المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
وجوده بالقرب منها هكذا زاد من توترها. حاولت أن تهدئ من توتر انفاسها و اعصابها. نظراته التي شملتها جعلتها تشعر كأنه يلمسها حقاً.
رفع يده عن كتفها كـ إجابة علي السؤال الذي لمع في عينيها و لم تسأله.
ابعدت اصابعه الطويلة السمراء خصلة من الشعر عن وجهها, و لمس بظهر تلك الاصابع بشرتها بنعومة مميزة.
شعرت بالحرارة..... حرارة لا تُحتمل..... كأنها تحترق. حاولت ان تجعل وجهها خالي من أي تعابير, و كأنه مصنوع من الحجر. ارتاه يدرك ما الذي يفعله بها؟ ببطء ابعد يديه الاثنتين و قال معلقاً بخفة:
- الفطور بانتظارنا. رأي بلير انكِ نهضتِ و اصبحت جاهزة فاعتقد اننا قد نفضل تناول الفطور في الحديقة. تعالي!
ركزت ليزا نظراتها علي قامته الطويلة و علي رشاقة خطواته, و هز يسير امامها ليفسح لها الطريق.... شعرت انها علي وشك الانهيار عندما جلست علي مقعدها في وسط الحديقة, التي كانت مظلمة في هذا الوقت من الصباح, و محمية من حرارة الشمس التي ترتفع بسرعة كبري.
سمعت هديل الحمام الأبيض و هو يحط علي الأشجار التي تطل من فوق الجدران الحجرية العالية, فيما كانت رائحة الهواء مشبعة بعطر الازهار المختلفة.
ها هو المضيف اللطيف المجامل كالعادة....! سكب دييغو لها زهرة منسية العصير, قدم لها وعاء مليئاً بالفاكهة الطازجة, اختارت منها ليزا حبة دراق. لم تكن تشعر برغبة في تناولها, إلا انها كبتت رغبتها بالصراخ في داخلها.
إذا كان سيفعل هذا اليوم كما كان يفعل في الأيام السابقة, منذ وصولها إلي هنا, فهو سيتحدث معها بلطف فيما هما يتناولان الطعام, ثم سيقترح عليها ان تذهب للسير قليلاً قبل ان يشتد الحر, ثم سيعتذر بتهذيب و يمضي وقته بعيداً عنها في مكتبه.
في هذه الحالة ستقوم ليزا بدورها الذي قررته لنفسها, سترفع كتفيها بملل ظاهر, و كأنها غير مهتمة البتة. تساءلت لكم من الوقت ستستطيع الاستمرار في ادعاء عدم الاهتمام و اللامبالاة!
لت اسأله لماذا لم يمضي القليل من الوقت معها, فهذا أمر مرفوض كلياً. ألم يقل إنه يريد منها الاهتمام بشؤونه لأربع و عشرين ساعة في النهار؟ هذا هو السبب الرئيسي لإحضارها إلي هنا, أليس كذلك؟ فكرت في ذلك باستغراب محاولة إيجاد عذر للشوق الذي تشعر به نحوه.
- سنذهب في نزهة إلي ماربيلا هذا الصباح.
افصح دييغو عن ذلك و هو يضع فوطته جانباً, ثم تابع:
- يبدو أنك احضرت معك بنطلونات جينز و قمصان سميكة, و هذه الثياب مناسبة لإمضاء ايام العطل في لندن الباردة, إلا انها ليست مناسبة لهذا الطقس و هذه الأجواء.
نظر نظرة ميالة للنقد إلي وجهها الشاحب بسبب شدة الحرارة.
سكب لها و لنفسه فنجاناً آخر من القهوة و قال بحزم :
- سأشتري لك ملابس مناسبة.
تفاجأت من رغبته في إمضاء بعض الوقت معها, في حين أنها كانت تعاني طوال الأيام الأربعة الأخيرة من نفوره.
بدت دقات قلبها تتسارع و اصبحت انفاسها متقطعة, غطي الاحمرار وجهها. من الواضح ان الثياب التي دستها بلا اهتمام في حقيبتها لا تعجبه. ما الذي يفكر فيه؟ تنانير قصيرة, و جوارب شبكية, مع احذية ذات كعوب عالية, و قمصان أنيقة مزينة بالترتر؟
أتراه سيعاملها كامرأة تافهة؟ قال إنه يريدها مرافقة مؤقتة له, فهل يود أن يفرض عليها ايضاً طرازاً معيناً من الثياب؟
بدت الفكرة سخيفة جداً, حتي إنها لم تعلم إن كان عليها ان تضحك أم تبكي, و بدلاً من ذلك أخذت تحدق به, و قد تورد خداها الشاحبان.
ادركت ليزا انها فتحت فمها من الاستغراب, لكنها لم تكن قادرة علي القيام بأي شيء بخصوص ذلك.
اعاد دييغو فنجان قهوته إلي صحنه و هو يصدر صوتاً. وقف علي قدميه, و هو ينظر بكره إلي عينيها المتسعتين, و فمها المندهش الذي ظهرت عليه ملامح السعادة. يا لها من وقحة!
انها العاطفة الوحيدة التي ظهرت علي وجهها منذ ان وصلت إلي هنا. كانت تبدو إما متوترة أو شاعرة بالملل خلال لقاءاتهما الحذرة. كل ما كان عليه ان يفعله هو ان يذكر أنه سيشتري لها بعض الثياب الجميلة التي تشع كأنها شجرة عيد الميلاد. لكن ماذا كان يتوقع غير ذلك؟ سأل نفسه بإيجاز قبل ان يقول لها ببساطة :
- سيجهز مانويل السيارة. سأراكِ في الردهة الأمامية للمنزل قبل عشر دقائق.
هل تكفي عشر دقائق لتعيد دقات قلبها المتسارعة إلي سابق عهدها, و لتهدئ من روعها بصوة كافية لمواجهة ما يبدو المرحلة الثانية من اللعبة؟
إنه بدون شك يمارس ألعاباً! قالت ذلك لنفسها بقلق و هي تبدل قميصها بقميص ضيق أكثر اناقة, مصنوع من القطن, ذات لون زهري داكن. مررت احمر الشفاه بسرعة فوق شفتيها و هي تفكر. ما الذي يفسر تركه لها بمفردها معظم الوقت, دون ان يذكر لها مرة واحدة سبب وجودها هنا؟ و لماذا يريد اليوم ان يمضي الوقت برفقتها؟ اليوم لامس وجهها بأصابعه, و وضع يديه علي كتفيها, كما لمست اصابعه بشرة خدها بينما كان يبعد شعرها عن وجهها. يبدو ان المرحلة الثانية من اللعبة قد بدأت...
لم يخفف ذلك من تسارع نبضها مطلقاً. لاحظت ذلك و هي تصفف شعرها و تعقده كذيل فرس. اعترفت لنفسها انها هي ايضا تقوم بألاعيب. فهي تتصرف بعدم مبالاة, و بطريقة مملة. و هي حتي الآن تسير علي هذا المنوال بطريقة جيدة, لكن لديها شعور غامض أنها لن تتمكن من الاستمرار هكذا لفترة اطول.
منتديات ليلاس
بينما كان يقود السيارة, أخبرها عن التاريخ العريق للدير السابق, شارحاً لها أن جده قد اشتراه منذ سنين عديدة, و اعاد بناءه مستعيناً بعمال مهرة, و حوله إلي منزل رائع, من دون ان يبدل شيء من الجو العام للمكان.
- كان والدايّ نادراً ما يأتيان إليه, فهما يجدانه منعزلاً جداً . لو لم اكن احبه كثراً, و آتي إلي هنا كلما استطعت ذلك, لأصبح مهجوراً.
بينما كان يتكلم تغيرت ملامح وجهه و اصبحت اكثر رقة, و عادت قسماته لتشع بالحياة. ابتلعت ليزا غصة بصعوبة, و ابعدت نظراتها عن الدفء المعلن في نظراته الجانبية التي كان يرمقها بها.
هذا هو دييغو الذي تتذكره..... دييغو الذي وقعت في غرامه... المذهل المليء بالحيوية. ذكرت نفسها بذلك الشعور الدائم بالشوق إليه.
راحت الطريق الضيقة تنحدر عبر منحني محاط بالأشجار و النباتات الكثيفة. و بعد قليل, اصبح الهواء ألطف قليلاً, مما ساعد بطريقة ما علي إيجاد عذر للرجفة التي اصابتها.
سألها بنعومة:
- هل انت خائفة؟
و كأن عينيه ادركتا من خلال النظر إليها ما بها. لوي شفتيه برضي كامل, و اعاد اهتمامه إلي الطريق المعبدة الملتوية.
ادركت ليزا ما يفكر به. لكن لا مجال مطلقاً للاعتراف انها تأثرت علي الإطلاق من تصرفاته الأكثر لطفاً و وداً. تمتمت بجفاء:
-لا, علي الإطلاق! أنت تقود السيارة بمهارة, فلِمَ علي ان اخاف؟ انا فقط اشعر بالبرد, هذا كل شيء.
ابتسامته الواضحة اعلمتها أنه لم يصدق كلمة من ما قالته. فحتي تحت الأشجار كان الهواء الناعم مازال دافئاً. ولا احد يشعر بالبرد في مثل هذا الطقس!
تمتم بسخرية:
- لكن بالطبع, هل هناك أي شيء آخر قد يجعلك ترتجفين حتي اخمص قدميك الجميلتين؟
حان الوقت لتسوية الأمور بينهما, و لوضع نهاية للعبة الهر و الفأرة التي يقوم بها, خلافاً لكل ما يقوله المنطق و العقل فهي في سرها لا زالت مغرمة بذلك البائس, لكنها تكره طريقته في التلاعب بها.
ما إن اقتربا من ضواحي المنطقة ذات الثراء الفاحش حتي قالت له :
- لم أكن افكر بطريقة واضحة عندما وضبت حقيبتي. نسيت الفرق الكبير في الطقس, حتي في هذا الوقت من السنة. و هذه غلطتي.
اعترفت بذلك بخسارة, و تمنت لو أنها لم تكن مولعة بالمشاكسة فبسبب مزاجها الغاضب رمت ثياباً قديمة فقط في حقيبتها.
تابعت تقول :
- كما أنني سأشتري بنفسي ثيابي, و شكراً لك بكل الأحوال.
بعض التنانير القطنية و القمصان, هذا كل ما تستطيع ان تشتريه. ماربيلا ليست المكان المناسب إذا كانت تريد الشراء بميزانية محدودة. فكرت بذلك بضيق, و هي تفكر برصيدها في المصرف, و بحقيقة أن لا عمل لديها لتعود إليه.
- لن اسمح بذلك مطلقاً!
قال دييغو ذلك بحزم ما أن وجد مكاناً ليركن فيه سيارته. استدار بحوها, مد ذراعه عبر ظهر مقعدها. اصابعه الرشيقة وجدت الرفيع الذي يبعد شعرها عن وجهها و نزعته. اصبح صوته الآن ناعماً كالحرير, مما جعلها ترتجف:
- كي لا ابدو فظاً جداً, اخبرك ان لا مشكلة عندي مع المال, لا سيما ان والدك الكريم ليس معنا ليدفع لك الفواتير.
قالت ليزا بسرعة و غضب كبيرين:
- لا تفعل ذلك.
و سرعان ما اصطبغ خداها باللون الأحمر. اختفي الشريط في جيب بنطلونه, و فكرت ليزا في ان محاولة استعادته سينتج عنها صراع غير ملائم, و هي ستخسره بالطبع.
- إذا ذكرت ابي, و قلت أنه كريماً مرة ثانية سأضربك.
التفت اصابع قاسية جول رسغها بينما كانت تحاول ان تخرج من السيارة. اعادها ديغو إلي الوراء لتنظر إلي وجهه. رفع حاجبه الأسود بقوة و تمتم :
- أضربيني و سأنتقم!
سقط عيناه علي فمها المرتجف و بقي ينظر إليها مطولاً و هو يتابع:
- لكن ليس من خلال العنف الجسدي. فهناك طرق اخري أكثر سروراً لإخضاع المرأة.
سيطر عليها احساس بالرضي, لقد تركها بمفردها لمدة اربعة ايام و اربع ليال كاملة, مما جعلها تبدو متوترة كأنها علي حد السيف. و الآن, ها هي قشرتها الخارجية من عدم الاهتمام و اللامبالاة تتحطم, و هو سيعمل علي سحقها لتصبح غبار.
ابتسامة خفيفة غلفت فمه ما ان اعادتها كلماته إلي مظهرها الجليدي ثانية. بدا ذلك واضحا في العينان الكبيرتان, و بعد ان ضاقت شفتاها عن صمت معبر, أنها تحارب بكل ما لديها من قوة إرادة, لكن بعد وقت قصير سيجدها ضعيفة جداً. سوف تغدو متعلقة به, و هي تشتعل ناراً من اجله.... و من اجله هو فقط.
تخلص دييغو من هذه الأفكار, و ببطء ترك رسغ ليزا. تجهم وجهه عندما رأي آثار الاحمرار علي بشرتها.
- سنأخذ شراباً باردا قبل ان ننطلق إلي السوق.
و سيدفع فاتورة ثيابها التي ستضفي مزيداً من الحسن و الجمال علي فتنتها الملائكية, علي الغم من رفضها غير المتوقع. لا شك انه رفض ظاهري فقط.
انضم إليها علي الرصيف. كانت تضع حقيبتها علي ظهرها, و شريطا الحقيبة يتقاطعان فوق قميصها القطني الضيق الزهري اللون. اما قماش بنطلونها الجينز فينساب باتساق فوق وركيها و ساقيها الرشيقين.
ابعد نظره عنها. يا إلهي! إنها جذابة جداً! و قبل ان يعلم سيكون هو من سيركع علي ركبتيه و يتوسلها, و ذلك ليس هو مخططه.
تقضي خطته بأن يذلها, و ليس العكس. سارا مسافة خمسين ياردة, ما اوصلهما إلي اقرب مقهي علي الرصيف. جلسا إلي طاولة تظللها شجرة من الكرمة, تطل علي منظر شامل الرؤية للبحر الأزرق اللماع. طلب دييغو مياه معدنية لـ ليزا و عصير ليمون لنفسه سامحاً للأجواء ان تصفو بينهما قبل ان يحث نفسه عن السؤال عن شيء بدأ يثير حيرته.
- أخبريني شيئاً, ليزا.....
قال ذلك عندما لاحظ بوادر الراحة بدأت تظهر عليها من خلال عدم توتر كتفيها, و تابع قائلاً:
- لماذا تغضبين كثيراً عندما اضع كلمتي والدك و كريم في الجملة ذاتها؟
قالت ليزا بهدوء:
- لأنك لا تعرف عما تتكلم.
شعرت بالراحة بسبب الأجواء المحيطة بها, و التي اذابت كل انزعاجها. وضعت ابتسامة علي وجهها لمجرد التفكير ان هناك من يستطيع تخيل جيرالد بينينغتون صاحب عواطف أبوية لأبنته الصغيرة غير المميزة.
- إذاً, لِمَ لا تدعيني اعرف الحقيقة؟
بإشارة من إصبعه عاد النادل إلي الطاولة و هو يحمل كوب من العصير لها. راقب دييغو نظرة الدهشة و الفرح معاً تمر علي وجهها الجميل, و انتظر حتي ارتشفت رشفة من الكوب قبل ان يتابع بلطف:
- احب ان اعرف ما الذي اتكلم عنه.... فهذا يجعلني اكثر...
توف عن الكلام للحظة, قبل ان يضيف و هو يسخر من نفسه:
- ...... جاذبية.
رفعت نظرات عينيها الرائعتين لتلتقيا بعينيه, وضحكت بنعومة, تماماً كما ارادها ان تضحك. ساوره إحساس من الكره لنفسه ما إن تذكر أنها لم تأكل شيء اثناء الفطور. فهي بالكاد تذوقت حبة الدراق التي اختارتها قبل ان تبعدها عنها. لكم يحب ان يراها مرتاحة, لتتخلص من توترها و رغبتها بالمحافظة علي عدم اهتمامها!
منتديات ليلاس
|