كاتب الموضوع :
عمرو مصطفى
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوتوبيا الشياطين (النسخة المعدلة)
خاتمة
ـ لقد انتهيت .
ظل الشاب ينظر إلي بعينين حمراوين كالدم من فرط الإرهاق والتعب بلا أي تعليق..
القصة لم تكن متوقعة له بالمرة..
ـ هذه القصة حدثت لك بالفعل؟..
ـ هل تريديني أن أقسم لك على هذا ؟.
ـ إنها أقرب لجو الروايات الخيالية..
قلت له مبتسماً :
ـ أنا لست روائياً.. ولا أحب قراءة الروايات أصلاً..
قال بشك :
ـ هل أنت متأكد؟..
قلت بلهجة جادة :
ـ تماماً كما أنني متأكد من كوني ضابط شرطة وأنت متهم هنا بالانتماء للشيوعية..
تراجع الفتى في مقعده وهو يهرش خلف أذنه.. ثم عاد ليقول :
ـ هذه الحكاية ببساطة أقرب لقصص الرعب منها لقصة تائب من الفكر الإلحادي..
ـ معك حق لكن أنا لا أريد منك أن تقبل الجانب الخارق من هذه القصة أو ترفضه.. فقط أريد منك أن تفكر في كل هذا الذي تعتقد.. هل رفاقك هم رفاقك فعلاً.. ربما كانوا مثلك ضحية للشيطان.. وربما كانوا هم الشيطان ذاته في جثامين إنس..
ـ أنت تحاول إخافتي مثلما كانت أمي تصنع معي كي أنام مبكراً.. هذه أغرب طريقة في الإقناع قابلتها..
ـ أنت لست طفلاً كما أنني لست بأمك..
ابتسم في حرج فعدت أقول له بلهجة صادقة :
ـ صدقني ليس لهذا علاقة بالوضع السياسي للبلد.. هناك مشاكل بين الدولة والأحزاب الشيوعية نعم.. لكن ما يهمني الأن هو ذلك الشاب الذي سيفقد مستقبله من أجل فكرة خائبة..
وسكت برهة ملتقطاً أنفاسي ثم أردفت بنبرة لا تخلو من حزن :
ـ الحقيقة أنني لم أكن بحاجة لخوض كل تلك الأحداث حتى أومن.. أنا فقط أوفر عليك كل هذا.. يمكنك أن تأخذ فرصة وتبدأ بداية حقيقية.. أو تواصل المشوار مع شياطين اليوتوبيا.. لكن لا أحد يضمن النتائج.. أنا لم أنجو لأني كنت الأذكى والأبرع في هذا الصراع.. لقد نجوت لأن الله قدر لي النجاة.
وقمت بجمع الأوراق التي أمامي بمعنى أنني قد انتهيت..
وظل هو جالساً أمامي مطرقاً للأرض يفكر..
كنت أعرف أن قصتي زعزعت عقائده لكنه لا يريد أن يعترف بسهولة.. إنها خبرة سنوات سابقة مع أصحاب هذا الفكر الإلحادي المادي.. معظمهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن الإلحاد فكرة مخالفة للفطر السليمة.. لكنها كذلك وسيلة سهلة للتخلص من عبء التكاليف الإلهية.. معنى وجود إله خالق لهذا الكون أن هناك قوانين تحكم الجميع.. هناك ثواب وعقاب.. جنة ونار.. أفعل ولا تفعل.. وهذا صعب على النفوس التي دأبت على الحياة البهيمية..
ـ ما يدريك أنني لن أخدعك وبمجرد الخروج سأعود لنشاطي..
قالها وهو ينظر لي بحذر .. قلت له ساخراً :
ـ ستكون قد أخذت فرصتك كاملة.. وحينما تفكر في العودة لتلك الأفكار فستجد نفسك جالساً هنا أمامي ثانية.. ساعتها ثق في أنك لن تستطيع التفرقة بيني وبين بقية الزملاء الأعزاء بالخارج.
ثم إني قمت من وراء مكتبي وتناولت سترتي من على المشجب قائلاً :
ـ كما أنني أثق في أنك ستخلص التوبة..
ـ من أين لك بكل هذه الثقة؟..
أجبته وأنا وأحكم غلق الأزرار :
ـ إنها الخبرة..
نظر لي بدهشة وأنا أستعد للمغادرة.. صاح :
ـ لكنني لم أعلن لك عن تراجعي بعد..
لوحت له بكفي قائلاً في ملل:
ـ ستفعل.. وأعدك أن إجراءات خروجك لن تطول.. فقط حاول حينما تعود لوالدتك أن تستسمحها.. أذهب معها لرؤية كاميليا أو سوسن.. أياً كانت.. لاشك أنها ستكون زيجة رائعة..
وتركته وغادرت المكتب قبل أن أسمع منه أي تعليق..
بالخارج قابلت أحد الزملاء الظرفاء فلما رآني صاح في دهشة:
ـ حمداً لله على سلامتك.. لقد خشينا عليك جداً!
ـ كانت جلسة علاجية طويلة.
ـ وهل أخرجت الجني الذي تلبس بالفتى أخيراً..؟
ابتسمت وأنا أواصل طريقي قائلاً في ارتياح :
ـ بلى.
***
تمت
عمرو مصطفى
القاهرة
1439 هـ
2017 م
|