كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 58 - طائر بلا جناح - مارجري هيلتون - عبير القديمة
"جستن... هل أنا في حقيقة أم في خيال؟ هل أنت الآن فعلاً لي؟".
"كما أنت لي. نعم يا هيلين... أنا أحبك كثيراً".
ثم ابتسم وسألها:
"هل تشعرين بعد بالغيرة من لوسي المسكينة؟".
هزت برأسها وهي لا تزال بعد مغمضة العينين.
"لم يكن هناك أي سبب لذلك. صدقيني يا حبيبتي! لقد انتهى كل شيء بيننا منذ زمن طويل. نعم، لقد نمت في حديقتها الساعة الرابعة صباحاً... على ذلك المقعد الموجود قرب بركة السباحة".
ثم تنهد بارتياح وتابع شرحه لما حدث:
"عندما انتهت عملية الإجلاء والإنقاذ، لم أكن أفكر إلا بشيء واحد وهو العودة إليك. وكنت كنت مستعداً لأن أحضر بأية وسيلة نقل متوفرة. وصادف وجود لوسي آنذاك، فقبلت دعوتها شاكراً. لم أكن راغباً في الذهاب إلى بيتها والاستحمام هناك، مع أني كنت في حالة يرثى لها وبحاجة إلى حمام ساخن. كذلك لم أكن أرد الشراب الساخن الذي أصرت عليّ لتناوله. ولكن التهذيب الاجتماعي فقط حملن رغماً عني على القبول".
كانت هيلين تستمع إليه وهي غارقة في بحر من السعادة والامتنان. أخيراً، تحققت أمنيتها وما كانت تصبو إليه منذ بضع سنوات.
"توقفت بي السيارة في بارونا لنفاذ الوقود. وكانت تعج بالنساء والأطفال الذين أحضرتهم مناندانيو. كان جل همي في تلك الليلة نقل أكبر عدد من الأشخاص بعيداً عن منطقة البركان وتأمين المأوى لهم. سرنا حتى المرفأ، ثم أخذت إحدى الناقلات العسكرية وعدت لإحضار أشخاص كانوا قد قطعوا نصف المسافة سيراً على الأقدام. في تلك الفترة كانت لوسي في قاعة الاجتماعات تعمل مع بقية المتطوعين على تأمين ما يلزم لإيواء العمال وعائلاتهم. عرضت إيصالي إلى البيت، فقبلت شاكراً. ولكنها كبقية النساء، أرادت أن تستحم وتبدل ثيابها. وسألتني إن كنت أمانع بانتظارها نصف ساعة، فلم أتمكن من الرفض. لم أعلم أن نصف ساعة سيطول معها هكذا. وشعرت بالنعاس يتملكني... ولم أنتبه لنفسي إلا عندما لسعتني حرارة الشمس. وكانت لوسي قد قررت بدون استشارتي أن تدعني أنام قليلاً... وهذه هي القصة الكاملة بدون زيادة تو نقصان".
لم تعلق هيلين بشيء ولكن عينيها اللتين كانتا تشعان ببريق الحب عكستا ارتياحها البالغ واقتناعها الكامل. فما كان منه إلا أن أشعل سيجارة وسألها بحب:
"لماذا لم تخبريني قبل عدة أسابيع؟ لهذا لم تصدر عنك أدنى إشارة إلى ما تشعرين به نحوي؟".
أغمضت عينيها وأزاحت وجهها بعيداً عنه ثم أجابت:
"وكيف كان بإمكاني أن أقدم على شيء كهذا؟ ألم نتفق على أن زواجنا سيكون صورياً وشكلياً؟".
"اوه، أعلم ذلك. ولكن هل كنت تظنين أنه كان من السهل عليّ أنا مفاتحتك بمسألة أكثر الحاجات الطبيعية للزواج؟".
"أنا لم... لم أردك فقط لأجل... لأجل تلك الحاجة. أردت حبك... كل حبك، وليس...".
تنهد بعمق وهو يقاطعها قائلاً:
"آه من ذلك التحفظ المتعجرف! لقد أحببتك بكل جوارحي منذ تلك الليلة التي طلبتك فيها للزواج".
دهشت هيلين وارتفع حاجباها تعجباً واستفساراً، ثم قالت:
"هل تعني أنك كنت...؟".
أجابها بابتسامة تعلوها مسحة من الحزن:
"نعم. لقد أحببتك منذ ذلك الوقت. ولكنك لم تحبينني في تلك الفترة...هذا على الأقل ما أعتقده. وأشك كثيراً في ما إذا كنت ستقبلين الزواج بي آنذاك زوجاً وحبيباً. أليس هذا صحيحاً؟".
"لا أدري. لقد بدأت أحبك قبل زواجنا. ولكن أثناء الزواج، كان الوقت قد فات... إذ أننا عقدنا اتفاقاً كإحدى الصفقات التجارية. وبعد ذلك لم أتمكن من...".
"تلك الاتفاقية اللعينة والمشؤومة! آه، كم من مرة لعنتها وشتمتها في يقظتي وفي أحلامي! أتذكرين دورين؟ الليلة الأولى في شهر العسل؟ لقد ضايقتني كثيراً هدية جولييت لك... مع أنني أحببتك أكثر لأنك وفيت بوعدك لها. ضايقتني... لأنه كانت لدي خططي الخاصة بي للفوز بحبك وبقلبك. اعتقدت انني عندما أهديك ذلك العقد... وأضعه بنفسي حول عنقك... أنك ربما لاقيتني في منتصف الطريق! أعني...".
ثم تنهد بقوة متأسفاً وتابع حديثه المتردد والمتلعثم قائلاً:
"أعني أن اموراً كانت ستحدث. خطوة منك... وأخرى مني. كنت آمل في أن تسير الأمور سيراً حسناً منذ البداية، وان يجد كل منا في الآخر الشريك الحقيقي لحياته، ولكن...".
وهز رأسه بأسى ثم قال:
"ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن. لا بل بالعكس... فقد اتسعت الهوة بيننا حتى وصلت إلى هذا الحد".
ظلت هيلين صامتة تتأسف على أسابيع السعادة التي كان من الممكن عدم إضاعتها. ورأته يتطلع إلى ساعته ثم سمعته يقول:
"أعتقد أننا مضطران للعودة إلى المنزل... وإلا فإن حملة تفتيش مؤلفة من جولييت وحدها، أو مع ألي على الأكثر، ستكون هنا بين لحظة وأخرى".
ثم ابتسم وقال لها بحنان ظاهر:
"يعجبني شعرك هكذا، متدلياً ومسترخياً على كتفيك بحرية وبدون قيود. هل ستتركينه على هذا الشكل بين الحين والآخر؟".
"طبعاً، ما دام أنه يعجبك".
صمت جستن قليلاً، ثم قال لها بلهجة تجمع بين الجد والهزل:
"لأنك متعبة ومرهقة ويجب أن تذهبي فوراً إلى النوم بدون الاضطرار للرد على أسئلة قد تكون محرجة، فسوف أطلب منك أن تعيدي إلى وجهك الآن تلك الملامح الجدية والهادئة التي تعودت جولييت على مشاهدتها".
وخفض صوته إلى درجة الهمس قائلاً:
"إنك الآن تبدين على حقيقتك الحلوة... امرأة عاشقة ولهانة، وجدت حبها الضائع... واستمتعت به".
ثم طوقها بذراعه وقال لها وهما يعودان إلى قفصهما الذهبي:
"احتفظي بالجدية والهدوء طوال... فترتي الصباح وما بعد الظهر ففي المساء... يبدأ شهر العسل الحقيقي".
نهاية
|