كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 58 - طائر بلا جناح - مارجري هيلتون
نست هلين مشاكلها واحزانها وهي تستمع بشفقة الى الصغيرة جوليت ثم قالت لها بحنان :
"اعرف ذلك يا عزيزتي لان امرا مماثلا حدثلامي عندما كنت طفلة رضيعة"
هزت جوليت برأسها علامة الفهم والاستيعاب وتابعت رواية قصتها :
"بعد ذهاب والدتي اضطررت للسكن مع جدي و جدتي لان والدي لم يكن قادر على الاعتناء بي بمفرده انه مدير شركة لانتاج السكر وتكريره في العام الماضي اتى الى لندن لتمضية عطلته السنوية وعند انتهائها اردت العودة معه الى سلمندر ولكنهم لم يسمحوا لي بذلك لقد افتقدته كثيرا بعد ذهابه وكنت ابكي لفترة طويلة كلما وصلتني منه رسالة لدرجة ان جدي وجدتي وافقا اخيرا على زيارتي له .انظري ..."
وسحبت جولييت زنارها الحريري الناعم وقالت :
"انظري لقد خسرت بعضا من و زني فقد امتنعت عن تناول الطعام اكثر من مرة ومن الآن فصاعدا ساهتم كثيرا بوالدي وارعاه فانا كبيرة بما فيه الكفاية انني في الثامنة من عمري "
وتوقفت جولييت عن الحديث لالتقاط انفاسها ثم تطلعت نحو هيلين وسالتها :
"وانت هل ستهتمين بوالدك مثلي "؟
هزت هيلين رأسها علامة النفي وقالت :
"لا اني ساعيش مع زوجة ابي و ابنتها فوالدي اصيب بنوبة قلبية في العام الماضي وكان عليه الذهاب الي مكان آخر للاستشفاء "
رفعت جولييت حاجبيها وكأنها فهمت كل شيء وتطلعت كل منهما نحو الاخرى بشيء من الشفقة والعطف وكانت جولييت سباقة في الخروج من جو الحزن وشرود الذهن فتغيرت ملامحها فجأة وكأنها تذكرت تعليمات معينة كادت تهملها وقالت بلهجة جدية :
"هل اضايقك بحديثي او بتصرفي "؟
دهشت هيلين لهذا التحول المفاجئ واجابتها فورا :
"ابدا معاذ الله كنت منزعجة من طول الرحلة ومن انني لا اعرف احد على الطائرة يمكنني التحدث معه "
ظهر الارتياح على وجه جوليت وقالت :
"وانا ايضا كنت منزعجة ولكن جدتي اوصتني بألا اشكل ازعاجا للآخرين "
"لا لست مزعجة على الاطلاق ولكن ..."
ترددت هلين لحظة ثم اضافت قائلة:
"ولكن ليس من الحكمة دائما مصادقة الغرباء فكم هنالك من اصحاب السوء الذين يبدون للوهلة الاولى اناساً طيبين ومهذبين"
"اعرف ذلك جدتي اخبرتني ولكن بامكاني ان افرق بين الناس الطيبين فعلا اولئك الذين يتظاهرون بالحسنى"
وقالت هيلين لنفسها وكانها تخاطب جوليت بصمت :
"وهل بمقدورك فعلا يا حكيمتي الصغيرة؟ اتمنى ان تتذكري يا حبيبتي ان الاتكال على الغريزة فقط لا يمنع الانسان من الوقوع في الخطأ"
في هذا الوقت بدأت المضيفات بتقديم اطباق الطعام والتهمت جوليت جميع الاصناف المقدمة اليها وكأنها عازمة على استعادة ما خسرته من وزن باسرع ما يمكن. الا ان شهية هيلين كانت شبه مفقودة ,ولذا عرضت على جارتها طبق الحلوى المخصص لها فأخذته جوليت بسعادة فائقة, شاكرة اياها على مبادرتها الطيبة. وظلت هيلين خائفة لمدة عشر دقائق تسأل نفسها ما اذا كان من الحكمة اعطاء حصتها للفتاة الصغيرة , وبأي ذنب ستشعر اذا اصيبت معدة جوليت بارتباك وألم نتيجة لذلك. الا ان شيئاً من هذا لم يحدث, بل على العكس فقد استمتعت كثيراً بمأكولاتها, وقالت لهيلين :
"اشعر الآن بتحسن كبير "
ثم استرخت في مقعدها وتنهدت قائلة :
"اتعلمين انني نسيت تقريبا ملامح والدي, لقد مضت سنة بكاملها من غير ان اراه "
"سوف ترينه غداً ان شاء الله, ولم يعد يفصلنا عن الغد سوى سعات قليلة "
"اتمنى ان يأتي الغد في هذه اللحظة "
لماذا لا تحاولين النوم قليلا يا حبيبتي؟ الوقت سيمر سريعا اذا كنت نائمة "
|