المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
ما ان وصلت إلى منزل عائلة كليتون في هولند بارك بعد زيارتها إلى بن مساء البارحة, حتي اخذت الكلمات التي قالتها لـ بن ترن في رأسها بوضوح لا مفر منه: (فقط اتبع قلبك, و افعل ما يقوله لك.)
وقفت جامدة كأنها تمثال من حجر عند مدخل الباب تصغي إلى قلبها. عليها أن تعود إلى اسبانيا, و ان تجد دييغو, لتخبره كم تحبه. جاء الصوت واضحاً مليئاً بالإصرار.
توهج جسمها, و شعرت بكل عرق و كل عصب فيها, كل عضلة و وتر تستجيب إلى نداء لا مر منه, و كأن دييغو يناديها من مخبئه وراء تلك الجبال البعيدة.
الآن ها هي ترى تلك التجربة الغامضة التي حدثت لها البارحة بطريقة جديدة. قد لا يكون دييغو في الدير القديم, لكن روزا و مانويل قد يستطيعان اخبارها أين تجده, سيعطيانها عنوان منزله في جريز و مكان عمله ايضا.
هي تعلم عندما تعترف له بحبها قد لا يستجيب لهذا الحب, و ربما يقول لها بكل بساطة إنه غير مهتم لأمرها. عندها عليها ان تتقبل ذلك.
لو كان هذا هو موقفه, فهي تقوم بالعمل الصحيح. فهناك منطق عليها اتباعه. إذا تركت الأمور مبهمة, فهي لن تحصل على السلام الداخلي في فكرها.
الحياة دائما محفوفة بالمخاطر و المجازفات و إذا حدث شيء لها أو لـ دييغو لا سمح الله, قبل ان توضح له الأمور فلن تحصل ابداً على السلام .
بللت الدموع وجهها, ما أن اطفأت محرك السيارة في الباحة الأمامية. اغمضت عينيها لفترة قصيرة, و اعطت نفسها بضع لحظات لتهدئة اضطراب افكارها, قبل أن تمسح دموعها بمنديل ورقي. خرجت و مددت اطرافها المتشنجة, ثم اخذت نفساً عميقاً, و سارت بعزم و قوة فوق البلاط الحجري باتجاه الباب الرئيسي.
شعرت بجفاف في فمها, و دقات قلبها تضرب بعنف في صدرها. هل سيرفض السماح لها بالدخول؟ هل سيرف الإصغاء إلى ما ستقوله؟ اتراها اقدمت على عمل احمق؟
لا تفكرى حتى بذلك, لا تقبلي بالهزيمة حتى اصبح امرا محتما, فكرى بأي شيء آخر, او لا تفكري نهائياً!
اخذت اشعة شمس بعد الظهر المتأخرة تتسلل عبر قميصها القطنية الناعمة. في هذا الوقت من السنة تمتاز الأمسيات في الجبال ببرودتها المنعشة.
- سنيوريتا!
فُتح الباب و اشرق وجه روزا الجميل بابتسامة كبيرة. تنفست ليزا و عملت ما في وسعها لتتمكن من رد الابتسامة بمثلها.
- سمعت السيارة. إذا هذه أنت....! هل ستبقين هنا؟
وضعت ليزا خصلة كبيرة من شعرها وراء اذنها, تنفست بهدوء و قالت:
- لست متأكدة من ذلك.
أليست تلك هي الحقيقة؟ فمن الممكن أن تُرمي خارجاً في غضون ثانيتين فقط.
- لكنني اريد التحدث مع السنيور. هلا اخبرتيه أنني هنا, من فضلك.
- تفضلي بالدخول.
دعتها روزا للدخول
غلى الفسحة الباردة في القاعة الكبيرة و تابعت:
- سأبحث عن مانويل. فهو يجيد الإنجليزية. انا لست مثله.
هذه ليست بفكرة سيئة, هذا ما فكرت به ليزا و هي تجلس على كرسي ثقيل منحوت وضع تحت النافذة الطويلة المواجهة للباب. تمنت لو أن اضطراب اعصابها لا يجعلها تشعر بكل هذا الغثيان.
في الوقت الذي ظهر فيه مانويل كانت ليزا تذرع الغرفة ذهابا و ايابا, و في فكرها رغبة بخرق الجدران, لتبحث عن دييغو بنفسها لأن هذا الانتظار بدأ يقتلها.
استدارت على عقبيها لمواجهته, و اعصابها تتفتت. قريباً جداً سترى حبها.
- قالت لىّ روزا إنك اتيت من انجلترا لرؤية السنيور.
بدت ملامح وجهه الداكن متعاطفة و هو يتابع:
- لكنه ليس هنا. لقد غادر في الصباح الباكر من هذا اليوم قبل شروق الشمس.
- فهمت.
غادرها كل التوتر, ليحل مكانه إحساس عميق بالإحباط. لكن على الأقل, لا شيء يدعو للإحساس بالرعب. لقد توقعت ذلك تقريباً و اعدت نفسها لتقبل ذلك الاحتمال, أليس كذلك؟
- إذا, هل بإمكانك إعطائي العنوان حيث يمكن أن اجده؟
بدا لها كأنه يفكر في طلبها لوقت طويل, ثم ابتسم و قال:
- ربما استطيع القيام بأفضل من ذلك! ستعد روزا القهوة لك, ستحضرها إلى الصالون الصغير, أما أنا فسأقوم بالاتصالات المطلوبة. من الأفضل ان نعرف بصورة مؤكدة أنه في منزله, فمن المحتمل ان يكون قد ذهب إلى أي مكان في الالم, فأعماله المتشعبة تأخذه إلى اماكن عديدة و مختلفة.
اشعرتها هذه الفكرة بالغثيان.
بإندفاع و تهور, امسكت بذراع مانويل ما إن تحرك ليغادر. كانت عيناها مليئتين بالتوتر, و كانت يدها التي تمسك بذراعه ترتجف قليلاً, قالت له:
- احب أن اتناول القهوة. فلقد قدت السيارة لمسافة طويلة جداً, لكن, هل يمكنني أن اتناولها مع روزا في المطبخ؟
بدت عينا مانويل لطيفتين و قال:
- بالتأكيد. تعالي معي. ستشربين القهوة بينما اجرى الاتصالات.
كان المطبخ الكبير مغطي بالأحجار الناعمة و هناك مدفأة كبيرة على إحدى جدرانه. غير أن الجو العام بدا عائلياً, مع اللحم المقدد, و الأعشاب المجففة المعلقة على النوافذ الكبيرة, و رائحة القهوة التي تجعل كل شيء مباركاً.
تحدث مانويل مع زوجته بالإسبانية, ثم استدارت روزا قرب الفرن الكبير و هي تحمل وعاء القهوة في يدها و قالت:
- بالتأكيد.
ابتسمت روزا كإجابة على كل ما قاله زوجها, ثم وضعت القهوة على طاولة خشبية ضخمة قرب مزهرية تحتوى على ورود صفراء.
تابعت روزا تحدث ليزا:
- كلنا سنشرب القهوة! هل تريدين الجلوس سنيوريتا؟
جلست على الكرسي الذي اشارت روزا إليه, و اغمضت عينيها المتعبتين للحظة, ساعدها الجو الهادئ المريح لترتاح قليلاً. احضرت روزا ثلاثة فناجين من القهوة و صحن حلوى, امسك مانويل بقائمة و اقترب من الهاتف المثبت بالحائط, و بدأ بالاتصال.
شربت ليزا القهوة الشهية و رفضت تذوق الحلوى. تمنت لو تستطيع فهم النقاش الدائر مع مانويل بعدما اجري ثلاثة اتصالات منفصلة. من الواضح ان ملاحقة دييغو اصعب بكثير مما اعتقدت و تمنت.
رغب مانويل في ضرب الحائط و هو عائد ليأخذ فنجان قهوته من على الطاولة. رفع كتفيه بتعب, و قال:
- لقد اتصلت بمكتب السنيور, و هو ليس هناك. اخته لم تراه منذ ان غادرت من هنا مع زوجها. و مديرة منزله هي الوحيدة التي اعطتنا معلومات قد تفيدنا بشيء.
مد يده الفارغة كأنه يريد القول إنها لا تستحق المعاناة ثم تابع:
- اتصل السيد بمنزله في منتصف هذا النهار ليطلب منها إلغاء موعد العشاء الذى كان متفق عليه مع والديه الأسبوع القادم.... هذا كل شيء. لم يقل إلى أين سيذهب. فقط قال إن لا فكرة لديه متي سيعود.
بدا اليوم رائعاً, لكن ليزا لم تستطيع ان تستمتع به. فشيء ما بداخلها قد مات. قد يكون دييغو في أي مكان في العالم. ها هو قد استعاد حياته المليئة بالعمل و النجاح, و هو لا يحتاج إليها في حياته.
البارحة, و في وقت متأخر من بعد الظهر, اقدمت ليزا على شكر روزا و مانويل لمساعدتهما و لم تستطيع ان تخفي خيبة املها, و همت بالرحيل.
لكن مانويل جادلها بحزم عن رغبتها بالعودة إلى سيفيل, مشيراً إلى انها قامت برحلة طويلة بقدومها من إنجلترا, و أن الظلام سيحل بعد قليل, و أن بإمكان روزا ان تعد لها غرفة بسرعة في الجناح الذى كانت تقيم فيه.
اصرّ أنه لن تكون هناك أي مشكلة في ذلك.
لذلك يقيت ليزا و امضت الليلة هناك, على الرغم من حاجتها للابتعاد عن هذا المكان الجميل حيث كانت سعيدة و مليئة بالأمل و لو لفترة وجيزة جداً. إن قضاء الليل هنا أمر منطقي, لكنها تمنت لو لم تنم حتي ساعة متأخرة بسبب الساعات الطويلة المليئة بالقلق و التعب.
رتبت غطاء فراشها بسرعة, و اعادت الأشياء التي احتاجت إليها إلى حقيبتها, ثم حملتها و توجهت إلى سيارتها المستأجرة.
كانت قد ودعت روزا و مانويل, و شكرتهما اثناء تناول الفطور المتأخر الذي اصرت مدبرة المنزل على تحضيره, و عرض عليها مانويل اعادة محاولة معرفة مكان دييغو لأجلها.
بإمكانه ان يتصل بوالديّ السيد, لماذا لم يفكر في ذلك من قبل؟ فهناك أمل و لو ضئيل. فالسنيور لا يخبرهما ما الذي يفعله, لكن قد يكونان على علم بمكانه, مع انه يشك في ذلك. ألم تخبره مدبرة منزله في جريز أن السنيور كلفها ان تبلغهما رسالته؟ هذا يعنى أنه لم يتكلم معهما بنفسه, أليس كذلك؟
مهما يكن سيحاول من اجل السنيورة.
للآسف ظهرت هناك مشكلة في إجراء الاتصال, إذ يبدو ان الهاتف مُعطل. هذا يحدث دائما! قال مانويل ذلك و هو يرفع كتفيه مستسلما.
و هكذا خاب الأمل الضئيل الأخير الذي كان سيوصلها إليه. و لم يعد هناك مبرر لوجودها هنا.
ادارت محرك السيارة, و قالت كلمات الوداع بصمت. لن تكون هناك نهاية سعيدة في حياتها, و عليها ان تعيش مع ذلك. عليها أن تواصل حياتها, تمامً كما فعل هو.
منتديات ليلاس
اجبر دييغو نفسه على السير ببطء ما إن اخذت الطرقات تزداد حدة في انعطافها, فأخذت عجلات السيارة تتهادي على الطريق الناعمة. فهو لا يرغب بالانتحار, إنه فقط على عجلة من أمره!
افرغ جام غضبه بإطلاق سيل من الشتائم. بدت ملامح وجهه قاسية و مضطربة, فكل شيء يعمل ضده. تذكر ما قاله لـ ليزا منذ خمس سنوات, قال لها إن حبه لا نهاية له, و هو يعني ذلك تماماً.
عليه أن يجدها و يبرهن لها عن حبه, طالباً منها ان تعطيه فرصة جديدة. يريدها ان تفهم أن بإمكانها ان تجد السعادة معه كزوجة له و لس لـ كليتون. تحولت هذه الفكرة إلى مشكلة و كابوس دائما له.
البارحة وصل إلى شقتها في منتصف النهار, و لم يحظ بأي جواب. و بعد الاتصال بوالدها, اخبره انها تقيم عند عائلة كليتون في هولند بارك, إلى ان يزول الخطر عن بن. بدا له موقف الرجل العجوز مدافعاً, كأنه متردد بإخباره عن مكان ابنته.
اثناء وجوده في سيارة الأجرة التي أقلته إلى هولند بارك, اصيب بالإحباط بسبب ازدحام السير الكبير. و ما ان وصل إلى هناك حتي بادرته صوفي, توأم منافسه, و هي تنظر إليه بحدة:
- أين ليزي؟
- هذا تماماً ما اريد معرفته.
أتراها لا تزال جالسة قرب سرير كليتون, تمسح جبهته, و تطعمه العنب و تعانقه؟ مجرد التفكير في ذلك اثار غضبه.
- هي ليست معك, إذاً؟
- من الواضح أنها ليست معي.
امضي وقت صعباً هناك, محاولاً ان يتمسك بآخر ما لديه من صبر.
سألها:
- لِمَ يجب ان تكون معي؟
- لأنها سافرت إلى اسبانيا هذا الصباح لتراك. قالت إنه ما زال لديها اعمال غير منتهية معك. اسمع! هي لم تخبرني بأي شيء, لكنها قالت أنها لا تعرف متي ستعود. بن في صحة جيدة, لذلك اعتقد أنها تظن أن لا حاجة لها هنا.
فتحت الباب جيداً و تابعت:
منتديات ليلاس
- هل تريد الدخول؟
اجبر نفسه على الابتسام و قال:
- لا, لا! شكرا لك.
اكمل بعد ان فكر للحظة:
- هل ما زالت خطوبة ليزا لـ بن مستمرة؟
حدقت به صوفي كأنه يتلفظ بكلام مجنون, بعدها قالت:
- لا! بالطبع لا! اعتقدت.... أنك انت من بين كل الناس تعرف ذلك.
دفعه كلامها إلى المزيد من التفكير, تماماً كما اتي من لندن ليجدها, طارت هي إلى اسبانيا باحثة عنه. من المحتمل أن طائرتيهما مرتا بالقرب من بعضهما في اتجاهين متعاكسين! هذا يعني أنها لم تتخل عنه بسبب تصرفه الفظ في الساعات الأخيرة التي امضياها معاً.
كما ان خطوبتها من كليتون مازالت مفسوخة. لماذا قالت لـ إيزابيلا انها ستتزوج قريباً من الرجل الذي تضع خاتمه في إصبعها؟
لابد أنه اعتذر من صوفي و هو يغادر, لكنه لا يستطيع تذكر انه فعل ذلك. كل ما يتذكره هو انه عاد إلى الشارع, منادياً سيارة اجرة لتعيده إلى المطار, استعمل هاتفه النقال ليتحدث مع مانويل ككي يطلب منه ان يُبقي ليزا هناك حتي عودته.
كان الخط مشغولاً, و بقي كذلك لمدة عشرين دقيقة اخرى. حاول ثانية عندما وصل إلى المطار, و كاد ينفجر من الغضب و الإحباط لأن الخط كان مقفلاً. لم يعد هناك اتصال بالدير. عندما تجد ليزا انه رحل, و لا احد يعلم اين مكانه. فلابد أنها ستحاول العودة و الرحيل. فكر ان لديه خياران لا ثالث لهما: الجلوس على عتبة باب آل كليتون حتي تقرر العودة, أو العودة إلى اسبانيا, متمنياً ان يجدها هناك بانتظاره. حتي لو غادرت منزله, ربما تكون قد اخبرت مانويل و روزا عن مكان وجودها, سواء عادت مباشرة إلى منزلها أو إلى أي مكان آخر.
كان دييغو يعيش حالة صعبة من التوتر, بحيث لم يعد يستطيع البقاء حيث هو. حجز مقعداً على اول طائرة مغادرة إلى سيفيل, ثم توجه إلى قاعة الانتظار آملاً ان تكون ليزا في تلك الطائرة القادمة إلى لندن.
لكنها لم تكن هناك.
و الآن ها هو يأمل و قد أصبح على بعد عدة أميال فقط من الدير, أن يجدها هناك. أخذ يفكر كيف سيعيش بانتظار أمل بعد أمل. كانت افكاره منشغلة جداً مما اجبره على الضغط على المكابح بقوة كي لا يصطدم بالسيارة القادمة بالاتجاه المعاكس. تباً! كان السائق يقود سيارته عبر المنعطف الضيق بسرعة جنونية. بعض الناس يجب ألا يصعدوا وراء المقود!
لم يكن هناك مجال يسمح لـ دييغو ان يمر, فالطريق ضيقة جداً. على السائق الآخر أن يتراجع, و بسرعة فهو على عجلة من امره!
ظهر الضيق على وجهه الذي كساه الشعر النابت بعد ليلة البارحة المضنية. خرج من السيارة, و سار خطوتين واسعتين و.... توقف قلبه عن الخفقان.
ليزا!
شعر يقلبه يضطرب ثم يذوب و هو يراقبها تفتح الباب من جانبها. و ببطء تدلت ساقاها إلى الأرض. وقفت و قد رفعت وجهها إليه. بدت شاحبة, تحيك بعينيها الجميلتين ظلال سوداء, و شعرها مشعث و خصلاته متدليو بأشكال مختلفة حول وجهها. ارتجف فمها ما إن التقت عيونهما... لم يشعر دييغو في حياته بهذا الفيض من مشاعر الحب كما يشعر الآن.
تلك النظرة التى ظهرت في عينيها, و ذلك الاضطراب الذي علا وجهها الملائكي, جعلها يضع يده على غطاء السيارة و يقفز بخطوة واحدة فقط لكي يصل إليها. خطوة واحدة كبيرة و إذا به يمسك بها بين ذراعيه و يضغطها بقوة إلى قلبه. اصدر صوتا و هو يشعر بارتجاف جسمها الناعم.
اقتربت منه ليزا أكثر, و وضعت ذراعيها حول عنقه, و رفعت وجهها الجميل إليه. ما أن رأى الدموع في عينيها حتي شعر بقلبه يتلوى. يجب ألا يكون هناك حزن في حياتها..... ليس بعد اليوم..... لن يسمح بحدوث ذلك لها ابداً.
- دييغو!
قال بقوة, بلهجة آمرة:
- صه! لا حاجة للكلام. فقط هذا.
و اخفض راسه و عانقها.
شعرت ليزا انها بالجنة. تسلل الفرح إلى كل عصب و كل شريان في جسمها, مخترقاً خلايا جسمها كلها.
رفع يده ليلامس شعرها, فشعرت بتوتره و قوة احاسيسه و هو يقول:
- ستتزوجين بيّ.... و ستنسين كليتون.... ستنسين انك عرفتيه يوماً. لو لم يكن مستلقياً في السرير في المستشفى بسبب جروحه, لضربته حتي يصبح كالعجينة.
عاد يعانقها برقة كأنه يؤكد لها ما قاله. انفجرت ليزا بالضحك و نظرت إلى وجهه لترى رأسه ذا الشعر الأسود يتراجع إلى الوراء, و الغضب يلمع في عينيه السوداوين.
هذه ليست مسألة مضحكة. أنتِ ليّ, و انا رجل متملك. و انا اقصد تماماً ما اقوله. اتقد طالباً يدك للزواج و انت تضحكين!
كبرياء رجل متفاخر قد اُهينت!
اكمل بغضب:
- لكن هذه المرة لن ادعك حتى اضع خاتم الخطوبة في إصبعك, لن يكون لك مهرب مني بعد ذلك.
- لا مشكلة في ذلك, فأنت لن تتمكن من التخلص مني بعد اليوم.
اكدت له ليزا ذلك و هي تبتسم ابتسامة عذبة و تابعت:
- دع المسكين بن خارج نقاشنا. لقد خُطبت له لعدة ساعات فقط. و لا رغبة ليّ مطلقاً بالزواج منه, و لا داعي لتغار منه. و طلبك هو تحقيق لرغبتي.
اضافت ذلك و هي تمازحه. شعرت بالأمان الآن لأنها لم تخسر حب حياتها. كان هذا الحب مضللاً لفترة فقط.
امتدت يداه النحيلتين على كتفيها. رفع حاجباً اسود و هو يسألها:
- إذا لماذا عرضت خاتمه متباهية به امامي. و قلت لـ إيزابيلا إنك ستتزوجين منه قريباً؟
و قرر في قرارة نفسه انه سامحها منذ الآن, و من دون ان يعلم ما فكرت به في ذلك الوقت. أم تعد إلى اسبانيا باحثة عنه؟ مع أنها لم توافق رسمياً على طلبه. إلا أنها قالت ان طلبه تحقيق لرغبتها, كما أنها لم تستطيع إخفاء ما تشعر به نحوه عندما عانقها!
عاد لونها إلى حالته الطبيعية و هي تتذكر كم كانت حزينة و بائسة هذا الصباح. نظرت إليه مباشرة و هي تقول:
- كان ذلك عملاً غبياً مني. لكن في ذلك الوقت بدا ليّ الطريقة الأسهل لإسكاتها. كنت يائسة جداً و متأكدة أنك لا تريد أية علاقة بيّ بعد كل تلك الاتهامات التى\ي رميتك بها. لم أكن استطيع ان اشرح لـ إيزابيلا أنني كنت اضعه من اجل الحفاظ عليه فقط. كانت أختك لتسأل المزيد من الأسئلة.
- لم تتعلم إيزابيلا كيف تسكت منذ اليوم الذي تعلمت فيه الكلام, بالإضافة إلى ذلك, فأنت ما كنت تطيقين الانتظار للمغادرة عندما علمت ان بن قد اصيب بجراح خطيرة. عندما سألتك إذا كنت تحبينه قلت إنك تفعلين. لا يمكنك أن تتخيلي ما الذي شعرت به بسبب ذلك.
همست بتأثر, و رفعت يديها لتلمس وجهه النحيل الوسيم قائلة:
- آهـ! بل استطيع. عندما فكرت انك ادرت ظهرك ليّ تشتت كل عالمي, حبيبي. أنا حقاً احب بن, لكنني احبه كـ أخ ليّ, لا كما احبك.
تنفس بقوة, و لمعت عيناه و هو يقول آمراً :
- قولي ذلك ثانية. قولي انك تحبيني!
- و لأي سبب آخر أنا هنا؟ كنت اعلم أنني لن استطيع مواصلة حياتي بدون أن لك إنني احبك بعمق شديد. لكنك لم تكن هنا. أين كنت؟
شعر أنه لم يعد بحاجة لأية مواساة. طبع دييغو قبل ناعمة على يدي ليزا و تمتم هامساً:
- في لندن, باحثاً عنك. أنا ايضاً, كان علي أن اقول لكِ أنني احبك أكثر من حياتي كلها.
اكمل و هو يعانقها:
- نحن نقطع الطريق, ملاكي. يجب أن نذهب. انتظريني في سيارتي, و انا سأركن السيارة السيت في مكان آمن.
م إن قال ذلك حتي اصبح وراء المقود, و اخذ السيارة الصغيرة مع سحابة من الغبار. و في غضون دقائق قليلة كان يسير عائداً إلى حيث كانت لا تزال واقفة في مكانها, و قد تجمدت بسبب سحر ما يجري معها.
دييغو يحبها! و هي ستصبح زوجته! ستبقي معه إلى آخر يوم في حياتهما. كيف يمكن لأي شيء في العالم أن يكون افضل من ذلك؟
بكل ثقة بالنفس, فتح دييغو باب سيارته الجانبي, و ساعدها بلطف لتجلس قربه, و اضعاً إياها في جو من البرودة المثالية قبل أن يسير خلف السيارة و يصعد وراء المقود. قال لها:
- لقد وضعتها في مكان مناسب, و ستبقي هناك.
من دون ان يفكر ان عليها إعادتها إلى مكتب التأجير في المطار.
- و أنت حبيبتي الأغلى, لن تذهبي إلى أي مكان. و هذه المرة سأبقيكِ هنا. فتصرفي السيء اصبح شيئاً من الماضي.
وضع يده على مفتاح المحرك, ثم استدار نحوها و عيناه تطفحان بالنعومة و اللطف:
- مرت السنوات الخمس و طيفك يلاحقني و يعذبني, و عندما رأيت انني استطيع الحصول على ما هو حق ليّ من خلال الانتقام, فعلت ذلك. هل يمكنك مسامحتي؟
اعترفت ليزا بصدق:
- لا استطيع إلقاء اللوم عليك لأنك فكرت بيّ بشكل سيء. لقد تصرفت منذ خمس سنوات كفتاة مدللة فاسدة. رأيتك مع تلك المرأة الرائعة الجمال مرتين. مرة و انت ذاهب إلى متجر المجوهرات و مرة ثاني في ردهة الفندق. اعتقدت انك تخليت عني من اجلها, و انك لم تقصد ما قلته عندما قلت إنك تحبني. قمت بتصرف طفولي كي انتقم منك.
امسك بيديها و طبع قبلاُ, على راحتي كفيها, قال:
- عزيزتي, هذا كله اصبح نسياً منسياً الآن. لكنني اريد ان اسمعك تقلين انك سامحتني على تصرفي السيء. كنت اريدك كالمجنون, و كنت اعلم انك تكنين ليّ المشاعر, لذلك قررت ان اجعلك تتوسلينيّ. فكيف لك ان تحبي شخصاً متوحشاً هكذا؟
اجابت و الصدق يطل من عينيها:
- كيف يمكنني ان اتوقف عن حبك؟ كما انك اعطيتني الخيار عندما اصبحت الأمور جدية بيننا. اتذكر ؟ لذلك لا يمكن ان تكون سيئاً!
ابتسم لها تلك ابتسامة التي تحول ركبتيها إلى ماء, و ادار المحرك و انطلقا.
منتديات ليلاس
|