لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-03-18, 08:28 PM   المشاركة رقم: 1001
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

يسعد مساكم يا حلوات


آخر مقاطع في الفصل وصلت لفتفت خلاص والله يعينها

محتاجة تقرأها وتعدلها قبل التنزيل



أعتذر مرة ثانية على كل هالتأخير وشكرا لتفهمكم

هالثلاث أسابيع كان وقتي فيها مزدحم جدا وماني عارفة كيف

كتبت فصل فيها أساسا فأتمنى ينال رضاكم وايكون عند حسن

ظنكم بي ونجني كلنا ثمرة نجاحه كالمعتاد والله يعطيكم

الصبر علي ويعطيني الصبر على هالرواية ^_^

وتخلص على خير طبعا لأن الإنقلاب في الأحداث متوقع

وبقوة ولا تأمنوا لأبطالنا وأحداث روايتنا جانب ^_*



أحبكم كلكم وربي ما يحرمني منك قلوبكم الطيبة

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
قديم 21-03-18, 08:47 PM   المشاركة رقم: 1002
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326331
المشاركات: 35
الجنس أنثى
معدل التقييم: عيوش بنت محمد عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 80

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عيوش بنت محمد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

واخييييراا جاا الموعد المنتظر حقيقي ما قدرت اعلق على الفصل السابق بس ان شاء الله اكون متواجده ف ذاا الفصل
اول مرره ماتجيني الجرأه واقرا المقطتفات لذالك متحمسه جداا للفصل
برد ربي مايحرمناا منك ومن ابداعاتك واكييد اكييد معطينك كل العذر ولو تبغيناا ننتظرك سنين صدقيني بتحصليناا ننتظرك💜💜

منتظرينك حبيبتناا فيتو😍

 
 

 

عرض البوم صور عيوش بنت محمد   رد مع اقتباس
قديم 21-03-18, 09:02 PM   المشاركة رقم: 1003
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 


مساء الخير بأبدأ أنزل الفصل رجاء ما أحد يرد لما أكمل تنزيل الفصل

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 21-03-18, 09:06 PM   المشاركة رقم: 1004
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



الفصل التاسع عشر


المدخل ~~

بقلم/ Zeinab Mohammed

🌼من غسق الى دجى🌼
متى يا ترى موعد اللقاء؟
يكاد الحنين يمزقني
الى اشــلاء
اين انت يا ابي؟
لترى ما فعله ابن اخيك
بأبنتك الحسناء..
ولترى خطوط ملامحي
الذابلة من
البــكاء..
اين انت يا ابي؟
تعالى لترى ماذا فعل
الزمن وهو يعود بي
الى الــوراء
ولترى ماذا فعلت بي
الايام من الم
ومأســاة
اين انت يا ابي؟
تعالى وانظر لأنكسار
عيناي الفاتنة
الســوداء
وانظر لجثة ابنتك
تذهب الى
الفنــاء..
اين انت يا ابي؟
تعالى الي لتشعرني
بالانتمــاء
يكفيني فراق ويكفيكم
حروب هوجــاء
ودمــاء..
احتاجك يا ابي!
تعالى الي لأجد
الراحة والصــفاء
ولتكن نبراسُ ينير دربي
احيان بشدة واحيان
برخاء..
ولتمسح كل ذكرى
فيها خيبة وشقــاء
لتسندني وتحميني
من عثرات الحيــاة
ولأنعم بطمأنينة
تسكنُ ايسري
و اعيش
بكل راحة و
هنـــاء...
🌼من دجى الى غسق🌼
اشتاقك يا قطعة من قلبي
حتى عنان الســماء..
ولتفاصيلك الصغيرة
دون اســتثناء..
اعذري غيابي يا صغيرتي
والاختــفاء..
لأجلك ولأجل رؤيتك وان
بالخــفاء..
متى يا ترى موعد اللــقاء؟
اشتاق ان ادفنك وسط
اضلعي ونبكي
ســواء..
اشتاق ان اٌقبّل جبينك
وعينيك النجــلاء
اشتاق ان ارى ضحكتك
التى حرمت منها من بعد
عنــاء..
اشتاق للحظات طفولتك
والاحتــواء
متى يا ترى موعد اللقاء؟
اشتاق لكلمة"ابي"
التي تجعلني اٌحلّق عاليًا
في الفضاء..
احنٌ لسماعها دومًا
منتظرًا موعد للقاء
متى يا ترى موعد اللقاء؟
لأجلك انا اعيش
ولأجلك انا اتنفس
يا نور دنيتي
فأنت البهجة والســناء



********



تعالت أنفاسها تدريجيا وانتقلت نظراتها الدامعة للواقف أمامها

وكأنها تبحث عن الإجابة في عينيه تحديدا ليؤكد لها أن ما سمعته

حقيقة فعلا وليست تتوهم ولم يرسم لها عقلها الباطن ووحدتها

واحتياجها أمورا لا وجود لها ... امتلأت تلك الأحداق الواسعة

بالدموع لازالت تحدق في عيني الذي ارتفعت يده لوجهها

ولامست أصابعه طرفه وهمس ناظرا لعينيها

" غسق لا تكوني والجميع وكل شيء على مطر "

أغمضت عينيها ببطء تحجب تلك الدمعة بين رموشها وكأنها

قررت دفن كل ذلك معها تشعر بتلك الأصابع تنزل لذقنها برفق

وانزلقت الدمعة اليتيمة محطمة كل تلك الأسوار العتيدة ما أن

شعرت بتلك الأنفاس الدافئة تتسرب عبر مساماتها قبل الهواء

المندفع لصدرها بارتجاف وتلك البحة الرجولية لا يحجبها سوى

ذاك القماش الأسود الناعم عن أذنها

" مطر يحتاجك يا غسق ... قسما "

فشدت على عينيها أكثر وكأنهما من تتحكمان في عقلها الباطن

لعله يرفض كل ذلك ولا يسمح لأي شيء بأن يصعد فوق جراحها

.. عليه أن يرفض .. فقط يرفضه .. عليه فعلها أجل ومقاومة

ذاك الشعور بشفتيه على طرف وجنتها تمنع أصابعها بالقوة

من الارتفاع لوجهه .. ليكسر ذاك الصوت الرجولي الغاضب من

خلفها كل ما حملته تلك اللحظة من مشاعر متنازعة ليضرب

مشاعرهما معا قبل ضرب قبضته لذاك الباب صارخا

" غسق اخرجي ... مطر أترك ابنتي وشأنها "

فرفعت حينها يدها رامية يده عنها ودفعت بيدها صدره بقوة

جعلته يرتد خطوة للخلف وشعر بتلك الدفعة التي وجهت لذاك

الصدر وذاك القلب تضرب سنين حياته الماضية .. تضحياته ..

حرمانه وجميع تنازلاته .. ليس من أجلها فقط بل ومن أجل

الواقف خلف الباب أيضا ليكونا على قيد الحياة وليجتمعا معا وهنا

، تراجع للخلف خطوة أخرى يراقب بصمت التي التفتت من فورها

وفتحت باب الغرفة على اتساعه قبل أن تخون دموعها عيناها

واحتياجها فأمسكت فمها بيدها هامسة بعبرة والدموع تملأ تلك

الأحداق الواسعة

" لا ليس هو ...! هذا ليس وا... "

وانقطعت كلماتها تنظر للواقف أمامها من تراه شخصا آخر ليس

من سمعت صوته !

هذا ليس والدها شراع !

لا ليس هو لكن .... ؟ لكنها تعرفه تشعر بأنها رأته ومرارا ؟

أجل فهو يشبه الواقف خلفها كثيرا .. وناداها بابنتي ... !!

من ينادي اليتيمة بذلك من غير ....؟ حركت رأسها بعدم

تصديق هامسة

" أبي!! "

قبل أن تركض جهة الذراعان اللتان فردتا لها والصدر العريض

الذي كان في استقبالها لترتمي ليس بجسدها فقط عليه بل

وبهمومها بأوجاعها بفقدها واحتياجها وبالوحدة التي باتت

تنهش روحها تبكي الفقد والشوق في ذاك الحضن تشد على

قميصه بقوة تدفن وجهها ودموعها ونحيبها وعبراتها الموجعة

في ذاك الصدر وفقدت ارتباطها بكل ما هو حولها سوى الشعور

به بتلك اليد التي تمسح على شعرها ولم تعد تعي حتى متى

اختفى حجابها عنه تسكب فقط بكائها هناك هامسة بعبرة

" أبي ... أنت أبي ؟ "

فدفن وجهه ودموعه الصامتة في ذاك الشعر الحريري الحالك

يضمها له أكثر هامسا بوجع

" أجل أنا هو يا غسق ... أنا والدك يا حسرته حتى يموت "

فلم يزدها اعترافه ذاك سوى بكاء ونحيب وكأنها لم تكن تعلم

بذلك ما أن رأته .. فكم ستحتاج من تأكيدات ليصدق قلبها ذلك

وكم ستلزمها من قوة لتستوعبه ؟ حتى أنها نزلت بجسدها

لساقيه وحضنتهما بقوة قرب قدميه وقالت ببكاء

" لمن تركتني ...؟ لماذا ..؟ انظر ما فعله بي أبي انظر "

نزلت دموعه أكثر تسقي لحيته ينظر بألم لجسدها أسفله ونزل

لها وأبعدها عن قدميه وضمها لحضنه بقوة وقال بعبرة مسجونة

خلف تلك الأضلع وبصوت رجولي متكسر

" لا شيء سينزل رأسك يا ابنة دجى .. لا شيء ولا أحد

وأنا حي "

وأغمض عينيه بألم يشعر بقبضتها التي ضربت على صدره

وكأنها سكين انغرس في قلبه لا شيء أقسى وجعا منه سوى

كلماتها الباكية

" لماذا تركتنا ؟ لما لم تأخذني ووالدتي معك ؟ لقد ماتت حزنا

عليك ومت وأنا أنتظرك "

ضمها لصدره أكثر وقبل رأسها وهمس بأسى

" ليته كان باستطاعتي يا غسق ، وضعي كان أسوأ منكما

بنيتي وحسرتي عليكما لم يمحوها أي شيء ولولا وجود ابنتك

في حياتي السنوات الماضية ما كنت لأستطيع المضي

فيها أكثر "

اقتربت حينها التي كانت تشاركهم البكاء الصامت من بعيد

فلم يعد يمكنها تحمل أكثر من ذلك ، لكنها وقفت مكانها ما أن

وقع نظرها على الواقف خلف باب الغرفة المفتوح مكانه السابق

وعلى وضعه ذاته ينظر تحديدا للنائمة في ذاك الحضن نظرة

شعرت بها مزقت قلبها بوجع وجعلت يدها ترتفع لصدرها لا

شعوريا وكأن كل ذاك الحديث عن الوحدة والإحتياج كان فيهما

هما ..! بلى رأته فيهما بالفعل رأت الخذلان الانكسار والفقد

وراقبت بعينين دامعة تلك الأجفان تخفيهما عنها ببطء قبل أن

يستدير ذاك الجسد الطويل مبتعدا ورفع قميصه وسترته ينزعهما

من علاقتهما وخرج مجتازا لهم جميعهم يلبس قميصه نظراته

الجامدة لم تلتفت لأي منهم ولا للتي ركضت خلفه تمسح دموعها
وأدركته عند السلالم مناديه

" أبي "

فوقف مكانه والتفت لها فنزلت العتبات القليلة بينهما حتى كانت

واقفة أمامه ورفعت يديها لأزرار قميصه وأغلقت ما تبقى منها

قبل أن تطوق جسده بذراعيها ودفنت وجهها في صدره العريض

هامسة بحزن

" أبي كن بخير من أجلي أرجوك ... لا يمكنني العيش من

دونك أبدا "

مسحت يده على شعرها وقبّل رأسها ببطء فأغمضت عينيها بقوة

وألم حين وصلها ذاك الصوت العميق المبحوح

" لما القلق يا تيما فأنا لن أقاتل ولن أدخل حربا ولن تراق قطرة

دماء واحدة "

ابتعدت عنه وأمسكت يده وقبلتها ونظرت لعينيه هامسة

بابتسامة حزينة

" ليحفظك الله لي أبي "

حضنها برفق وقبل رأسها مجددا وهمس

" ولأجلك سأكون بخير صغيرتي .. لأجلك فقط "

وما أن أنهى عبارته تلك نزل السلالم مسرعا تتبعه نظراتها

الدامعة الحزينة فهذا ما كانت تخشاه بدأ يحدث وكل واحد منهما

يعزل الآخر عن عالمه وبشكل نهائي وخاصة والدها فهو من

علقت الآمال على وعوده لها وتصميمه وعناده على استعادتها

وها هو ذاك الإصرار يبدوا بأنه بدأ يضمحل أمام رفضها القاسي

له .. ليته كان بيدها شيء تفعله أي شيء لكنها عاجزة ومكبلة

اليدين وجميع محاولاتها تواجه بالرفض من بدايتها دائما بل

والغضب من قِبل تلك الحسناء التي تراها الشيء الوحيد القادر

على كسر ذاك الجبل القوي الصامد المدعو مطر شاهين .

ودعته عيناها الدامعة حتى اختفى خلف الباب الذي أغلقه بعده ثم

ركضت عائدة نحو الأعلى وانضمت لمن تركتهما هناك .. لنصف

قلبها الآخر تبكي حاضنة لهما معا جالسين على الأرض قبل أن

تصبح هي أيضا في حضن ذاك الرجل الذي عانا الفقد أكثر منهما

كليهما يدفنهما وسط أضلعه فهما الشيء الوحيد الذي بقي له من

رائحة تلك المرأة التي انكسر قبلها برحيله عنها .. هما عائلته

التي حرم منها وتألم عليها في كل يوم وساعة مضت منذ ترك
هذه البلاد .

*
*
*


قطع الممر الطويل بخطوات واسعة ثقيلة بل وغاضبة تكاد تتشقق

الأرضية المتينة تحتها ولم ينجح أي شيء من حوله في جعل

نظره ينحرف عن مساره ولا تلك اليد التي ضربت كتفه للذي

اجتازه قائلا بابتسامة

" مرحبا يا بطل "

فهدفه كان ذاك الباب تحديدا من بين جميع الأبواب المفتوحة التي

مر بها والتي لم ينظر ولا بفضول ناحيتها حتى وصل لذاك الباب

المغلق وفتحه ودخل ضاربا له خلفه بقوة دون أن يلتفت له لينتبه

له الجميع هناك وأحدهم صاحبة الجسد الذي ارتجف بقوة بسبب

ذاك الصوت المرتفع ومن وقع نظره عليها فورا ورغم فزعها من

ذاك الصوت إلا أنها لم ترفع رأسها ولم يكشف ذاك الشعر البني

الحريري له عن وجهها وما كان ليحتاج أن يراه ليعرف من

تكون فهو يميز هذا الجسد من بين آلاف النساء وعلى بعد أميال ،

نظر بغضب للتي كانت تشد يديها في حجرها بقوة ليس منها بل

من هذا الوضع ومن وجودها هنا ومنهم جميعهم ومن نفسه قبلهم

.. حتى أنها لازالت ببجامة النوم .

قال الذي اجتاز الصمت المبهم أخيرا قائلا بجمود

" وصلت أخيرا يا تيم "

ذاك الاسم هو ما جعل الرأس المنتكس أرضا يرتفع ويبتعد ذاك

الشعر الحريري عن وجهها تباعا ونظرت له ليتحول الغضب في

صدره لنيران مشتعلة وهو يرى ذاك اللون البنفسجي أعلى

وجنتها والدم المتجمد في الجرح عند طرف شفتها والذي كان هو

السبب فيه سابقا تحول لبقعة أكبر منها ، وما زاده اشتعالا أن

الجالسة مكانها هناك لم تقف وتركض نحوه ولم تحاول البحث

عن الأمان في حضنه كما عرفها منذ صغرها بل لم يرى سوى

نظرة خاوية ميتة لم يستطع ولا قراءتها فتوجه فورا نحو الذي

تلقى فكه ضربة من قبضته القوية جعلته يرتد للخلف محاولا

تثبيت نفسه قبل أن يباغته بلكمة أخرى ورفع قدمه وركل ساقه

بقوة بحذائه الأسود الثقيل ورغم تدخل البقية إلا أن أي واحد

منهم لم يستطع منعه من توجيه ركلة أخرى له جعلته يركع على

الأرض ولم يمسكه عنه سوى اللذان أمسكاه من ذراعيه بقوة

مبعدان له عنه فصرخ فيه بعنف كأسد غاضب

" تضربها يا صعلوك ؟ من سمح لكم بالدخول لشقتي وبإخراجها

من هناك ؟ سحقا لكم يا حثالة "

وتتالت الشتائم اليونانية من بين شفتيه وهو ينفضهم عن ذراعيه

وأمسك بالواقف على يساره شادا على عنقه وقال من بين أسنانه

" من صاحب هذه الفكرة من أساسها ؟ من أمركم باقتحام

الشقة ؟ "

ولم يستطع صاحب ذاك الوجه المحتقن بالدماء قول أي شيء

فتدخل الذي شد يده مبعدا لها عن عنقه قائلا بحدة

" ستقتله يا تيم وأنت من يعلم جيدا بأن الشجار بين أفراد

المنظمة ممنوع فاتركه لتفهم ما حدث "

نفضه نفضا ونظر للذي كان يساعده أحد الموجودين في تلك

الغرفة ليقف وقد مسح الدم من شفته ناظرا له بغضب فبصق

عليه من مكانه وصرخ غاضبا

" تمد يدك عليها ؟ ... قسما لن أنساها لك يا ادموند"

صرخ فيه من فوره

" وما يدرينا بأنها عشيقتك ؟ هي رفضت التحدث وقول

من تكو... "

هجم عليه مجددا صارخا بغضب

" تجرأ على نعتها بذلك مجددا يا سوقي يا سافل "

أمسكه عنه مجددا الذي قال صارخا

" تيم توقف فالفتاة رفضت أن تقول اسمها ومن تكون وما تفعل

في شقتك والبلاغ وصلنا بأنها تتردد عليها في غيابك وأنت تعلم

قوانين المنظمة جيدا وأنه أي شخص يشاركك السكن يضاف له

ورقة موثقة في ملفك وبعلم مسبق هنا فلا تقحم نفسك في مشاكل

مع القوانين يا رجل "

حاول إبعاده من أمامه صارخا بغضب

" لا يعنيني كل ذلك .. اتركني ألقن هذا السافل درسا "

وما أن حاول ذاك التحرك نحوه أيضا أمسك به الذي همس

له بحزم

" توقف يا ادموند أنت تعلم جيدا بأنه ابن الكولونيل المدلل ولن

يحاسبه على ما يفعل بينما أنت العكس تماما "

فنفض يده عنه وتحرك من مكانه جهة الباب الذي ضربه خلفه

وتركه مفتوحا تتبعه تلك النظرات الغاضبة قبل أن ينظر للجالسة

مكانها تنظر لكل ما يجري أمامها بصدمة وتوجه نحوها وأمسك

بذراعها موقفا لها وغادر بها من هناك متجاهلا الذي تبعه قائلا

بصوت مرتفع

" تيم لا تغادر بها من هنا هكذا فثمة قوانين يا رجل "

لكنه لم يتوقف حتى كان عند تلك الجاغوار البيضاء المتوقفة أمام

باب مبنى المنظمة تماما لم يبالي لتلك المخالفة أيضا وأركبها

بجانب كرسي السائق وغادر بها من هناك .



*
*
*

نزل السلالم بخطوات سريعة يديه في جيبي بنطلونه وما أن وصل

للأسفل توجه يسارا ووقف عند أول الممر الذي لم يكن فارغا هذه

المرة ونظر ببرود للذي تحرك نحوه بخطوات بطيئة كسولة

كعادته يشعرك بأن أقصى اهتماماته في الحياة أن يعيش هذه

اللحظة ، وصل عنده ووقف أمامه مباشرة وقال مبتسما بسخرية

" ظننت بأن جناحك في الأعلى وبأن الطريق لباب المنزل ليس

من هنا أم قررت الانتقال للأسفل أيضا ؟ "

نظر له ببرود وقال

" حين أكون في منزلك تحكم في تحركاتي أما هنا فأذهب حيث
أشاء ومتى أشاء "

قال بذات ابتسامته الساخرة المستفزة

" سيكون ذلك قريبا يا ابن ضرار وقريبا جدا وأنت فقط ليس

مرحبا به هناك "

قست ملامحه وامتدت يده لياقته وشده منها وقال بأحرف مشدودة

" انتقل له لوحدك وافعل ما شئت زيزفون لن تخرج من هنا

أتفهم ؟ "

أبعد يده عنه بقوة قائلا بضيق

" التي تتحدث عنها زوجتي وليست زوجتك فاهتم بشؤنك

وحدك ... أتفهم ؟ "

قال آخر كلمة بتملق يقلده فاشتدت أصابعه على ياقة قميصه

مجددا ودفعه جهة الجدار بقوة لم يستطع مقاومتها وقرب وجهه

من وجهه وقال من بين أسنانه

" لن تخرج بها من هنا إلا إن كنت ميتا ، وإن سمعت فقط صوت

صراخها مجددا بسبب ضربك لها قسما أن لا تخرج من السجن يا

نجيب ... قسما برب كل شيء "

رسم ابتسامة ساخرة على شفتيه رغم الغضب المشتعل داخله فما

خطط له سيحدث ورغما عن الجميع وإن كانت قدرتها على

التحدث ستعرقل ذلك لكنه لن يتراجع ولن يصدقها أحد وهي مجرد

مريضة ومجنونة ، تمتم بذات سخريته الباردة المستفزة متعمدا

ينظر لعينيه

" وضعك مؤسف حقا يا شقيقي لا زوجتك ولا عشيقتك تقبلانك

في حياتهما "

اشتعلت عيناه كجمرتين متقدتين وشد أصابعه في قبضة واحدة

ولكمه بقوة صارخا

" اصمت يا نجس يا قذر فتلك التي تتحدث عنها أشرف من أمثالك

... إنها زوجتك وابنة عمك يا وقح "

ولم يتوقف عند ذاك الحد فالنار المشتعلة داخله ما كانت لتخمدها

لكمة واحدة فقط فقد انهالت عليه اللكمات متتالية من تلك القبضة

القوية لكن الطرف الآخر لم يستسلم هذه المرة ولأنه لم يستطع

مجاراة لكماته أمسك بياقته بكلتا يديه ودفعه بالاتجاه الآخر وثنى

ركبته دافعا لها بقوة جهة معدته لكن تلك الضربة الغير

مدروسة لم تفقده توازنه كما خطط فدفعه بقوة جهة الجدار مجددا

ورفع قبضته المشدودة في مستوى وجهه يشعر بأن ما فعله لا

يكفي ولن يكفيه طرحه أرضا ولا أن يخر ميتا بسبب كل ذاك

الغضب الذي اعتمر نفسه .

" وقااااااص "

لتوقفه تلك الصرخة الرجولية الغاضبة من خلفه فنظر ناحية ذاك

الصوت من فوره يده لازالت معلقة في الهواء ينظر للواقف على

مبعدة منهما والذي صرخ من فوره ضاربا الأرض بعصاه

المذهبة

" ما هذا الذي يحدث هنا ؟ هل ستتشاجران من أجل امرأة

يا أحفاد ضرار السلطان "

نفضه حينها تاركا ياقته وقال بغضب

" نحن لا نتشاجر من أجلها بل بسبب ما يفعله حفيدك بها وأنا لن

أصمت عن هذا ولأي سبب كان وقسما إن أخرجها من هنا كما

يخطط أن أختطفها ولن تجدوها وإن بحثتم عنها خلف الشمس "

وما أن أنهى عبارته الغاضبة تلك غادر ينفض سترته ليعيدها كما

كانت واجتاز الذي لحقته نظراته الغاضبة حتى ابتعد وتوجه لباب

المنزل من فوره وخرج منه وركب سيارته ضاربا بابها خلفه

وغادر من هناك تكاد تحترق الطريق المعبدة تحت صرير عجلات

سيارته مفرغا غضبه في القيادة وأخرج هاتفه ما أن اجتاز ذاك

الشارع الطويل الفارغ واتصل بالتي أجابت سريعا قائلة بهمس

" أجل سيدي "

قال من فوره ونظره على الطريق الفرعي الذي استدار له

" ما الأخبار لديك ؟ "

وصله ذات ذاك الصوت الهامس

" عادت لسجن نفسها ولم تغادر غرفتها مطلقا حتى أنها عادت

لصمتها التام واعتصامها في سريرها أغلب الوقت وتناول

الأدوية لتنام "

اشتدت قبضته على المقود وقال بفكين متصلبين

" هل يضربها ؟ "

قالت من فورها

" ذاك اليوم ووقت عودته كان خدها متورما واشتكت كثيرا من

الألم في رأسها لكنها لم تخبرني بشيء كالعادة وهو يدخل

غرفتها كثيرا فلم يعد يمكنني البقاء بقربها لوقت طويل كالسابق

لأنه يطردني ما أن يراني ، ومنذ قليل سمعت صوت شجارهما

أو يبدوا بأنه غاضب وينفس غضبه بها "

شد على أسنانه كاتما لغيضه الذي لا مجال لينفس عنه فها هو

يكرر ذات فعلته السابقة ويبدوا بأنه يفرغ عقده فيها وكلما تشاجر

معه ستدفع هي الثمن لأنه يراها العنصر الأضعف بعده ، اشتدت

أصابعه على الهاتف فيها وقال بجمود

" لا تتركي غرفتك إذا وأبقي الباب والنافذة مفتوحان وإن عاد

لضربها اتصلي بي فقط وعلى الفور وفي أي وقت كان "

وصله صوتها الحزين اليائس مباشرة

" حاضر سيدي وليحفظك الله ويرعاك فوحدك من يشعر

بها هنا "

قال من فوره

" ليس صحيحا فلا رواح ولا والدته ولا حتى جدي سيتوانون

عن رده عنها إن عاد لضربها كالسابق فإن لم اجب عليك لأي

سبب قد يمنعني فلا تترددي في طلب مساعدتهم وعلى الفور "

همست مباشرة

" حاضر سيدي "

أنهى بعدها الاتصال معها واتصل بشخص آخر يفصله عن صاحب

الاتصال السابق آلاف الأميال والذي أجاب سريعا أيضا قائلا

" مرحبا وقاص "

قال من فوره

" مرحبا يا أويس ماذا حدث معك بشأن الرجل ؟ "

قال من في الطرف مباشرة

" قل ما حدث بشأن من وضعناه لمراقبته فهو اختفى أيضا "

غضن جبينه باستغراب هامساً

" ماذا ....؟ كيف يختفي ولما وهدفه زال تماما ! "

" لا أعلم يا وقاص فيبدوا بأن المدعو بشير اكتشف أمره وهو

سبب اختفائهما كليهما ، منذ أكثر من يومين نبحث عنه ولم نجده

لقد انقطعت أخباره تماما وهاتفه مقفل "

ضرب براحة يده على المقود قائلا من بين أسنانه

" سحقا كل هذا بسببنا فماذا إن تعرض للتعذيب أو حتى

القتل ؟ "

وصله صوته فورا

" لن يخرجوا منه بشيء فهو لا يعرفني ولا يعرفك "

حرك رأسه بشكل طفيف قائلا بضيق

" أنا أخشى على حياته ليس على ما يعلمه ، يبدوا بأن ذاك

الرجل المدع بشير ورآئه أيدي قوية وخفية وظنوني ناحيته

تبدوا صحيحة "

قال ذاك من فوره

" ثمة محام اسمه قائد نصران رشح ليكون وكيلا للنيابة العامة

مرتين سابقا ورفض سيخرج لنا به أو بمعلومات عنه "

قال برفض حانق

" وما سيفعله لنا محامٍ يا أويس ؟ نحن نحتاج لضابط تحقيقات

على هذا الحال "

وصله صوته الجاد مباشرة

" بل يمكنه فعل ما يفعله ضباط التحقيقات الجنائية يا وقاص فهو

يقود شبكة محامين يعملون كالتحري الخاص وكم من مخطوفين

تمكنوا من تحريرهم وجرائم عدة ومعروفة فكوا خباياها ، لقد

سعيت كثيرا في السابق للانضمام لهم لكن الجواب كان الرفض

بسبب هذا اللقب الملتصق بي "

تنفس بعمق قائلا

" إذا وكّل الأمر لهم وسأدفع كل ما يطلبونه وليتكفلوا بأمر

اختفاء المدعو بشير أيضا وقدم لهم ما يطلبون من مال المهم أن

نحصل على معلومات عنه وأيا كانت "

" حسنا سأزور مكتبه في حوران بنفسي رغم أنه وكما أعلم عنه

لا يستقر في مدينة محددة ويتنقل بين مكاتب شبكتهم الخاصة

طوال الشهر لكني سأصل له وبأي طريقة كانت وواثق من أنه

سيساعدنا في الكثير ، ثم أيضا لدي من عليهم البحث معي عنه

في الجنوب لأدك عنقه على ما فعله في جامعتي "

قال من فوره

" جيد يا أويس أنا أعتمد عليك فاعتني بنفسك جيدا كي لا

يكتشفوا أمرك أيضا فلا يبدوا لي أن المدعو بشير رجلا نزيهاً

وشريفاً كما قيل عنه ولا أنه لوحده بل اجزم بأنها شبكة أوسع

مما نتوقع "

وصله صوته مباشرة

" لا تقلق بشأني سأكون محتاطا بما أننا نعرف عدونا وإن جهلنا

من ورائه ... وداعا الآن يا صديقي "

أنهى المكالمة معه مودعا له ورمى الهاتف على الكرسي بجانبه

قبل أن يبدأ بالرنين المزعج فنظر له دون أن يرفعه وتجاهله ما

أن نظر للاسم على شاشته فلا مزاج لديه ليسمع توبيخ جده

وعباراته المعتادة والتي ستنتهي بتذكيره بوضعه وزوجته ، ثم

هو غاضب منه في جميع الأحوال فلن يضره إن غضب أيضاً

بسبب تجاهله لمكالماته .


*
*
*

أغلق الباب ثم فتحه وأغلقه مجددا يختبر القفل الجديد الذي قام

بتركيبه ورفع بعدها المفك والصندوق وتوجه لباب الغرفة أو

القفل الآخر المتضرر في تلك الشقة وكان شبه مغلق فدفعه نحو

الداخل ببطء وهو ينظر للقفل قبل أن ترتفع نظراته للجالسة على

السرير تحضن ركبتيها تنظر جهة النافذة في الجانب الآخر ورغم

حركته الواضحة في فتح الباب وتحريكه لبقايا القفل المحطم الذي

لازالت تتمسك بالبراغي المتينة لم تفكر ولا في الالتفات جهته

فتحولت حركته للعنف في اقتلاع تلك القطع المنصهرة الحواف

دون مساعدة من ذاك المفك الذي أحضره خصيصا لهذا الغرض ،

يكره تلك الأفكار التي يعتقد بأنها تتزاحم في رأسها الآن عن أنه

عاجز عن حمايتها وبأنه ندم على إحضارها هنا .. ولم يكن يعلم

بأن حركته الغاضبة تلك هي التي كانت ستغرس تلك الأفكار في

قلبها قبل رأسها وهي ترى بأن قرار نقلها لمعسكرها الجديد قد

شارف على التنفيذ وهذه المرة سيكون منفاها الأخير الذي لن

تخرج منه مجددا ولا معه .. ذاك ما أقسمت به بينها وبين نفسها

تحاول أن لا تتحرك حدقتاها لتلك الجهة بتاتا لا تريد رؤية ما

حرمت منه للأبد وهي الحياة المنزلية بجميع تفاصيلها حتى في

عدم استعانته بشخص آخر ليفعل ما يقوم به هو بنفسه الآن ،

راقبت حواسها جميع تحركاته وإن لم تراه عيناها حتى انتهى

وسمعت ذاك الرنين المعدني على الطاولة قربها تلاه صوته الذي

يبدوا أنه جاهد نفسه ليكون هادئا وإن جزئيا لكن الأمر لم ينجح

" لا أريد لهذه المفاتيح أن تصل لأحد وأنت من سيفتح لمدبرة
المنزل وتغلقي الباب خلفها "

وما أن أنهى عبارته تلك غادر مغلقا الباب خلفه كما تغلق فصول

حكايتها في كل مرة فدفنت وجهها في ركبتيها محررة عينيها من

النظر لذاك النور القوي الذي لم تكن ترى معه شيئا سوى سماء

صافية شاحبة لازالت تطاردها صورتها رغم دفنها لملامحها في

ظلام قماش بيجامتها الغامقة تحاول لملمة مشاعرها كما أفكارها

وكما أنفاسها الساخنة التي تشعر بها تخترق ذاك القماش الناعم

فعلى الأقل هو لم يفكر في رميها مجددا وبعيدا عن عالمه لأنه ل

ا يناسبها ولن يحتويها كما سبق وصرح بذلك ولن يكون لأحدهما

الوجود فيه كلما تواجد الآخر وتُدهس أحلامها البريئة بقسوة

تباعا حتى تدرك بأن هذا الوضع أشد وجعا من متابعتها الطريق

وحيدة من دونه وللأبد .. وهذا جل ما باتت تخشاه أن تصل لتلك

المرحلة الفاصلة بين الحياة والموت وأن يكون ذلك قريبا

وقريبا جدا .

لا تجزم بأنه للفرص أن تمنحه شرف فعل ذلك فعلى من سيرميها

هذه المرة ؟ عمها الحارثة لتسمع تلك العبارات المستنقصه لها

من ابنته تذكرها بواقعها الذي تعرفه جيدا ونظرات الشفقة الخفية

في عيني زوجته وتلك العبارات المتفهمة التي سيغدقها هو بها

كدفعة صغيرة من عاطفة أبوية مشيعة فيذبحها بها بدلا من أن

يداويها .

تكورت وسط سريرها وسحبت اللحاف على جسدها المرهق حد

الإنهيار ودفت ملامحها المجهدة في نعومة تلك الوسادة الطرية

الناعمة تحاول فقط طرد صور كل ما مرت به خلال الساعات

الماضية فهو كان أقسى من أن تتحمله حتى أصابها بما يشبه

مرحلة تخطي الصدمة العنيفة والتي يصعب اجتيازها بسهولة .


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 21-03-18, 09:08 PM   المشاركة رقم: 1005
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



نظر من نافذة السيارة لضوء الفجر الذي بدأ يتسلل للسماء لونا

أبيضا خفيفا وتنهد بأسى فلم يتحدث أي منهم عما يريدونه منه

ولما هو هنا في حوران مسافة ثماني ساعات سيرا بسيارة

مسرعة ؟ هل جريمته عظيمة بهذا الشكل درجة أن يتكفل هؤلاء

الرجال وبرتبهم العالية نقله شخصيا ! حتى أصحاب جرائم القتل

لا يحظون بهذا القدر من الاهتمام ! إلا إن كانت تهمته سياسية

وهنا المنفى الذي لا خروج له منه وحانت نهايتك يا يمان ، اتكأ

برأسه لمسند الكرسي الخلفي حيث يجلس وأغمض عينيه لتظهر

صورة تلك العينان الخضراء الباكية أمامه فورا فيبدوا بأنه كتب

عليه أن تتعلق إحداهن بعنقه دائما ليبقى منشغلا بمصيرها بعده

بل وهذه المرة وضعه أسوأ من السابق فما سيحل بتلك الفتاة إن

حدث له شيء وهي التي لم تخفي لحظة احتياجها لحمايته

فهي تراه الجدار الذي يفصل بينها وبين كل ذاك السواد في

عالمها وإن سقط تكالبت الوحوش البشرية عليها وهذا ما لا

يريده لها وما لم يرده من قبل أن يعلم بقصتها ومنذ أخبرته تلك

الطبيبة بحالتها فجل ما كان يخشاه وقتها حال تخليه عن

مسئولية ما حدث لها أن يكون سببا في ضياعها فترك من في

مثل حالتها ولأي سبب كان معناه أن تسلك طرق الانحراف حالها

حال ضحايا الاغتصاب .

لن ترى أي واحدة منهن إلا أنها لم تعد تجدي سوى لتلك الأمور

وبأنه لن تكون لها حياة طبيعية كغيرها من الفتيات .

فكيف كان سيهرب من عقدة الذنب حينها بل ومن عقاب الله لأنه

قد يكون سببا في ضياعها ؟ حتى أنه لم يستطع ترك الباب لتغلقه

هي من الداخل كما طلب منها بل أغلقه بالسلسلة والقفل وتراجع

عن قراره السابق ولم يفهم حتى الآن لما فعل ذلك ! وكأنه يريد

أن يضمن بأنها لن تفتحه وتخرج فمن هذا الذي سيفتحه وهي

في الداخل وتغلقه على نفسها ؟


مسح على وجهه بكفيه مستغفرا الله وهو يعتدل في جلوسه

وانحرف بأفكاره للطريقة التي سيصل بها لشقيقها إن حدث وكان

متورطا في أمر معقد لازال يجهله ولم يجد حلا أمامه سوى أبان

فخاله يكون الرجل الذي اختفى شقيقها باختفائه فإن لم يكن ميتا

سيوصل له خبر ما آل له حال شقيقته أو يجد لها حلا غير رميها

على أولئك المتحجرين ميتي القلوب .

انتقلت نظراته لشوارع العاصمة حوران وعلم فورا بأنهم وصلوا

لوجهتهم أخيرا ولمصيره المجهول الذي عليه أن يكون معلوما

بالنسبة له فما يفعلونه به الجنائية إن لم تكن جريمة وليس أي

نوع من الجرائم تلك ! تنهد بعمق متمتما

" توكلت على الله فهو حسبي نعم المولى ونعم النصير "

فعليه أن لا ينسى ما تسلح به طوال حياته وهو اليقين بالله فلن

يغفل عنه أبدا كما لم يغفل عن شقيقته حين عجز هو عن

مساعدتها وسيفعل ذلك مع التي تركها خلفه في الجنوب ولن

ينساها وإن نسيها الجميع .

توقفت سيارتهم أمام بوابة بناية رفع لها رأسه فورا باستغراب

ينظر لتلك الأعمدة الحجرية المرتفعة والنوافذ الطويلة .. هذا ليس

قسم شرطة ولا مركز الإدارة الجنائية ولا يفترض به أن يكون هنا

فإلى أين ينوون أخذه تحديدا !!

عبرت سيارتهم البوابة الواسعة والحرس المسلحين المنتشرين

حولها دون عناء انتظار وكيف لأحدهم أن يتصور بأن يوقفوا من

يحملون تلك القطع الذهبية على أكتافهم ؟ يعرف هذا المكان جيدا

لكن لم يتوقع يوما أن يدخله ولا لأي سببٍ كان فما الذي سيجعل

قدماه تعتبان بوابة القصر الرآسي ! مكان ليس للمجرمين بالتأكيد

كما كان يتوقع ويجزم بأنه سيكون مصيره وهو يبات أول ليلة له

في حياته خلف قطبان الزنزانة لكنه ليس مكانا يتواجد فيه أمثاله

أيضا وليس سوى مجرد مهندس زراعي فاشل لم يسبق وأن

دخل ولا مبنى البرلمان أو حتى أحد الوزارات ليكون هنا في

المكان الذي لا يعرفه هو وأمثاله الملايين سوى في التلفاز رغم

أنه في بلادهم ويعرفون مكانه لكن حتى الشارع المقابل له ليس

لأي سيارة أن تسلكه ! .

انفتحت أبواب السيارة ونزل منها مرافقيه الثلاثة ونظره يتبعهم

لازال لم يستوعب بعد ما هو فيه وخيل له حتى أن هذا المكان

مجرد محطة سينزلون فيها وحدهم قبل أن ينقلوه لمكانه الأساسي

لكن تلك الطَرقات بمفصل سبابة الواقف في الطرف الآخر على

زجاج النافذة جعلته يفتح بابه وينزل أيضا موقفا كل تلك الأفكار

والتحليلات فمحطته يبدوا بأنها انتهت هنا صدق ذلك أم لم

يصدقه فلا خيارات أخرى أمامه سوى الإنصياع فلعل ساعات

التوتر واستنزاف القدرات الذهنية انتهت وسيعلم على الأقل لما تم

جلبه من أقصى الجنوب الغربي للبلاد لشماله الشرقي !

تبعهم يجتازون الرواق تلو الآخر وصالات الاستقبال الأفخم

فالأكثر فخامة واتساعا ولم يستطع أن يسير مثلهم بخطوات ثابتة

نظراتهم لا تفارق هدفهم الأساسي فهو لم يعتد دخول هذه الأمكنة

وليس مثلهم يراها كل يوم فلم يستطع منع عيناه من التجول ليس

في تفاصيل المكان الفخم بل في الأشخاص من حوله ..

شخصيات أغلبها لم يكن يراها سوى في التلفاز ويسمع عنها

بعضهم باللباس الرسمي والبذل الفاخرة رائحة المكان عجت

بعطورهم القوية والبعض الآخر بالزي العسكري ومن كانوا لا

يدخلونه سابقا بثيابهم هذه مهما علت مراكزهم ورتبهم أما الآن

وبعد عودة ابن شاهين ومحاولة عسكرته للدولة كما يتهمه

البعض فبات هذا المشهد مألوفا في جميع الاجتماعات الرآسية

والسياسية فلطالما ارتبط ذاك الزعيم باللباس العسكري وكيف

سينسلخ عنه الآن ورجاله أولئك لازالوا ملتفين حوله ومتقيدين

به ، مكان أشعره بغرابة وجوده بينهم بثيابه البسيطة تلك

ونظراته الفضولية الممزوجة بالدهشة فهو لم يجتز بعد صدمة

وجوده هنا ! .

وما أن كثر انتشار رجال الأمن والحرس الشخصي علم بأنهم

وصلوا مكانا يحوي شخصا مهما وأهم من سابقيه وأخذته

توقعاته للكثيرين وحتى لوزير الداخلية لكنه لم يتخيل ولا في أبعد

أحلامه أن يكون هدفهم ووجهتهم الموجود خلف الباب الذي

فتحه لهم الواقف أمامه دون أن يكلفوا أنفسهم عناء ولا الوقوف

لطرقه ... أن يجد نفسه أمام من كانت رؤيته حتى في التلفاز

تشعره بالهيبة بالتوتر وبالانبهار فكيف أن يجده أمامه مباشرة !

ذاك الذي التقطته نظراته فورا من بين جميع الموجودين في ذلك

المكتب الواسع الذي حوى حتى طاولة اجتماعات بيضاوية طويلة

وصالونان كبيران أحدهما محاذ للنوافذ الزجاجية الطويلة التي

شكلت واجهة واسعة مطلة على أهم معالم عاصمة البلاد ، شعر

بتوتره يزداد بل ويتعاظم وهو ينظر للذي كان منشغلا مع

الموجودين معه والذين رغم كثرة عددهم بدوا قلة مع اتساع

المكان وفخامته ، والذي ما أن انتبه لوجودهم حتى ضرب له

الواقفان أمامه التحية فاجتاز المتحلقين حوله ناحية ذاك المكتب

الخشبي الفخم الواسع مقتربا منهم فاستدارا حينها الواقفان

أمامه مجتازان له خارجان من المكان بعد كلمات قليلة منه لا يعلم

لم يفهمها أم لم يسمعها بل لم يستطع لا فهمها ولا سماعها من

شدة ما كان مصدوما من وجوده هناك وكأنه في حلم ينتظر أن

يفيق منه في أي لحظك ! فتبعت نظراته المستغربة اللذان غادرا

مجتازان له في صمت وقد بدأ عدد الموجودين هناك أيضا

بالتقلص وهم يخرجون تباعا حتى لم يبقى غير صاحب تلك

الشخصية والحضور كما الهيبة الفريدة من نوعها حتى أنه تميز

عن الجميع بذاك اللباس الرسمي رغم كل ما وصلوا له من قوة

حضور وثقة وجاذبية ، أغلقوا الباب خلفهم ولم يبقى هناك منهم

غير اثنان منهم فقط يقفان على جانبيه وكأنهما نسران يقفان على

كتفي تنين أسطوري عظيم فكم كان معجبا بهذا الرجل من قبل أن

يراه بل ومنذ صغره حين اجتاح أراضيهم ليس ليحتلها بل ليعيدها

لهم بالشكل الصحيح ، لن ينسى ذاك العام ما عاش وكيف تعالى

ذكر اسمه في كل منزل في الهازان وكل ذي حق مهضوم بات

ينتظر وصوله بشوق والفزاعة التي أخافهم بها ابن راكان لسنين

طويلة باتت الأمل الذي أصبح ينتظره كل واحد منهم ليشرق على

بلداتهم ومدنهم البسيطة الفقيرة التي عانت من الظلم والاضطهاد

ما عانته ، ومنذ ذاك الوقت أصبح مطر شاهين رمزا للقوة للعدالة

وللإيمان بأنه ثمة صباح مشرق دائما بل وثمة رجال ولدوا من

رحم الحياة ليعيدوها لمن فقدها ، يذكر جيداً حتى لعبهم في

الشارع حينها وكل فتى يمسك عصى في يده كسلاح يريد أن

يكون ابن شاهين ودور البطل يتشاجر عليه الجميع ، وبعد كل

هذه الأعوام وما أن عاد بعد اختفائه الطويل ذاك وأصبحت صوره

تملأ الصحف وشاشات التلفاز علم أي بطل يكون هذا الرجل

وليس لأي شخص أن يتقمص دوره مهما فعل وحاول فهذا

الرجل لا يمكن إلا أن يكون نفسه .

لم يعرف معنى الشعور بالإغماء من شدة التوتر في حياته إلا

لحظتها وهو ينظر للذي اقترب منه حتى وقف على بعد خطوتين

أول أقل فقط بدلا من أن يجلس على مكتبه ويأمره بالاقتراب كما

يفعل من هم أدنى منه بكثير ولا يملكون سوى مكتبا ومركزا

متواضعا وإن كان إدارة مدرسة ابتدائية لينظر للناس من علو !

ولم تنتهي المفاجآت هناك فقد أكرمه أيضا بسماع صوته

الجهوري المتزن الذي ميزته تلك البحة التي علقت في ذاكرته من

أعوام حين سمع خطابه في المذياع وهو ابن العشرة أعوام

" يمان أتعلم لما أنت هنا ؟ "

بحث عن الكلمات في قواميس عقله بصراع مستميت قبل أن

يقول باحترام بالغ

" لست أعلم أني ارتكبت ذنبا قد يوصلني إلى هنا سيدي سوى

أني عشت وسط عائلة غيلوان "

فاجأته ابتسامته التي ظهرت معها أسنانه البيضاء المصفوفة

والتي لم تزد تلك الملامح الرجولية سوى وسامة قبل أن يقول

صاحبها

" وما أخذك لأراضيهم وأنت تعلم بطشهم جيدا يا ابن الهازان ؟ "

تردد قليلا ليس لشيء سوى رهبة منه قبل أن يقول

" قد يكون قدري أو أجلي لكني حقا لست ممن يخشى مما قدّره

الله عليه ولا مفر منه "

ربت على كتفه بتلك الطريقة التي لا يفهمها ولا يتقنها سوى

الرجال والعظماء منهم فقط وقال

" لن أستغرب هذا منك فجيناتكم واحدة "

نظر له باستغراب زاده رفعه ليده بمحاذاة كتفه فسلمه أحد

الرجلين الصامتين ورقة مدها له فورا وقال

" يمان إبراهيم حجاج هذه السيارة اشتريتها أنت من صاحبها

وليس مدوناً اسمه في هذا العقد أليس كذلك ؟ "

أخذ الورقة منه ونظر فورا لرقم ونوع السيارة المدون المعلومات

عنها فيها والتي لم تكن تحوي لا اسمه ولا اسم الذي اشتراها منه

والتي اختفت تلك الليلة مع ذاك الأخرس الغامض الهارب والذي
توقع بأن حكايته انتهت من حياته بانقضاء تلك الليلة الغريبة !

قال ما أن رفع نظره منها له

" أجل سيدي "

قال بجدية

" أنت تعلم يا يمان بالتأكيد بأن عدم تسجيلها باسمك لكل هذا

الوقت مخالفة ؟ "

سحب نفسا طويلا لصدره قبل أن يقول بلمحة توتر

" أجل سيدي لكني قسما ألححت على الرجل الذي اشتريتها منه

كثيرا أن ننهي أوراق ملكيتها لكنه كان يماطل حتى ظننت بأنه

سرقها من أحدهم لكني كنت أحوج لها من أن أعيدها له أو ابلغ

عنها وأنا غريب عن تلك القرى "

مد له يده فأعاد له الورقة وقال وهو يأخذها منه

" أجل وهذا كان كلام ذاك الرجل أيضا لكن ما أنت هنا من أجله

ليس هذا "

قال من فوره

" هي سرقت مني سيدي ولا أعلم أين هي وإن تم استخدامها في

جريمة ما فلست مسئولا عنها اقسم لك "

أعاد الواقف أمام الورقة للذي أخذها منه قائلا

" متى سرقت منك يا يمان ؟ أعطني التاريخ بالتحديد "

لم يحتج الأمر أن يفكر كثيرا فهو لم ولن ينسى تلك الليلة بكل ما

حدث فيها حتى وصوله لغرير ومنزلهم المحترق فقال سريعا

" قبل أسبوعين إنه السادس من هذا الشهر تحديدا وكان الوقت

ليلا بل وتلك الليلة كانت الأغرب في حياتي "

نظر لعينيه لبرهك قبل أن يقول

" أخبرنا بكل شيء .. أريد أن أعلم كيف وصلت سيارتك لإسحاق

تلك الليلة ومن الذي طارده منهم تحديدا "

نظر له بصدمة قائلا

" هل ثمة جريمة أنا متهم بها سيدي ؟ كل ما فعلته تلك الليلة أني

أنقذت فتى مطارد في أراضي غيلوان لا أعرفه ولم أراه سابقا ثم

فتاة صدمتها بسيارتي ليظهر بأنها ابنة لتلك العائلة أيضا لكني لم

أقتل أحدا ولم أشاركهم في شيء قد يكونوا فعلوه فلست سوى

مستأجر في أرض ابن عمهم "

ولم يتأخر عليه أبدا بما أراحه به

" لا يا يمان أنت لست متهما بشيء كل ما أريده أن تحكي لي ما

حدث تلك الليلة ومفصلا "

أومأ برأسه موافقا قبل أن يبدأ في سرد كل ما حدث معه ليلتها

من وقت خروجه من منزله في الجنوب حتى اختفاء سيارته وما

حدث بعد عودته للجنوب ولقائه بشعيب غيلوان فهو طلب منه

إخباره بأي حديث دار بينه وبين ذاك الرجل فأخبره بكل شيء

محتفظا بسر تلك الفتاة في نفسه فهو ليس مجبرا على قول سبب

زواجه منها وهي زوجته الآن ولن يذكر حكايتها أمام رجل وإن

كان رئيس البلاد بنفسه ثم هو لم يسأله عن تفاصيل ذلك واكتفى

فقط بأن همس ما أن علم بمسألة زواجه منها وهويتها

( رائع ... هذا جيد ) واستغرب فعلا ما الرائع والجيد في الأمر
بالنسبة له ! هل يكون صحيحا أن شقيقها غادر البلاد معه وليس

كما شكك البعض في أنه قتل على أيدي أعمامه وليس خبر رحيله

سوى تمويها عن فعلتهم تلك ! حتى أن البعض شكك في موته

خلال الحروب مع الهازان بل وحتى هي يرى من حديثها الوحيد

بينهما عنه بأنها ترجح موته لغيابه كل تلك الأعوام الطويلة !

ما أن أنهى حديثه وأجابه عن كل سؤال سأله إياه قال

" إذا أنت لا تعرف هوية مطارديه ولم ترى أيا منهم ؟ "

حرك رأسه بالنفي قائلا

" لا سيدي وإن كنت أعلم لأخبرتك فورا "

أومأ إيجابا وفي صمت قبل أن يقول

" لقد تعرض ذاك لشاب لحادث بالسيارة وتحطمت بشكل كلي لأنه

كان مطاردا وهي يبدوا لم تستحمل كل تلك السرعة ، لذاك الشاب

مكانة خاصة عندي وهو في غيبوبة منذ ذاك الوقت فما الذي

فقدته أيضا غير السيارة لأنه دين في عنقي "

نظر له بعدم استيعاب من كم تلك الحقائق التي صدمه بها دفعة

واحدة وقال ما أن اكتشف بأنه أطال الصمت وتحديقه المصدوم به

" السيارة قديمة سيدي ولم يكن فيها سوى القليل من المال فما

من داعي لأن تعوضوني عنها ، كل ما أتمناه أن يشفى ذاك

المدعو إسحاق فهو كان بالفعل خائفا ومذعورا "

قال الواقف أمامه من فوره

" وهذا جل ما أتمناه أيضا لذلك عليك أن تأخذ حقك يا يمان

وسنعوضك بسيارة جديدة ومبلغ مالي أيضا "

نظر له لبرهة مترددا قبل أن يقول

" إن لم تكن كسيارتي وبذات عمرها ومال بالمبلغ الذي فقدته فلن

تكون تعويضا لي واعذرني سيدي لن أستطيع أخذ ما هو أكثر من

حقي فأنا لم أفعل من أجل ذاك الشاب شيئاً "

حرك رأسه بالنفي قائلا بجدية

" بلى فعلت يا يمان فلولا الله ثم إخراجك له من هناك لكان

ميتاً الآن

ولسنا نعيش على أمل أن يشفى ، بل وليس أي شخص يساعد

أحداً في أراضي تلك العائلة إلا إن كان شجاعاً على الحق فأنت

تستحق أن تعوض "

وكما توقع حرك رأسه بالنفي أيضاً قائلا باحترام بالغ

" آسف سيدي لا أستطيع فاعذرني لأني لن أركبها حتى لو

أخذتها منك "

وهذا ما توقعه جيدا منه وما أخبره عنه أبان وصدق حقا فيما قال

عنه فعلا ولولا خشيته عليه ومن أن يكون مصيره كإسحاق لجعل

منه عينه الجديدة هناك لكنه لن يجازف بشخص آخر من عائلة

عمه وزوجته بل وحتى ابنته فمن حقهم أن يجتمعوا معا نهاية

الأمر كعائلة واحدة ، قال بذات نبرته الجادة المبحوحة التي تميزه

وبغرابة عن البقية

" يمان أنا لست كأي شخص ولن تكون منة هذه التي أعطيها لك

فهل تردني ؟ "

صدمته كلماته كما أشعرته بالإحراج فقال موضحاً

" أبدا سيدي ليس ذاك ما أقصده فأنت أعظم من أن ترد حتى في

عطاياك لكني فعلا لا أستطيع أخذ ما هو ليس من جهدي وتعبي ..

الله خلقني هكذا ولن أقبلها منك ثم لا أركبها ، ولا تنسى سيدي

بأني أسكن الجنوب وأراضي غيلوان خصيصا فما سيفكرون

فيه وأنا أمتلك فجأة سيارة جديدة وهم يعلمون بأني لا أملك

شيئا ؟ "

تنهد الواقف أمامه بعحز من محاصرته بالحقيقة التي يعلمها

جيدا وقال

" إذا واحدة تشبهها لكن في حالة أفضل توصلك لشقيقتك على

الأقل اتفقنا ؟ "

أنزل كتفيه متنهداً تنهيده مشابهة لتنهيدته وقال

" حسنا سيدي من أجلك فقط وغيره لن آخذ إلا المبلغ الذي

فقدته في سيارتي "

ربت على كتفه وقال

" لن أتوقع غير هذا منك وكنت أود بالفعل دعمك بالكثير وبما

أنك سترفض فلن أضغط عليك أكثر "

ثم دار مولياً ظهره له وسار جهة مكتبه ورفع شيئا من هناك

وعاد ناحيته ومد له ببطاقة صغيرة مذهبة قائلا

" الرقم المدون أسفلها سيوصلك لهاتفي الشخصي مباشرة فلا

تحتفظ بها بل احفظه عن ظهر قلب ثم تخلص منها وسريعا وإن

احتجت لأي شيء وفي أي يوم لا تتردد في الاتصال بي وكن

حذرا يا يمان ولا تأمن شر أولئك الغيلوانيين أبداً "

أخذها منه ونظرته المستغربة تنتقل للرقم المميز المحفور فيها

وقد نظر له نظر سريعة ثم مدها له قائلا

" هذا يكفي فأنا أخشى من إخراجها معي لأي مكان وسأستعين

بكم سيدي بالتأكيد إن شعرت بالخطر وعلى زوجتي قبلي "

أخذها منه وقال محدثا الواقف على يمينه

" تكفل بكل شيء يا عمير وتأكدوا من وصوله إلى منزله

سالماً "

وتابع ما أن عاد بنظره له

" أقرب مهبط طائرات قد تنزل فيه طيارة خاصة في الجنوب هو

مطار جينوة ولا نستطيع إيصالك له بها لنختصر عليك الطريق

خشية عليك من شكوك من حولك هناك فأنا أقترح بأن تزور

شقيقتك وترتاح هناك ثم تغادر بسيارتك الجديدة "

شرد بنظره بحزن قبل أن يقول

" كنت أتمنى فعل ذلك لكن الذهاب للحميراء الآن معناه أن أقضي

يوما آخر هنا ثم نصف يوم لأصل لمنزلي هناك ولا يمكنني ترك

زوجتي لوحدها كل ذلك الوقت "

وتابع وقد رفع نظره له

" خاصة أنها لا تعلم لما تم أخذي ليلا ومن قِبل ضباط الجنائية

ولا أحد لها بعد الله غيري وأخشى أن يصيبها مكروه ما "

أومأ له بالموافقة مبتسما ومد يده له قائلا

" حظاً موفقا إذا يا بطل ولا تنسى ما اتفقنا عليه "

نظر ليده لبرهة وصافحه فورا يشعر بالنشوة وبسعادة لا يمكنه

وصفها فقط لأنه تحدث مع هذا الرجل ورآه وجها لوجه بل

وصافحه فطالما كان رمزا بطوليا بالنسبة له وقدوة يقتدي بها

وكم تمنى أن كان شقيقه ووالده وعمه وخاله وجميع من يقربون

له فحلم طفولته كان أن يصبح مثله تماما لكن شتان بينهما فمن

بإمكانه أن يخدم الوطن ويقدم له ما قدم هو واهبا حتى سنوات

عمره لأجله ودون تفكير ، ما أن تحرك الواقف على يساره قائلا

" اتبعني يا يمان "

حتى استدار ولحق به قبل أن يقف مكانه فجأة واستدار مجددا

ونظر للذي لازال واقفا مكانه يراقبهما وقال بتردد فلم يستطع

منع نفسه من الحديث عن الأمر ففرصة رؤيته له قد لا تتكرر أبدا
" أيمكنني معرفة معلومات عن شخص ما ومنك تحديداً

سيدي ؟ "

قال الواقف أمامه من فوره

" هازار يحي غيلوان تقصد ؟ "

نظر له بصدمة وكان عليه أن يتوقع ذلك وأن رجلاً مثله سيعلم

حتى فيما يفكر ! تنفس بعمق وقال

" أجل هو أعني وأريد جوابا بكلمة واحدة فقط سيدي أهو على

قيد الحياة ؟ "

وراقب بفضول الذي أومأ برأسه إيجاباً قبل أن يقول

" أجل لكن لا يمكنه دخول البلاد حالياً ولفترة لا يمكن

تحديدها "

لم يستطع منع تلك القسوة التي زحفت لملامحه وحدقتاه

الرماديتان قبل أن يقول

" ليس وقت عودته ما أسأل عنه بل أريدك أن تبلغه رسالة "

أومأ له بالموافقة دون أن يتحدث فتابع من فوره وبنبرة جادة لم

تخفى لمحة الضيق فيها

" قل له زوج شقيقتك يقول لك لو كنت مكانها ما غفرت لك ما

حييت وإن كنت مكانك لكنت فضلت الموت على أيدي أعمامي

وقبيلتهم وما كنت تخليت عن امرأة من دمي وتحتاجني لينتهي

بها الأمر مرمية في الشارع "

وما أن أنهى عبارته تلك استدار وغادر ناحية الواقف عند الباب

ينتظره وخرج خلفه لازالت تراقبه تلك النظرات التي همس

صاحبها مبتسما

" رجل أنت فعلاً يا يمان "


*
*
*


فتح الباب مبتسما على حديث الداخل خلفه يتحدث بحماس عن

القوانين المصاغة حديثا من قِبل المدعي العام لتموت تلك

الابتسامة ما أن وقع نطره على الجالس في مكتبه هناك ينتظره

والذي وقف على طوله ما أن وقع نطره عليه وقد استقبله بنظرة

يفهمها جيدا فوقف مكانه ينظر لعينيه بصمت وجمود فنقل الواقف

بجانبه نظره بينهما وقال مبتسما باعتذار

" سأراك فيما بعد يا وقاص "

وغادر مغلقا الباب خلفه تاركا ذاك الجو المشحون يدور في حلقة

مغلقة يلتف كالإعصار حول الواقفان متقابلان يتبادلان نظرة

قوية ورثتها جيناتهم عبر الأجيال محدودة النسل ومعقدة التركيب

في صمت مخيف لم يقطعه سوى ذاك الصوت القاسي للذي

تحدث عاقدا حاجبيه

" لما لا تجب على اتصالاتي يا وقاص ؟ "

أشاح بنظره عنه ودس يديه في جيبي بنطلونه وقال بجمود

" لأن كلانا كان في مزاج سيئ وأعتقد بأنه يكفي علاقتنا

نفوراً "

لون الغضب سواد عيني الذي شد قبضته على رأس العصى في

يده وقال بحدة

" انظر إلي وأنت تتحدث معي يا وقاص ولا تقلل من احترامي "

نظر له من فوره وقال بذات جموده

" أنا لا اقلل من احترامي لك وأنت تعلم ذلك جيدا "

قال مباشرة وبضيق

" ذاك في مخيلتك فقط يا ابن ضرار "

فلوح بيده وقال بضيق مماثل

" وأنا لا أراك جدي الذي عرفته فهل سيكون اللوم عليك ؟ "

أشار له بالعصى في يده وقال بضيق أكبر

" بل عليك في كلا الحالتين "

وتابع بغضب ضاربا بها على الأرض تحته

" إن كان ثمة من سيجعلني أندم على إخراج زيزفون من المصح

وجلبها للمنزل سيكون أنت يا وقاص "

أشار بإصبعه للبعيد جهة الباب وقال بضيق

" وإن كان ثمة من سيعيدها له كنزيلة فعلية فيه فسيكون

حفيدك ذاك "

وتابع وقد أشار له

" وصمتك سيكون السبب جدي "

فضرب بعصاه الأرض مجددا وقال بذات غضبه

" لا تبارزني في الحديث يا وقاص "

لوح بيده وقال بحدة

" أنا لا أبارزك جدي نحن نتناقش في مصير من يفترض بأنها

حفيدتك مثلنا تماماً بل وأكثر منا وهي الأنثى الوحيدة بين أحفادك

والتي عانت وقاست ما تستحق أن تعوض بما ينسيها ذلك "

اشتدت ملامحه قسوة أكثر وهو يصرخ به

" كم مرة سأذكرك بأنك لن تشعر بحفيدتي أكثر مني وأنّ تدخلك

في شؤنها لن يزيد وضعها إلا تعقيدا فلعلمك فقط يا نائب المدعي

العام فمحكمة العاصمة حوران فتحوا ملف قضيتها مجددا

ويطالبون بالتحقيق معها وراسلوا المصح الذي كانت فيه "


نظر له بصدمة لم يستطع اجتيازها بسهولة وقد همس ما أن

وجد صوته

" وكيف علموا ! "

أشار له بعصاه وقال بضيق

" اسأل نفسك هذا السؤال وأنت من لم يتوقف عن محاولاته

العقيمة في دمجها مع من هم حولها متناسيا أنه ثمة تقرير

بخصوص مرضها تحتمي خلفه وثمة قضايا قتل متهمة بها

لم تغلق بعد "

رفع يده وقبض أصابعه بقوة وكأن الصدمة أعجزته تماماً عن

التحكم في جميع انفعالاته فأنزلها مرتجفة وقال بضياع

" هذا ليس كافيا ليصلهم خبر مغادرتها المصح ، أنا محامٍ ولست

غبياً لأصدق هذا فثمة من سيكون أوشى بها عمداً "


قال المقابل له من فوره

" إن كنت تقصد نجيب وهذا ما أنا واثق منه فهو لا يعلم عن

ماضيها شيئاً فابحث عن عدو لك غيره "

أشاح بوجهه جانباً ولم يعلق على الرغم من أنه لم يقتنع يسحب

أنفاسه بقوة بل ويشعر بأنه سيفقدها نهائيا من صدره ، ولم يكن

يتوقع بأن الصدمات لم تنتهي بعد حتى وصله ذاك الصوت الجاد

" لذلك علينا إرجاعها للمصح النفسي "

نطر له بسرعة وقال برفض غاضب

" لا ذلك ليس حلا وأنا لن أسمح به "

فصرخ فيه مباشرة

" ما هذا التملك المرضي ناحيتها يا وقاص؟ "

لوح بيده قائلا باحتجاج

" هذا ليس تملكا بل شعور وإنسانية ورابطة دم ، أتعلم ما الذي

سيحدث لها إن هي عادت هناك ؟ "


قال من فوره وبذات غضبه

" لا حل غيره أو ستسلمها للسلطات بنفسك يا حفيد السلطان ،

وجريمتان تنتظرانها أي سجن مضاعف وسينتهي عمرها قبل أن

تنهي محكوميتها "

مرر أصابعه في شعره ينظر للأرض بتشتت وضياع قبل أن يرفع

رأسه ونظر له مجددا وأصابعه لازالت تتخلل شعر قفا عنقه وقال

بنبرة جوفاء

" ثمة من سيساعدني هناك وسنغلق ملف القضية مجددا لبعض

الوقت ، أنا أحتاج لبعض الوقت فقط "

واجهته تلك الملامح القاسية بالواقع المرير فورا

" فات الأوان على ذلك فقد بدأوا بإجراءات نقل القضية للمحاكم

البريطانية هنا وأنت تعلم جيدا معنى ذلك "

أخرج يديه من شعره بقوة صارخا

" لا هكذا سيحكمون بضياعها ، من هذا الذي له السلطة ليفعل

هذا ؟ من وراء عائلة المقتول يدعمهم بقوة هكذا لتدميرها ! "

حرك ذاك رأسه بالنفي قائلا بحدة

" لا أعلم ولا يعنينا التفكير في ذلك والتفتيش عنه "

مسح وجهه بكفيه وجمعهما عند شفتيه ينظر للفراغ بضياع قبل

أن ينزل بهما لجيبي بنطلونه ودسهما فيه وقال بجمود يعاكس

النيران المشتعلة في داخله

" فلينقلوا القضية وليفعلوا ما استطاعوا أنا من سيتولى الدفاع

عنها وسأخرجها منها لأنها بريئة وإن اعترفت بذلك "

حرك الواقف هناك يده والعصى فيها قائلا بضيق

" مغفل .. كيف ستثبت براءتها وهي تصر على أنها من فعل ذلك
؟ كيف تتحول لمحامٍ غبي هكذا فجأة ؟ "

لوح بقبته قائلا بحدة

" هي لم تفعلها .. إنها تحمي أحدهم وسأعلم بكل شيء ، أنا

أحتاج لبعض الوقت فقط "

واجهه بغضب حازم من فوره

" لازلت تصر على تدميرها بتدخلك يا وقاص ؟ "

أشار بيده جانبا قائلا بضيق

" وهل إرجاعها للمصح الحل المناسب ؟ "


" هو الأنسب "

قالها له مباشرة ولم يراعي ولا قسوتها عليه فأغمض عينيه بقوة

وتنفس بعمق قبل أن ينظر له مجدداً وقال بحزم

" مستحيل وعليا أن أعلم من هذا الذي أوصل لهم هناك خبر

مغادرتها المصح "




رأى الغضب الواضح في عينيه والذي يعلم سببه جيداً وكما توقع

لم يتأخر تعليقه الغاضب القاسي

" أبعد نجيب عن دائرة متهميك وابتعد عنه وعن التدخل في

حياته يا وقاص فمن حقه أيضا أن لا يتدخل أحد فيما يخصه أم

الأمر حكر لك وحدك ؟ "

شد قبضته بقوة حتى آلمته أصابعه وقال بأمل كسير

" جدي أنت يمكنك التعاون مع المصح مجددا وإخراج تقرير
من عندهم كما في المرة السابقة ؟ "

قال من فوره وبجمود

" سيُكشف الأمر مجددا مهما طال الوقت "

قال مباشرة

" وهذا ما أنا أحتاجه الوقت فقط "

اشتدت نبرته حدة وهو يقول

" وقاص كم مرة سأعيد بأنه عليك أن تبتعد عن حياة شقيقك

وعن زوجته "

" لكن أ..... "

قاطعه بذات نبرته الحادة

" إن أردت ذاك التقرير فابتعد عن نجيب وزيزفون وعن كل تلك
القضية يا وقاص "

قال بغضب محتج

" جدي حتى متى ستستخدم معي أسلوب المساومة ؟ "

قال من فوره وبحزم

" ما لديا قلته والخيار لك فإن كان نجيب وراء ما حدث كما تقول

فتدخلك في شؤونه لن يزيده إلا إصراراً على تدميرها بسببك

وليدمرك بها وأنت تعلم ما أعني جيدا "


قال بغضب رافض

" لو أفهم فقط لما تصرون على تركيب مشهد العاشقيْن لنا ؟ "


واجهه بغضب مماثل

" توقف إذا عن إظهار هذا وإيصاله لنا واحمي ابنة عمك منك

يا وقاص "

لوح بيده قائلاً بذات غضبه

" مستحيل ... أنت تطلب المستحيل جدي "

صرخ فيه بغضب مماثل

" لا تلقي باللوم على أحد إذا حين توصلها بنفسك للسجن "

وما أن أنهى عبارته تلك تحرك من مكانه ليغادر فأوقفه قائلا

" جدي انتظر "

فوقف ونطر له وقال بجمود

" أعلم بأن عقل حفيدي المفضل وذكائه لن يخوناه أبدا "

أشاح بوجهه عنه وتنفس بعمق مغمضاً عينيه يتخيل فقط أن

تصل للسجن بالفعل ويقف هو مكتوف اليدين لا شيء بيده سوى

أن يبكي فقدها وحيداً ويخذلها كما فعل الجميع ، ما سيكون عليه

عالمه حينها وأي سواد ذاك الذي سيغلفه ؟ .


" ماذا قلت ؟ "

رفع نظره للذي يبدوا أنه يصر على استعجاله حتى في موته وقال

بقلة حيلة مجبراً نفسه على كل ذلك

" سأبتعد عنها لكنها لن ترجع للمصح النفسي وسيقدم التقرير

بخصوصها والأهم لن يخرجها نجيب من المنزل "

لاذ ذاك بالصمت للحطة قبل أن يقول بحزم

" أقسم لي بالتزامك بذلك يا وقاص "

شد قبضتيه بقوة يشعر باحتراق في داخله يكفي لإشعال مدينة
بأكملها وقال بجمود يعاكس دواخله تماماً

" أعدك أن أفعل "

قال الذي لم تترك نظراته القوية عيناه ومباشرة

" بل أقسم لي فقد تفعلها ولأول مرة في حياتك وتخلف وعدك

لكن قسمك لا وأنا أعرفك جيدا "

فمرر أصابعه في شعره ينظر للأعلى مستغفرا الله بهمس ولم يعد

يريد شيئا سوى إنهاء هذه المشادة الكلامية المنهكة لروحه وقلبه

وحواسه أجمعها والانفراد بنفسه وأفكاره ليجد حلا لكل هذه

الكوارث المتعاقبة ، أنزل رأسه ونظر للأسفل وقال بأسى مجبر

" اقسم أن أبتعد عنها وعنه فالتزم أنت بباقي الاتفاق ولا تجعلني

أفقدها "

عقد حاجبيه وقال بقسوة

" ما هذا الذي أسمعه يا وقاص ؟ "

رفع نظره وعينيه التي سيطر ذاك الألم عليهما رغما عنه وضرب

بقبضته على صدره قائلا بأسى

" يكفيكم قتلا لهذا ، لقد وعدتُ وأقسمت وسأبتعد عنها بل وعنكم

جميعكم فارحموني "

قست ملامحه وصرخ فيه فورا

" وقاص لا تتصرف كطفل "

نظر للأرض وسحب نفسا طويلا لصدره وأخرجه ببطء قائلا

بانكسار

" جدي حلفتك بالله ننهي الحديث عن الأمر فقد حصلت على
ما تريد "

فلم يسمع بعدها سوى خطواته وصوت ضرب طرف عصاه

للأرض وهو يجتازه حتى خرج ضارباً الباب خلفه فأغمض عينيه

بقوة يشعر بأنه ضرب به قلبه بل وأغلق باب حياته الوحيد بما

فعل ويفعل ، فتح تلك العينين المليئتين بالألم والغضب وتوجه

جهة مكتبه ورمى كل ما كان على طاولته صارخا بغضب ما كان

ليطفئه ولا تدمير المكان بأكمله .

*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 07:48 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية