كاتب الموضوع :
الوفى طبعي
المنتدى :
روايات عبير الاحلام المكتمله
رد: رواية لطالما احببتك .. بقلمي .. الوفى طبعي .. الفصل الخامس عشر
هذا ما كان ينقصه... ان يجد المرأتين التي هرب منهما تنتظرانه بالمنزل، هل هذا هو عقابه؟؟
أراد الهرب فذهب الى اخر مكان كان يجدر به الذهاب اليه.. لكنه لم يكن يعرف.. لم تكن لتسمح له بفعل هذا..
أذاه هربها كثيرا وحاول بشتى الطرق ان يجدها هذه الأيام الماضية لكنه لم يستطع كما لو ان الارض قد انشقت وابتلعتها..
كان يقنع نفسه انه يبحث عنها فقط ليعاتبها على عدم اخباره الحقيقة او ليعتذر منها على كل ما فعله بحقها من ظلم.. لكنه في النهاية ادرك انه لا جدوى من العثور عليها ليتركها بعد أسبوع فهذا سيجرحها اكثر وأنها فعلت الصواب بتخليها عنه والهرب منه...
لكنه لم يكن ليعود قبل أن يأخذ حقها من مالك ذلك الفندق... فواجهه وهدده بتدمير عمله اذا لم يعتذرعما جناه وفعله وامام كل الموظفين.. ولم يكتفي بهذا بل جعله يدفع لها كل ما قد حرمها منه من مرتبها كامل ومبلغ تعويضي عن ظلمه وإيداعه بحساب خاص بها...
كان يدرك ان هذا لا يعفيه من ذنبه وانه لا يغير شيء.. لكنه تمنى ان تدرك ذات يوم مدى ندمه وأن تحاول ان تعذر قلة حيلته وسذاجة تفكيره...
خرج من أفكاره على تهنئة شقيقه له بالسلامة والسؤال عن ايف فنظر للستة عيون التي تنتظر جوابه.. عيون تختلف بتعابيرها من عيون فرحة، قلقة، ومرتبكة...
فنقى حنجرته ليقول:" لن تعود الى هنا مرة اخرى، لقد انفصلنا".
صدم جميع الحاضرين بينما لفت سمعه قول تونيا الهامس وهي تقول:" لكن لم ينتهي الشهر بعد״.
لم يكن لديه أدنى شك انها تعرف الحقيقة منذ البداية ولكنه كان شاكرا لها عدم البوح لأحد بذلك.. بينما امسكه نيك من ذراعه سائلا:" ماذا حصل؟ اخبرني".
سحب ذراعه من أخيه ببطء وقال وهو يتوجه الى الدرج:" لا شيء، لكننا فهمنا اننا لا نلائم بَعضُنَا البعض".
صرخ نيك وهو ينظر لأخيه وهو يوليه ظهره:" هذا هراء، وانت تعرف هذا".
استدار ليون رأسه نصف التفاتة وهو ينظر اليه قائلا بجمود:" كل ما اعرفه انها خرجت من حياتنا ولن تعود.. من حياتنا كلنا".
فأدركت في تلك اللحظة انه يقصدها بكلامه.. أختها قد إختفت وهذا المرة لن تكون قادرة على إيجادها مرة اخرى...
----------------------------------------------
جلست على المقعد تراقب عمله في الحديقة وهي سعيدة جدا.. لن تنكر إنهما حين عادا الى المنزل في صباح ذلك اليوم.. انتابها الهلع من مجرد البقاء في الغرفة ذاتها التي كان يشاركها مع سارة في بعض الأحيان، فكان حاد الذكاء فأدرك الامر...
يومها احتضنها من الخلف وهو يراقب نظراتها للفراش فقال بحب:" لا داعي لأن تسمحي للخوف والغيرة أن تثير قلقك.. لقد أخبرتك أن علاقتي بسارة كانت علاقة اخوية وقد قصدت هذا.. انا وهي لم يسبق لنا ابدا، مطلقا، أن أقمنا علاقة... لطالما كانت علاقة عذرية تخللها القليل من القبلات واللمسات البريئة".
التفتت اليه فقرأت بين جفونه الصدق فتبددت مخاوفها وشكوكها الى الأبد.. ومنذ تلك اللحظة وهما يعيشان مع بعضهما البعض بهناء وسعادة شاركا عائلتيهما بها..
لكنها وهي تنظر الان الى السيد هورتن تشعر ببعض الحزن والالم تجاهه، فهي لا يمكن ان تنعم بالفرح وهي تدرك انه لولاه لما حصلت على هذه السعادة..
انتبه لمراقبتها فابتسم لها ابتسامة راحة فأشارت اليه ان يتقدم ليجلس بجوارها.. وما ان جلس حتى سألته:" هل تأقلمت هنا جيدا؟".
أغلق عينيه وتنفس الهواء النقي وهو يقول:" انه مكان مسالم.. وهنا أشعر بالطمأنينة وهناء البال".
"انا فعلا آسفة لأنني لم أستطع أن افعل الكثير لك، كلها عدة ايام فقط حتى تستعيد اسمك وتكون قادرًا على فعل ما تريد".
أمسك بكفها قائلا:" لقد سبق ان ساعدتني، أعطيتني المنفس والقوة لأواجه ماضيّ، وهذا اكثر مما طلبته يوما".
ابتسمت له بدورها قائلة:" انا مدينة لك آدم، لطالما ظننت ان الحياة عبارة عن الأبيض والاسود فقط متجاهلة الألوان الباقية.. لكنك أخبرتني عن نقطة الوصل بينهما، علمتني ان هناك لون رمادي، وليس بالضرورة ان يكون سيئا... شجعتني على أن أقوم بالخطوة الاولى لإنقاذ زواجي..".
شعرت بزوجها وراءها وهو يحتضنها من الخلف مكملا حديثها قائلا بامتنان:" لن أنسى صنيعك هذا مطلقا آدم.. وكم كنت أحب مساعدتك في العثور على ما تفتقده".
قبَّل ادوارد ميرا على جبينها ومن ثم التفت حول المقعد ليقف امام الجالسين وسأل:" هل تؤمن بالصدف؟ هل تؤمن انه من الممكن لأثنين ان يتقابلا فقط لهدف واحد؟".
توقف عن الكلام يحرك رأسه رفضا ليكمل قائلا:" أتعرف ماذا؟ أنا لا اؤمن بالصدفة.. لكنني أؤمن بالقدر... نعم، القدر... لابد انه القدر من يجمع شمل شخصين ليغيرا حياة احدهما الاخر الى هذه الدرجة...
تعرفتَ ميرا عليك في وقت كنت فيه انا مشتتا وضائعا، أتخبط بين الذنب وصفحات الماضي.. لأقابل رجلا على وشك فقدان كل شيء، فأخافني الشعور، وكثيرا..
فحاولت ان استجمع افكاري واقابل زوجتي في وسط الطريق.. أقنعت نفسي ان الطريق الى السعادة ليس بمستحيل..
وفِي الامس كنت في اخر أوج تحملي، حيث رأيت ذلك الرجل مرة اخرى وهو يكاد يتحول الى رجل غاضب ومرير، في محاولته لتبرير هجران سمراءته له...
تلك السمراء قصيرة القامة، ذات العيون البندقية، التي تخفي بداخل جفونها اسرار عميقة داكنة، وأسى رهيب... تهرب من مستقبل مشرق لتعيش في ماضٍ مخيف..".
أدرك انه أوصل مقصده حين رفع آدم رأسه ليسأل واللهفة تلف صوته:" وجدتها!! انت وجدت تونيا!!".
نظرت ميرا اليه بدورها مصدومة وهي تقول:" تقصد أن..".
" لم استطع ان اخبرك بشكوكي قبل ان أتأكد".
نهضت لتمسك ذراعه وتقول:" وهل تأكدت؟".
هز رأسه بإيماءة مبتسما ومن ثم نظر اليه مرة اخرى وهو يقول:" ما زالت تعيش على اطلال الماضي.. وتحتاجك آدم، تحتاج حنانك وقربك".
نهض آدم منفعلا وهو يضم كفيه معا سائلا بلهفة:" اخبرني عنها، كيف هي؟.. ماذا عن سيمون؟؟ لم تخبرني بشيء عنه".
نظر اليه وقال ببطء:" كم كنت أودّ لو كانت كل أخباري بروعة هذا الخبر".
صعق آدم بهذا القول فاهتزت كتفاه وارتعشت كفاه، بينما كان يتراجع للخلف ليجلس على المقعد وهو يتألم ويتعذب من فكرة ان سيمون لم يعد موجود في هذه الدنيا وأنه لن يعود لرؤيته ابدا، لن يحضنه مرة اخرى، لن يراه رجلا ناضجا وبالغا، او حتى والدا...
اقترب منه وأمسك بيديه قائلا:" انا أرجوك آدم لا تفقد الأمل، وتذكر انه قبل ايام لم يكن لدينا اي طرف خيط".
" اخبرني أرجوك، كل شيء".
تنفس بعمق ببطء:" عندما شككت بأنها من الممكن ان تكون نفسها الفتاة التي نبحث عنها، حتى اتصلت بالمحقق طلبت منه البحث عن اسمها؛ تونيا فيشر".
" فيشر؟".
" انه اسم عائلة زوجها، يدعى لويس فيشر، وبالحقيقة هو اكثر بكثير من زوجها.. انه صديق طفولتها ورفيق عمرها، ورغم إنهما في الجيل نفسه الا انه بمثابة والد لها... على الأقل هذا ما اخبرني به المحقق..
على ما يبدو انها ادخلت نفسها الميتم بعد هربها من الشقة بعدة ايام، ولم تخرج منه الا قبل عيد ميلادها الثامنة عشر بشهرين، وذلك حين غادر لويس الميتم؛ لقد فضلت المغادرة معه... وقد تزوجا بعد خروجهما بسنتين... آدم... لا اعرف ماذا حصل، ولكنها حين أتت الى الميتم كانت وحدها، لم يكن سيمون برفقتها".
" أليس هناك اي دليل عنه؟". تابع أسئلته حين أدرك نفيه قائلا:" كيف هي الآن؟ ولماذا تريد ترك زوجها؟ هل هو سيّء معها؟".
" بالعكس، انه يعبدها كثيرا ويعشقها عشقا لا متناهي، لكنها تخاف من التقدم خطوة للمستقبل، شعورها بالذنب تجاهك وتجاه سيمون يمنعها من ان تفكر ان تصبح اما، رغم انها الان مديرة الميتم ذاته الذي ترعرعت فيه".
" لطالما كانت فتاة حساسة، ويبدو انها لم تتغير".
اقتربت ميرا منه وقالت:" آدم، عليك ان تستجمع نفسك وتذهب اليها، لا تسمح لها أن تدمر نفسها، هي أيضا تحب زوجها لكنها تظن انها لا تستحقه، ربما ان تكلمت معها وافهمتها أن لا ذنب لها بما حدث وأنها كانت مجرد طفلة صغيرة بدورها، ستقتنع منك".
أوقفت نفسها عن التحدث ومن ثم نظرت لزوجها لتكمل بتفهم:" ان اصعب المشاعر على الإطلاق هي مشاعر الذنب.. حيث تقلقنا، تعذبنا، ولا تسمح لنا ابدا ان نسامح نفسنا.. في تلك اللحظات نحتاج الى شخص يقف لجانبنا، يساندنا، يدعمنا، يتفهمنا، ويُفهمنا اننا لسنا السبب، وان كل ما يحدث هو ما كتبه الله لنا... انه قدرنا ولا يمكننا ان نهرب منه ابدا".
سقطت دمعة آدم فقال وهو يحاول ان يستجمع نفسه:" لست مستعدا لمواجهتها... اموت شوقا لمعانقتها واحتضانها بين ذراعيّ، أن أمسد شعرها وأهمس بأذنها انه لا ذنب لها... لكنني خائف... أخاف أن تلومني، تتهمني ولا تسامحني.. اخشى ان ترفضنني وتحتقرني... لست جاهزا لهذه الاحتمالات..
أريد ان أتمالك نفسي.. استجمع شجاعتي، أشحن طاقتي قبل أن اذهب إليها، وآنذاك لن اسمح لها بالابتعاد عني، ساخبرها كم أحبها وكم اشتقت إليها، وأنني كنت افكر بها طوال هذه السنوات.. فهي إبنتي الكبرى".
اقتربت منه ميرا لتعانقه وهي تبكي، حين سمعت العذاب في صوته.. بينما كان هو يراقبهما وهو يشكر ربه على إعطاءه هذه المرأة المذهلة، صهباءته.. وأخذ يفكر كم كان على وشك فقدانها..
هز رأسه وهو يتفهم مشاعر آدم فقد سبق أن كان مكانه حين كانت الندم يغلف حياته.. وانه لولا اتخاذ حبيبته الخطوة الاولى لما استطاع السيطرة على مشاعره، لذا لن يسمح له ان يتهرب من مقابلته لتونيا، بل سيتصيد هو اللحظة المناسبة والجمع بينهما، وبهذه الطريقة قد يساعد كل المعنيين بالأمر والذين لهم فضل عليه.. آدم، تونيا، لويس، وأخيرا سيفرح قلب زوجته الصهباء...
----------------------------------------
|