كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفصل الثالث....
وما آلام الجسد سوى هوينة... فآلام القلب قد وازت نزع الروح من الجسد.
سواد قد تلبسته حلتا تنعي أيامها القادمة، فما عاد لها رفيق يؤنسها، ولا صدر يضمها، فالخواء قد احتوى جنباتها.
" حصة يا يومه.. كلي لج لقمة، مايصير جذا!!.. انت من الصبح ماكلتي شي..."
وما نفع الزاد لو خلى الجسد من الروح....
لم يصدر منها حرفا واحدا، وظلت على سكونها المهيب تجلس متربعة الأرض وذراعيها تحتضن جسدها ورأسها مطأطأ وظهرها منحني وعيناها لا تناظر سوى الظلام الذي احتلها برحيلها، لم تبكي عندما اكتشفت موتها وكأنها كانت تعلم بأنها توشك هي الأخرى على المغادرة خلف والدها وشقيقها عندما رأت قطرات الدم، فقد ودعت الدنيا بعد أن أوثقتها خلف جدران سجن تعرف أن نهايته موت محتوم.
" يا بنتي يا حصة.. اذكري ربج وترحمي عليها، ما يصير يابنتي ما تاكلين شي...."
حاول الجد مداهنتها والتحايل عليها فقد كانت فرصة أم صقر أن يتدخل الجد لتفك أسر دموعها وترتاح، ولكن لم تجدي نفعا.
دار برأسه على زوجة ابنه التي بادلته قلة الحيلة وعاد يركز بنظراته على حفيدته التي يراها تفلت من بين يده، فلم يتوقع أن تموت والدتها بهذه السرعة.. فقد تنبأ لهم الطبيب بعد الكشف بأنها مريضة (بالخمج الصدري، السل الرئوي) بأنها ستستمر بالحياة لمدة شهرين أو ثلاث ولكن العلم عند الله، فقد كانت مريضة منذ زمن طويل ولم تخبرهم، فقد أهملت نفسها وصحتها بعد وفاة زوجها وولدها وكانت النتيجة رحيلها عن الحياة تاركة خلفها روح بريئة لا تعرف لها طريق.
أذن لصلاة العشاء وهنا تحركت بوهن وكادت أن تسقط لولم تمسكها زوجة عمها أو والدة زوجها، لم تنظر لم تهمس وتحركت كما العجوز تسحب قدمها ودخلت غرفة والدتها وافترشت السجادة وكبرت تصلي العشاء ومن ثم سارت باتجاه السرير ونامت عليه بعد أن انتهت من صلاتها.
راقبها الجد بعجز وأيضا أعمامها ولم يكن باستطاعتهم فعل شيء من أجلها وتركوا الزمن يداوي جراحها.
وفي مكان آخر وخصوصا في خيمة الرجال التي نصبت بالخارج جلس الشباب بصمت بعد خلاء الخيمة من المعزين، وأخذوا يتطلعون لابن عمهم وهو يجلس بوجوم ولم ينبس بأي شفه منذ أن انتهى من اجراءات زفافه بالأمس.
كان بعالمه الخاص يفكر.. لقد تزوج!!.. هو لا يصدق هذا حتى الآن!!.. وليس هنا تكمن المشكلة.. بل بمن تزوجها!!.. فقال ابن عمه ابراهيم صغير السن، طائش، لا يدرك عواقب أقواله:
" أقول صقر... ما راح تدخل عند حرمتك وتعزيها بموتة أمها؟؟"
أصابت الشباب نوبة من الضحك فبادلوها بالسعال يخفونها خلفها، وتابع ابن عمه دون أن يفقه بأنه يرمي بنفسه بفك الوحش المفترس:
" أقول... اليوم بتدخل على ويه البومة؟؟.. ياع.. ما أتخيلك وانت وياها بنفس المكان.."
ولم يشعر سوى بقبضتين مثل الحديد تجتث منه الروح قد حطت على رقبته، فصرخ الجميع بجزع وأمسكوا بالصقر الهائج وحاولوا سحبه قبل أن يحل عزاء آخر بهذا المنزل.. صرخة باسمه قد حلت المعركة:
" صقر....."
وابتعد وأدار بجسمه بعيدا عنهم وبداخله يلعنها ويدعوا لها بالموت للخلاص منها للأبد.
" انت جنيت يا صقر؟؟.. صار لعقلك شي؟؟"
هتف والده بانفعال ولم يجد رد لسؤاله غير احتداد بمقلتيه وغير هذا لا شيء سوى السكون.
زفر الأب بضيق ثم قال:
" روح داخل... يدك يبيك بكلمة راس..."
وسار دون أن يلتفت أو يتحدث فما فائدة الكلام إن لم يجد من يصغي له.
طرق الباب ثم دلف ما أن سمع حس جده يأمره بالدخول، واتجه مباشرة ناحيته وانحنى مقبلا اياه على رأسه ثم أضجع بجسده جالسا بجانبه وناظر للأمام وحل الصمت بينهما حتى قال الجد كاسرا الجمود:
" يا ولدي يا صقر، أنا مازوجتك حصة جذا والطريج، لا.. أنا زوجتك لها... لأني عارف إنك قد الأمانة علشان تصونها وتراعيها، يا ولدي أنا ماني دايم لها وحتى أعمامها الله يطول بأعمارهم، حصة يتيمة ومالها حد غيرنا وأنا عارف إنك قدها وقدود إنك تصونها وتراعيها، وحصة لولوا غالي وماراح تلقى مثلها تصونك وتصون بيتك وعيالك، حصة يا صقر قلبها نظيف وطيب وانت تحتاي هذي الطيبة علشان تعينك بهذي الدنيا... "
حرك الجد عصاه واستطرد:
" بس سالفة الكف قوية... قوية وايد يا صقر..... وما راح تنعاد مرة ثانية "
قال جملته الأخيرة بتشديد وتوكيد قم سكت قليلا وتابع الحديث والجمود قد بلغ مبلغه من صقر من هذر لم يستسغه:
" ألحين حصة بذمتك وهي حرمتك ولازم تتحمل منها، هو ماكان راح يصير العرس إلا لين تكبرون شوي بس بعد ما صار لازم يصير العرس قريب بس بيتأجل شوي لين هي تطلع من الحالة يلي فيها وبيكون عرس سكيتي لا حفلة ولا رزيف...."
وهنا شخر بداخله باستهزاء:
" هذا يلي ناقص.. ويه البومة تلبس فستان وتحط مكياج والله حاله..."
وارتد رأسه بسرعة حين استطرد الجد قائلا:
" ألحين روح وجوفها واسألها عن أحوالها، وحاول تخليها تاكل شوي..."
وأكمل الجد مهمهما بحسرة وعيناه تناظر الأرض:
" ما هي عاجبتني أحوالها... لا صايرة تاكل ولا تشرب، استغفر الله العظيم، يالله تعدي الأمور على خير...."
نهض صقر راغبا بالفرار مما يريده جده القيام به ولكن مجبر على هذا، وكم تمنى بداخله أن تكون هي من توفي بدل زوجة عمه.
سار مغاضبا وعلاماتها قد ظهرت بحاجبيه المعقودين وفمه المزموم، وجسده المتصلب. وصل لمنزلها والذي لا يبعد عن المنزل الرئيسي سوى بخطوتين، فالجد أراد أن تكون عائلته حوله وأن تكون قلوبهم واحدة ومتحدة، ولم يدرك بأن للقلوب رأي آخر.
لم يطرق الباب ودخل لتقابله أمه وهنا صاح مطلقا العنان لصوته التائق لإخراج ما بجوفه:
" هو يعني لازم أجوفها؟؟.. يعني مو كفاية إنكم مزوجيني غصب عليها؟؟.. ولا... تبوني بعد أتحمل منها وأراعيها بأكلها وشربها، يليتها بعد تسوى... يلعن أبو شكلها.."
زجرته أمه وهي تدفعه للخلف:
" صه.. واقطع السانك، البنت تعبانة وانت ياي ترفع صوتك هنا؟؟.. وتقول عليها هذا الكلام!!.. خلاص.. ألحين ما منه فايدة الصراخ، يلي صار.. صار وانتهى، وثاني شي... الشكل أبدا مو مهم، أهم شي الأخلاق الزينة، وطيبة القلب، وصدقني ماراح تلاقي مثل حصة تحافظ على بيتها وتتحمل منك...."
تنفست بعمق وهدأت من ثوران أعصابها وتابعت:
" يا وليدي يا صقر... انت افتح عيونك زين وراح تلاقيها أحلى البنات..."
لم يعجبه حديثها ورفض أن الشكل ليس مهما، وصرخ بداخله:
" بل هو مهم".
وصاح بوجه مكفهر:
" انزين... ألحين هي وينها؟؟.. خلينا أجوفها علشان أفتك وأروح غرفتي تعبان وأبي أنام.."
" يوم انت ماتبي تجوفها عيل ليش ياي؟؟"
وهتف بقلة حيلة:
" ليش... انتوا خليتوني أسوي يلي ابيه؟؟.. صرت أنا مثل البنت يلي تتحكمون فيها وما عاد لي شور أبد، فكملوها عادي وقولولي بعد متى أكل ومتى أشرب أو أطلع......"
قاطعته الأم باستهجان:
" خلاص فهمنا... فهمنا، هذيج غرفتها هناك...."
وتحرك يضرب الأرض ضربا وينفث دخانا من أنفه وفمه فنادته والدته برجاء وضح بمقلتيها:
" يا وليدي... ولي يرحم والديك، هلـ الله هلـ الله في اليتيمة..."
أرادت أن تذكره وتنبهه بأنه ما عاد لها سند سواه، ولكنه لم يهتم قدر اهتمامه بالانتهاء من هذه الزيارة الثقيلة على قلبه، وقف على عتبة الباب وتطلع للسرير الذي قصاده وشاهدها نائمة ملتحفة الغطاء ولا يظهر منها شيء، فتراجع دون أن يطل عليها بنظرة أخرى وقال لوالدته وهو يتجاوزها بسرعة:
" فكتنا... هي نايمة...."
وخرج فتنهدت الأم بضيق من الأحداث التي حصلت متتالية، التي لم تتركهم ينفسون الصعداء، تحركت هي أيضا مغادرة بعد أن طلت عليها تطمئن عليها ولم تدرك بالفعل بأنها مستيقظة وسمعت كل كلمة قيلت بحقها، وأنه ما عاد يهم ما يقال، فالقلب قد احترق وانكوى، فما بقي شيء لتخسره.
غطت رأسها بالغطاء وأسدلت رموشها تتدعي النوم فلعله يرحم حالها ويسرقها بالفعل للبعيد كما تتمنى ويتمنى هو.
******************
مرت أيام العزاء الثلاث وحصة على ما هي عليه من حال بل أسوأ، فقد غارت عينيها بمحجريها، وشحب وجهها ليغدوا كما الأشباح، وعانقها الهزال وصار الوهن رفيقها، وما عادت تتلفت لأي انسان كأنها غدت لوحدها بالفعل، ولا كائن حي يعيش بجوارها.
جلس الجد بهم في مجلسه وهتف للجميع من حوله بقلة حيلة بيد مغلغلة غير قادر على فعل شيء من أجلها:
" البنت بتروح من ايدنا... شو الحل معاها؟؟"
ارتفعت الأصوات تتحدث أيضا قلة الحيلة، وصوت الأعماق لأحدهم نطق بالأفضل أن يكون رحيلها السريع عن دنياهم وتنتهي معضلة الجميع، طرق الباب....
" هود.. هود يا أهل البيت..."
فز ابراهيم ولد سلطان وانطلق يستسقي زائرهم ثم عاد بسرعة وهو يقول:
" يدي.. يدي.. هذا ريال يقول انه خال حصة وجا من السفر..."
فزت النسوة وخرجن من الباب الآخر ووقف الرجال بانتظار ضيفهم وأقبل... صالح بـ 35، الشقيق الوحيد لأم محمد ( موزة ) وهو الباقي من أفراد عائلتها، فبعد زواج شقيقته سافر لكندا للدراسة وبقي هناك ولم يعد... لاطمئنانه بأن شقيقته بأيد أمينة، تزوج هناك وعمل واستقر، وكان الاتصال الوحيد بينهم هو جهاز صغير قربت بينهم المسافات، وبعد سنين من الغربة عاد والصدمة تشله من أن شقيقته قد فارقت الحياة دون أن يلقاها ويودعها، ونسي أن الموت لحظة وأن الروح ما أن يأمر الله حتى تهفوا وتخرج ولا تقدم ولا تأخر.
" السلام عليكم..."
ردوا تحيته وتقبل عزاءهم وجلس سائلا عن الأحوال حتى جالت عيناه باحثة عن الفرد الباقي من أسرته:
" عيل وين حصة.. ما أجوفها؟؟"
اغتم وجه الجد وأجابه:
" البنت في بيتها... من ماتت أمها وهي حالها ما هي حال.."
" لا حول ولا قوة إلا بالله... طيب ما أخذتوها لدكتور نفسي؟؟"
فصرخ العم سلطان باستنكار:
" ليش... البنت ما هي مجنونة علشان ناخذها لدكتور نفسي؟؟.. أمها ماتت وهي زعلانه عليها وشوي تتعود وتسير الأمور عادية"
بهت الخال لثوان وأسر:
" ومين ألحين تكلم عن الجنون؟؟.. البنت تعبانة نفسيا والدكتور النفسي بيطلعها من حزنها ..."
فقال الجد بثبات ورفض لما يريده هذا المغترب من ادخاله عليهم من علوم الغرب التي تعلمها في بلادهم:
" بنتي حصة ما عليها إلا العافية، وعلوم الانكليز خلها ليك مو محتايينها، وهذاك ريلها إن شاالله بيعينها وبعاونها..."
صدمة... ذهول.. وتساؤل:
" شو قلت؟؟.. ريل حصة!!..."
والتفتت عيناه باحثة عنه بين الجموع وشاهده هناك يجلس برأس مرفوع، وصدر منفوخ، وعيون صقرية حادة غاضبة ورافضة وأيضا صغير السن، فهتف :
" أكيد تمزحون؟؟.. حصة عمرها 16 سنة، وهذا الولد كم عمره؟؟.. 19 أو 20 سنة...."
وأجابه صقر:
" عمري 17...."
فصرخ بانفعال ورفض لهذه المعتقدات البالية التي ما يزال البعض متمسك فيها بأن الابنة ليس لها سوى ابن العم:
" احنا وين عايشين علشان تزوجونهم وهم اصغار؟؟...."
فأجابه الجد بصلابة:
" ولد عمها وهو أولى فيها..."
فصاح وهو يشيح بيده:
" الدنيا تطورت وانتوا بعدكم عايشين بجهلكم إن بنت العم لولد العم!! ..."
ضرب الجد بعصاه الأرض وهدر وعيناه تقدحان نارا:
" صالح.... مالك حق تجي وتطالب وتعترض دام انك بعيد وما شاليت ولا حطيت فخليك مثل ما انت...ولك الاحترام لين ما ترجع لبلادك.. والبنت بنتنا ومالك شور عليها..."
فتح فمه يريد الرد عليه إن أنه لم يستطع، فما قاله صحيح، وما كان هناك بصيص أمل عند الصقر للخلاص من الحبال التي طوقته تكسر وتناثر وعاد الوجوم يستحوذه، فيبدوا بأن لا أمل للخلاص.
" ودي أجوف بنت اختي..."
" قوم يا صقر ووصل نسيبك لحرمتك..."
نهض دون كلمة وتبعه صالح بخضوع وأخذ يتطلع لزوج ابنة شقيقه وعدم التصديق يجول ويصول بفكره ويتساءل... بأي قرن هم يعيشون؟؟
وصل وتوقف صقر عند عتبة الباب وأشار للمنزل دون أن تكون له الرغبة بالدخول ورؤيتها .
" اتفضل.. هي داخل الغرفة هاذيج..."
ودار على عقبيه وغادر خارجا من المنزلبأكمله، وعلم الخال بأنه هو أيضا يخضع لهذا الحكم الجائر مجبرا، وتساءل بهمس:
" كيف راح تكون حياتهم هذيلا الاثنين؟؟... الله يعينج يا حصة على هذا الريل.."
دلف للغرفة التي تقبع فيها وكانت متوسدة سريرها وناداها بهمس خفيض:
" حصة... حصة.. أنا خالج صالح..."
فتحت عيناها وخفق قلبها بشدة، وهي ترى وتشم ريحة من والدتها، وهنا انتفض جسدها واهتز مرتعشا، وما كان خلف السدود حتى انكسر وأعلنت عن فاجعة ما حل عليها، وخرج طوفانها الجارف ينعي فقدها العظيم، فسارع الخال للامساك باليد الممدودة ومواسيا لها.
" خالي... أمي.. أمي.. راحت.. راحت.. يا خالي، وتركتني.. أمي ماتت.. ماتت..."
وانخرطت في بكاء دامي وحار على صدره وتلقفها بذراعيه يشدد من أزرها...
" استغفري ربج يا بنتي واطلبي من الله الرحمة، ادعيلها يا حصة وبجيج ما راح يفيدها بشي.."
لكنها لم تستطع سوى ذرف المزيد من الدموع تبكي شقاءها، نبذها ويتمها... تشبثت به كما الغريق، وشدها لصدره يشد من أزرها حتى مر الوقت عليهم وهي دامعة العين شاهقة النفس وهمست بوجل:
" زوجوني يا خالي، زوجوني وأنا بعدني صغيرة..."
ابتعدت عنه بتعب وأسندت رأسها للخلف وأكملت:
" أنا حتى ما كملت دراسة... بعدني أول ثنوي..."
هز رأسه وأجابها بأسف:
" عرفت توي إنهم زوجوج لود عمج، يدج قال إنج كنت محيرة له يوم مات أبوج وأخوج الله يرحمهم..."
ناظرته بأمل وشاهد بريقه وقال يجيبها بأسف دون أن تسأل:
" أنا يا حصة مابيدي شي، أنا عايش برع وما أقدر أرجع لهنا، شغلي وبيتي وحرمتي وعيالي كلهم هناك، انت تعرفين هذا الشي... ويدج هذا راسه يابس وأصلا انت خلاص متزوجة وشورج عند ريلج..."
وكأنه بحديثه يستدعي الجولة الأخرى من دموع قهرها، وأنزلتها لتخبره بعجزها وضعفها ولم يكن بيده سوى التربيت على رأسها وامدادها بالصبر والجلد.
تحدث بعد برهة قائلا:
" أنا برجع لكندا بعد يومين، الشركة يلي اشتغل فيها ما رضت تعطيني اجازة أكثر من يومين.."
لم تجبه واكتفت بإغلاق عينيها فما بقي لها سوى محاولة الهروب من واقعها سوى بالنوم.
مر اليومين وصحتها تحسنت قليلا وهلل الجد مستبشرا بنهوضها أخيرا ولكنها اعتكفت الصمت، حتى جاء خالها يودعها للمغادرة:
" اسمحيلي يا بنتي لازم أروح، خلينا على اتصال نفس كل مرة ولا تنقطعين...."
لم يجد جواب وتابع وهو يهمهم ويخرج ورقة من حقيبته الصغيرة:
" كنت والله مجهز لج تأشيرة سفر يوم عرفت حرمتي إن أمج ماتت قالت لي أجيبج علشان تغيرين جو، والحمدالله كانت عندي نسخة من صورة جواز سفرج، لكن ألحين صعب لأنج متزوجة...."
وقاطعته بارتداد قوي وبهتاف أشد وهي تتمسك بقشة للنجاة من براثن جهنم ابن عمها:
" وأنا موافقة على السفر معاك يا خالي...."
|