لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-03-20, 10:09 PM   المشاركة رقم: 1461
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




*
*
*




أغلقت النافدة وأسدلت الستائر المخملية عليها فالبرد هنا لا يمزح

مطلقاً ولن تشعر بملمس النسائم الدافئة على بشرتك إلا بحلول

فصل الصيف لا الربيع ، وابتسمت بحزن تتذكر تلك الأيام التي

عرفت فيها البرد بأبشع سلوكه الوحشي وهي طفلة وسط

مجموعة أطفال مثلها لا يملكون من أمرهم شيئاً ، حتى بكاء

الأصغر سنناً بينهم بسبب شدة البرد تشعر بأنها تسمعه الآن ،

ولاحت ابتسامة أخرى على شفتيها لا تشبه سابقتها مطلقاً حين

تذكرت فكرتها المجنونة وإشعالها النار في خشب المنزل ليشعروا

بالدفء وكانت النتيجة أن انتقلوا لمنزل أسوأ حالاً منه لكنها لم

تكن تعيسة حينها فقد قضوا تلك الليلة في جو دافئ وهم

يشاهدونه يحترق .


ضحكت على أفكارها الغريبة تلك حينها ورفعت هاتفها ونظرت

لشاشاته وابتسمت لأحرف رسالته الأخيرة

( أين أنت لم تدخلي يا عنقاء ؟ )


فهو كان يختار لها هذا اللقب منذ أعوام وكانت تستاء منه بينما

كان هو معجب به واختار إلصاقه بها وهذا ما جعلها تكرهه بداية

الأمر بينما كان يراه هو شيئاً مختلفاً حتى أقنعها به وبأنه وصف

مميز لها على أنها مخلوق أسطوري لكن مؤخراً تغير كل ذلك

حين لاحظت أنه لا يستعمله إلا وقت تضايقه منها فباتت تراه

أحيناً يقصد به يا حمقاء ! شعرت بالاستياء منه فجأة بسبب

أفكارها تلك وكانت سترميه مكانه السابق ومنعها وصول رسالة

جديدة منه ونظرت سريعا لأحرفها تزين شاشته المضاءة

( دخلت أخيراً إذاً )


واستشعرت فيها عتبه الواضح لعدم تواصلها معه وقررت أن

تراضيه بطريقتها لكنّ أصابعها توقفت واضطربت أفكارها كما

ضربات قلبها حين تابع

( لديا معلومات جديدة عنها قد تهمك وتوصلك لها )


فزفرت نفساً طويلاً ومنهكاً من صدرها لم تكن تدرك بأنها تحبسه

وأنهت المحادثة بينهما برمز ودون أن تكتب له شيئاً بل ورمت

الهاتف بعيداً عنها حيث سريرها الواسع وسيفهم بالتأكيد بأنها

لن تفعل شيئاً الآن فعليها التريث قليلاً لتنظم أوراقها من جديد ،

توجهت لباب الغرفة وفتحته وكعادتها التي لم تغيرها السنين حال

أغلب طباعها أخرجت رأسها منه تنظر للمكان الخالي تماماً بعد

أن سمعت أحد الأبواب هناك يُفتح ويبدو أنه لم يكن باب غرفته !

لم يتبادلا أطراف الحديث اليوم أبداً ومنذ مغادرته بالأمس وحتى

حين كانت ماريه هنا وغادر بها وبعد عودته تناول طعامه في

صمت ولم تحاول هي فعل ذلك بل وتركته يتناوله وحده وغادرت

لغرفتها وكان قد دخل غرفته حين كانت تغسل الأطباق وها هو

يغادرها قاصداً مكان آخر سيكون مكتبه بالتأكيد فهو الأقرب

لغرفتها وسمعت صوت بابه بوضوح .


أغلقت الباب بهدوء واقتربت خطواتها من ذات الباب وكل ما

أرادت هو الاعتذار منه عما قالت سابقاً ويبدو أزعجه فتلك ليست

طباعها لكن وضع تلك المرأة استفزها واستنفرها وغاص بها

بعمق في ماضيها الذي شعرت بنفسها تقذف في دوامته ودون


شعور ، لكنها أيضاً علمت الكثير سابقاً عن المدعوة غيسانة وما

كان عليها أن تلقي بلومها بأكمله عليهما بل وعليه هو تحديداً

فمطر لم يكن أمامها حينها .


ما أن كانت أمام باب المكتب وجدته مفتوحاً في إشارة دلتها على

أنه لم يعتد على إغلاقه أو أنه لا يمانع دخول أحدهم وهو فيه مما

شجعها على المضي في تنفيذ ما عقدت العزم عليه فاستندت

بيديها وجسدها على إطاره ولم يتسلل رأسها منه هذه المرة بل

نصف وجهها ونصف جسدها أيضاً تنظر له بعين واحدة وكان

يلبس بنطلون رياضي مريح وقميص قطني متوسط السمك يرفع

أكمامه الطويلة لما يقارب مرفقيه يجلس على أريكة صالون

المكتب بينما يضع حاسوبه الشخصي على الطاولة الزجاجية

المنخفضة أمامه وقد انتبه سريعاً لوجودها وسرقت تركيزه عن

جهاز الحاسوب أمامه ما أن التقط نظره طيف جسدها النصف

موجود ، لقد بدى لها أصغر سنناً بملابسه الغير رسمية تلك

وشعره الناعم الذي لم يهتم كثيراً بتمشيطه مرتباً للخلف كالعادة

وذكرها ذلك بابنه وحربه التي تبدو مستميتة مع خصلات شعره

الناعم وكتمت ابتسامة حانية كانت سترتسم على شفتيها .


كانت تنظر لعينيه المحدقة بها نظرة اعتذار واضحة ترسل رسالة

صامتة تؤكد فيها مدى اهتمامها بغضبه منها لكنه خان جميع

توقعاتها حين ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه وهو ينسحب

بنظره من عينيها لشاشة حاسوبه المحمول وقال وسبابته تضغط

أحد أزراره

" لن أتركك تنتصري عليا في هذا دائماً "


فابتسمت من فورها بسعادة فمعنى عبارته تلك بأنه سيحذو حذو

مشاعر التسامح لديها ويكون مثلها ، والأهم من كل ذلك أنه

ليس غاضباً منها ، لكن ذلك لا يكفي فهو لم يعلن عن مسامحته

المطلقة لها بعد بل ولم تنل هي العقاب الذي اختارته لنفسهاً وهو

الأهم ، اقتربت من الأريكة وجلست بجانبه بينما كانت تراقبها

نظراته وهي تخرج لوح شوكلاته من جيب قميصها الأنثوي

الطويل بعض الشيء كحال أكمامه التي غطت أغلب كفيها وقد

رسم تفاصيله على جسدها النحيل الصغير وله قلنصوة أخفت

بقصتها الدائرية المتسعة أغلب خصلات شعرها الذي كانت تجمعه

للخلف بمشبك مطاطي مزين بالفصوص بينما تمسك خصلات

غرتها الناعمة القليلة بذات المشبك الذي رآه في شعرها أول مرة

بل وفي كل مرة ولم يلاحظها تنزعه أبداً .


غضن جبينه وهو يحدق في لوح الشوكولا في يدها فهذا النوع لم

يراه في ثلاجة المطبخ ولا الخزانة ولم يحضره بنفسه مما يعني

أنها تحتفظ به لديها وتخص نفسها فقط به ! بينما كانت الجالسة

قربه تقرأ نظراته تلك بشكل مختلف تماماً وقالت بعبوس

" حسناً هذه الأشياء ليست حكراً للأطفال فقط وما أن تتذوقه

ستكتشف حقيقة ذلك ... لقد كلفني الكثير من المال ومشكلتي

أني أحبه "


ففهم حينها لما قدمته له وكما توقع تماماً هو نوعها المفضل

ولا تخص به سوى نفسها ، عاد بنظره لحاسوبه متمتماً بهدوء

" شكراً لك الأمر فعلاً لا يستحق .. ثم أنا لم أعد غاضباً "


فارتسم البؤس على ملامحها وعيناها التي كانت تنظر لعيناه

المحدقتان في الأسطر التي تملأ الشاشة أمامه بينما التفت أصابعه

الطويلة على ذقنه يثبت مرفقه على فخذه وكأنه ينصب بكامل

تركيزه على ما يقرأ وتمتمت أيضاً ولكن بنبرة طفولية

" لن أستطيع النوم وضميري يؤنبني هكذا "



وراقبته نظراتها العابسة ولازال يتعمد الانشغال بحاسوبه بينما

همس بنبرة لاذعة بسبب محاولاتها

" هي أنانية إذاً ؟ "


وكان جوابها سريعاً وصريحاً وبابتسامة واسعة

" شيء كهذا "



ونجحت في رسم ابتسامة جديدة على شفتيه ونظر لها قبل أن

تنتقل عيناه للوح في يدها التي لازالت تمدها له ، كان قد قرر

رفضه بطريقة لبقة لتحتفظ به لنفسها بما أنها تحبه بل ولم تكن

تغريه فكرة تناوله لكن أن تختاره كعقاب لنفسها منه كما قالت فقد

كانت الفكرة الأكثر إغراء بالنسبة له ولابأس في أن ينتقم لنفسه

منها كما تريد .



فاستوى في جلوسه وأخذه منها وهمس يشكرها ووضعه بجانب

حاسوبه على الطاولة وظن أن الأمر انتهى إلى هذا الحد لكنها

وما أن لاحظت بأنه سيعود لعمله السابق قالت بكلمات سريعة

وكأنها تخشى أن تتراجع أو أن تفقده بطرق أبشع

" عليك أن تفتحه الآن وتأكله لأتأكد من أنك قبلته "



فنظر لها باستغراب وابتسمت له من فورها بعفوية تلك الابتسامة

التي لا يتقنها غيرها هكذا فتنهد باستسلام ورفعه من الطاولة

وبدأ يزيل الغلاف الورقي عنه فحركت يديها بعشوائية أمامه

وقالت مندفعة

" لا ليس هكذا "


فتوقف عما يفعل ينظر لها بذهول فاقتربت منه أكثر حتى كانت

شبه ملتصقة به وبدأت تشرح له ونظرها على اللوح في يديه

وأصبعها يتتبع الخط الوهمي على غلافه عن كيفية فتحه بالطريقة

الصحيحة وأبعدت يديها وقالت مبتسمة تنظر لعينيه المحدقتين


فيها باستغراب

" وبرقة رجاءً "


فتنهد في صمت يجاريها في عقابها الغريب لنفسها وما أن أمسك

طرف الغلاف من جديد أوقفته قائلة بسرعة

" لا لا ستفسد شكل المغلف هكذا "



فزم شفتيه ينظر له بضيق بين يديه قبل أن ينظر لعينيها المبتسمة

له ببراءة فالعقاب انقلب ضده على ما يبدو !

وبعد صراع طويل مع الغلاف الورقي ليزيله بطريقة لا تجرح

مشاعره كما تريد أخرج اللوح الكبير منه وكانت رائحته الواضحة

كما بريق لمعانه يوضحان نوعه الفاخر ، وبدأت مرحلة أكله له

وشعر ببعض الإحراج من فعل ذلك في وجودها وهي تكاد تكون

ملتصقة به هكذا ، فأكل هذه الأطعمة يحتاج نوعاً خاصاً من التلذذ

وأنت تأكلها أو سيكون مصيره مزرياً كما حدث مع الغلاف ، كما

أنه في الحقيقة لا يحب الحلويات كثيراً .



رمقها بطرف عينيه فكانت تنظر للوح في يده نظرة ترقب لم

يفهمها لكنه يعلم بأنها لن تتركه حتى تتأكد من أنه أكلها كاعتذار

وعربون صداقة جديد كما تسمه لكن نظراتها تلك لم تزد مهمته

سوى صعوبة ، ولأنه لا مفر أمامه قرر أكله نهاية الأمر ، وما ان

قربه من فمه حتى توقف مكانه مجدداً يده معلقة في الهواء أمام

وجهه ونظر سريعاً ناحية صاحبة الشهقة الأنثوية الرقيقة

والعفوية التي صدرت منها عند شعورها بأنها ستفارق حلواها

المحببة ، وذاك ما رآه واضحاً في عينيها وكأنها تفارق حبيبها !

ودون شعور منه مده لها فأخذته على الفور وأمسكته بكلتا يديها

مقتربتان لصدرها وكأنها لا تصدق أنه عاد لها أخيراً وابتسمت

بارتياح مما جعل مزاجه ينقلب للحنق وشعر بأنه وقع في مكيدة

وتحول لجاني متوحش فجأة !

وبالرغم من كل ذلك كان صوته بارداً حين قال

" ألم تعطني إياه بنفسك ورغم رفضي له ؟ "



فقالت من فورها وبامتعاض

" كان بإمكانك الإصرار على الرفض "


اتسعت عيناه وقال بضيق

" ومن التي أصرت وألحت عليا لآخذه؟ "


وفاجأته بأن قالت سريعاً ودون لحظة تفكير

" لا تصدق كل ما يقال ... "


وتابعت بتحدي صدمه وهي تقذفه في عمق عينيه كاشفة عن

نواياه الخفية

" ثم أنت لا تستطيع أن تنكر بأنك كنت تخطط لاستغلاله

والتضحية به رغم عدم حبك له فقط من أجل تعذيبي "



ووقفت من فورها لكن بعد أن رمقته بنظرة مؤنبه شعر بها تلسع

ضميره فارتفعت يده وأمسك برسغها في حركة لا إرادية وأوقفها

مكانها وما أن نظرت له ترك يدها بطريقة عفوية أيضاً وفرد يديه

وتمتم بابتسامة جانبية مستسلماً


" آسف إذاً "



وعلم بأنه لا مفر له من الاعتذار وهذا ما كانت تخطط له بالتأكيد

وها قد انقلبت الأدوار ولا شيء أمامه سوى الاستسلام ، وكما

توقع كانت ابتسامتها العفوية والجميلة أول رد يصدر عنها ..

وكما توقع أيضاً بل وما بات يعلمه عن شخصيتها فلن يكفيها

الاعتذار اللفظي فقط فقد خبأت لوح شكولاتتها المفضلة خلف

ظهرها مع يديها وقالت مبتسمة

" موافقة لكن لديّ طلب صغير جداً وكتعويض بالطبع عليك أن

توافق عليه "



فأشار لها برأسه دون أن يتحدث لتتابع فضحكت بسعادة وهي

تخرج من ذات الجيب علبة بسكويت مالح صغيرة ووضعتها قرب

حاسوبه على الطاولة وتحركت نحو باب الغرفة من فورها قائلة

بسعادة

" شكراً لك .. كنت أعلم بأنك لن ترفض أمراً مهماً كهذا "


وغادرت على نظراته المصدومة متمنية له ليلة سعيدة دون أن

تذكر له طلبها الذي اعتبرت موافقته على قولها إياه موافقة

عليه ! بل ودون أن تنظر ناحيته حتى وهي تخرج !!



تنهد نفساً عميقاً طويلاً شعر به خرج من أعماقه قبل أن يحرك

رأسه مبتسماً بقلة حيلة على بؤسه ونظر لعلبة البسكويت على

الطاولة .. حتى أنها يبدو تعلم بأنه لا يفضل أكل الحلويات ودون

استثناء!! .


" سحقاً لأفكارك يا مطر "


وذاك ما لم يكن يستطع منع نفسه من الهمس به ما أن عاد لعمله

على الشاشة المليئة بالجداول المرصوفة بالأرقام ولجلوسه

السابق يثبت ذقنه بأصابعه قبل أن يغلق حاسوبه بحركة واحدة

من يده ووقف ورفع العلبة التي تركتها له وغادر المكان متوجهاً

لغرفته فقدْ فقدَ الرغبة في كل هذا وما يريده الآن هو النوم .


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-20, 10:14 PM   المشاركة رقم: 1462
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




*
*
*



نظر لشاشة هاتفه وللإسم الذي اختاره لها سابقاً واستخدمه

لرقمها أيضاً ( زهرة الجنوبي ) وابتسم بسخرية وهو يعود بنظره

وتركيزه على الطريق أمامه فهذه المرة الأولى التي تقرر فيها

الاتصال به منذ عرفها وحتى بعد زواجهما القريب ، ولن يستغرب

هذا بعد أن فعلها هو البارحة وقطع الاتصال من قبل أن تجيب

ويبدو أنها كانت تنتظر منذ ذاك الوقت أن يفعلها مجدداً حتى

أصابها اليأس نهاية الأمر ، في وقت سابق كان ليسعد باتصالها

هذا وبرؤية اسمها على شاشة هاتفه لكن الآن هو بمثابة ذر

للملح على الجرح المفتوح فلا يذكره سوى بجرمها ناحيته .


لقد ظهرت له تلك المدعوة مايرين من العدم في الوقت المناسب

تماماً لتمنعه مما كان سيفعله البارحة حين قرر الاتصال بها وهو

كشف الحقيقة التي علمها وبالطريقة التي تستحق ثم تطليقها لكنه

اكتشف فيما بعد بأنه قرار متهور وغبي فلن يشفي غليله منها أن

يهينها ويجرح كرامتها بكلماته ثم يطلقها في اليوم التالي ويخرج

من حياتها وفقط انتهى الأمر فذاك لن يقتص له منها ولن تتأذى

مطلقاً فلن يصدق أبداً أنها قد تحمل مشاعر له ليجرحها بخذلانه

فما فعلته لا ينم سوى عن الكراهية والانتقام ويبدو أنها لم تعلن

موافقتها عليه سوى لتكمل باقي مخططها الإجرامي معه .


اشتدت أصابعه بقوة تقبض على المقود وكأنه يفرغ غضبه

المكبوت فيه فلن يغفر لها أبداً ما فعلته في حق والده ووالدته قبل

أن يفكر فيما فعلته به هو .. بمهنته بسمعته والأهم بقلبه

ومشاعره فهو كان على استعداد لأن يتخطى كل تلك الأزمات التي

عصفت به ماداما معاً وهي بجواره وفي حضنه فينسيه وجودها

بقربه كل همومه التي يمر بها .



شد على أسنانه بقوة وضرب براحة يده على المقود هامساً

بغضب مكبوت

"يالك من مغفل ومعتوه وهذا ما تستحقه لأنك وثقت في النساء "


وما هي إلا لحظة تفكير قصيرة وعاد وأخرج هاتفه واتصل بالذي

أجاب عليه على الفور قائلا بصوت باسم

" مرحباً أويس "


فشد على أسنانه بقوة فلا يقهره شيء أكثر من خذلانه لهذا الرجل

الذي وثق به ، لكن ابنة زوجته السبب وهي من خذلتهم جميعهم

وأولها تربيته لها كإبنة وحيدة له ، تنفس بعمق قبل أن يقول

ونظره على الطريق أمامه

" مرحباً عمي "


وتردد قليلاً قبل أن يتابع بنبرة هادئة رزينة

" أردت أن أتحدث معك بشأن موعد زواجنا ... "


وعاد للصمت المتردد مجدداً وسبقه محدثه قائلاً

" نعم يا أويس ما به موعد زفافكما "


وكان وكأنه يذكره بأنهما متزوجان سلفاً فقال بذات هدوئه الذي

أتقنه بحرفية منافياً لما يحدث داخله

" أجل عمي عن موعد حفل الزفاف أتحدث أريد أن نعجل به

قدر الإمكان "


وساد الصمت من الطرف الآخر قبل أن يصله صوته

" لكنكما ... أعني لكنك سبق ووافقت على أن تحدده هي في

الوقت المناسب لها ، ثم والفصل الدراسي في جامعتها لم ينتهي

بعد وأنت تعلم المسافة من الجنوب إلى هنا "


أجل يعلم وهو أكثر من يعلم وسيجعلها تعلم ذلك أيضاً فأي دراسة

هذه التي تستحقها ؟ وهو المغفل من تكبد عناءً كبيراً لتكون

ضمن طلبة تلك الجامعة المهمة وحقق لها كل ما تتمناه لمستقبلها

بينما دمرت هي مستقبله وبقلب ميت ، أدار المقود ودخل بسيارته

لطريق فرعي أشارت اللافتات يمينه للمكان الذي وصله وكان

يقصده وقال وسرعة سيارته تتباطئ تدريجياً بسبب حركة

السيارات في الطريق المزدوج

" أعلم عمي وسنجد لذلك حلاً مؤقتاً ، ثم هي ستنهي دراستها

لدي في جميع الأحوال "



قال ذاك من فوره

" أجل بني ولكن ... "



لكنه قاطعه وبإصرار

" أنت فقط أخبرها برغبتي في ذلك أليس القرار في يدها ؟

أتركها تقرر إذاً وأنا مُصر ولا أرى سبباً للتأجيل "


سمع صوت تنهده الواضح دليل استسلامه وكما يعرف وتوقع قال

بهدوء

" أترك الأمر لي وسأرى ما يمكنني فعله وسنصل لما يرضي

كليكما بالتأكيد "



ابتسم بسخرية متمتماً

" شكراً لك عمي كنت أعلم بأنك لن تردني خائباً "


وودعه وأنهى الاتصال معه ولازالت الابتسامة الساخرة تزين

شفتيه فما يريده هو فقط سيحدث ورغماً عنهم جميعهم ولم تعرف

تلك المدللة بعد من يكون أويس غيلوان الذي تلاعبت به .



وما أن كان سيعيد الهاتف لجيب سترته توقفت يده مكانها بسبب

رنينه المفاجئ فعاد ونظر لشاشته مجدداً وأجاب من فوره قائلاً

" مرحباً يا أبان "



قال من في الطرف الآخر مباشرة ودون مقدمات

" أين أنت الآن ؟ أمازلت في الجنوب ؟ "



أوقف سيارته حيث المكان الذي كان يقصده وقال

" أجل ولن أغادر في الوقت الحالي ، بما يمكنني مساعدتك ؟ "



قال من فوره،

" أريد التحدث مع يمان ، هل أنت في منزلك الآن ؟ "


أخفض رأسه ينظر للساعة الرقمية المعلقة أعلى المبنى المرتفع

خلف الرصيف وقال

" ظننته اشترى هاتفاً بالأمس ، ألم يتصل بك ؟! "


" لا !! "


كان جوابه مباشراً ومستغرباً أيضاً فقال ما أن عاد لجلوسه

السابق وأراح ظهره لظهر الكرسي مجدداً

" أخبرني بأنه يريد شراء واحد من أسواق جينوة ويبدو لم

يذهب حتى الآن "



وتابع ينظر للشارع المزدحم من نافذته

" أنا الآن في نجيران وسأمر بإحليل ولن أصل المنزل قبل أقل

من ثلاث ساعات "


وتغضن جبينه باستغراب ما أن وصله الصوت الرجولي المنخفض

" يبقى لا حل غيرك فثمة أمر مهم يخصه عليك إخباره به ما

أن تصل وعلى الفور "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-20, 10:16 PM   المشاركة رقم: 1463
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




*
*
*



" ماري "
وقفت والتفتت خلفها حيث الصوت الرجولي الرصين والذي ناداها

عن مقربة منها وحضنت مذكراتها في حركة لا إرادية حين علمت

هويته وقد وقف أمامها وقال ما توقعته تماماً وما عبر عنه

حاجباه المعقودان

" ماري أنت لا تعجبينني اليوم أبداً.. يبدو أسبوعك كان سيئاً ؟ "


أخفضت نظرها خجلاً من ملاحظته واعتذرت هامسة

" آسفة أستاذ "


لكنه لم يتوقف وتابع قائلا بجدية

" لقد تغيبت بالأمس وثمة إخطار وصلني من الإدارة بشأن غيابك

وعذرتك لأجل ذلك لكن أن تجلسي في المدرج كجثة هامدة فقط

مجدداً فهو أمر سيء للغاية وأنت من الطلبة الجيدين لدي "



لم تستطع التعليق فهي بالفعل تكررها للمرة الثانية في محاضراته

وقد عذرها سابقاً بل وسمح لها بمغادرة القاعة ولأول مرة يفعلها

مع طالب لديه وها هي تكررها مجدداً ، وكانت الدموع الرقيقة

التي ملأت عينيها التعبير الوحيد حين سألها باقتضاب

" ما بك ماري ؟ هل تواجهين مشكلة ما ؟ "



وكان جوابها الصمت أيضاً سوى بحركة خفيفة من رأسها فهي لا

تستطيع قول المزيد ليس فقط بسبب التيبس المؤلم بحنجرتها بل

ولأنها لا تقدر فسألها مجدداً وبجدية ظهرت جلية في صوته قبل

ملامحه الانجليزية الشقراء

" هل انفصلت عن خطيبك ؟ "



كان سؤاله مباشراً بل وواثقاً وكأنه يتوقع ذلك سلفاً !

وتذكرت مزاحه معها حين شرد ذهنها في محاضرته سابقاً

وسألها أين نامت البارحة فكان التعليق من أحد الطلبة فوقها

بخصوص خطيبها .. الخطيب الذي تحدث عنه الطلبة لوقت وإن

لم يره إلا القليل جداً منهم في ملعب السلة وهو يلبسها خاتمه

أمامهم ، همست بصعوبة تمسك نفسها عن الانهيار باكية

" أجل "



هي لم تتحدث مع أحد اليوم ولا البارحة وقضت ليلة سيئة للغاية

لم تنم فيها أبداً ولم تتوقف عن البكاء وخرجت صباحاً في وقت

باكر لم ترى أحداً أيضاً بل وجمعت جميع أغراضها وتركت رسالة

فقط للتي ستدخل الغرفة بحثاً عنها بالتأكيد وهي والدة رواح

وجاءت هنا بحالها المزري هذا لأنه لا يمكنها التغيب عن جامعتها

دون سبب مقنع يتم تقديمه لإدارة الجامعة والحصول على موافقة

عليه ، ولم تكذب فيما قالت فهي ستنفصل عنه وإن كانت زوجته

التي تشك أن تستمر كذاك أيضاً ، مسحت عيناها بقوة تمنع

دموعها من مجرد التفكير في النزول بينما قال الواقف أمامها

وبحزم يشبه شخصيته

" لن تتوقف حياتك من أجل رجل تخلى عنك ماري أو لأي سبب

كان ، عليك أن تكوني قوية كي لا تخسري كل شيء وأوله

احترامك لنفسك "



شعرت بكلماته تجرحها أكثر من كونها تواسيها أو تمنحها القوة

فهمست بصوت مرتجف حزين تتجنب النظر لعينيه

" كلانا لا يريد الانفصال ... أنا فقط مجبرة على فعل ذلك "



وكانت وكأنها تنتظر فقط من يتحدث معها عن الأمر .. بل هي

كذلك بالفعل حتى تكاد تموت كمداً ، ورغم يقينها من أنه ليس ثمة

من قد يجد حلاً لمشكلتها أو يفيدها بشيء تابعت بحزن ما تتوقع

بأنه يريد أن يسمعه منها كما ساندرين في السابق

" لكننا نتأقلم ونعتاد ثم ننسى "



وكما توقعت أيضاً فقد قال وسريعاً

" أجل ماري لكن علينا أن نكون أقوياء ونحن نجتاز تلك المراحل

لذلك عديني أن لا أرى هذا الوجه الكئيب الحزين المرة القادمة "


أومأت له بحسناً واعتذرت منه هامسة واستدارت متابعة طريقها

وابتعدت خطواتها حتى اختفت بين جموع الطلبة وتوجهت ناحية

مبنى المكتبة وحاولت بيأس أن تركز مع المرجع والكتاب اللذان

كانا مفتوحان أمامها وعبثاً كانت تحاول فعيناها كما رأسها كانا

يؤلمانها بشدة ، هذا إن استثنينا التعب النفسي المريع ولن تنجح

في جمع أي معلومات لبحثهم الجديد على هذا الحال .



" مرحباً "



رفعت رأسها ونظرت للفتاة الشقراء التي أطلت عليها من فوق

الطاولة البيضاوية الضخمة التي كانت تجلس عند طرفها حال

الكثيرين حولها وقالت التي جلست أمامها مبتسمة

" هل نتعاون ماريه ؟ هكذا ينادونك أليس كذلك ؟ "



وتابعت دون أن تنتظر جوابها وهي تستدير بنصف جسدها

العلوي لتخرج شيئاً من حقيبتها التي علقتها على ظهر الكرسي

" قررت الإنضمام لمجموعتكم في بحث الاستاذ هامبسون

وأخبرت باولا ولم تعترض وقالت أن أخبرك "



ووضعت مجموعة أوراق على الطاولة أمامها تهديها ابتسامة

حيوية جميلة تشبهها فابتسمت لها بدورها وقالت

" يسعدني ذلك كيم "


وبالفعل رحبت بالفكرة فكيم من الطالبات المتفوقات لكنها لم

تتحدث معها سابقاً ، كان لديها مجموعة أصدقاء شعرت بأنهم

يرفضون الاحتكاك بغيرهم ، وهذا ما كان يلاحظه الجميع وليس

هي فقط ، قالت التي ابتسمت لها برضا

" رائع وسنزيد المجموعة فرداً آخر فسنحتاج للسفر لدندي

ولقاء موظف من مركز البحوث العلمية هناك .. هو ابن صديق

قديم لوالدي ووعد بمساعدتنا وسنقدم بحثاً سيتحدث عنه الجميع

وسنراه على صفحات جريدة الجامعة "


وابتسمت بحماس وهي تختم شرحها المفصل واقتراحها المفيد

ذاك فأبعدت نظرها عنها للكتاب الذي كانت تريح يديها عليه

وقالت ببعض التردد

" إن كان شاباً وعليا السفر معكم فلا أستطيع الموافقة "



ولم تستغرب الضحكة التي أطلقتها الجالسة أمامها قبل أن تقول

" يا إلهي ماريه أنت تعنين ذلك فعلا ؟! "



لم تنزعج مما قالت ولم تعتبره سخرية من أفكارها فهي تعلم جيداً

طريقة عيش وتفكير المجتمع الذي وجدت نفسها مجبرة على

الانخراط فيه وإن أصبح أغلب ذلك مباحاً في بلاد المسلمين

مؤخراً لكن ليس كحايتهم بالتأكيد فحاولت الابتسام وهي ترفع

نظرها لها قائلة

" باولا والأخريات استغربن مثلك تماماً بادئ الأمر لكنهن اقتنعن

بأنه ليس تزمتاً ولا رجعية كما ستفكرين أيضاً "



" ثمة من يرفض ذلك إذاً ؟ "



كان سؤالها متوقعاً ومن فتاة نبيهة مثلها فأومأت لها دون أن

تتحدث والتوى جانب شفتها وكأنها توصل لها رسالة مفادها أنها

ليست راضية عن هذا كي تنجو مما تتوقعه جيداً فقالت ما توقعته

أيضاً وبابتسامة مشككة

" خطيبك إذاً السبب ؟! "



فتنهدت بعمق قبل أن تقول

" بل قريبي وهو المسؤول عني "


فكان رد فهل الجالسة أمامها أن عبست بأسى متمتمة

" آه لابد وأنه عجوز متزمت بالرغم من أن هذا لا يتعارض

مع أفكار أمثاله "


فنقلت نظرها منها ليديها مجدداً تحاول إخفاء مشاعرها

الحقيقية وقالت

" هو ليس كذلك لكن ... لكنه يوناني وأنا إيطالية ويصعب

إقناعه بالأمر بطرق أيسر "



فأطلقت الجالسة أمامها ضحكة أخرى وقالت تلعب أصابعها

بخصلة من شعرها الأشقر اللامع

" لا يمكنني تصور ذلك .. يوناني متزمت ! سيكون رهيباً جداً "


ابتسمت بحزن وأبعدت نظرها للبعيد ولن تستطيع أن تخبرها

بأن الحياة مع ذاك المتزمت العجوز كما تسميه هي النعيم

المطلق بالنسبة لها والتي زوالها وحده ما يدفعها الآن للانهيار .



واستطاعت بالفعل أن تجذب انتباهها وهي تشرح لها عن

مخططها للمشروع ، بل وبددت بعضاً من سحابة الكآبة التي كانت

تشعرها بالدوار والغثيان ، وبعد أن اتفقتا مبدئياً على أغلب النقاط

المهمة فيما سينجزونه قريباً وقفت وشكرتها وصافحتها مغادرة

من هناك بينما اختارت تلك البقاء لوقت أطول في المكتبة

وغادرت هي مبنى الجامعة ووجهتها لندن وليس بريستول ،

ستمضي باقي الوقت في شقتهما وإن كان سيرجع بعد أسبوع فلن

يحرموها من المكان الذي جمعهما وستفقده أيضاً.

*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-20, 10:17 PM   المشاركة رقم: 1464
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




*
*
*


نزل للأرض مستنداً بقدميه عليها وأبعدت يده الأوراق بين

الحشائش القصيرة يحفر التربة الرطبة بأصابعه هامسا

بتمتمات غاضبه

" لن يوقف أحد ما خططت له ولن احرم من الفرصة الأخيرة

لإثبات نفسي في هذا العالم الحقير "


ونفض يده في سترته الجلدية بقوة يخفف من الأتربة التي كان

يشعر بها تحرق الجلد تحت أظافره ونظر للمسدس الشخصي

الثقيل والذي دمج اللونين الأسود والفضي في تفاصيله يمسكه

بيده الأخرى وتمتم بغيط من بين أسنانه

" أنا من سيضع حداً لكل هذا أو سنسافر سوياً لعالم الأموات به "



ودسه في التراب يخفيه بكلتا يديه أنفاسه تخرج قوية متلاحقة

حتى أعاد المكان كما كان سابقاً فلا يجده أحد بعده ولا مصادفة ،

وما أن استوى واقفاً استدار للخلف بسرعة وعقد حاجبيه بقوة

ينظر لصاحبه الخطوات الخفيفة التي أصبحت تقف خلفه أو أنها

كانت تراقبه خلسة ولم يكن يشعر ! قال بضيق من فوره

" ما الذي تفعلينه هنا ؟ "


وبددت جميع شكوكه حين قالت ببرود

" أبحث عنك بالطبع ، متى سنخرج ؟ "



قال والضيق لم يغادر نبرته بعد كما ملامحه

" اسمعي جيداً يا فتاة جدك أمر بعدم خروجك مطلقاً من هنا "


فاحتقنت عيناها بغضب أسود وقبل أن تعلق بأي شيء أو تسأل

سبقها قائلا وإبهامه يشير خلف كتفه

" انتظري فثمة مفاجأة سارة أخرى فهو قرر إرجاعك للمصح

النفسي وتحت حراسة مشددة أيضاً "



" هكذا إذاً ؟ "


كان ذاك فقط ما همست به من بين أسنانها وقال الواقف أمامها

وبإصرار جاد

" سنبطل مخططه بالتأكيد فلن أسمح له بإيقاف مخططاتي "



فارتسم الازدراء الساخر على ملامحها وقالت

" عن أي مخططات حمقاء تتحدث فأنا لا أرى شيئاً أبعد من

أفكار تافهة ستقودك لقتل شقيقك نهاية الأمر لأصبح المتهم

حينها بالطبع "



لوح بسبابته قائلا بضيق

" لا شأن لك بهذا ومن اليوم وصاعداً سأعمل لوحدي ، بل ومنذ

فترة بعيدة فأنا لم أعد أثق بأحد منهم "



نطرت له باستغراب قائلة

" عمن تتحدث ؟! "



" قلت بأنه لا شأن لك "



قالها سريعاً وبضيق واقترب منها حتى بات يقف مواجهاً لها

مباشرة وقال بجدية ينظر لعينيها

" ما عليك معرفته فقط بأن عدونا واحد ويبدو أقرب وأخطر مما

تتصوري ونواياه ليست حسنة مطلقاً "




" ليس ثمة عدو لي كجدك "



قالتها مباشرة وبحقد فقال بذات جديته الغريبة عنه وبصوت

منخفض لازال ينظر لعينيها

" المهم أن تكوني حذرة وسيُكشف كل شيء يوماً ما

لا أراه بعيداً أبداً "



حدقت فيه باستغراب لبرهة قبل أن تهمس بجمود


" هل أفهم ما بك اليوم ؟! "



فتحركت خطواته وتمتم بحنق وهو يجتازها

"جننت .. فقدت عقلي ولهذا سأتصرف كأي مجنون فاقد للعقل "



وابتعد نظراتها المستغربة تتبعه قبل أن تنتقل للفراغ أمامها

بشرود تشوب كل تلك الزرقة الجميلة في عينيها نظرات

الكراهية والحقد تشد قبضتيها بجانب جسدها بقوة وهمست

من بين أسنانها المطبقة بغضب مكبوت

"هذاهو ردك إذاً على من يواجهك بحقيقتك يا ضرارالسلطان ؟ "



ونظرت للمكان الذي كان يحفره نجيب قبل قليل حيث كانت تراه

ولا يعلم وتوجهت نحوه وجثت أمامه على ركبتيها وأبعدت

الأوراق والحشائش ثم أزالت أصابعها التربة المكدسة بشكل

عشوائي وأخرجت المسدس الذي لا يتماشى وزنه الثقيل مع

حجمه البته تنظر له بعينين متسعة من الصدمة .



*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-20, 10:24 PM   المشاركة رقم: 1465
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 





*
*
*


حضنت ركبتيها ودفت وجهها فيهما وكأنها ستهرب من واقعها

بأكمله بذلك ! وشعرت بألم قاسي في أطرافها قبل قلبها ما أن

ظهرت صورة والدتها أمامها مجدداً ، بل وآخر مشهد رأتها فيه

وذاك الرجل الطويل شديد دكون الشعر كما العينان صاحب النظرة

القوية الداكنة الغاضبة التي لم تهتم ولا بالنظر ناحيتها والذي

تراه للمرة الثانية فقط في حياتها بعد حفل افتتاح البرج وقد

تشبت جسد والدتها الواهن به ويدها تتمسك بسترته السوداء

كي لا تسقط أرضاً بينما أحاطت ذراعه بكتفيها يساعدها كي تسير

معه مغادران غرفتها في المستشفى وأمام جميع من كانو هناك ،

وملأت الدموع الساخنة عينيها واشتدت أناملها على قماش

بجامتها القطنية تحضن نفسها أكثر وهي تتذكر النظرة الميتة

التي رأتها في عينيها حين رفعت رأسها ووقع نظرها عليها

وكأنها فتاة غريبة عنها لم تعرفها يوماً ..!! كانت نظرة أخرى

قتلتها بها بعد تلك التي رمتها بها وجدها هنا حين دخلا غرفتها

بعد سماعهما صراخها الباكي الموجع المؤلم .



وهذا حالها منذ ساعات تسجن نفسها في غرفتها هرباً حتى من

نظرات جدها قبل أسئلته ، بل وحتى من أعين الخدم ونظراتهم

الفضولية .. وإن لم يكونوا من خارج البلاد ومحاصرين بالعيش

هنا لعلم الجميع بما حدث داخل هذا المنزل البارحة قبل خارجه .



لا شيء حولها سوى صوت الذكريات المؤلمة وضجيج التلفاز

الذي لم تفارقه عيناها منذ وقت تتنقل بين قنواته ومواقع

التواصل في جهازها المحمول تخشى من اللحظة التي سيذاع فيها

الخبر الذي ترفض حتى التفكير في صيغة له ، وكم حمدت الله أن

شيئاً عماّ حدث لم يذكر حتى الآن ويبدو أن أولئك الصحفيين لم

يستهوهم الخبر بعد أن نفته بما فعلت وبعد أن سحب الحرس

الصور منهم وتلقوا تهديداً معتبراً من رجال الشرطه الموجودين

هناك بعد أن تم الحجز على هوياتهم فبات كعدمه بالنسبة لهم ،

لكن مخاوفها لم تخمد بعد فمن كان من مصلحته أن يفتح أعينهم

لما يجري بداية الأمر مؤكد سيفعلها مجدداً وحين تصبح الوجبة

أكثر دسامة ليتناولها الجميع ومجاناً .


ارتجفت شفتاها هامسة بدعاء خافت ورفعت رأسها ونظرت

لهاتفها المرمي على السرير قربها من بين الدموع الراكدة

بسكينة في عينيها فحتى قاسم لم يتصل بها ليحمل خبراً يطمئنها

وإن كاذباً ، ولم تتصل هي به ليقينها من أنه سيفعل ذلك ما أن

يكون لديه أية أخبار لكنها لم تعد تستطيع الانتظار أكثر من ذلك

وقلبها يشتعل وهي سجينة هنا لا شيء بيدها تفعله ، امتدت

أناملها ناحيته ورفعته نهاية الأمر فهي ستفقد عقلها لا محالة

على هذا الحال ، لعبت أصابعها فوق شاشته بسرعة ونعومة

ووضعته على أذنها بعدما اتصلت بمن وحده قد يحمل لها خبراً

يفرحها قليلاً بالرغم من يقينها بالعكس فإن كان ثمة شيء لاتصل

هو بها لكن يبقى لديها أمل ما عالق في قلبها وإن كان ميتاً

فولولا الآمال الميتة ما انتظر أحد شيئاً تفعله المعجزات .



انفتح الخط بعد رنين دام لوقت قصير وانحبست أنفاسها في ترقب

وعلمت بأنه كان يحاول الابتعاد عن تجمع ما ما أن سمعت صوته

الأقرب لها من أصواتهم المتداخلة البعيدة

" نعم يا تيما "


كان صوته مجهداً متعباً وإن تمسك بقوته المعتادة ولها أن تتوقع

أي ليلة تلك التي مرت بهم جميعهم وقالت بصوت ضعيف حزين

تعس

" أريد والدتي يا قاسم "


وعادت الدموع للتكدس في عينيها فهي تعبت من الاختناق في

صمت وحيدة ومن تقمص دور المرأة القوية الناضجة فعند بعض

النكبات ينهار حتى أعتى الرجال وأصلبهم ، وتقوست شفتاها

كطفلة تأذت بعنف ما أن وصلها صوته العميق المتجهم

" سنجدها يا تيما كوني مؤمنة بذلك ولا تؤذي نفسك حبيبتي "


كانت كلماته راجية متفهمة للكلمات الطفولية التي خرجت من

أعماق الطفلة الصغيرة الوحيدة التي لازالت بداخلها .. الطفلة

التي عاشت محرومة من كلى والديها تقريباً ومن والدتها

خصوصاً... التي بكت ونامت وحيدة من دونهما لوقت طويل

والتي تُذكّرها الآن بكل ذلك وبأنها لن تتخطى ذلك ولن تتخلص

منها وللأبد .. الطفلة التعيسة الحزينة الجالسة في أحد زوايا

قلبها حتى اليوم واللحظة لم يستطع أحد إخراجها ولا تحريرها

منها .



خرج همسها الكئيب بما يشبه البكاء معبراً عن حالتها تلك

" فقدتها للأبد أعلم ذلك "



" تيما !! "



كانت لهجته تحذيرية مغلفة بالرقة جعلتها تبلع غصتها بمرارة

وتابع من فوره وبجدية

" لا تقول هذا من تصرفت وفعلت ما فعلتِه كامرأة أفخر بكونها

وإن قريبتي وليس زوجتي "



كان صوته قاسياً وإن لم يكن إلا موبخاً وكأنه يقرأ جيداً ما يحدث

داخلها لكنها متعبة وتشعر بالتعاسة وما يريدونه منها فوق

طاقتها وتحملها ، تحرك رأسها بإيماءة رافضة لا إرادية واختنق

صوتها وقالت بحرقة


" أنت لم ترى ما رأيته في عينيها وكيف رفضتنا بقسوة وكره ..


أنا أعني فعلاً ما أقوله "



واشتدت أناملها على الهاتف فيها ما أن وصلها صوته الحازم

" والدتك تعاني من أمور لازلنا نجهلها ولديها أسبابها بالتأكيد

وهي امرأة راشدة عاقلة ليست طفلة نخشى ضياعها في

شوارع البلاد "



تدلت الدمعة اليتيمة من طرف رموشها وهمست بحزن


" لكن.... "


لكنه قاطعها سريعاً وبذات نبرته الحازمة الواثقة

" ما أن نجدها سنفهم ما يحدث وواثق تماماً بأنه ثمة سبب

قوي دفعها لذلك فهي أعقل من أن تتهور يا تيما .. عليك

أن تكوني واثقة بها "



تنهدت بحزن وخشيت أن تطمئن لما قاله ثم تواجه حقيقة قاسية

تفجعها مما جعل قوى التشاؤم تتغلب عليها مجدداً ولا تفهم قال

ما قاله بسبب غضبها السابق منه في المستشفى أم لأنه رأيه

الفعلي بوالدتها ؟

وترجح السبب الأخير فهي سبق واختبرت شخصيته في جميع

حالاتها وهي شخصياً لم يستطع أن يثق بها بسهولة وكان هذا

أسلوبه ذاته في كل مرة اتصلت به سابقاً حين كان والداها


يتشاجران وتحزن لذلك ، لكن لذلك بعد آخر أيضاً مما يعني أنه ...

قالت بكآبة

" وهذا ما أخشاه أن يكون ثمة ما تسبب به والدي لها "



كان ذلك أصعب اعتراف أدلت به في حياتها وإن بينها وبين

نفسها فكيف في العلن ؟

فأن تبرئ أحدهما معناه أن تتهم الآخر وذاك أصعب أمر مرت به

وتخشى بالفعل أن تقف في اختيار بينهما يوماً ما باتت لا تراه

بعيداً أبداً ، تلك الأفكار جعلت المقلتان الزرقاء الواسعة تسبح في

الدموع مجدداً وانزلق الهاتف على بشرة وجهها ببطء وهمست

بخفوت

" أخبرني إن كان ثمة أي جديد ... وداعاً "



" تيما "



نظرت لشاشة الهاتف في يدها وأعادته مكانه ما أن وصلها صوت
نداءه وتحركت شفتاها هامسة

" أجل "


" تحبينني ؟ "

اتسعت عيناها باستغراب لا بصدمة من سؤاله وتوقيته !

وشعرت بموجة من الخجل الفطري تغلبت حتى على مفاجأتها

بالسؤال ومررت ظهر سبابتها على وجنتها المشتعلة وكأنه

أمامها ويراها وتمتمت بعبوس وصوت رقيق

" قاسم هل تراه الوقت المناسب لهذا سؤال ؟ "



وكان صوته جاداً حين قال

" لو لم أراه مناسباً ما سألت "


 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 11:39 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية