كاتب الموضوع :
الفيورا
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
أهلا أهلا. بخصوص شهر رمضان الفضيل، فأظن إني بعتذر عن التنزيل حتى ما أشتت على نفسي وعليكم. لكن هدفي أنزل ثلاث بارتات قبله على الأقل إن شاء الله.
التاسعة والأربعون
=
=
=
بعد عودتها من الشاليه، بدأت ترانيم في وضع روتين ستعود الوليد عليه حتى يفتقدها بسببه. أصبحت ترسل له على "الواتس" خاصته رسائل في أوقات محددة من اليوم، أحيانا نص، أحيانا فيديو، أحيانا صورة. كلها تتناول مواضيع مختلفة، بعيدة عن الغزل والرومانسية لكن مفعمة بالألفة والود، تحايا وأدعية وطُرف يخالطها ذكر تفاصيل من يومها. أرادت أن يستشعر وجودها حتى وهما بعيدان آلاف الأميال عن بعضهما البعض. أرادت أن تكون جزءا لا يتجزأ من حياته، حتى في الأمور البسيطة..
في بادئ الأمر لم تعرف مدى تأثير روتينها ذاك عليه، فهو بالكاد رد عليها، وإذا رد فإن إجاباته كانت مقتضبة قصيرة وخارجة تماما عن شخصيته التي ألفتها. لكن حدث مرة أنها تأخرت عن وقتها المعهود، لتلقى رسالة منه عندما تناولت جوالها تنوي إرسال رسالة اليوم.
كانت صورة لطبق غريب، معنونة بـ: "الأكل غريب هنا.."
ربما كان مثيرا للشفقة أن رسالة مثل تلك بعثت فيها فرقعات من الفرح، لكن كم من الوقت مضى منذ آخر مرة بادر فيها بالكلام؟ مشاركة شيء عفوي مثل تلك الصورة معها؟
رسالته تلك أعلمتها أنه كان يلاحظها.. كان مدركا لوجودها، وربما، كان يفتقده..
=
=
=
#لقيت هذي السوارة لما كنت أرتب في الشقة
كانت تلك رسالة ترانيم لليوم، مرفقة بصورة للسوار المذكور يحيط معصمها بدلال، نفس السوار اللؤلؤي الذي اشتراه قبيل زواجه بها. تذكر مبلغ حسرته عندما لم يجده بعد إعادة ترتيب الشقة.
حقا أصبح لا يدري كيف السبيل مع ترانيم، كيف يفسر تصرفاتها التي ناقضت حقيقة وضعها معه. لكنه لا ينكر استمتاعه البليغ وتشوقه لكل رسالة ترسلها له، مهما بلغت من البساطة، حتى لو منع نفسه من إظهار مبلغ تأثره.
لكن هذه الصورة أضعفته بحق، تذكره بلحظات احتوى ذاك المعصم النحيل في يده، يشدها إليه لينعم بدفء قربها.
وجد نفسه يتصل بها، يرد على نص الرسالة: "على بالي ضعيته."
وكم وجد الحيوية في صوتها ساحرة عندما قالت: "المهم.. شكرا على السوار، عجبني بزيادة."
لم يكن بوسعه إلا أن يعترض مازحا، منجرفا معها كما أصبح الروتين على ما يبدو: "أم الثقة! مين قال إنه لك؟"
لتهتف بنفس الثقة: "ما يهم لمنو اشتريته لأنه خلاص صار من أملاكي، وأنا لما أحدد شي إنه ملكي ما راح أتركه. أفضل لك تستسلم.."
استشعر شيئا في ثقة نبرتها، شيء لامس وترا في روحه، شيء جعله يعدل عن الاستمرار في الإدعاء أن السوار كان لغيرها: "حلالك، المهم أعجبك.."
أردفت برضى وغنج جعله يحمد ربه أنه لم يكن متواجدا معها في نفس البلد، فربما كان لينهار: "وبما إنك بتطول في السفر، أنتظر شيء أحلى من ذا السوار لما ترجع."
ابتسم بقلة حيلة متيم: "إن شاء الله.."
وكان بعد إنهائه للمكالمة أن أدرك الوليد لأي حد انجرف مع ترانيم بالكلام، ولأي حد نسي ما لا يجب عليه نسيانه.
أي سحر قاس تمارسه عليه تلك الأميرة؟ تجعله يزيد في الشغف بها حبا وهو يجبر قلبه على فراقها.
=
=
=
نامت ترانيم قريرة العينين منتشية الروح بسبب مكالمة الوليد الأخيرة، لكن أتى الصباح ليمحو فرح الليل، يداهمها بآلام عاشت معها طويلا.
لطالما كانت تتوجس خيفة من مواعيد دورتها الشهرية والتعب الغامر الذي تقاسيه بسببها، لكن هذه المرة زاد ألم الإحباط على الجسد. كانت أبلغ إشارة أنها لم تكن حاملا كما أملت وتمنت.
مزاجها المهترئ في حالتها هذه ازداد سوءا وبزخم مأساوي لاحظته أمها عندما أتت بكوب دافئ من خليط أعشاب مهدئ للجسد دائما ما كانت تحضره لها خصيصا: "وش فيك يا بنتي، حالك هذا ما يعجبني..!"
سألتها بشرود بعد جفاف دموعها، تضع رأسها في حضن أمها، يهدئها مسحها على شعرها بحنان قلق: "يمه.. كيف عرفتي إن أبوي يحبك..؟"
عرفت قصة أمها مع أبيها عن طريق خالتها منال، وطبعا وصل خبر وشاية خالتها لأمها وتطوعت أمها بالتصحيح في بضع تفاصيل.
في تلك القصة كانت أمها من تقاسي إعجابا من طرف واحد، وبدأ كل شيء بكون أهل أبيها جيرانا لأهل أمها وتكون صداقة قوية ما بين أمها وعمتها المرحومة علياء. كانتا كالأختين بل أكثر وكم ذكرت خالتها منال غيرتها الطفولية من استحواذ عمتها علياء على أمها.
عمتها علياء كانت عفوية منطلقة، ودائما ما كانت تمدح أخيها لأمها وتذكر مواقفا شتى له، حتى علقت أمها بهواه دون دراية منها. قوة العلاقة بين عمتها وأبيها، جيرة أهل أبيها لأمها، ومصادفتها إياه وهي خارجة أحيانا.. كلها عوامل لم تساعد على إخماد ما أشعلته عمتها بكلامها وثنائها الصادق عن أبيها.
لكن أمها طبعا لم تفصح بكلمة عن مشاعرها إلا لخالتها منال، وظلت ترفض صفوف خطاب لأسباب واهية أملا أن يخطبها أبوها يوما ما.
المثير في السخرية أن كثرة رفضها ومعدومية أسبابها أدت لاكتساب أمها سمعة كأميرة مغرورة لا يرضيها العجب! النقيض التام من الأنثى التي هدف أبوها من الزواج بها.
وهكذا مر الزمن، أمها ترفض من يخطبها منتظرة وأبوها غافل بالكلية عنها، تتألم كل مرة أفصحت عمتها علياء بعفويتها لها عن تفكيره بخطبة فتاة ما.
وربما، ربما.. كانت أمها لتستسلم أخيرا وأبوها ليتزوج غيرها، لكن عمتها علياء مرضت بمرض عضال أصاب خبره كل من أحبها في مقتل.. وكانت وصيتها لأبيها قبل وفاتها أن يتزوج أمها، ووصيتها لأمها أن توافق إذا خطبها أبوها.
وهكذا، تزوجا.
حالتها الغريبة مع الوليد جعلت ترانيم تفكر بأوجه الشبه بينها وبين أمها. ربما كانت حالة أمها أكثر وجعا حتى، فمنذ البداية عرفت أن أبوها تزوجها لتنفيذ وصية أخته وحسب.
لكن لم يظل الوضع بينهما بذاك الشكل، فمن يرى أمها مع أبيها اليوم يقسم أن أبوها هو من كان شغوفا بها راجيا وصالها، وأمها من وافقت عليه بعد محاولات استرضاء شتى.
ضحكت أمها عندها، تجيب سؤالها الذي حتما فاجأها: "أنا آخر وحدة تسألينها يا ترانيم.. مدري كيف أبوك استحملني كل ذا العمر..!"
قالتها بفكاهة نادرة، مدفوعة بسنين من الجدالات والاختلافات بينهما على أبسط الأشياء، ليتصالحا في أقل من رمشة عين.
ردت عليها ترانيم بيقين، فيكفي النظرة في عيون أبيها لتعرف: "لأنه يحبك.."
لتقول أمها، تحول الموضوع إليها: "وإنتي تظنين إن زوجك ما يحبك؟" ظلت ترانيم صامتة، ليكون الصمت إجابة كافية عنها، إجابة جعلت أمها تردف: "تراني شفت الولد، ولهفته عليك تفضحه. تدرين إنه يتصل كل يوم على أبوك يسأل عنك؟ يحليله، يعرف إنك ما راح تشتكين له. مرات تصيرين كتومة بشكل فضيع..!"
عندما نظرت إليها ترانيم بالأمل البسيط الذي غزى قتامة أفكارها، ابتسمت لها أمها بمداراة وتخفيف: "الكل تصير بينهم خلافات حبيبتي، ولو الكل استسلم في البداية، ما بقى اثنين مع بعض. خذيني مثال، ما انذبحت من فعايل أبوك فيني! فكر مرة يخطب بنت خالتي تصدقين؟ بنت خالتي!"
ضحكت ترانيم بتسلية، وبكل الامتنان الذي تحسه لأمها: "بهذلك أبو جلال!"
ليكون رد أمها الباسم بحب عقود: "إيه والله..!"
=
=
=
لحظة استدعاء خالها لها لمكتبه، عرفت لمار أن وعد جلال سيتم تنفيذه. رؤية خالها يحاول ألا يظهر تعابير تسلية كان تأكيدا لشكوكها: "اليوم جلال أصر علي أقدم موعد عرسكم، وقلتله إني بسأله عن رأيك أول شي.. فوش شورك يا لمار، موافقة ولا لا؟"
كانت لمار، وبكل معنى الكلمة، مصدومة.
لا تصدق أن جلال وضع الكرة في جهتها من الملعب مرة أخرى بدل من الإفصاح عن التحدي الذي دار ينهما وما اشترطه إذا فاز. لا تصدق أنه يمنحها حرية القرار!
المحتال المغرور الغشاش! لماذا يجد كل ثغرة لينفذ لأعماق قلبها ويسحرها رغما عنها؟!
حسنا.. لم تكن لمار بالتي تنقض العهد..
أجابت خالها بصوت بالكاد يُسمع: "عادي عندي.."
هل كانت تتخيل أم أن صوت خالها قد خالطته ضحكة عندما رد: "بوصل له ردك، مبروك عليكم.."
=
=
=
في مجلس أبيها جلست غادة متوترة على غير المعهود عنها، تنتظر حضور أخيها في موقف كان تمام العكس عما كان عليه في الماضي. فبينما كانت منال حانية على شاهين كالأم، إلى أنها كانت لينة لأبعد درجة معه، فتبنت غادة أن تكون بموضع الصرامة والشدة أحيانا عند الحاجة.
لكن الآن.. هي من كانت تنتظر ويتوجس. هل سيرفض بادرتها؟ هل سيرد بالاستغناء التام عنها؟
لا تظن أنها ستحتمل، فربما كان صحيحا مقاطعتها لأخيها، لكن خاطرها لم يهدأ حياله.. لم ترد استمرار هذا الوضع، إدراك تيقنت منه بعد الصحوات التي أتتها، لتكون آخرها تلك الملاحظة من زوجة شاهين. السنين تمضي والعمر ينقضي. حتى لو ارتكب أخوها خطأ، فهو قد بذل كل جهد في سبيل التكفير عنه، ينزع من نفسه أركانا حتى لا يزل بأنملة، حتى أضحى رجلا بالكاد تستطيع ربطه بالصبي الذي عرفت.
-: "غادة.."
صوته يعترف بوجودها نبهها إلى دخوله، لتشير إليه بتشنج أن يجلس، وعندما فعل، نظر إليها بصمت بارد مترقب، منتظر للهدف الذي زارت البيت بغية الحديث معه بشأنه.
قالت، لا تعرف بم تبدأ حتى: "سفرك السبت الجاي صح؟"
الجميع عرف بسفر شاهين منذ اتخاذه القرار بالمضي فيه. كان سؤال أخرق منها بحق، لكن شاهين لم يحرجها وأجاب: "إيه.." ليردف بعد لحظة صمت: "وش بغيتيني فيه يا غادة؟"
عندها لم تستطع منع ضحكة تهكم من التصاعد: "اللي أبيه.. ما أظنك بتعطيني إياه.."
ليرد عليها بسؤال: "ولو تظنين إني ما بعطيك، ليه ناديتيني؟"
تشجعت عندها، فعلى الأقل ستحاول: "أبي نرجع مثل ما كنا، أبي نبدأ بصفحة جديدة.." أخذت لحظة كي تكبت العبرة المتشكلة في جوفها، فهي لا تريد التلاعب بشاهين بدموعها: "أبي أتأسف على الموقف اللي اتخذته، على قطعي لك.."
وحتى مع الحيادية في تعابير وجهه، إلى أن غادة رأت الألم المكبوت في عيونه وهو يسترسل بهدوء: "جاوبيني فذي بس.. ليه سويتيها؟ ليه ما صارختي علي، هاوشتيني بكلمة، ضربتيني حتى؟ ليه.. ليه قطعتيني كأني ولا شي فحياتك؟"
أجابته رغم دموعها التي أبت إلا أن تنزل. هي مدينة له بإجابة على الأقل: "كنت أفتخر فيك وبكل إنجاز حققته مهما كان صغير ولأبعد حد. كنت تمثل لي كل طموح وآمال العايلة وحطيتك فمكان عالي في القدر.. ولما صار اللي صار، تدمرت صورتك البيضا فبالي وما قدرت أناظر فيك حتى.. أتذكر إني فكرت للحظة، لحظة بس، بالخيبة إن أمنا ماتت عشان تجيبك للدنيا.." مسحت دموعها بقسوة غير متأنقة قبل أن تؤكد: "كنت غلطانة، ومافي أحد عيني أحكم على الخلق.. أمنا ما كانت بترضى على سواتي فيك حتى وإنت تثبت لنا إنك أهل للثقة والفخر يوم بعد يوم.. ظلمتك طويل يا شاهين، سامحني.."
أخرجت صندوقا عتيقا مزين ببذخ، تضعه على الطاولة الصغيرة أمامه. كان صندوقا يعرفه شاهين جيدا.
ابتسمت بشجن: "جا فبالي إني لسى ما وفيت بوعدي وعطيتك ذهب أمي الموجود فذا الصندوق عشان تعطيه لزوجتك.."
(ذهب أمها، أعز وأغلى إرث تركته لها أمها المرحومة. إرث وعدت شاهين في صغره أن تهديه له حال زواجه من عروس جميلة يحبها، ليحمر شاهين خجلا من الموضوع ويغتاظ من ضحكاتها واستمتاعها بإحراجه.
كم آلمها تذكر تلك الأيام.. كم آلمها واقع عدم عودتها..)
نهضت تعزم الخروج، فقد قالت كل ما تريد قوله، لكن شاهين استوقفها بقوله: "لساتك تحكمين وتفترضين عن الغير يا غادة.."
عندما التفتت إليه باستفهام عن معنى كلامه، أردف: "افترضتي إني ما بسامحك بدون ما تسمعين رأيي.."
اتسعت عيونها بصدمة: "يعني.." قطعت نفسها لتسأل: "ليه؟!"
ليجيب بسكون: "لو قبل ذا اليوم بسنين جيتي لي، يمكن ما كنت بفكر أسويها وأسامحك.. بس لاقيت فذي الدنيا اللي انخذل بأردى ومع ذلك سامح.."
عندها ابتسم يشير للصندوق الذي كان يحمله بعناية بين يديه، لتتذكر غادة لحظتها ذاك الصبي الذي كانت تتآمر معه لإغاظة منال: "مشكورة يا غادة.."
=
=
=
فتحت منتهى باب الجناح لتلاقي أخت شاهين الكبرى، أم جلال. قالت بعد تبادل التحايا ولحظة صمت قيمت كلا منها الأخرى: "ما بخبي شعوري تجاهك.. إنتي غريبة.."
ابتسمت منتهى بتهكم: "مو أسوأ شي انقالي.."
لترد عليها أم جلال بنفس التهكم: "تعجبني صراحتك.." تمهلت لحظة قبل أن تضيف: "بس إنتي زوجة شاهين خلاص، الشكوى لله. بس على الأقل لازم نبدل منظرك الكئيب هذا قبل لا تسافرون!"
رفعت منتهى حاجبا، وبإعتراض أيضا، فليس في ذوقها ما يعيب: "كئيب؟"
لم تجبها بل أمرت: "جهزي نفسك ورانا مشوار طويل.."
توجست منتهى منها ريبة.. وخيفة.. فكلمة مشوار ارتبطت معها برحلات تسوق زوجة عمها اللانهائية.
أي مأزق وقعت به بالضبط؟
=
=
=
هزت لمار رأسها بأسى، ترى معاناة زوجة خالها الصامتة مع خالتها في رحلة التسوق هذه: "المسكينة، استلمتها خالتي غادة استلام فضيع.."
أيدتها كلا من كادي وترانيم بهمهمات موافقة متعاطفة، فالتسوق مع الخالة غادة عصيب، حتى مع المخضرمين في ذلك المضمار: "إلا قولولي، ليش أصرت خالتي نجي معها؟"
أجابت كادي: "كنت أبي أمر السوق من فترة."
التفتت لمار نحو ترانيم لتجيب عندها: "تحسين مزاج."
قطبت لمار حاجبيها: "ماني شايفتك تحسنين مزاج أحد."
ليكون رد ترانيم: "أنا اللي احتاج تحسين مزاج."
حسنا.. "طيب وأنا؟ ليه جرتني؟"
وقبل أن تفيدها أي منهما بإجابة، عرفت السبب من مناداة خالتها غادة لها. لتدرك.. بتقدم موعد عرسها ليقام بعد شهر فقط، فإن عليها البدء في التجهيز وحالا!
ناشدت رفيقتيها النجدة بذعر: "يا بنات خبوني، شفتوا الفضايح اللي اشترتها لزوجة خالي صح؟! لا تخلوني ضحية ثانية تكفون!"
لكن لا حياة لمن تنادي، فقد دفعتاها بكل طيب خاطر إلى قبضة خالتها الحديدية.
"حزب المتزوجات ما منهم أمان!"
=
=
=
كأن غادة تنتظر إصلاح الوضع بينهما لتعود مقتحمة حياته بصخبها الذي طال افتقاده إليه!
-: "زوجتك هذي راسها صخر وتجلط! في الأخير اشتريت لها من ذوقي لأن واضح مو ناوية تتعاون معي!"
دلفت منتهى داخل الجناح تبدو كمن خاض معركة ضارية وهو قد انتهى للتو من مكالمة مع غادة، ليسألها بتسلية: "كيف كان المشوار؟"
لا يذكر أبدا رؤية الغيظ أو السخط على محيا منتهى، تتمتم كأنها تخاطب نفسها وهي تجر أكياس كثرى وراءها، لا يستطيع فهم كلمة تنطقها. كان منظرا عجيبا، ولذيذا بحق!
=
=
=
منذ إفصاحه عن تعدل الأوضاع بينه وبين أخته أم جلال ومنتهى تلاحظ في شاهين ألق فرح، فمهما تظاهر أنه بخير، فقطيعة أخته أدمته حزنا.
وبكل صدق، أفرحها فرحه، وإذا كان عليها تحمل تدخلات أخته المزعجة بإصرارها وإلحاحها، ستفعل.
تساءلت ما الأمر في هذا الرجل الذي يجعلها تسعى جاهدة لمحو كل همومه، الذي يجعلها بكل هذه الطواعية معه، تخصه بقرب وثقة لم تمنحها غيره؟
ما الأمر في هذا الرجل الذي يجعلها لا تريد تخيل مستقبل بدونه؟
انتهى البارت..~
|