لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-04-18, 07:38 PM   المشاركة رقم: 266
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مميز


البيانات
التسجيل: May 2017
العضوية: 325692
المشاركات: 233
الجنس أنثى
معدل التقييم: الفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 951

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الفيورا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا

 

اشتقت لكم..! امتحاناتي بدت وسرقت كل وقتي حاليا، بس لقيت فرصة أنزل شي حتى لو ما يعوض بقدر كبير..

السابعة والأربعون

=
=
=

كان عليها توقع كون خالها سيأخذ كلامها على محمل الجد، فما أن استقلت كليا عن المشي بمساعدة العكازات حتى أعلن نيته في أخذهم في رحلة لشاليه في الخبر، شاليه تذكر استئجارهم له قبل سنوات في رحلة مماثلة.

عدت في ذهنها من تعذر سفره معهم، كالخال عبد الرحمن وزوج كادي الغائب حتى الآن وزوج ترانيم الذي سافر قبل يوم من إعلان خبر الرحلة، ولا تنسى طبعا زوج خالتها سامر. فقط أربعة.

وبعد رحلة دامت ساعات قلة، وصل الجميع للشاليه الذي بدا كما تذكرته بل أبهى وأجمل. وبينما تفرق الكل ليرتبوا أنفسهم وحاجياتهم، اتجهت لمار من فورها جهة القسم الذي اقتطعه الشاليه من الشاطئ، تمتع عيونها بمنظر البحر. حقا منظر ينعش الروح!

بعد فترة انسحبت للغرف، خصيصا تلك التي ستشاركها مع كادي وابنتي خالتها، لترى أن كادي كانت مستغرقة في النوم وترانيم عابسة منزوية منطوية على نفسها وسمية مشغولة في عالمها الخاص تحدث صديقاتها.

"وش الجو الأوف لاين ذا؟"

خرجت دون تعليق لتتجه للغرفة التي تتشاركها أمها وخالتها غادة وزوجة خالها منتهى، لتلقى خالتها غادة نائمة وأمها في دورة المياه تستحم.

على الأقل زوجة خالها انتبهت لحضورها، وما إن حيتها حتى جرتها لمار معها بحماس لعثورها على شيء تفعله: "خليني أعرفك بالشاليه عشان ما تضيعي فيه!"

=
=
=

حاول جلال كل ما بوسعه حتى لا يظهر الإحباط الخانق الذي اعتراه عندما تكلم خاله شاهين قبله، يعلن أنه سيشاركه هو وسيف غرفة ويترك الغرفة الباقية لجده ليستريح فيها بالكامل دون أي إزعاج قد يحدثونه.

كانت خطته في أن يجعل خاله يشارك سيف غرفة وهو سيشارك جده عبد المحسن الغرفة الأخرى، يريد استغلال كون جده من النوع الذي يبكر جدا في النوم ليتسلل خارجا ويروي شيئا من شوقه لمرآى لمار.

لكن بوجود خاله معه، خاله الذي كان أشبه بحارس ليلي في جدول نومه، فإن خطته تلك ذهبت مهب الريح: "ما تحسها زحمة شوي يا خال؟"

ابتسم خاله بتسلية، ولمعة مكر واضحة جلية في عيونه: "أبد، الغرفة وش كبرها."

أيده سيف: "إيه والله، توسع فريق كورة حتى!"

نهره جلال بحدة: "مو وقتك يا سيف!"

أمال خاله رأسه بتخمين بريء يعرف كلاهما أنه تمام البعد عن البراءة: "اللي يسمعك بيقول إنك ما تبيني أبيت معكم.."

أنكر: "لا أبدا يا شوشي!" حاول من زاوية أخرى، لعل وعسى سيأتي بفائدة: "الغرفة غرفتك، لو تبي خذها لحالك حتى!"

ضربه خاله بخفة على رأسه: "أصغر عيالك أنا تناديني شوشي؟" أردف، يحطم آخر آماله وهو يخطو خارج الغرفة: "رتبوا أغراضكم، لا أشوفها مرمية على الأرض لما أرجع."

تنهد جلال بعد مغادرة خاله: "الطيب ماله نصيب يا سيفوه.."

وكان جواب سيف الغير مدرك لما يجري هو عدم الاكتراث التام، يتحلطم من كثرة الأغراض التي يجب عليه ترتيبها: "أكثر من نص الأغراض لك، ليه أرتب فيها؟!"

=
=
=

بدأت لمار بتردد يحكي عن اعتراف آت وهما في طريقهما إلى المحطة الأخيرة في الجولة التعريفية بهذا الشاليه وبقعة لمار المفضلة فيه، تتخليان عن العباءات بعد ضمانها بخصوصية المكان: "لاحظت تغير في خالي.."

كررت منتهى وراءها: "تغير؟"

توقفت لحظة قبل أن تهز رأسها، تصحح: "لا.. مو تغير بالضبط. أحسه بدا يرجعله شي من نفسه.." استطردت عندما لقيت صمتها المصغي: "خالي شاهين قبل كان.. كيف أقولها؟ إيه، كانت الفرحة والروح تبان عليه. كان يبتسم ويضحك أكثر.. اللحين لكن.."

أكملت منتهى عنها: "صار يشيل هم محد عارف وش ثقله؟"

أومأت لمار رأسها: "بالضبط!"

قطبت منتهى حاجبيها قبل أن تسأل، تستقصي لتتأكد من شكوك راودتها منذ فترة: "من متى لاحظتي تغيره من حاله الأول؟"

أخذت لمار تفكر لثوان قبل أن تجيب: "مدري متى بالضبط، كنت صغيرة، بس أظن إن تغيره كان قبل أكثر من عشر سنوات."

أكثر من عشر سنوات؟ فترة طويلة بحق، لكنها تفسر الكثير..: "والناس اللي حوله، جدك، أمك، خالتك..؟"

لتجيب كأنها أدركت شيئا: "أمي ما تغيرت طريقة تعاملها معاه.. بس جدي وخالتي غادة، تغيروا بزود عليه. أذكر فصغري إن خالي كان قريب منهم. بس اللحين جدي وخالي باليالله يتكلمون بكلمتين لبعضهم، وخالتي غادة تتجنبه.." اكتسى القلق نظرة عيونها عندما سألت: "تظنين خالي سوى شي عشان يخليهم اثنينهم يتغيروا عليه زي كذا؟"

لطالما استغربت من توجه أبو شاهين بالكلام إليها أكثر من ابنه، من كون العلاقة بينه وبين ابنه بذاك الجمود العجيب. تراكمت الاستفهامات والشكوك حتى وصلت ذروتها عندما لاحظت قلقه على ما كان يفعله شاهين بنفسه بعد حادث لمار، قلق لم يعبر عنه بكلمة، كأنه لا يريد، أو ربما لا يستطيع.

(لو عندك ولد تعزيه ورافعة راسك فيه وما شكيتي فيه مرة، وصار إنه فيوم اختفى وبعد فترة لقيتيه مغمى عليه فمستودع ودمه مليان مخدرات.. بتقولي عنه مدمن وضايع؟)

(تعلمت ما أحكم الأمور بظواهرها..)

لم تكن مجرد قصة.

أخيرا أجابت لمار، بثقة لم تعد تتعجب منها عندما يتعلق الأمر بزوجها: "خالك ما سوى شي، يمكن السالفة كلها مجرد سوء تفاهم بينهم وبتنحل إن شاء الله.."

وبينما استكان قلق لمار لطمأنتها، كانت منتهى تفكر في حل لهذه العقدة.

=
=
=

خطى شاهين حتى وصل لمنطقة منعزلة من الشاليه ومقتطعة من الشاطئ، ليرى لمار ومعها منتهى.. ولرؤيتها، تجمد في مكانه، يتأمل..

كانت رافعة تنورتها الفضفاضة لمنتصف ساقيها، تمشي حافية على رمال الشاطئ المبتلة، تلعب بقدميها بما امتد إليها من أمواج البحر بإيقاع أشبه بالراقص، تبتسم ابتسامة صغيرة مليئة بالحبور، وشعرها يتحرك بهدوء مع الريح.

خطف منظرها ذاك أنفاسه، هذا أقل ما يستطيع قوله.

أتاه صوت لمار عندها، يوقظه من لحظة الحلم تلك: "خذ لك صورة أحسن خالو.."

التفت ليرى لمار تبتسم ملء شدقيها تسلية. قبضته بالجرم المشهود، ولا يعرف منذ متى!

بدت فخورة وهي تردف: "ما خيبت ظني فيك، عرق الرومانسية ما فاتك!"

وقبل أن تفسر ما الذي تقصده من كلامها، انسحبت من الساحة تاركة له مع منتهى لوحدهم.

سألته منتهى عندما اقترب منها بفضول: "وين راحت لمار؟"

أجاب بشتات، لا يزال وقع رؤيتها هكذا يؤثر به حد الارتجاف توقا..: "مدري عنها.."

صمتت عندها، تنظر إليه بطريقة باحثة، تبدو بعزم قول شيء قبل أن تتركه لتقول، توجه نظرها نحو البحر، لضياء الشمس الغارب: "الشاليه جميل حده.. يكفي ذا المنظر.."

كان يفكر بم كانت تريد قوله عندما لاحظ الطريقة التي سقط الغروب عليها، يضفي عليها ألقا ساحرا مشتتا، ورباه، كم وجد هذه المرأة مشتتة..!

لم يعني شاهين البحر عندما رد: "وإنتي الصادقة.."

=
=
=

كان بعد صلاتهم العشاء أن اجتمعوا على طلب طعام من الخارج، يتحملون امتعاض الجد للفكرة وتغنيه بـ"أكل البيت".

وعلى الرغم من كون المشويات من أكلاتها المفضلة، لم تطق كادي النظر إلى طبقها حتى، تبعده جانبا وتنسحب لمطبخ الشاليه التحضيري بوهن وشئ من الغثيان. منذ سفر عبد العزيز وأعراض حملها تشتد وتبرز أكثر، كأن ألم الشوق في روحها ترجمه جسدها لألم حسي.

لم تدرك أن أمها لحقتها إلا عندما سألتها والعتاب ينضح من عيونها: "إلى متى ناوية تخبين حملك عني؟"

اتسعت عيون كادي تفاجؤا، للحظة لا تستطيع الرد بكلمة: "لمار قالتلك؟" الثرثارة! ألم تقل لها أنها غير مستعدة لمشاركة الخبر؟!

اكتست نظرة أمها حدة: "لا، ما قالتلي لمار شي. لاحظت تغيرك وبس.." استطردت بدراية: "وما أظن تغيرك له علاقة بالحمل وحده، صح؟"

صمت كادي كان إجابة كافية.

سحبتها أمها وراءها لركن منعزل من الشاليه، تجلسها جانبها، تضم يديها بين كفيها. سألت سؤالها بنبرة شبه هامسة: "وش اللي صار؟"

وكأن السؤال بداية دمار سد، لتفيض كادي دمعا، تفصح لأمها عن الذي حدث، كيف قادتها هواجسها لهذا الوضع الكئيب بينها وبين عبد العزيز، إلى درجة تبادل مكالمات رغم انتظامها، إلا أنها كانت قصيرة باردة.

اعترفت، تحتمي بأحضان أمها عن الألم، تسأل سؤالا أرادت طرحه منذ فترة: "مابي يصير لي زي اللي صار لك.. كيف قدرتي تنسين يمه؟ كيف تحملتي تتعاملي معاها عادي، كأنها ما سوت شي؟"

شعرت بنفس أمها يتهدج بشهقة، وعلى الرغم من أنها لا تراها هذه اللحظة، تعرف كادي أن أمها كانت تبكي: "مين قالك إني نسيت..؟ كل اللي صار هو إني عرفت الحقيقة والسبب اللي خلى أبوك يسوي سواته.."

ابتعدت كادي عن أمها عندها، تنظر إليها بذهول: "سبب..؟ مو واضح السبب؟!"

ردت بجمود، بندم: "هذا اللي كنت أظنه، واللي خلى الغيرة تغلب عقلي وتخليني أصر على فراقه.. استسلمت وبعته.. ما تعبت نفسي أحاول أستقصي ورى السالفة مرة.."

حكت لها أمها عندها عن الحقيقة التي اكتشفتها، الحقيقة التي جعلتها تنظر إلى من كانت لها ضرة بعين أخرى.

لم تستطع كادي نطق حرف، فكيف تفعلها وكل اعتقادتها تتحطم كالزجاج أمام صخر الواقع؟

قالت أمها بحزم ناصح: "لا تكرري قصتي يا كادي، لا تستسلمي وتتخلي عشان هواجس مالها صحة، لا تخلي مجال للندم يدخل أفكارك.."

=
=
=

كان جالسا مع جده وخاله في شرفة الغرفة الرئيسية المطلة على البحر، يتمتعون بجو الصباح والمنظر الرائع قبل اشتداد الحر.

شارد في أفكاره، لم يعر المكالمة التي أجراها جده إلا عندما قال قبل النهاية: "يلا عجلي طيب، ترانا ننتظرك.."

سأله جلال بشيء من الفضول: "أمي؟"

أجابه غير داري بما فعله به: "لا، لمار. شفتها صاحية من بدري وقلت لها تجيب لي قهوة."

كم ود لو هب واقفا واحتضن جده بكل ما أوتي من قوة. أخيرا الحق ينتصر وغمامة الظلم تنقشع! التفت إلى خاله يغيظه بنظراته، لعلمه أنه لن يمنع ما سيحصل..

لكن لخيبته فإن خاله لم يبدو عليه الغيظ أبدا، بل التسلية والمكر.

على الفور توجس جلال منه ريبة.

ما الذي يخطط له؟

فُتح باب الشرفة بصخب بعد فترة قصيرة، ليُسمع صوت لمار تعلن حضورها: "وهذي أحلى قهوة لأحلى جد وأحلى خال.. لمين الفنجان الثالث لكن؟"

من نبرتها عرف أنها لم تكن على علم بوجوده، فصفى حلقه ينبهها لوجوده. سمع شهقة ناعمة منها، ثم وقع خطواتها المرتبك إليه، تضع فنجانه عنده.

كل هذا دون أن يسمح لنفسه بالنظر إليها مرة، يعاني أشد المعاناة. هذا التحدي القائم بينهما أنهكه بحق، استنزف قدرته على الاحتمال، لكن فكرة كونه خاسرا في شيء كانت مريرة، وفكرة فوزه وتمكنه من تقديم موعد حفل الزفاف دون أي مشاكل كان مغريا لحد تزويده بالعزيمة!

هتف خاله عندها بسرور: "تعالي لمار واجلسي عندنا، من زمان عن أخبارك.."

يستطيع سماع الخبث المختبئ بين السرور والحبور. خاله كان يعرف! يعرف بأمر التحدي، يعرف بكونه مقيدا عن النظر إلى لمار حتى لو وقفت أمامه!

"وش فيك علي يا خال، ليه النذالة ذي كلها؟ قاعد تفرغ احباطاتك فيني ولا وش؟ فيه مشاكل في الشغل؟ مشاكل مع المدام؟ ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء يا شوشي!"

طبعا، لم يصل أي من حديث النفس ذاك لخاله الذي انخرط في الحديث مع محبوبته، يشتت انتباه لمار عنه كلما حاول الحديث معها، ليمضي الوقت وتذهب برفقة جده للخارج، تاركين له وخاله وحدهما.

سأله خاله: "مو إنت قلت إنك ما بتشتت لمار؟"

وهو التزم بكلمته تلك لحد ما، فأغلب لقاءاته مع لمار كانت بمحض صدفة ليس إلا: "إيه..؟"

كثير من المعاني ارتسمت في ابتسامة خاله عندما قال وهو بصدد الذهاب أيضا: "شكلك ما حاولت زين، لأن البنت كانت مشتتة. بالها وعيونها ما كانوا معي."

فرحة وليدة كادت تنفجر في صدره لاستيعابه ما قاله خاله، لكنه سأل ليتأكد: "أجل مع مين؟"

خالط صوت خاله ضحكة عندما أجابه: "مين برأيك؟"

=
=
=

صحيح أن الوليد أعلمها بموعد سفره، وصحيح أنها أصرت على البقاء وعدم أخذ اقتراحه أن يوصلها لأهلها قبل يوم من سفره، لكنها لم تتوقع أن يذهب دون أن يوقظها، لتستيقظ على رنين جوالها وصوت جلال المغيظ يستعجلها بالتجهز للبيات معهم.

إحباط غريب اعتراها. حتى وهي في هذا الشاليه البديع، لم تستطع إزاحة الوليد وفعلته بها جانبا. حاولت الاتصال به، لتوبخه، تعاتبه.. لتطمئن عليه، لكن جواله كان مطفئا.

تنهدت بحرقة، تأخذ لحظة حتى تعيد تعابيرها إلى الحياد بدل الوجوم الحزين. حتما لا تريد أن تثير تساؤلات عائلتها.

دخلت الغرفة التي تشاركها مع أختها وبنات خالتها لتراهم مجتمعين على فيلم رعب، مخفضين من الإضاءة ويبدو عليهم تمام الاندماج. بدا على ملامح كادي وسمية الجزع الخالص، تكادان تحتضنان بعضهما البعض وجلا مما كانتا تشاهدانه، بينما لمار كانت تلتهم الفشار بترقب متوتر.

منظرهم هذا كان كفيلا في تحسين مزاجها، لتنضم إليهم وتنخرط معهم في مشاهدة الفيلم، في الذكريات التي أثارها تجمعهم هكذا من جديد.

تحلطمت كادي بضعف: "أنا وش حادني أشوف ذا الفيلم وأنا دارية إنه بيخوفني..؟"

أسكتتها لمار بحدة: "قلتلك لا تشوفيه بوضعك، لا تقعدي تشتكين اللحين!"

قالت ترانيم تعبس لتفويتها آخر مقطع بسبب جدال ابنتي خالتها: "رجعي المقطع كم دقيقة يا لمار، ما أمداني أشوف.."

التفتت سمية إليها بجزع: "تستهبلين إنتي؟! ما صدقت خلص المقطع عشان تجين إنتي وتطلبين إعادة!"

وكان بعد إنتهاء الفيلم وتفرقهم للاستعداد للنوم أن تساءلت لمار: "غريبة أمي ما جت تقولنا ننام.."

لتجيبها سمية: "لما رحت للحمام شفتها تتكلم مع أمي وباين إنهم بيطولون."

سألت كادي عندها، بهدوء غريب استغربنه: "وزوجة خالي معهم؟"

هزت سمية رأسها بـلا، تجيب بتردد واضح: "شفتها مع خالي برى يتكلمون.."

قالت لمار عندها بمرحها المعهود: "شكل الخال يبي يعوض اليومين اللي راحت فيها لبيت أهلها..!"

تستغرب حقا علاقة ابنتي خالتها مع من كانت ضرة أمهم في زمن ما. تستغرب أكثر ما تستشعره في خالها من مشاعر إيجابية اتجاهها.

لكن إذا نتج شيء بين خالها وزوجته تلك رغم حواجز صلاتهم ببعض، ألا يعطي هذا أملا لها ولعلاقتها مع الوليد؟

خرجت من الغرفة بعزم محاولة الاتصال مرة أخيرة قبل أن تنام، ويا لحظها، فقد كان جوال الوليد مفعلا وأجابها بتفاجؤ: "ترانيم؟"

لترد: "إيه.." لم تستطع منع الغيرة من التسلل لصوتها عندما أردفت تسأله: "كنت تتوقع أحد ثاني؟"

أجابها بصدقه الذي تحب: "لا والله.. بس ما عمرك سويتيها.."

تعرف ذلك، وتعرف أنها ضعيت على نفسها الكثير..: "بغيت أهاوشك على سواتك فيني."

كان في صوته ضحكة، وللحظة شعرت كما لو أنها عادت لتلك الأيام الأولى: "صوتك مو صوت واحدة ناوية تهاوش.."

كيف عرف؟ كيف عرف أن توعدات العتاب تبخرت لحظة سماعها لصوته ينطق باسمها؟ قالت بصوت متحشرج: "أجل وش؟"

قال بدل الإجابة، كأنه استدرك وضعهما الحالي، ليعود ذاك البرود الذي تكره لصوته: "تأمرين على شي؟ لازم استعد لرحلة بكرة.."

لثانية أرادت البكاء من غيظها، ولا تدري كيف وجدت في نفسها القدرة على إجابته: "لا، سلامتك.."

أقفلت الخط متوعدة، فليست هي من تُرفض!

دعه يعود، دعه يرجع.. لن تستسلم! ستسترجعه!

ستسترجعه..

=
=
=

مبتعد عنها ليوم والشوق إليها قد بلغ منه الإنهاك. حالته ميؤوس منها بحق..

كان اتصالها به كالحلم، وسماع صوتها بتلك النبرة التي يكاد يقسم أنها حكت عن اشتياق تعذيبا. توقع أن يهدأ حاله مع البعد، فالبعيد عن العين بعيد عن القلب، أليس كذلك؟

يبدو أن حالته كانت الاستثناء، وبعده عنها زاد حالته سوءا، زاده ضعفا، لينسى نفسه معها للحظات ويحتاج للتعذر بعذر سخيف ليقفل الخط عنها، متجاهلا صرخات قلبه ألا يفعلها.

"أتعبتيني يا ترانيم.. أتعبتيني.."

=
=
=

صحيح أن علاقتها بأخيها تلاشت لسنوات طويلة، لكن ذلك لا يعني أنها لا تكترث لأمره.

بعد زواجه الأول الكارثي، أوصت غادة أختها منال أن تبحث عن عروس جديرة مرة أخرى ولا تتبع أراء وإرشادات الآخرين. وعندما شاورتها في أمر ترشيح ابنة صديقتها أسيل، أبدت غادة تمام الموافقة.

لكن شاهين رفض حتى الخوض في نقاش عن الأمر، وظل لوقت لا يبدي اهتماما في الارتباط مرة أخرى.

ليأتي يوم ويصعقهم فيه بخبر زواجه بمن كانت السبب في طلاق منال!

كانت تكن لتلك الضغينة منذ سماعها بخبر طلاق منال، وبموافقتها على الزواج من شاهين بعد عدة أبو كادي مباشرة، حقدت غادة عليها أكثر، ولم تتخل عن تلك الضغينة إلا عندما صارحتها منال بالحقيقة المخفية عن الجميع.

حتى ولو.. لم تكن حقا من تخليتها زوجة جديرة بأخيها ومكانته، من سيكون أبناؤها وريثوا ثروة عائلتهم.. لكن ماذا عساها تفعل. يبدو شاهين مقتنعا نصيبه لسبب خفي..

وبالحديث عن "الأبناء"..

قالت غادة مباشرة عندما دخلت زوجة أخيها للصالة في هذا الوقت المبكر من الصبح، على الرغم من نومها في وقت متأخر ليلة الأمس: "السهر الزايد مو زين لصحتك وصحة الولد.."

رمشت زوجة أخيها بعجب، من مخاطبتها إياها أو مما قالته، أو ربما من صراحتها، تكرر: "الولد..؟"

فسرت مما فهمته: "منال قالتلي إنك تعبتي في المستشفى مرة أيام لمار كانت تنام هناك.. لو الحمال متعبك، مفروض تهتمي بنفسك أكثر وتعدلي من وضعك.."

الذهول ثم الحرج التام ارتسم على ملامح زوجة أخيها، يبدو عليها الضياع، عدم المعرفة بم ترد. أخيرا، ردت عليها بخفوت: "إن شاء الله.."

راضية بإسداء نصيحتها تلك، ظنت غادة أن ذاك كان آخر عهدها في التعامل مع زوجة أخيها، لكن على ما يبدو فإن زوجة أخيها كان لديها أفكار أخرى: "إنتي أخت شاهين الكبيرة صح؟"

تعجبت غادة من السؤال. هل هي بلهاء أم ماذا؟: "توك تعرفين؟"

ارتسمت على شفتيها ابتسامة متهكمة كانت أبعد ما يكون عن البلاهة، وأقرب إلى الاستدارج المدروس: "أتأكد.. السموحة لكن ما حسيت مرة إنك أخته وبكل بساطة.. نسيت.."

كيف.. كيف تجرؤ؟!

كانت غادة على وشك الرد عليها بزخم لاذع عندما انضم الباقون لهما، لتستقر على الغلي في أفكارها. تلك الوقحة! كيف لها أن تشكك بصلتها بأخيها الصغير، من كانت تتقاتل على حمله وهو رضيع مع منال؟ من كانت تحل معه واجباته؟ من كانت تلعب معه كلما طلب..؟

صدح صوت في باطنها عندها سائلا..

كيف لا تشكك بصلتها مع شاهين وهي قد قطعته بالكلية، لا توجه له إلا السلام..؟

(أهكذا أصبح الناس يرون الحال بينها وبين أخيها.. غرباء؟)

كون الإجابة "نعم" هو ما جعل غضبها يخمد بثرى الحزن.

انتهى البارت..~

 
 

 

عرض البوم صور الفيورا  
قديم 22-04-18, 12:57 AM   المشاركة رقم: 267
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 308877
المشاركات: 164
الجنس أنثى
معدل التقييم: Maysan عضو على طريق الابداعMaysan عضو على طريق الابداعMaysan عضو على طريق الابداعMaysan عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Maysan غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ازيك ياالفي ياحبيبتي وازي اختباراتك عاوزين كدا فل مارك ههههههه ودرجات تفتح النفس والذي منه 😂❤.. اشتقت لك ولحروفك وللروايه .. لكن خمنت من المقدمه السابقه في الفصل السابق انه اكيد مشغوله مع اختباراتك .. ربي يرزقك البركه في وقتك ويبارك فيك وفيما وهبك واعطاك ورزقك وييسر امورك ويصلح احوالكم ويفرج هم اهلك .. ويفتح عليك فتوح العارفين العالمين ويسعدك ويوفقك .. كنت طفشانه حبتين واجى الفصل في وقته ربي يعطيك حتى يرضيك ويحقق لك كل ماتتمنين وافضل منها .. تسلم يدينك يارب .. فصفص صغنن ههههههه << اتوقع يمكن من كثر مافقدت الروايه 😍.. الفي بس تزين احوالك وتخلص اختباراتك على خير بإذن الله تفرحي بالنتائج نبقى العوض فصول دسمه هههههههههه << طماعه مو 😝..

وبدأت منتهى تربط الخيوط ببعض وتحلل الوضع وتراجع ماقيل لها سابقا من شاهين .. لكن هل ستنجح في لم الشمل واعادة المياه لمجاريها ؟! هي بدأت بأول صفعه قويه لغاده بتكنيك ذكي جدا .. والله هالغاده يهمها المظاهر بدرجه اولى مالك انت ومال انه ميمي ماتناسب اخوك ومكانته او حتى تصلح تكون ام أطفاله ؟! اذا معك وقت زائد خصصيه للتقرب من بنتك لو هي كانت قريبه منها بالفعل كان عرفت وضعها من تصرفتها وتكورها وشرودها مثل منال لما عرفت وضع كادي .. اخلص من العجيز انها ماجات لانه ولدها مو في تجي انت ؟! بإنتظار الخطوات القادمه لمنتهى مع غاده والاب 😍🤔..

الفي مابدك ترحمي شوشي هههههههه استوى ابني على الاخر .. الشوق لاعب فيه وميمي مشغوله بفك قضيته ههههههههه .. اتوقع حاليا تحسنت بشكل كبير جدا جدا .. لكن ممكن هو ينتظر الخطوه منها ؟! اذكر قال لها مره فيما معنى الحكي انه مايجبر نفسه على احد لما طلب منها تنام معه على سرير واحد ؟!.. يكون هو سبب عدم محاولته التقرب منها كزوجه ؟! بإنتظارها هي !! او بإنتظار مشاعرها تطفو على السطح !! تقريبا هما الاثنين اصبحوا يفهموا بعض من العيون ؟! لكن ايش كانت ناويه تسأله وتراجعت عنه ؟! الكل اصبح عارف بحقيقة مشاعره ماعدا تقريبا غاده بسبب تباعده عنه ..

في حاجه كذا اثارت فضولي !! ليه لما ذكرت سميه انه ميمي مع شوشتنا خالها كانت متردده والتردد كان واضح ؟ هي سمعت حاجه ههههههههه من هنا او هناك ؟! 🤔.. والشخصيه الثانيه اللي تترحم جلال ياحرام مسكين .. كأنه صدق شوشتنا يفرغ فيه هههههههه .. والله طلع له عرق نذالة خاله كله ..

الوليد وترانيم واخيييرا تنازلت الاخت من عليائها .. وادركت ضرورة تصليح ماافسدت لما رأت علاقة خالها وزوجته والبنات معها .. ايوا كذا استرجعيه مو تنتظريه يجيك زاحف وانت المخطأه ؟! والوليد ياحبة عيني متعذب من الشوق والبعد اسمع ياابني انت الثاني اجمد ههههههههه واثقل خليها هي اللي تسعى لرضاك ومصالحتك وتعترف بحبها لك خخخ ..

معرفة كادي للحقيقه حتغير كثير في حياتها مع عبدالعزيز .. وحنشوف تطور في مشاعرها ظاهر له ولنا ..

الفي ياحبيبتي شكرا لك على تخصيص جزء من وقتك لنا رغم اختباراتك والضغوط منها .. دعواتي لك 🌹❤..

 
 

 

عرض البوم صور Maysan  
قديم 26-04-18, 01:21 PM   المشاركة رقم: 268
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 176277
المشاركات: 180
الجنس أنثى
معدل التقييم: نزف جروحي عضو على طريق الابداعنزف جروحي عضو على طريق الابداعنزف جروحي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 211

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نزف جروحي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا

 

اشتقنا..

موفقه حبيبتي بالاختبارات

 
 

 

عرض البوم صور نزف جروحي  
قديم 04-05-18, 07:58 PM   المشاركة رقم: 269
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مميز


البيانات
التسجيل: May 2017
العضوية: 325692
المشاركات: 233
الجنس أنثى
معدل التقييم: الفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 951

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الفيورا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا

 

السلام عليكم! أدري طولت وزودتها مع الغيبة والشوق ذابحني لكم، بس امتحاناتي ما ترحم بثقلها. الحمد لله خلصت على خير وإن شاء الله بنرجع لجدول نظامي ذا الأسبوع بعد ما أضمن الشبكة.

الثامنة والأربعون

=
=
=

أمضوا يوما إضافيا في الشاليه قبل أن يتفقوا على العودة، فعلى الرغم من إغراء البقاء، فإن أغلبيتهم كان لديهم عمل لا يحتمل التأجيل.

ما زالت كادي في حالة خدر من الحقيقة التي أفصحت عنها أمها، ما زالت تحاول بناء أسس جديدة تستند عليها بعد انهيار كل ما عرفته من أسندة، لتجد نفسها تحدق شاردة بزوجة خالها ظهيرة اليوم الذي تلا عودتهم.

عدا عن الجناح، فإن المكان الوحيد الذي ترددت عليه زوجة خالها في البيت كان الحديقة. لذا عندما حدث وصادفتها هناك، توقفت تداهمها الأفكار والتساؤلات، لا تستيقظ للواقع إلا عندما قالت لها زوجة خالها غير رافعة عيونها من الكتاب الذي كانت تقرأه: "لو عندك كلام لي، قوليه.."

أدركت كادي غرابة تصرفها، وبحرج لم تعرف ماذا تفعل سوى أن تجلس جانبها بزخم أخرق يدفعه جهلها التام بكيفية التعامل مع إمرأة عاشت معها في نفس البيت لسنوات، لكن دون تبادل حديث سوى بالسلام. لا يفيد أيضا ردة فعلها الصارخة عندما عرفت بخبر زواج خالها شاهين بها..

للحظة تمنت لو أن لمار كانت معها، فحتما كانت لتلطف الوضع بينهما، لكن.. لا، هذه محادثة يجب أن تخوض فيها على انفراد.

رفعت زوجة خالها ناظرها عن الكتاب أخيرا لتوجهه إليها، تميل زاوية فمها بابتسامة صغيرة: "خير يا كادي؟ ما أظن إنك صحيتي اليوم وقررتي تتمقلين فوجهي من بين كل الأشياء.."

أدركت كادي أنها فعلتها مجددا وشردت بأفكارها عن مواجهتها، لتبدأ تقول: "أمي قالت لي عن كل شي.."

كل شيء، من خلاف أمها مع لمار بسببها، لزيارتها لغرفة أمها وكشفها عن الحقيقة، حتى الصفعة التي تلقتها منها والتي أخفت أمرها إلى اليوم.

انحسرت ابتسامة زوجة خالها، ابتسامة أدركت أنها لا تزورها عادة، ليحل محلها.. لا تدري حقا. كان مزيجا غريبا من الأسى والشجن والذنب.

سألتها كادي بسكون: "وش السبب اللي خلاك توافقي على أبوي؟"

لا تعتقد أنها ستجيبها، فمهما كان السبب بدا لها أنه كان شيئا لا تريد الخوض فيه، لكنها فاجأتها عندما ردت بعد لحظات صمت: "كنت أبي أهرب.."

تهرب؟ لطالما بدت لها هذه المرأة جامدة متماسكة لا يهزها شيء. فكرة أنه كان هناك شيء يجعلها تهرب لذمة رجل يكبرها بكثير، رجل عرفت أنه لم يكترث لها لحظة كما يكترث رجل بزوجة..

فسر ذلك الكثير أليس كذلك؟ نظرة مسترجعة للسنوات الماضية جعلت كادي تدرك أن وضع هذه المرأة السابق مع أبيها لم يكن وضعا ترضى به أي إمرأة. في كل تصرف تتذكره من أبيها، تستشعر حبه لأمها حتى بعد الفراق، وفي كل موقف، كانت زوجة خالها ككتاب مغبر على الرف.

قالت عندها، تخرج كادي من دهاليز أفكارها: "آسفة.."

أسفها ذاك، نفس الأسف الذي أعطته أمها، حكى كفاية.

لم ترد الموافقة على أبيها، لكنها اضطرت. وأبوها لم يرد الزواج بها، لكنه اضطر.

واقع بسيط بنتائج مؤلمة.

سألتها: "حبيتيه؟"

هزت رأسها بـلا: "احترمه ومدينة له بالكثير، بس لا.."

وعلى حسب ما قالته لأمها ذات ليلة، فإن أبوها لم يكن في قلبه سوى أمها.

غريب أن مفهوم الحب الذي إنهار بعد طلاق أبويها بدأ يتشكل بصورة أكثر صلابة وواقعية. غريب شعورها بالراحة بسبب إمرأة لم تبعث فيها سابقا سوى الألم والغضب.

=
=
=

كانت مندمجة في مشاهدة التلفاز عندما أتى جلال ليأخذ الريموت منها ويطفئ الجهاز.

حولت ترانيم انتباهها عليه بسخط مستغرب: "خير؟!"

لم يكترث جلال بسخطها وجلس جانبها، يقول: "أبيك تجهزي لي شقتي فشهر، الميزانية على كيفك والذوق إنتي أدرى به.."

لوهلة هذه الثقة الأخوية بإمكانياتها أرهفت أحاسيسها، لكن سرعان ما بدأت تشكك: "لو تمزح..!"

قاطعها جلال بجدية بحتة: "ما أمزح، من جد أبيك تجهزين الشقة فشهر، يمكن أقل حتى لو تقدرين."

تمعنت في تعابير أخيها لتدرك أنه كان جادا بالكلية: "طيب بقى على زواجك كثير، ولمار لازم يكون لها رأي في التأثيث."

ليرد كما لو توقع إجابتها تلك: "وقت زواجي خليه علي، وطبعا لازم تأخذي رأي لمار، كيف نشتغل بدونها؟"

بدا لها العرض مغريا بحق، فبعد تأثيث شقتها بالكامل، تعطشت ترانيم لتكرار التجربة مجددا، يكفي الميزانية الغير محددة التي عرضها جلال، يكفي ذاك الوعد بإلهاء مؤقت عن شوقها القاتل للوليد. لكنها لم تستطع إلا أن تتساءل: "فيه سالفة في الشغل تخليك تبي تعجل؟ وراك سفر ولا..؟"

هز جلال رأسه بلا: "أبي أقدم الموعد بس."

تساءلت مرة أخرى: "طيب ليه..؟" توقفت للحظة، تستوعب العجلة الغير مبررة ظاهريا لتبتسم بخبث: "لهدرجة ولهان على لمار؟"

ويا للعجب! لم ينكر أخوها بشخرة سخرية، لم ينظر لها باستخفاف لكلامها، لم يعطها دررا عن عدم وجود أنثى ستحوز على اهتمامه ولهفته..

لا، بدا جلال هذه اللحظة كمن قبض عليه بالجرم المشهود!

"والله موب سهلة ليمور، موب سهلة أبد!"

ربتت على كتف أخيها بمؤازرة، فهو مثلها واقع دون خلاص في متاهات قلبه: "من عيوني أجهز لك اللي تبي وبأسرع وقت!"

ابتسم لها جلال بحبور: "كنت أعرف إنك ما بتخذليني..!"

سألته بلهفة وفضول: "قول لي كل التفاصيل طيب، كيف رحت في خرايطها وأنا ما أشوفك تزورها زي الناس؟"

نهض جلال عندها، ينسحب انسحابا تكتيكيا، لتلحقه ترانيم بأسئلتها الملحة.

=
=
=

منذ معرفته بأفعال وتطاولات أمه وعبد الرحمن في حالة غريبة، ينتابه خليط مر من الذنب والخيبة. كلمات عوض بعثت فيه خوفا، خوفا من كونه قد ورط شادية وعائلتها بظلمات أمه. ما زال مصدوما من انحدارها لذاك المستوى، وكل ما يخشاه أن يكون المخفي أعظم.

تساءل عن الأسباب التي جعلت شادية صامتة، لِمَ لَم تخبره بزيارة أمه لها؟ ما الذي قالته لها بالضبط؟ حتما لم يكن أمرا يبشر بالخير..

-: "وش فيك يا ولد؟"

أخرجه صوت أبو محمد من شروده، ليجيب بأريحية فورية مموهة، لكن تحكي عن شعور بدأ يتشكل فيه: "أفكر إني ما أستاهل جوهرة مثل شادية يا أبو محمد.."

رد عليه أبو محمد بفخر: "ما فيه رجال يستاهلها.." أضاف بعد تمهل لحظة، بمضض صادق: "لكنها راضية فيك، أمرنا لله.."

ابتسم عبد الرحمن بإغاظة، يقدر هذا التشتيت اللحظي من همه: "كأنك بديت تقر بالأمر الواقع؟"

حذره: "لا تجرب حظك!"

=
=
=

رفع خاله حاجبا بعد قراءته للبروشر الذي كان سبب دعوته للغداء في أحد مطاعمه المفضلة.

لوح خاله بالبروشر المعنون "اكتشف إسبانيا" بضجر، والمصاحب لتذكرتي سفر: "والهدف؟"

لم يبتئس جلال من ردة فعل خاله الباردة: "الهدف واضح يا خال. توني أدركت إني ما عطيتك هدية بمناسبة زواجك وحزت بخاطري صراحة.."

تهكم خاله: "واضح.."

أكمل جلال غير مكترث بالتشكيك بنيته الصافية الصادقة النقية، المنزهة عن أي أهداف خفية: "ففكرت وقلت لنفسي، وش أحسن شي أقدر عليه وأعوض عن تقصيري فحق أفضل وأجمل وأروع خال؟ سفرة مدفوعة التكاليف لأسبانيا مع المدام كانت أحسن خيار!"

أعطى خاله لحظة ليقلب الأمر في ذهنه قبل أن يضيف، يستعمل عقلية التاجر ليضمن طواعيته: "ساعدني جدي عبد المحسن مع الإجراءات وما عليك إلا الحضور. لا تخاف من سالفة الشغل، جدي قال إنه يقدر يدبر أموره فغيابك. أصلا البرنامج السياحي اللي حجزته مدته أسبوعين، يعني ما بتطول.."

قال خاله عندها: "تراك فضيحة.."

يعرف، يعرف بحق أن الهدف الأول من إبعاد خاله لأسبوعين عن البيت كان لمار، لكنه حقا أراد إعطاء خاله هدية. عصفورين بحجر واحد، أليس كذلك؟: "يعني ما تبي تسافر؟"

لم يجبه خاله بكلمة، لكن أخذه للتذكرتين كان إجابة كافية.

=
=
=

كانت منتهى جالسة على السرير، تقلب في ألبوم صور بإندماج تام عندما رجع لجناحه. لم يبدو عليها ملاحظة وجوده حتى عندما جلس جانبها ونظر في الصورة التي كانت تحظى بانتباهها هذه اللحظة.

الصورة كانت لشاب يحمل بين يديه رضيعة جميلة، يقبل خدها الناعم بسرور، وكانت منتهى تبتسم بشرود حزين محب وهي تنظر إليها، ولا ينكر شاهين الغيرة التي تسللت لصوته عندما سألها، يعلمها بحضوره: "مين هذا؟"

بدت منتهى متفاجئة للحظة من وجوده قبل أن تعود للابتسام والنظر في الصورة مرة أخرى: "أبوي.."

ردها ذاك جعله يعيد النظر في الصورة، وفي الصور القليلة الأخرى لأبو منتهى، يتمعن في ملامحه. حقا، كان يشبه منتهى لدرجة كبيرة، خصوصا في ابتسامتها، لكن شعره كان أفتح منها بدرجات، وعيونه عسلية خضراء: "يشبهك.." عاد لتلك الصورة الأولى ليتأكد من شيء، يشير للرضيعة بين يدي أبيها: "هذي إنتي، صح؟"

أومأت منتهى له بنعم، ليقول بابتسامة دافئة لرؤية كل تلك الظرافة فيها: "كنتي تجنين، دبدوبة حدك.."

قالت له بشجن باسم، لا يدري كيف جمعت بين الحزن والسعادة في ألق عيونها، لكنها فعلت: "قالي عمي إنه كان يدلعني دلع، يعتبرني أميرته.."

لم يكن لشاهين سوى أن يوافق بتمتمة شك أنها وصلت لأذنيها: "رجال حكيم.."

ترك لمنتهى الحرية في الإنسياب في ذكرياتها والحكي عنها له، تحكي عن كل صورة توقف نظره عليها. كصورة لها وهي في الثالثة، بشعر قصير وعبوس ناقض ظرافة ملامحها. صورة أخرى وهي في السابعة، بشعر أكثر طولا بقليل وركب مخدوشة، تعبير عدم رضى واضح بدءا من طريقة وقوفها وإنتهاء بتعبيرها العاصف. صورة أخرى وهي في العاشرة، تشاركها فيها فتيات عرفت عنهن أنهن بنات إحدى عماتها، وبسبب ذلك كانت في الهامش، يبدو عليها تفضيل كونها في أي مكان غير ذاك: "معظم صوري وأنا صغيرة أخذتها لي عمتي دلال، كانت تتدرب على مهاراتها فيني. حاليا فاتحة لها محل تصوير نسائي.." أضافت بمرارة: "ما كنت أفضل عارضة صراحة، كلها كئيبة.."

إلا صورها القليلة تلك وهي رضيعة مع أبيها، رضيعة بدت رغم بساطة قدرتها على التعبير كأنها تملك الدنيا بأسرها.

لكن..: "مين قال؟"

نظرت له منتهى بعدم فهم: "وش قصدك؟"

تناول جواله ليفتحه على الصورة التي أرسلتها له لمار ذات مرة، صورة كانت تبتسم منتهى فيها بتسلية ومسايرة. تعرفت منتهى عليها فور رؤيتها: "لمار رسلتها لك.. ليه محتفظ فيها؟"

هذا سؤال سأل نفسه مرات لا تحصى، يتأمل في الصورة إلى أن حفظ كل تفصيل فيها عن ظهر قلب، يتجاهل نزعته للحذر التي طالبت بحذفها حتى لا ترى عين أخرى ما يرى، لكنه يمني نفسه بلحظة أخرى يتأمل فيها، لحظة أخرى يتنعم بالصورة بين يديه. كان أشبه شعور بالإدمان بحق: "عجبتني.." تمهل لحظة قبل أن يردف، يتشرب فتنة ملامحها على الطبيعة، دون تحسينات من مكياج، يمرر طرف أنامله بخفة وببطء على صفحة خدها: "بس الصورة دوم ما توفي الأصل حقه."

كانت جميلة، ابتسامتها، تلك التي حكت عن اطراء منحرج وضياع بعيد كل البعد عن نهجها الساكن المدروس، تزيدها تلك الحمرة التي اكتسحت سمرتها الذهبية رغما عنها بهاء. على الرغم من غموضها ونباهتها، حذاقة لسانها وجرأتها في السعي نحو اكتشاف الحقائق، إلى أن شاهين استشعر فيها إقصاء نفسها عن فكرة كونها أنثى تُرغب لكيانها، لشخصها المميز، تعتاد النبذ كلباس حتى أُعميت عن أي رداء غيره. وكم عزز جانبها هذا فيه الحاجة ليعلمها بكل جوارحه أنها مخطئة.. مخطئة ومخطئة ومخطئة..

رنين جواله أيقظه من غفلته المعتادة كلما تطرق الأمر لزوجته، وعندما رأى أن المتصل كان زميلا له وحتما يريد التحدث عن المشروع الذي كان يشرف عليه معه. تنهد قبل أن يتذكر إهداء ابن أخته له.. ربما هذا ما يحتاجه حاليا..

توجه بالسؤال لمنتهى، يتجاهل للحظات رنين الجوال الذي صدح بإصرار دون استسلام: "وش رأيك نسافر؟"

=
=
=

هنأ جلال نفسه على خطته العبقرية وما ستؤول عليه بالخيرات، يظهر في خطواته نحو مجلس جده الزهو والفخر. صحيح أن خاله يعرف بنيته، لكنه مع ذلك جاراه، تضعفه فكرة وقت مستقطع مع زوجته ربما؟

"يا إن سمية فضحتك يا شوشي..! أجل غراميات وسهر عيني عينك مع المدام وتحرم ناس مسكينة من نظرة..؟!"

خطرت له فكرة إرسال خاله لرحلة مع زوجته بعد سماعه لما قالته سمية عن مصادفتها لهما يتحدثان لأوقات متأخرة في الشاليه. لهذا كان خاله لا يرجع لغرفتهم إلا متأخرا، يرفض حتى إعطاء جواب عن مكان تواجده.

لو كان يدري أن نقطة ضعف خاله كانت زوجته لفكر في إرساله منذ زمن طويل!

لا يهم الآن، فالخطة تمشي على أحسن صورة، وكل ما عليه هو أن ينتظر سفر خاله ليبدأ.

دخل المجلس واستغرب عندما لم يجد جده. حسنا سينتظره، فهو يريد تأكيد موافقة خاله للسفر. ظل لدقائق جالسا بضجر إلى أن تشاغل بجواله، ليُفتح الباب ويدلف شخص داخلا.. شخص لم يكن جده..

استغرب ذاك الصوت المبحوح الذي هام فيه ورافق أشواقه: "هاه، وين جدي؟"

لمار كانت تقف أمامه، تضع صينية قهوة على طاولة وتنظر حولها بحثا عن جدها.

لمار كانت تقف أمامه، ترتدي بنطالا أسودا وقميص جينز.

لمار كانت تقف أمامه، بطولها المميز وشعرها القصير.

لمار كانت تقف أمامه، بحدة ملامحها الفاتنة ولمعة الحياة في عيونها البندقية.

لمار كانت تقف أمامه، خاطفة لأنفاسه، أرق وأروع من أي صورة رسمها بأحلامه.

لحظة بسيطة كانت كافية ليرى كل هذا ويدرك..

لقد فاز.

يا سبحان الله! وهو الذي كان يخطط ويدبر المكائد، أتته الفرصة التي يريد دون أي جهد يذكر. خاله لم يسافر حتى!

من ذهوله لم يستطع نطق حرف، ينتظر بابتسامة نصر تتسع شيئا فشيئا لتلك اللحظة التي سيسقط ناظرها عليه وتدرك أيضا.

وعندما فعلت، وعندما التقت نظراتهما في لحظة سيريالية، تجمدت ثانية قبل أن تتسع عيونها بصدمة، تشهق: "لا..!"

يريد أن يضحك حتى يدمع من شدة فرحته، من هذا النصر اللذيذ الذي يغمره!: "جهزي نفسك، ورانا عرس قريب!"

هزت لمار رأسها باعتراض: "غش! هذا غش! غشيت يا غشاش!"

عندها لم يستطع جلال منع نفسه من الضحك: "لعبت معك بكل عدل وخسرتي!"

وكان ردها أن خرجت بخطى سخطة، ليتبعها جلال ويهتف عاليا بإغاظة وعشق على عتبة باب المجلس: "الأبيض بيطلع فتنة عليك!"

=
=
=

استغرب عبد المحسن من منظر لمار البشوشة عادة يكاد يتصاعد البخار منها من غيظها، تارة تتمتم عن غش وتارة أخرى توبخ نفسها. وعندما دخل لمجلسه ورأى جلال فيه، سأله بعجب: "تعرف وش اللي خلى لمار معصبة؟"

لم يجبه جلال، بل تقدم له بكل حبور يأخذه بالأحضان ويقبل رأسه بامتنان عجيب: "يسلم رأسك يا أبو شاهين، بركة في حياتي إنت!"

تساءل وهو يرى حفيده يبتعد عنه ليهاتف شخصا يدعى فادي، يشكره كما شكره وهو يكاد يقفز في وقوفه سعادة: "يسلملي صلعك المبكر يا أبو علي وعلى دعواتك المباركة!"

ما الذي حصل هنا بالضبط؟

انتهى البارت..~

 
 

 

عرض البوم صور الفيورا  
قديم 04-05-18, 11:13 PM   المشاركة رقم: 270
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متميزة الابداع


البيانات
التسجيل: Jun 2015
العضوية: 296904
المشاركات: 655
الجنس أنثى
معدل التقييم: امال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1266

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
امال العيد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا

 

يعطيك العافية ألفي

كنت انتظر وكل يوم أحدث الصفحه مرتين او اكثر كله عشان البارت وربي جاء بوقته واحلى خبر راح يرجع نظام التنزيل 😍😍😍 أخبار سعيدة جدا تسلمين الفي من كل شر

طبعا الأحداث بدأ تولع
أخيرا جلال فاز وبجداره 😂
لامار التحدي تحدي والعتب ع عيونك مو عليه 😂

حبايب قلبي شاهين ومنتهى سمن ع عسل السفره اتوقع راح تغير الكثير في حياتهم 😍

كادي أخيرا عرفت الحقيقة بغت تهدم بيتها بنفسها ع أساس تجربة أمها مع ابوها والله مو منطق لكن كويس أنها فاقت ع نفسها باقي يحتفلون هي وعزوز في الحمل 😉

ترانيم أخيرا اخيرا أخيرا عرفت غلطها وصحت ع نفسها بداية خير والله 🙄

عبدالرحمن الله يستر ع حياتك من أمك مو تاركتك أبد 😣

طبعا الفيورا بارت ومن قبلها فصول في قمه الروعة والجمال ربي يقويك ويسر لك أمورك ويبارك لك في وقتك ويوفقك يارب

 
 

 

عرض البوم صور امال العيد  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأرواح, الأقنعة
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t205440.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 11-12-17 04:58 PM
Untitled document This thread Refback 09-12-17 07:17 PM


الساعة الآن 07:39 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية