لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-11-17, 08:30 AM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مغامر ليلاس الأول



البيانات
التسجيل: Dec 2011
العضوية: 233726
المشاركات: 503
الجنس ذكر
معدل التقييم: عمرو مصطفى عضو على طريق الابداععمرو مصطفى عضو على طريق الابداععمرو مصطفى عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 266

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عمرو مصطفى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمرو مصطفى المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوتوبيا الشياطين (النسخة المعدلة)

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثرثرة حنين مشاهدة المشاركة
   السلام عليكم

استاذ عمرو ياليت تحدد ايام نزول البارت وياحبذا لو كانو بارتين في الاسبوع

زين انك ذكرتني ان مجدي يحكي قصته بعد الهدايه انا اندمجت مع القصه ونسيت انه تخلص

من الفكر المنحرف

بس مسكينه فاطمه وش ذنبها تكون ضحية حرب الشياطين

وعليكم السلام ورحمة الله.
أحاول ذلك بالفعل ( أي تنزيل فصلين في الأسبوع) فأنا أريد الخلاص من تلك القصة سريعاً فلدينا أعمال أخرى تنتظر. وعدم تحديد يوم معين للتنزيل هو بسبب كثرة مراجعتي للفصول ، وعمل تعديلات، وإضافات، فقد أمكث بجوار جملة أو عبارة لأيام في محاولة لصياغتها بطريقة أمثل، هذا بالإضافة إلى مشاغل الحياة طبعاً.

بالنسبة للأخت فاطمة، فهي هنا رمز للعوام الذين تتجاذبهم تيارات الأهواء المضلة من هنا وهناك، هم السوق الذي يروج فيه كل بضاعته. فحينما يترك هؤلاء بدون توعية يستطيعون بها التمييز بين الغث والسمين، يقعون حتماً بين
المطرقة والسندان .

 
 

 

عرض البوم صور عمرو مصطفى   رد مع اقتباس
قديم 04-11-17, 12:41 PM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مغامر ليلاس الأول



البيانات
التسجيل: Dec 2011
العضوية: 233726
المشاركات: 503
الجنس ذكر
معدل التقييم: عمرو مصطفى عضو على طريق الابداععمرو مصطفى عضو على طريق الابداععمرو مصطفى عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 266

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عمرو مصطفى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمرو مصطفى المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوتوبيا الشياطين (النسخة المعدلة)

 


9ـ شيطاني

قلت لماركس من بين أسناني :
ـ كنت شيطاني منذ البداية.. وأنا الذي حسبتك ملهمي ..
ابتسم في تواضع قائلاً :
ـ كنت ملهمك بالفعل .. وما زلت ..
صاح علوش وهو يضغط على فخذه ليوقف النزيف :
ـ الأن يمكننا أن نتفاهم..
التفت إليه في حدة. كان يرى ماركس مثلما أراه تماماً. لم أكن زبونه الوحيد في هذا العالم. أثار هذا جنوني، فصرخت مصوباً إليه مسدسي:
ـ لا تفاهم بين الذئاب..
شعرت بكف ماركس الباردة على عاتقي وبصوته ينساب في أذني :
ـ بل حتى الذئاب تتفاهم يا رفيق..
انتفضت ملتفتاً إليه..
ـ لا تلمسني!
لوح بكفه متفهماً.. ثم قال بتؤدة :
ـ دعني أشرح لك.. أنت وعلوش كنتما مشروعا عائلتي المجيدة.. أنت تراني كارل ماركس وهو يراني واحداً من الأسياد.. لكن هذا لا يغير شيء من الحقيقة.. لقد لعبت الصدفة دورها في تواجدك مع علوش في مكان واحد.. ولقد حاولت منعك قدر الإمكان من التصادم معه لاختلافكم الظاهري في الأفكار. إن عالمنا عبارة عن شبكة ضخمة متشعبة لا يمكن تصور أبعادها ولا مدى نفوذها في العالم.. أحياناً تقتضي المصلحة ألا يعلم عملائنا عن بعضهم البعض شيئا، وهذا هو ما قد يؤدي أحياناً لما نحن فيه الآن..
وسكت برهة مطرقاً، ثم عاد ورفع رأسه قائلاً في بغض:
ـ بالرغم من ذلك كان بالإمكان تلافي الصدام بينكما.. لكن فاطمة كانت هي بداية النهاية، إنها فتاة على فطرتها والفطرة هي أشد ما يزعج أمثالنا.. لا ندري كيف همتما بها حباً؟ المفترض أن كلاكما بلا قلب تقريباً.. وكان الصدام المتوقع.. الآن تفهم لماذا حاولت إثنائك عن الزواج منها لكنك ركبت رأسك..
ونظر لعلوش مردفاً :
ـ وهو كذلك ركب رأسه..
ثم عاد لي مردفاً وهو يغمز بعينه:
ـ لكنني لم أمكنه منك ..
صاح علوش وهو يحجل على قدم واحدة كالغراب :
ـ هو الذي جار على منطقة نفوذي.. أنا لن أتنازل عن حقي..
تجاهله ماركس وواصل الكلام معي:
ـ كان لابد من مكاشفة.. بعد مفاوضات ونقاشات طويلة بين مجلس إدارة العائلة الكريمة توصلنا إلى حل وسط..
وضم كفيه إلى صدره مردفاً :
ـ ستعودان للعمل سوياً كفريق عمل واحد وإن بدا في الظاهر أن ثمة تعارض بينكما..
رفع علوش كفه الملوث بالدم وقال :
ـ قبل أي شيء أنا لي حق عرب عنده..
قال ماركس في صرامة مباغتة :
ـ لا وقت للضغائن..
قلت لهما في غيظ :
ـ تتكلمان وكأننا شركاء في تجارة.. لا في إضلال البشر..
رفع ماركس سبابته في وجهي قائلاً :
ـ إنها أربح تجارة ممكنة يا رفيق..
تراجعت للخلف قائلاً في حزم :
ـ أنا لدي عرض أخر..
وقبل أن يفهما شيئاً أنطلقت رصاصة لتخترق جبهة ماركس، وأخرى نسفت عين علوش المتبقية..
***
وقفت مشدوهاً أتأمل اللوحة الدموية التي رسمتها بنفسي في قلب بيت علوش الطيني .. الدم وشظايا الجمجمة ورقائق المخ البيضاء تلطخ الجدار الطيني وراء علوش .. علوش الذي كان منذ ثوان يتأملني في تلذذ ..
صار جثة تعسة فقدت عينها اليمنى مقابل صفقة مع الأسياد وفقدت اليسرى بطلقة من مسدس خادم أخر من خدامهم، دجال أخر وإن كان من نوع خاص ..
لأول مرة في حياتي أجرب شعور القاتل..
هنا سمعت ضحكة ماركس..
كان ممدداً على الأرض لكنه تمكن من رفع رأسه متسائلاً :
ـ هل كنت مقنعاً؟..
صوبت إليه مسدسي بسرعة لكنه اعتدل في خفة وقال رافعاً كفيه كالمستسلم :
ـ لا تحاول فليس لدي أداء مسرحي أفضل من هذا..
قلت له في غل :
ـ لماذا لا تموت يا ابن الـ...
طقطق بلسانه محذراً ثم نفض الغبار عن ثيابه وتجاوز جثة علوش وهو يرمقه باشمئزاز قائلاً :
ـ الحقيقة أنا أوافقك على شطر عرضك الأخر..
هنا سمعت تلك الحركة الخفيفة من ورائي فالتفت لأراه ..
بالفعل لم يكن له ظل وهو يعبر الباب المهشم ويتجه حثيثاً إلى حيث جثة علوش..
الكلب الأسود الذي يلغ في دم الأضحية التي يتقرب بها للأسياد ..ترى هل قرر الأسياد اعتبار دم علوش مقدم لصفقة جديدة معي ..ولما لا.. أشعر أنني ضعيف جداً في هذا العالم الكابوسي.. وربما كان الرضوخ له ما يبرره..
كذلك الإغراء يبدو شديداً ..ذلك العالم المجهول الذي يفتح أبوابه أمامك لتدخل ..
نظرت إلى ماركس فرأيته يبتسم لي في ود قائلاً :
ـ لم يبق غيرك.. إن العائلة تراهن عليك الآن..
هنالك في ذلك الجزء الغامض من نفسي تنمو تلك البقعة البيضاء وتتسع.. تتسع على حساب الأسود القاتم..
وتدوي كلمات ماركس من قلب الظلام النفسي المشوب :
ـ يمكنك أن تؤدي لنا المشروعين معاً.. ستصير في النهار الضابط مجدي اليساري المادي صاحب السلطة الزمانية.. وفي الليل ستكون لك السلطة الروحية على قلوب أهل القرية.. ستمارس ما كان يمارسه علوش.. هل نحن متفقين؟..
لكن أمي تقف وهي تلوح بالمغرفة في يدها متوعدة..
ـ إياك يا مجدي..
الكلب الأسود يرفع رأسه ويطلق عواء متململاً.. إنه ينتظر
الرد.. كاميليا تنتظر الرد أيضاً.. رئيسي المباشر يوقع لي على قرار نقلي للجحيم.. ماركس يدور حولي هو يضحك في جشع.. أبي يضع المصحف في يدي..
حاول أن تثبت أنك ابني حقاً..
الكلب يعوي في جنون.. وماركس يتراجع في ذعر..
ـ لا ..
قلتها صارخاً بكل الحنق والغل الذي يعتمل في نفسي.. قلتها بمزيج غريب من الحقد والبغض والنشوة، نشوة عصيان هؤلاء الشياطين..
ولو لمرة واحدة، حتى وإن كانت الأخيرة..
وفي لحظة اختفى الكلب الأسود اللعين، لكن ماركس ظل واقفاً مستنداً للجدار بلامبالاة.. لو كانت النظرات تحرق لتحول ماركس إلى رماد الأن.. لكن إذا كان الرصاص لا يقتله فهل تقتله النظرات؟!..
وانحنيت ملتقطاً موقد الكيروسين..
نظر لي ماركس في برود قائلاً :
ـ ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟..
تجاهلته وقمت بإفراغ الموقد على كل شيء تقريباً في ذلك البيت الشيطاني الكريه .. هنا بدأ يصيح :
ـ أنت تدمر اليوتوبيا .. تدمر نفسك..
التفت إليه ممسكاً بعود ثقاب مشتعل وقلت له ببرود قاسي:
ـ بلى...
لقد تحررت منك يا ماركس.. تحررت منكم يا سادة الجحيم.. تحررت من نفسي الخبيثة..
سأحرق النار بالنار..
جريت إلى باب الكوخ وألسنة اللهب ترقص رقصة الجنون من خلفي فقط لأجده موصداً.. لقد حطمته برصاصة من مسدسي منذ قليل كيف صار موصداً كأن هناك من وضع حجراً وراءه.. حاولت مستميتاً فتح الباب حتى بدأت أشعر بلفح النيران يلسع ظهري..
ضحكات ماركس الرهيبة تأتي من لا مكان.. لم أعد أرى تقريباً من شدة النيران والدخان، ولم يعد باستطاعتي الصراخ طالباً النجدة لأن السعال حال بيني وبين الصياح..
هذه هي النهاية إذن.. ربما كانت نهاية عادلة لوغد مثلي..
***
لكن هناك تلك الدكة الخشبية التي كان يستلقي عليها فأر علوش المذعور.. لو أقمتها على الجدار فهي صالحة للتسلق و...
ساعدني يا إلهي..
كانت ثقيلة جداً.. وكادت عروقي تنفجر حتى أقمتها ثم أرحتها على الجدار بحيث صارت مائلة عليه بظهرها.. هذا سيسمح لي بالتسلق على أرجلها الخشبية..
بدأت أتسلق حتى وصلت لحافة الجدار.. وهناك وقفت لأعب بعض الهواء الخالي من الأدخنة التي أفعمت خياشيمي.. فلم أراع إلا والأرض تميد من تحتي..
لقد بدأت الدكة تتهاوى.. ربما أكلتها النيران أو أن ماركس قرر مداعبتي مداعبة أخيرة.. وبتلقائية وثبت محتضناً حافة الجدار العلوية وتخليت عن الدكة الخشبية لتهوي وسط النيران..
تعذبت كثيراً حتى استطعت الصعود فوق الجدار.. نظرت لأسفل بعين دامعة من أثر الدخان.. ستكون وثبة بارتفاع طابق.. لا توجد شجرة واحدة يمكنني التعلق بأفرعها.. لا أريد أن أنجو من الحريق لتدق عنقي..
ودون تردد وثبت من فوق الجدار وكورت جسدي لامتصاص الصدمة لكن مع ذلك شعرت بكل مفاصلي تئن.. قمت من على الأرض مغبراً وتأملت الدخان يتصاعد من قلب البيت الشيطاني.. في تلك اللحظات شعرت أن الذي يحترق ليس مجرد بيت علوش..
بل شيء أخر عشت أسيراً له منذ نعومة أظفاري.
و همست بصوت مرتجف:
ـ فلتسقط اليوتوبيا ..
وتوجهت إلى سيارتي بخطى مترنحة..
لقد بدت لي كفراش وسير يدعوك للراحة بعد يوم عاصف.. لكنه فراش لا يسمح لك بالنوم أبداً ما دمت ستقود.. ألقيت جسدي خلف عجلة القيادة وأدرت المقود.. طبعاً لم تتحرك.. ضغطت على أسناني وأعدت المحاولة لكن السيارة لم تغير رأيها كما لكم لم أن تتوقعوا.. لم ينته الأمر بعد.. هناك من أتلف شيئاً بالسيا...
ـ مازال هناك اقتراح ثالث..
التفت في رعب لأجد ماركس جالساً في المقعد الخلفي كعهدي به لكنه هذه المرة قد احترق نصف وجهه.. ونصف وجهه السليم كان يرمقني بنظرة شيطانية عابثة..
***
حاولت فتح باب السيارة فلم يستجب.. كل الأبواب لا تستجيب في هذه الليلة السوداء.. لقد صرت سجيناً مرة أخرى مع ماركس .. وسمعت صوته يلومني بلهجة أبوية مزعجة :
ـ لم يكن هذا هو العشم فيك.. أنا صنعتك من لا شيء.. أنا الذي ربيتك في الحقيقة.. لو كان لي ابن فهو أنت.. لكنه الجحود البشري الذي لا حد له..
قلت له وأنا أصر على أسناني فتكاد تنفلق :
ـ كيف الخلاص منك يا ابن الـ...
طقطق بلسانه (الذي لم يحترق فيما يبدو) وقال :
ـ يبدو أنني لم أحسن تربيتك جيداً.. على العموم أنا شيطان من عائلة محترمة جداً.. ولن أسمح لك بالإهانات.. دعنا نتحرك بعيداً عن هذا الجو الصاخب.. وبعيداً عن عيون إخوتي الأعزاء كذلك ..
وانطلقت السيارة بلا حول مني ولا قوة كأن هناك سائق أخر يقودها غير مرئي.. كانت تجربة ممتازة.. ولولا الرعب الذي كان يعصف بي لاستمتعت بذلك جداً..
قلت له في شرود :
ـ لا أدري كيف خدعتني كل تلك الفترة ؟..
قال في مرح وهو يرتب على عاتقي :
ـ كما قلت لا وقت للضغائن يا عزيزي.. لو كنت مكانك لسألت نفسي ألف سؤال.. ما حقيقة الشخص الذي يحدثك طوال الوقت ولا يراه غيرك.. ويدعي أنه موجود لأنه فكرة خالدة.. هل هذا يناسب شخصية مادية ملحدة؟.. أشياء كثيرة كان ينبغي أن تنتبه لها.. حتى هذه السيارة التي نستقلها الآن.. كيف حصلت عليها هكذا فجأة وبدون مقدمات؟.. إنها هدية زواجك من بابا ماركس.. كنت أعرف أنك ستحتاجها كي تصل بسرعة لهنا.
كلما تكلم ذلك الشيطان كلما أشعرني بمدى حماقتي.. قلت له في سخرية مريرة :
ـ الحقيقة أن أفضالك علي قد فاقت الحد!..
قال وهو يبتسم في فخر :
ـ لكن هناك سر صغير وراء تقبلك لكل هذه المتناقضات.. كنت ألعب على بقايا الإيمان الفطري بداخلك.. ما زلت ترتبط بجذورك التي نشأت فيها والتي تعتقد في وجود عالم غيب وقوى خفية ستجعلك تصدق..
ـ ألا يوجد بشري غيري لتغويه؟..
برقت عينه السليمة في جشع وقال بصوت كالفحيح :
ـ الأسرة لا تفرط في عملائها بهذه السهولة..
ونظر لي بجانب وجهه الذي لم يتشوه نظرة افتتان مريعة وهمس كأنه يحلم :
ـ كانت الأمور تسير على ما يرام لولا تدخلات الأقدار..
قلت في هدوء لا يتناسب مع الموقف :
ـ ما دام هناك أقدار لا محيص عنها.. إذن فهناك من يقدر..
هز ماركس رأسه في بطء قائلاً :
ـ أكيد أي بني..
ابتسمت قائلاً في سخرية :
ـ ماركس الشيطان يؤمن بوجود الخالق..
ـ طبعاً يا بني.. الإلحاد أحمق فكرة زرعناها في عقول البشر وبالرغم من ذلك وجدت رواجاً عالمياً مدهشاً..
هكذا بكل صفاقة يتكلم شيطاني المريد..
إنني أتضائل..
وواصل ثرثرته المحببة للنفس:
ـ صار الإلحاد هو موضة العصر.. الحصان الرابح الذي ينبغي أن نراهن عليه.. أنا أعتقد أن الدجل والسحر الأسود لن يكون له مكان إلا في المتاحف.. لكن بعض أفراد العائلة ما يزال يعتقد أن الطرق القديمة لها رواج بين البشر..
طبعاً هو يهمز بقية أسرته اللطيفة دون تصريح..
قلت له بامتعاض مصطنع :
ـ هؤلاء شياطين رجعين لو أردت رأيي..
تجاهل سخريتي قائلاً :
ـ إننا نمارس مهمتنا الأبدية منذ فجر الزمان.. الإضلال.
قلت له وأنا أفكر في أكل حنجرته إن كان له واحدة :
ـ هل تعتقد أنني سأطيعك بعد كل هذا..
أشار بكفه لما حولنا قائلاً باستخفاف :
ـ العالم كله في قبضتنا منذ فجر التاريخ ألا تنظر حولك.. ليس أمامك طريق أخر.. عليك أن تنضم للجانب المنتصر..
ـ هذا هو عالمكم الشرير الذي تقودون زمامه.. وليس عالمي المثالي الذي أبحث عنه..
ـ عالمك المثالي هو اليوتوبيا التي صنعتها لك..
ـ حلال عليك.. دعني وشأني وإلا حررت لك محضر بإزعاج السلطات..
قهقه وهو يضرب ظهري بكفه فارتجفت أوصالي كأن ماساً كهربائياً قد مر عبر أعصابي.. وسمعته يقول بلهجة لزجة:
ـ لقد عادت إليك روحك المرحة التي كنت أحبها كثيراً.. إننا نقترب مرة أخرى من بعضنا البعض..
لم يعد لدي سوى السخرية المريرة فيما يبدو .. فهو كائن لا يمكن الخلاص منه بالطرق التقليدية.. ومن يدري ربما قتلته من الضحك!.. قلت له بتعاسة :
ـ نقترب من بعضنا مرة أخرى!.. اسمع أيها الشيطان.. أنا رجل متزوج وأخاف على سمعتي بشدة..
صدعت ضحكته المدوية عالمي كله وعاد التيار الكهربي يسري من كفه الباردة إلى عمودي الفقري.. واضح أنني أقتل نفسي بطريق غير مباشر..
ـ مرح.. مرح..
ثم مسح دموعاً وهمية وأردف :
ـ لكنك على وشك فقدان زواجك يا مسكين..
فاطمة!.. لقد نسيتها في غمرة الذعر اللامعقول.. نظرت إليه في خواء والسيارة تنهب الطريق السريع بين الحقول.. الشعور بالعجز التام أمام ذلك الكيان المريع، يقتلني كمداً.. هو وإخوته كانوا سبب شقائي.. هو وإخوته لابد أن يدفعوا الثمن حتى لو كان في ذلك هلاكي..
لكن كيف؟..
قلت شارداً:
ـ زواجي هو أفضل وأسوأ شيء حدث لي في حياتي..
ـ مفارقة عجيبة.. لكنها ممكنة.. والأعجب أن زواجك يمكن أن يستمر..
التفت إليه وقلبي يدق كالطبل.. فرأيت على وجهه ابتسامة منتصرة وهو يردف :
ـ فقط لو فكرت في مواصلة مشروعنا الذي بدأناه سوياً.. لقد فكرت في الأمر.. من الحماقة أن تطلب من ضابط محترم أن يكون شيوعياً بالنهار ودجال بالليل..
قلت له في غباء :
ـ ألن يغضب هذا العرض إخوتك؟..
لوح بكفه قائلاً :
ـ ربما.. لكن أنا متأكد أنهم يوماً ما سيقتنعون بوجهة نظري تلك .. المهم الآن فكر في مستقبلك أنت مع فاطمة..
ـ لكن فاطمة... علوش أكد لي أن...
ـ هذا عبث أطفال.. لا تشغل بالك.. فلولاي لفتك بك علوش منذ زمان..
وفرقع بأصبعيه مكملاً :
ـ سيتوقف نزف فاطمة وستعود لطبيعتها..
فاطمة يمكنها أن تنجو من النزف وتعيش.. لكنها ستعيش مع مسخ.. أو سنفترق.. وتتركني اتعذب بفراقها..
هذا لو عاشت بعد ما فعلته بها..
وربما ظل ذلك الشيطان يطاردني ما حييت كاللعنة الأبدية..
يا للمفارقة..
السيارة تميل بحرفية عالية مع ميل الطريق.. لو كنت أنا الذي يقود الآن لما مر الأمر بسلام.. تباً!، لماذا أهرب من المواجهة إلى تلك التفاصيل التافهة..
يا إلهي.. أين المفر؟
***

 
 

 

عرض البوم صور عمرو مصطفى   رد مع اقتباس
قديم 08-11-17, 11:41 AM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مغامر ليلاس الأول



البيانات
التسجيل: Dec 2011
العضوية: 233726
المشاركات: 503
الجنس ذكر
معدل التقييم: عمرو مصطفى عضو على طريق الابداععمرو مصطفى عضو على طريق الابداععمرو مصطفى عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 266

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عمرو مصطفى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمرو مصطفى المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوتوبيا الشياطين (النسخة المعدلة)

 

10ـ أسرة لطيفة

فجأة ظهروا أمامنا كأنهم نشأوا من الفراغ..
ثلاثة من الرجال ومعهم سيدة يرتدون ملابس عصرية.. لكن لماذا تبدو لي هيئتهم مألوفة..
أطلقت السيارة فرملة حادة وتوقفت أمام الرجال بشبر واحد.. وأطلق ماركس سبة قبيحة لا تتناسب أبداً مع شيطان من عائلة محترمة..
رأيت نصف وجهه الذي لم يحترق يتقلص وهو يقول في ضيق:
ـ أبق في السيارة ولا تتدخل..
ـ من هؤلاء؟.. العائلة الكريمة؟..
قال وهو يفتح باب السيارة :
ـ ألا تذكرهم؟..
قالها وغادر السيارة وصفع الباب خلفه في عنف أحنقني.. هذه سيارتي أيها الحيوان ليس من حقك أن تتعامل معها بهذه الطريقة.. ثم تذكرت انها هدديته في الأصل فابتلعت حنقي.. لكن مهلاً..
أنا أذكر هذه الوجوه بالفعل..
هذان الشيخان هما الرفيق سيف والرفيق مراد!..
ولكم أن تخمنوا الشاب والفتاة..
أنهما الرفيق حسام والرفيقة سلمى التي اعتقدت يوماً أنها رائعة..
وأطلقت ضحكة منهكة وأنا أضرب مؤخرة رأسي بمسند المقعد عدة مرات..
لقد كنت محاطاً بشبكة حقيقية من الشياطين.. حتى الرفاق اتضح أنهم ليسوا كذلك.. وحمدت الله على أنهم تركوا لي أبي وأمي..
تذكرت صدقي التعس الذي راح ضحية لهذه الشبكة المقيتة.. فعلاً صدقي لا يصلح لدور شيطان.. إنه أقرب لبقرة عجوز تنتظر سكين الجزار ليريحها من عناء الشيخوخة.. ولقد قرر أن ينحر نفسه ليريحها.
الأن لم يعد لدي ما أفعله سوى الجلوس والمراقبة..
مراقبة تلك المواجهة العجيبة بين عائلة ماركس الكريمة..
سمعت الذي كنت أظنه يوماً الرفيق سيف وهو يقول:
ـ لم نتفق على هذا يا ابن أبي...
لوح لهم ماركس بذراعه قائلاً :
ـ هناك سوء تفاهم.. أنا ما زلت عند اتفاقي معكم..
قال الرفيق مراد وهو يكور قبضته :
ـ لقد تعمدت إزاحتنا من المشروع..
الكل كان يعمل من أجل مشروع واحد منذ البداية.. إضلال الزبائن الحمقى من أمثالي.. لكن أحد هؤلاء الإخوة تسللت إليه آفة الطمع، ربما انتقلت إليه من خلال مخالطة للبشر..
أراد ماركس الاستحواذ على المشروع وحده..
كأنهم يتحدثون عن مشروع تخرج.. هذا العالم يشبهنا كثيراً في جوانب عديدة كما ترون..
ورأيت ماركس يتراجع قائلاً :
ـ هذه إهانة يا ابن أبي.. كيف يصل بكم الحقد على نجاحي إلى هذا الحد المنحط..
حاولت قرص فخذي في غير تصديق.. هذا ليس حلماً... هؤلاء أسرة لطيفة من الشياطين، تتبادل الاتهامات فيما بينها، ويتحدثون بلباقة عن الانحطاط، وسوء الأخلاق الذي بدأ بعضهم ينحدر إليه..
ورأيت سلمى الرائعة وهي تشير ناحيتي:
ـ لقد كنا نشك منذ البداية في الطريقة التي تواجد بها الفاني الملحد هنا.. وأدى ذلك لصدامه مع الفاني الساحر.. لم نبتلع كون ذلك من قبيل المصادفة.. لكننا تظاهرنا بالعكس للنهاية.. والآن لم يعد لدينا شك في أنك كنت تعمل لحسابك الشخصي.. يا للعار.. تريد أن تلبس التاج وحدك..
لم أفهم سر ذلك التاج الذي تتكلم عنه.. لكنني خمنت أنه نوع من التقدير.. أو درجة علمية ما.. كما يحصل أحدنا على شهادة دكتوراه في أحد العلوم مثلاً..
الحمقى لا يعرفون السبب الحقيقي وراء تلك المأساة العائلية..
لقد فررت إلى الريف بإرادتي، لكن قدر الله أن يكون تكليفي في كفور الصوالح دوناً عن غيرها من القرى.. فقط لألتقي بعلوش هناك ويحدث الصدام ويقضي الله أمراً كان مفعولاً..
أنتم لا تديرون الكون وحدكم كما تظنون يا حمقى..
كان ماركس يتراجع للوراء أكثر.. يبدو أنه يفقد المزيد من ثقته بتراجعه هكذا أمامهم..
هنا تقدم الرفيق حسام ليحول بين إخوته الكبار وقد أوشكوا على الفتك بماركس..
ـ مهلاً يا أبناء أبي.. هذا أخينا أيضاً..
ـ ابتعد أيها الصغير..
قالها مراد بتوحش لكن حسام بدا عنيداً كالأطفال فعلاً، يبدو أن مراد قد ضغط على وتراً حساساً في نفسه:
ـ أنا لا أسمح لك..
هنا فكرت.. ولما لا.. سأسدي لرفاق عمري معروفاً.. سأرد لهم بعض جمائلهم التي أغرقتني..
قمت بإنزال زجاج النافذة المجاور، ثم أخرجت لهم رأسي عبرها قائلاً لهم في براءة :
ـ لحظة يا رفاق، فأنا لا أستطيع كتمان الشهادة.. أخيكم المبجل هذا حاول بالفعل مراودتي كي نواصل مشروع اليوتوبيا بدونكم.. لكنني لم أكن لأقف هذا الموقف المخزي الذي يفرق بين الإخوة وبعضهم البعض..
هنا التفت إلي ماركس في حدة..
أكاد أجزم أن عينه كانت ترمي بشرر حقيقي لا مجازي هنا.. وعلا زئير الإخوة كالنمور المتوحشة التي تستعد للوثوب على فريستها.. سيشهد الطريق الزراعي معركة لا يمكن تصورها بين تلكم الديناصورات.. لقد أدت عبارتي نفس دور عود الثقاب المشتعل الذي يلقى على البنزين..
وصاح ماركس في غل :
ـ هل ستصدقون ذلك الأدمي؟!..
وقف حسام بجوار ماركس قائلاً :
ـ أنا لا أصدقه..
وتوهجت عيون بقية الإخوة كمصابيح النيون فرفع ماركس رأسه للسماء وأطلق فحيحاً منذراً بالويل..
رباه.. فلنبتعد بالسيارة قبل أن...
السيارة تستجيب!.. مرحى لقد تخلى عنها ماركس أخيراً.. إنه يركز كل قدراته الآن في مواجهة إخوته الغاضبين..
ـ أنتم فشلة ولا تطيقون رؤيتي أنجح وألبس التاج وحدي..
قالها ماركس في توحش فوثب به الرفيق سيف برشاقة لا تتناسب أبداً مع سنه..
وقبضت أصابعه على عنق الأول وهو يزأر..
لكن لسان ماركس غادر حنكه وقد استطال جداً ثم التف بسرعة وليونة حول قبضة أخيه الرفيق سيف فتوهج الأخير كالشهاب وهو يعوي.. هنا وثب مراد لينقذ أخيه سيف قبل أن يتفحم والتحم مع ماركس على حين وثبت سلمى فوق ظهر حسام وهي تطلق صرخة حيوانية حادة.. احتدم الصراع بينهم فلم أعد أستطيع التمييز.. من الذي أكل ذراع من، ومن الذي بقر بطن الأخر لتخرج منها ثعابين تفح وتلدغ الأخرين.. هذا يشبه صراع القطط الذي لا يمكنك ملاحقته ببصرك من فرط سرعته المذهلة..
فقط علي أن أبتعد قبل أن تبتلعني دوامة الصراع تلك..
هذا صراع جبابرة لا مكان فيه لبشري هش مثلي..
وانطلقت بالسيارة كالقذيفة منحرفاً عن الطريق الذي تدور فيه المعركة وكالبطة الرشيقة وثبت السيارة فوق الحقول الناعسة على جانب الطريق.. لقد أفسدت فداناً بهدية بابا ماركس قبل أن أطمئن إلى أنني ابتعدت عن ساحة العراك المدمر..
ثم عدت للطريق الممهد مرة أخرى وصدى المعركة الرهيبة مازال يدوي في أذني.. لم أجرؤ حتى على النظر في المرآة الخلفية لأرى نتيجة الصراع.. ترى هل هلك ماركس؟.. لا شك أنه قوي لكنهم كثرة..
يبدو أنني سأتخلص منك يا ماركس أخيراً.. وسأتخلص كذلك من شلة الأنس كلها..
هنا شعرت كأن صخرة عملاقة قد هوت على مؤخرة السيارة ..
كان موقفي الأن هو نفس موقف الفأر الذي داس أحدهم على ذيله ليمنعه من الفرار.. واستدرت لأرى وجه سلمى الذي لم يعد رائعاً يتطلع إلي من بين الزجاج الخلفي المهشم..
***
كان رأسي يدور بفعل الارتطام العنيف لكنني حاولت التماسك وأنا أقول لها في حنق :
ـ سلمى هذه السيارة التي دمرتها كانت هدية زواجي من أخيك..
أطلقت فحيحاً غاضباً وهي تعبر من بين الزجاج الخلفي المهشم لتستقر في المقعد الخلفي.. إنه المكان المفضل للشياطين فيما يبدو.. وسمعتها تصيح بتوحش :
ـ لقد مزق إخوتي بعضهم البعض بسببك..
ـ هذا خبر سار!..
قلتها وأنا أفتح باب السيارة وأثب إلى الخارج..
وبدأت أعدو هارباً بين الحقول..
لقد مر بي هذا المشهد من قبل.. لكن في المرة السابقة كنت أفر من كلب أسود بلا ظل.. الأن أفر من شيطانة كنت أظنها يوماً رفيقة كفاح في اليوتوبيا..
سأتحول إلى ألة للعدو لا يمكن لشياطين الأرض إيقافها و ...
هنا ظهرت أمامي فجأة فأطلقت صيحة رعب عاتية جعلتها تقهقه بتلك الطريقة التي يجيدها الرعاع في الحانات..
ـ تعلم ألا تضيع الوقت في الهرب منا..
إنها كابوس كأخيها لا يمكن الخلاص منه.. الآن فقط أنا وهي وسط الحقول الممتدة إلى ما لا نهاية..
لماذا لا يطلع الفجر ويخرج الفلاحون إلى حقولهم؟.. لماذا؟...
أهويت على الأرض وأغمضت عيناي حتى لا أرى العينان الجهنميتان من تلك الزاوية المرعبة وانتظرت أن تأتي النهاية سريعة..
ـ ماذا تريدين مني؟..
انحنت علي وهي تبتسم في قسوة قائلة :
ـ لقد هلك جميع إخوتي الذكور.. هذا يعني أنني صرت الوريثة الوحيدة لمشروع العائلة..
لا .. لن نعود لهذا الملل.. قلت لها في غيظ:
ـ هذا المشروع شؤم لو أردت رأيي.. لو كنت مكانك لتنازلت عنه وبحثت عن أي عمل شريف ..
أطلقت فحيحاً ساخراً وهي تضرب على فخذها كالرعاع.. لقد تغيرت أخلاقك كثيراً يا سلمى.. أخيراً قالت بعد أن فرغت من الضحك :
ـ لقد كان أخانا الراحل أحمقاً حينما تصور أن موجة الإلحاد هي الموضة التي ستكتسح العالم.. لكننا نعتقد أنها فورة مؤقتة.. نحن لسنا شياطين رجعيين كما تتصور.. إننا نعمل بنظام علمي دقيق.. لقد توصلنا إلى أن الجندي الذي يؤمن بعالم غيبي.. جنة ونار.. بصرف النظر عن الإله الذي يثيب بهذا ويعاقب بتلك.. ذلك الجندي يختلف تماماً في ساحة العراك عن الجندي المادي الذي لا يعتقد في حياة أخرى.. إنه يتمسك بما يراه ويشمه ويلمسه.. ولن يفرط فيه لأنه لا يعتقد في وجود عاقبة من وراءه.. والأول يمكنه أن يضحي بكل ذلك بكل سهولة.. طمعاً في حياة أخرى.. أفضل.. ألا ترى أن أشد الحروب إهلاكاً كانت الحروب الدينية.. وأن فكرة الإلحاد تضع معتنقها أمام أسئلة شائكة بلا أجوبة.. وقد ينتهي به الأمر إلى الانتحار كما حدث مع رفيقك العجوز صدقي..
هؤلاء لا يمزحون.. الإنسان فقط هو الذي يمزح ويستهتر بكل شيء.. قلت لها :
ـ بعد كل ما ذكرت من حقائق مفجعة لي كبشري أحمق فهل تتوقعين أن أقبل بالتعاون معك.. ينبغي أن أصير شيطاناً مثلك مهمتي أخذ أكبر قدر ممكن من الخلق معي إلى جهنم.. هذه الحياة لا تناسبني يا سلمى.. فأنا لم تصل حماقتي بعد لهذا المدى البعيد..
استندت بمرفقها على فخذها وهي تميل علي قائلة :
ـ هل تظن أنك معنا ستعمل بدون إيمان ووعد؟.. إننا نخدم إله النور الحقيقي.. جلاب الضياء.. أمير البهاء.. ملك العالم السفلي ومدبره.. هذا هو إلهنا ومبتغانا.. وقد وعدنا وعد الحق.. سندخل ملكوته النوراني الأبدي.. سنفنى في ذاته العلية..
هنا لم أتمالك نفسي فأرسلت ضحكة مشروخة جعلتها تتراجع في حنق..
قلت لها موضحاً:
ـ كنت أظنكم شياطين درجة أولى.. واضح أنكم حمقى كأتباعكم من بني البشر .. حمقى ومستغلون من قبل أبيكم الكبير جلاب المصائب هذا..
صاحت وعينيها تتوهجان :
ـ تأدب أيها الفاني مع جلاب الضياء..
عضضت شفتي في قهر قائلاً :
ـ لو أردت رأيي هذه هي نتيجة تربية أخيكم المبجل ماركس.. كما أن أبيكم جلاب الهنا هذا لم يحسن تربيتكم أيضاً.. لقد مزقتم بعضكم بعضاً من أجل بشري فان..
ـ كفى!..
قالتها في حدة وهي تنتفض غضباً.. ثم إنها أطلقت زفرة حارة وهي تمرر أناملها بين خصلات شعرها الثائر بعصبية كأنها تريد أن تبدو أرق وأهدأ..
ـ لا تريد أن تعمل مع سلمى الجميلة؟..
قالتها هي تبتسم بتلك الطريقة التي كانت تسحرني قديماً..
لقد سيطرت على مشاعرها في لحظات سريعة بطريقة تحسد عليها.. إنها لمتمكنة.. لكن الأن وهنا.. هذه هي الدعابة التي لا تضحك أحداً يا سلمى..
قلت لها في بغض :
ـ فاطمة كانت أجمل وأطهر وأبهى منك..
ازداد توهج عيناها وبدأت حنجرتها تصدر أصواتاً ببرية خافتة..
ـ كيف تجرؤ على الرفض أيها الفاني؟.. أنت لا تتصور ما الذي يمكنني أن أفعله بك الآن..
الرفض يؤلم مشاعرهم حقاً.. كأني أرفض الزواج منها لا سمح الله.. نظرت إليها من أسفل في قسوة وحاولت أن تكون كلماتي أشد قسوة :
ـ لأنكم لم تستوعبوا الدرس بعد.. لقد صرت حراً يا ابنة الجحيم.. ولا يهمني ما ستفعلينه بي.. لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها..
قالت وهي تعتدل قائمة:
ـ يمكن للشاة أن تتضرر كثيراً قبل أن تذبح..
هنا تلاشى الحقل من حولنا ووجدتني ممدداً بجوار فراش فاطمة حيث تركتها تنزف.. لقد حدث هذا الانتقال بطريقة شيطانية لا شك فيها.. فأنا لست (مسطولاً).
ـ هذه هي فتاتك الرقيقة التي تنزف بلا سبب..
نظرت في جنون إلى سلمى التي وقفت بجواري واضعة كفيها في خاصرتها وهي ترمق ببرود فاطمة في فراشها..
ـ لن تمسيها بسوء..
هزت كتفيها وقالت كأنها لا تسمعني :
ـ في الحقيقة كان هناك سبب لنزفها.. إنه تخصصي..
في اللحظة التالية رأيت جسد فاطمة يرتفع في الهواء بثيابها الهفهافة البيضاء، وعينيها مغمضتين، فبدت لي كشبح أبيض رقيق يسبح في الفراغ..
شبح أبيض رقيق يقطر دماً!..
***

 
 

 

عرض البوم صور عمرو مصطفى   رد مع اقتباس
قديم 13-11-17, 05:14 PM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Feb 2015
العضوية: 289774
المشاركات: 1,941
الجنس أنثى
معدل التقييم: شيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسيشيماء علي عضو ماسي
نقاط التقييم: 4305

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شيماء علي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمرو مصطفى المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوتوبيا الشياطين (النسخة المعدلة)

 

رباه! كم فاتني من أحداث في الفترة الأخيرة!
أود لو أصرخ بالغبي مجدي أن يذكر الله وينطق آية قرآنية تخلصنا من بؤسه وبؤس شلة رفاقه لكن كما نقول هنا (البعيد جِبِّلَّه)!
يا أخي يعني أدركت كل تلك الحقائق وغفلت عن الحل!
يعتريني فضول عن حقيقة ما يحدث مع فاطمة
لا أظنه سوى وهم نسجته سلمى في عقل مجدي لإجباره على مساعدتها وفقط لكن فلأنتظر الأحداث القادمة
أما عن ملك مكب نفاياتهم ذاك وتاج نيرانهم فما زال علينا الانتظار قليلاً بعد لتظهر لنا لمحة عنهما ..
بانتظارك في الفصول القادمة إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور شيماء علي   رد مع اقتباس
قديم 13-11-17, 05:32 PM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2017
العضوية: 325063
المشاركات: 121
الجنس أنثى
معدل التقييم: ثرثرة حنين عضو على طريق الابداعثرثرة حنين عضو على طريق الابداعثرثرة حنين عضو على طريق الابداعثرثرة حنين عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 336

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ثرثرة حنين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمرو مصطفى المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوتوبيا الشياطين (النسخة المعدلة)

 

البارتات صارت تجنح للخيال ومع ذالك هي قمه في الجمال عالم الجن والشياطين وقدراتهم الخفيه عالم يثير الفضول والغوص فيه يحتاج للكثير من الوعي والابداع

الي صار الفاطمه شي مرعب مسكينه حطو حيلهم فيها بس يمكن يكون تصور شيما صحيح

ويكون الي صار مجرد تخييل غير واقعي وياليت يكون ذا هو الي صار

رحمت فاطمه

 
 

 

عرض البوم صور ثرثرة حنين   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(النسخة, المعدلة), الشياطين, يوتوبيا
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t205183.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 30-09-17 09:12 AM


الساعة الآن 06:10 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية