود لشابين صغيرين نسخة عن بعضهما!!
نظر أدهم إلى الاوراق بصدمة دون أى تعبير آخر، بينما كانت تجلس أمامه مخفضة رأسها .. لتقول بعد فترة بصوت مختنق من البكاء:
_ أنا عارفة أن من حقك تعمل اللى عاوزه دلوقتى ... أنا ظلمت أهلك وكنت شاكة أن حد فيهم قتل والدك، لكن فعلا القاتل من عيلتى أنا .. أنا مش هقدر ألومك بعد النهاردة على كل اللى عملته .. بس بالنسبالى براءة بابا مهمة حتى لو كان أخوه هو اللى قتل .
شهقت ببكاء مع آخر كلماتها .. لينظر أدهم إلى وجهها بضياع لا يعلم ماذا يفعل .. ها قد علم الحقيقة التى كان يبحث عنها لسنوات، ولكنها لم تعد مجدية!!!!!

أبعد للأوراق من أمامه بعنف، ليجذب يدها إليه وبيده الآخر كان يرفع رأسها ليقول بحزم:
_ انتِ ملكيش ذنب فى اللى عمله عمك .. ولا والدك اللى ظلمته ليه ذنب، كلنا أتخدعنا فى القصة دى .. أنا شكيت فى والدك وأنتِ شكيتى فى عيلتى، القصة كلها كانت زى أحجية واللى يقدر يفكها ..
دلوقتى عرفت ليه والدك عجز عن الرد عليا لما اتهمته، لأن محدش كان هيصدق اللى هيقوله، وكان فى كل الحالات هيشيل الذنب .
أحنا اتفقنا من شوية أن اللى فات راح، وأن الماضى مات بأصحابه .. خلينا نفوق من قصة القتل .. كل واحد هياخد حسابه، لكن مش هنقدر نحاسبهم بعد موتهم ..
القرار لسه ليكِ يا زهور، تقبلى ترجعيلى ولا لأ؟
أخفضت عينيها هامسة بإرتباك:
_ ممكن فترة راحة .. أنا حاسة أن أعصابى لسه تعبانة من كل اللى حصل .
صمت فشعرت بقلبها يقفز فى مكانه برعب خشية أن تكون قد أفسدت الأمر، فرفعت رأسها ببطئ لتلاقيه بعينيها.
لتتصدم حين رأت ابتسامته الحنونه مع قوله الدافئ:
_ براحتك .. هستناكى لحد ما تقدرى ترجعيلى، بس وعد منى أنى مش هسيبك الفترة دى وهفضل جنبك لحد ما تتخطيها"""

وقد فعل ولم يتركها خلال الشهور الماضية، بل أثبت لها كم هو يحبها ويريدها بقوة .. حتى أنهارت موانعها و وأصبحت لا تطيق بعده كما الان .

............................................................ ........................................................

ابتعدت عنه حين رات رغد قادمة بصحبة خاطبها، فعانقتها بقوة مشتاقة وهى تهمس بحب:
_ رغودة وحشتينى .
ضحكت رغد بحب وهى تبتعد عنها قليلا لتنظر إلى هيئتها قائلة بمرح:
_ إيه الالوان المبهجة دى .. فاكرة الأسود والكحلى .
قرصتها زهور فى يدها وهى تقول متذمرة:
_ بقولك وحشتينى وأنتِ بتفكرينى بالذى مضى .
أبعدت رغد ذراعها عن زهور لتمسد مكان قرصتها قائلة بتذمر كطفلة:
_ وانتِ كمان وحشتينى بس مش الحب ده .. وبعدين ماله اللى مضى، ولا علشان أدهم باشا غيرنا خلاص نسينا .
زفرت زهور بقوة مشيحة بضيق مصطنع ..لن تخلص من مرح رغد الثقيل ابدا .
إلتفتت زهور لتنظر للرجل الضخم يقترب من زوجها مصافحا إياه بقوة، فسألت رغد عنه لتجيبها:
_ تصورى أنا اتفاجأت لما عرفت أن إياس قريب زوجك .. ده يا ستى إياس المغيرى خطيبى ومكتوب كتابنا وقريب الفرح .
إتسعت عينا زهور بدهشة قبل ان تقول بفرح:
_ مبروك فرحتلك .. و واضح أنه رجع رغد القديمة .. فاكرة آخر لقاء بينا .
أنتفضت رغد قائلة بهلع :
_ لا متفكرنيش أنا عاوزة أنسى الأيام دى .
ابتسمت زهور برقة وهى تنظر إلى ميساء وزوجها فوق المنصة يتشاجران فى الخفاء.
كلا يريد نسيان الماضى بما فيها .. كلا تحرر من أسره وأنطلق فى طريقه للسعادة بمن يحب .
*******
وقفا على طاولة مجاورة لطاولة أدهم وزهور.
قالت رغد بمرح:
_ عبالنا .
ضحك إياس بصوت عالى، ليقول بعدها عاقدا حاجبيه بتفكير مصطنع:
_ بفكر أتراجع .. بعد اللى شوفته منك لحد دلوقتى بفكر.....
لكذته فى جانبه بقوة جعلته يتأوه ويقطع ما كان ينوى قوله، لتبتسم بتشفى قائلة:
_ مش أنتَ دايما تقولى خليكى جنبى ومتبعديش، أهو أنا بثبتلك أنى لما أبقى جنبك فيه اخلاف .
جذبها إليها لتسقط على صدرها مقبلا جبينها، ليقول بخشونة:
_ وأنا راضى .. راضى بكل حاجة منك .
ابتسمت متصنعة الغرور وهى ترفع رأسها عاليا، ليعاود تقبيلها ولكن بوجنتها، فشهقت قائلة بصدمة وهى تنظر حولها:
_إيه اللى بتعمله ده .. أحنا فى فرح صاحبتى .
ضحك بشغب قائلا:
_ تعالى نقعد فى العربية .. انا اصلا مش بحب الافراح .
هتفت بداخلها دون أن تسمعه شيئا "ومين سمعك"

بعد مدة .. كانت رغد تلتفت لإياس قائلة بضيق:
_ هو احنا شكلنا مش هننفع فى الفرح، انا بقول ندخر فلوسه ونعمل بيها حاجة، أنا حاسة أنى هتخنق .. رغم ان القاعة كبيرة والعدد مش كبير.
اومأ إياس برأسه قائلا بضجر:
_ أيوه انا بقول كده برضوا .. بلاش فرح .
ضربته فى كتفه قائلة بغضب بدا طفولى:
_ لأ أنا هعمل فرح .
إلتفت لها بحاجبين مرتفعين، قبل أن يقول بإرتياب:
_ أنتِ مش لسه قايلة أنك مش عاوزة فرح؟؟
زفرت بضيق قائلة بتذمر:
_ مش عارفة .. بس انا عاوزة ومش عاوزة .. يلا هو يوم وهيعدى .
صمت تماما حين شعر بأنه سيخنقها، إن قال سنقيم زفاف ستعترض، وإن قال لن نفعل ستعترض أيضا .. إذا فالسكوت حل مرضى .
جذبها ببطئ لترتاح على صدره شاعرا برضى خفى عن قربها منه فهو ابدا لن يتحمل بعدها ثانية .

ابتسم رغد بحب مخفية وجهها بصدره العريض، لم تعلم يوما بأن حياتها ستكون مع ذلك الرجل .. روحها التى ضاعت منها منذ سنوات اعادها هو فى شهور قليلة .
بعد ذلك اللقاء المصيرى كان إياس بجوارها، وقف معها فى كل مشكلاتها .. أعاد إليها الأسهم التى أخذها من الشركة، بل وعمل معها كموظف!!
كان يرشدها إلى الطريق الصحيح الذى عليها أن تسلكه .. فى أمور العمل وفى حياتها .
لقد تسلل إلى روحها ببطئ، حتى تمكن منها تماما .. فما عادت تقدر على بعده .
لقد اعتذر لها بطريقته عن ما فعله معها، حتى أنه اعتذر عما حدث لها من قبل ان تعرفه .
هل لرجل ان يماثله فى الحب و الحنان؟؟

رفعت رأسها إليه قائلة بخجل:
_ أنا تعبت .. الأحسن نقعد فى العربية .
إتسعت عيناه بدهشة قبل ان تتحول لعبث وهو يومأ برأسه بسرعة، إلا أنها عاودت القول بتذمر:
_ لكن هتجيبلى أيس كريم رشوه .
ضحك بحب وهو يضمها إلى قلبه، مسرعا الخطى فى طريقهما لمغادرة المكان .

............................................................ ........................................................

جلست الكرسى المجاور لفراشه، لتقول برقة:
_ عامل إيه دلوقتى يا حسام؟
إلتفت لينظر إليها قائلا بهدوء:
_ ليه أختفيتى شهر كامل من غير ما تكلمينى أو حتى تسألى عليا .
أخفضت شذى رأسها، قائلة بحزن:
_ حسام أنتَ مش عاوز قربى منك .. بشوف فى عينك نظرة ضيق لما باجى زيارة ليك فى المستشفى .. أنتَ شايف أن الموضوع ده شخصى ومش عاوز حد يشوفك هنا، وأنا مش استثناء .. لأ انا أكتر واحدة مش عاوزها جنبك .
ابتسم حسام برقة وهو ينظر إلى ملامحها البريئة، لما لم يرى بها يوما هذا الجمال؟؟
كيف كان مغفلا ليحكم عليها بقسوة ويصنفها من تصنيف مرام .
أنها كما الملائكة، بقلب أبيض نقى، لم يلوثه شئ .
مد يده ليمسك بكفها القابع على قدها، ليقربها منه هامسا:
_ ضيقى لأنى خايف أكون بضيع وقتك معايا، خايف تكونى عاوزة الاحسن منى وأنا أبقى أنانانى تانى وأخليكى جنبى غصب عنك ..
أنا عارف أن القضية اللى عليا لسه متحكمش فيها، مش عاوز أربطك جنبى .. وفى نفس الوقت مش قادر على بعدك .. أنا بحبك يا شذى، بحبك لأنك أجمل حاجة فى حياتى .. النور وسط الظلمة .. بسمة الأمل لحياتى .
ابتسمت شذى بخجل وهى تستمع إلى غزله الرقيق، لكنها لم تقدر على منع نفسها من القول مؤنبة:
_ بعد كل ده لسه فاكر أنى معاك غصب عنى؟؟
قبل كفها برقة ليقول بحب:
_ ربنا يخليكى ليا .
ابتسم بالمقابل قائلة بحب مماثل:
_ سوى هنتخطى كل اللى فات .

............................................................ ........................................................

إلتقطت صورة لمسجد النبى من الخارج لكى تحتفظ بها للذكرى .. فشعرت بزوجها يقف جوارها ويمسك بيديها .. قائلا بحب:
_ إيه رأيك فى شهر العسل .
إقتربت واضعة وجنتها على كتفه قائلة بفرحة:
_ مفيش اجمل منه .. كفاية الراحة النفسية اللى حساها وأنا واقفة هنا .
ضمها إليه قائلا بحب:
_ اكيد .
نهاد هو انا قولتلك شكرا على البهجة اللى جبتيها لحياتى؟
ضحكت نهاد قائلة بمرح:
_ كتييييير لدرجة أنى مش بعد .
ضحك سيف قليلا قبل ان يقول ثانية:
_ مفيش مشكلة نقول تانى وتالت ... عندك أعتراض؟؟
هزت رأسها برفق ليميل مقبلا جبهتها بحب، هامسا بخفوت:
_ ربنا يخليكى ليا يأ احلى حاجة فى حياتى .
أقتربت منه أكثر لتذرع نفسها بين ذراعيه حيث تجد مكانها النفضل، هامسة بحب مماثل:
_ ويخليك ليا يا حبيبى .

............................................................ ........................................................

صاح من المطبخ مناديا:
_ غنى أنا مش لاقى السكر؟!
هتفت وهى تجلس مكانها:
_ عندك يا قصى ... دور كويس .
بعد عدة لحظات كانت غنى تنهض من مكانها متذمرة لتتجه إلى المطبخ قائلة بغيظ:
_ مش عارف تلاقى السكر يا قصى .. أبعد شويه أشوفه فين .
قبل أن تعى أى شئ كان يرفعها ليضعها على المطبخ قائلا أمام وجهها بعبث:
_ مهو السكر أهو .
أنهى كلمته بأن هبط على وجنتها مقبلا إياها بقوة، لكنها أبعدته قائلة بتذمر:
_ بتستعبط يا قصى .. ماشى .
أنهت كلماتها بأن ضربته بقدمها فأبتعد ضاحكا وهو يصرخ:
_ بس يا مجنونة هتقعى .
زفرت قائلة بحنق:
_ شوية من اللى عندك .. أنا كنت هادية وشوف حالى أتغير أزاى بعد شهرين بس جواز!!!
ضحك قصى وهو يعاود الإقتراب منها، ليهمس امام وجهها بجدية هذه المرة:
_ شكرا لإنك رضيتى ترجعيلى .
أخفضت غنى عينيها لتقول بهدوء:
_ سبق وقولت .. أنتَ مغلطتش، لكن تسرعت بطريقة خلتنى أستغرب فى البداية، بس لما اتأكدت أن قلبك ده مفهوش مكان لغيرى، قررت أسامحك ..
تعرف أنا لو كنت رجعت وعرفت أنك أتجوزت كنت هسيبك، لأنى عارفة تأثيرى القوى عليك .
قالت كلمتها الأخير بفخر مصطنع، ولكنه كان يؤكده .. فهى محقة، إنه يعشقها بجنون ميؤس منه كما انها تستطيع التأثير عليه بسرعة .
أحتضنها بقوة قائلا بحب:
_ شكرا برضوا لإنك رجعتى لحياتى .. من غيرك كنت ضايع .
قالت بحب مماثل:
_ وأنا كمان .

............................................................ ........................................................

نظرت إلى ادهم الذى غرق بالنوم بسرعة من شدة إرهاقه طيلة اليوم ..
نهضت من جواره ببطئ لتقترب من احد الأدراج وتفتحه جاذبة دفتر متوسط الحجم .. أمتلأ غلافه بالزهور البنفسجية .. لتفتح أحدى صفحاته وتخط بها .
كُسرت حلقة الإنتقام ليتحرر الجميع منها، كلا أنطلق إلى حياته بأملا جديد ..
أسير الماضى أنتطلق إلى المستقبل ليعاود ما فاته ..
اليوم حُرر كل من كان أسيرٌ لماضيه ..
اليوم كان إنطلاقة جديدة .

............................................................ ........................................................

تمت بحمدالله

أنتهى الجزء الثانى من سلسلة جروح العشق الدامية
أسيرٌ من الماضى
نلتقى فى الجزء الثالث
غمامة عشق

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 08-08-18, 11:44 PM   المشاركة رقم: 65
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2016
العضوية: 321018
المشاركات: 8
الجنس أنثى
معدل التقييم: ندى علي التميمي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ندى علي التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 

شكراً على الروايه الرائعه ونتلقي بك قريباً إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور ندى علي التميمي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسيرٌ, الماضي, الدامية, العشق, يروح, سلسلة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:26 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية