كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 58 - طائر بلا جناح - مارجري هيلتون
" هل نحن الآن فوق افريقيا "
ابتسمت هيلين و ردت بالايجاب .
"ان افريقيا كبيرة جدا من حيث المساحة, أليس كذلك؟"
وقبل من ان تتمكن هيلين من الرد عليها, وجهت اليها جولييت سؤالا بمنتهى الجدية, وبصوت هامس تقريباً :
"ارجوك يا هيلين ,هل يمكنني البقاء معك ؟اعني عندما تحط الطائرة في نيروبي وننتقل الى الطائرة الاخرى "
"بالطبع يا حبيبتي, سأبقى معك حتى أتأكد من ملاقاتك والدك. اما الآن فيجب ان نجمع اغراضنا لنكون جاهزين تماما لمغادرة الطائرة لدى وصولها الى نيروبي "
ولكن عندما حطت الطائرة الضخمة في مطار العاصمة الكينية, اقتربت احد المضيفات من جولييت وتولت امر انزالها قبل الركاب, مع ان الفتاة احتجت بتهذيب على ذلك, لأنها ارادت النزول مع رفيقة سفرها. ودعتها هيلين بابتسامة تشجيعية, مفترضة ان المضيفة تطبق التعليمات الصادرة بهذا الخصوص, والتي تنص على تسليم الطفلة الى مسؤولين في شركة الطيران الاخرى يتولون هم مسؤوليتها لحين صعودها الى الطائرة الثانية.
كانت فترة الانتظار تزيد على الساعة. وهي مدة طويلة اذا امضاها الانسان بفرده, الا انها ليست كافية بتاتا لمغادرة المطار والقاء نظرة سريعة على معالم المدينة .وتنهدت هيلين بحسرة لأنها على ارض افريقية ستغادرها الى غير رجعة, ومع ذلك فأنها غير قادرة على مشاهدة اي شيء في نيروبي سوى المطار. وكانت سلواها الوحيدة ان المطار نفسه كان جذابا بأبنيته الجميلة و حدائقه الرائعة التي تسبح تحت اشعة الشمس الافريقية الساحرة.
وكمعظم المسافرين العابرين توجهت هيلين الى متجر المطار الذي يجذب السياح عادة بما فيه من مصنوعات وطنية جميلة, وخاصة اليدوية منها, بالاضافة الى البطاقات الملونة الرائعة.
اختارت هيلين عددا من تلك البطاقات الملونة ثم ذهبت تبحث عن مطعم. وطوال هذا الوقت كانت عيناها تبحثان عن جولييت بدون جدوى, و في قاعة الطعام انتقت هيلين ركناً هادئاً وطلبت كوباً من عصير الفاكهة ,وبدأت تختار اسماء الذين سترسل لهم بطاقاتها. هذه لسارة وهذه لكيم, واما تلك التي تظهر كثافة الاشجار فسوف ترسلها الى ليز لانها زارت مرة تلك المستعمرة الشاسعة للحيونات البرية قرب نيروبي . وهذه البطاقة الخاصة والمميزة لكفين, وتلك عن الطائر المائي الطويل العنق والساقين, الفلامنكي, فسوف ترسلها الى ...
سقط القلم من يدها و تدحرج الى ما تحت المقاعد. وضاعت افكارها بين الماضي والحاضر ,وشعرت بغصة وألم شديدين عندما اخذت تتذكر الوطن و من تحب .اين هم الآن يا ترى ؟ وماذا يفعلون ,سارة وليز و كيم و ... اية مسرحية باليه يتدربون عليها هذا الصباح ؟ اعلى هذه ام تلك؟ ام على المسرحية التجريدية الجديدة لمارك كايلار التي كان يعدها للعرض في كوبنهاغن عاصمة الدانمرك ؟ واخذت هيلين تتخيلهم مهرولين الى المسرح ومتجمعين داخل القاعة يطالبون ببريدهم او ...
رفعت هيلين يدا مرتجفة الى جبينها وعضت على شفتيها بقوة هل ستستطيع الهروب من ذكرياتها ؟ هل ستتمكن من مواجهة الواقع المر بأن حياتها الفنية انتهت وانها لن تعود ابدا الى ......
وقفت فجأة ووضعت بطاقتها بعصبية داخل حقيبتها وبدأت تمشي كان عليها ان تتحرك, ان تسير, انت تفعل شيئا اي شيء بدلا من الجلوس بمفردها بين هذا الحشد من المسافرين تحارب ذكرياتها وتقاوم احزانها. ثم تطلعت الى ساعتها. لقد حان تقريبا موعد اقلاع الطائرة اين هي جولييت الآن يا ترى ؟
ارغمت هيلين نفسها على نسيان الماضي ولو لفترة وعادت ادراجها الى قاعة المسافرين العابرين. وبمجرد وصولها سمعت احدى الموظفات تعلن عن اقلاع طائرتها المتجه الى سلمندر, تطلعت حولها علها تشاهد جولييت, ولما لم تجدها توجهت مسرعة نحو الطائرة.
وفي الطائرة استغربت هيلين كيف ان فتاة صغيرة لم تتعرف عليها الا منذ بضع ساعات تمكنت من اكتشاف شعور الضيق و الانزعاج الذي يخيم عليها .وارغمت نفسها على الابتسام قائلة :
|