لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-04-20, 02:03 AM   المشاركة رقم: 1506
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

*
*
*


تأفف نفساً طويلاً واستدار ناحيتها بكرسيه قائلاً بضيق

" عمتي أنا لست عاجزاً بالكامل ويمكنني فعل هذا بنفسي

وتصبحين على خير "


قالت التي كان تأففها لم يكن أفضل حالاً منه بل وبضيق مماثل

تجمع يداها في وسطها

" يبدو كان على غسق أن لا تغادر من هنا فقد اكتشفت مؤخراً

بأنها وحدها من يتغلب على عنادك "

أبعد اللحاف بيده عن السرير القابع أمامه وبحركة غاضبة متمتماً

" هي تعلم جيداً ما أحتاجه وما يمكنني فعله بنفسي ... هذا هو

السبب فقط عمتي "

كانت ستتحدث والعناد كما الضيق لم يغادرا ملامحها التي تبدلت

فجأة لشيء مختلف تماماً وتبادلا نظرة مستغربة وقد قطع

حديثهما الأصوات في الخارج .. بل صوت رعد تحديداً والذي كان

يزمجر كرعد حقيقي بالفعل فتركته وتوجهت من فورها جهة

الباب المفتوح وهو في إثرها سريعاً حتى كانا عند مصدر الصوت

وهو بهو المنزل حيث يقف مواجهاً للكاسر الذي نظر ناحيتهما ما

أن ظهرا وحرك كتفيه بعبوس وملامحه وحدها تكفي لتشرح بأنه

ثمة مشكلة ما وعظيمة جداً !

بينما عاد رعد الغاضب للصراخ مجدداً ولم ينتبه ولا لوجودهما أو

يبدو لم يهتم

" وزوجها لا يتحدث ويخبرنا لما ؟ وماذا عن إبنتها ؟ بل ورجاله

لما يتكتمون عن الأمر إن كان كما قلت لم يكن هنا منذ يومين ؟

أم هما مثلها تماماً لا يعتبروننا سوى عائلة غريبة عنها ؟ "

وعاد للصمت مجدداً وكأنه ينتظر أجوبة من الذي لا يملك منها

شيئاً ، وعلا صوت الكرسي الكهربائي مجتاحاً ذاك الصمت

القصير المشحون للذي اقترب منهما وقال ناظراً بحاجبان

معقودان لشقيقه الغاضب

" ماذا يحدث هنا ؟ مابها غسق ؟ "

نظر له رعد وقال بغضب وكأنه ينتظر فقط أن يسأله أحد

" منذ أن خرجت من هنا وهي مختفية مع ابن خالتها وترفع الآن

قضية طلاق وكأننا أطفال أمامها تفعل وتقرر وتنفذ من نفسها "


أمسكت عمته فمها بيدها مصدومة بينما اجتازها رماح بسهولة

قائلا بحزم رجل الجيش الذي تشربته شخصيته ومنذ كان فتياً

" وهل ستنكر بأنه أقرب لها منك ؟ "

عبارة لم يتوقعها أحد منهم قطعاً جعلت حتى رعد يصمت وعيناه

ستخرجان من مكانهما تحدقان فيه لا أحد يفهم من الصدمة أم

الغضب ! كما لم يستطع أيا منهم تفسير كلامه وقوفاً في صفها

أم هجوماً مدججاً نحوها ؟

بينما لم يهتم هو بتقديم أي تفسير آخر وقد تركه ونظر جهة

الكاسر نظرة فهمها ذاك على الفور وبأنه عليه تكرار ما قال

لشقيقه منذ قليل بل وأيضاً تلقي ردة فعله المجهولة حتى الآن ،

ولأنه لا مفر آخر أمامه قال مجدداً وكأنه مسجل صوت يكرر كل

شيء بدقة وإن كان صوته بدا أكثر تجهماً وبؤساً عن سابقتها

" ما علمته من قاسم أنه تلقى اتصالاً من تيما ليلة ذهاب والدتي

إلى هناك وكانت حينها في المستشفى بعد انهيار عصبي حاد

ونزيف كادت تفقد جنينها على إثره ثم غادرت مع قائد لمكان

مجهول تبين مؤخراً أنه منزل وزير العدل ، وبعد يوم واحد فقط

وصلت ورقة من المحكمة العليا للقصر الرئاسي ولمكتب مطر

شاهين تحديداً للوقوف أمامهم في دعوى طلاق رفعتها ضده ولا

أحد يعلم ما حدث تلك الليلة سوى بأنها تلقت ظرفاً ورقياً من

لندن عن طريق إحدى الخادمات "

وضعفت نبرة صوته مع انتهاء كلماته وكأنه يستجدي نفسه

الثبات ليكمل ما كان يقول وزم شفتيه المرتجفتان في خط رقيق

وكأنه يمنعهما عن إظهار مقاومته للدموع والانهيار باكياً ليس

فقط لتألمه لما حدث معها ويجهلون أغلبه ولا لحال شقيقته التي

تركها هناك بل للنظرة التي رآها في عيني رماح وهو يخفض

بصره ويخفيها بجفنيه عنهم جميعاً ، وعلم حينها بأن موقف عمه

رعد الناري الغاضب أهون مئة مرة من صمت عمه الآخر والذي

أخفى خلفه عاصفة من نوع مختلف تماماً بداخله ، بل ويبدو أن

ذاك ما حدث منذ سمع ما قاله رعد وفهم حينها ما عناه بما قال

سابقاً ، لكن ما لم يتوقعه هو ردة فعله التالية حين نظر لرعد

مجدداً وقال بجمود

" هل سبق وأخبرتك بنيتها هذه من قبل ؟ "

وكان جوابه الصمت بينما تبادل الكاسر وعمته نظرة صامتة

مستغربة تشرح صدمتهما بطريقة تفكيره وتحليله للأمر !

وانتقل نظرهما سريعاً لرعد الذي تنهد بضيق وقال بجمود خالف

سلوكه السابق بأكمله

" تحدثت عن شيء مماثل في السابق لكن علاقتهما الأخيرة

جعلتني أعتقد بأنها توقفت عن التفكير في الأمر "


فعاد الكاسر لسرقة النظرات مع عمته التي كانت كالضائع بينهم

ثلاثتهم بينما قال رماح بجدية متجاهلاً النصف الذ لم يكن يعنيه

فيما قال

" وماذا كان ردك حينها ؟ "

وهنا ارتفعت حالة التوجس ولدى الجميع تقريباً وحتى الذي لاذ

بالصمت يحدق في عيني شقيقه بقوة تشبه صمته ذاك فقال

رماح بإصرار

" هل رفضتَ قرارها أم أنك أيدتها فيما تريد فعله يا رعد ؟ "

فزم شفتيه بضيق ليس من إصراره العنيد فقط بل ومن أسلوب

تحقيقه معه وكأنه طفل أمامه وقال بضيق نافضاً يده بعشوائية

" وهل ثمة شخص عاقل يمكنه استيعاب فكرة أن تحارب رجل

القانون بالقانون ؟ من الحمق أن يفكر أي شخص ومهما كانت

مكانته في الوقوف في وجه قرارات رئيس بلاده لأنه فوق كل

شيء فيها وحتى القانون "


وكان تعليق رماح جاهزاً بل وقوياً أيضاً وهو يشير بسبابته ناحية

البعيد وحيث باب المنزل المفتوح

" وها هو السيد عقبة فعل ، بل وقائد الذي ليس سوى محامي

في محاكم رئيس البلاد بأكملها كما تقول "


صرخ حينها رعد بغضب

" غبي وأحمق وسيرى ما سيحدث معه وإلى ما سيقوده

تهوره المجنون "

وواجه رماح غضبه ذاك بقوة مماثلة صارخاً

" على الأقل هو فعل وإن قُطعت عنقه فلا أراه يخاف أو غافل

عن ذلك "

ولم يجعل كلامه ذاك الواقف أمامه يزداد إلا اشتعالاً وقال بحدة

" رماح هل أفهم مقتنع أنت بما تقول فعلاً ؟ "

فقال من فوره وبحزم

" ما أعلمه بأنها كبيرة وعاقلة تقرر عن نفسها كما كنت تقول

دائماً وتناصرها على الجميع وإن رأوها مخطئة ، فما الذي تغير

حين أصبح رئيس برلمانك في المعادلة ؟ "

وهنا اتسعت عينا رعد بصدمة وعلا صوته مجدداً في وجهه

" رماح ما معنى ما تقوله !! "

وراقبته نظراته الغاضبة وهو يستدير بكرسيه وقد قال

ببرود مغادراً

" ما أقوله اتركها وشأنها فأنت لست شقيقها ولا ابن خالتها

وهي أكبر من أن تضربها وتسجنها في المنزل "

وابتعد حتى اختفى خلف ممر غرفته ولحقت به عمته تضرب

كفيها ببعضهما تتمتم كعادتها بما لا يمكن لأحد فك طلاسمه بينما

تحركت خطوات رعد الغاضبة ناحية باب المنزل مغادراً ومجتازاً

الواقف مكانه يشد قبضتيه بجانب جسده بقوة وقد وقع نظره على

آستريا والواقفة بعيداً بصمت وملامح تعيسة لم يشعر بوجودها

هناك أحد حتى تلك اللحظة قبل أن يركض ناحية السلالم وصعد

للأعلى من فوره بل ولغرفته تحديداً ولمكتبه الخاص بالدراسة

وأخذ الكأس الزجاجي بقاعدته الذهبية الموضوع في أعلى رفوفه

وأمسكه بكلتا يديه ينظر له من بين دموعه وكان جائزة فوزه في

المسابقة الرياضية التي نظمتها مدرستهم الإبتدائية في العمران

، ورغم اكتشافه حينها بأن والدته من كانت صاحبة الفكرة بل

وهي من سلمتها لمدرسته إلا أن ذلك لم يزده سوى فخراً بأنه

في نظرها بطل ورجل كما كانت تقول دائماً ، وآلمه السؤال الذي

يبحث الآن عن أجوبة في داخله وأنه إن كان رجلاً بالفعل الآن هل

كانت ستراه كذلك وكإبن لها بالفعل أم ستتجاهله مثلهم كما

اتهمها عمه رعد ؟

قسماً كان سيقف معها ومهما كانت الظروف والأسباب لكن أكانت

هي ستعتمد عليه ؟

لقد رحلت دون أن تفكر ولا فيه هو ابنها الذي تعرفه لا يمكنه

البقاء ليومين في مكان هي ليست فيه ؟

وما آلمه أكثر هو ما رآه في عيني من أصبح يعده والده الذي لم

يراه يوماً .. فبالرغم من أنه لم ينظر له بالنظرة ذاتها التي قابله

بها رعد بل وحياه ولم يتجاهله وهو يدخل منزله بينما كان يقف

هو وقاسم قرب الباب حيث دراجته إلا أن تجنبه النظر له وذاك

الجمود القاتل في عيناه كان يكفي ليخبره برأيه في الأمر وموقفه

مما يجري وذاك ما زاد شعوره بالألم والوحشة بل واليتم

مجدداً .


*
*
*

فتح عينيه واستوى في جلوسه أكثر يرفع رأسه ويمدد ظهره

المتشنج يشعر بتصلب مريع في كتفيه بسبب نومه جالساً بينما

كان يستند كتفاه على السرير خلفه جالساً على الأرض ، فما أن

صلى الفجر وكانت قد مضت ثلاث ساعات ونصف تقريباً نامت

فيها دون أن تفيق مفزوعة كالمرات التي سبقتها صلى وجلس

هنا قرب ساقيها ونام حين تغلب عليه التعب والإعياء .

سند مرفقه وساعده بالسرير خلفه ورأسه يستدير نحوها وخانت

توقعاته حين وجد عيناها المفتوحتان تحدق به بينما كانت تثني

مرفقها تحت رأسها ولازالت على وضعيتها منذ البارحة

وهمس بهدوء

" هل نمت جيداً ؟ "

كان جوابها إيماءة صامتة ولم يكن يتوقع ولا ينتظر المزيد أيضاً

ويكفي أنها لم تحدق به بجمود أو كراهية كما اعتاد دائماً ، وقف

على استقامته وقال ولازال ناظراً لعينيها التي ارتفعت معه

" سأخبر الخادمات يقمن بنقل أغراضك جميعها هنا وسنغلق

تلك الغرفة نهائياً "

وراقب حدقتاها التي ابتعدت عنه للفراغ أمامها قبل أن يخرج

همسها الخافت

" لا أريد البقاء هنا "

فحدق فيها باستغراب بينما تابعت هي ودون أن تنتظر تعليقه

ولا أن تنظر له

" ليس الطابق الأرضي "

فتحررت أنفاسه التي لا يعلم أين كانت عالقة تحديداً وقال بجدية

ونظره لم يفارق ملامحها التي لازالت تتمسك بهدوء غريب

لا يفهمه !

" زيزفون ماذا حدث أخبريني ؟ ممن أنت خائفة ؟ "

وحين كان جوابها الصمت ولم تفارق حدقتاها الزرقاء الفراغ

وكأنها لا تسمع أو تهتم بما يقول أغمض عينيه وتنهد بعمق يمنع

نفسه عن الكثير من الأسئلة فلا يبدو أنه الوقت المناسب لذلك

وهي لم تتخطى صدمتها بعد فهي ليست ولا زيزفون التي يعرفها

سابقاً ! ولن يصل لشيء مالم تساعده هي وأسلوب الضغط عليها

لن يجدي البتة هذه المرة استسلم نهاية الأمر لفكرة الصمت

والتروي وإن كان مكرهاً ومد يده لها قائلاً

" حسناً ستغادرين الطابق بأكمله "

فجلست من فورها تبعد شعرها للخلف ومدت يدها وأمسكت يده

ووقفت وتبعته وهو يغادر الغرفة ويده في الخلف معها وهمست

تنظر لقفاه أمامها

" أين سنذهب ؟ "

قال يمنع نفسه من الوقوف والنظر لها كي لا يتغلب عليه الجنون

ويحملها بين ذراعيه فلا تُتعب جسدها أكثر بصعود السلالم

" الطابق الثاني فيه غرف أغلب ساكني المنزل لذلك سآخذك

للذي يليه "

" لغرفتي السابقة ؟ "

كان سؤالها مفاجئاً ولم يتوقعه جعله ودون شعور يقف ويلتفت

لها وافترقت أيديهما حينها وقال ناظراً لعينيها المحدقتان به

" ثمة غرف أخرى وسأطلب من الخادمات تجهيز واحدة .... "


وانقطعت كلماته يحدق فيها باستغراب حين قالت وقد هربت

بنظراتها منه

" بل أريد العودة لها هي "

فتنهد بعمق مغمصاً عينيه قبل أن ينظر لها مجدداً يحارب نفسه

بشق الأنفس كي لا يعود لأسئلته التي تكاد تقتله ولا يوجد لها

أجوبة سوى لديها وقال مستسلما للواقع المرير مجدداً

" لكنها تغلق من الخارج ووحدي من يمكنه فتح بابها ؟ "

رفعت نظرها له حينها وقالت بجمود

" لن أحتاج للخروج منها "


حدق فيها بصمت لبرهة قبل أن يشير بيده حيث نهاية الممر الذي

يقفان في منتصفه وقال بجدية

" زيزفون لا تخافي فلن يؤذيك أحد هنا "

همست بخفوت

" أنت ستغادر "

لا ينكر بأنه وبصعوبة استطاع أن يخفي تأثير تلك الكلمات عليه

وأن تثق به وحده ودون الجميع ! بل ولما تخاف تحديداً ؟

منهم أم من وجودها في هذا الطابق فقط ؟

قال ما لم يعد يمكنه منع نفسه عنه أكثر

" ممن أنت خائفة أخبريني لأساعدك يا زيزفون ؟ "

وكان تعليقها كسابقه أن أبعدت نظرها عنه ولم تتحدث فتنهد

باستسلام ومد يده ليدها وأمسكها مجدداً وقال يسحبها خلفه

" سأعيدك لها إذاً وسأترك رقمها السري لوالدة رواح فقد لا

أكون هنا في وقت مبكر "

وما أن وصل بها بهو المنزل وقف بسبب الذي وجده عند أول

السلالم وكان والده ... والذي لم يره ولا بالأمس بعد وصوله لأنه

لم يستطع ترك مبنى النيابة ليكون هنا ، كان لايزال بثياب النوم

ولا يفهم ما أنزله في هذا الوقت الباكر !!

بينما كانت نظراته تتنقل بينهما بصمت لم يفهم أو يستطع قراءته

فترك يدها واقترب منه وبادله ذاك الحضن سريعاً بينما همس

وقاص في أذنه بحزن شعر به عند رؤيته أكثر من أي وقت سابق

" أحسن الله عزائك "

فربتت يد والده على ظهره بينما همس بخفوت حزين

" عزائنا ومصابنا واحد "

وما أن ابتعد عنه لاحظ نظراته التي توجهت ناحية الواقفة خلفه

وأراحه أنها لم تكن نظرات عدائية حتى الآن على الأقل ، ولا ينكر

أنه خان جميع توقعاته حين لم يهاجمه كالبقية لأنه يقف في

صفها ! وتمنى بالفعل أن يستمر في تدمير توقعاته السلبية تلك

ولا يفعل ذلك الآن خاصة وأنها في نظر الجميع هي الفاعلة ، قال

بترقب أخافه ينظر لعينيه المحدقتان بالواقفة خلفه دون أن ترمشا

" آسف أبي فلم أستطع أن أكون هنا بالأمس "

وكاد يحضنه امتناناً حين أبعد نظره عنها دون أن يتغير ونظر

له وقال

" أعلم جيداً ما كنت تفعل وأين كنت "

وارتفعت يده لكتفه وشد عليه بقوة وهمس ناظراً لعينيه

" لقد أخبرتني رقية ومتأكد من قدرتك كمحامي وحدة ذكائك

وبعد نظرك "


ابتسم حينها ورفع يده وأمسك بها يد والده التي لازالت تمسك

كتفه وشد عليها بقوة يشعر بأنها أعظم من أي أوسمة عُلقت على

كتف أعلى مسؤول في البلاد لينظر لها بفخر تزينه وقال ونظراته

تحكي ما يشعر به بل وتشع امتناناً

" أجل أبي ما أحتاجه هو ثقتكم فقط "

فابتسم له في أول مرة منذ أن أصبح هنا أو منذ علم بالخبر

وربتت يده على كتفه واجتازهما مغادراً ناحية باب المنزل

المفتوح نظرات زيزفون وحدها كانت تتبعه لأن العينان الأخرى

كانت تراقبها هي قبل أن تسحبها يده التي أمسكت بيدها مجدداً

وصعد عتبات السلالم وهي خلفه يتمنى لو يفهم أو يعلم فيما كانت

تفكر وهي تنظر لوالده قبل قليل ؟

وهل استطاعت أن تفهم معنى أن يراها بريئة أيضاً أم أنها كانت

ستعتقد بأنها ثقة أب في قدرات ابنه ليس إلا ؟

صعد بها السلالم الآخر والرابط بين الطابقين العلويين ولم يتوقف

حتى أصبحا أمام باب غرفتها القديمة وتحركت سبابته فوق

الصندوق المحاذي له بسرعة ومهارة يدخل الرمز الذي اختاره

سابقاً له وأبعد يده ما أن انفتح الباب الثقيل مصدراً ضجيجاً

كهربائياً خفيفاً ودخل بها حينها حتى وصلا لباب غرفتها المفتوح

هناك والتفت ناحيتها وأمسك بذراعيها وقال بجدية ناظراً لعينيها

المحدقتان بعينيه بصمت

" لا أعلم هوية عدوك الحقيقي وإن كان من داخل المنزل أو

خارجه لكنك ستكونين في مأمن هنا وأعدك أن لا تصابي بأذى

وأنا موجود وحي أتنفس يا زيزفون "

كان ينظر لعينيها بتصميم يؤكد صدقه وإصراره بل وعزيمته على

تنفيذ كل كلمة قالها ، وكذلك حدقتاها الزرقاء الجميلة لم تبتعد

عن عينيه وإن كانت صامتة تماماً مثلها في شخصية بات يراها

جديدة عنه تماماً ولم يعرفها في جميع شخصياتها السابقة وحتى

الأندر منها !

( الصمت السكون والهدوء التام ! )

شخصية أخرى يعجز أيضاً للأسف عن فهمها وقراءتها أو حتى

التكهن بردود أفعالها !! .

تركها حين يئس من أن يسمع أي تعليق منها أو لم ينتظره

بالأحرى فهو لم ينتظر سابقاً أن تُثني على ما يفعله من أجلها أو

أن تكافئه ولا بكلمة ، خرج مغلقاً الباب خلفه وترك التي راقبت

مكانه بصمت قبل أن تجر خطواتها نحو سرير الغرفة مباشرة

وتكورت جالسة فوقه تحضن ركبتيها بقوة ونظرت ناحية النافذة

المحمية تماماً والمرتفعة طابقين بعيداً عن الأرض لتكون الملاذ

الآمن تماماً لها قبل أن تبعدهما عنها تنظر للفراغ بحدقتين


مرتجفتين واشتدت ذراعاها حول ساقيها أكثر تحضن ارتجاف

جسدها تشعر بأنفاسه ولمساته بل وقبلاته لعنقها وجانب وجهها

وكأنها الآن فدفنت ملامحها في ركبتيها تغمض عينيها بقوة

وخرج أنينها الباكي يرتفع تدريجياً موجعاً حد الألم .


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 23-04-20, 02:05 AM   المشاركة رقم: 1507
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

*
*
*

حين توقفت سيارة أويس أمام باب منزله كان أحدهما نائم على

كرسي السيارة في الخلف حيث يجلسان والآخر نائم على فخذ

شقيقه ذاك ، فما أن أصبحت سيارتهم تشق الأراضي الزراعية

المتشابهة تغلب النعاس على الطفلان كأقرانهم في المواقف

والاماكن المشابهة ، وكانا قد ناما لأكثر من ساعتين حينها فنزل

يمان وأيقظهما رافضاً اقتراح أويس بأن يحملاهما للداخل دون أن

يفسد نومهما فرفض فكرة أن يتواجه ومايرين مجدداً فالأمر يراه

يخصه وهي زوجته ولا يريد لأحد أن يبدي ولا رأيه في الموضوع

ولولا أنه من وجدها وجلبها إلى هنا ما كان ليخبره أبداً بما حدث

وبخروجها من هنا ، ومن الجيد أنه لم يتحدث في الأمر مجدداً

لأنه كان سيضطر حينها لإخباره بأنه يحترم خصوصيات الناس

كما يحب أن يحترموا خصوصياته ليفهم موقفه من الأمر ..

ولا طريقة لبقة أبداً لقول ذلك غيرها .

فتح باب المنزل يساعد كل واحد منهما على حده لاجتياز عتبته

المرتفعة قليلاً فالنعاس لازال يسيطر حتى على خطواتهما الغير

ثابتة ، وبينما كان عنان يتثاءب طوال الوقت بعينين مفتوحتين

كان جاد يسير وعيناه مغمضتان معتمداً على يد شقيقه الأكبر في

سيره ، وما أن أغلق باب المنزل انحنى نحوه ورفعه ذراعه

تحيط بساقيه وسرعان ما سقط على كتفه نائماً بينما أمسكت يده

الأخرى بيد عنان ودخل بهما ليجد أمامه الواقفة عند باب الغرفة

ولم يستطع بسبب الجهة المظلمة التي تقف فيها أن يرى

ملامحها جيداً ولا عيناها التي كانت تنظر للصغيران نظرة حزن

وشفقة فهي سبق وأخبرتها يمامة عنهما في اليومان اللذان

قضياهما هناك في منزل زوجها .

ابتعدت عن الباب ما أن وصل له وخشيت أن تقترح مساعدته في

أخذه منه ويرفض ، وكل ما فعلته أن لحقته مسرعة ما أن دخل

ووضعت الوسادة حيث كان ينوي وضع شقيقه ثم أخذ الوسادة

الأخرى منها ووضعها على الفراش الآخر فوق رأس الذي تابع

نومه دون حراك وقال للواقف قربه

" هيا يا عنان نم هنا "
فأطاعه على الفور مرتمياً على الفراش وسرعان ما أغمض

عينيه وعاد لعالم النوم الذي فارقه قبل لحظات وخرج حينها

لحقيبتهم التي تركها عند الباب بينما وقفت هي مكانها تنظر

مبتسمة بحزن لملامحها الجميلة والمتشابهة في كل شيء مما

جعلها تغرق في مشاعر غريبة لم تستنكرها أو تحاول فهمها فهي

تعلم بأن ذاك شعور كل من يجد نفسه أمام توأمان متشابهان في

كل شيء وجميلان هكذا .

نظرت خلفها حيث الذي دخل يسحب حقيبة كبيره وفتحها ما أن

وضعها قرب الباب وأخرج منها لحافان برسومات لسيارة كبيرة

كلٌ بلون غطاهما بهما بعد أن نزع منهما السترة والقميص ليناما

بطريقة أفضل ، وما أن استوى واقفاً همست الموجودة

خلفه بتردد

" هل أحضر لك شيئاً تأكله ؟ "

" لا "

كتمت غصتها وابتلعتها مع ريقها ونظرت للأرض بحزن وهو

يجتازها مغادراً الغرفة للطريقة الجافة التي رفض بها بالرغم من

أنه تحدث ولم يتجاهلها ككل مرة تحدثت معه مؤخراً .. لكنها كانت

جارحة ومؤلمة منه أكثر من صمته وهو من كان سابقاً كلما

رفض شيئاً يتبعه بعبارة ( شكراً لك ) وكأنه يخشى أن تجرح كلمة

لا مشاعرها دون قصد منه ، ويبدو أن موقفه منها لم يتغير

بالرغم من شرحها لما حدث قبل مغادرته ولديها شاهد على كل

ما قالت وهي والدة أويس فلما يستمر في ظلمه لها ويرفض

تصديقها ؟

تحركت من مكانها واندست في فراشها ما أن دخل ينزل أكمامه

يستعد ليصلي العشاء الذي لم يصليه بعد وأولته وصوته

الجهوري المرتخي بتعب ظهرها تنظر للجدار أمامها بحزن لا تعلم

على حالها أم حاله هو ؟ ففوق مسؤليتها التي يبدو باتت عبئاً

ثقيلاً عليه وقد يتخلص منها قريباً ها هو يجد نفسه مسؤلاً عن

شقيقاه الصغيران أيضاً وكل ما قد يحتاجانه مستقبلاً وما أكثر

هذا الذي سيحتاجاه وسيكون عليه توفيره وهو الذي بالكاد يملك

قوت يومه وراتب ضئيل من شركة زراعية لا تجد دعماً ولا من

وزارة البلاد .

ما أن أنهى صلاته ونام أيضاً حتى عم الغرفة سكون تام قاتل

وكأنه لا أحد يوجد فيها حتى كاد يسحبها لعالم النوم مثلهم لولا

صوت الأنين الطفولي الذي جعلها تجلس بسرعة تنظر في الغرفة

الشبة مظلمة للجسد الصغير الذي جلس فجأة يهمس منادياً ببكاء

" أمي ... أمي "

وكان ذاته الذي أدخله يمان نائماً فتوجهت نحوه مسرعة لحظة

جلوس يمان الذي يبدو استفاق بسبب صوته رغم انخفاضه

وكانت هي من وصلت له أولاً وضمته لحضنها الذي تعلق به

سريعاً ومسحت يدها على شعره ونزلت دموعها الصامتة مع

بكائه رغماً عنها تتألم لحاله وهي من سبق واختبرت معنى فقدان

الأم بالرغم من أنها كانت أكبر منه سناً حين توفت والدتها إلا أن

المعاناة التي يراها المرء بعد فقده لها تدمره أكثر من لحظة

الفراق ذاتها .

أمسكت يد يمان بذراعه الصغير يسحبه منها برفق وهمس منادياً

إياه بإسمه لكنه رفض تركها بل وتعلق بها أكثر لا تعلم يظنها

والدته أم أن ما يحتاجه الآن هو حضن امرأة وأياً كانت ؟

همست ما أن أبعد يده عنه

" سأضعه في فراشه ما أن ينام لا تقلق بشأنه "

وكان تعليقه الصمت التام وهو يعود ناحية فراشه والتزمت هي

الصمت أيضاً تنظر للفراغ المظلم بشرود حزين ويدها لازالت

تمسح على الشعر الحريري برفق وحنان وقد بدأ صوت بكائه

يخف تدريجياً حتى نام مجدداً ، وما أن وضعته مكانه السابق

وعدلت ساقيه وقدميه وغطته بلحافه حتى تعلقت إحدى يديه

بقماش فستانها والأخرى بذراعها وعاد للبكاء مجدداً يرفض

إبتعادها عنه فجلست تمسك يدها بيده بينما تمسح الأخرى على

شعره تطمئنه هامسة بأنها لن تتركه حتى نام مجدداً فوقفت

وانتبهت حينها بأن يمان كان ما يزال جالساً ويبدو لن ينام مجدداً

حتى يطمئن أنه نام فعلاً !

انتقلت لفراشها وسحبته جهة الفتى الصغير ونامت بجانبه

لتختصر الأمر ليس على نفسها ولا على الصغير الباكي بل على

الذي يبدو قرر أنه لن ينام إلا إن نام شقيقه ، وابتسمت بحزن ما

أن اندس في حضنها وضمته بذراعها من فورها فهما يبدو لم

يجتازا الرابعة من عمرهما وصغيران جداً على استيعاب

ما مرا به .


*
*
*



رمت هاتفها جانباً ونظرت للساعة المعلقة على الجدار وكأنها لم

تراها في هاتفها منذ قليل وكانت xxxxبها تشير للساعة الثانية

عشرة ولا ترى أن ذاك الرجل يفكر في الرجوع لمنزله الليلة !

ولا تنكر أن ذاك أراحها لكنها تستغربه أيضاً فهو بالكاد يدخله

ليعود ويخرج مجدداً فلما يتزوج وهو يعلم بمشاغله التي لا مكان

للزوجة فيها ولا وقت ؟!!

تأففت من أفكارها تلك وضمت ركبتيها بذراعيها ونظرت للساعة

مجدداً كالبلهاء وتعرف لما ..؟

بلى تعلم .. لأنها متوترة وخائفة من مواجهته فهي أطلقت وعوداً

حان وقت الإيفاء بها خاصة أنه حقق طلبها ولا مجال للتهرب

وستتخلى عن كل ما كانت مصرة على الاستمرار في رفضه حتى

تخرج من هنا وتعود لمنزل والدها كما كانت وبعد القليل من

الهرج والمرج بالطبع لتتناقلها ألسن الناس مجدداً ثم ينتهي كل

شيء فهي اعتادت ذلك وألفته لأنها اختبرته مراراً وعلمت أن

اجتيازه يحتاج فقط للقليل من الصبر تم ستنساها الناس وتلتفت

لما هو أهم وقد ظهر حديثاً لتكون أصبحت هي وحكاياتها من

الماضي .

وقفت وتوجهت ناحية النافذة المفتوحة ووقفت أمامها تشد

أصابعها بتوتر ولا تفهم لما لا تتوقف عن التصرف كمراهقة

صغيرة مضحكة فستجعل من نفسها سخرية أمامه على هذا

الحال .

رفعت نظرها للسماء المرصعة بالنجوم وهمست برجاء آسي

" يا رب أكثر من مشاغله الليلة ولا يأتي إلى هنا "

ولم تجد متسعاً من الوقت لتضحك على نفسها ودعواتها الساذجة

تلك بسبب صوت صرير الباب الخارجي للمنزل مما جعل ضربات

قلبها تتسابق بجنون وأصابعها تشتد أكثر وانحنت من النافذة قليلاً

تنظر للخارج وكأنها تمني نفسها أن يكون مصدر الصوت لأحد

أبواب الفيلات المحيطة بهم وخاب ذاك الأمل وتبخر وهي ترى

نور السيارة القوي الذي اخترق ظلال الأشجار يقترب ويتسع

تدريجيا يصحبه صوت المحرك القوي ، وابتعدت عن النافذة ما

أن ظهر لها مصدر ذاك الضوء والمتمثل في الأضواء الأمامية

للسيارة البيضاء الفاخرة وتحركت في الغرفة بعشوائية تبعد

خصلات غرتها خلف أذنيها تارة وتعاود جمع شعرها الطويل على

كتفها تارة أخرى والتصقت بالباب نهاية الأمر تحاول السماع من

شقه المغلق فصوت خطواته بل خطوات حذائه المميزة تلك لازالت

تحفيظها منذ الليلة التي زار فيها شقة شقيقها .

كانت تعلم بأنها لن تستطيع سماع خطواته من كل هذا البعد

والباب مغلق أيضاً لكنها ستعلم على الأقل إن كان سيخطط

لزيارتها هنا أولاً أم لا ، وتنفست الصعداء مبتعدة حين سمعت

باب غرفته يغلق مما يعني أنه دخل هناك مباشرة ومن الجيد أنه

فعل ذلك فلو فتح الباب لوجدها أمام وجهه فهي لم تسمع شيئاً

البتة !.

انتقلت جهة سريرها وجلست على طرفه تراقب قدماها الحافيتان

تغوصان في السجادة الكثيفة الناعمة تضغط على أصابعها داخلها

بحركة قوية وكأنها تفرغ توترها فيها ! وانتهى كل ذلك نهاية

الأمر ورفعت رأسها متأففة نفساً طويلاً تلعن جبنها فأين كان كل

هذا عندما كانت تستجديه متوسلة أن تكون له وكما يريد فقط

ليوافق على أخذها لمن قد ينهي حياة شقيقها وبأمر واحد منه

ودون أن يغادر مكانه ؟ حضنت نفسها وارتجاف أطرافها التي

ارتعدت من مجرد التفكير في الأمر وتأملت في أن تكون الكلمات

القليلة التي قالها ذاك الرجل كما فهمتها هي تماماً فسترضى بأن

يحرمه من كل شيء وحتى عمله وجميع مكاتبه الخاصة فقط لا

يحرمهم هم من رؤيته فلن تتخيل ما سيكون رد فعلها إن هي

فقدته وهو شقيقها المحبب فكيف بوالدتها التي تحملت كل شيء

من أجله ومن أجل شقيقه ؟ تعلم بأنه كان يقصد بما قال موته

على يديه لكن أن يتركه بدون عقاب فلن تحدث أبداً وهي من

تعرف ردود أفعال ذاك الرجل جيداً في الأمور المشابهة .

ومرت الدقائق وهي على ذاك الحال تتقافز بأفكارها من مكان

لآخر حتى لم تترك أحداً له صلة بها ولم تفكر فيه في دائرة

متشعبة والذي لم يكن سوى هروباً وبجبن مما تعلمه جيداً فوقفت

نهاية الأمر وحزمت أمرها فهي وعدت وعليها الإيفاء ولا ضرر

في هذا فنهايتها هنا واحدة ولن يتغير شيء إن هي تقمصت دور

الزوجة كفترة متعة لزوج لن يبحث لديها عن شيء مختلف عن

أقرانه الرجال فهدفهم من هذا الرباط واحد تغطيه أي امرأة

في غياب أخرى .

دست قدميها في الحذاء الناعم وتوجهت ناحية الباب مباشرة وإن

كانت تدفع خطواتها دفعاً وكأنها مقيدة بأغلال ثقيلة تجبرها بالقوة

على إطاعتها حتى وصلت إليه وفتحته وغادرته تغلقه خلفها

بهدوء ، وبدأ الأمر يزداد صعوبة وهي تنظر ناحية الباب المغلق

هناك وحيث مقصدها ووجهتها الأساسية فشجعت نفسها وتحركت

دون تفكير هذه المرة كي لا تعود أدراجها وذاك ما كان سيحدث

بالتأكيد ، ليته فقط ساعدها في هذا وكان هو من اقتحم غرفتها

وأجبرها على تنفيذ وعدها وما يريد لكان اختصر عليها عناء كل

هذه اللحظات المتلفة للأعصاب وتوّج انتصاره عليها ولنفسه

بالطريقة التي ترضي الغرور الذكوري المقيت .

وقفت مكانها ما أن وصلت باب الغرفة وانقبضت أصابعها في

حركة لا شعورية متمنعة وكأنها ترفض من نفسها فعل ما تريد

منها لكنها رفعتها بالقوة وأمسكت مقبضه على الفور متمتمه

لنفسها بضيق

" هيا يا جبانة فهذا ما تستحقين "

وأدارته سريعاً وإن بحركة بطيئة فهذا هو الفصل الأخير وبعده لا

تراجع وستنتهي معاناتها مع نفسها على الأقل ، وذاك ما كان في

مخيلتها فقط فما أن أصبحت في الداخل اصطدمت بجدار الواقع

الذي جعل كل شيء يتحول لظلام قاتم أمامها ولا تعلم أن سببه

ليس سوى إغماضها لعينيها بقوة وانتكاس رأسها للأسفل ولم

تشعر بنفسها ولا بأنها تراجعت للوراء مغلقة الباب الذي اصطدم

به جسدها فقد فقدت كل ما يربطها بما حولها ما أن وقع نظرها

على الذي كان يقف قرب السرير الواسع للغرفة يمسك في يديه

قميصاً قطنياً بأكمام قصيرة يفرده بينهما وكأنه ينوي ارتدائه للتو

بينما كان يرتدي بنطلون رياضي مريح وطويل وقميص داخلي

بدون أكمام شعره الرطب يشرح سبب رائحة الصابون العطرة

التي تملأ المكان وقد تجمد هو مكانه أيضاً وتوقفت يداه عما كان

يفعل لكن بشكل مختلف تماماً عن التي ينظر لها مبتسماً تقف

ملتصقة بالباب خلفها وحتى يداها تخبئهما خلف جسدها كما

أخفت عنه غرتها الناعمة ملامحها التي تنزلها ناحية الأرض ،

وتنقلت نظراته على جسدها حيث البيجامة القطنية الناعمة التي

تغطي تفاصيلها الأنثوية الممتلئة قليلاً بتناسق مغري حد الألم

وكانت بقميص بلون الكريما ياقته المستطيلة بشكل عرضي تكاد

تكشف كتفها بلون القهوة كما أطراف أكمامها التي تجاوزت

مرفقيها بقليل وكذلك لون الزهرة المطبوعة في منتصفه وبشكل

مائل تتخللها نقوش ذهبية واضحة بشكل أكبر تتبع جميع

تفاصيلها .. وكانت ببنطلون بلون القهوة الداكنة أيضاً يصل طوله

لنصف ساقيها وكتابة إنجليزية نقشت بالعرض على إحدى ساقيه

وباللون الذهبي اللامع أيضاً وكأنها تمزج لون ذاك الحرير البني

الكثيف المجموع عند كتفها بما ترتديه .. بل وكأنها تنوي قتله

ودون سلاح .

شد على شفته وابتسامته بأسنانه بقوة ولبس قميصه بحركة

سريعة كي لا يغمى عليه مجدداً وتحركت خطواته نحوها يعدل

أطرافه فوق بنطلونه ونظراته لا تفارقها فهو يفهم تماماً سبب

قدومها بل ويفخر بأنها لم تخن توقعاته ناحيتها والتي بناءً عليها

اختارها زوجة وشريكة له ومتأكد من أنها تمتلك بداخلها جوهراً

فريداً من نوعه تفتقر له أغلب النساء فهو لم يسمح هذه المرة

لقلبه بأن يحدد اختياره وحيداً ولم ينساق خلف إعجاب عينيه بها

فقط ما أن رآها أول مرة وإن كان مجرد النظر لها ومن بعيد

يجعلك تتأكد من أنها مختلفة عن جميع النساء .. وجاءه ابن

شراع بالخبر اليقين حين علم بخفايا قصتها معه ، وهو على

استعداد لتقديم كل ما لديه ليكسبها بأكملها له زوجة وحبيبة

وأم لأبنائه الذين يرفض أن تربيهم امرأة أقل منها .

توقفت خطواته أمامها مباشرة مما جعل ضربات قلبها المجنونة

أساساً تزداد شدة حتى كانت أكيدة من أنها انتقلت له عبر الأرض

تحتها وشعر بها فأخرجت يديها من خلف جسدها ورحمت

أظافرها من الاحتكاك البطيء بخشب الباب وضمتهما لبعضهما

ولم ترفع رأسها تشعر بكل ذرة في جسدها تصرخ متوسلة إياها

لتفتح الباب وتفر هاربة من هنا تنظر لأصابعها وبقايا رسوم

أزهار الحناء الباهتة عليها والتي تكاد تختفي ، ومنعت نفسها

بصعوبة من فعل ذلك حقيقة ما أن امتدت يده ليديها وأمسك

بإحداها بينما ارتفعت يده الأخرى للجدار بجانب الباب ولامس

بأصابعها زر الإنارة الذي جعل الغرفة تغرق في الظلام التام

فشدت شفتيها بأسنانها بقوة تكاد تبكي توتراً وخوفاً أو لا تعلم

كراهية لكل هذا إن أمكن !

وما أن سحبها من يدها ببطء تحركت من مكانها خطوتين تشعر

بقدميها تتخدران حتى كانت تكاد تعجز عن حملهما والسير

وتجمدت مكانها ورفعت وجهها وعيناها بصدمة ما أن انفتح

الباب خلفها واستدار رأسها تباعاً ناحية الذي كان قد أصبح

بجانبها تقريباً بسبب خطوته الواسعة نحو الباب الذي فتحه ورأت

بوضوح ملامحه حين واجهه النور القوي المنبعث من الباب

أمامه والتي كانت مسترخية تماماً وإن لم تحمل أي تعابير

أخرى !!

وازدادت دهشتها حين تحرك مجدداً يسحبها من يدها معه وغادر

بها الغرفة بخطوات واسعة جعلتها تتبعه مسرعة متوجهاً للباب

الذي غادرته قبل قليل وفتحه ودخل بها ووقف مكانه وأدارها

حتى أصبحت تقف أمامه مباشرة تتلقف أنفاسها المرتجفة لا تعلم

بسبب سيرها مسرعة خلفه أم انفعالها السابق الذي يكاد يجعلها

تسقط مغشياً عليها ؟ بينما تعلق نظرها بعينيه ما أن قال وقد

حرك رأسه مع كلماته

" ليس هكذا .... ليس وأنت مكرهة يا جليلة "

فانفجرت شفتاها وأصبح صراعها مع أنفاسها المضطربة يزداد

حدة وأرادت أن تتحدث لكنها عجزت عن قول أي شيء بل لم تكن

تعلم ما ستقول أساساً ! بينما لم ينتظر الواقف أمامها ذلك منها

وقد تابع بجدية وسبابته تشير حيث غرفته خلف الجدار

المحاذي له

" كان بإمكاني فعل هذا منذ الليلة الأولى لك هنا لكني أرفض

النوم مع امرأة كجسد بلا روح تؤدي فقط واجبها نحوي إن

مجبرة أو حتى صاغرة مثلك الآن "

وأنزل يده وتابع ولازال ينظر لعينيها التي توقفت تماماً عن العمل

وتجمدت حال باقي جسدها

" لا يمكنني أخذ حقي منك لأوليك ظهري وأنام دون أن أهتم

للدموع التي أعلم بأنها تُسكب من عيناك حينها ، لا أريد هذا

وإن كانت النتيجة أن لا ألمسك مطلقاً "

ولم يكن يعلم بأنه فعلها حينها والدموع الحارة تملأ عيناها وخرج

صوتها أخيراً هامسة بخفوت

" لما تزوجتني إذاً ؟ "

فابتسم يزيد من رصيد ألغازه لديها وارتفعت يداه لوجهها وأمسكه

بهما يمرر إبهاماه تحت جفنيها الواسعان يمسح الدمعة التي لم

تتعدى رموشهما الكثيفة وقال

" لا أراه الوقت المناسب لأجيب عن سؤالك هذا لكن ثمة جواب

وتفسير له بالتأكيد وسأخبرك عنه في الوقت المناسب لكلينا "


وما أن أنهى عبارته تلك نزلت يداه ببطء نحو عنقها وهو يدنيها

منه وأغمضت عيناها الدامعة ما أن شعرت بملمس شفتيه على

جبينها قبل أن يختفي كل ذلك معهما .. ملمس يديه وجوده

الطاغي وحتى رائحته اختفوا جميعهم وتركها واقفة مكانه تراقب

الباب الذي خرج منه بعينين دامعة سرعان ما تدلت القطرة

المالحة من أطرافها في خطين مستقيمين وهوت جالسة على

الأرض ودفنت وجهها في ذراعيها فوق السرير قربها تبكي

بصمت يتحرك معه كتفاها بقوةِ عبراتها المكتومة .



*
*
*


اقتربت من الباب الزجاجي العاكس ونظرت من خلاله وكأنها

تتوقع أن تجد سيارته هناك لأنه يجلس فيها منذ وقت يرفض

النزول ! لكن أفكارها الساذجة تلك أيضاً كانت أبعد عن الواقع

بأميال عديدة ولا أثر له ولا لسيارته وقد تأخر الوقت ولم يرجع

بل ولم يزر المنزل منذ غادر غاضباً من هنا .

ابتعدت عن الباب لكنها لم تستطع العودة للمكان الذي خرجت منه

لأن صاحب الكرسي الكهربائي الذي سمعته يقترب أصبح هنا

ورآها وانتهى الأمر وهي من كانت تظنه نائماً كحال البقية ..!

هذا إذا ناموا ولم يكونوا مثله ومثلها لم يغمض لهما جفن حتى

الآن .. والغريب في الأمر أن هذه ليست عادته ولا تطابق النظام

الصحي الذي يتّبعه حسب وصايا الأطباء والتي السهر ونقص

ساعات النوم مخالف لها تماماً ! مما يعني أنه ثمة ما يؤرقه

وجعله يفقد أي رغبة في النوم مثلها ؟ وياله من سؤال أحمق

بالفعل فهل ما حدث وعلموا به يترك أي رغبة في النوم ؟ .

ارتفعت يدها ولا شعوريا لحجابها تتأكد من أنه لازال مكانه

وحمدت الله أنها خرجت به فهي لا تفعلها وتخرج من دونه وفي

أي وقتٍ كان بوصايا من رعد ويبدو معه حق .

أخفضت نظرها حياءً ما أن قال الذي أوقف كرسيه على مبعدة من

مكان وقوفها

" ألم يعد بعد ؟ "

فحركت رأسها في إيماءة خفيفة ودون أن تتحدث وسمعت

بوضوح تمتمته المتضايقة وإن لم تفهمها ووصلها صوته

الجاد مجدداً

" هل اتصلت به ؟ "

فشعرت بخجلها منه يزداد أكثر فرماح شخصية تراها مختلفة عن

شقيقه رعد وقد يكون نظام عمله العسكري سابقاً السبب !

حتى أنها قلما توجه حديثاً له بل وفي الضرورة فقط بينما لا يفعل

هو ذلك وطوال الفترة التي عاشتها هنا وإن قصرت مدتها فلم

يتواجدا معاً في مكان واحد ولم يتبادلا أطراف الحديث وهذه المرة

الأولى التي يسألها عن أي أمر يخصها وكل ذلك جعلها تغرق في

خجلها الآن بل وبصعوبة خرجت الكلمات التي لا تعلم كيف وصلت

له وسمعها لانخفاضها

" لا ... لقد خشيت أن يكون مستاءً ولا يعجبه هذا "

ولم تضف حرفاً ولم يعلق هو بشيء أيضاً مما جعلها ترفع نظرها

له وحدقت بتوجس في الهاتف الذي أخرجه من المكان المخصص

له في كرسيه وشعرت بالخوف بسبب ملامحه العابسة التي لا

تنذر إلا بإحتمال شجار قريب بين الأخوين سببه هي ، وتأكدت

شكوكها حين قال بجدية هي أقرب للحدة ما أن أجاب من في

الطرف الآخر

" أين أنت ؟ "

وارتفعت يدها لشفتيها ما أن قال بضيق

" لا شيء بنا .. هل للمشاكل فقط سنطلبك ونسأل عنك ؟ "

ويبدو أن مزاج من في الطرف الآخر لم يكن بأفضل منه فقد أجاب

عليه سريعاً وبضيق أشد هذه المرة

" لا بالطبع لست طفلاً وليست المرة الأولى وليس من أجلك

اتصلت بل من أجل زوجتك التي لم تفكر يا راشد بأنها ستكون

قلقة عليك ولم تعنيك لا هي ولا ابنك منها "

فأنزلت رأسها للأسفل حتى كاد أن يسقط بين كتفيها وشعرت

بنفسها ستغرق في ثيابها خجلاً توبخ نفسها بكل ما تعلمه من

كلمات عربية وثنانية ، وارتفع رأسها ودون شعور منها ما أن

وكما يبدو تغير مجرى حديثهما عن شخص آخر فقد قال الذي

أصبح يوليها جانب وجهه بعدما أدار كرسيه وقت بدء مكالمته

" وتذهب لمنزله لما ؟ من الطبيعي أن يرفضوا إدخالك هناك "


وهنا علمت بأنه يبدو حاول الوصول لشقيقته حيث تكون الآن

وراقبت بتوجس الذي عاد للتحدث قائلاً بحدة

" هذا وأنت لا تريد التدخل في الأمر برمته كما تقول ..؟

أم ذاهب فقط للشجار معها وتوبيخها ؟ "

غرست أسنانها في طرف سبابتها المثنية توبخ نفسها على كل ما

يجري الآن لأنها السبب فيه ، وسرعان ما عادت وأبعدتها

وملأت الدموع عينيها ما أن قال وهو يدير كرسيه مجدداً ليوليها

ظهره بل وبكلمات غاضبة هذه المرة

" لا لست أناقض نفسي ولم أقل بأنها لم تخطئ لكننا جميعنا

معرضون للخطأ في حياتنا أم أنك ترى ما فعلته الثنانية وهي

تهرب من قبائلها وأشقائها بل والرجل الذي يفترض بأنها

ستتزوجه وهي تفر لرجل آخر غريب عنها أمر واقعي ومباح

لديك لكن ما فعلته غسق لا ؟ "

ولم تعد تستطيع سماع كل ما يقول بوضوح بسبب الطنين المرتفع

في أذنيها ترفع ظهر أصابعها لشفتيها بينما قال بعد صمت لحظة

يستمع للهجوم الحاد في الطرف الآخر

" أنت من تتوقف عن خلط الأمور وتعود للمنزل الآن ، لا أريد

أن تكتشف عمتي غيابك أيضاً وتقلق عليك هي الأخرى "

" وداعاً "


قالها جافة حازمة لا تعلم لأن المكالمة انتهت أم أنه أنهاها

من نفسه ؟

بل ولم يتسنى لها معرفة المزيد لأنها كانت قد اجتازته مغادرة

حينها كي لا تكون في مواجهته ويكفيها ما تسببت به حتى الآن

لغيرها ولنفسها أيضاً .

وما أن دخلت غرفتها نزعت حجابها ورمته حيث جلست على

طرف السرير وكتفت ذراعيها لصدرها تنظر للأرض تعاند

بصعوبة دمعتها عن النزول ووقفت على طولها حين دار مقبض

الباب ونظرت باستغراب للذي دخل منه يمسك سترته في يده فلم

تكن تتوقع بأنه كان قريباً هكذا ! أبعدت نظرها عنه تمسح عيناها

والدموع التي لم يترك لها وقتاً لتمسحها قبل قدومه الذي لم

تتوقعه سريعاً هكذا !

ووقع نظرها على حذائه الجلدي اللامع حين وقف أمامها ورمى

سترته على السرير خلفها أولاً وأمسك وجهها ورفعه له وهمس

بعتاب رجولي رقيق

" آستريااا !! "

وكان همساً معاتباً غلفه الكثير من الرقة جعل عيناها تمتلئ

بالدموع مجدداً وهمست ببحة وحزن

" لقد خرجت مستاءً من هنا ولم تعد وأقلقتني عليك "


مسحت أصابعه الدموع عن وجنتيها قائلاً

" كنت مع صديق لي توفي والده الذي تم إدخاله اليوم للعناية

المركزة ولم أستطع المغادرة وتركه وإن لم يكن وحيداً

في المستشفى "

أمسكت يده التي لازالت تحضن وجهها وقالت ونظراتها الحزينة

الدامعة لازلت معلقة في عينيه

" لماذا لم تتصل وتخبرني بأنك ستتأخر والسبب وراء تأخرك "

لامس ابهامه طرف أذنها ولازالت أصابعها تحضن يده جهة فكها


وقال بابتسامة كم كان واضحاً جهاده المستميث لترتسم

على شفتيه

" لم أكن أعلم بأن لك أفكار حمقاء كرماح لكنت أخبرتك "

اعترفت مقرة بندم واضح

" كله كان بسببي ... أنا آسفة حقاً "

جعل ذاك ملامحه تتبدل لجمود أوجسها وقال بنبرة لم تختلف

قَط عن ملامحه

" كنت بقربه حين تحدث معي ؟ "

ولم تجد مفراً من الاعتراف وأومأت برأسها دون أن تتحدث ولم

تستطع الكذب عليه فقد يكتشف الأمر لاحقاً ، وبعيداً عن كل ذلك

هي منذ اعتنقت هذا الدين وعلمت بأنه يحرم الكذب عاهدت

نفسها أن لا تفعلها مطلقاً ، نزلت دموعها ورغماً عنها حين

حضنها لصدره بقوة تحيطها ذراعاه القويتان وقال بهدوء حزين

" لا تغضبي مما قال حبيبتي فرماح هذا طبعه ما في قلبه على

لسانه ولم يقصد جرحك بل تذكيري أنا "

ابتعدت عنه تمسح دموعها وقالت بحزن تتجنب النظر له تنظر

لأصابعها من بين دموعها

" لم يقل شيئاً لا وجود له ولم يكذب أو يبالغ ، أنا نفسي ما كنت

لأستطيع ولا إبداء أي رأي فيما حدث لأني أعلم بأني تهورت بما

يفوق ما يحدث معها هي الآن بكثير وكدت أفقد شرفي وأتسبب

بحروب كثيرة سببها غضب الثنانيين واليرموك التي قُدمت ثمناً

لتحريري "

ورفعت نظرها له ما أن تنهد بعمق وقال شارداً بعينيه

الحزينتان للبعيد

" أنت لم تخطئي آستريا لأنك فررتِ من هموم واقعك للرجل

الذي تحبين لكن غسق تفر من الرجل الذي تحبه لهموم واقع

لا تعلمها "

شعرت بغصة مؤلمة في حلقها لا بل في قلبها بسبب ما قال وزاده

أن أضاف وهو يرفع نظره لها وبنبرة حزينة

" ومن أجل هذا أنا أخشى عليها وها هو يمنعنا نحن عائلتها

من الوصول لها جميعنا "

فملأت الدموع عيناها مجدداً ليس بسبب ما قال فقط بل والحزن

والطريقة التي قالها بها فهل يفعل مطر شاهين ذلك فعلاً ؟

لكن ما غرضه من ذلك ؟!

قالت بأسى حزين تنظر لعيناه التي عادت لتحدق في الا شيء

" كم أتمنى من الله أن تخيب ظنونك وتتغير حياتها للأفضل

وتسعد فيها فيبدو أنها تعبت وتعذبت كثيراً "

وأغمضت عينيها بألم ما أن حضنها مجدداً يشد ذراعيه حول

جسدها وقال بلمحة حزن واضحة آلمت قلبها قبله

" أجل تعبت كثيراً وكثيراً جداً والكارثة أن جميع همومها تلك

كان سببها الفراق الذي تسعى له الآن "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 23-04-20, 02:10 AM   المشاركة رقم: 1508
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

*
*
*

ضحكت بصوت عالي وكسرت بذرة دوار الشمس بين أسنانها

وأكلت اللب ورمت القشور في الصينية الخزفية التي كانت تضعها

في حجرها ونظرها لا يفارق شاشة التلفاز ولا من أجل النظر للتي

فتحت باب غرفتها ودخلت لأنها كانت قد عادت للضحك مجدداً

بينما اقتربت والدتها مبتسمة ونظرت لما تشاهده وقالت "

ألا تملين أبداً من مشاهدة هذه المسرحية ؟ لا ومن سمع

صوت ضحكك يظنك تشاهدينها لأول مرة !! "

قالت التي لم تبعد نظرها عن التلفاز مبتسمة

" لأنها الأفضل بالطبع وتجعلني أضحك كلما شاهدتها ، بل

وعلمتي المسرحيات الفاشلة الأخرى أن أتعلق بمشاهدتها أكثر "

فانحنت والدتها ورفعت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وأغلقته

رغم احتجاجها الرافض تضرب فخذها بقبضتها حيث كانت تجلس

متربعة فوق سريرها وقالت

" ولأنك تحفظينها عن ظهر قلب فثمة ما هو أهم منها وعلينا

التحدث فيه الآن "

تأففت بضيق وقالت تضع صحن المكسرات جانباً

" حسناً ما هو هذا الموضوع المهم ؟ "

ونظرت للواقفة قرب سريرها والتي قالت

" لقد اتصل أويس بوالدك "

فاتسعت عيناها بذهول وهمست

" اتصل به ؟! "

فهو لم يجب على اتصالها الوحيد كما لم يفكر في فعلها بعد المرة

الوحيدة التي قطع فيها الاتصال قبل أن ينتهي أو أن تجد الفرصة

لتجيب عليه !! لا تعلم لما شعرت بضربات قلبها تتعالى وكأنها

تخشى من ظنون ما خفية في داخلها كأن يكون ألغى موضوع

الزواج منها وتراجع نهاية الأمر ؟ رمشت بعينيها قليلاً ولازالت

تنظر لوالدتها وبدأت توبخ نفسها فما بها حمقاء هكذا تعلقت به

بسهولة ؟! لا بل لم يكن الأمر سهلاً وقد عرف جيداً كيف يسحبها

لمصيدته ببطء لتعلق في شباكه كصياد ماهر يعلم جيداً كيف يتم

إلتقاط السمكة الذهبية لتدخل فخه بمحض إرادتها ودون مقاومة ،

قالت ما أن وجدت صوتها العالق بين حنجرتها وأنفاسها

المتوقفة تماماً

" ماذا أخبره ؟ "

وتبدلت نظرتها للإستغراب ما أن قالت والدتها ضاحكة

" مابك اختفت الدماء من وجهك هكذا ؟ "

زمت شفتيها بضيق وقالت

" أمي قولي ما لديك ولا تعبثي بأعصابي أكثر "

وراقبت بتوجس التي قالت مبتسمة ويبدو فهمت الأمر بشكل

مختلف تماما

" أخبرته منذ البداية بأنك لن توافقي لكنه أصر على الأخذ برأيك

ويبدو لي أنا من كسب الرهان "


حدقت فيها ببلاهة فضحكت مجدداً وقالت

" لقد طلب منه التعجيل في موعد الزفاف وقبل نهاية العام

الدراسي أيضاً "

وكانت هي من حدقت باستغراب هذه المرة في التي ارتمت على

السرير خلفها وشعرها القصير الناعم قد تناثر حول رأسها بينما

قالت ضاحكة ويدها على صدرها

" سامحك الله أمي كاد قلبي أن يتوقف عن العمل بسببك "

وكانت تلك العينان لازالت تحدق فيها باستغراب تبدل للصدمة

عندما أدارت رأسها ونظرت لها ولازالت مستلقية على ظهرها

وقالت مبتسمة

" موافقة أمي بالطبع ، وإن أراد ذهبت معه منذ صباح الغد "

فازدادت صدمتها وانحنت ورفعت الوسادة وضربتها بها قائلة

بابتسامة لم تستطع كتمها

" لما لا تستحي قليلاً يا طويلة اللسان "

وتابعت وهي تتوجه نحو الباب

" حمداً لله أن والدك ليس معنا هنا ولم أتركه هو يسألك

كما أراد "

وغادرت مغلقة الباب خلفها تراقبها عيني التي قفزت جالسة

مجدداً يشع وجهها بابتسامة واسعة وأمسكت هاتفها تنظر

لشاشته ، لن تتصل به بالطبع لكنها تتمنى فقط أن اتصلت بماريه

الآن بعد أن علمت رقم هاتفها وتخبرها عن كل ما حدث معها

ومن تزوجت وكل ما لم تستطع قوله لها المرة الماضية لكنها

عاجزة عن فعل ذلك من أجلها حسب تحذيراتها لها .

تبدلت البسمة في ملامحها للحزن تدريجياً وهي تفكر في سبب ما

طلبت منها ولما !! لم تشرح لها الكثير بل لم تشرح شيئاً يمكنها

فهمه ولا تعلم ما المساعدة المهمة التي ستقدمها لها بهذا ؟!

قربت الهاتف في يديها لصدرها وكأنها تحضنه ونظرها يرتفع

عالياً وهمست مغمضة عيناها

" يا رب أسعدنا كلينا مع من قدرتهما زوجان لنا "


*
*
*

كتفت ذراعيها لصدرها واتكأت بجانب رأسها على إطار النافذة

تراقب عيناها بحزن أنوار المدينة المتلألئة وأضواء السيارات

المتحركة في أسراب متتابعة وكأنها واحدة منهم لا شيء لديها

ولا وظيفة سوى مراقبة الغير .. وهذا وضعها منذ الصباح أو منذ

أن غادر وزوجة والده في إثره بعدما تركت لها الورقة التي

حملت جملة توصيات جديدة أو أوامر بالأحرى .. لا بل مخاوف

واضحة تراها تسيطر على تفكير مخططهما وهو ذكاء من أنجبه

أحدهما ورباه الآخر كما يبدو ويعرفانه جيداً .

ابتسمت بأسى وملأت الدموع عينيها تتذكر العبارة التي كتبها

والده بين قوسين نهاية رسالته الخطية تلك

( إن اكتشف تيم الأمر فأخبريه بأني المسؤل الوحيد عنه ولا

تذكري مطر شاهين أبداً )

وكم آلمتها عبارته تلك فهو اختار أن يتحمل كامل المسؤلية ويزيد

من رصيد كره ابنه له على أن يخسر ذاك الابن الرجل الذي

يحبه ! وكأنه يخشى أن يفقد الجميع من حوله بفقده لثقته بهم

فكم سيضحي ذاك الأب من أجل ابن لا يعترف به ولا يراه

والداً له ؟

حتى أنه طلب منها أن ترفض أوامر ذاك الرجل وتتعنت ليجد

طريقة غيرها بالرغم من اقتناعه بأن الأمر خطر عليه وتعلم

بأنه من أجله أيضاً طلب منها ذلك .

وازدادت ملامحها تعاسة وحزناً ما أن تذكرت مكالمتها لوالدة

رواح حين اتصلت لتعزيتها بما أنها الشخص الوحيد الذي تربطه

بها صلة قرابة هناك ولأنها بالطبع لن تستطيع طلب هذا منه

خاصة أنها أخبرتها بأنه ذهب صباحاً لتعزية ضرار الجد وإبنه

وغادر سريعاً والسبب بالطبع وجود والده هناك فكانت تروي لها

كل ذلك وما نقله لها إبنها رواح وبكل حزن وتعاسة يؤلمها وضع

شقيقها وعلاقة ابنه به والتمست أملاً واضحاً في كلماتها وإن لم

تعلن عنه بأن تكون الوسيلة التي سترمم كل ذاك الصدع ، وما

تعلمه ويبدو أنها نسيته تماماً أن دورها انتهى أيضاً من حياة ابن

شقيقها وستحتاج مثلهم مستقبلاً لمن يرمم الصدع الذي سيقطع

علاقتها به ونهائياً .

مسحت عيناها بقوة وسرعة ما أن سمعت باب الشقة يغلق فها

هو عاد بعد غياب يوم كامل كالعادة قضته هي بين كتبها وحزنها

وأفكارها ، تحركت نحو سريرها وجلست حيث طرفه المقابل لباب

الغرفة المفتوح تشد كميها القطنيان الطويلان قبل أن تدس يديها

بين فخذيها ترتدي قميص أبيض بإزار مفتوح يخفي القميص

الضيق تحته وبنطلون جينز باهت اللون وتترك شعرها مفتوحاً

قد تناثرت خصلاته البنية على كتفيها وذراعيها تنظر للأرضية

الخشبية بشرود حزين بينما سمعها يتتبع خطوات الذي اتجه

ناحية غرفته وأغلق بابها لبعض الوقت الذي قضته هي جالسة

مكانها وعلى وضعها ذاته وكأن الزمن تركها وتابع طريقه

أفكارها فقط ما كانت تتصارع معه لا تعلم إن كان ما تفكر فيه

الآن أمر صائب وسيخلصها من كل هذا الكابوس أم لن يزيد

الأمور إلا تعقيداً ؟ لكنها عازمة على تنفيذه وإن رفض فسيكون

هو حينها من ترك لها خيارهم الوحيد والذي اختاروه عنها .

رفعت رأسها ونظرت ناحية الباب ما أن سمعت باب غرفته يُفتح

مجدداً وتوقعت أن تراه هنا خلال لحظات لكن ما حدث عكس ذلك

تماماً وكان أمر آخر ما وصلها وهو ...

" ماريااا "

كان صوته منادياً من هناك بأمر مما جعل شفتيها تتكور جانباً فها

قد حان وقت المطالبة بإيفاء الوعود كما قال سابقاً بل وعلى

طريقته كما يبدو ! وذكّرها ذلك بما كانت تسمعه عن الطرق

الرجعية التي يطالب بها بعض الرجال بحقوقهم وكأنه يمن عليها

لأنها من يطلب هذا وليس العكس !.

ما أن تكرر ندائه لها وبطريقة تهديدية هذه المرة في نطقه

لإسمها حتى اشتدت أسنانها بقوة وحنق وصرخت عالياً ليسمعها

بل وبضيق

" لما لا تكن حضارياً بعض الشيء فأنت لست راعي وأنا

لست إحدى نعاجك "

وكما توقعت فما سمعته حينها صوت خطواته تقترب من غرفتها

حتى أصبح جسده الطويل يقف في بابها وكان يرتدي قميصاً قطنياً

بدون أكمام وبنطلون وصل طوله لنصف ساقيه يدس يديه في

جيبيه بينما شعره المبلل لم يحضى بأي إهتمام ليرتب خصلاته

الناعمة ولم يزده ذلك سوى وسامة فأبعدت نظرها عنه وأخرجت

يديها وكتفتهما لصدرها ما أن قال ببروده المعتاد والذي لم

تعشقه يوماً في سواه

" أردت أن أكون حضارياً بالفعل وأجنبك ما سأقول وتعلمينه

جيداً إن أنا جئت إلى هنا لكن الهمجية كما يبدو تجدي مع

النساء أكثر "

شعرت بالأبخرة تخرج من رأسها فعلياً بسببه ورفعت نظرها له

وقالت تجاريه في بروده الذي لم يعبر مطلقاً عن داخلها

" حدد لي إذاً ماذا ينقصك لتكون همجياً ؟ "


واتسعت عيناها بصدمة بل وقفزت فوق السرير بشهقة قوية ما

أن قفز الخطوات القليلة ناحيتها ، وقبل أن تتمكن من مجرد

الوصول لطرفه الآخر لتهرب كانت مرمية على وجهها فوقه بينما

يداها مجموعتان في يديه خلف ظهرها يجلس على ساقيها وقالت

بضحكة تغلبت عليها تحاول رفع رأسها قدر استطاعتها

" أتركني يا همجي "

وسقط رأسها سريعاً تتكئ على جانب وجهها بينما قال الذي شد

على يديها أكثر كي لا تنجح محاولاتها وتفلت منه وبابتسامة

مائلة زينت شفتيه

" انتظري قليلاً فلم تري من الهمجية شيئاً حتى الآن "

عادت لدس وجهها في ملائة السرير وقالت

" تيم ابتعد واتركني أجلس "

فرفع جسده وانحنى نحو رأسها ولازال يمسك يديها وهمس قرب

أذنها مهدداً

" وتجلسي لماذا ؟ لا تقولي لنتحدث ونتفاهم فسأقطع لسانك

هذه المرة إن سمعتها منك "

وتابع همسه يقرب شفتيه ووجهه من أذنها وجانب وجهها متعمداً

" لم تنسي كلامك قبل سفري بالتأكيد ؟ "


أغمضت عينيها بقوة ولا تعلم بسبب أنفاسه واقترابه أم ما قال

وتتذكره دون أن يذكرها به وقالت مكرهة وليس لأنها راضية

عن نقضها لوعدها له

" لم أنسه وقلت ما يرضي كلينا لا ما يرضيك أنت فقط "

ترك حينها يديها وابتعد عنها لكنه لم يغادر السرير وقال بضيق

ينظر لها تجلس تبعد خصلات شعرها خلف أذنيها متأففة بسببها

" وكأني أشم رائحة لعبة قديمة تستمتعين بلعبها معي ؟ "

رفعت نظرها له وقالت مستنكرة

" ماذا تقصد ؟ "


وكان الضيق قد بدأ يرتسم على ملامحه وحرك سبابته بشكل

دائري قائلاً

" أقصد قولي ما لديك رغم أني أعلمه سلفاً "

فزمت شفتيها بضيق وتعلم بأنه يقصد تهربها سابقاً منه وبأنها

تبحث عن حجة جديدة لتفعلها مجدداً بالرغم من أنه أصاب

الحقيقة هذه المرة ، لكن ما يسميه بالحجة الآن هي واقع بل

ومختلف تماما عن تصوراته فقالت دون مقدمات

" أريد العودة للوطن "

وتلت عبارتها تلك لحظة سكون تام وعيناه تحدقان في عينيها ولم

يتحدث ولم تستغرب هذا منه بعدما قالت وهكذا فجأة ودون

مقدمات ، بل كان ثمة ما تحدث نيابة عنه وهما ذراعاه اللتان

كتفهما لصدره ومن نظرته الباردة لعينيها علمت رأيه المتوقع

سلفاً ، لكن ذلك لن يثنيها عن المحاولة فإن حدث وفعلها فستكون

بقسوتها عليها أيسر من تنفيذ مخططهم ذاك ، وكانت هي من

كسر ذاك الصمت وقالت بنبرة هادئة وإن ناقضت ما يحدث داخلها

" لوسي قالت .... "

" توقفي عن ترديد ما تقول تلك البلهاء "

فابتلعت كلماتها بسبب صراخه الغاضب .. وها هو اشتعل وفي

وقت أقصر مما كانت تتخيل !

لكن ذاك لم يجعلها تتراجع ولم تتركه يثنيها عما عزمت عليه

وقالت مجدداً

" انا لا أردد ما تقول بل هي من .... "

وقاطعها مجدداً تضرب أصابعه على صدغه قائلاً بضيق

" أخرجي تلك المرأة من دماغك ماريا وأريحي لي

دماغي رجاءً "

وكانت هي من خرج غضبها عن حدود السيطرة هذه المرة

وقالت بحدة

" لما لا تتركني أنت أنهي كلامي أولاً وتعلم ما أريد قوله "


كانت تعلم بأن هذا سيكون مصيرها وسيشتاط غضباً ما أن

ستتحدث في الأمر لكنه لن يثنيها بهذا ولها الحق في أن تقول ما

لديها على الأقل فلعلها تنجح وتقنعه فتابعت مباشرة وقبل أن

يمنعها مجدداً

" هي تحدثت عن غاستوني ميديشي ، عن انتقاله لانجلترا عن

إبنه وعن ... "


" ولما تخبرك هي عن كل هذا ؟ "


عاد لمقاطعتها مجدداً وبنظرات سوداء مخيفة هذه المرة جعلتها

تزدرد ريقها قبل أن تقول محتجة

" ولما لا تريد أن أعلم ؟ "

لوح بيده بضيق قائلاً

" ليس لا أريد بل لا أهتم بأمر تافه كهذا .. بل وهو

لا يعنينا أساسا "


قالت من فورها وبضيق

" كيف يكون تافهاً ولا يعنينا وهو عم والد ماري دفيسنت

وقريبه الوحيد ؟ "

قال بحدة

" أعلم بكل هذا والتقيت بإبنه في منزل الجنرال فهل أفهم ما

علاقتهما برجوعك للوطن ماريا ؟ "

قالت بنفاذ صبر

" لا أعلم أنا ما الذي لا تفهمه تحديداً ؟ "

أشار لها بسبابته وقال بضيق

" ما أريد أن أفهمه ما الذي تريدينه أنت بالتحديد ؟ "

لاذت بالصمت لبرهة تنظم أنفاسها تشعر بكل شيء داخلها يتمزق

وإن تحدثت بعناد قوي حين خرجت منها الكلمات تعاكس دواخلها

" أريد أن أغادر هذه البلاد قبل أن أخسرك بسببهم "


وازداد الأمر سوءاً وذاك ما كانت تتوقعه بل وما كان يحدث كلما

ذكرت كلمة مغادرة وخروج وابتعاد ! واحترق جفناها بسبب

الدموع الحبيسة خلفهما تعاندها بكل ما لديها من قوة بينما كان

الأسى الحزين واضحاً في عينيها تنظر له كأثمن ما لديها تتحسر

على فقدان حتى سلوكه العدواني الغاضب وهو يصرخ هكذا

غاضباً منها

" وتغادري لما وما علاقتهم هم ؟ كم مرة سنعيد ذات ما كنا

نقول ماريا ؟ "


وما أن تحركت شفتاها المرتجفة أسكتها صارخاً بقوة أكبر

" أصمتي واتركيني أتحدث "

وانصاعت من فورها بل وتحررت الدموع الحارة من سجنها

الواهن وإن لم تتعدى جفناها وتابع هو صراخه الغاضب المحتج

" لا يعنيني ذاك الضابط ولا إبنه .. لا البلهاء ماري دفيسنت ولا

عائلتها بأكملها فأنت ماريا هارون زوجتي .. زوجة تيم كنعان

أتفهمين هذا أم أعيد "

كانت عيناه الغاضبة تنظران لها بعناد قوي بل تشك أنه كان يراها

أو يرى الدموع التي أصبحت تتمرد عليها ، بل ليته يرى ما

يحدث داخلها حقيقة ويعلم بأنه يرفض ما هو أيسر على كليهما ،

اخترقت أول دمعة حاجز رموشها الكثيف وقالت ببحة بكاء

" لكن واقعنا ليس كذلك ولم تعد تلك حقيقتنا ولا يمكنك

نكران هذا "

ولاذت بالصمت ما أن صرخ بعنف

" هل أفهم ما بك ؟ ما قلب حالك هكذا منذ عودتك !؟ "

حدقت فيه بصمت تحاول أن لا تَظهر دهشتها على ملامحها

وقالت بضيق تخفي كل ذلك

" أخبرتك عمّا حدث وأعلم جيداً أن ابنة الجنرال تلك لن يهنئ

لها بال حتى تكتشف حقيقة ماري "

وكان المزيد في انتظارها وقد قال بحدة وكأنه لم يسمع ما قالت

أو لم يهتم له

" هل غادرت منزل ضرار السلطان لمكان غير جامعتك ماريا ؟ "

فألجمتها الصدمة تماماً ولم تستطع ولا خوض أي معركة معها

هذه المرة لتخفيها ونجحت فقط في أن همست ترسم نظرة

استهجان في عينيها الدامعة

" ماذا تقصد ؟ "

عاد للهجوم وبقسوة عليها بينما سبابته تضرب ناحية صدغها

" أقصد أنه ثمة من قام بحشو رأسك بكل هذا ، فإن لم يكن شاهر

كنعان ستكون شقيقته فهكذا هي أنت سرعان ما يمكنهم إقناعك

بما يريدون "


حدقت فيه بذهول تغلب عليها بداية الأمر ليس فقط لأنهم لم

يخطئوا في تقدير حدة ذكائه بل لما اعتبرته مهيناً لها وأكثر ما

يؤرقها في علاقتهما وقالت باحتجاج غاضب

" توقف عن إهانتي ولا علاقة لعمتك ولا والدك بهذا وهي

أفكاري لوحدي "

وكان إشاحته لوجهه مبعداً نظره عنها ودون أن يعلق كافياً ليؤكد

أفكاره بها لكن ذلك لا يؤلمها الآن فثمة ما هو أكثر قسوة ومرارة

منه عليها وإن أعلنت هزيمتها واستسلمت فلن تخسر هذه

المعركة فقط بل وكل شيء ، لذلك تخطت كل هذا واختنقت العبرة

في حلقها وقفزت الدمعة الأخرى من عينيها وقالت برجاء حزين

تنظر لجانب وجهه وفي محاولة يائسة أخرى

" ما تخطط تلك الفتاة لفعله قد يكون خطيراً جداً ويؤذيك فاتركني

أبتعد عن هنا أرجوك "

" لا "

زمت شفتيها تمنعها عن الارتجاف باكية ما أن صرخ بتلك الكلمة

في وجهها وقد عاد للنظر لعينيها بل وكررها صارخاً وسبابته

تشير لوجهها وإن كانت أمامه

" لا لا لا .. عليك فهمها أو كررتها حتى الصباح كي لا تفكري

في الأمر مجدداً "

قالت بضيق .. بل بغضب رافض عاد ليطفو على مشاعرها مجدداً

" لما تتخذ قرارتي عني ؟ اتركنا نتناقش بروية ودون صراخ

على الأقل "

فصرخ من فوره وبحزم

" أصمتي "

همست برجاء حزين مجدداً

" تيم أرجوك "

" قلت أصمتي ماريا "

فارتجف جسدها بقوة ليس بسبب صراخه الغاضب فقط بل ما تلاه

فوراً وهو صوت الرنين الذي كان مصدره هاتفها .. لا بل وبسبب

صرخته المدوية رامياً يده ناحيته بغضب

" وأسكتي هذا المزعج الأحمق أو حطمته "

فاستدارت ودون شعور منها ورفعته من فوق الطاولة بيد مرتجفة

وفتحت الدرج ورمته داخله وأغلقته عليه ونظرت له وقلبها يكاد

يخترق أضلعها من شدة ضرباته تخشى أن اللحظة التي سيراه

فيها قد حانت وتعلم أن توترها والذعر في نظراتها بل وتصرفها

الخائف أمور لاحظها وبسهولة زاده نظراته التي انتقلت بينها

وبين الدرج المغلق وصوت اهتزاز ما بداخله فوق الخشب الفارغ

يعلو على صوت رنينه المكتوم ، وكاد قلبها يتوقف حين وقف

مغادراً السرير لكنه خان توقعاتها مرة أخرى ولا تعلم متى لن

يكون لها أخرى لتنقذها من سابقتها ؟ لكن ما قاله حينها كان

مفجعاً أيضاً جعلها تحدق فيه بصدمة بينما سبابته تشير

لوجهها باتهام

" كان عليا توقع هذا وأنك ستجدين حجة جديدة للنكث

بوعودك الكاذبة "

فقالت من فورها محتجة

" لست كاذبة "

فقال وكأنه لم يسمعها .. بل وبنبرة قوية حادة

" بلى كاذبة وأنا من سيعدك وعداً صادقاً الآن بأن لا أقترب منك

مجدداً ، أما خروج من هنا ومغادرة البلاد فالحديث عنه مجدداً

معناه أن أنقض أنا وعدي أتفهمين هذا ؟ "

وخرج من فوره خطواته الغاضبة تعبر عن مدى غضبه واستيائه

منها بينما تحررت دموعها تراقبه نظراتها حتى غادر وارتمت

على السرير تدس وجهها كما عبراتها في وسادتها تشعر

بمشاعرها تتمزق بألم مع كل عبرة تخرج منها وتدفنها هناك

وتمنت في لحظة يئس أنها لم تولد من أساسه .


*
*
*
فتحت عيناها وجلست بسرعة ونظرها توجه سريعاً ناحية النائم

خلفها والذي كان فراشه فارغاً ونظرت باتجاه باب الغرفة والنور

المتسرب من تحته فيبدو أنه استفاق وخرج وصلى وغادر

وأشرقت الشمس وهي كالميتة لا تعلم شيئاً عما حولها !

وكم حمدت الله أنها لا تصلي لكانت أضاعت صلاة الفجر فيبدو

أن سهرها البارحة حتى نام الفتى الصغير الباكي جعلها تنام

كالجثة الهامدة .


نظرت ناحية الصغيران النائمان بسكينة وابتسمت بحزن قبل أن

تنحني ناحية الذي كانت تنام بجانبه وقبلت خده برقة وابتسمت

على تململه يحرك رأسه وكتفه وكأن ذبابة ما ضايقته في نومه ،

وقفت مبتعدة عنه كي لا تغريها وجنته المستديرة أكثر لتكرارها

بما أن توأمه ينام على بطنه ووجهه في الجانب الآخر ، نظرت

ناحية حقيبتهما الكبيرة والموضوعة مكانها عند باب الغرفة وقد

أصبح بجانبها كيس كبير لم يكن هناك البارحة ! مدت شفتيها

بعبوس وآمنت بأنها كانت ميتة بالفعل !.

تحركت ناحيته وفتحته تنظر لما يوجد فيه وابتسمت من فورها

تخرج السيارتان بعجلاتهما السوداء الكبيرة واحدة باللون الأزرق

والأخرى حمراء كلون السيارتان المطبوعتان على لحافيهما تماماً

ووضعتهما جانباً بجانب بعضهما والابتسامة لازالت تزين شفتيها

وهي تخرج كرتان واحدة حمراء والأخرى زرقاء أيضاً

ووضعتهما بجوار السيارتان وضحكت بصمت فيبدو أنها وقعت

في عشق أغراض التؤمان الرائعان أيضاً !

وقفت وسحبت الحقيبة برفق كي لا توقظهما ورتبت ثيابهما

في الخزانة أولاً وقبل أن تفكر في مغادرة الغرفة .

وما أن انتهت وأغلقت بابها اكتشفت بأن مخططها الغبي هذا

كان فاشلاً ما أن نظرت ناحية الذي كان جالساً ينظر لها

وابتسمت من فورها تنظر للعينان الرماديتان المحدقتان بها

تشبهان عينا شقيقاه تماماً حتى في الميلان الطفيف عند طرفيهما

وعكس شقيقه التوأم والذي كانت عيناه الواسعة شديدة السواد !!

ماتت الابتسامة من شفتيها ما أن قال

" من أنت ؟ "

وبالرغم من أنه كان يمشي على قدميه حين دخل بهما يمان

البارحة عكس شقيقه الذي كان يحمله على كتفه إلا أنه يبدو لم

يلحظ وجودها ! وكيف سيراها وهي الغبية كانت تقف في الخارج

وهو نام منذ استلقى في فراشه ؟ بل ودخل وعيناه نصف

مفتوحتان بسبب النعاس ، قالت بابتسامة متوترة تخشى فعلاً

ردة فعله

" أنا زوجة شقيقك يمان "

وحين طال صمته وتحديقه بها ولم تفهم يحلل ما قالت أم لم

يفهمه أساساً ؟ قالت تحاول أن تشرح له وضعها الغريب عنه

في عائلتهم

" كشقيقتك يمامة تماماً تزوجت برجل فأصبحت زوجته ، وكذلك

والدتك زوجة لوالدك فأنا زوجة يمان "

" تعيشين معه ؟ "

ابتسمت لسؤاله وقالت

" نعم "

وكما توقعت فذكائه يفوق سنه بكثير فلم يسأل عن الأمر أكثر بل

نظر حوله قائلاً

" أين يمان ؟ "

فابتسمت ورفعت الحقيبة وقالت تضعها فوق الخزانة ترفع نفسها

على رؤوس أصابعها

" ذهب للشركة الزراعية التي يعمل فيها وسيكون هنا ما أن

ينتهي عمله "

وازدادت ابتسامتها اتساعاً ما أن جلس النسخة الأخرى عنه يفرك

عيناه بكلتا يديه فاقتربت منه وأوقفته قائلة

" هيا لتدخلا الحمام وأغسل لكما وجهيكما وسنعد فطوراً

رائعاً سيعجبكما "


فقال عنان والذي وقف ووجهته باب الغرفة

" أنا أولاً "

وركض جاد أيضاً وما أن شعر بشقيقه يقف مسرعاً فضحكت

ووقفت تتبعهما مسرعة وخرجت من الغرفة متوجهة ناحيتهما

وقد أدخلا قدميهما الصغيرتان في فردة حذاء واحدة كل واحد يريد

أن يلبسها وقالت مبتسمة

" انتظرا ولا تتشاجرا فثمة واحد آخر وستدخلان معاً "




*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 23-04-20, 02:13 AM   المشاركة رقم: 1509
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

*
*
*

نزلت السلالم نظرها على الجالسة عند طرف الأريكة مشغولة مع

كتابها والقلم في يدها وتنهدت بحزن ولا تعلم كيف يمكنها نقل

الخبر لها ؟ صحيح أن تلك المرأة كانت قاسية معها ولأعوام

تعاملها وكأنها خادمة لديها بل وكانت ستتسبب متعمدة في موتها

محترقة أو أن تحيا مشوهة لباقي عمرها وأن والدها لم يكن بأقل

قسوة منها لكنها تخشى من ردة فعلها وصدمتها بالخبر وهي التي

تعرفها جيداً .

تنهدت بعمق وتحركت خطواتها نحوها فهي ستعلم على أية حال

وأن تنقل لها هي الخبر أفضل من أن يخبرها به أبان بطريقته

وهي تعلم جيداً الطرق الخالية من المشاعر التي يتبعها الرجال

في المواقف المشابهة .

ما أن وصلت عندها حتى ارتفع رأسها ونظرت لها العينان

الفضيتان مبتسمتان بحب يشبه ما ارتسم على شفتيها الجميلة

فجلست بجانبها وأخذت منها الكتاب والقلم أيضاً وقالت تضعهما

على الطاولة

" اتركي هذا جانباً الآن فثمة ما أريد إخبارك به "

وكما توقعت سرعان ما ماتت تلك الابتسامة الجميلة واختفت

ويبدو أن ملامحها كانت تتحدث نيابة عنها ! وأتاها دليل ذلك

سريعاً حين قالت بتوجس

" هل ثمة خبر سيء ؟ "


وكما توقعت أيضاً فذكاء هذه الفاتنة الصغيرة لن يخونها أبداً زد

عليه الشعور الفطري لدى كل إنسان عند وقوع أي فاجعة ويبدو

اختصرت على نفسها وعليها شوطاً طويلاً لشرح الأمر ، امتدت

يدها ناحية يديها وأمسكتهما وقالت بهدوء تنظر لعينيها

" ثمة خبر سيء قليلاً فمن الذي تتمني أن لا يصيبه؟ "

وسرعان ما تبدلت النظرة في العينين الجميلتين للخوف وسحبت

إحدى يدها ووضعتها على صدرها وهمست بعينين دامعة

" يمان.. "

فشدت يدها عليها بقوة تنظر لها بحزن ولا تعلم إن كانت تقصد به

جواب سؤالها أم ذكرته فقط خوفاً أن يكون هو ؟ وهي اختارت

هذا وتعلم بأنه سيكون حوابها الفوري والا شعوري لتُبسط لها

الأمر حين تعلم بأنه بخير ، وذاك ما فعلته بالفعل تضغط على يدها

بكلتا يديها

" لا ليس يمان وهو بخير أقسم لك "

وشجعتها تنهيدة الارتياح التي أطلقت سراحها وهي تهمس حامدة

الله وإن كان القلق لم يغادر ملامحها بعد وقالت تنهي جولة

المقدمات التي إن طالت أصبحت أسوأ من الخبر ذاته

" زوجة والدك توفيت "

وكما توقعت تماماً وهي ترى الدموع تتكدس في عيناها الواسعة

وقد ارتفعت يدها لشفتيها تغطيهم بها ولا تعلم كيف ستنقل لها

باقي الخبر ؟ لكن الأقسى كان في انتظارها هي حين أبعدت يدها

وهمست شفتاها المرتجفتان ببكاء

" ماتت ؟! "

وقبل أن تفكر في الرد عليها تابعت والدمعة تنزلق من رموشها

الطويلة

" هل أصبح شقيقاي بدون أم مثلي "

فلم تستطع منع الدموع من التكدس في عينيها وشعرت بقلبها

تحطم لأشلاء وأمسكت وجهها قائلة بحزن

" وما الذي أفعله أنا لتقولي بأنه لا أم لك ؟ "

لكنها يبدو كانت تغرق في دوامة بعيدة عنها ولا تسمع ما تقول

وقد تحرك رأسها وكأنها لا تصدق ما سمعت أو تحاول تفسيره ،

ولن تستغرب هذا منها فيبدو أن محبتها لشقيقيها من والدها

كبيرة فهي رفضت حتى أن تُقدم شكوى ضد والدتهم حين حاولت

قتلها فقط من أجلهما وكي لا يعيشا من دونها ، وحين احترق

المنزل وقرر والدهم العيش في خيمة في أرضه حتى يبنيه مجدداً

كانت لا تردد سوى عبارة أنهما بقيا من دون منزل من شدة حبها

لهما ، مسحت يدها على شعرها المجموع في ضفيرتان متداخلتان

تجمعانه للخلف بعيداً عن وجهها وقالت بحزن

"يمامة عليك أن تكوني قوية فلم أخبرك سوى بنصف ما حدث "

ودون مقدمات ترحم حالها كما نفسها معها وهي تتولى هذه

المهمة قالت تنظر لعينيها الباكية بصمت

" والدك أخذته الشرطة للتحقيق معه لأنهم يتهمونه بقتلها "

وكما توقعت تماماً انهارت حصونها الهشة تطلق العنان لدموعها

وعبراتها فحضنتها على الفور تشد ذراعيها حولها بقوة وقالت

بحزن وعينان دامعة

" هم سيحققوا معه فقط وسيخرج إن كان بريئاً يا يمامة "

واستمرت في احتضانها تشعر ببكائها وعبراتها تذبح قلبها

وروحها ، واعترفت لنفسها بأن عشقها الكبير لهذه الصغيرة

يزداد يوماً بعد يوم ، فبالرغم من كل ما قاسته منهما ومن والدها

خصوصاً لأنه والدها ليس كتلك المرأة ومهما أجرمت في حقها إلا

أنها بكت مصابه وحزنت عليه .

نزلت دمعتها رغما عنها ما أن قالت النائمة في حضنها باكية

" لما تموت الأمهات لماذا ! "

حضنتها أكثر وهمست ببحة بكاء

" هذا قضاء الله بنيتي لا يحق لنا الاعتراض عليه فلا يعلم الخير

في الأمر غيره "

فلم تعلق كما لم تتوقف دموعها رغم اختفاء عبراتها الباكية

تدريجياً لازالت تنام في حضن التي لم تتركها ذراعيها تقبل رأسها

بين الحين والآخر تذكرها بأن تسترجع الله ولا تغضبه حتى هدأت

تقريباً وتركتها ما أن ابتعدت عنها ونظرت لها العينان الباكية

وقالت ما كانت تتوقعه

" وأين شقيقاي ؟ "

مسحت يدها على طرف وجهها وقالت بحزن

" مع يمان .. لقد أخذهما معه لمنزله "

وكما توقعت أيضاً فأول ما قالته ودموعها تغمر عينيها مجدداً

" لما لم يحضرهما لأراهم ؟ "

مسحت يدها على جانب وجهها مجدداً وقالت بحنان

" لم تسمح ظروفه يا يمامة لكان فعلها بالتأكيد "

وجاءها اليقين الآخر ما أن قالت التي أمسكت يدها برجاء باكي

" خذوني لهم أمي أرجوك "

مسحت الدموع من وجنتيها بيدها قائلة

" لو كان الأمر بيدي ما كنت ترددت للحظة لكننا لا نستطيع

دخول تلك الأراضي بسبب الثأر القديم بين العائلتين "

وتابعت ما أن رأت البؤس يرتسم أكثر على ملامحها الباكية

" لكنه وعد أبان أن يأتي ويحضرهما معه من أجلك "

فارتسمت أول اشراقة ابتسامة على وجهها وإن كانت باهتة

حزينة وقالت

" حقاً سيفعلها ؟ "


أبعدت يدها عن وجهها وشدت على يدها بكلتا يديها وقالت

" أجل يا يمامة لقد أخبرني أبان بنفسه بذلك "

وتابعت من فورها ترسم هي هذه المرة ابتسامة صغيرة

" ولدي خبر رائع لك سيسعدك بالتأكيد "

وحين لم تعلق التي كانت تنظر لعينيها في صمت حزين قالت

مبتسمة تشد على يدها بقوة

" سنخرج معاً ونشتري كل ما تحتاجينه من أجل المدرسة فلم

يبقى عليها الكثير "

فتبدلت ملامحها للدهشة سريعاً وهمست ببحة

" سأذهب للمدرسة ؟ "

ابتسمت ورفعت يدها لشفتيها وقبلتها بحنان وقالت

" أجل أم لا تريدين ذلك ؟ "

قالت من فورها تمسح بيدها الأخرى دموعها التي عادت للنزول

" بلى أريد "

فابتسمت بحزن وتركت يدها وأمسكت بذراعيها قائلة

" ولن يحدث إلا ما تريدين بنيتي "

انتظرت أن تعبر عن سعادتها وبأي طريقة كانت لكنّ أيا من ذلك

لم يحدث وذاك ما لم تتوقعه وهي التي تعلم جيداً محبتها للدراسة

وتعلقها بها بل ورغبتها في الذهاب للمدرسة لكن تلك الأخبار

الحزينة يبدو لم تترك لها المجال لذلك بل وشوهت أي سعادة قد

تشعر بها ، وتمنت أن زفت لها خبر المدرسة أولاً ولم تؤجله

لأنها اعتقدت بأنه سيخفف من حزنها وصدمتها ، ارتفع نظرها

معها ما أن وقفت وقالت تنظر لها بحزن

" إلى أين ذاهبة يا يمامة ؟ "

قالت التي انحنت ورفعت كتابها وقلمها من فوق الطاولة

" سأصعد لغرفتي "

وتحركت من فورها ونظراتها الحزينة تتبعها وهي تصعد عتبات

السلالم تمسح دموعها واحترمت رغبتها في البقاء لوحدها

وستتحسن ما أن تستوعب ما حدث وتقتنع به وهذا حال البشر

جميعهم .

وقفت وجلست في مكان آخر قرب الهاتف المنزلي ورفعت

سماعته فثمة مهمة أخرى وخبر سيء آخر عليها زفه لزوجة

ابنها الآخر وهذا ما يفعلونه بها يتركون المهام المتعسرة لها هي

، استغفرت الله بهمس وتحركت سبابتها على الأزرار بسرعة

تردد شفتيها الرقم الطويل معه واحتاجت لبعض الوقت لتسمع

الرنين في الطرف الآخر والذي لم تتأخر من رفعت السماعة

المشابهة هناك في الإجابة عليه فقالت من فورها تجبر شفتيها

على الابتسام ليظهر في صوتها لمن تسمعها ولا تراها

" مرحباً يا نادية .. أتمنى أن لا أكون أزعجتك فلم أستطع فهم

اختلاف الوقت بيننا "

وأتاها التعليق الباسم سريعاً

" لا لم تزعجينا ولن تفعليها أبداً ويسعدني سماع صوتك في أي

وقت ، كيف حالك والأبناء جميعهم "

قالت مبتسمة بارتياح

" بخير جميعنا كيف هي زوجة إبني "

قالت تلك ضاحكة

" عروسكم منذ عادت للعمل في المطار أصبح يومها نصفه هنا

ونصفه الآخر هناك واستثني منه وقت نومها بالطبع "

ضحكت أيضاً وقالت

" شباب اليوم يجدون متعتهم في العمل الشاق أكثر من الراحة

في المنزل "

أتاها تعليقها الباسم سريعاً

" معك حق بالرغم من أن بقاء كنانة في المنزل شقاء لها أيضاً

لأني لا أتركها ترتاح مطلقاً "

ابتسمت وقالت

" سترتاح ما أن تصبح هنا فهي أصبحت من نصيبي الآن

وانتهت أيامها معك "


ضحكت التي قالت سريعاً

" لا أغابها الله عن عيناي إلا فيما يسعدها ويسعدني ، وسأكون

مطمئنة طالما هي معك فهي هنا غريبة عن وطنها وهناك ستكون

مغتربة عن عائلتها "

قالت مبتسمة

" أسعدهما الله ولم شمل الجميع ، كيف هو الحارثة وعثمان ؟ "

وسمعت بوضوح تنهيدتها الحزينة قبل أن تقول

"الحمد لله بخير ظاهريا فهو متجهم صامت منذ عدنا من العزاء"

غضنت جبينها باستغراب هامسة

" عزاء من ؟! "

وصلها صوتها الحزين من فوره

" ابن زوج شقيقته .. حفيد السيد ضرار السلطان "

انفرجت شفتاها بصدمة وقالت

" لا حول ولا قوة إلا بالله ، إنا لله وإنا إليه راجعون .. من مات

منهم فحسب علمي لديه أربعة ؟ "

" إسمه نجيب وهو إبن زوجته الثالثة ، لو أنك تري حالها يتقطع

قلبك عليها وتبكي دون شعور "

ارتجف قلبها وفي شعور فطري تخيلت فيه أن تكون مكانها

وقالت بحزن

" رحمه الله وأعانها على فراقه وعوضها خيراً ... هل تعرض

لحادث ما ؟ "

واستغربت صمت من في الطرف الآخر وتوقعت أن المكالمة

انقطعت لولا وصلها صوتها الحزين وبعد تنهيدة عميقة

" بل مات مقتولاً "

ارتفعت أصابعها لشفتيها هامسة بصدمة

" يا إلهي فاجعة مضاعفة بالفعل .. أعانها الله ورحم قلبها "

وتابعت من فورها

" من قتله وهل أمسكو به ؟ "


وكان صمتاً قصيراً آخر علمت أن ما سيعقبه مفاجأة أخرى ،

وذاك ما حدث فعلاً وما أن وصلها صوتها الحزين

" زوجته الفاعلة حتى الآن فالمسدس كان في يدها وقت وصولهم

لغرفتها وما أن سمعوا صوت الرصاصة "

حركت رأسها بأسى وعدم تصديق قائلة

" لا حول ولا قوة إلا بالله ... لا أتخيل أن تقوى امرأة ومهما

كانت أن تقتل أحداً ! فالقتل أقوى من قلب المرأة ومهما

كان قوياً "


أتاها تعليقها مباشراً

" معك حق ولأنها كانت في مصح نفسي لأعوام قبل أن تشفى

وتغادره لم يعد يستبعد أحد أن تكون الفاعلة "

اتسعت عيناها بدهشة وقالت

" ويزوج ابنه بامرأة مريضة لما ؟! "

" لأنها ابنة عمه ويبدو جده من سعى لذاك الزواج "

حدقت في الفراغ بتفكير لبرهة وقالت

" ابنة عمه !! تلك الطفلة الخماصية التي نجت من المذبحة

القديمة تقصدين ؟ "

" أجل هي وإسمها حسبما أعتقد زيزفون "


ارتفعت يدها لصدرها وهمست بحزن

" يا إلهي كم عانت تلك الفتاة .. يكفي رؤيتها لجدتها تموت

أمامها وهي طفلة "

تنهدت تلك وقالت

" ليرحم الله عباده فكم من حكايا لا تشبه الواقع أبداً ولا

يمكن تخيلها "

همست بحزن

" لا حول ولا قوة إلا به ومعك حق فزوجة أبان أيضاً وصلنا

خبر مقتل زوجة والدها والمتهم والدها حتى الآن "


وصلها منها فوراً

" لا إله إلا اللہ .. عظم الله أجركم "

تنهدت بحزن متمتمة

" غفر له ولك بوركتِ "

وتابعت من فورها وبإحراج

" لا أعلم مع كل هذه الفواجع كيف يمكنني قول ما كنت اتصلت

من أجله ؟ "

وصلها صوت محدثتها فوراً وبلمحة قلق واضحة

" خيراً إن شاء الله ؟ "


قالت مباشرة

" لا هو خير بالتأكيد لكني لا أراه وقته وسنتحدث في

وقت لاحق "

وصلها صوتها سريعاً

"لا وفقني الله إن رددتك فيما تريدين فلا تترددي أو تخجلي مني"

لاذت بالصمت وشعرت بإحراجها يزداد وتمنت أنها لم توافقه منذ

البداية ، حمحمت حين شعرت بأن صمتها بات سخيفاً وقالت

" حقيقة الأمر .... غيهم كان تحدث معي عن وقت جلبه لزوجته

ولا يريد تأخيره كثيراً وأنا اشترطت عليه حفل زفاف كبير لهما

وهو وافق على أن لا يؤجل لأي سبب طارئ وبعد وفاة المرأة

وما يمرون به عائلة زوجة إبني لم يعد يمكنني فعل ما خططت له

ولا تأجيل الفكرة أيضاً فهو يلبي رغباتي أكثر مما يطلب مني ولم

أستطع رده لكن مع ظروفكم الحالية لا أراه الوقت المناسب وعليا

إقناعه أو إرغامه "

وتمنت أكثر أنها لم تتحدث معها في الأمر من أساسه ما أن قالت

" نحن لن نحتفل هنا على أية حال والأمر متروك لكم وليس لنا "

آه من إبنها ذاك ومن تصرفاته وعناده لو كان أخبرهم بسبب

إلغاء حفل الزفاف هناك وبأنها أوامر من خاله ووالدها على علم

مسبق ماذا كان سيحدث ؟ لما يعتقدون أن النساء يمكنهم إفساد

كل شيء وجلب الضرر لأنفسهن ولغيرهن وكأنه لا عقول لديهن

يفكرن بها ! قالت باستسلام ولا حيلة لها غير ذلك

" لا أريد لكنانة أن تتزوج دون حفل لكني أعرفه جيداً يرضيني

بما أريد إلا فيما يعاند عليه وأرى إصراره هذه المرة لم يتغير

حتى بعد الذي حدث "

وعلمت من الصمت الذي طال في الطرف الآخر أن الأمر لم يرق

للتي قالت رغم كل ذلك

" لا أعلم ما يمكنني قوله فالرأي لكنانة ومن ثم لوالدها

وسأتحدث معهما وما كتبه الله سيحدث "
تنهدت بعمق وقالت بامتنان

" بارك الله في قولك وطيب أصلك وما ستتفقون عليه سنرضى به

بالتأكيد وسأخبر أيوب يتحدث معه كي لا يُنقل الأمر له عن طريق

النساء فقط "

قالت تلك من فورها

" خيراً إن شاء الله "

فارتاحت للنبرة الطبيعية في صوتها وهي تقول ذلك وقالت

مبتسمة

" شكراً لك يا نادية وأعتذر مجدداً عن إزعاجي "


قالت تلك من فورها

" أعوذ بالله ...! لا تعتذري أبداً فالأمر لا يحتاج ذلك ، وبلغي

زوجة ابنك تعازيا لها "

وأنهت الاتصال معها مودعة لها وتمتمت بضيق تضع

السماعة مكانها

" سامحك الله يا غيهم على الموقف الذي وضعتني فيه "

وما أن أنهت عبارتها تلك حتى علا صوت رنين هاتفها ونظرت

لإسمه على شاشته وكأنه كان يسمعها ففتحت الخط ووضعته على

أذنها ووصلها صوته مباشرة

" ماذا حدث معك أمي هل اتصلت بهم ؟ "


زمت شفتيها بضيق وقالت

" أنا بخير شكراً لك بني "

" أمي !! "

نبرته التحذيرية تلك لم تزد مزاجها إلا سوءاً وقالت مختصرة

" أخبرتها أن الخيار لهم وستتناقش وابنتها وزوجها

وتعطيني ردهم "

وأتاها تعليقه سريعاً وكما تتوقع تماماً

" لكننا لم نتفق على هذا ؟ "


فقالت بضيق هذه المرة

" شقيقة زوجها توفي ابن زوجها حديثاً ، ماذا كنت تريد

مني أن أقول لها ؟ "

وصلها صوته سريعاً بل وبضيق أيضاً

" وما علاقتي أنا به ؟ هو ليس شقيقها ولا زوجها ولا إبنها

ولا حتى والدها .. بل ولا يقرب ولا لوالد كنانة "

قالت من فورها وبجدية

" ما لديا قلته لها ولك وسأترك والدك يتحدث مع والدها

فهذه الأمور لا تخص النساء حسب رأيي "


وكان تعليقه البارد سريعاً أيضاً

" إن أقنعت أنت والدي فلن يحدث إلا ما يريد لأنه ما

تريدين وبالتالي ما أريد أنا "


وتابع من فوره ومن قبل أن تجتاز ما سمعت لتعلق عليه بل

وبنبرة أكثر بروداً من سابقتها

" وهو بالطبع تحديد موعد محدد وقريب ، وإن كان الأمر متروك

لي لكنت مررت بلندن وجلبتها معي الآن "

حركت رأسها بيأس منه متمتمة

" حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم جميعاً "



قال ضاحكاً

" أحبك أمي ... وداعاً "

فابتسمت تبعد الهاتف عن أذنها وحركت رأسها مجدداً

ووقفت هامسة

" جيل انعدم منه حتى الحياء ! "


*
*
*


ابتسمت ونظرها على يديها والسكين الذي يقطع الخضار بحركة

سريعة منها تسمع أصوات اللعب والصراخ الطفولي الضاحك في

الخارج مع صوت اصطدام الكرة بالجدار قربها وكم تغير يومها

بوجودهما وإن لم يكونا هنا إلا من ساعات !

سكبت الخضار المقطع في الطبق وانتقلت للفرن وأطفأت النار

على القدر وغطته جيداً وغادرت المطبخ لتجد الكرة البلاستيكية

الحمراء في وجهها ما أن تخطت عتبه الباب فأمسكتها بيديها

ونظرت للذي قفز تحتها ويداه ترتفع لها قائلاً

" أعطني إياها مارين "


فضحكت ورفعتها بيديها أكثر وقالت مبتسمة

" إن نطقت اسمي بشكل صحيح أعطيها لك "

فتوقف عن القفز ومد شفتيه بعبوس ورمى بيده نحوها وابتعد

عنها مما جعلها تضحك بصوت مرتفع بسبب ردة فعله تلك

واستسلامه لأنه لن يستطيع تحقيق شرطها ، توجهت بها نحو

الغرفة قائلة

" هيا اغسلا يديكما فالغداء أصبح جاهزاً "

فركضا على الفور باتجاه الحمام ليفوز أول من يصل منهما

بالحذاء الرجالي ولا يلبس شبشبها هي بينما تسمرت هي مكانها

بسبب صوت باب المنزل الذي كان يفتح من الخارج ثم أغلق

مجدداً ونظرت للذي دخل حينها ولم تكن تتوقع عودته الآن فهو

توقف حتى عن تناول طعامها منذ تلك الليلة !

ولولا وجود شقيقاه هنا ما كان ليرجع قبل المغيب بالتأكيد .

علقت نظراتها به بينما هرب هو بعينيه منها سريعاً ونظر للذين

خرجا من باب الحمام المفتوح يديهما مبتلتان وقد ركضا نحوه من

فورهما وما أن اكتشفا وجوده هناك وحضناه معاً بينما يداه تلعب

بشعرهما الحريري ينظر لهما مبتسماً تراقبهم نظراتها الباسمة

وأخرى حزينة تزين شفتيها فحتى ابتسامته لم تراها منذ ذاك

الصباح الذي خرج فيه يعدها بالعودة مبكراً ليلاً إلا الآن ،

وشعرت بقلبها وقع وتحطم لأشلاء ما أن ماتت ابتسامته حين رفع

رأسه ونظر ناحيتها فلملمت جرحها كما ألمها من برود نظرته

تلك وقالت بصوت منخفض متجهة للمطبخ القريب منها

" سأضع لكم الغذاء فوراً "

ودخلت ووضعت الكرة من يدها وشغلت نفسها عن التفكير فيما

حدث كي لا تنهار باكية بأن سكبت الأرز المطهو مع الخضار في

طبق كبير وتركت القليل منه لها فلن تجلس لتأكل معهم كي لا

يقف هو مغادراً ويكفيها فقط أن يتناول طعامها الذي بات يرفضه

كما يرفضها .


وضعت الطبق في صينية التقديم الحديدية وطبق السلطة

والزيتون وثلاث ملاعق وحملتها للغرفة التي ما أن اقتربت منها

وقفت تسمع صوت جاد قائلاً بحماس باسم

" لقد فعلنا بالعجين هكذا وهكذا وتركتنا مارين نساعدها "

وماتت ابتسامتها التي رسمتها كلمات الصغير الحماسية حين لم

يعلق من انتظرت تعليقه بفضول رهيب ، وما أن نظرت لعتبة

الباب المفتوح أدركت السبب فضِلُ رأسها كان مخترقاً إياه ومن

حماقتها نسيت بأنها قادرة على الوصول لأي شيء فكيف بظلها

الطويل ؟ دخلت الغرفة نظرها على ما في يديها حتى وضعتها

أمامه مباشرة وأسرع الصغيران بالجلوس حولها بينما انتقلت هي

للخزانة وأخرجت منشفتان صغيرتان نظيفتان وضعتهما في

طرف الصينية حين كان الصغيران يتقاسمان الملاعق وتوجهت

نحو باب الغرفة من فورها وتسمرت مكانها حين قال جاد

" تؤكلني مارين "

ونظرت ناحيته مصدومة وهو يمد الملعقة نحوها ... صدمة

سقطت على قلبها وضربته بقوة حين قال يمان الذي كان ينظر

له بضيق

" ولما تؤكلك أنت لست صغيراً ؟ "


وكان التعليق حينها من عنان وقد قال ساخراً منه

" هو يوقع الطعام دائماً وأمي كانت تقول له بأن يده عوجاء

وفمه كذلك وتؤكله بنفسها "

وابتلعت غصة جديدة ما أن قال الذي سحب الملعقة منه بقوة

" أنا من سيطعمك إذاً "

فغادرت الغرفة من فورها ووجهتها المطبخ ودخلته تمسح الدموع

التي تغلبت عليها نهاية الأمر ولم تجد ولا رغبة في تناول حصتها

من الطعام وتركتها للطفلين فهي سبق وعاشت مع أطفال شقيقها

جسار وتعلم نظام غذائهم جيداً فهم يركضون طوال اليوم ويأكلون

بلا وقت محدد .

كانت تغسل القدر من الأرز الملتصق به حين سمعت خطواته

خلفها ثم صوت الصينية الحديدية يحتك بالأرض وغادر في صمت

كما دخل تاركاً الألم يصرخ داخلها هي وعادت لمسح دموعها

مجدداً ورفعت الصينية والأطباق الفارغة وغسلتهم ، وما أن

انتهت غادرت المطبخ وخطت بتردد نحو الغرفة فهي لن تساعده

في مجافاته لها بما أنه دخلها فلن تبتعد وقت وجوده وإن كان هنا

من أجل شقيقيه فقط .

وصلت الباب ودخلت مشجعة نفسها على صوته الحازم قائلاً

" ليس وقت لعب الآن عليكما أن تناما ولن تغادرا الغرفة "


فحدقت فيها عينا جاد السوداء برجاء وكأن رأيها سيغير شيئاً

في قراره ! هما يجهلان الحقيقة لما كانت لتتعلق آمال أي منهما

بها ، ابتسمت له وإن كانت جاهدت كثيراً لفعل ذلك اقتربت منه

وجلست بجواره تتجنب النظر للذي خشيت بالفعل أن يترك

الغرفة لأنها دخلتها ويذبح قلبها مرة ثالثة ومسحت يدها على

شعره الحريري وقالت تغتصب ابتسامة صغيرة

" عليك تنفيذ كل ما يقوله شقيقك فالشمس تصبح حارة الآن

وستلعبا فيما بعد كما تريدان "


وخرجت ضحكتها رغماً عنها حين ارتمى في حضنها والتفت

ذراعاه حولها وقال مبتسماً

" سأنام بجانبك إذاً "

وقتل الذي اندس تحت لحافه ابتسامتها حين قال

" أنت طفل أنا أنام لوحدي "

لكنه لم يهتم لما قال ولم يبتعد عنها ولم يبعد ذراعيه فابتسمت

بحب تحضنه بقوة وقالت

" سأنام بجانبك دائماً لا تهتم لما يقول "

وماتت ابتسامتها كسابقاتها اليوم ما أن نظرت ناحية الجالس

جانباً ومن يبدو لم يتوقع مثلها أن تنظر ناحيته وترى تلك النظرة

في عينيه قبل أن يقف مغادراً الغرفة بل والمنزل بأكمله وتركها

تتلاطم بين حزنها وألمها فلم تكن نظرة باردة ولا مستاءة تلك

التي رأتها في عينيه بل نظرة .... نظرة شخص لشيء كان بيده

وفقده يراه متحسراً عليه ليس فقط لأنه لم يعد له بل لقسوة فقده

إياه ولأنه لن يكون له مجدداً ، نظرة قتلتها أكثر من سابقاتها

وبجميع أنواع قسوتهم عليها .


ارتفعت يدها لعينيها ومسحت الدموع منها بقوة وقالت ببحة تبعد

الذي لازال نائماً في حضنها

" هيا إذاً لننام كي نلعب بالكرة ثلاثتنا بعد العصر "


صرخ جاد بحماس واندس في فراشه سريعاً وما أن استلقت

بجانبه زحف نحوها فابتسمت وأراحت ذراعها على جسده تنظر

لعيناه السوداء الجميلة القريبة منها لازالت تشعر باصطدام

ضربات قلبها بغشاء أذنيها وعاد الحزن ليكتسح ملامحها

وانتبهت للذي قال مبتسماً ونظراته لازالت معلقة بها

" هل تعرفين حكايات النوم ؟ "

فتبدلت نظراتها للإستغراب بينما تابع هو بعبوس

"يمامة كانت تحكيها لنا دائماً لكنها ذهبت ووالدتي لم تكن

تعرف حكايات "


ابتسمت بحزن وألم ينتابها كلما ذكرا والدتهما ومسحت يدها على

جانب وجهه وقالت

" لا أعرف سوى حكايتي فهل أرويها لك "

حرك رأسه مبتسما بحماس وانتقل نظرها ناحية شقيقه الذي ترك

فراشه واقترب منهما ونام ملتصقا بشقيقه ينظر لها مبتسماً

بفضول فابتسمت له بحب فيبدو أنه لا يشبه شقيقه سوى في

الشكل والجسد !!

فحتى في احتكاكه بها تراه متحفظاً وبشكل واضح وقليل كلام كما

أنه يعتمد على نفسه كثيراً .


قالت مبتسمة تنظر لعيناهما المحدقتان بها بينما دست يداها

تحت وجنتها

" كان ياما كان في قديم الزمان كان هناك طفلة صغيرة

إسمها مايرين "


وملأت الدموع عيناها رغم الابتسامة التي لم تفارق شفتيها وإن

تبدلت للحزن متابعة

" ولدت بلا أب بلا هوية ولا انتماء .. أحدهم اعترف بأنها ابنته

وآخر سجلت بإسمه وهو ميت من قبل أن تولد بأعوام "




*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 23-04-20, 02:18 AM   المشاركة رقم: 1510
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

*
*
*


رفعت رأسها من الأوراق التي كانت منكبة عليها منذ وقت

ونظرت لباب المكتب ما أن انفتح فجأة ودون طرق ووقفت وقد

اختلطت ابتسامتها بنظرة الاستغراب في عينيها ما أن علمت هوية

الداخل منه وقالت

" مرحبا حسام .. ما هذه المفاجأة ؟! "


وكان لفظ مفاجأة لا يصف الحقيقة حينها فهذه المرة الأولى التي

يزور فيها شقيقها مكتبها حيث تعمل وكل ما تخشاه أن يكون علم

بأمر اختفاء قائد وما حدث وهو هنا ليقرر يومها الأخير في هذا

المكان الذي تعشق ؟ لكنه خان جميع توقعاتها حين مد لها هاتفه

قائلاً

" هذا قائد يريد التحدث معك "

فلم تستطع منع اتساع عينيها من الصدمة وسحبت الهاتف من

يده سريعاً ووضعته على أذنها قائلة

" نعم يا قائد "


واستدارت عيناها ودون شعور ناحية عينا شقيقها تقرأ الأسئلة

الكثيرة فيها دون أن ينطق بها بينما وصلها الصوت العميق

المتزن تشعر به وقع في قلبها الأحمق قبل أذنيها

" مرحباً غدير ... أريد المغلف البني الموجود في الدرج الثالث

في مكتبي أعطه لحسام "

خرجت من خلف مكتبها وبخطوات سريعة وغادرته ودخلت

لمكتبه وجلست من فورها على الكرسي الجلدي وفتحت الدرج

الذي تعلم أنه فيه مسبقاً واتسعت عيناها بصدمة هامسة

" ليس هنا "
كان همساً تحدث به نفسها لكنه وصل واضحاً للذي قال سريعاً

" مستحيل وضعته بنفسي هناك ..! تأكدي يا غدير "

وهي متأكدة مثله تماماً من أنه كان هنا لأنها سبق ورأته بل

وفتحته وقرأت ما فيه من أوراق ! فتشت الدرج سريعاً ولا وجود

له وخرج صوتها مصدوماً

" لا وجود لأي ظرف ورقي هنا !! "

وازدادت ضربات قلبها ما أن وصلها صوته القلق

" فتشي الدرج جيداً يا غدير عليك أن تجديه فهو موجود هناك "

وقفت وتركت الهاتف من يدها وبدأت تفتش باقي الأدراج فهو

ليس هناك ولا داعي لتتعب نفسها بالبحث فيه ، كانت كالضائعة لا

تعرف ما تفعل تحديداً تشعر بقلبها سيخرج من مكانه خوفاً عليه

وليس لأي سبب آخر فلم تستطع مع صدمتها ولا أن تسأله عن

مكانه ولما اختفى بما أنها أصبحت هنا لوحدها .

تنفست بارتياح وكادت تخر للأرض ساجدة حين وجدته في الدرج

الأخير تحته رغم استغرابها لانتقاله من هناك وهي متأكدة من أنه

لم يكن فيه ! رفعت الهاتف وقالت ما أن وضعته على أذنها

" وجدته "

فوصلها صوت تنهده الواضح بارتياح هامساً يحمد الله ولم

تستطع سؤاله إن كان نقله من هناك كي لا يكون جوابه النفي

وتكون هي من أخطأت وهي تعيده ودون قصد منها ولم تنتبه له

ويكتشف بأنها دخلت مكتبه وفتشته في غيابه فوحدها من يترك

المفتاح لديها ، بل ولم يترك لها مجالاً لذلك وقد قال من فوره

" أعطه لحسام يا غدير وشكراً لك أنا ممتن لك فعلاً "

خرجت من خلف طاولة المكتب قائلة

" لا داعي للشكر ... "

ووقفت مكانها هناك حين تغلب قلبها عليها ومسحت بظهر يدها

والمغلف فيها عيناها والدمعة التي فكرت في التسرب منهما

وهمست بحزن

" هل أنت بخير يا قائد ؟ هل الأمور جميعها بخير ؟ "


وإن لم تكن تتوهم أو تتخيل فقد لمحت نبرة مماثلة في صوته

رغم أنه قال سريعاً

" أجل يا غدير لا تقلقي وافعلي ما طلبت منك سريعاً فالرجل

ينتظر وصوله "

همست بحسناً تبعد الهاتف عن أذنها وغادرت المكتب عائدة

لمكتبها وحيث الذي تركته هناك وكان منشغلاً بالنظر لتفاصيل

المكان يديه في جيبي بنطلونه ونظر لها ما أن اقتربت منه ومدت

له ما في يدها فور أن وقفت أمامه وقالت

" هذا هو "


أخذه منها على الفور قائلاً

" لما لم يتصل بك أنت ! هل هاتفك كان مغلقاً ؟ "

نظرت حولها بتشتت وحين اكتشفت بأنه لازال في حقيبتها عادت

بنظرها له وقالت

" أجل ... يبدو أنه تعطل وسآخذه لمركز صيانة في طريق

عودتي للمنزل "

فغادر في صمت ملوحاً لها بيده ، لكن صمته ذاك لم يدم طويلاً

فقد قال وهو يغادر باب مكتبها وكأنه تذكر ذلك الآن فقط

" لقد اتصل بي جهاد ويطلب موعداً لزيارتنا "


وغادر هكذا وبكل بساطة لم ينتظر ولا أن يسمع ردها أو رأيها

وكأنه أمر مسلم به ! غادر مخلفاً ضحية لم تجد ملاذاً لجسدها

سوى كرسيها الجلدي لتهوي عليه جالسة عيناها الحزينتان

تراقبان ارتجاف يديها في حجرها قبل أن تقبض أصابعهما بقوة

وقد بدأت الدموع الرقيقة في عينيها بحجب كل شيء عنها فمعه

حق على جهاد أن يزور منزلهم فكل شيء لم يبتدئ يوماً انتهى

الآن وللأبد .

*
*
*

" لا "
صاحت بها برفض حازم وهي تهب واقفة على طولها نظراتها

الحانقة لم تفارق الجالسان أمامها ينظران لها بصمت لا تعلم

استغراباً لانفعالها المفاجئ أم لإعتراضها على ما أعلنا الموافقة

عليه مسبقاً ونيابة عنها ؟

وتابعت بعناد حين لم يبدر منهما أي تعليق

" لست موافقة إن كان ثمة رأي لي في الأمر "

وأتاها يقين ما توقعته تماماً ما أن قالت والدتها

" لكن والدك أخبره بأنه لا مانع لدينا "


فاشتدت قبضتاها بقوة بجانب جسدها وقالت بضيق

" هو قال أن الرأي لنا وأني من يقرر أيضاً أليس كذلك ؟ "

وكان التعليق من والدتها مجدداً قائلة وهدوءها السابق قد بدأ

يتبدل للجدية

" بلى وذاك ما قالته زوجته أيضاً "

وذاك ما زاد مزاجها السيء سوءاً فقالت بذات ضيقها تشير

لنفسها

" إذاً لما لم يأخد أحد برأيي ؟ لما تقررون عني دائماً ! "


" لأنه ... "

وكانت والدتها أيضاً من تحدثت وهي أيضاً من قاطعت نفسها


ولاذت بالصمت ولم تلح هي عليها لأنها تعرف الجواب وإن لم

يعترفا به وهو أنها لن تمانع طالما قررا هما هذا ولن تحرجهما

ولن تثني كلمتهما كالعادة بالطبع ، ولأنه كان خطأها منذ البداية

وها هي تدفع ثمنه وهو تهميشها في كل ما يخصها في الأمر

لأنهم اعتادوا رضوخها وصمتها لكل ما يقررون ومن دون حتى

أن تعلم وهي التي لم تفكر سوى في كرامتهما وموقفهما أمامهم

وها قد بدأ حصد النتائج ومبكراً أيضاً ، وجهت نظرها لوالدها

والجالس بصمت وقالت بأسى

" إبن زوج شقيقتك الذي مات للتو أبي ! إن كنت لا تهتم فأنا

أهتم .. وليس بها فقط بل وبرواح وهو شقيقه "


فتحدث أخيراً وبهدوء يشبه شخصيته الدائمة والمعتادة

" كنانة نحن لن نقيم حفلاً هنا في جميع الأحوال فما علاقة

رواح أو والدته بالأمر ؟ "

وأضافت الجالسة بجانبه سريعاً

" هو لم يقل بأنه قادم اليوم أو في الغد لأخذك يا كنانة ، فقط

التأجيل لعدة أشهر هو ما يتحدثون عنه "

نفضت يدها قائلة بضيق

" لا أفهم لما لا يراعون ظروفنا إن لم تكن الظروف التي تمر بها

عائلة زوجة ابنهم الآخر ذات أهمية لهم ؟ أم هكذا هم يتعاملون

مع من يرونهم أقل منهم "
وكان التعليق من والدها الذي قال بضيق تعترف بأنها لا تسمعه

في صوته إلا نادراً

" من تحدث الآن عن مستواهم أو من نكون نحن ؟ لما عليك

تذكيرنا بهذا كلما ناقشنا أمراً ما يخصكما ؟! "

قالت من فورها وبقهر وحرقة

" لأنها الحقيقة أبي فهل كان هذا سيكون حديثهم إن كنا مكافئين

لهم في كل شيء ؟ "

قالت والدتها مدافعة وكالمتوقع منها

" لو كان كذلك ما كانوا ليتركوا الخيار لنا "

نظرت لها وقالت بضيق

" لا بل من المفترض أن لا يتحدثوا عن الأمر مطلقاً فحديثهم

هكذا معناه ( وافقوا مرغمين ) "

فقالت حينها ببرود

" أرى إذاً أن تتحدثي معه لأنه صاحب هذا الرأي كما فهمنا

من كليهما "

ولم يزدها ذاك إلا اشتعالاً وقالت بضيق

" لما سأتحدث معه وهو حين قرر هذا لم يفكر أن يسألني أو

يستشيرني فيه ؟ ألم ينقل أوامره عبر والديه ؟ إذاً أخبروه

برفضي لذلك قبل أن يحدد التاريخ أيضاً "

كانا ينظران لها بصمت وكأنهما يريانها لأول مرة وتفهم جيداً ما

يفكران فيه ولم تهتم أيضاً وتابعت بذات ضيقها

" ثم لا أفهم لما لا يكون لي حفل زفاف كغيري ؟ لما يتهربون

من كل هذا بالتتابع ! "

قالت والدتها تحدق فيها باستغراب

" كنانة لا أصدق أنك تهتمين فعلاً بالحفل الذي سيقام هناك وأنت

لا تعرفين فيه أحداً ! لو كانت فتاة غيرك لصدقت هذا ! "

نفضت يدها قائلة بحنق

" وإن يكن فأنا كأي امرأة غيري تتمنى أن يكون لها حفل زفاف

وإن كانت غريبة فيه أم لا فرص للفقراء ليحلموا ويحققوا

أحلامهم ؟ "

وكان التعليق حينها من والدها الذي قال مستنكراً

" لا أفهم فيما يكمن اعتراضك تحديداً يا كنانة ؟ "


قالت من فورها وغضبها ومن كل شيء يزداد حدة

" في كل شيء .. ألا يكفي الحفل المأساوي الذي علمت فيه

مصادفة أني أصبحت زوجته ووقفت أمام معارفنا وأصدقائي

بثياب عملي كالبلهاء لا حق لي ولا في ارتداء ما يليق

بالمناسبة ؟ لقد رضيت بكل ذلك وأكثر من أجلكما فقط

وهذه المرة لن يحدث ولن أوافق ولن أصمت أيضاً "

وما أن أنهت عبارتها تلك رفعت حقيبتها وغادرت باتجاه غرفتها

وتركتهما يحدقان في بعضهما بصمت ودخلت الغرفة وأغلقت

بابها خلفها بقوة ورمت الحقيبة على السرير بقوة وغضب

وأتبعتها بسترة بذلتها الأنيقة الخاصة بعملها وبقيت بالقميص

الحريري والتنورة الطويلة تتنفس بقوة وغضب حتى كانت تسمع

ضربات قلبها في أذنيها .

عندما دخلت المنزل استغربت أن قابلتها والدتها ببشاشة وهي

التي تأخرت عنهما حتى ذهبا للعزاء بدونها وقد سبق ووعدتهما

بالعودة مبكراً مما جعلهما ينتظرانها حتى منتصف النهار ، وكانت

تتوقع توبيخاً معتبراً ومحاضرة مطولة في اللباقة وحسن

التصرف لكنّ ما وجدته كان العكس تماماً ! وظنته مجرد تفهم

لظروف عملها التي أرغمتها على أن لا تكون في منزل عمتها

معهما اليوم ولم تكن تتخيل بأنه ثمة مفاجأة أو فاجعة ما في

انتظارها .. ؟

والأسوأ من كل ذلك وما جعلها تغضب فعلياً رضوخ والديها لكل

ما تقول وتقرر تلك العائلة ودون أدنى تفكير أو اعتراض وكأنهم

من استجداهم وترجاهم لمناسبتهم !!

ما أن وصلت باب الحمام أولته ظهرها وعادت ناحية سريرها

وجلست عليه ورفعت حقيبتها وأخرجت هاتفها منها فإن لم تفعلها

الآن وهي تشتعل فلن تفعلها أبداً .

نظرت لرقم هاتفه على الشاشة وحزمت أمرها وضغطت أيقونة

الإتصال بالرغم من أن هذه المكالمة ستكلفها ليس فقط مادياً بل

ومعنوياً أيضاً وهي تفعلها وتتصل به رغم تجاهله المستمر

والدائم لها لكنها لن تتراجع وستُعْلمه بنفسها رفضها لِما تستغرب

أساساً أن يكون اتخذ قراراً فيه وهو من يتزوجها مرغماً ومن

أجل والدته ليس إلا !! .


*
*
*

غادرت غرفتها مغلقة بابها خلفها وسارت عبر الممر حتى كانت

في بهو المنزل الواسع المضاء بسبب بابه الكبير المفتوح ووقفت

وابتسمت بحب خالطه الكثير من الحزن تنظر للجالس هناك يضع

حاسوبه أمامه على الطاولة ومنشغل به وها قد غادر غرفته

وانتهى سجنه لنفسه أخيراً ويبدو اقتنع مثلها بأن ما حدث لا

يمكن تغييره وانتهى وقت الأسف عليه .

تحركت مقتربة منه وقد رفع رأسه ونظر لها ما أن شعر بوجودها

وابتسم تلك الابتسامة التي تعشق رغم أن عيناه لم تكن تحمل

البريق الذي عرفته فيهما منذ طفولتها وأحبته ، جلست بجانبه

ونامت في حضنه وقد طوقت ذراعه كتفاها سريعاً وقالت بابتسامة

صغيرة لم تستطع الوصول لعمق الحزن في عينيها بينما نظرها

على الشاشة أمامها

" ماذا تفعل ؟ "

قال ويده تمتد له وتغلقه

" لا شيء .. أمضي الوقت في التقليب في صفحات الإنترنت "

ونظر لها في حضنه وقال

" ماذا عنك أنت .. جاهزة للذهاب للمدرسة التي ستفتح أبوابها

خلال أيام ؟ "


لاذت بالصمت لبرهة وهمست بعبوس

" لا .. ولا أشعر بأي رغبة في ذلك "

قال بابتسامة مائلة يراقب يده التي أدارت الحاسوب ليبتعد عن

طرف الطاولة

" لا أصدق هذا من مدمنة دراسة مثلك ! "

حركت كتفها وقالت ونظرها شارد في الفراغ

" لا أعلم ... أشعر بالتوتر كلما فكرت في الأمر وبالكثير من

التردد فأنا كنت أدرس في المنزل سابقاً كما أني لا أعرف

أحداً هنا "


" تعرفين الكاسر وهذا يكفي "

ابتسمت بخفوت لنبرة التسلية في صوته وشع الأمل في قلبها بأن

جدها الذي تعرفه سابقاً سيعود سريعاً كما يبدو وأمسكت يديها

بيده وقالت تنظر لأصابعهما

" والكاسر أصدقائه جميعهم في العمران والوضع هنا جديد

بالنسبة له مثلي "

قال من فوره

" المدارس الخاصة لا تحوي الكثير من الطلبة كالمدارس العامة

وسيساعدك ذلك في الانسجام معهم سريعاً وستكون لك صداقات

كثيرة بالتأكيد "

علقت بنعم هامسة وساد الصمت بينهما للحظات يده تمسح على

نعومة شعرها تفكر فيما تعجز عن السؤال عنه أو إيجاد مقدمات

له حتى كانت أصابع يديها تضغط على يده فيها دون شعور

فابتعدت عنه حينها ونظرت لعيناه ولون الحزن عينيها كما

ترقرقت الدموع الرقيقة فيهما وهمست ببحة ودون مقدمات

ولا انتظار أكثر

" علمت بما حدث ؟ "

وكان جوابه سريعاً أيضاً وهو يبتعد بنظره عنها متمتماً بوجوم

" أخبرني صقر "

ابتلعت غصتها مع ريقها وهمست ببحة

" أنت لست غاضب منها جدي أليس كذلك ؟ "

" لا "

ابتسمت بحزن من بين الدموع السابحة في عينيها ما أن قال ذلك

وتابع وقد عاد بنظره لها

"هي ابنتي وأحبها بعيداً عن مسألة أنها لا تعترف بي والداً لها "

فشعرت بسعادتها اللحظية تلك ترتد عليها وحركت رأسها برفض

لكنه سبقها قبل أن تفكر في قول أي شيء وخرجت كلماته

بجمود تشعر بها آلمته أكثر منها

" كانت بكامل وعيها حين قالت ذلك ورفضتنا كعائلة لها ، كما

أنها ليست طفلة ولا مراهقة لا تعي معنى ما تقول "

راقبت جانب وجهه الذي أشاحه عنها وقالت بحزن

" لكنها كانت متألمة ومجروحة... "

قاطعها قائلا بجدية ولازال يتجنب النظر لها

" أفهم ما تريدين قوله يا تيما ولأجل ذلك أخبرتك بأني لا أكرهها

ولست غاضباً منها لكننا لن نجبر أنفسنا على من لا يريدنا

ويرفض الاعتراف بنا "

انسابت دمعتها ببطء فوق الوجنة المتوردة بشدة تنظر للذي تابع

ونظراته الغامضة المغيمة تنظر للفراغ بشرود واجم

" لو كانت لجأت لي لكنت وقفت معها ضده وإن كانت الظالمة

لكنها في غنى تام عني "

حركت رأسها برفض وقالت سريعاً

" لا أصدق أن يكون هذا تفكيرها نحوك "

وراقبته بعينين دامعة وهو يستدير نحوها مجدداً وارتفعت يده

لوجهها ومسح الدموع من وجنتيها قائلاً

" يكفينا حديثاً في الأمر يا تيما لا أريد رؤية المزيد من دموعك "

سحبت الهواء لرئتيها في شهقة صغيرة وهمست ببحة

" ولن تسافر ؟ "

وتابعت من فورها تمسك بيده وبرجاء حزين

" أرجوك جدي لا تتركوني جميعكم وحيدة "

ظهر شبح ابتسامة تعاند ملامحه المتجهمة وربتت يده الحرة على

يدها الممسكة بيده وقال

" لا يسمعك قاسم وتجرحه كلماتك فقد وجدته البارحة قرب

غرفتك وكان يطمئن إن كنت نائمة أم لا "

أسدلت جفناها تتجنب النظر له حياءً منه وهمست بحزن تغلب

عليها أكثر من سابقه

" وجودي معه لا يعني أنني في استغناء عن عائلتي ، لا يمكنني

أن أكون سعيدة معه بدونكم "

وراقبت بأسى أصابعه التي اشتدت على يدها الصغيرة أمامها

ووصلها صوته الحنون الهادئ الذي فقدته لأيام

" بلى وحين يصبح لديك عائلة وأبناء فلن يحتاج لك سواهم

وأنت كذلك "

تنهدت بعمق ويئست من فكرة إقناعه بما تشعر ومقتنعة به

ورفعت عيناها له ونظرت لعينيه بحزن وقالت

" عدني فقط أن تفكر في الأمر إذاً "

أومأ برأسه موافقاً دون أن يتحدث فعادت للنوم في حضنه تنظر

للفراغ بشرود حزين بينما عادت يده تمسح على شعرها الناعم
وهمست بعد قليل وبأسى

" والدي لا يأتي للمنزل مطلقاً ولم ينم هنا ولا يتحدث مع أحد ! "

مسحت يده على شعرها دون توقف وقال بهدوء ونظره شارد في

الفراغ مثلها

" بعض الرجال أو أغلبهم لا يستخدمون الأسلوب ذاته الذي

تلجأن له أنتن النساء في التعبير عن المشاعر الدفينة "

وتنهد بعمق قبل أن يتابع بلمحة حزن

" إنها معادلة أشبه بالبركان يا تيما تتغلب عليه طبيعة تكوينه

وينفجر في أي وقت بلا شك "


*
*
*

حاولت بكل قواها شد يدها منها صارخة بهستيرية

" قلت اتركوني وشأني لا أريد حقنكم البالية هذه ولا أريد

أن أنام "

لكن التي كانت تحاول شد يدها وتثبيتها لم تهتم بما قالت

ولا تعلم لا تفهم الإنجليزية أم تتجاهلها متعمدة ؟

فزادت من محاولات تشتيت تركيزها بحركتها العنيفة مما جعل

الممرضة الأخرى والتي تمسك الحقنة وتقف قرب السرير تهرع

لمساعدة رفيقتها فاستعانت عليهما بقدميها أيضاً هذه المرة ولم

تترك شفتاها شتيمة تعلمها ولم تقذفهما بها حتى أن إحداهما

سقطت أرضاً بسبب ركلة قدمها القوية وقد صرخت بهما بقوة

نهاية الأمر

" أريد مطر شاهين الآآآآن "

وتوقف كل شيء مع انفتاح الباب على اتساعه حتى اصطدم

بالجدار مصدراً مقبضه صوتاً مرتفعاً لارتطامه به وظهر أمامه

من كان وكأنه بقوة خارقة ما سمع نداءها ليصل هناك في جزء

صغير من الثانية !

بينما علقت الأنظار جميعها به وحتى التي استعانت بمقبض

السرير الحديدي لتقف ترفع قبعة التمريض البيضاء الصغيرة

من الأرض بعد أن فقدتها أيضاً في المعركة ، وما أن خطا خطوة

واحدة نحو الداخل أشار برأسه ودون أن يتحدث للتان تحركتا

فوراً من مكانهما وغادرتا في صمت وقد أغلقت من خرجت

الأخيرة الباب خلفها وتركوهما كلٌ في مواجهة الآخر بينما امتد

حاجز مرتفع من الصمت بينهما والنظرات الغاضبة للجالسة على

السرير تتلقف أنفاسها التي لم تنتظم بعد بسبب حربها الأخيرة

تقابلها النظرات الجامدة جمود الصخر للواقف على بعد خطوات

من سريرها الطبي يمسك في يده مغلف كبير ، وكانت هي من

كسر ذاك الصمت صارخة فيه بغضب

" لما أحضرتني إلى هنا ؟ تعلم أني لا أريد هذا ووجدت فكرة

نقلي وأنا منومة حل مجدي "

وحين لم يعلق لازال ينظر لها بجمود تام لوحت بيدها وغضبها

يزداد حدة صارخة أكثر

" لا أريدكم ولا أريد بلادكم متى ستفهمون هذا ؟ "

وكان تعليق مطر الوحيد أن رمى المغلف من يده ليصطدم

بصدرها قبل أن يسقط في حجرها فنظرت له باستغراب سرعان ما

تبدد حين وقع نظرها على أطراف الصور التي ظهرت منه وكان

وجه تيما الملتصق بها تحضنها مبتسمتان كفيلاً بجعلها تفهم ما

تكون ويبدو معها مجموعة أوراق لم تضعها سابقاً !

فرفعت نظرها له وقالت كاذبة وبضيق كاذب أيضاً

" أرسلتها لتيما فما تفعل لديك ولما ترميني بها ؟ "

كان الصمت والجمود جوابه مجدداً وقد ترك شيء آخر يتحدث

عنه هذه المرة أيضاً وهو يرفع يده وجهاز تسجيل صغير فيها قام

بتشغيله بحركة صغيرة من إبهامه فخرج منه صوتها مالئاً صمت

المكان بلكنته الإنجليزية الرقيقة المرتفعة

" ( مطر لا تتعامل معي بهذا الأسلوب الذي تستخدمه مع جميع

نسائك فأنت تعلم جيدا بأني لست كأي واحدة منهن ، لا يعنيني

قولك بأنها مجرد فترة وسترجع ونرجع كما كنا فهذا لا يكفي ،

أعلم بأنك لا تكذب لكني مللت وأنت تعلم جيدا بأن الملل يدمر

العلاقات وهذا كان سبب فشلها جميعها سابقا فأنت لا تتوقف

عن جعل النساء يصبن بالملل ليبتعدن عنك ) "

كانت تحدق بصدمة في الجهاز الذي عاد وأوقفه مجدداً وفي أبعد

أحلامها لم تتوقع أن تسمع صوتها وتلك المكالمة وممن !!

وما أن نقلت نظرها لعينيه التي يرعبها أنها لم تستطع قراءة

شيء فيها أكثر من خوفها من فهمها قالت بانفعال زائف

" من فعل هذا بصوتي ؟ "

" غيسااااانة "

وأماتت صرخته الغاضبة التحذيرية تلك جميع محاولاتها لصياغة

أي أكذوبة جديدة ، لكنها وكعادتها الدائمة في الهرب من جرائمها

البشعة بادرته بالهجوم صارخة

" أنت لا تحبني وجميعكم كذلك ... بل أنت أكثرهم "

وتابعت تصرخ بانفعال تُخرج كل ما تشعر به ويقتلها

" لم تعاملني يوماً كشقيقة لك بل كغريبة عنك لا تسمح ولا

بجلوسنا معاً وكأنك تعاقبني على ما حدث منذ أعوام طويلة في

ذاك الفندق فحتى منزلك كنت ترفض أن أعيش معكم فيه وكأني

وباء سينجسكم بوجوده ! "

ولوحت بإصبعها تتابع بحرقة تنظر للذي لازال واقفاً كالصخرة

وفي كل شيء حتى نظراته لها

" لم تستطع يوماً أن تفهم بأنه ليس المال ما أحتاجه منك لتغدقني

به وتمنع عني حتى التنفس ، بل وحتى الرحلة الوحيدة التي

اقترح عمي دجى أن يأخذني فيها ونسافر معاً رفضتها وكأنك

تتعمد فقط إتعاسي لأعيش وأموت وحيدة "

وعادت ترمي بإصبعها نحو الأسفل بقوة صارخة

" كل شيء أوامر أوامر وأوامر ... "


وأشارت بها لنفسها وهي تتابع بقهر

" لا أعرف شقيقاً يتعامل مع شقيقته هكذا وكأنها سجينة لديه

حتى الجلوس معها لدقائق يرفضه ! "

وتبدل صوتها للأسى الغاضب وهي تشير بسبابتها للصور في

حجرها هذه المرة

" هل تعي بأن المرة الوحيدة التي خرجنا فيها معاً طيلة الأعوام

الطويلة الماضية كانت رحلة البحر هذه ؟ "

وضربتهم بيدها وإن لم يبتعدوا كثيراً عن حجرها قائلة بضيق

" بل وتحت ضغط من ابنتك وعمك فهما كانا يشعران بي

أكثر منك "

وتوقفت تسحب أنفاسها المنفعلة بقوة حين تحركت شفتاه

أخيراً وقال

" إنتهى ما لديك ؟ "

نبرته الباردة الجامدة تلك لم تزد وضعها إلا سوءاً فصرخت

بغضب تضرب بقبضتها على فخذها

" لا ولن ينتهي ومهما قلت و.... "

" يكفيييييي "

كانت صرخته الغاضبة تلك كفيلة بجعلها تصمت .. بل وكان عليها

أن تستغرب أن تأخرت عنها لكل هذا الوقت !

ولم تستطع النطق بشيء لأنه تابع من فوره وبحدة قبضتاه

تشتدان بجانب جسده بقوة

" فسماعك لن يجدي في شيء ولن تتغيري أبداً ولن يغفر كل ما

تقولين ما فعلته يا غيسانة ودمر حياتي وزواجي وعائلتي "

وتابع بصراخ غاضب يشير بسبابته للصور المتناثرة في حجرها

" أهذا ما كنت أنتظره منك يا غيسانة ؟ هذا ما أستحقه ؟ "

اتسعت عيناها وفتحت فمها سريعاً لكنه أجهض محاولتها تلك

صارخا بقوة ألجمتها تماماً بسبب ما قال

" هذا جزاء كل ما فعلته لأجلك لأعوام طويلة وأنت لست شقيقتي

ولا صلة قرابة تربطني بك البتة ؟ "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 06:21 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية