لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-05-24, 11:35 PM   المشاركة رقم: 1751
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موجز أخبار الفصل 28 والمقتطفات


أولا موجز الأخبار


دانيا وانكشاف حكايتها

~~~~~

جوزاء وما أدراك ما جوزاء مدرسه للتأديب والتهذيب
أخت مطر بتغني ( ناويلك على نيه بس أصبر شويه)

~~~~~

جنون تيم وتمرده على الجميع

~~~~~

اعتراف صريح بالحب يصرخ به عاشق تعب من كبت مشاعره

~~~~~

مطر في وضع محزن وصعب ما يدري يلقاها منين والا منين

~~~~~

رواح واتخاذه قرار صعب

~~~~~~

ماريه تدفع ثمن اتباعها لساندرين وقراراتها المتهورة

~~~~~~

زيزفون تغيير قناعاتها وتهدد شخص

~~~~~~


المقتطفات

ما أن وصل باب الغرفة وقف أمامه متردداً للحظات فهو لا يعلم
كيف سينقل لها الخبر وما تأثيره عليها بالرغم من علمه المسبق
عن مشاعرها نحوه ومشكلتهما الأخيرة لكنه شعور فطري يتغلب
علينا كبشر حين نتكفل بمهمة نقل خبر سيء لأحدهم فمثل هذه
الاخبار لا يمكن التكهن برد فعل متلقيها .

*****

كان يتوقع هذا منه ، ومن صوت الكرسي الذي سمعه يُسحب على
الأرض ثم يقع علم بأن الأمر فاجأه فوق توقعاته لذلك قال يعيد
مجدداً

" قلت هل هي موجودة لديك يا جبران ؟ تحدث ولا توقع نفسك
في مشكلة مع مطر شاهين لأنه متجه هناك أيضاً "

*****
ابتعدت عنه تنظر لقفاه بأسى حزين وهو ينحني ويضعه في
مكانه قبل أن تبعده ناحية النائم في الطرف الآخر من الغرفة
أو المغمى عليه بمعنى أدق والله وحده يعلم إن كان سيفيق
أم لا وما سيجلبه الأمر لكلاهما من مشكلات .

*****
أحاطتها ذراعاه مجدداً وبقوة أكبر زاده كلماتها التالية والتي جعلته يتمنى أن امتلك جناحين ليطير بها بعيداً عن الجميع ما أن قالت بحنان تدفن وجهها في صدره
" وجودك وحده ما يجعلني أقوى في مواجهة كل ما يحدث "

*****
" ورقة وصلت من القصر الرئاسي مختومة للوزارة تخصك "
ولم يترك له مجالاً ولا لتقبّل ذلك أو التفكير فيه وهو يلقي عليه
بالأخرى والأشد قائلاً
" لقد تم تكليفك برئاسة جهاز المخابرات "

" ماذااا !! "
*****
" وبالحديث عن الزوجة أليس من المفترض أن تكون رجلاً يُعلم
زوجته كيف تكون امرأة تستحقه لا أن يتحول لمراهق آخر يراقب
تصرفاتها ويضحك "

*****
وقع في فخ ذكائها والغباء الذي سببه مشاعره
نحوها !
أم أنه الكيد الذي يسري في عروق النساء جميعهن ؟!
وهل يمكن مقارنة هذه بباقي النساء !!
نظر نحوها مجدداً وحرك رأسه بيأس منها وابتسمت
شفتاه وهمس
" ما هذا الذي فعلته بي يا ....

*****
" سأكرر مجدداً لا تخرج ولا أحد يدخل لها ومهما كان وكانت
صفته وقال لكما ، ولتعلما جيداً لن تكون عقوبتكما هينة إن
غادرت أو مسها أي سوء "

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 06-05-24, 11:38 PM   المشاركة رقم: 1752
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 


إن شاء الله الفصل 28 ينزل خلال يومين أو ثلاثه بالكثير

الفصل كامل ومراجع فقط انتظر اتواصل مع برد بشأن شيء

محدد قبل ما أنزله لكم

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 07-05-24, 02:22 AM   المشاركة رقم: 1753
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2017
العضوية: 323617
المشاركات: 83
الجنس أنثى
معدل التقييم: فوفوه عضو على طريق الابداعفوفوه عضو على طريق الابداعفوفوه عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 227

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فوفوه متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي مشاهدة المشاركة
  
إن شاء الله الفصل 28 ينزل خلال يومين أو ثلاثه بالكثير

الفصل كامل ومراجع فقط انتظر اتواصل مع برد بشأن شيء

محدد قبل ما أنزله لكم

بالانتظررررر اخيرررررا جات في وقتها بوقت قلة وجوود روايات مميمزه واقلام مبدعه

 
 

 

عرض البوم صور فوفوه   رد مع اقتباس
قديم 08-05-24, 09:00 PM   المشاركة رقم: 1754
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



الفصل الثامن والعشرون

المدخل
بقلم Najat mahmoud

لجميع أبطال الرواية من الحالك

اتسألني كيف حال قلبي مع من عشق و هوى
و حال كل القلوب من بلاد الحالكِ حالكٌ

اتسألني! و انت ادرى بذاك الوادي و ما حوى
فسبيلنا للقاء الاحبة طويل و موجع و شائك

أتواسي منا الايتام و إنَّ اهون ما عاشوه اليتما
ففي كل ركن منفي او سجين او من هو للدنيا تارك

تلمَّس التراب في ازقتنا يعطِّرك مسكا و دما
و لاتغرنك البسمة ففي كل جوف قلب متهالكٌ

سرب أحلامنا مر في العلا و اكتفى بوداعنا من السما
و شغلنا عن وداعها حمل السلاح وقهرٌ ومعاركٌ

*********
****


لا توجد عبارة يمكنها وصف ما شعرت به حينها وهي ترى
مسدسه موجهاً نحوها ونظراته التي كانت لا تفهمها قبل
لحظات أصبحت ذاتها التي رأتها في عينيه حين طردها من
شقته فالأمر تعدى تهديد الواقفين في الأسفل كما يبدو !
بل ولا تهديدها هي بهم لتغادر معه فهو بهذا لا يهددهم
بقتلها بالتأكد .
تركت أصابعها سياج الشرفة ودخلت الغرفة بل وغادرتها
بخطوات شبه راكضة ونزلت السلالم ووجهتها باب المنزل
الذي اجتازته دون أن تسمح لعقلها ولا قلبها بالتردد
والتراجع ، بل ولم تهتم لكلمات فاليريو الذي كان يحاول
منعها حتى توقفت بسبب أصابعه التي التفت حول رسغها
موقفاً إياها وقال ما أن نظرت لعينيه

" ماري توقفي لا... "

لكن كلماته توقفت مع تحرر يدها منه ما أن شدتها بقوة
وقالت وهي تدير ظهرها له متابعة سيرها وبكلمات جادة
منخفضة

" الأمر بيني وبينه لا تتدخلوا رجاءً "

ونزلت عتبات الباب تحاول النظر فقط لعينيه دون تهرب ولا
خوف بالرغم من أنها وقفت أمامه وقلبها يرتجف كورقة
صفراء تدلت مفارقة شجرتها فمواجهة شخص تحبه
وادعاء القوة أمامه أشد صعوبة من فعلها حين يكون
الشخص الواقف أمامك عدواً لك ، لكنه ولحسن حظها لم
يكن يرى ذلك فيهما بل نظراته الغامقة الغاضبة كانت
موجهة نحو شيء آخر ظهر جلياً له حينها وهو الصليب
المتدلي من أذنها لتظهر أمامه الآن وكأنها تقتنيه متعمدة ،
ورغم كل ذلك شجعت نفسها وهي تحاول تنظيم أنفاسها
اللاهثة المضطربة وقالت بكل ما استطاعت لتكون نبرتها
جامدة قوية

" ها أنا أمامك ويمكنك قتلي دون أن تجلب
المشكلات لنفسك ولغيرك "

قالت آخر كلمة تشد على كل حرف فيها لعله يفكر في
الكثيرين الذين سيتسبب بالضرر لهم بسبب تصرفاته
المجنونة هذه بينما هي عدوه الوحيد حالياً ومهما كانت
الأسباب والمتسببين في كل هذا ، كي لا تذهب هي
وتضحيتها أدراج الرياح .

" ماري دفسينت "

لم تستطع تمالك ارتجاف يديدها التي كانت تشد أصابعها
بجانب جسدها بقوة حين همست شفتاه بتلك الكلمة
وابتسامة ساخرة تزين شفتيه ونظراته التي تبدلت للسخرية
أيضاً لم تفارق ذاك القرط وكأنه يوجه كلماته له بينما نزلت
يده والقاذف الذي يحمله فيها وكان يسنده على كتفه
ليصبحا بجانب جسده وكأنه لم يسمع او يهتم لأي كلمة
ممّا قالت !
وكاد ارتجافها أن يتغلب على أطرافها فهي أضعف من
مواجهة أمور كثيرة لا تخصه فكيف إن كانت تقف أمامه
هكذا المذنب والجاني والمعترف بخطيئته وبكل جرأة ؟
لكنهم من اختار لها هذا ولا خيار أمامها غير المضي فيه
لذلك رفعت رأسها بحركة خفيفة وكأنها تبعد خصلات
شعرها المتطايرة أمام وجهها بينما كل ما فعلته حينها هو
الهرب من ضعفها وهو ينقل نظره لعينيها ترتدي قناعاً لم
تعرفه سابقاً مدعية الصمود الهش مجدداً أمام رجل يسري
حبه كالدماء في عروقها وقالت بكلمات خرجت من عمق
مأساتها بالفعل وهي ترسم ابتسامة ساخرة أيضاً وإن كانت
لا تعبر سوى عن انكسارها ووقوفها في مواجهة حاضرها
القاسي وحيدة

" بل ماري مديتشي ، أليس هذا ما تم اختياره لي ؟ بل وما وجدته مارية هارون نهاية الأمر "

تبدلت نظراته للسواد الغائم مجدداً وكانت تعلم بأنه يفهم ما
تقول بشكل مغاير لما تقصده لكنها لا تهتم فهي تتحدث مع
أحدهم بصفتها مارية على الأقل فاليومين الماضيين استنزفا
مشاعرها حد الجنون .

كانت أنفاسها تختفي تدريجياً وهي تنتظر شفتاه التي
رحمتها في وقت أطول مما توقعت وقالها بدون سخرية ولا
استنقاص حينها ونظراته المخيفة لم تترك عينيها

" بل يبدو أنك من أراد هذا ومنذ البداية "

شعرت بكلماته ذبحت روحها قبل قلبها حتى لم تعد تستطيع
مواجهتها بالقوة الهزيلة التي كانت تدعيها وهو يتهمها بأن
الوصول إلى هنا هو ما أرادته من قبل مجيئها!

لم تكن لتتقبل إهانته تلك كمذنبة تستحق ما يحدث معها وكل
كلمة يقولها لها فهي تبقى امرأة ضعيفة ومعرضة لذاك
الموقف في أي وقت ورغماً عنها فهل سيقتلها ويدفنها
حينها ؟ ارتفع رأسها مجدداً عند تلك الفكرة وهمست
بكلمات ساخرة متأنية

" وها قد وصلتْ له "

رمشت عيناها بقوة مع إجفال جسدها وإن لم تتحرك من
مكانها حين امتدت يده لأذنها وبسرعة لم تتداركها إلاّ وهي
تشعر بالألم فيها حين أمسك بذاك الصليب وشده نحوه دون
اهتمام للألم الذي شعرت به حينها .. وهل سيهتم ؟
لا بالتأكيد ولا هي أيضاً فلم تكن تشعر بالألم في أذنها بل
في قلبها كما يفعل بها ويحدث معها في كل مرة آذاها فيها
أو تأذت بسببه ، لكن النظرة التي رأتها في عينيه كانت أشد
قسوة من مشاعرها كافة وهو ما جعلها تقول بما تبقى لها
من قوة وبكلمات جاهدت أن تكون باردة صلبة

" لا يمكنك فعلها فهو يمثلك أيضاً تيموثي لا تنسى هذا "
لم تستغرب قَط تبدل نظراته تلك اللحظة بسبب ماقالته لأننا
نحن البشر نكره فطرياً مهاجمتنا بالعيوب التي نمتلكها
والأخطاء التي نقترفها ونهاجم من يمتلكها متناسين ذلك
وهو ما جعلها تتابع سريعاً ولم تفارق نظراتها عينيه
الغارقة في ظلام موحش وبحركة قوية غاضبة من رأسها
بالرغم من الألم الذي تسببت به لنفسها بها تهمس بانفعال
غاضب كي لا يسمعها الواقفون خلفها بعيداً

" تيموثي الذي أباح له واجبه نحو وطنه فعل كل شيء
لأنه مجبر على هذا لكن مارية الفتاة المسكينة التي تركها
وحيدة في تلك البلاد لا توجد ظروف تجبرها على ما أُكرهت
عليه ؟ "


لا تفهم لما أرادت أن تبرر له بأن تلك العلاقة المزعومة
مع براء كانت رغماً عنها وكأن قلبها يبحث فقط عن سبل
تبرئتها في عينيه ومهما كانت الطريقة وهو ما كرهته في
تلك اللحظة وما جعلها تتابع وهي ترغم كل كلمة على
الخروج

" ولأنها عبء وعلى الجميع عليها فقط أن تموت إن بمسدسك أو بماري دفسنت والخيار لك "


لو أنه يجيد قراءة لغة العيون لفهم حينها أن كل ما تقوله
غير حقيقي وبأن قلبها ليس مصدره لكنه لا يجيد هذا
بالرغم من أنه كان ينظر لهما تحديداً ، للأحداق الذهبية
الغارقة في الدموع تقول ما عجزت عنه كلماتها وتودعه
الوداع الأخير لأنها كانت تنتظر فقط قراره فإما أن يقتلها
بالفعل أو أن يعترف بها كماري الفتاة الإيطالية ويتركها
وللأبد ، خياران كل واحد منهما أقسى من الآخر على قلبها
لكنها نهايتها المحتمة وعليها فقط تحملها وتقبلها من أجله
ومن أجل الجميع .

أغمضت عينيها بقوة تمنع صرختها المتألمة من الخروج
وإن كانت خرجت بصوت مكتوم داخل حنجرتها حين شدَّ
الصليب الألماسي من أذنها بحركة قوية جعلته يخترق
لحمها ليصبح في يده وأخفضت حينها رأسها ولازالت تقاوم
الألم بعينين مغمضتين بقوة كحال ملامحها المتألمة
وأنفاسها القوية تشعر بالدماء الدافئة تسيل على عنقها
ببطء بينما اشتدت أصابعه عليه بقوة قبل أن يرميه تحت
قدميها هامساً من بين أسنانه

" لك هذا إذاً ماري لأنه بالفعل ما يليق بك "


فتحت عينيها حينها تنظر له أمام قدميها تمسك نفسها عن
الانفجار باكية وكل الألم الذي كانت تشعر به في أذنها
أصبح في قلبها الآن ورفعت رأسها ببطء تكابد بقوة
دموعها من النزول وصراخها الباكي من الخروج وهي
تنظر له من بين الدموع السابحة فيهما وهو يبتعد عنها
يعيد تثبيت ذاك السلاح على كتفه كمحارب غادر أرض
المعركة منسحباً لأنه لا يؤمن بقوانينها ، بل كان ينتزع
قلبها من بين أضلعها ويأخذه معه .. مع تيم الطفل الذي
سكن قلبها وأحلامها لأعوام طويلة ، مع بلدة حجور
بشوارعها وطرقاتها .. والدته وصوتها الحنون والذكرى
التي جمعتهما بها ، بل وحتى مارية الطفلة وضحكاتها
أخذها معه ورحل ينتزعها من روحها انتزاعا ولا خيار
آخر أمامها .

ارتفعت يدها لوجهها ولامست بظهر كفها شفتيها الباكية في
صمت وهي تراه من بين دموعها وقد توقفت خطواته فجأة
وإن كان قد وقف مكانه ولم يلتفت نحوها أو يستدير بجسده
ولا تفهم لما شعرت حينها وكأنه يمنحها فرصتها الأخيرة !
وكأن أحلامها تمد يديها نحوها وتبني جسراً بينهما يأخذها
مجدداً إليه لتخبره بأنه ملاذها الوحيد .. مارية تعالي أنا
وطنك عائلتك ماضيك وحاضرك ومستقبلك لا تقتلي الحلم
مدعية إحيائه لأنه إن مات فلن يولد من جديد .
كانت روحها تتمزق مع كل عبرة تغادر أضلعها وهي تراه
واقفاً مكانه قد جمع كل أحلامها وأمنيتها في رجل عشقته
وبكامل تفاصيله عاش في قلبها طفلة وامرأة وحتى حين
كان بعيداً عنها ، وعليها الآن أن تتخذ قراراً قد تندم عليه
ما عاشت ، وكل ما تمنته لحظتها أن ركضت نحوه بالفعل
وحضنته وأخبرته بأنها لم ولن تحب رجلاً غيره ولم تخنه
يوماً لا بقلبها ولا مشاعرها ولا جسدها لكنها عاجزة ..
عاجزة عن فعلها ولا يمكنها أن تكون مثله حين اختار
لحظاتهما معاً بالرغم من كل الخطر المحدق بهما لأنها لا
تريده في حاضرها فقط بل وللمستقبل أيضاً وفي كل يوم لها
في هذه الحياة فهما لم يختارا هذا الواقع التعيس لكنه
اختارهما للأسف .

ولأجل كل ذلك لم تستطع فعلها ولم تمتلك الشجاعة لأن
ترمي بكليهما للمجهول فقط لتكون بجانبه ، واكتفت بأن
ودعته دموعها وهو يبتعد مجدداً ويختفي عنها قبل أن
تنهار جالسة على الأرض يداها تشتدان في قبضتين على
فخذها تنحني نحو الأرض تحتها تسقيها بدموعها والدماء
التي كانت تغادر أذنها نحو طرف وجنتها متجهة نحو
تربتها الرطبة .


*
*
*
طرق على الباب مجدداً ونادى بصوت أعلى من سابقاته

" تيما تحدثي على الأقل لنعلم بأنك بخير "

قال صقر الواقف خلفه وبنفاذ صبر

" توقف يا قاسم ... بما أنّها اختارت هذا فهي تريد أن تكون وحيدة "

استدار ناحيته وحرك يده قائلاً بانفعال

" وفيما سينفعها هذا ؟ أنا أخشى أن لا تكون بخير "

تنهد بضيق بسبب صوته المرتفع وأمسكه من ذراعه وابتعد
به من هناك وإن مكرهاً وقال

" هي بخير تعالى إلى هنا وارحم نفسك أيضاً "

وكانت النتيجة كما توقعها أن نفض ذراعه محرراً إياها منه
وقال بحدة

" أي رحمة هذه ؟ "

وتابع من فوره ويده تشير نحو المكان الذي كانا فيه

" وما سيجدي سجنها لنفسها سوى أن تتعذب وحيدة
وفي صمت "

حرك صقر رأسه متنهداً بعجز فهو لم يجني شيئاً سوى
إبعاده عن ذاك الممر ، وبالرغم من تفهمه لموقفه قال
بضيق وهو يشير نحو المكان ذاته

" وما النفع من خروجها فهو لن يغير فيما حدث شيئاً ،
أتركها تُقنع نفسها بالطريقة التي تريد "

وكان رد فعل المقابل له أن انتفض بغضب وصرخ ضارباً
بأصابع كلتا يديه على صدغيه

" لا إقناع ولا إقتناع في الأمر إنه ضرب من الجنون "

ولم يترك له مجالاً لقول أي شيء وهو يتابع من فوره
وبكلمات حازمة وسبابته تشير أمامه نحو ألا شيء

" أنا من سآخذ زوجتي من هنا ووالدتها معها أيضاً
وليحاسبني القانون حين يجدني فأنا لم أخالفه "

كان دور صقر حينها ليصرخ بغضب مصدوم

" أي جنون هذا يا قاسم !! "

صرخ من فوره وسبابته تشير نحو البعيد هذه المرة

" الجنون هو فعل ما يقوله أولئك الحمقى "

وتابع مباشرة ودون أن يترك له مجالاً لقول أي شيء

" أكنت ستمانع إن كان مطر من قرر هذا وليس أنا ؟
الجميع كان سيرضى دون أي اعتراض "

اتسعت عينا صقر لما سمعه منه وقال من فوره مدافعاً عن
رأيه ووجهة نظره

" لأنها ابنته والأخرى زوجته وابنة عمه "

وكالمتوقع تماماً فقد أشعلته تلك الكلمات وقال بحدة
يشير لنفسه

" وأنا إحداهما زوجتي والأخرى والدتها وابنة خالي "

واجهه صقر بالحدة ذاتها قائلاً

" هل سألت نفسك إن كانت ستوافق هي أو والدتها على
هذا ؟ أم ستجبرهما وتتشتت العائلة مجدداً "

نظر لعينيه بصمت للحظات وهو يتذكر كلماتها في الخارج
ورغم ذلك قال بضيق ينظر لعينيه

" وهل ستجتمع بهذا ؟ أتراهن على أن مطر سيسلمهم عمه
ليبقي العائلة مجتمعة ؟ لا تحلم بذلك خالي أبداً "

كان رد فعل صقر الصمت التام ينظر لعينيه لأنه لا يمكنه
نكران ذلك بالتأكيد ولا تكذيبه بينما لم ينتظر هو منه هذا
وقد تابع من فوره وبحدة

" لن يسلم خالي دجى للموت أنا أعرفه جيداً وسيختار
أبسط الحلول وهو موافقة شرطهم ذاك وتعلم جيداً ما
سيكون الناتج عنه "

كان رد فعل صقر الصمت مجدداً أمام الحقيقة التي لا مناص
منها وشد على أسنانه وكأنه يفرغ كل ما يشعر به بهم بينما
لم تترك نظراته عينا قاسم التي دمجت الغضب والأسى معاً
في مزيج لا يحكي سوى عن قسوة عجز الرجال ومرارتها
ويفهم جيداً ما يشعر به وما يعنيه وهو الوصول للنتيجة
ذاتها وهي تشتتهم أيضاً وبطريقة أبشع وأشد قسوة من
وجود كل واحد منهم في بلاد ومكان .

تنهد نفساً عميقاً قبل أن يقول وبكل ما استطاع من هدوء
وإن بدا الحزن جلياً في كلماته

" لن يكون أمامنا سوى الرضى والتسليم لأنه من اختار هذا
وهو أهون من فقدان دجى وللأبد "

لكن لا هدوءه ذاك ولا كلماته جعلت العدوى تنتقل للواقف
أمامه والذي كان يحمل قلب عاشق التفكير بغيره أمر لا
وجود له لديه لذلك قال سريعاً وبانفعال واضح

" لكنهما سيتطلقان وللأبد أيضاً وستنتقل حضانة الأبناء
له ... "

أبعد صقر نظره عنه متنهداً بأسى بينما تابع هو ملوحاً بيده
وكأنه يشير بها لمن يتحدث عنهما

" وإن رضي هو بهذا ووافقته غسق تحت مسمى الكبرياء
وأيًّا ما يكون ذاك فماذا عن هذه ... ؟ "

وقال أخر كلمة وهو يشير بيده هذه المرة ناحية الممر
المجاور لهما وحيث باب الغرفة الذي تركاه قبل قليل وتابع
بأسى وحرقة دمجت الرفض أيضاً في نبرة صوته

" ماذا عنها وهي لا تفكر في شيء في الوجود كالتفكير
فيهما وفي أن يكونا معاً وأن ترى وتشعر بالعائلة التي لم
تعرفها يوماً ؟ "


كان يقول حقيقة لا جدال فيها لكن ذلك لم يؤثر أيضاً في
هدوء صقر المزعوم فقط لتهدئته عن التهور وقال

" لنترك مطر يقرر أولاً يا قاسم ونرى قراره وما سيفعل
لا نريد أن ... "

وتوقفت كلماته مجبراً لأنه قاطعه قائلاً بضيق هذه المرة

" ولما دائماً على مطر أن يتحمل عبء كل شيء ؟ يقرر
ويجد الحلول وماذا كانت النتيجة ؟ هو الخاسر الأكبر
والملام الوحيد دائماً "


وكانت حينها لحظة انفجار صقر مرة أخرى وقد صاح
ملوحاً بيده

" وما الذي تريد فعله أنت ؟ تقرر وتنفذ دون علمه ولا
موافقته وماذا ستكون النتيجة برأيك ؟ "


شد قاسم على فكيه بقوة وغضب وما أن قال

" أنا ... "

وتوقف عند تلك الكلمة بسبب هاتفه الذي رن فجأة ولأن
الوقت متأخر لم يستطع تجاهله ولا إتمام حديثه ونظره يتبع
يده التي دسها في جيب سترته بحركة سريعة وأخرجه
ونظر للاسم على شاشته قبل أن يجيب قائلاً

" مرحباً يا بِشر "

وابتعدت خطواته عن صقر الذي كان ينظر له بفضول تبدل
للتوجس ما أن قال مصدوماً

" ماذا ....!! "


وكان ذاك ما جعله يتحرك نحوه وقد نظر لعينيه ما أن وقف
أمامه وقال

" متى حدث ذلك وما هو وضعه ؟ "

أنهى الاتصال بعدها قائلاً باختصار

" حسنا أنا قادم "

وما أن كان سيجتازه أوقفته يده الممسكة لذراعه وقال

" ما بكم !! ماذا حدث ؟ "

نظر لعينيه وقال بنظرات مشوشة ضائعة

" عمير تعرض لحادث بسيارته "

اتسعت عينا صقر وهمس دون شعور

" وما هو وضعه ؟ "

حرك قاسم رأسه في حيرة وقال سريعاً

" لا أعلم ، قال بأنهم ابلغوه للتو وبأنه يتصل بمطر ولا
يجيب ، عليّا الذهاب واللحاق بهم للمستشفى "

اشتدت أصابع صقر على ذراعه يمنعه من التحرك من
مكانه وقال

" ألن تخبر مطر ؟ "


قال وهو يجتازه متحرراً منه

" لا .. سأرى وضعه وحالته أولاً وسنتركه يرتاح بما أنه
لم يعلم ولا يريد الرد على هاتفه "

وغادر ناحية الباب بخطوات سريعة فتبعه من فوره قائلاً

" انتظر إذاً سنغادر معاً "

وما أن عمّ المكان الصمت التام بعد خروجهما تخلله صوت
صرير باب من بعيد انفتح ببطء كاشفاً عن صاحبة العينان
الدامعة المجهدة والملامح الحزينة التعسة وقد غادرته
بخطوات بطيئة كسيرة وخافتة بسبب قدماها الحافيتان
تخترق الصمت الأشد منها سكوناً والظلام الأكثر وحشة
وعتمة في عينيها وتوجهت من فورها ناحية السلالم وحيث
كانت نظراتها الحزينة موجهة نحوه تحديداً وصعدت عتباته
بخطوات بطيئة وكأنها تجتاز سنوات حياتها الواحدة بعد
الأخرى والأمنية تلو الأمنية والحلم تلو الحلم تودعهم في
حزن حتى كانت أمام الواقع المرير وهو باب غرفته ووقفت
تشد بيديها أكمام قميصها القطني الناعم ونظراتها التعسة
عليهما حتى تغلبت على ترددها أخيراً ومدت أصابع يمناها
ناحية مقبضه ببطء وشجعت نفسها وهي تديره كي لا
تتراجع وينتصر ترددها عليها .

وكما توقعت فما أن ابتعد الباب من أمام نظراتها قليلاً وهي
تسحبه نحو الداخل ببطء حتى ظهر لها صاحب الجسد
الطويل الجالس على الطرف الآخر للسرير يولي الباب
ظهره وقد انحنى جسده قليلاً لإتكائه بمرفقيه على ركبتيه
بينما كان رأسه مرتفع وموجه نحو الأمام وكأنه ينظر
للفراغ المظلم أمامه دون اهتمام لما يكون فازداد لمعان
عينيها بسبب تكدس الدموع فيها واشتدت أناملها البيضاء
الرقيقة على مقبض الباب الذي لم تتركه بعد وشعرت بقلبها
ينفطر ويئن في داخلها دون توقف .

كانت تعلم بأنه لن ينام وسيختار أن يكون وحيداً لأنه هكذا
دائماً يفكر في الجميع قبل نفسه ويفعل كل شيء ويضحي
ويدفع أثماناً باهضه لتجتمع عائلته بينما يكون هو وحيد
ولا يطلب مثقال ذرة مقابلاً لما يقدمه أو مماثلاً له .

تركت يدها مقبض الباب وتوجهت نحو الداخل بخطوات
بطيئة وقد شجعت نفسها أكثر من السابق لأنه يعلم بوجدها
بالتأكيد ولم يأمرها بالمغادرة وهي لن تفعلها وإن طلب هذا
منها ولن تتركه لوحدته بعد أن أصبح بين أربعة جدران
فيومه بأكمله كان ممتلئاً بالمصاعب والكوارث ، بل ومنذ
ولد في هذه الحياة وعاش فيها ومؤكد كان هذا اليوم من
أصعبها وأشدها عليه ، لكن وجوده هنا بمفرده لن يشبه أي
ثانية أخرى في الساعات الماضية .

حملتها خطواتها حول السرير وما أن أصبحت تقف بقربه
وهو على حالته ذاتها شعرت بالعبرة تخنقها لكنها تمسكت
بصمودها فهي لا تريد أن توصل له رسالة مفادها بأنها
تشعر بالخوف من المستقبل وبالضياع والوحدة في
مواجهته ببكائها وضعفها وإن كانت لا تقصد إيصال ذلك
له لكنه لن يفهمه بغير تلك الطريقة بل تريد بالفعل أن
تكون قوية ليشعر من خلال ذلك بأنها تستمدها منه ومن ثقتها به .

أخلت أسر أصابعها التي كانت تكاد تتمزق من شدة شدها
لها وامتدت يدها اليمنى ناحية كتفه ببطء حتى لامست
قماش قميصه وشعرت بدفء بشرته من تحتها بينما لم
تفارق نظراتها الحزينة المغرورقه بالدموع المتحجرة فيها
جانب وجهه وظلال النور الخفيف المرتسمة عليه ،
وارتسمت ابتسامة دافئة على شفتيها تخللت حزنها وتعاسة
ملامحها حين استوى في جلوسه وإن لم ينظر ناحيتها
أو يتحدث بكلمة واحدة وقد فرد ذراعه لها فجلست ملتصقة
به سريعاً ونامت في حضنه وأغمضت عينيها بقوة لتتدلى
الدمعة اليتيمة من بين رموشها ما أن طوقتها ذراعه
فارتفعت أصبع يدها لقميصه وشدتها عليه بقوة ناحية
صدره ودفنت وجهها فيه لازالت تكابد وبكل ما لديها من
قوة كي لا تنهار باكية تتنعم فقط برائحة حضنه ودفئه ،
الحضن الذي تجد فيه رائحة تراب وطنها وشوارعه وأبنيته
وأزقته ، وأنفاسه عبارة عن ضحكات شعبه الآمن المستقر
بعد أن عانا ويلات الحروب لأعوام طويلة ، أجل هنا يوجد
كل هذا وفخورة بأنه يمكنها التنعم بالمعنى الحقيقي له .

انسابت دمعة أخرى من عينيها حين شعرت بملمس يده
الأخرى على شعرها وقبّلت شفتاه رأسها وحينها فقط لم تعد
تستطيع التحكم في كلماتها وهي من قررت الصمت التام ،
وخرجت الأحرف من حنجرتها الحزينة تخترق بحة البكاء
الذي لم ولن تخرجه

" أحبك أبي كما لم تحب فتاة والدها في الوجود ، وإن كنت
ابنة لرجل آخر لنظرت لابنتك بعين الحسرة والحسد "

كان ذاك فقط ما استطاعت قوله وعبّرت فيه عن كل ما
يمكنها لوصف ما تشعر به فعلاً ، وتقاطعت أنفاسها ما أن
شدها لحضنه أكثر ودون أن يتحدث فالتفت ذراعها حول
جسده تحضنه بقوة ولم تنتظر منه ذلك ولا تريده أن يتحدث
ولا أن يقول شيئاً ، تريد فقط أن تنام هكذا في حضنه وأن
تكون بجانبه ليعلم بأنه ليس وحيداً وإن كانت لا تفيده أكثر
مما تسببه له من مشكلات بكونها ابنة له .


*
*
*
انتابه الشك بأنه قد فقد أنفاسه وهو يستمع لرسالتها مجدداً
وكأنه يريد التأكد من أن ما سمعه حقيقي ولم يكن يتوهم !
وحين تبين له حقيقة ذلك لم يشعر بنفسه إلا وهو يتصل بها
وكرر اتصاله لثلاث مرات متتابعة وتأفف وهو يعيد للمرة
الرابعة هامساً من بين أسنانه

" تباً لك يا جمانة أتتعمدين هذا ؟ "

وضعه على أذنه ما أن فتحت الخط أخيراً ووصله صوتها
الساخر مباشرة

" لازال رقم هاتفي موجوداً لديك إذاً ؟ "


رفع حدقتيه عالياً مهدئا نفسه بضيق بينما تابعت هي حين
لم يبدر منه أي تعليق وبنبرة متأسية هذه المرة وكأنه الدور
الوحيد الذي تجيده لتعود له في كل مرة

" وتتصل لأجلها فقط وكأني لست زوجتك "

مرر أصابع يده الحرة في شعره متأففا وقال بضيق ما بات
يكره قوله وتكراره

" سبق ووضعت الإختيار في يدك وأنتِ من اختار يا جمانة وخيارك لم يكن أنا "

قالت ونبرتها تتحول للبكاء

" أنت ... "

لكنه قاطعها من قبل أن تبدأ السيمفونية التي بات يحفظها
عن ظهر قلب وسمعها لثلاثة أعوام متتالية وقال بضيق أشد
من سابقته

" جمانة هل لديك شيء حقيقي تتحدثين عنه أم هو مخطط
فقط لأجيب ؟ "

قالت مباشرة ونبرة البكاء لم تغادر صوتها وإن كانت
كلماتها قوية مندفعة

" بلى موجود وحقيقي أيضاً "

قال بجمود وإن ملأ التوجس نظراته المحدقة في الفراغ

" من هو ؟ "


وصله صوتها سريعاً

" لا يمكن التحدث عن الأمر في الهاتف علينا أن نتقابل "

قال مباشرة

" أنا من سيحدد المكان إذاً "


كان صوتها ساخراً حين قالت

" لا تقلق لن يؤذي أحد تلك الأميرة غيرك "

تغضن جبينه باستغراب وقال

" ماذا تقصدين بهذا ؟ "

قالت متجاهلة سؤاله

" أين تريد أن نتقابل ؟ "

تنهد بضيق وقال يدس يده في جيب بنطاله

" سيحتاج الأمر لبعض الوقت لتصلي للندن ونتفق حينها "

قالت مباشرة

" أنا موجودة فيها الآن "

ارتفع حاجباه وتمتم ساخراً

" غريب ..! ما الذي تفعليه هنا !! "

قالت مباشرة وبضيق

" أمور كثيرة بدأت تتغير لكنك لا تهتم "

عاد لتأفف وقال بضيق مماثل

" جمانة أنا أعرفك جيداً فما الذي تخططين له ؟ "

اندفع صوتها بقوة يضرب طبلة أذنه ما أن صاحت

" أنا لا أخطط لشيء غير إظهار الحقيقة المخفية عنك
يا وقاص "

وهو ما جعله يبعد الهاتف قليلاً بملامح متجعدة قبل أن
يعيده وقال بجدية وحزم

" كل ما يعنيني الآن هو معرفة الفاعل الحقيقي فقط "

وصله صوتها الساخر سريعاً

" ولأجل من فيهما ؟ شقيقك أم تلك المرأة "

تمتم بجمود

" كلاهما "

قالت مباشرة وبحزن

" لو أجد لديك فقط نصف ما تقدمه لها "

أدار مقلتيه جانباً وتنهد بضيق نفساً طويلاً ولم يعلق على
ما بات يكره تكراره وتبريره إياه وهو ما جعلها تتابع
وبنبرة واثقة

" أمور كثيرة ستتغير بعد اليوم يا وقاص ، صدق هذا "

شرد نظره باستغراب وهمس

" ما الذي تلمحين له ! "

قالت مباشرة

" نلتقي وتفهم كل شيء "

تنهد بنفاذ صبر وقال

" حسناً نتقابل في ﺑﻴﺮﻓﻮﺭﻙ "

أنهى الاتصال معها بعدها ودون أن يسمع منها كلمة أخرى
وتوجه ناحية باب الغرفة يلبس سترته وتفكيره بأكمله مع
ما قالت وسمع منها فهي تبدو واثقة تماماً وهذا ما جعله
يرتاب ويوافق على مقابلتها .

ما أن غادر الغرفة تباطأت خطواته وهو ينظر للباب
المجاور لها والمغلق تماماً يلفه الصمت التام لا يعلم بسبب
نومها حتى الآن أم كالعادة لا تصدر أصواتاً حتى وهي
مستيقظة ؟ توقف أمامه ونظر له متردداً وكان سيتابع
طريقه لولا تذكر كلماتها البارحة وسؤالها عن بقائه
هنا اليوم .

تنهد بعمق ورفع يده وطرق عليه بهدوء فعليه إخبارها
وهو لن يتأخر ولن يبتعد أيضاً ، عاود الطرق مجدداً وبلا
فائدة ولا يمكنه الدخول دون استئذان فقد تكون نائمة خاصة
إن كانت ما تزال تتناول الأدوية التي تساعدها على النوم
دون كوابيس فقد لا تشعر بطرقاته ومهما ارتفعت ، تنهد
باستسلام وقلة حيلة وغادر من هناك ولا حل أمامه فهو لن
يتأخر كثيراً على أية حال وبطاقات الباب موجودة لديه ولن
يستطيع أحد الدخول في غيابه .

ما أن أصبح في الأسفل توجه ناحية طاولة الاستعلامات
ووقف أمام الفتاة التي نظرت له وقالت مبتسمة

" صباح الخير سيدي ، بماذا يمكننا مساعدتك ؟ "


نظر ناحية الباب الزجاجي البعيد قبل أن يعود بنظره
لها وقال

" أريد سيارة أجرى أمام الباب هنا وفي أسرع وقت
ممكن "

لم يستغرب النظرة التي رآها في عينيها لأنه يملك سيارة
موجودة لديهم لكنه لن يستخدمها وعليه أن يكون حريصاً
خاصة أنه يتركها هنا ويغادر وحيداً ، قالت مبتسمة وهي
ترفع سماعة الهاتف قربها

" طلبك موجود ، دقائق فقط "

أدار ظهره لها مبتعداً عدة خطوات وأخرج هاتفه واتصل
بالذي أجاب من فوره فقال

" سأرسل لك عنواناً ورقم شقة أريد رجلا أمن موثوقان
يقومان بحراستها ولا يغادرا الباب مطلقاً حتى أكون هنا "

وصله صوته مباشرة

" على الفور سيدي "

قال ونظره يتجه نحو الباب مجدداً

" في أقل من عشر دقائق سأنتظر هنا حتى يأتيا "

وأبعد الهاتف عن أذنه على صوت قال في الطرف الآخر

" بالتأكيد سيدي كن مطمئناً "

وبالفعل لم يستغرق الأمر أكثر من دقائق معدودة ودخلا من
الباب بلباسهما الخاص ، وما أن وصلا لديه تركهما يجتازاه
دون أن يتحدث معهما ويعلما من يكون وتبعتهما نظراته
حتى دخلا المصعد الكهربائي ، نظر لساعته وانتظر مرور
دقيقتان ثم توجه ناحية المصاعد أيضاً وصعد لذات
وجهتهما وما أن انفتح الباب غادره ونظره يتوجه نحو باب
الشقة مباشرة وكانا يقفان أمامها ويتحدثان باسمين فتوجه
نحوهما حتى وقف أمامهما ونظر لهما أولاً وكأنه يستغرب
وجودهما ثم قال

" أنا صديق صاحب هذه الشقة ونسيت محفظتي
في الداخل "

قال أحدهما على الفور

" المعذرة لا يمكنك عبور الباب "

بينما قال الآخر سريعاً

" ولا يمكننا مساعدتك فلا مفتاح لدينا "

اومأ برأسه موافقاً وقال

" سأطرق الباب ويفتح لي من في الداخل وأخذ المحفظة
فقط وأغادر "

قال الذي دس يديه في جيبي بنطلونه

" يمكنك انتظاره حتى يأتي لن تدخل ولا باتصال منه
يطلب إدخالك "

أومأ برأسه مجدداً ونقل نظره بينهما بينما اخفض صوته
وهو يقول

" كم تريدان ؟ حددا المبلغ الذي يناسبكما "

نظرا لبعضهما قبل أن يعودا وينظرا ناحيته وقال من أشار
برأسه بعيداً

" غادر من هنا قبل أن نستدعي الشرطة يا هذا "

ابتسم وربت بيده على كتفه وهو ما جعلهما يتبادلان نظرة
استغراب وغادر وتركهما دون أي توضيح فهو بات
مطمئناً الآن وكان عليه فعل هذا تحسباً لأي طارئ
يجعله يتأخر .

حين وصل للمقهى ذو الواجهة الخشبية السوداء المميزة
والمدعمة بالزجاج وقف أولاً أمام بابه في الداخل واستطاع
أن يجد سريعاً الجالسة في زاوية بعيدة تشرب القهوة بينما
كان نظرها للخارج وكانت تلبس بنطلون ضيق من الجلد
الطبيعي الأسود اللامع وقميص من الشيفون الثقيل وتنصب
ساق على الأخرى تجلس منتصبة الظهر وهذا يعد تغييراً
جذرياً في شخصيتها القديمة وإن كان من الخارج فقط فمن
حركة قدمها على الأرض علم بأنها متوترة كثيراً ولا يفهم
حقاً من أين علمت بما تتحدث عنه ! وإن كان حقيقي أم
مجرد حيلة غبية منها أو من شقيقتها تلك بمعنى أدق فهي
من كانت تحاول توجيهها طوال الوقت ؟!
تنهد بعمق وتحرك نحوها فهو لا يشعر بأنه في وضع أفضل
منها فالتفكير فقط في أنها قد تملك معلومة حقيقة تساعده
يشعره بكم هائل من التوتر .

ما أن وصل لطاولتها سحب الكرسي المقابل لها في صمت
وجلس بملامح جامدة لكنها قابلت كل ذلك بابتسامة متسعة
وقالت وعيناها ملتصقة بملامحه

" كيف حالك وقاص ؟ "

نظر لعينيها بصمت وملامحه لازالت تحتفظ بجمودها كما
تجاهل الرد عليها ، إن كانت امرأة غيرها لخمّن أنها تحيك
حوله مكيدة ما لكنه يعرفها جيداً ليست من ذاك النوع الذي
ينجح في هذا ، وحتى إن قررت فعلها بسبب تحريض
شقيقتها تلك لها تفشل سريعاً بسبب ضعف شخصيتها
المسيطر عليها دائماً لذلك قال مباشرة ودون تمطيط
لا طائل منه

" ما المقابل الذي تردينه ؟ "


ظهر الاستغراب واضحاً على ملامحها بل والصدمة إن صحّ
التعبير وقالت

" مقابل ماذا ! "

كتف ساعديه على الطاولة تحته وهو ما جعل وجهه يقترب
نحوها أكثر وقال بجدية ينظر لعينيها

" لنتحدث بوضوح يا جمانة فلن أصدق أن تعطي معلومة
كتلك وتنقذيها من السجن دون مقابل "

شعرت بتوترها يطفوا للسطح دون تحكم منها ليس فقط
لأنها لم تعتد التحكم في انفعالاتها بل ولأن قوة شخصيته
وحضوره يشعرانها بذلك دائماً وكأنها تراه للمرة الأولى
وطريقة جلوسه هذه زادت وضعها سوءاً فهي كانت تمنع
نفسها بالقوة من مغادرة المكان بسبب ترددها لكن عزمها
على استعادة ما كان لها وأضاعته بيديها يجعلها تقاوم
وتحارب وإن وحيدة بعد أن فقدت أقوى سلاح ترى بأنها
تملكه وهو شقيقتها جيهان ، ظهر الحزن في عينيها واضحاً
حين قالت تنظر لعمق عينيه

" ليس لديا طلب غيرك وأعلم بأنك لن تقدم نفسك مقابلاً
لذلك كما أني لا أريد أن يكون ذلك فقط من أجلها "

وسرعان ما لمعت الدموع في عينيها وهو ما جعله يعود
لجلوسه السابق يريح ظهره لظهر الكرسي مبعداً نظره
عنها ودون أن يعلق ولم تتوقع غير ذلك منه لأنها السبب
الوحيد في كل هذا ، رفعت يدها ومسحت عيناها بحركة
سريعة ورفعت رأسها ونظرت له قائلة

" لكن كل شيء سيتغير بعد الآن "

عاد ونظر لها مجدداً والحيرة واضحة في عينيه وقال

" ما معنى ما تقولين ! "

تنفست بعمق تستجمع قواها مجدداً وقالت بجدية

" أعني حين ستعلم من هو قاتل شقيقك ستتغير أمور كثيرة
بالنسبة لك "

تعالت ضربات قلبه ودون شعور منه ونظر لعينيها بصمت
وتفكير لبرهة وقبل أن يقول بجدية

" من هو يا جمانة وكيف علمتِ وما هو دليلك ؟ "

قالت مباشرة

" من يكون جوابها لدي لكن الدليل هو ما ستبحث
أنت عنه "

ظهرت السخرية واضحة في عينيه وقال باستهزاء

" تتحدثين عن فرضيات إذاً ؟ "

غزا الضيق ملامحها كما كلماتها حين قالت

" بل حقيقة رأتها عيناي لكنها بمثابة لغز حتى الآن ولأني
أثق في ذكائك جيداً فستجد الأجوبة عمّا لم أجد جواباً له
وسيكون لديها هي "

تغيرت نظرته للإستغراب وهمس

" زيزفون ! "

شعرت باسمها من شفتيه سكين ينغرس في قلبها وهو ما
جعل أنفاسها توتر وقالت بصعوبة وإن تمسكت بقوتها

" أجل هي .. ألست من يصر على وجود شخص ثالث
وقت الجريمة ؟ "


حرك رأسه رافعاً يديه وقال بضيق

" هل جلبتني إلى هنا لأسمع منك ما أعلمه جيداً ؟ "

قالت مباشرة وبجمود

" لا بالتأكيد "

نظر لعينيها وقال بأمر حازم

" قولي ما لديك يا جمانة "

ابتلعت ريقها وشجعت نفسها بل وأجبرت الكلمات على
الخروج من شفتيها دفعة واحدة قائلة

" الذي قتل شقيقك هو عشيق زوجته "


نظر لها بعينين متسعة قبل أن يرتفع رأسه وعلت ضحكته
التي جعلت بعض الجالسين حولهما يلتفتوا ناحيته فقالت
بضيق وصوت منخفض لأنهما باتا مركز اهتمام البعض

" وما الذي قلته يضحكك ؟ "

حرك رأسه مبتسماً بسخرية ورفع كوب الماء الموضوع
بينهما وشرب منه القليل ووضعه مكانه قائلاً بسخرية

" لأنه تحليل غير منطقي "

ازداد ضيقها حدة بسبب تجاهله بل وعدم تصديقه لما تقول
وضربت قبضتها على الطاولة تحتها قائلة

" ولما وأنت من يؤكد وجوده وقت مقتل نجيب ؟ "


قال والإبتسامة الساخرة لازالت تزين شفتيه

" قلت شخص ثالث ولم أقل رجل أو من خارج القصر
أساساً فالجميع يعلم بأنه لم يخرج أي شخص بعد سماع
صوت الرصاص "


حاولت كل جهدها أن تبقى ثابتة وعلى موقفها وقالت

" وماذا إن كنت رأيته بعيني ؟ "

لم يفتها تبدل نظرته ولا اختفاء السخرية من ملامحه
وشفتيه وهو ما جعلها تتابع مؤكدة بجدية

" وفي جناحها أيضاً "


كانت نظرته حينها قد تبدلت للتوجس والإستغراب بينما لم
تترك عيناها وهو ما جعلها تبتسم بسخرية قائلة

" لم أراك تضحك هذه المرة "

لم يهتم لملاحظتها تلك لأنه كان في دوامة أخرى من الأفكار
وقال متسائلاً

" كيف ومتى ذلك ؟ "

قالت من فورها

" ليلة أول أمس "

شرد بنظره للفراغ وبدأ عقله يحاول جمع الخيوط معاً فتلك
هي الليلة التي قضاها خارج المنزل بعد النقاش الحاد مع
جده وحين عاد صباحاً طلبت منه إخراجها من هناك وكانت
تتصرف بغرابة بل وسألته أولاً إن نام في جناحها أم لا !!
عاد ونطر لها وقال

" لا يمكن هذا فلا أحد يملك رمز باب الجناح ولا وجود
لنافذة ولا مدخنة فيه ، قولي ما يصدقه العقل ! "

ولأنها توقعت هذا قالت سريعاً

" أسماء رأته أيضاً "

عقد حاجبيه بقوة وقال

" وكيف دخلتما لترياه ؟ "

توترت بوضوح وهي تصل لما كانت تخشاه وترددت في
إخباره بسببه وهو هذا السؤال تحديداً ولم يكن أمامها من
خيار سوى التهرب فقالت

" أعلم بأنك لا تصدق هذا بل وتسخر مني لكنها الحقيقة
وثمة شاهد لدي أي أني لم أراه لوحدي "

تجاهل هو أيضاً كل ما قالته وسأل مجدداً وبنبرة جادة آمرة

" كيف دخلتما ؟ "

حاولت إخفاء توترها بل والحقيقة أيضاً بالإنفعال قائلة

" لا يهم كيف المهم أنه رجل داخل جناحها "

نظر لعينيها لبرهة وكأنه يحاول الوصول لعقلها من
خلالها وقال

" أريد سماع كل شيء ومن البداية يا جمانة .. "

ورفع سبابته هامساً بتهديد

" من البداية "


ابتلعت ريقها ولم تجد حلاً غير التحدث وبدأت تسرد عليه
ما حدث لكنها لم تخبره عن ذاك العقار وهو ما جعله
يقاطعها قائلاً بنفاذ صبر

" وماذا كانت تريد لتفعل كل ذلك جمانة أجيبي ؟ "

تأففت وقالت مجدداً تحاول أن تتماسك لتكون طبيعية

" كانت تريد التحدث معها وحدهما ، وهو ليس المهم فيما
نتحدث عنه الآن "

أشار بيده جانباً وقال بضيق

" تدخلا جناحها ليلاً متسللتان فقط لتتحدث معها ؟ قولي ما
يصدقه العقل "


رفعت حقيبتها من فوق الطاولة وفتحتها وأخرجت هاتفها
منها، قامت بتشغيل مقطع الفيديو ووجهته نحوه قائلة

" أنظر لتصدق .. هذا هو الرمز اليس كذلك ؟ "

نقل نظراته المستغربة منه لعينيها فقالت بجدية

" ما يهمك لم نتحدث عنه بعد فاتركني أكمل ما لدي "

تبعتها نظراته الحائرة الشاردة وهي تدس هاتفها في
الحقيبة مجدداً فهو يعرفها لا تكذب وإن حاولت إخفاء سبب
تواجدهما هناك ويعلم جيداً بأن سبب تلك الزيارة سيكون
مجرد مكيدة جديدة تحاك حول زيزفون وسببها سيكون
أسماء بالتأكيد لأنه يعرف كلتاهما ، كان ينظر لعينيها
بإنتباه بينما بدأت تسرد له ما حدث تشد يداها بقوة فوق
الطاولة تحتها بسبب تذكرها لما لازالت عاجزة عن نسيان
جميع تفاصيله

" حين دخلنا سمعنا حركة ما عند الجدار المحاذي للنافذة
والمواجه لباب الغرفة وحين قامت أسماء بتوجيه النور
نحوه وجدنا رجلاً يقف هناك "


اتسعت عيناه وقال

" واثقة ممّا تقولين ؟ "

أومأت برأسها وقالت

" كامل الثقة وهو ذاته ما رأته أسماء "

نقل نظراته الضائعة بين عينيها وكأنه انفصل عن العالم
تماماً لبرهة من الزمن وقبل أن يقول في حيرة

" من يكون !! ما هو شكله ؟ "


قالت مباشرة

" لم نراه جيداً لأن الغرفة كانت مظلمة لكنه رجل حقيقي
وله شعر أشعث وكان يغطيه الغبار ووجهه أيضاً "

شردت عيناه بعيداً عنها في تفكير عميق وحين طال وضعه
ذاك قالت

" أقسم بأنه ما حدث يا وقاص وأنت تعرفني جيداً منذ
أعوام لا أكذب أبداً "


دفع الكرسي بجسده للوراء ينوي الوقوف فمدت يدها نحو
ساعده ومنعته قائلة

" أين ستذهب ؟ "


وقف وقال

" عليا أن أعلم كيف وصل إلى هناك "


وقفت أيضاً وقالت تنظر لعينيه وكأنها تحاول قراءة رد
فعله منهما

" وهل هذا يحتاج لجواب ؟ هي من أدخلته مثل ليلة مقتل
نجيب تماماً وحين أمسك بهما قتله "

أنهت كلماتها تلك وأطبقت شفتيها ما أن تبدلت نظراته بل
وملامحه ونبرة صوته وقد قال بضيق


" جمانة أنتِ تقذفين محصنة بهذا أتدركين معناها ؟ "


اتسعت عيناها وأشارت لنفسها قائلة

" أنا أقذفها ! "

قال من فوره وبحدة

" أجل ولا دليل لديك وهي مجرد تكهنات "

انتفض جسدها وانفعلت قائلة

" رأيته بعيني يا وقاص كم مرة سأعيد ذلك ؟ "


قال بضيق متجاهلاً أيضاً جميع الأعين التي باتت
تحدق بهما

" علينا التحقق أولاً ثم نحكم عليها لا بمجرد وجود
رجل هناك "


أشارت لنفسها وقالت بحدة

" إن وجدته في جناحي كنت ستقول وتفكر في ذات الأمر؟
"

حاول خفض صوته هذه المرة وإن خرجت كلماته غاضبة
ينظر بقوة لعينيها

" توقفي عن هذه التلميحات يا جمانة فأنا رجل قانون
وتعلمين أكثر من غيرك طريقة تفكيري فأنا لا أؤمن إلا
بالدليل القاطع وإن رأيته بعيني في جناحك أو جناحها ، أنا
لا أستسلم لخيالي وللفرضيات مطلقاً "


تكابدت على نفسها وهي تتلقى كلماته التي لم تتوقعها
وقالت بابتسامة ساخرة

" ورجل القانون بشر أيضاً وثمة ما لا يحتاج تفسيراً
بالنسبة له "


وضع كفه على الطاولة ومال ناحيتها وقال بحزم ينظر

لعينيها

" ليس أنا ولن أحكم دون دليل حي أمامي ومهما كان لديك
من أدلة "

كتمتها مجدداً في نفسها ورفعت رأسها وقالت ولازالت
الابتسامة الساخرة تزين شفتيها

" لك ذلك وستعود لذات النتيجة فليس ثمة رجل غريب
يدخل جناح إمراه دون أن يعلم عنه أحد ولا أن يراه أحد إن
لم تكن هي من يدخله ويخفيه هناك "


وختمت كلماتها تنظر بتصميم لعينيه وكأنها تقول له لا
تفسير آخر ومهما حاولت لكنه غادر وتركها دون أن يهتم
بالرد عليها وعيناها التي بدأت تتشبع بدموع الغضب لم
تتركه بينما صرخت ليصله صوتها قبل أن يبتعد

" لقد ظهرت حقيقتها نهاية الأمر ويمكنك الهرب كيفما
شئت "

كانت تعلم بأنه يسمعها وإن تابع طريقه ولم يهتم لها ، وما
أن اختفى خلف الباب الذي غادر منه مالت لحقيبتها
وأخرجت منها ورقة نقدية ووضعتها على الطاولة بحركة
قوية متمتمه

" لا يمكنك تصديق هذا يا وقاص ؟ سيؤمن عقلك به نهاية
الأمر فلا حل أمامك غيره "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 08-05-24, 09:05 PM   المشاركة رقم: 1755
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




*
*
*

ما أن اجتاز الباب الزجاجي المفتوح حتى لفحت وجهه
نسائم البحر التي تحركت بسببها خصلات شعره القصيرة
الناعمة وعبثت بأطراف قميصه بينما وقف مكانه يداه في
جيبي بنطلونه تراقب نظراته الحزينة الجالسة أمام اﻷمواج
الداكنة ، وبالرغم من انتشار المصابيح المضاءة فوقها
لكنها لم تفعل شيئا يذكر مع هذا الظلام الموحش سوى
إظهار جسدها النحيل تحضن ركبتيها بقوة وتتطاير خصلات
شعرها حولها كأشرطة حريرية سوداء لامعة ، فهي يبدو
استفاقت وغادرت الغرفة وهو لم يشعر بها لأنه ثمة باب
آخر لها يوصل للخارج هنا مباشرة وهو كان مستلقي على
اﻷريكة في صالون المنزل ، وها هي قد اختارت اﻹختلاء
بنفسها هنا أمام البحر كما اختار هو هذا المكان تحديداً
لجلبها له فهو العقار الوحيد المملوك لها الآن كما أنه
المكان المناسب لتكون فيه بعيدة عن جميع الضغوطات كما
طلب الطبيب منهم وهو لن يسمح بأن تتأذى نفسيتها أكثر
من ذلك وأن يجدوا أنفسهم فيما لا تحمد عقباه فما مرت به
اليوم لا يمكن لبشر تحمله ولا تجاوزه بسهولة فكيف بقلب
كقلبها والذي يعرفه جيداً بل وأكثر من نفسه .

تمنى بالفعل أن سمع وهو في مكانه هناك صوت بكائها بل
وصراخها ينبهه بأن جسدها قد فارق النوم الطويل الذي
علق به بسبب المهدئات الكثيرة التي تلقاها لعل ذلك يخفف
مما تشعر به في داخلها لكن ذلك لم يتحقق واستمرت في
صمتها وعزلتها فما علمه أنها استقبلت كل تلك الفواجع في
المحكمة بالصمت قبل انفجارها الأخير ، ويعلم بأنها لن
تفعلها وإن كانت تعلم بأنها أفضل بكثير على قلبها من
كتمان كل شيء في داخله حتى ينفجر ويتحول لأشلاء .

نظر للعتبات القصيرة القليلة التي اجتازتها قدماه قبل أن
يغوص حذائه في الرمال الناعمة تأخذه خطواته ناحيتها
ينظر لخصلات شعرها المتطايرة مع نسيم البحر خلفها
والذي فقد نصف طوله تقريباً !! في آخر مرة رآه فيها يذكر
بأنه تجاوز وركيها قليلاً أمّا الآن فلا يتجاوز نصف
ظهرها ! وشعر بشعور قاسي داخله حين تساءل فجأة ما
الذي خسرته أيضاً غيره ولا يعلمه ؟

توقفت خطواته فجأة فبالرغم من أنه لازال بعيداً عنها إلاّ
أنها شعرت به وقد وصله صوتها الذي كان وكأنه مدموجاً
مع صوت الأمواج الهادئة بالرغم من نبرة الضيق فيه
ما أن قالت

" إن كنت هنا لإلقاء اللوم عليّا فيما حدث يا رعد فأنا
مكتفية من هذا تماماً وبت أكره كل شيء حتى القلب
الموجود وسط أضلعي "


قالت آخر كلماتها تقاوم نبرة الألم والمرارة في صوتها وهذا
ما ظهر جلياً له وهو ما جعله يغمض عينيه متنهداً بحزن
قبل أن يعود وينظر لها فهي علمت بأنه من جلبها إلى هنا
إذاً وشروده طوال ذاك الوقت في السقف فوقه لم يترك له
مجالاً ليشعر بباب غرفتها وهو يُفتح ! غادر صمته أيضاً
وقال بكلمات هادئة متأنية ولم تفارقها نظراته وإن كانت لا
تزال توليه ظهرها

" لا يا غسق أنتِ لست هنا لأجل هذا يا شقيقتي "

اكتفت بالصمت حينها ورضي هو به فهو بالفعل لم يجلبها
إلى هنا ليتحدث معها في الأمر برمته فكيف أن يلومها
عليه ؟ الأوان قد فات على إلقاء اللوم ولن يصل بهم هذا
لأي نتيجة سوى مضاعفة عذابها لنفسها .

نزل نظره ليده المقبوضة وفتحها وظهر قرص تخزين
البيانات متوسطاً كفه وتسائل أهو وقته أم ليس بعد ؟
وتذكر كلمات والده حين أعطاه إياه قبل عامين من الآن .

( أريد أن ترى غسق هذا حين تتصالح مع نفسها وتشعر
بأنها باتت أقوى من صدماتها نحو الجميع وحتى أنا )

لا يفهم ما عناه والده بهذا ومتى سيكون الوقت الذي يتحدث
عنه وتكون فيه هي صامدة أمام صدمة هو السبب فيها
ولما ؟! انقبضت أصابعه عليه بقوة ورفع نظره للبحر
الأسود وخطواته تقوده نحوه حتى أصبح يقف بجانبها بينما
يتبع نظره صوت الأمواج التي يسمعها ولا يراها ، وما لم
يتوقعه حينها أن يتخلله صوتها وقد قالت بنبرة عميقة
حزينة

" والدي شراع كان يعلم عن كل هذا ..! كل ما جعل مطر شاهين ورجاله يغادرون البلاد وما جعلني أُحرم من ابنتي "

استدار وجهه ناحيتها وعيناه تتسع بذهول بينما انقبضت
أصابعه على القرص فيها بقوة أكبر وتسائل هل عنا والده
بكلماته تلك هذا الأمر حين قال ( وحتى أنا ) أم ثمة ما
يخفيه أيضاً عنها وأشد قسوة من كل ذلك ؟!

لم يستطع إبعاد نظراته الضائعة عنها بينما كانت ما تزال
تنظر للبحر بشرود وحزن حتى قال بتوجس

" وهل سيتوجه لومك ناحيته بعد أن علمتِ عن هذا !! "

نظرت له فوقها وقالت بكلمات مندفعة وصفت المرارة
والألم في عينيها الواسعة المجهدة

" أنت لا تعرف مشاعري اتجاهه .. أنا أحبه أكثر منك أنتَ
ابنه ، ثم هو لا يد له في ذلك وإن علم به "

كانت لحظة صمت طويلة تلك التي عقبت كلماتها وكل واحد
منهما ينظر لعيني الآخر وإن كان أحدهما واقف والأخر
جالس وكأنها تثبت له صدق ما قالت حتى خرج عن صمته
قائلاً بجدية

" لكنه أخفاها عنك ويفترض بأنه لا أسباب تشفع له ؟ "

لا ينكر بأنه انتظر وبفضول تعليقها على الأمر لكنها في تلك
اللحظة أبعدت نظرها عنه للبحر أمامها وكأنها تتهرب من
السؤال ذاته لا من الجواب عليه وهو ما جعله يقول مجدداً
ونظراته لم تتركها

" كانت أمور كثيرة ستتغير إن أخبرك أليس كذلك ؟ "

اشتدت يداها حول ركبتيها وغمرت الدموع عينيها بحزن
وإن لم تفارق رموشها وخرجت كلماتها من عمق مشاعرها
نحوه وجروح تجربتها الأخيرة

" أنا لا أعرف أسبابه لكني أؤمن بأنها حقيقية "

جعلته كلماتها تلك يستدير بكامل جسده نحوها وقال ما لن
يسمح لتردده أن يمنعه من قوله بينما كانت كلماته
قوية جادة

" لما يكون هذا ناحية والدي فقط يا غسق ؟ "

وكالمتوقع منها تماماً وما كان موقناً منه فقد وقفت على
طولها حينها ومواجهة له أيضاً هواء البحر القوي يعبث
بفستانها الطويل كما خصلات شعرها المتراقصة معه
وقالت بقوة وثبات تنظر لعينيه

" ووالدي دجى أيضاً لم ولن ألقي باللوم عليه فيما فعل لأن
ما أجبره عليه واجبه وشهامته ولا ذنب له فيه "

" وماذا عن مطر ؟ "

قالها سريعاً ودفعة واحدة بالرغم من أنه كان قد قرر أن لا
يتحدث عن كل هذا لكنها من قاده له وبما أنها وجدت
الأعذار لوالدها الحقيقي ووالدها الذي رباها فهو من باب
أولى فغسق التي يعرفها جيداً ما كانت لتفكر بهذه الطريقة
وكانت ستلقي باللوم عليهما وهذا تغيير جذري في
شخصيتها لم يعهده لذلك قال ما قاله ، لكن ما حدث حينها
فاق توقعاته وهي توليه والبحر ظهرها مغادرة ترفض قول
أي شيء يخص الأمر كما يبدو وهو من توقع عكس ذلك
وإن تقرر مهاجمته لكن أن تصمت !!

سار بخطوات مسرعة خلفها وأمسكها من ذراعها وأدارها
نحوه وكان سيعيد سؤاله مجدداً فمن الإجحاف أن تتغير
نظرتها نحو الجميع عداه ، صحيح بأنه أخفى كل هذا عنها
لكن والده ووالدها ارتكبا ذات الجرم حيالها ، لكن لسانه
توقف مكانه لأنها سبقته قائلة بكلمات متأنية عميقة وإن
تخللتها نبرة حزن واضحة تنظر لعينيه وكأنها تبحث عن
الجواب فيهما

" هل شعورك نحو والدك هو ذاته نحو زوجتك ؟ بل وأنا
شقيقتك هل يكون الخطأ مني ذاته حين يكون منها ؟ "


غضن جبينه وشردت نظراته في عينيها بتفكير عميق وما
فهمه من كلماتها بأن جرحها منه أعمق من الجميع
لذلك قال

" تقصدين كبرياءنا وجرح كرامتنا هو المتحكم في الأمر؟"

ظهرت ابتسامة ساخرة متألمة تزين طرف شفتيها
بوضوح وقالت

" بل أقصد بأن هذا هو شعوره ناحيتي الآن والحديث في
الأمر لم يعد يفيد بأي شيء "


وغادرت ما أن أنهت كلماتها تلك وتركته واقفاً مكانه
نظراته تراقبها بضياع خالطه الكثير من الحزن فهي كانت
تقصده هو إذاً وتبدوا يائسة تماماً من أن تجد لنفسها العذر
لديه ، ويفهم موقفها تماماً فكلمة آسف تفقد معناها لدينا
حين نستشعر رفض الطرف الآخر لها .

نظر للقرص في يده نظرة تفكير مطولة قبل يتنهد بعمق
ودسه في جيبه هامساً

" ليس وقته إذاً "

وغادر أيضاً عائداً نحو الداخل فيبدوا أن والده يقصد أمراً
أبعد من هذا وهو ما بات يخشى من انكشافه !!


*
*
*

جعلت كلماتها تلك جميع الجالسين قربها ينظرون لها بعدم
تصديق بينما وقف المشرف على الرحلة ما أن سمع
صوتها ونظر لها مستغرباً وقال

" لما تريدين النزول ساندي هذا ممنوع ؟! "

" ولما ؟ "

قالتها سريعاً وبرفض حانق تمسك وسطها بيديها فنظر
للمضيف الواقف بجانبه والذي حرك كتفيه في صمت قبل
أن يعود بنظره لها وقال مبتسماً

" لأنه وقت الإقلاع أولاً ولأن الرحلة على شرفك
ثانياً والأهم "

حدقت فيه بصدمة قبل أن تصرخ بغضب تشير بسبابتها
نحو الأسفل

" أنا لا شرف لدي وأريد النزول حالاً أو ضربتكما ووصلت
لقائد الطائرة بنفسي "


وقف المشرف الآخر مغادراً مقعده أيضاً وقال عاقداً حاجباه
بقوة ينظر لعينيها

" الرحلة كانت ستلغى نهائياً لأن تكلفة أقل طائرة أصبحت
أكبر من الميزانية المعدة لها ولولا زوجك الذي فعل هذا من
أجلك ما كانت ستكون هناك رحلة "


شدت شفتيها بقوة أمام الحقيقة التي واجهها بها وكانت
غائبة عنها كما الجميع ونظرت نحو رواح الذي أهداها
ابتسامة عريضة وكأنه يقول لها أنا بطلك الأسطوري المنقذ
، وحين لم يجد أي تغير في ملامحها أشار بحركة من
حاجبه الطويل خلفها وقال بابتسامة

" أيرضيك فعل هذا بأصدقائك ؟ "

" أجل "

قالتها سريعاً وبكامل ثقتها وهو ما جعله يمسك بيدها
وسحبها منها بالقوة لتجلس مكانها قائلاً بضيق

" اجلسي هيا يا حمقاء "

سحبت يدها منه بحركة غاضبة وهمست بكلمات أشد غضباً
تنظر لعينيه

" لا أفهم لما تحب إفساد كل ما تعلم بأنه يسعدني ؟ "

بادلها الهمس بمزاج مشابه تقريباً

" وهل كان يسعدك أن تُلغى الرحلة ؟ "

شدت على أسنانها بغضب هامسة من بينها

" الأمران سيان الآن بالنسبة لي "

تنهد بيأس يحرك رأسه وعاد للنظر لحاسوبه قائلاً ببرود

" أنا في رحلة لفرنسا أساساً وطائرة شركتي مقلعة من
أجلكم فلما أستقل غيرها ؟ "

ابتسمت بسخرية متمتمه

" يالك من بخيل "

وحين لم يبدي أي رد فعل وأصابعه عادت للتحرك بسرعة
على الأحرف في حاسوبه الشخصي المستقر في حجره
ضيقت عينيها وهي ترمق نصف وجهه المقابل لها
والمضاء بسببه كاشفاً أكثر عن بياض بشرته النقية مع
سواد لحيته المحددة بعناية فهو قال هذا بنفسه وبأنها
شركة أي أنه كأقل تقدير يمتلك عشر طائرات هذا إن لم
يكن مئة ، وطائرة خاصة بكل تأكيد فلما سيبخل على نفسه
هكذا ؟ لا تعلم لما لا تشعر بأنه يقول الحقيقية ؟ مؤكد يفعل
ذلك فقط لتصمت وتجلس ولا خيار غيره أمامها فلن يرضى
ولا قائد الطائرة بأن يسمح لها بالنزول ، الحمقاء لو أنها
فقط انتبهت لشعارها وحاولت تذكره لعرفته وكشفت لعبته
وما كانت لتصعد وإن قتلوها ولا يهمها أن تلغى رحلة
الأحلام بالنسبة لها ولأعضاء المنظمة جميعهم .

تنفست بقوة وضيق ولازالت تحدق به وقالت ترمقه بشك

" وستنتهي رحلتك معنا في مطار كاليه؟ "

" أجل "

تمتم بتلك الكلمة دون أن يبعد نظره عمّا هو منسجم بفعله
فأبعدت نظرها عنه وقالت ببرود

" يصعب عليا تصديقك "

رمقها بطرف عينيه حينها وقال يمسك ابتسامته

" لكن لا حل غيره أمامك والوقت كفيل بكشف ذلك لك "


وعاد للهرب من عينيها ما أن أمالت وجهها ناحيته قليلاً
وعادت للتحديق فيه بصمت وتشكيك فهي لا يمكنها تصديق
ما يقول هذا الدبور وفي جميع حالاته حتى أنه لم يغضب أو
يوبخها على حديثها ذاك أمام الجميع والمشرف قال بأنه
زوجها ! وهذه كارثة أخرى وضعها فيها فهي لم تخبر غير
كاتي بالأمر .

نظرت للكرسي المجاور لها من الطرف الآخر وحيث الفتاة
الشقراء التي كانت تحني جسدها قليلاً تحاول رؤية الجالس
بجانبها فنظرت نحوه بحركة سريعة وكان منشغل مع
حاسوبه كما تركته ، وما أن عادت ونظرت لها مجدداً
ابتسمت تلك ورسمت لها بسبابتها ثلاث ورقات في الهواء
علامة الحظ فأهدتها ابتسامة هازئة وعادت بنظرها للأمام
متمتمه بحنق

" أعلم جيداً غرضك وأمثالك "

وصلها حينها صوت الجالس بجوارها والذي لم يخلوا من
التسلية قائلاً

" ما الذي تقولينه ؟ "

لوحت بديها أمامها بحركة غاضبة وقالت بضيق دون أن
تنظر له

" لا تتحدث معي مطلقاً حتى نصل "

كتم صوت ضحكته التي ارتفع لها رأسه عالياً قبل أن يعود
لحاسوبه وتمتم مبتسماً

" أمرك سيدتي "


وعلا حينها صوت المضيفة معلنة عن بداية رحلتهم فكتفت
يداها لصدرها واتكأت برأسها للأعلى مغمضة عينيها فإما
أن تنام أو تقضي الرحلة كاملة هكذا ولن تفتحهما مطلقاً هو
قرار نهائي لا تراجع فيه ، بينما غيَر الجالس بجانبها من
وضع جلوسه واستدار نحوها وأسند مرفقه بطرف كرسيها
بينها وأسند رأسه بأصابع تلك اليد ينظر لملامحها الطفولية
الجميلة مبتسماً يمسك نفسه بصعوبة عن الضحك وهو يرى
تشنج ملامحها التي كانت تدعي النوم ، أبعد يده واقتربت
أصابعها من خصلة قد تحررت من المشبك الذي تمسك به
غرتها وأعادها ببطء نحو الأسفل هامساً بما لم يسمعه
غيره بينما لم تفارق الابتسامة شفتيه

" لنرى كيف ستكون الأمور بعد هذه الرحلة الجميلة
فاتنتي "



*
*
*

كانت نظراتها لا تفارقه بينما لازالت عيناه مغمضة تماماً
واللفافة حول رأسه أصبحت ملطخة ببقعة كبيرة من الدماء
ولا تصدق حتى الآن بأنها فعلتها وضربته !

وها هي تأكد لها بأنها من سلالة غيلوان بالفعل ليس فقط
لإقدامها على قتل أحدهم دون تردد بل فتى في هذا العمر
كانت ستنهي مستقبله بيديها وتُدمي قلب والدته عليه ،
لكنها لم تجد حلاً غيره حينها وهي تراه يرفع سكيناً ينوي
به ذبح زوجها والرجل الوحيد لها في هذه الحياة فهل تقف
تتفرج عليه ؟

أبعدت نظرها عنه وتنهدت بضيق ما أن تذكرت توبيخ يمان
لها والذي يُفترض أن يكون بسبب خروجها وليس بسبب
ضربها لمن كان ينوي قتله ! ومؤكد لازال يؤجل ذلك حتى
يعود بشقيقه من المستشفى بالرغم من أنه حلها الوحيد
أيضاً فما الذي كان بيدها تفعله والطفل أمامها حرارته
مشتعلة بسبب تبلل ملابسه بالماء ولم تجد خياراً غيره ولم
تستطع ولا مجرد التفكير في الذهاب لمنزل أويس مجدداً
فقد تجده هناك لأن الباب بينهم لازال مؤمن بقطعة من حديد
لضمان بقائه مغلقاً حتى يجف الإسمنت المثبت به فلم تجد
حلاً غير الخروج والبحث عنه أو عمّن يساعدها وإن كانت
فِعلتها المماثلة سابقاً جعلتها تدفع الثمن غالياً ولازالت
تبعاتها حتى اليوم ، لكن إنقاذ شقيقه أهم بالنسبة لها ومن
رميها في الشارع ولن تمانع .

وقفت على طولها ما أن فُتح باب الغرفة وتوجهت مسرعة
نحو يمان الذي كان يحمل شقيقه فوق كتفه ويبدو نائماً
ومدت يديها لأخذه منه لكنه قال وهو يتوجه به نحو الفراش
المجاور لشقيقه الآخر النائم

" سأضعه مكانه فهو نائم وثقيل "

ابتعدت عنه تنظر لقفاه بأسى حزين وهو ينحني ويضعه في
مكانه قبل أن تبعده ناحية النائم في الطرف الآخر من الغرفة
أو المغمى عليه بمعنى أدق والله وحده يعلم إن كان سيفيق
أم لا وما سيجلبه الأمر لكلاهما من مشكلات .


" ألم يفتح عينيه بعد ؟ "

نظرت ليمان وصاحب تلك الكلمات القلقة وهو يقف بجانبها
بينما كان نظره ملتصقاً به وقد حملت نظراته تلك ذات القلق
والتوجس ، ولا تفهم السبب الحقيقي أهو خوفه ممّا قد
تفعله بهم عائلته أم السبب الذي لازالت تجهله وجعله
يصرخ بها بسبب ضربها لرأسه بالحجر ؟! همست بخفوت
ونظرها يعود نحوه أيضاً

" لا "

قال مباشرة وهو يتقدم نحوه

" عليّا أخذه للمستشفى إذاً لا أريد أن يموت بسبب
إهمالي له "

لكنه توقف مكانه بسبب يدها التي أمسكت بذراعه وقالت
بكلمات سريعة

" توقف يا يمان ولا تتهور "

نظر ناحيتها والرفض في نظراته كما ملامحه الحانقة تقرأه
بوضوح فقالت من قبل أن يقول ما تعرفه جيداً بينما كانت
نبرتها جادة تماماً وهي تنظر للون الفضة في عينيه

" التصرف بما توجبه مبادئنا السامية لا ينفعنا دائماً ، ولا
تنسى أين نحن الآن وما سيحدث إن فكرت عائلته في
الإنتقام له "

وكما توقعت لم تقنعه كلماتها تلك وقد قال بضيق ورفض
وهو يشير بيده نحوه

" ونتركه يموت هنا ثم ندفنه وننكر هذا ؟! كل ما سيفعلونه
بي سيكون أفضل بالنسبة لي من فعلها "

حررت ذراعه من قبضتها وقالت بنفاذ صبر

" يمان أنت لا تعلم عن حياة الجنوب شيئاً ، أنا أعلم جيداً
تبعات هذا خاصة أنه كان في أراضي غيلوان "

قال مباشرة وبضيق

" وما دمتِ تعلمين لما فعلتِ هذا ؟ "


زمت شفتيها تكتم ألم كلماته بادئ الأمر حتى قالت وبضيق
أشد تلوح بيدها

" كنت تريد أن أتركه يطعنك بالسكين ؟ لا أفهم لما تدافع
عنه يا يمان وهو كان ينوي قتلك ! "

صاح فيها من فوره

" لأننا كنا نتحدث ولسنا نتقاتل "

اتسعت عيناها وقالت مستنكرة

" تتحدثان !! وهكذا يكون الحديث ؟! "

قال مباشرة وبإنفعال شديد

" أجل فهل سمعتِ مثلاً ما كان يقول قبل أن تضربيه
على رأسه "


شدت على أسنانها تكتم غضبها بل كلماتها التي ترفض
تحريرها فهو لم يفكر في أنها فعلت ما فعلته خوفاً عليه
ولإنقاذه ، وتعلم بأن قول ذلك لن يفيد في شيء لذلك قالت
بكلمات جادة تنظر لعينيه

" اطمئن فجرحه ليس عميقاً ومؤكد هو غائب عن الوعي
فقط فلا تستعجل "

نظر لعينيها بصمت للحظات وقبل أن يقول وهو يبحث عن
الجواب فيهما قبل كلماتها

" يبدو أنه ثمة من علمك التمريض ؟ "

حدقت فيه مصدومة ولأنها لم تكتسب في حياتها براعة
إنقاذ نفسها في المواقف الطارئة وفي وقت قياسي لا ينتبه
له الواقف أمامها بل ولم تتعلم فن الكذب والتحايل عجز
عقلها قبل لسانها عن فعل ذلك وتحولت لصورة ساكنة
لامرأة بلهاء لا شيء لديها سوى التحديق حتى فعلها أمر
آخر وفي الوقت المناسب وكان المنقذ لها وهو صوت
الأنين المتقطع والذي كان مصدره المستلقي منذ وقت على
فراش يمان فنظرا كلاهما ناحيته وقد ارتفع صوت أنينه مع
تغضن جبينه بتألم حيث كان يعيش مرحلة العودة للواقع
تدريجياً حتى تلاه ارتفاع جفنيه ببطء ليكشفا عن عينيه
اللتان جعلتا كل واحد منهما يتيبس مكانه ، وحتى يمان
الذي كان ينوي التوجه نحوه قبل هذه اللحظة كانت نظراته
تحاكي الدهشة والإستغراب وهو ينظر للأحداق الواسعة
متباينة اللون حيث كانت إحداها زرقاء باهتة بلون واضح
جداً والأخرى سوداء تماماً في تناقض غريب لم يعرفه أو
يراه يوماً !!

بينما كانت نظرات مايرين له مختلفة تماماً وحدقتاها
الخضراء متسعة بشدة بسبب نظراتها المصدومة الموجهة
نحو عينيه أيضاً بينما همست شفتاها تعبر عن كل ما كانت
تمر به

" زهري ... !! "

كان رد فعل المستلقي هناك أن أبعد نظره عنهما وجلس
بمساعدة نفسه بحركة بطيئة معتمداً على يد واحدة بينما
كان يمسك بالأخرى رأسه وملامحه تعتصر بألم وتوجهت
نظرات يمان نحوها وقد قال باستغراب

" ما هو هذا الزهري ؟! "

نقلت نظرها له وكانت تنظر لعينيه بذهول وصمت فقط
وكأنها لازالت تنظر لتلك الأحداق الغريبة وهو ما زاد من
حيرته وتساؤلاته قبل أن ينتقل نظر كلاهما نحو الذي قال
بكلمات متألمة لازال يمسك رأسه بيده بينما نظره موجه
ناحية مايرين

" أنتِ من ضربني ؟ "

حدقت فيه ببلاهة بادئ الأمر بسبب نظرته التي لو كانت
رصاصة لقتلتها وكأنه رجل وليس فتى لم يتجاوز الخامسة
عشر أو أقل من ذلك لنحول جسده !! لكن سرعان ما تبدل
مزاجها للبرود وقالت

" أجل "

أشاح بوجهه عنهما بينما خرجت كلماته الهامسة المتألمة
من بين أسنانه

" تباً للنساء "

اتسعت عيناها بما مزج الصدمة والغضب معاً بسبب وقاحته
وجرأته وصاحت فيه بحدة

" أكنت تريد أن أتركك تقتل زوجي ؟ "


تجاهل كلماتها تلك وانحنى بجسده وهو يقف بحركة
بطيئة قائلاً

" عليا المغادرة قبل طلوع النهار ، سيغضب الزعيم
إن تأخرت "

كان يمان من غادر الصمت الذي وقع فريسته بسبب كل ما
لم يفهمه ويستوعبه حتى الآن وقال باستغراب

" لديك زعيم !! "

نظر له الذي وقف على طوله وبصمت يحدق في عينيه ممّا
جعله يعود لوضع الحيرة والضياع وهو ينظر للون عينيه
الغريب حد القشعريرة التي تسري في جسدك ولا تفهم
سببها ! بينما كان عقله يفكر فقط في أن هذا الفتى الذي
كان يسابق الريح فوق الأرض الرطبة ومن صرعه وتغلب
عليه لديه زعيم يأتمر بأمرته !!

كان صوت مايرين هو ما أخرجه من كل ذلك وما أن قالت
تنظر للواقف أمامهما

" هو زهري مثلك ؟ "

عاد يمان لنقل نظراته بينهما باستغراب وحيرة حتى استقر
نهاية الأمر على الفتى الذي ارتفع طرف شفتيه بسخرية
وقال ونظره موجه ناحية من وجهت ذاك السؤال له

" لا فالأمر ليس كما تعتقدين ، أنا الزهري الوحيد
في المجموعة "

غضنت جبينها باستغراب بينما كانت تنظر لعينيه بتفكير
فهو لن يعترف لها بذلك وإن كان حقيقي لأجل حمايتهم
بالتأكيد ، قالت وذات النظرة المتسائلة في عينيها

" لابد وأنكم عصابة إحراق الحقول ؟ سمعت عنكم سابقاً "


ارتفع حاجبا يمان الذي سمع أخيراً امراً يفهمه فهو سمع
عن هذا أيضاً مؤخراً وبعد أن بات الأمر يتكرر كثيراً ،
والغريب في الأمر أن المتضرر دائماً هي أراضي شعيب
غيلوان وأشقائه !

وتذكر سريعاً كلماته الغاضبة ناحيته والكره الموجه نحوه
وتسائل ما الذي يدفع عصابة من الفتية الصغار لفعل هذا
وبشعيب غيلوان تحديداً ومن يهاب الغراب الطيران فوق
اراضيهم الشاسعة تلك !!

والأغرب من ذلك كيف يصمت لهم ولم يمسك بهم حتى الآن
ويراهن بأنه قادر على فعلها وخلال ساعات معدودة ؟!
حرك رأسه في حيرة وقال وكأن عقله يعود به خطوات
للوراء ودون تفكير مسبق وهو ينظر لعينيه
بتساؤل وتشكيك

" وزعيمك هذا أقوى منك ؟"


كان رده المبدئي والمتوقع ضحكة ساخرة ولن يستغرب هذا
منه لأنه ترك كل تلك الأمور ليسأل عن هذا !

ورغم ذلك كان ينتظر جوابه بالكثير من الفضول حتى قال
أخيراً والسخرية لم تغادر كلماته كما ابتسامته

" كيف يكون زعيماً إذاً "

عاد حاجبا يمان للإرتفاع بعدم تصديق وتعجب بينما تولت
مايرين مهمة السؤال التالي والمتوقع وقد قالت بريبة

" ما علمته بأنكم فتية ، هو إذاً في مثل سنك ! "

ظهر الضيق على ملامحه فجأة وقال بانفعال مفاجئ

" أنا لم أقل بأني منهم ولا أننا نكون من تتحدثون عنهم "

كانت نظراتهما الصامتة له تؤكد عدم اقتناعهما بما قال
وهو المتوقع وإن لم يقولاها علانية وهذا ما اعترف به
لنفسه مستسلماً بل وما جعل كلماته تتسم بالجدية حين قال

" إن قررتم تسليمي لشعيب غيلوان فعليكم قتلي فوراً "

همس يمان بذهول لم تخفيه ملامحه

" قتلك ! "

وذاك لم يجعله يفهم ما يقصده إلا بأمر واحد فقال سريعاً
وبكلمات ساخرة

" تفكرون إذاً في بيعي لمهربي الأثار "

نقل يمان نظراته الذاهلة بينه وبين مايرين التي كانت
نظراتها له معاكسة تماماً ولم تبدوا عليها علامات
الإستغراب والحيرة مثله لأنها كما فهم يبدو تعلم جيداً ما
يتحدث عنه وقد تولت مهمة الحديث حينها وقالت ونظراتها
لم تترك تلك العينان التي سمعت عنها كثيراً منذ طفولتها
ولم تراها حقيقة أمامها إلا الآن

" أنت لا تعرف يمان جيداً فهو يرفض أن يأخذ جنيهاً لم
يستحقه ليبيع بشري مقابل المال ! "

لاذ بالصمت التام ونظراته الحائرة تنتقل نحو يمان الذي
كان سيتحدث لولا أوقفه صوت آخر من خلفه وهو أنين
شقيقه مما جعله يستدير ويتوجه نحوه مسرعاً ومايرين في
إثره وكان يعتقد بأن حالة جاد تقهقرت مجدداً لكنه فوجئ
بأن مصدر الصوت هو صدر عَنان هذه المرة فأمسك
بذراعه وقلبه على ظهره وظهر له حينها وجهه المتعرق
ووجنتاه المحمرة بشدة فأمسكت مايرين فمها بيدها
مصدومة وقالت

" يا إلهي لقد كان بخير وكنت أتفقده طوال الوقت "


استدار رأسه فقط نحوها أعلاه وقال بضيق

" من الطبيعي أن يمرض أيضاً فهو تبلل مثله بالتأكيد "

شدت شفتيها بقوة وصمت بادئ الأمر فها قد حان وقت
توبيخها ومحاسبتها ، وما ذنبها هي فيما حدث ؟

من هذا الذي يتوقع مطر الربيع الذي يهطل فجأة ويكون
قوياً ووقته قصير ؟ كانت تعلم بأنها لن تكون غير المذنبة
في نظره ورغم ذلك قالت وبضيق مدافعة عن نفسها

" لا تلقي باللوم عليا يا يمان فأنا كنت نائمة وأخاف
عليهما مثلك تماماً "

لم يعلق على ما قالت وكأنه لا يسمعها أو لا يهتم بما تقول
وهو ما جعلها تبعد نظرها عنه متنهدة بأسى بينما حمل هو
شقيقه على كتفه وغادر به الغرفة بخطوات مسرعة
ونظراتها الحزينة المتأسية تتبعه حتى غادر الغرفة فأي
ليلة هذه التي عاشها ؟ لذلك لا يمكنها لومه ولا الغضب منه
ومهما قال ، نظرت ناحية الذي تحركت خطواته أيضاً ناحية
باب الغرفة ليغادر فتوجهت نحوه مسرعة وأمسكت بيده وأعادته مكانه قائلة

" اجلس هنا لن تغادر قبل أن تتناول الطعام وأطمئن بأن
جرحك لم يعد ينزف "

كان عليها منعه من المغادرة قبل أن تعلم منه ما تريد
معرفته كما عليها التأكد بالفعل بأن جرحه لا يحتاج لغرز
ليتوقف نزيف الدم منه فهي تعلم بأن أمثاله لا يدخلون
الأماكن العامة نهاراً ولا يلجئون للمستشفيات أبداً خاصة أن
الإصابة في رأسه فحتى ارتداء النظارات الشمسة لن ينفعه
وهو لا يضع ولا عدسات لاصقة تخفيها ، ابتسمت شفتاها
حين جلس مكانه السابق دون أن يعترض وسارت نحو
باب الغرفة قائلة

" لا تفكر في المغادرة فباب المنزل لا يُفتح إلا من
الخارج "


قالت ذلك لتضمن عدم تفكيره في فعلها بعد خروجها فهي
تحتاج فعلياً التحدث معه وهذه الفرصة لن تتكرر لها أبداً ،
ما أن كانت خارج باب الغرفة وقفت واستدارت نحوه ومدت
رأسها منه ونظرت لعينيه المحدقتان بها كقطة متوجسة
بسبب لونهما الغريب وقالت مبتسمة لتطمئنه أكثر

" ولا تقلق فلن نؤذيك ولن نسلمك لأحد أقسم لك "

لمحت نظرة طمأنينة صغيرة في عينيه جعلتها تومئ له
برأسها مبتسمة تؤكد صدق كلامها وغادرت بخطوات
سريعة نحو المطبخ تُعدل حجابها الذي سقط بسبب خطواتها
المسرعة تلك ، وما أن دخلته وبحركة سريعة أيضاً سكبت
نصف العشاء الذي تركته ليمان في طبق ووضعته ورغيف
خبز في صينية وعادت نحو الغرفة فلا وقت أمامها
لتسخين الشاي وهذا يكفيه ليسد جوعه فالله وحده يعلم
متى كانت آخر مرة أكل فيها .

شعرت بالارتياح حين وجدته جالساً مكانه ينتظرها فتوجهت
نحوه ووضعت الطعام أمامه وجلست بعيداً عنه تنظر له
وهو يأكل بشهية مفتوحة ودون توقف بالرغم من أنه كان
يسرق نظره نحوها كل حين فيبدو أنه لا يستطيع أن يثق
بأحد بسهولة ومهما أبدى له !

وكم شعرت بالأسى والحزن ناحيته هو وأمثاله فهم أطفال
ولدوا بلا هوية ولا عائلة ولا انتماء فقط لبيعهم ومن ثم
قتلهم بدم بارد فدمائه تباع بمبالغ هائلة بينما يعيش هو
الفقر والجوع والعوز ، عليها إذاً أن تحمد الله فثمة من هم
في هذه الحياة تعرضوا للظلم أكثر منها ، قالت ونظراتها
الحزينة لم تفارقه

" ما هي قصتك ؟ "

رفع نظره لها بينما توقفت يده والخبز فيها دون أن يوصلها
لفمه ونظر لعينيها بصمت لبرهة وقبل أن يقول ببرود

" وما علاقتك بقصتي .. هذا أمر لا يخصك "

لاذت بالصمت متجمدة الملامح وكأنه ضرب وجهها
بصفيحة حديدية ساخنة فبقدر شعورها بالشفقة حياله إلا
أنه وقح وعناده وقوة نظراته تفوق عمره بأعوام !
تنهدت بضيق وقالت

" أنا كنت أعني ... "

وعادت وقاطعت نفسها حين أدركت بأن ما كانت تفكر في
قوله سيجرحه كونه لن يكون يعلم بالتأكيد من هو والده أو
من هي والدته لأن السبب الأساسي هو إنجابه فقط ولا يهم
من باع نفسه لأجل ذلك أو فكر في بيعه هو فالمئات من
العلاقات الغير شرعية المماثلة تحدث لينتج عنها طفل
زهري واحد وبعد أعوام عديدة خاصة مع حرص الثنانيين
المميت على عدم التناسب بينهم وبين العرب لهذا السبب
تحديداً أي أن ولادة طفل مثله تشبه هلال العيد تحدث مرة
واحدة في العام إن لم يكن عدة أعوام ، كما أن والدته
يصيبها نزيف حاد وقت ولادته ولا تحمل بعدها مطلقاً ، أي
بأنه فرصة واحدة في ولادة وحيدة خاصة أن ثمنها سيكون
غالياً على مخالف قوانين الثنانيين حال اكتشافه .


حركت رأسها تطرد منه كل تلك الأفكار فعليها معرفة ما هو
أهم من ذلك بالنسبة لها لذلك قالت تنظر له بفضول وقد عاد
للانشغال بطعامه

" مؤكد أنتم تعلمون عن كل شيء في هذه الأراضي لذلك ثمة ما أريد سؤالك عنه "

لم يبدر منه أي اهتمام ولا انتباه لما تقول ولم تنتظر هي
منه ذلك وتابعت وإن كانت ضربات قلبها بدأت تخونها
بسبب الحديث عن الأمر

" بئر أرض غيلوان المدفون والأصوات التي تخرج منه
مؤكد تعلم عنها "

ازداد توجسها مع ارتفاع ضربات قلبها أكثر حين توقفت
يده ورفع رأسه ونظره لها هذه المرة ولم تفتها النظرة التي
رأتها في عينيه حينها وكأنه فوجئ بمعرفتها بالأمر لكنه
خان جميع توقعاتها حين هرب بنظره منها ليده متمتماً
ببرود

" لا أعلم عمّا تتحدثين "

" بل تعلم جيداً "

قالتها بكلمات قوية سريعة بل وأكيدة من كل حرف فيها
لكنه تجاهل كل ذلك وهو يعود لجمع الخبز والإيدام بأصابعه
ونظره عليه فتنهدت بضيق وعلمت بأن مهمتها لن تكون
سهلة بل ولن يفيد الصراخ وإلقاء الأوامر عليه فيبدو بأن
الدماء الزهرية التي تسري في عروقه تصنع منه مزيجاً
غريباً لا يشبه أقرانه ولا أي أحد لذلك حاولت جمع قواها
لتكون هادئة ولتخرج كلماتها صادقة لتصل لعقله وليس
لتأكيد صدقها وقالت

" يمكنك الوثوق بي فأنا أكرههم أكثر منكم "

كتمت غضبها بصعوبة حين خرج الهواء من بين شفتيه في
تأفف واضح ورفع نظره لها هذه المرة وقال بضيق

" أخبرتك بأني لا أعلم عمّا تتحدثين عنه فالآبار كثيرة
والريح تصفر فيها طوال الوقت "


حركت رأسها بقوة ورفض وقالت مباشرة وبنبرة قوية
واثقة لأنه تبدو وحدها ما تجدي معه

" لكن ما تم ردمه واحد ولا أعلم إن كان ثمة غيره ! وما
خرج منه لم يكن صوت ريح أنا لست طفلة ولا غبية "

شعرت بالحرارة تخرج من أذنيها بسبب غضبها المكبوت
وهو يتعمد تجاهلها مجدداً ويعود لشغل نظره ببقايا الخبز
يجمعها معاً بأصابعه فقالت في محاولة جديدة ودون يئس
لأنه سبيلها الوحيد

" أنا لا أعرفك ولا أعلم من تكون وما هو اسمك وأقسم
بأني لن أؤذيك أبداً ولن يعلم أحد بما دار بيننا ... أعدك "


كانت النتيجة ذاتها وهو ما جعلها تتنهد بنفاذ صبر ، لكن
عليها إيجاد حل ما لجعله ينطق بما لديه ولا سلاح أمامها
كامرأة سوى الإلحاح المزعج مع عنيد مثله لذلك قالت
بإصرار

" أخبرني فقط هل سمع أحد منكم تلك الأصوات التي كانت
تخرج منه ؟ "

كانت ستعلن يئسها التام من جعل لسانه يتحرك مجدداً لكنه
فاجأها حين نظر لعينيها وقال بكلمات بطيئة متوجسة

" وأنتِ كيف سمعتها ! "

شعرت ببرودة غريبة تسري في عروقها ولم تصدق أذناها
وهي تسمع ذلك وما هو بمثابة اعتراف حقيقي منه بأنه
سمعه أيضاً مثلها ولم تكن تتوهم ذلك فقالت تروي
بالتفصيل ما حدث معها

" كان الوقت متأخراً واضطررت للخروج بحثاً عن
المساعدة وفجأة ركض أحدهم ورائي فدخلت أراضيهم
وضِعت هناك ووجدت نفسي أمامه فاحتميت به وسمعت
أصواتاً تخرج منه "


لاذت بالصمت تنظر لعينيه ولونها الغريب الذي باتت تألفه
وتراه مميزاً عكس رؤيتها لهما أول مرة بينما كانت تنتظر
بفضول وترقب كبيرين ما ينوي قوله بعد كل هذا الصمت ،
ولم تخنها توقعاتها فقد همس بخفوت وكأنه يخشى من
الجدران أن تنقل صوته

" وكان صراخ رجل ؟ "


اتسعت عيناها وحركت رأسها بسرعة قائلة

" أجل لكن لا يبدو أنه رجل يتم تعذيبه ليكون سجيناً !! "

حرك رأسه موافقاً حديثها وفي صمت فقالت سريعاً

" سمعته إذاً ؟ "


كان جوابه إيماءة جديدة وإن كانت ملامحه تتسم بالجمود
التام لكنه يكفيها كاعتراف منه وما جعلها تقول
بحماس شديد

" اخبرني إذاً كيف أصل إليه مجدداً أو خدني إليه "

قال مباشرة وبذات نبرته الجادة

" لا يمكن لأننا ممنوعون من الاقتراب منه "

اجفلت ملامحها في صدمة وقالت

" ولما ؟! "

لم يُجب واكتفى بالتحديق فيها بصمت فعلمت بأنها سألت
عمّا لا يمكنه التحدث عنه ! لكنها استطاعت ترجمته سريعاً
وقالت تنظر لعينيه

" زعيمكم ذاك من منعكم ؟ "

كان جوابه الصمت أيضاً وهذا يعني بأنها أصابت الحقيقة
فشخص مثله لا تصدق بأنه ثمة من يُملي عليه أوامره غير
من يعترف به زعيماً له وهذا لا يصب في صالحها فها قد
عاد للاختباء خلف صمته ، قالت بنظرة إصرار ليعلم بأنها
لن تدعه وشأنه مجدداً

" أخبرني فقط لا أريد الذهاب له "

كان رد فعله المبدئي أن تنهد بضيق وقبل أن يقول مستسلماً

" أجل لأن واحد منا مات بسببه "

أتسعت عيناها بذهول وقالت دون شعور منها

" ولما ؟! "


كانت تنتظر جوابه بقلب واجف وعقل متوقف عن العمل
تماماً تكاد تفقد أنفاسها من شدة رهبتها وترقبها الشديد
لجوابه ذاك لكنه فاجأها أن قال ببرود

" بسبب ما تشعرين أنتِ به الآن "

تبدلت جميع مشاعرها تلك وغضنت جبينها باستغراب
وقالت

" ما هو ؟ "

قال مباشرة وببرود أشد

" الفضول "

سحبت نفساً غاضباً لرئتيها وكورت شفتيها بضيق قبل
أن تقول

" وهل تنكر بأنه أمر يثير الفضول ؟ "

رفع المنشفة وبدأ بمسح يديه دون أن يعلق على ما قالت
فأبعدت نظرها عنه وقالت بحنق تنظر ناحية الباب المفتوح
والغارق في الظلام

" الحمقى ردموه بعدها وضاعت الفرصة "

وعادت ونظرت له سريعاً حين خان توقعاتها في أن يقول
أي شيء مجدداً وقد قال بجمود

" من الجيد أن حدث ذلك لكنتِ ميتة الآن بسبب
نزولك له "

شدت شفتيها بضيق من أسلوبه النزق وقالت بعدها

" أنا لم أقل بأنني سأنزل "
لم يعلق بينما اعتدل في جلوسه بعد أن رمى المنشفة من
يده في الصينية وقد نصب ركبته وأراح ساعده عليها وهي
تراقبه في حيرة فحتى طريقة جلوسه تشبه الرجال !!
تصرفاته كلماته وكأنه رجل في جسد فتى ؟!

باتت تحار فعلياً كيف يكون زعيمهم ذاك إن كان هذا مجرد
تابع له ! عادت لإزاحة كل تلك الأفكار من رأسها وقالت ما
هو أهم بالنسبة لها

" لكن لما لا يسمعه عمالهم ؟! "

قال دون تردد ولا تفكير

" لأنها لا تخرج في أي وقت ونحن لم نسمعه سوى
مرتان فقط بالرغم من تحركنا الدائم حوله وهم ممنوعون
من التجول في الأراضي ليلاً ومن يجدوه فيها وكائناً من
يكون فسيموت فوراً "


أجفلت بعينين متسعة بسبب ما قال ، وهل عليها أن تتوقع
غير ذلك من مجرمين أمثالهم ؟ إذاً هو سر خطير ذاك الذي
يخفونه !! قالت تنظر لعينيه بفضول

" هل مات صديقك ذاك لأنه نزل فيه ؟! "

تغيرت ملامحه للحزن فجأة والذي غطا عليه الغضب
المكبوت سريعاً وقال وكأنه يقاوم نبرة الألم في صوته

" أجل واختفى داخله ولم يخرج أبداً ووجدناه بعدها بيومين
ميتاً وجسده منغرس في عمود سياج حديدي صدئ قد
اخترق صدره وخرج من ظهره في رسالة واضحة لكل من
يقترب من تلك اللعنة "


بدأت أنفاسها ترتفع بالتناغم مع ضربات قلبها وعيناها
تحدق فيه بذهول لهول المنظر الذي تخيلته ورأوه وهم في
هذا السن ! ولكي تبتعد عن الحديث في الأمر الذي يؤذيه
كثيراً بالتأكيد وإن لم يُظهر ذلك قالت ساخرة

" أتصدق فعلاً أنها لعنة ؟ أنا لا يمكنني تصديق ذلك "

كان رد فعله المبدئي ابتسامة ساخرة أيضاً بينما ظهرت
المرارة واضحة في صوته حين قال

" أمثالي حياتهم كاملة عبارة عن خرافة "

شعرت بالحزن يسيطر على قلبها وبالشفقة حياله ورغم
ذلك لم تظهرها في عينيها ولا صوتها حين قالت

" وحياتك وأمثالك تحمل الكثير من الأكاذيب التي يصعب
تصديقها ، وما سمعته في ذاك البئر حقيقي وواضح لا
علاقة للجن به"


عاد لوضع البرود مجدداً وقال

" إن لم تصدقي هذا فستكون نهايتك مثل نهايته تماماً
لا تنسي ذلك "


لكنها وكسابقتها تجاهلت تماماً ما هددها به كمصير لها
وقالت بنظرة تفكير لم تبعدها عن عينيه

" إذاً هو نزل ثم أمسكوا به وقتلوه ثم رموه بعيداً لتكون
بمثابة عقاب لكم ؟ "

قال سريعاً

" ليس صحيحاً فالبئر لا نهاية له "


لم تستطع إمساك ضحكة صغيرة تغلبت عليها وقالت

" تفكيرك يشبه سنوات عمرك ، كيف تم ردمه إن كان
لا نهاية له "


قال باستهزاء من أفكارها هي

" لقد انجرفت التربة إن كنتِ لا تعلمين هذا "

" ماذا !! "

همست بتلك الكلمة مصدومة تنظر لعينيه فقال

" لقد اختفى أكثر من نصفها داخله "

حركت رأسها في حيرة وضياع وقالت بأفكار مشتتة

" لكن ... إن كان لا نهاية له لكانت اختفت جميعها وما
كانوا ليفكروا في ردمه أساساً !! "

قال دون اكتراث

" هذا لا يعنيني ولا تنسي بأنك وعدتني بأن لا يعلم أحد
بما قلت "


حركت رأسها متمتمه

" لا تخف لن أوقعك في مشكلة مع زعيمك ورفاقك "

أشاح بوجهه جانباً وتمتم مثلها ولكن بابتسامة ساخرة

" أتمنى ذلك "

شدت على أسنانها تكتم غيضها منه وتنفست بعمق تهدئ
نفسها وقالت

" لديا سؤال أخير "


كان على حالته تلك ينظر فقط ناحية باب الغرفة المفتوح
والظلام في الخارج فتابعت من فورها لأن هذا يبدوا ممتزجاً
مع شخصيته

" زعيمكم ذاك هل هو ابن شعيب غيلوان ؟ "

نظر لها بسرعة نظرة حارقة كفيلة بقلتها وصاح بحدة

" ما هذا السؤال ؟! "

تجمدت ملامحها في صمت بادئ الأمر ولا تعلم أغضبه أن
خمنت بأن ابن عدوهم هو زعيم لهم وإن كانت تجهل
أسباب كرههم له أم لأنها أصابت الحقيقة التي يخفيها
شعيب عن الجميع !! ورغم ذلك تابعت ودون أن تهتم
لمزاجه ذاك

" هو لديه ابن فلن يكون ثمة غيره يكن له عداءً واضح
ليحرق حقول ... "


وتوقفت كلماتها بسبب مقاطعتها لها قائلاً بسخرية تغير
معها مزاجه فجأة

" أنتِ تصدقين الخرافات والشائعات كثيراً ... كم تبدين
حمقاء "

كانت قد وصلت لأقصاها بسببه حينها وهو ما جعلها تقول
بحنق وضيق شديدين

" لما لا تتحدث معي باحترام فأنا أكبر منك سنناً "

رماها بالقذيفة الأخرى متمتماً ببرود

" لا علاقة لعقولنا بتاريخ ميلادنا "

اتسعت عيناها من حجم إهانته تلك ، وكيف لها أن تتوقع
غير ذلك ممن تربى في ظروف ومكان الله وحده يعلم ما
يكون ؟ ورغم ذلك صرخت به غاضبة

" أصمت لم أعد أريد أي أجوبة منك ولا أن أسمع
صوتك أيضاً "

قال سريعاً وبكل وقاحة

" أنتِ من طلب سماعه "

" يا إلهي ما هذا ! "

همست بتلك الكلمات تمسك رأسها بيديها وتأففت بغضب
تمسك نفسها كي لا تنسى الظروف التي عاشها واجبر على
العيش فيها ونظرت له ما أن وقف على طوله قائلاً بضيق

" لما لا يرتاح كل واحد منا من الآخر ؟ تبدو لي الفكرة
جيدة وهو وقتها "


وقفت أيضاً وقالت تمنعه

" لن تغادر قبل مجيء يمان فهو صاحب المنزل ومن يراك
ضيفه ، ثم أنا لم أرى جرحك بعد "

تنهد بضيق وهو يبعد نظره عنها متمتماً بحنق

" ما هذه الليلة الطويلة "

تحركت نحوه قائلة ببرد

" من الأفضل لك أن تكون كذلك كي تعود لرفاقك قبل
طلوع النهار "

وما أن وصلت له رفعت العلبة التي كانت تحوي الضمادات
والكحول الطبي قائلة

" هياّ اجلس سأفتح الضمادة لأتأكد من أن النزيف توقف "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 03:43 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية