المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
اسرع طريق للوصول إلى هناك هو عبر البوابة الخارجية للمكتبة, بدلاً من الأبواب الفرنسية الموصلة إلى الصالون الصغير الذي تستعمله عادة. و دفعت الباب الثقيل المصنوع من السنديان لتفتحه. عليها اولاً ان تسمع وجهة نظر دييغو في الموضوع. فمن المحتمل ان تكون قد كونت فكرة خاطئة كلياً, و ذلك قد يؤدي إلى السؤال عن سوء تصرفها السابق منذ خمس سنوات.
كانت تلك اخر فكرة منطقية لديها, لأن ما كان علي دييغو قوله بشأن صاحبة الصورة الفضية اصبح امراً منسيا بعد ان رأت صاحبة الصورة بنفسها. كانت المرأة جالسة على الطاولة تحت شجرة التين, و فيض من الدموع ينهمر كالشلال علي وجهها الجميل. أما دييغو فكان يجلس على المقعد المقابل منحنيا إلى الأمام, ممسكا بيديها بين يديه, و يتحدث معها.
لم تكن ليزا قادرة على سماع اية كلمة من تلك المسافة, لكن بدت لها نبرة صوته مشجعة و مهدئة, و مما لا شك فيه انه كان راغباً في استرضاء تلك المرأة.
شيء ما اثار غضب الفتاة الجميلة.... حدث ذلك بسرعة, مما جعل ليزا المتوترة بسبب الصدمة الأولي تزداد توتراً بسبب ما تراه امام عينيها.
لم تستطيع إلا أن ترتجف غير مصدقة ما إن وقفت المرأة الأخرى بسرعة, و قد بدت منفجرة من الغضب, و راحت تصرخ بحدة و جنون. الكلمة الوحيدة التي تمكنت من فهمها عبر موجة الكلام الاسباني هي "برفيديا"
أليست هذه الكلمة هي واحدة من كلمات اخري استعملتها ليزا بنفسها و هي تصف الرجل الذي خانها مع هذه المرأة بالذات منذ خمس سنوات؟
تجمدت ليزا في مكانها, و شعرت ليزا بألم شديد في معدتها, و هي تراقب دييغو ينهض علي الفور ز يمسك بيدي المرأة اللتين كانتا تلوح بهما. قال بعض الكلمات الهادئة مطلقاً الأعذار, ثم ضمها بين ذراعيه لتستكين هناك. رأته يضغط على الرأس المغطى بالشعر الأشقر بنعومة على كتفه العريض, و يهزها بلطف إلى الأمام و إلى الخلف, إلى ان سارا على مهل نحو باب المنزل.
ما إن اختفيا في الداخل حتي عضت ليزا قبضة يدها لتمنع نفسها من البكاء بصوت عالٍ. لم تكن لديها أية فكرة عما يجري أمامها, لكنها استنتجت مما تراه أن هذين الشخصين لا يعرفان بعضهما معرفة سطحية! عاودها الشك ان المرأة الأخرى اما خطيبته او زوجته, مما جعلها تشعر انها علي وشك الإغماء....
الطريقة الوحيدة لاكتشاف ذلك هي ان تجدهما و تسألهما! الطريقة الوحيدة لتجعل ساقيها الثقيلتين كالرصاص قادرتين على الحركة هي ان تحاول التأكد بنفسها ان الأمر هو مجرد سوء تفاهم. لا شك ان ما يبدو مشكوكاً فيه في ظاهر الأمر يخفي تفسيراً بريئاً. فبعد التقارب الذي شعرت به مع دييغو ليلة امس, يجب ان يكون الأمر كذلك. لن تستمر بتعذيب نفسها بالتفكير بطريقة اخري, أليس كذلك؟
وجدت ليزا نفسها في القاعة الكبرى. كانت ترتجف من الداخل, و شعرت ان الجدران الحجرية القديمة ستجمدها حتي اعماقها بدلاً من ان تخلق حولها الجو اللطيف البارد المعتاد, كما شعرت بالصمت ملقي على كتفيها كالجبل الثقيل. الآن ستبدأ بالبحث عن دييغو و عن المرأة الأخرى لكنها لا تعتقد انها تملك الشجاعة الكافية لذلك.
ماذا لو كان ما تشك فيه حقيقة لا جدال فيها؟ هي لا تعتقد انها تستطيع تحمل ذلك. ليس بعد أن عانقها دييغو بشغف, و جعلها تشعر بأنها المرأة الأكثر جمالاً و حباً في العالم كله.
ازداد توترها, و كادت تقفز عندما ظهرت روزا قرب كتفها, مع أن المرأة تنتعل حذاء ناعماً خفيفاً مريحاً. كان القلق بادياً علي ملامح وجهها الجميل و لم تعرف ليزا سببه.
قالت لنفسها, عليها إلا تكون جبانة, 8ليها ان تُنهي هذه المسألة.
بالطبع عليها ان تفعل ذلك! سألتها:
- إني ابحث عن السنيور, فهل تعلمين أين هو؟
تجهم سريع غطي العينين البنيتين الكبيرتين في وجه روزا قبل أن تجيبها:
- علىّ أن اخذ لهما القهوة و العصير و اغادر.... بمفردهما.
راحت روزا تتعثر بلغتها الإنجليزية البدائية, ثم تابعت:
- أنت.... غادري ايضاً. الأمر سيء.... وجدت إيزابيلا الجميلة زوجها مع امرأة اخرى..... الكثير من الغضب. يحتاج السنيور أن يكون بمفرده. غادري أنت ايضاً.
المغادرة! انها الخيار الوحيد.... هذا ما قررته ليزا بيأس و حزن ما إن اختفت روزا لتلبي طلب دييغو بإحضار القهوة و العصير. بالكاد تمكنت من الحركة بسبب الألم القاسي الذي كان مسيطراً علي جزء في جسمها. جرت نفسها عبر الدرج إلى الجناح اُعطي لها. السماح لنفسها بأن تنخدع بـ دييغو مرة كان غلطة شنيعة, أما ان يحدث ذلك مرة ثانية فسيكون كارثة كبرى.
عدم معرفة انه متزوج ليس بعذر كاف. انتقدت نفسها بقسوة و هي تغلق باب غرفة نومها وراءها, و اتكأت عليه بضعف شديد. احست بغثيان قوي و ألم شديد في معدتها. كان عليها ان تسأله.... كان عليها أن تعرف. فرجل رائع و وسيم بهذا القدر, و ثرى إلى أقصى حدو الثراء كان ليُخطف منذ سنين عديدة.
من الواضح أن إيزابيلا, كما اسمتها روزا, اكتشفت أن لديه امرأة مخبأة هنا. و كما اعترف بنفسه هذا هو مخبأه الخاص, المكان الذي لا تزوره العائلة إلا نادراً, حيث بإمكانه أن يُخفي نساءه و علاقاته المشبوهة. لكن لابد أن احدهم أعلمها بالأمر. هل اخبرتها روزا بالحقيقة لأنها تدين للعائلة بالولاء؟ لا شك أن الزوجة المخدوعة ظهرت هنا لتواجهه, طالبة منه تفسيرات لاختفائه هنا. لقد رأت ذلك بنفسها. فكرت بإرهاق شديد, لا شك أن زوجته المسكينة لديها ما يكفيها من المشاكل من دون ان تواجهه وجها لوجه بآخر أخطائه.
شعرت ببغض شديد لنفسها بسبب انجرافها خلف عواطفها. سارت ليزا بخطى متعثرة نحو الخزانة حيث علقت ثيابها, و بدأت بانتزاعها. ستأخذ فقط الأشياء التي احضرتها معها. هي لا تريد مطلقاً ان تلمح ثانية الثياب الغالية التي اشتراها لها.
منتديات ليلاس
بعد دقيقة واحدة ستغير هذه التنورة الجميلة و القميص الرائع. لكن اولاً عليها ان تتأكد أنها لديها كل ما تحتاجه. كان رأسها مصاباً بدوار عنيف, و افكارها منشغلة باكتشافها المخيف. إذا لم تسيطر على نفسها بقوة قد تصاب بهيستريا, و لن تعرف بحق السماء ما الذي ستفعله.
أخرجت محتويات حقيبة يدها, و رمت بها علي السرير بجانب حقيبة ملابسها, و بجانب كومة الثياب التي وضعتها للتو. اخذت تقلب ما يسميه أي رجل بالخردة. أمشاط, احمر شفاه, مناديل ورقية, مفاتيح, مفكرة مواعيد قديمة, رزمة من الرسائل القديمة و بطاقات معايدة من الاصدقاء. امسكت بجواز سفرها و محفظتها بقوة, ستستعمل بطاقة الائتمان لتتمكن من دفع تذكرة السفر. لكن لسوء الحظ, عليها ان تطلب من احدهم ان يقلها إلى المطار.
هل سيرضى مانويل بالقيام بذلك؟ لن تجد صعوبة في إقناعه. فكرت و هي لا تزال تشعر بالدوار. ألم تصر روزا عليها لتغادر؟ لابد ان المرأة الإسبانية منزعجة منها, و ستعمل بكل تأكيد علي جعل زوجها يسهل لها الخروج, و إن يكن فقط لتراها مغادرة.
راحت اصابعها ترتجف. بحذر, وضعت جواز سفرها و محفظتها في القسم الخارجي من الحقيبة, و بدأت بوضع بقية الأغراض مرة اخرى في الحقيبة.
في تلك اللحظة دخل دييغو....
بدا وجهه الوسيم متجهما. من الواضح أن زوجته جعلته يعاني من وقت صعب و قسي. نال ما يستحقه! هذا ما فكرت به ليزا و هي تحاول تجاهل طعنة الألم التي تمزق قلبها المحطم. لم تكن تريد رؤيته ثانية, لكن الآن, بعد ان حصل ذلك, لن تدعه يري كم هي منزعجه و محطمة.
- ماذا تفعلين بحق السماء؟
- و ماذا تعتقد أنت؟
تمتمت بعصبية و هي راغبة في ان تخنقه, ثم تابعت:
- لا داعي لأن تصرخ في وجهي. أنها غلطتك إذا كانت زوجتك قد كشفت تصرفك المشين. لذلك لا تلق اللوم علىّ.
امسكت برزمة المناديل الورقية, يبدو ان يدها اصابت احد الاغراض فانقلب عن السرير.
- روزا, لشدة حكمتها, نصحتني ان اغادر, و لهذا تراني اوضب حقيبتي. إنه امر منطقي في ظل هذه الظروف. ألا يمكنك قول ذلك؟
وقف مستقيماً على الفور بعد ان انحني ليلتقط الغرض الذي سقط عن السرير. تنفس دييغو بقوة من بين اسنانه, و عقد حاجبيه, و هو يسأل:
-كررى ما قلته سابقاً. لماذا بحق السماء طلبت منك روزا الرحيل؟ بأي حق تفعل ذلك؟ و عن أي زوجة تتحدثين؟ فليس لدي زوجة!
رماها بنظرة غاضبة ملؤها الغموض, فجلست ليزا على السرير و اطلقت تنهيدة كبيرة بدت كأنها أتية من اخمص قدميها.
إذا هذه هي الطريقة التي سيستعملها معها, سيكذب عليها باستمرار! أنه نموذج صارخ للكاذبين و المخادعين.
لابد انه اقنع إيزابيلا الغاضبة بأن تعود من حيث أتت, و في وقت سريع جداً. جعلها تصدق ان لا وجود لـ امرأة اخرى هنا معه, و انه هنا بمفرده ليتناغم مع الطبيعة, أو اية قصة اخري مشابه لتلك.
لكنها ليست ساذجة و من السهل خداعة. لا, بالتأكيد! قالت من بين اسنانها التي راحت تضغط عليها بقوة:
- أحقاً؟ إذا انتظرني هنا.
سارت بسرعة و خرجت من الغرفة و علامات الغض و الاشمئزاز قد ملأت خديها باللون الاحمر الداكن. توجهت إلى جناحه, و سمعت وقع اقدامه الثابتة تتبعها. لم ينفذ دييغو تعليماتها بل سار وراءها.
تود البقاء بمفردها لبضع دقائق, بعيداً عن الرجل الذي ترغب بقوة بأن تسبب له ضرراً حقيقياً. لكن علي الأقل, بهذه الطريقة لن تجبر نفسها علي البقاء لأكثر من عدة دقائق فقط في هذا المكان.
انقضت على غرفة نومه, و سارت على الفور نحو الصورة الموضوعة في إطار. التقطتها, و استدارت لمواجهته. كان يقف كالبرج فوقها, و قد امتزجت الحيرة مع التوتر في ملامحه. بدا بوضوح علي ملامح وجهه الوسيمة ان الوضع الذي وجد نفسه فيه يسبب له الارتباك.
اشارت ليزا بإصبعها إلى وجه المرأة الجميلة المبتسم و قالت:
- هذه المرأة هي المرأة التي رأيتك معها في ماربيلا في تلك الليلة الأخيرة. كنتما سعيدين جداً.... حتي ان صوفي قالت إنكما زوجان رائعان....!
كانت تعابير وجه تبدو كـ تعابير رجل اصيب على رأسه بحجر كبير. لكن هذا لن يحولها إلى حمقاء, ليس للحظة واحدة!
- و انا وجدت هذه.
مرة ثانية اشارت بأصابعها إلى صورة إيزابيلا, تابعت:
- رأيتها هذا الصباح.... بعد ان تقاربنا و انسجمنا معاً مساء امس.
ما إن انتهت من تلك المواجهة الضرورية حتي فكرت انها قد تشعر في ما بعد انها حمقاء كبيرة, فتذرف الدموع كل ليلة لمدة سنة من الآن. لكن في هذه اللحظة لم تتمالك نفسها, و جعلها الغضب تهاجمه بعنف.
- خرجت ابحث عنك لأسألك تفسيراً عن علاقتك المستمرة بها, و رأيتها امامي. رايتها تعاني من حالة هستيرية, و انت كنت.... كنت....
خانتها الكلمات بسبب غضبها, مع أنها كانت ترغب في ان تصرخ في وجهه, لكنها تمكنت من المتابعة بتوتر:
- .... تضمها إليك و تهدهدها.
ارتفع صوتها حتي قارب الصراخ:
- بعد ذلك اخبرتني روزا أن إيزابيلا انفجرت من الغضب لأنها.... وجدت ان لديك امرأة اخري... طلبت مني ان ارحل.
حاول دييغو جاهداً ان يجد شيئاً من المنطق في كلماتها المتناثرة التي راح فمها الرائع يتفوه بها, لكنه شعر كأنه يسير في ضباب كثيف. ثم ما لبث ان دخل منطقة مضاءة بنور الشمس! التوى فمه على رضى داخلي كبير, إنها تتصرف كـ امرأة سليطة اللسان بسبب الغيرة, رائع! هذا خبر رائع! هذا يعنى انها تهتم لأمره.
مد يده ليأخذ صورة إيزابيلا منها, و فجأة ادرك ان هناك شيئاً ما في راحة يده الأخرى. فتح قبضة يده عل لمعان خاتم يحمل فصوص ماس صغيرة, كان قد رآها تضعه في اصبعها ليلة خطوبتها.
سحب نفساً قويا, و فكر ان هذا لا يعني شيئاً. قد الخاتم لها, فتفاجأت ليزا و اصبح وجهها قرمزي اللون. اخذته منه و هي تشعر بالرعب, ارادها بن ان تحتفظ به كذكرى لحبه لها, و ما الذي فعلته؟
وضعته بدون اهتمام مع اشياء اخرى لا قيمة لها في حقيبة يدها!
منتديات ليلاس
|