لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-12-17, 10:07 PM   المشاركة رقم: 651
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

نظرت له بعبوس ثم تكتفت وقالت ببرود
" خرجت بي منذ الصباح الباكر لنتنزه أم لتأخذني حيث تريد

أنت وتدخل بي لأماكن تجلب الكآبة ؟ "

ضحك وقرص خدها بقوة متجاهلا تألمها ومحاولة إبعاد يده قائلا

" هذا أول مكان أدخل له ، ثم نحن بالكاد اجتزنا أول شارع بعد

المنزل يا كاذبة "

وتابع وهو يدخل محل بيع الأدوات المدرسية والقرطاسية

" سأخرج بسرعة ... خمس دقائق فقط "

تنهدت بقلة حيلة ووقفت أمام الواجهة الزجاجية العريضة للمحل

تنظر لبطاقات المعايدة المصفوفة خلفه مباشرة قبل أن يلفت

انتباهها رف المجلات والجرائد الموضوع أمامه أو بالأحرى الخبر

الذي احتل أغلب أغلفتها

( مطر شاهين يعترف وعلانية بأن سبب هجرانه لزوجته قبل أكثر

من عشرة أعوام هو امرأة أخرى ... !! )

كانت صورته تحتل أغلب الصحف إن لم يكن جميعها وهو يعتلي

تلك المنصة والخبر ذاته وإن اختلفت الصيغ حتى أنه قلة من

عنونوا بما قدمه من دعم للجمعية وتغيير للقوانين ، حتى أن

بعضها افتخرت بعرض صورة تلك الزوجة ولأول مرة في تاريخ

البلاد ، وليس أي صورة بل مشهدها وهي ترفع نظراتها وعيناها

السوداء الواسعة الدامعة به وهو يلقي تلك الفاجعة على مسمع

ومرأى من الجميع ، وها هي الصحافة بدأت بنهش لحمها من

جديد وهي التي لم تأخذ فترة استراحة منهم أبدا ، ابتعدت من

هناك تشعر بحجم كآبتها يتضاعف مجددا واختارت الجلوس على

حافة الرصيف المرتفع قليلا تحضن ركبتيها تراقب حركة المارة

في الجانب الآخر من الطريق أمام المراكز التجارية التي تفتح

أبوابها للتو قبل أن تسرح بنظرها للأرض تحتها فقد أصر الكاسر

اليوم على أن يخرجا للتنزه معا ولم يترك والدتهما حتى وافقت

شرط أن لا يركبا الدراجة النارية وأن لا يبتعدا فبعد تلك المرة

التي أوشى بهما الحراس فيها وبأنه كان يتخطى السرعة المسموح

بها في الطرقات حرمتها من ركوبها معه مجددا ومن أن يركبها

هو لشهر كامل كعقاب له فهي تعلم بأن حرمانه منها لأسبوع واحد

فقط يساوي لديه عاما كاملا ، لذلك اختار أن يتنزها على الأقدام

وهي لم ترفض ذلك أبدا فأجواء ذاك المنزل اليوم وإن تجنب كل

واحد منهم عند الفطور الحديث عما حدث بالأمس إلا أنها كانت

مشحونة بشكل متلف للأعصاب ولا شيء سوى النظرات الصامتة

التي تقاذفتها والكاسر تشعر بأنه ثمة أمر مريب حدث بين والدتها

وخالها رماح ويبدوا أن عمتهم على علم به أيضا وليست تعلم لما

تشعر بأنه ثمة شجار حاد دار بينهما قبل اجتماعهم على طاولة

الطعام لكنها لا تفهم ما يكون فيبدوا رماح مستاء للغاية !!

شعرت بالقدمان اللتان وقفتا قربها ولم ترفع رأسها له ولم تتحرك

من مكانها فجلس بجانبها يحمل في يده كيسا صغيرا ووصلها

صوته مازحا

" يبدوا اشتقت لأيام المدرسة الابتدائية والجلوس على الرصيف

منتصف الطريق "

ضمت ركبتيها أكثر وأرخت ذقنها على ذراعها هامسة

" الجو رائع اليوم "

قال مبتسما يحرك الكيس في يده

" أجل ففصل الربيع هنا هو الأجمل في البلاد بأكملها "

اتكأت بجانب وجهها على ذراعها ناظرة له وقالت

" يبدوا أنك تحب العمران كثيرا ؟ ماذا إن وجدت نفسك مضطرا

للرحيل منها يوما ما ؟ "

حرك كتفيه وقال ببساطة

" لا فرق عندي ... ولست أهتم حقا لذلك "

شقت ابتسامة طفيفة ملامحها الحزينة وقالت بتفاؤل

" تعني إن رحلت والدتي منها ستكون معها ؟ "

نظر لها وقال مبتسما

" تعني إن رجعت لوالدك ؟ "

أبعدت نظرها عنه فورا ونظرت لقدميها على الأرض وهمست

" لما تقول هذا ؟ أنا كنت أتحدث بشكل عام "

ضحك ضحكة صغيرة وقال

" كاذبة ... لم تكوني تسألي عن هذا سابقا فما ذكرك به الآن ؟ "

شدت ذراعيها حول ركبتيها وتمتمت بعبوس

" ذكرني به من لا يظهر إلا ليذكرني بالمأسي المخفية عني "

ساد الصمت من طرفه ولم يعلق فنظرت له فكان ينظر للبعيد

ويبدوا شارد الذهن وقد غاب مع أفكاره وحيدا فشعرت بتأنيب

الضمير فما كان عليها قول ذلك وجرح مشاعره .. لكنها كانت

تجرحها باستمرار سابقا وبقسوة ودون أن تعلم ، أبعدت نظرها

عنه تنظر حيث ينظر بعيدا للرجل الخارج من أحد المحلات التجارية

مع طفليه متوجهين لسيارتهم وهمست بحزن

" كنت أنانية دائما ولم أفكر سوى بنفسي فأنتم تحتاجون لها أكثر

مني وهي يبدوا تحتاجكم أكثر منا "

ومسحت دمعة تسربت من رموشها فحضن كتفيها بذراعه وقبل

رأسها قائلا

" تفكيرك خاطئ يا طفلة فهي لا تحتاجنا كما تحتاجكما أبدا ،

رماح سيجري العملية يوما ما بالتأكيد ويتزوج وكذلك رعد أما

عمتي فيمكنها العيش مع أي منهما لكن والدتك لن تجد السعادة

إلا معكما صدقيني "

نامت في حضنه وهمست ببحة بكاء

" وماذا عنك أنت ؟ فأنت لن تتزوج ولن يكون وجود أي منهم

في حياتك كوجودها وهي تعلم ذلك جيدا "

ضمها له أكثر قائلا

" وأنا سأسافر من أجل دراستي يوما ثم سأتزوج بالطبع كغيري

ونهاية الأمر ستبقى هي وحيدة بلا عائلة ولا أبناء آخرين ولا زوج

يحبها ويحتويها "

وتبدلت نبرته للحزن وهو يتابع

" لا انكر أنها تعني لي كل ما يربطني بهذه الحياة فهي والداي

اللذان لم أراهما يوما .. كبرت على يديها وكان كل واحد منا

طوق نجاة للآخر من وحدته وضياعه وهمومه ولست أتخيل أن

يمضي يوم دون أن أراها فيه لكني أيضا لن أسمح لنفسي أن

أسعد على حسابها وأن أسلب سعادتها لألون بها عالمي فوالدتك

عاشت حزينة مكسورة ومذبوحة من الوريد حتى الوريد طيلة

تلك الأعوام وإن كابرت وأخفت ذلك ولن أشعر أبدا بالراحة وهي

تعيسة وسعادتها بعيدا عني "

مسحت دموعها بظهر كفها وهمست ببحة

" يمكنك أيضا أن تكون معها حيث ستكون لأنها مؤكد لن ترضى

بغير ذلك "

ابتسم كعادته لا يظهر ولا ألمه المدفون وهو يقول بضحكة

" ألسنا نتحدث في أمر سابق لأوانه ياعدوة الفرح فها هو والدك

من يغلق السبل بينهما ... يا له من أحمق لقد بدأت أفقد إعجابي به "

ابتعدت عنه وقالت بضيق

" هييه لا تنعت والدي بالأحمق "

دفعها من جبينها بإصبعه قائلا بتملق

" وهو والدي أيضا أم نسيت هذا ؟ "

ابتسمت من بين ضيقها وكأنها اكتشفت شيئا عظيما للتو وقالت

بسعادة

" أجل كيف نسيت ذلك ! فبما أنها أرضعتك وهو زوجها فهو

والدك أيضا "

ضحك وشد سبابتها بإبهامه وضرب بطرفه جبينها بقوة آلمتها قائلا

" يا له من اكتشاف عظيم سمو الأميرة تيما "

دفعته وضربت رأسه بيدها قائلة بضيق

" أجل وستعيش معه رغما عنك فمن هذا الذي يرفض أن يكون

له والدان ؟ "

ساد الصمت بينهما فجأة وقد انتبها حينها فقط بأنه ثمة من يقف

وراءهما مباشرة فوقفت أولا التي حركت حواسها رائحة ذاك العطر

الرجالي المميز تنظر بصدمة وارتباك للواقف أعلى الرصيف يديه

في جيبي بنطلونه الجينز ترتفع سترته قليلا خلفهما ينظر لعينيها

بصمت ووقف الكاسر حينها ومد يده له قائلا بابتسامة

" مرحبا ... لم تتح لنا الفرصة بالأمس لنتعارف "

مد يده وصافحه قائلا بابتسامة مماثلة

" مرحبا بالكاسر ... كيف أنت ؟ "

ضحك ممررا أصابعه في شعره وقال يرمق الواقفة بجانبه

بطرف عينه

" أنا بخير حاليا لكن لن يدوم الأمر طبعا إن لم تبتعد قريبتك
عن حياتي "

وكزته بمرفقها ورمقته بحنق قبل أن تنظر للواقف أمامهما

قائلة بإحراج

" لم أكن أعلم أنك لم تغادر العمران ! "

قال بابتسامة جانبية

" بلى غادرت عصر الأمس لحوران "

نظرت له بصدمة بينما نقل الكاسر نظره بينهما مستغربا وقال

ما أن استقر نظره عليه

" ولما غادرت بالأمس إن كنت سترجع اليوم باكرا !

إنها ست ساعات ذهابا وإيابا !! "

رفع كتفيه مبتسما بمكر يرمق الواقفة بجانبه وقال

" كنت أتحدث مع أحدهم البارحة وأغلق الخط بل وهاتفه أيضا

ولم يشفق عليا بفتحه طوال الليل لأعلم ما أصابه "

نظر له الكاسر بصدمة رافعا حاجبيه قبل أن ينظر للواقفة بجانبه

ويمسك بها وهي تنظر للواقف أمامهما فوق الرصيف بتهديد

تعض شفتها السفلى فوكزها بمرفقه لقربها الشديد منه فكتمت

تنفسها من الإحراج متجنبة النظر له .. البائس الأحمق ها قد

انتقم منها بالفعل ، أخرج الكاسر هاتفه من جيبه مبتسما وقال

رافعا له

" يبدوا أنه عليا إجراء مكالمة ما "

وابتعد عنهما سريعا ونظرها يتبعه قبل أن تنظر للواقف أمامها

بعبوس فتكتف قائلا بابتسامة جانبية

" من منا سيلقي باللوم على الآخر فيما حدث ؟ "

عضت طرف لسانها في حركة طفولية وقالت محرجة

" آسفة الخطأ كان مني فعلا فهاتفي سقط على الأرض وانفصلت

البطارية عنه ولم أنتبه له إلا صباحا لأني نمت دون أن أشعر "

لاذ بالصمت ولم يعلق وقد علقت نظراته على ملامحها الفاتنة

طفولية القسمات في كل شيء حتى في طريقة حديثها وحركة

يديها وابتسامتها المحرجة ولا يفهم حقا معنى هذه المشاعر

المتضاربة التي تعبث به كلما كانت أمامه ، هربت من نظراته

للأرض وقالت تراقب حركة مقدمة حذائها على حافة الرصيف

" لم تخبرني ما هو الأمر الذي سيعجبني سماعه ؟ "

ورفعت نظرها به حين تقدم خطوة بسبب السيدتان اللتان عبرتا

الرصيف خلفه مفسحا لهما المجال وتراجعت هي خطوة للوراء

فقال مشيرا بإبهامه يسارا

" هل نسير معا ؟ "

نظرت له ببلاهة لبرهة قبل أن تستيقظ لنفسها ونقلت نظرها بينه

وبين الكاسر الواقف هناك هاتفه على أذنه موليا ظهره لهما

وتمتمت بتوتر وببعض التردد

" أ... اممم ... لكن الكاسر ... وهو إن عاد من دو.... "

قاطعها متراجعا خطوة للوراء ورافعا كفه

" لا بأس أفهم قصدك وآسف حقا "

وما أن كان سيستدير مغادرا قالت موقفة إياه

" انتظر يا أحمق "

وتحركت جهة الكاسر قائلة بضيق

" أنت لا حلول وسط لديك أبدا "

راقبها مبتسما وهي تتحرك جهة شقيقها .. كانت تلبس تنورة

جينز وقميص حريري قصير بأكمام مفتوحة تزين بعض الفصوص

حوافها وحجاب ناعم بلون عينيها تتحرك في تلك الملابس كالحورية

الصغيرة تأسر الناظر لها حتى في خطواتها فهل كانت تتخيل أن

يغادر هكذا ببساطة ؟ فمثلما ما كانت هي لترده خائبا وقد قطع

كل هذه المسافة ليطمئن عليها ما كان ليضيع هو فرصة وجودها

خارج أسوار منزل والدتها وكان سيبحث عن حلول وسطى بالتأكيد .

بينما وصلت هي للواقف هناك وعقدت حاجبيها باستغراب تسمع

حديثه الذي يفترض أنه مع شخص ما في الطرف الآخر

" الحمقاء المنحلة ستجعلني سخرية للمارة وسأريها فيما بعد "

ابتسمت تمسك ضحكتها وسحبت الهاتف من يده فالتفت لها فورا

عاقدا حاجبيه ونظرت هي لشاشة الهاتف وضحكت فسحبه منها

قائلا بضيق

" وقحة ... هل انتهى الموعد الغرامي سريعا هكذا ؟ كنتما
جلستما قليلا "

ضحكت مجددا وقالت بصوت منخفض

" ما رأيك لو تسبقني للمنزل "

انفتحت عيناه على اتساعها وقال

" انظروا للوقحة وتقولها علانية أيضا ودون خجل !! "

لكمته في كتفه وقالت محرجة

" لا يأخذك خيالك بعيدا فثمة ما سنتحدث فيه ويبدوا مهما ثم

هو قريبي إن نسيت "

أومأ برأسه قائلا بابتسامة جانبية

" آه أجل قريبك وموضوع مهم ؟ "

ثم غادر من حيث جاءا ملوحا بيده قائلا

" أخبريني فيما بعد عن هذا الموضوع المهم رجاء ؟ "

ابتسمت تراقبه مبتعدا ثم التفتت جهة الذي لازال يراقبهما من هناك

وسارت جهته متجنبة النظر له حتى وصلت عنده وقالت مبتسمة

تلمس شفتيها العليا بطرف سبابتها

" هل تشتري لي المثلجاث من عربة البائع هناك "

وأشارت له بسبابتها فابتسم ونظر حيث العربة الخضراء

المزينة على مسافة قريبة منهما وتحرك قائلا

" موافق "

فسارت بجانبه فورا قائلة بابتسامة

" رائع فالكاسر رفض مرارا أن ياخد لي منه متحججا بأنها عربة

جوالة وغير صحية "

حرك رأسه مبتسما فالكاسر المراهق رفض خوفا على صحتها

ووافق هو ما أن طلبت ذلك منه ! قال وقد وصلا لها

" إن أصابك شيء فلا علاقة لي بذلك "

وقفت أمام العربة تنظر للأحواض المغطاة بأغطية زجاجية

وقالت مبتسمة

" لا تخف لن أذكر اسمك أبدا "

قال العجوز الواقف خلفها ببشاشة

" أجمل أيسكريم هو ما يؤكل عند الصباح ...
فماذا ستختارين آنستي ؟ "

أشارت بإصبعها مبتسمة

" أريد الفراولة ... والفانيليا أيضا "

فتح الأحواض وقال مبتسما وهو يملأ لها الكوب الورقي الملون

" هل تعلمي بأن المرأة التي تحب أيسكريم الفراولة هي الرقيقة

دائما أما الفانيليا فهي التي تحب إسعاد من حولها ؟ "

نظرت للواقف بجانبها مبتسمة وكان ينظر لها بدوره راسما

ملامح هادئة على وجهه ثم عادت بنظرها للذي مد لها بكوب

الآيسكريم بعدما رش على سطحه الكثير من المكسرات وغرس

فيه ملعقة بلاستيكيه وقالت مبتسمة وهي تأخذه منه

" أكره نكهة الشيكولا والليمون أيضا "

قال ضاحكا وهو يمد لها منديلا ورقيا

" توقعت ذلك فذاك النوع هم المسيطرات وحادات الطباع "

ضحكت وشكرته هامسة فأخرج الواقف بجانبها نقودا من جيبه قائلا

" كم حسابك ؟ "

دفع له النقود وتحرك من هناك فلحقت به قائلة

" لم تأخذ واحدا لنفسك ؟ "

ولم تترك له مجالا ليجيب أو يعلق وهي تعود أدراجها وقد أخذت

ملعقة أخرى من البائع وعادت ناحيته وغرستها في الآيسكريم قائلة

" سنأكله معا فأنا أساسا لا يمكنني أكل كل هذا لوحدي "

قال وهما يبتعدان قليلا

" لو انتظرت قليلا لأخبرتك بأني لا أريد "

رفعت الكوب بينهما قائلة بإصرار

" وأنا لن آكل إن لم تأكل أنت ، أم أن هدنتنا صورية فقط ؟ "

تنهد مستسلما ورفع الملعقة وأكل ما فيها فأكلت ما في ملعتقها

متلذذة وقالت

" أم أنك تضن أن الأطفال فقط من يأكلون هذا ؟ "

خرجت منه ضحكة عميقة مكتومة وقصيرة وقال

" لو كان كذلك لكانت ردة فعلك مختلفة بالتأكيد "

ضحكت وغرفت من الأيسكريم مجددا قائلة

" أنت لا تنسى أبدا ، ثم هذا ليس كحلوى الدب تلك ولا يتناوله

الأطفال فقط "

نظرت بعدها لوجهه وقالت

" كم عمرك أنت ؟ "

نظر لها لبرهة ثم نظر لنهاية الشارع بعيدا حيث يتوجهان بخطوات

بطيئة وقال مبتسما

" ولما هذا السؤال ؟ "

رفعت كتفيها وقالت مبتسمة

" لا لشيء فقط مجرد سؤال ويمكنك أن لا تجيب عليه "

نظر لوجهها مجددا وقال

" أنا في السادسة والثلاثون "

ابتسمت من فورها قائلة

" لست كبيرا .. "

عاد بنظره للشارع وقال بابتسامة ساخرة

" أبلغ الأربعين مثلا لتريني كبيرا ؟ "

ضحكت وقالت تأكل من الأيسكريم

" ليس ذلك أقصد فرجال الحالك لا يمكن تقدير أعمارهم أبدا

وبشهادة الجميع ، ثم والدي كان في مثل عمرك حين تزوج بوالدتي "

نظر لها وقال

" وكم كان عمرها هي ؟ "

أخرجت الملعقة من فمها وقالت بتفكير

" في التاسعة عشرة أعتقد "

قال من فوره

" معلوماتك خاطئة فهما تزوجا وهو في الخامسة والعشرين بينما

كانت هي في العاشرة "

تأوهت قائلة

" لا هكذا سيظهر كبيرا جدا أمامها حين تزوجا ، ثم ذاك الزواج

كان صوريا فقط وقتها بل وسريا أيضا "

قال بعد صمت لحظة

" وما رأيك أنتي في فارق السن بين الزوجين ؟ "


حاولت إخفاء ارتباكها من سؤاله وقالت تنظر لمفترق الطرق الذي

وصلاه نهاية الشارع

" لم أفكر في ذلك من قبل "

ظنت أنهما سعبران الشارع لكنه فاجأها بأن وقف مسندا يده

بعمود الإنارة مقابلا لها وقال ناظرا لعينيها

" حقا لست تهتمي بأن يزوجك والدك بمن يكبرك بكثير ؟ "

عضت باطن شفتها ونظرت للكوب في يدها ولجزئها الذي أكلت

أغلبه بينما لم يأكل هو إلا القليل منه وأشارت بملعقتها قائلة

" أنت لم تأكل ! "

وصلها صوته مباشرة

" أعتبر نفسي أكلت كثيرا فهذه المرة الأولى التي أتذوقه فيها "

نظرت له بصدمة وقالت

" أول مرة تتذوقه ! "

حرك كتفيه قائلا

" لا أحبه ولم آكله يوما "

تأوهت من فورها ملوحة بيدها والملعقة ما تزال فيها وقالت

" لما أجبرت نفسك وأكلت إذا ؟ "

قال بابتسامة جانبية ناظرا لحدقتيها الزرقاء

" لأنك لن تأكلي إن لم آكل أم نسيت كلامك ؟ "

نظرت للكوب في يدها وشعرت بالدماء تلون خديها وقالت محرجة

" حسنا كيف وجدته "

قال بضحكة صغيرة

" سيء للغاية "

ضحكت ولم تعلق وعادت للأكل منه مجددا وكادت تغص

بالأيسكريم حين وصلها صوته قائلا

" حقا ستوافقين على الزواج ممن سيختاره والدك

وكان من يكون ؟ "

رفعت نظرها المصدوم لعينيه ولملامحه الرجولية الجذابة التي

اكتساها الجمود فجأة وعلقت نظراتهما بطريقة أربكتها كما

أخافتها نظرته تلك كثيرا وكانت تشعر وكأنه يبحث عن الجواب

في عينيها قبل كلماتها فهربت بهما منه لكوبها مجددا وهمست

" أجل "

علمت من حركت أصابع يده التي قبضها بقوة ثم وبسرعة خاطفة

فكهم مجددا بأن جوابها لم يرق له وشعرت بأن الجو بات مشحونا

جدا بينهما وليست تفهم كيف ولما لكنها استشعرت تلك الهالة

الغامضة التي أحاطت به ورفعت نظراتها المصدومة به حين

قال ببرود

" أيعجبك أن تكوني ضعيفة شخصية هكذا ؟ "

كان ينظر جانبا حيث حركة السيارات على الطريق مشيحا بوجهه

عنها وكأنه يهرب من النظر لما خلفه من ألم في ضحيته فقربت

حاجبيها الرقيقان تنظر له بأسى وهمست بعدم استيعاب

" ضعيفة شخصية ! "

تمنى الجزء الحالم فيها أن تكون أخطأت في سماع ما قال

أو أنه من أخطأ في قول ذلك وسيبدل كلامه وموقفه الآن لكن

شيئا من ذلك لم يحدث بل ولم يكتفي بذلك فقط وقد نظر لها

مجددا وقال بقسوة

" أجل وأرى الجميع يسيرونك وترضخين وإن كان في الأمر هلاكك "

شعرت بغصة في حلقها وامتلأت عيناها بالدموع وقالت بحنق

" ضننت أننا فعلا بدأنا ننسى ما حدث سابقا لكنك أبدا لم تفعل "

وما أن أنهت جملتها تلك أولته ظهرها وغادرت من هناك قائلة بضيق

" شكرا على المثلجات رغم أني لا أستحقها بكل تأكيد "

وتابعت طريقها بخطوات سريعة غاضبة تحاول أن لا تبكي كي

لا تمسح تلك الدموع ويعلم بها فهي لم تسمع خطواته يتبعها

وليست تعلم حتى إن كان ما يزال واقفا هناك أم غادر .



*

*

*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:12 PM   المشاركة رقم: 652
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

كتفت ذراعيها لصدرها وأشاحت بوجهها جانبا فقال الجالس في
كرسيه أمامها وبضيق

" غسق لم أعرفك سابقا صاحبة قرارات طائشة متهورة ! "

تمتمت ببرود ولم تنظر ناحيته

" ها قد علمت "

شد قبضة يده التي كان يريحها على مقبض الكرسي وقال بضيق

أشد من سابقه

" اقسم أنك جننت ! ما هذا العقل الذي تفكرين به يا غسق ؟

ابنتك ما كانت لتفكر بطريقتك هذه لتفعليها أنتي ! "

فكت ذراعيها ونظرت له وقالت بضيق مماثل

" فليعتبره الجميع ما أراد لكنه قراري ولن أتراجع عنه وأعتقد

أننا تحدثنا عن هذا سابقا وبما فيه الكفاية "

كان سيتحدث والغضب هذه المرة قد اكتسى ملامحه لولا أوقفه

باب المنزل وقد انفتح لحظتها ودخل منه الذي اتصل به منذ

ساعة تقريبا وطلب منه أن يقطع طريق رحلته جهة الجنوب

ويمر بالعمران أولا ليرى معه حلا لهذه العنيدة قبل أن تنفذ

جنونها الذي تفكر فيه ، اقترب رعد منهما ونظره على رماح

مستغربا ملامحه الغاضبة المشدودة قائلا

" ما بكما ؟ "

نظرت غسق لرماح وقالت بضيق قبل أن يتحدث

" لما طلبت منه المجيء ؟ "

نظر لها وقال بحدة

" ليوقف جنونك طبعا فهو على الأقل بساقيه ويمكنه رميك من

أعلى طابق في جمعيتك لتستفيقي لنفسك "

وتابع وقد نقل نظره لرعد غير مبال بنظرتها الغاضبة قائلا

بضيق ومشيرا لها

" تعالى وانظر ما تريد شقيقتك فعله ، قررت تسليم إدارة الجمعية

بل وجميع ما يخص هذه المدينة .. لا بل وتسعى الآن لتحويل

ملكية أراضيها وعـقـاراتها جميعها للدولة ... أي استقالت بالعامية "

نظر لها رعد بصدمة وهي تشيح بنظرها عنهما كليهما ترسم

على وجهها ملامح جامدة خالية من أي تعبير فتحرك نحوها

وأمسك بذراعها وأدارها ناحيته جيدا وقال

" صحيح هذا يا غسق ؟ "

لم تجبه ولم تنظر له ليس بسببها بل لأن رماح لم يترك لها

الفرصة وهو يجيبه نيابة عنها وبضيق وحنق

" بلى وناقشت مع نائبتيها ذلك بالأمس ولولا رسالة جليلة لي

والتي لم أراها سوى فجر اليوم ما علمنا بذلك حتى قرأناه في

الصحف كغيرنا "

رفع يديه ثم قبضهما وأنزلهما وكأنه لم يعد يعرف ما يفعل كرد

فعل على صدمته تلك ثم قال بحدة

" لا أصدق يا غسق أن تتخلي عن الحلم الذي بنيتيه لأعوام في

لحظة هكذا وبسبب ماذا ... ؟ رجل !!! "

نظرت له وخرجت من صمتها قائلة بحدة مماثلة

" بل من أجل كرامة غسق وعزة نفس غسق ، وقسما لو علمت

منذ البداية بأنه الداعم الأساسي لنا ما أسستها من أساسه

ليأتي ويتبجح الآن بأنه صاحب الفضل وبأني فاشلة في عالم المال

وأن وجهي هو سلعتي "

تبادل ورماح نظرات مستغربة قبل أن ينظر لها قائلا بجدية

" أثبتي له عكس ذلك إذا ... حاربيه كما عرفناك قوية وعنيدة

فمن بنت كل هذا بأفكارها وحدها قبل أمواله لن تعجز عن إثبات

ذلك له "

أشاحت بوجهها عنه مجددا تشعر بأنه أصاب قلبها في مقتل

وهي تتذكر نتائج حفلهم بالأمس وقالت بسخرية تنطق مرارة

" وهذا ما فعلته لكني فشلت وبكل بساطة ، وبعد أن أصبحت

الدولة الداعم الأساسي لها فلا حاجة لهم بي وستقودها أي

عجوز من الشارع "

حرك رأسه بعدم تصديق هامسا

" اقسم لو علم ابن شاهين لكان أول من سيصفعك الآن فنحن

لا نستطيع فعلها "

نظرت له وقالت بغضب

" لم يبقى له شيء سوى أن يمد يده علي لأكسرها له وبقانونه

الجديد الذي يتبجح به ، ثم هو يعلم إن كان هذا ما ستفكر في فعله

ما أن تخرج من هنا .. بل وموافق عليه أيضا "


رفع حاجبيه بصدمة وقال

" موافق !! "

شدت قبضتيها بجانب جسدها وقالت بجمود

" أجل وطلب أن يجتمعوا لترشيح من تأخذ مكاني "

قال رماح باستغراب

" من أخبره ! "

نظرت له وقالت بسخرية

" التي أخبرتك طبعا .. هل يوجد غيرها ؟ "

قال من فوره وبضيق

" معها حق تفعل كل ذلك وأكثر لتعذلك عن قرارك المجنون هذا "

قال رعد الذي يبدوا بأنه أفاق من صدمته لكلامها الأخير للتو

" وتوافقين أن يرحب هكذا بالفكرة ! تستسلمين أمامه

وبكل بساطة ! "

لوحت بيدها قائلة بحدة

" لا يعنيني ما يفكر فيه وما يريده ، مكان بنيته وأفنيت عمري

في تأسيسه ولم يكن سوى أكذوبة فليس يعنيني أبدا ولست

أتشرف بأن أحمل اسمه ولا أن يحمل هو اسمي "

تبادلا النظرات الصامتة كل واحد منهما يعجز عن استيعاب

ما سمعه للتو فكلاهما يعلمان ما تعنيه تلك المدينة بأكملها لها

وكم سهرت وتعبت وعملت بجد لتوصلها لما هي عليه الآن !

كان بإمكان كل واحد منهما قراءة الصدمة والانكسار في عينيها

السوداء الواسعة مهما أخفت ذلك فكلاهما يدرك بأن ما مرت به

في حفل الأمس لم يكن بالأمر الهين أبدا فإن كانت البلاد لم تتخطى

صدمتها بتصريحاته بعد فكيف بها هي ؟ لكنها كالعادة تتمسك بالصبر

والصمود تمسك الجسد بالحياة وهذه هي غسق التي أعادها لهم

ابن شاهين قبل رحيله لم يروا ولا دموعها من أعوام طويلة

إلى يوم رجوع رماح وهي تترك لها العنان وأمامهم فجأة فحتى

خبر وفاة والدهم تلقته بجمود عجزوا جميعهم عن تفسيره سوى

بتحولها لمومياء محنطة كان ينتظر كل واحد منهم أن تنهار للأرض

في أي لحظة لكنها خانت توقعاتهم جميعا وتلقت الخبر الذي كانت

هي تجزم بأن يكون سبب موتها إن وصلها يوما ما وكأنها قتلت

مشاعرها وللأبد ناحية أي شيء وأي شخص أو أن ما حدث تلك

الليلة وسرا عنها حتى هي كان السبب !!

كسر رعد ذاك الجو المشحون قائلا بهدوء

" غسق لا تتهوري باتخاذ قرار لن يفيد الندم عليه لاحقا "

" لن أندم مطلقا "

قالتها مباشرة وبكل تصميم وعناد يعرفانه جيدا قبلها وبأنها

لن تتراجع عنه ومهما حدث فلن يشعر أحد بما تشعر به

ويدمرها تماما ، لن يعلموا معنى أن تبني صرحا عظيما

لأعوام وأعوام ثم تكتشف بأنك لم تكن سوى واجهة مزخرفة

له وصورة وقشور واهية ، أن يصفق لك الجميع وأنت تنظر

لهم بكل فخر ثم تكتشف بأنهم لا يصفقون لك أنت بل للواقف

ورائك .. ! فلا أبشع من الحقيقة القاسية سوى لاعتراف بها

وليس أقسى من البشاعة الخفية سوى اكتشافها متأخرا .

علت أنفاسها القوية تدريجيا مما جعل التوجس يسكن قلبيهما

معا من أن ينفجر البركان الخامد ولأعوام تلك اللحظة لكنها

همست بعزم مهما أنهكته الفواجع المكبوتة

" لكن غسق شراع لن تنتهي كما يتخيل وستبني نفسها من جديد "

لم يعلق أي منهما على ما قالت لأن تلك الطرقات المتتالية على

باب المنزل لم تعطي لأي منهم المجال لقول المزيد وهم يتبادلون

نظرات الاستغراب فمن هذا الذي سيدخل ويطرق الباب دون أن

يعلمهم الحراس بوصوله ! رعد هنا والكاسر وتيما يملكان المفتاح

وغير هؤلاء لن يدخل الحراس أحدا دون أن يأخذوا الإذن من أحد

أفراد تلك العائلة ! وغفلوا فجأة عن أنه ثمة من سيملك الصلاحية

المطلقة لفعلها ليدخل دون استئذان ولم يكتشفوا ذلك إلا حين

فتحت الخادمة الباب الذي عاد الواقف في الخارج للطرق عليه

وبإصرار وكشف حينها عن الواقف أمامه ببنطلون أسود وقميص

ناصع البياض وربطة عنق رمادية وبدون سترة ، أكمام قميصه

مثنية لمرفقيه كما أن زره العلوي مفتوح مرخيا ربطة العنق

قليلا يبدوا التعب على ملامحه رغم تمسكها بالجمود والحدة

وكأنه قاد سيارته لأميال طويلة بل وكأنه قضى الليل فيها ولم

ينم لثانية واحدة ، وقد زادت النظرة المتجهمة والحاجبان

المعقودان ملامحه قسوة ، نظر تحديدا وفورا لرعد المحدق

به باستغراب وهو من اتصل به منذ قليل وسأله فقط عن مكان

وجوده دون أن يذكر السبب أو أي أمر آخر ! خطا للداخل خطوتين

وقال ناظرا لعينيه تحديدا " أين الفتاة الثنانية يا رعد ؟ "

كانت الصدمة أول رد فعل له شاركه فيها رماح الذي لطالما شك

بأمر شقيقه وإن جهل هوية تلك المرأة بينما نظرات الحيرة

والاستغراب كانت من نصيب الواقفة بجانبه وهي ترمق رعد

وكأنها تراه للمرة الأولى !! .

اقترب منه مطر وشد ياقة سترته وقال صارخا به

" أين هي يا رعد تكلم ؟ "

همس والصدمة لم تفارقه بعد
" ما بها آستريا ؟ "

ليتضح الأمر حينها للواقفة قربه وقد تبدلت نظراتها للصدمة

تغطي شفتيها بأطراف أناملها فهذا الاسم تعرفه جيدا كما تعلم

هي والجالس على كرسيه في الجانب الآخر بأنه احتجز في

الماضي لدى تلك القبائل لفترة ليست بقليلة .

شده مطر أكثر ينظر لعينيه بغضب وهزه بعنف صارخا

" تكلم أين هي يا رعد واتركنا ننهي الموضوع بأقل الخسائر

يا رجل ولا تجر نفسك وقبائلك للهلاك "

أبعد يده عنه بعنف قائلا بحدة

" ليست معي ولست أفهم عما تتحدث يا مطر ! "

أمسكه من ياقته مجددا وقال بذات غضبه

" كيف يا ابن شراع وثمة من رآها تهرب معك ؟

لم أعرفك تتصرف بجنون سابقا ! "

أبعد يده مجددا وصرخ هو هذه المرة

" لو أردت فعلها ما انتظرت كل هذه الأعوام وحرمت نفسي

منها ومن النوم والراحة فعن أي جنون تتحدث ؟ "

لوح بيده قائلا بحدة

" ليلة أمس هو حفل زواجها "

همس الواقف أمامه بصدمة

" ز.. ز.. زواجها ! "

صرخ فيه مجددا

" أجل زواجها مكرهة بعدما افتضح أمركما ، لقد انطلقت إلى

هناك فور أن علمت بذلك لأوقف الأمر لكني وجدت تلك المدن

تغلي كالبركان بسبب هروب ابنة زعيمهم السابق وشقيقة الحالي

والشهود يتهمونك أنت .. وشقيقها ساجي يتوعد بهدر دمك في

أقرب وقت ورجال قبائلهم يطالبون بالحرب على صنوان ، هل ثمة

مجنون يفعلها في وضع البلاد الحالي يا رعد ؟ هل جننت ! "

صرخ نافضا يديه

" لست أعلم عما تتكلم يا مطر وكنت البارحة في حميراء وثمة

شهود على أني لم أغادرها إلا فجرا ولست أعلم عما تتحدث عنه "

صرخ فيه مطر من فوره

" أين هي إذا وكيف اختفت هكذا ولا أحد يمكنه الخروج من هناك

بسهولة ؟ ولما قال البعض أنهم رأوك ؟ "

صرخ من فوره

" كذب ... كاذبون "

أمسك بعدها برأسه وقال بضياع ناظرا لعينيه

" أين هي يا مطر ؟ أريد أن أفهم حالا "

تحركت الواقفة بجانبه وأمسكت بكم سترته جهة ذراعه وأدارته

جهتها وقالت بحدة

" أنا من تريد أن تفهم والآن حالا ما علاقتك بآستريا

وما حكايتكما ؟ "

نظر لها بضياع قبل أن يضرب صدره قائلا بحسرة

" هي ما أدفنه هنا من خمسة عشر عاما مضت ... ما أضعت عمري

من أجله وانتظرته دون يئس .. تضيع مني هكذا قبل أن أصل لها ! "

نظرت له بصدمة لم تستطع اجتيازها بسهولة وهمست ما أن

وجدت صوتها

" كنتما.... ؟ تعني .... ؟ "

مرر أصابعه في شعره شادا له للخلف وهمس بتشتت

" بلى تعاهدنا وليتنا لم نفعل "

خرجت حينها من صدمتها وهدوئها ومن كل ما حملته معنى كلمة

تعقل في قواميسها ولكمته بقبضتها في صدره صارخة

" سحقا لك من رجل يا رعد "

ولكمته الأخرى صارخة

" سحقا لكم جميعا ألا تكتفون من قتل النساء ؟ ما هذا الذي

ستجنونه من تعذيبهن لأعوام ؟ "

أشارت بعدها جهة رماح ونظراتها الغاضبة لازالت على عيني

الواقف أمامها وقالت بحدة

" تلقي باللوم عليه فيما فعل مع جهينة وأنت أسوأ منه ؟

من هذا الذي أخبركم أن قلب الأنثى لعبة في أيديكم ؟ أترونها

رجولة هذه وأنتم تشيعون جثمان الواحدة تلو الأخرى ؟ "

أنزل نظره للأرض ولم يعلق يشعر بأنه رمي في متاهة من الألم

لا نهاية لها فلكمت صدره مجددا صارخة

" لماذا فعلت ذلك إن لم تكن ندا له ؟ لما تعلقها لأعوام إن لم يكن

بإمكانك الإيفاء بالوعود ؟ لما تقترب منها أساسا إن كنت أجبن من

أن تكون رجلا يستطيع أخذها معه وإن للجحيم ؟ "

شد قبضتيه بقوة وكأنه يعتصر ألمه فيهما ولازال نظره للأرض

بينما أشاح الواقف خلفه بوجهه جانبا ممررا أصابع يده في شعره

وتنفس بضيق فهي تقصده معه لا محالة بل وثلاثتهم معا فلكل

واحد منهم حكاية مشابهة للآخر ، ولم يتأخر دوره كثيرا وهو

يواجه نظراتها الملتهبة وقد صرخت مشيرة له بسبابتها

" أنت سبب كل هذا "

نظر لها باستهجان بينما تحولت نظرات رعد ورماح المصدومة

له حين تابعت بذات صراخها الغاضب وكأنها تحرر ذاك الوحش

المدفون داخلها لأعوام

" بل وجميع ما أصاب عائلة شراع صنوان بسببك أنت .. بسببك

عشت بلا هوية وعائلة ودخلت أراضيك ودخل رعد هناك وبسببك

مات الكاسر ودون حتى أن أراه ، بسبب صلتك بوالدي الأعوام

الأخيرة قتل وبسببك حدث ما حدث لرماح ، بسببك فقدت ابنتي وحلمي

الذي بنيته بتعبي لأعوام ، حتى هجران جبران لنا جميعا بسببك أيضا

يا رجل العدالة "

" غسققق "

صرخة رماح تلك بها لم تؤثر بها شيئا بل ولم تخترق سمعها المشوش

بسبب تراكمات الماضي و ألم الحاضر حتى أنها انفصلت عن جميع ما

حولها عداه وقد لوحت بيدها صارخة فيه بعنف أكبر

" أنت من دمر عائلتي بأكملها ودمرني قبلهم فاخرج من حياتنا لأنك

لم تبقي شيء آخر تمارس غطرستك عليه ... أخرج الآن "

كان يقابل كل اتهاماتها وصراخها ذاك بالصمت التام محدقا بعينيها

بجمود دون أن يدافع عن نفسه ولا حتى أن يوقفها فأشارت للباب

الذي تركه مفتوحا بعد دخوله وصرخت بغضب

" واخرج من منزلي فورا "

لم يستطيعا الموجودان خلفها أن يخفيا آثار الصدمة على وجهيهما

بينما اكتفى الواقف أمامها بالصمت محدقا بعينيها الغاضبة حد الألم

قبل أن يستدير مغادرا بخطوات واسعة وثابتة حتى اجتاز الباب

الذي دخل منه منذ قليل ضاربا بابه خلفه وهي تلحقه إلى هناك

بخطوات غاضبة وكأنه ما يزال موجودا صارخة دون توقف

" اخرج من حياتنا ... اخرج ... اخرج "

حتى وصلت لذاك الباب المغلق وضربته براحة يدها صارخة ببكاء

تحرر من أضلعها أخيرا

" اخرج من حياتي فورا ... اخرج ... اخرج الآن "

شد رعد قبضتيه بقوة وألم يراقبها وهي تلتصق بالباب وقد اتكأت

عليه بجبينها باكية وحال رماح لم يكن أفضل منها فها هي أخيرا

حررت ألم وبكاء أربعة عشرة عاما مضت ، ها قد أخرجت ألمها

المكبوت بسبب ذاك الرجل لأعوام فكلاهما كان يتوقع أن ما حدث

بالأمس لن تصمد بعده طويلا ، تحركا ناحيتها في وقت واحد وإن

كان أحدهما واقفا والآخر جالسا يقوده ذاك الكرسي فقط ، وما أن

وصلا عندها أمسك رعد بكتفيها وأدارها ناحيته ودفنها في حضنه ،

يعلم أن ما مرت به طوال فترة حياتها لم يكن بالهين أبدا .. معاملة

والدتهم القاسية لها منذ كانت طفلة ثم اكتشافها حقيقة أنها ليست

ابنتهم ونظرات الشك في عيني ممن حولها .. ضغط جبران عليها

لتتزوجه وهي لا تراه سوى شقيقا لها .. دخولها أراضي الحالك

ووقوعها أسيرة لدى ذاك الرجل وحياة عاشتها بينهم هناك لا يعلمون

ما مرت به فيها .. موت الكاسر المفاجئ ودون أن تراه ..

رحيل ذاك الرجل آخذا ابنتها معه .. موت والدها الذي رباها ثم

اكتشافها بأن تلك العائلة التي عاملتها كغريبة عنها لم تكن سوى

عائلتها الحقيقية ، من يستطيع تحمل كل ذلك ؟ بأي قلب تعيش حتى

الآن ؟ ليس يستغرب انهيارها تلك اللحظة بل أن يتأخر كل هذه الأعوام .

ابتعدت عنه ومسحت عيناها بعنف قبل أن تصرخ به

" ما الذي يبقيك واقف هنا حتى الآن ؟ اذهب وابحث عن الفتاة

قبل أن تفقد حياتها أو نفسها بسببك "

تحرك من فوره وكأنه استفاق لحظتها فقط لما حدث والذي لم

يستوعبه حتى اللحظة لكن يد رماح منعته وهو يمسك رسغه بقوة

موقفا له وقال بحزم رافعا رأسه للأعلى ومحدقا بعينه

" انتظر يا رعد ، ألم تسمع ما قاله وبأن شقيقها يريد قتلك ويبحث

عنك ؟ يمكنك البحث عنها من مكانك هنا فلا تتهور وكن تحت

الحراسة والحماية ولا تستهن بالثنانيين فهم منتشرون حولنا

دون أن نعلم ويتحولون لآكلي لحوم البشر إن تعلق الأمر

بمعتقداتهم وقوانينهم "

حدق فيه بضياع وكأن عقله توقف عن التفكير تماما درجة أن فقد

القدرة على اتخاذ أي قرار وبات الجميع يدفعه ويوقفه ! لكن ما نفع

بقائه أيضا ؟ وما يفعل مع الذي يئن وجعا وشوقا بين أضلعه الآن ؟

نقل نظراته التائهة منه للتي أمسكت برسغيهما وفكت يده منه

بالقوة قائلة بحدة

" اتركه يذهب فموته أشرف له ألف مرة من أن يحيا ويتركها تموت "

فتحرك حينها وكأنها أدارت مفتاح التشغيل في أطرافه وهو يتخيل فقط

فكرة موتها وتركه وحيدا بدون ولا أمل يعيش عليه ، فتح الباب وخرج

منه مسرعا فنظرت هي للجالس أمامها أنفاسها تتلاحق وتتصاعد بقوة

لازالت الدموع تسقي رموشها وتملأ محاجرها فقال ببعض الهدوء

محدقا بها

" غسق اهدئي و ... "

قاطعته بغضب مشيرة له بسبابتها

" وأنت متى ستتحرك يا أحمق ويتحرك ذاك الصوان الموجود وسط

أضلعك ؟ "

نظر لها بصدمة وقال

" غسق ما بك أ.... "

قاطعته صارخة مجددا

" متى ستقرر أن ترحم تلك المسكينة من جبروتك أيضا ؟ ألا يكفي

الأعوام التي ضيعتها منكما ومن عمرها ؟ متى ستشعر بها وهي

تسأل عنك طوال الوقت بلهفة بينما تكرر أنت عباراتك

البلهاء كالببغاء ؟ "

تراجع بكرسيه للخلف قليلا قائلا

" حسنا غسق اهدئي "

لوحت بيدها قائلة بغضب من حديثه معها وكأنها معلولة نفسيا

" لن أهدأ واعتبرني مجنونة إن أردت "

وتابعت رافعة سبابتها أمام وجهها بتهديد صريح

" قسما يا رماح لست شقيقتك ولن يخاطب لساني لسانك بعد اليوم

ما لم تجد حلا لوضعكما وسريعا "


نظر لها بصدمة لم تعرها أي اهتمام وهي تجتازه قائلة

" وشقيقك ذاك أيضا "

تبعها بنظراته المصدومة وهي تصعد السلالم قائلة بحنق

" لست أفهم لما يسكت القانون عنكم وعن أمثالكم ؟ يفترض أن

تسجنوا بعدد الأعوام التي تستنزفوها من أعمار النساء يا جلامدة "

وتابعت صعودها تشتم دون توقف فتنهد وتراجع بكرسيه متمتما

بضيق

" مطر شاهين ... هل سندفع ثمن أفعالك معها دائما "


*


*


*


وقفت أمام المرآة الطويلة في غرفة تبديل الملابس تدير جسدها

وتشد البدلة الضاغطة حوله بإحكام فعليها ارتدائها لوقت بعد

العمليات التي خضعت لها قبل أن تنتقل للجزء الآخر منها ،

لا تصدق أنها تخلصت من كل تلك الترهلات وإن كانت لم تخسر

الكثير من وزنها بعد فقد أجروا لها عملية ربط للمعدة من وقت

قريب وبدأت تلاحظ سرعة فقدانها لبعض الباوندات كما أن جسدها

كان بحاجة لعمليات شد الجلد التي اجريت لها بسبب مخلفات

الحميات الغدائية التي كانت تتبعها دون انتظام ولا مراقبة طبيب

أو ممارسة رياضة ، مررت كفيها على صدرها البارز قليلا من

السترة الخاصة وابتسمت بنشوة فلم تكن تتخيل أن يصبح ثدياها

مشدودان هكذا بعد الترهل المريب الذي أصابهما ! فجسدها

كمثري الشكل تتركز الدهون في الجزء السفلي منه ومع تلك

الحميات الفاشلة لم تنقص تلك الشحوم المتراكمة بشكل منتظم

بل اختفت قليلا من الجزء السفلي بينما نحف الجزء العلوي أكثر

وأصبحت بشعة من الأعلى والأسفل وتهدم ثدياها وترهلا بشكل

بشع وبعد العام الأول من زواجهما لم تلبس قميص نوم قط

بل تدهورت نفسيتها وكرهت النظر لجسدها حتى في المرآة وكانت

تصر على أن يناما في الظلام التام بينما كان يكره وقاص ذلك ،

وخلال السنة الأخير لم يعد يطلب العلاقة الجسدية معها أبدا ..

فقط إن هي تقربت منه وأرادت ذلك أما من ناحيته فباتت

والوسادة بجانبه سواء ، وهي السبب .. أجل لا تنكر بأنها السبب

في كل ذلك فهي دفعت علاقتهما للهاوية وباتت تعاقبه هو على

عيوبها النفسية قبل الجسدية تتخذ أسلوبا هجوميا مريضا كي

لا تكون هي ضحية هجومه لها فكانت تخشى أن تسمع عباراته

الساخرة من شكلها وجسدها وباتت تحاربها من قبل أن توجد بل

وتعترف بها وتتذمر منها أمامه كي لا تسمعها منه ، لم تفهم

وقاص يوما رغم أنه كان من أكثر الرجال وضوحا حتى أن لينه

ورقته وسلوكه الراقي معها كانا يشعرانها بالخوف من فقدانه ..

خوف تحول لهوس ثم لهجوم شرس ضده هو تحديدا ، يخال لها

أحيانا بأنه إن كان رجلا عصبيا حاد طباع لما كانت تصرفت معه

بذاك الأسلوب الفض ولكان علمها أن تخاف منه على الأقل ، لكن

ما ذنبها هي ؟ هي لم تختر لنفسها كل ذلك فسبق وأعلنت رفضها

له حين علمت كيف يكون ذاك الزوج من قبل أن تراه لكن أحدا لم

يعر رأيها بالا ، ثم وبعد أن أصبحت زوجته ورأته أمامها أعلنت

لعائلتها وعلنا بأن حياتها مع ذاك الرجل لن تنجح أبدا وبأنها تريد

الانفصال عنه بما أنها لم تتعلق به بعد لكن كلامها ذاك ووجه

ليس بالرفض فقط بل وبهجوم شرس ومن قبل الجميع وأولهم
والدها الصديق المقرب لضرار سلطان ومن لم يصدق أذناه حين

أخبره بأنه يريد أن يزوج حفيده الأكبر بل والمفضل من بين أحفاده

من ابنته فرموها جميعا في ذاك الجحيم وحيدة تعيش اهتزازا مريعا

في شخصيتها وثقتها في ذاتها فلم يعد الأمر يقتصر على جسد تخفيه

الملابس مثلما حين كانت فتاة بل أصبح ذاك الجسد ملك لشخص

آخر يراه كما تراه هي وهذه أكثر فكرة كانت تدمرها تماما ، فكانت

تتعذب نفسيا كلما رأته خارجا من الحمام وذاك الجسد والعضلات

المشدودة لا يلبس سوى بنطلون قصير يجفف شعره المبلل بمنشفته

الخاصة درجة أنها كرهت تلك العلاقة الحميمة بينهما وسببت له

النفور منها تدريجيا ، لكنها الآن تشعر بأنها بدأت تتحول لامرأة

أخرى وثقتها في نفسها ترتفع صعودا كلما تقدمت في هذا البرنامج

المتكامل ولن تتوقف حتى تصبح ما تريد هي وكما تمنت .

لبست ملابسها وخرجت للغرفة لحظة أن انفتح بابها ودخلت منه

شقيقتها جيهان فابتسمت لها بحبور فقالت تلك بابتسامة واسعة

تتقدم نحوها فاردة ذراعيها

" رائع ... أرى أنك بمزاج أفضل اليوم "

اقتربت منها وقبلتا خدا بعضهما وقالت جمانة بسعادة ناظرة

لعيني شقيقتها

" في كل يوم ينقص وزني أكثر ... كلما وقفت على جهاز قياس

الوزن واكتشفت بأن وزني نقص عن اليوم الذي سبقه أشعر

بالنشوة وسعادة لا توصف "

أمسكت يديها مبتسمة وقالت

" سبق وأخبرتك أن الأمر يحتاج لبعض الوقت فقط وستري النتيجة

كيف ستكون "

توجهت جهة مرآة التزيين جلست أمامها وفكت شعرها الأسود

الناعم لينسدل على كتفيها وقالت مبتسمة تمشطه بأصابعها

ونظرها على ملامحها

" الطبيب آندي أخبرني أنهم يجرون جراحات تجميلية للوجه أيضا

وتحسن من مظهر الملامح كثيرا وشرح لي الكثير عن ذلك "

نظرت لها الواقفة هناك بصدمة وقالت

" جراحة تجميلية للوجه !! "

قالت بسعادة تضم يديها لصدرها

" أجل قال بأنه يمكن أن تصبح شفتي العلوية بذات حجم السفلى

وأن أنفي سيصبح أفضل إن تم إزالة العظمه البارزة فيه قليلا

وأن حاجباي يمكن رفعهما فلا يصبحا مقوسان هكذا ... سيغيرني

ذلك تماما "

اقتربت منها التي لم تجتاز صدمتها بعد هامسة بعدم تصديق

" جمانة أتعي معنى أن تفعلي ذلك ؟ سيغضب زوجك أكثر ثم

والدي لن يوافق هذا "


التفتت لها وقالت بجدية

" أخبرتك أنتي فقط بذلك ولن يعلم أحد حتى اجري العملية فالطبيب

قال بأنه يمكن إجرائهم جميعا في مرة واحدة ، أما وقاص فهو

غاضب في جميع الأحوال وسأتفاهم معه بطريقتي فيما بعد فأنا

أعرفه قلبه طيب ولا يحقد أبدا "

حركت رأسها بيأس منها وقالت

" هل اشتريت فستانا من أجل الحفل ؟ "

وقفت وقالت

" لن أذهب .. قلت بأني لن أزور ذاك المنزل حتى أكون جمانة

التي أريدها أنا "

ثم توجهت جهة هاتفها الذي علا صوت رنينه ورفعته ونظرت

للرقم مبتسمة ثم أجابت من فورها تنظر لشقيقتها التي غادرت

الغرفة مغلقة الباب خلفها

" مرحبا جدي "

وصلها صوته الجاد فورا

" مرحبا جمانة كيف أنتي الآن ؟ "

اتسعت ابتسامتها وقالت فورا

" بأفضل حال .. كيف حالك أنت ؟ "

" بخير ... هل تحدث معك وقاص ؟ "

ماتت ابتسامتها فورا وجلست على السرير قائلة

" لا لم يتصل "

سمعت تنهيدته المتضايقة بوضوح فقالت ممررة أصابعها في شعرها

بتوتر حتى من سماع صوت هذا الرجل

" سيلين قلبه بالتأكيد ونسوي الأمور فيما بيننا فلا تتشاجر معه

بسببي جدي أرجوك "

كانت تعلم بأن تعقد علاقته مع جده بسببها لن يكون في صالحها

أبدا فيكفي ما حدث حتى الآن ، وصلها صوته الجاد مجددا

" اتصلت بوالدك من أجل حفل الغد وأردت أن أتصل بك خصيصا

لأدعوك لتكوني فيه "

عضت طرف شفتها ولم تعرف ما تقول فهي لم تتوقع أن يتصل

لدعوتها شخصيا بعدما أرسل دعوى عامة لهم واتصل بوالدها ،

حمحمت قليلا وقالت

" أشكر اهتمامك جدي لكني متعبة قليلا والطبيب طلب فترة راحة

بين العمليتين ، كنت سأكون سعيدة جدا للاحتفال مع رواح والعائلة

لو كانت الظروف أفضل "

وصلها صوته فورا

" حسنا كما تريدين ... عمت مساء "

أبعدت الهاتف عن أذنها ونظرت له باستغراب قبل أن ترميه بعيدا

متمتمة
" لم يكلف نفسه ولا عناء أن يلح عليا لأكون معهم "



*


*


*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:16 PM   المشاركة رقم: 653
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

سارت بذات خطواتها السريعة الغاضبة لم تتوقف ولم تلتفت خلفها
قط تشتم نفسها قبله كل حين ، هي الحمقاء أكان عليها أن تصدق

أنه فعلا نسي كل ما حدث وهو من طلب منها بالأمس أن تخبره

الحقيقة لينسى الأمر كلاهما وهي رفضت ؟ ليست تفهم لما يشوه

اللحظات الجميلة بينهما نهاية الأمر دائما ولما جاء إلى هنا إن

كان سيفسد الأمر هكذا ؟ ماذا كان يتوقع منها أن تقول مثلا ...

لا سأعصي والدي لأني أعرف مصلحة نفسي أكثر منه !

ثم هو غضب منها حين فعلت أمرا متهورا في السابق وخرجت

عن أوامره فلما يستاء الآن وهي تعلن الولاء والطاعة !!

لا تفهمه حقا وليست تعلم متى ستتغير فكرته السيئة عنها ؟


دخلت من بوابة المنزل الخارجية مجتازة الحرس الموجودين

هناك والسيارات السوداء الكثيرة التي لم تنتبه ولا لازدياد عددها

عن السابق وسارت على بلاط ممشى الحديقة الواسعة وكأنها

تخشى أن تحيد عنه ليست تعلم حتى كيف اتبعت مساره بدقة هكذا !

قفزت مفزوعة تضع يدها على صدرها وهمست منقطعة الأنفاس

تنظر للذي قطع طريقها فجأة

" أحمق ... لقد أفزعتني "

أمسك الواقف أمامها خصره بيديه وقال متشدقا

" ما كنت تريدين مني أن أفعل ؟ أن أناديك من بعيد

( بسم الله عليك آنسة تيما ؟ )

ثم لما عدت مبكرا هكذا ؟ كنتما لففتما العمران بأكملها يا عاشقان "

نظرت له باستهجان وقالت

" توقف عن تسريب الشائعات عنا ... أخبرتك أنه يريدني في أمر

وأنا لم أكذب أبدا "

حرك يده بسخرية قائلا

" جيد وما هو هذا الأمر ؟ "

لاذت بالصمت لبرهة قبل أن تهمس بإحباط

" لم يخبرني عنه "

انفجر ضاحكا من فوره فضربت كتفه قائلة بضيق

" قسما أنها الحقيقة "

استمر في الضحك متجاهلا نظراتها الغاضبة قبل أن تموت ضحكته

فجأة ونظر لها وقال بريبة

" والدك هنا "

نظرت له بصدمة وعدم تصديق وقد همست

" والدي !! "

أومأ برأسه بنعم وقال

" يبدوا لي ثمة أمور تحدث هنا فبعد وصولي دخلت سيارة رعد

مسرعة وبعدها بقليل رأيت غبار سيارة والدك المندفعة وكأنها

إعصار ، غادر رعد بعدها بوقت وبسرعة أضعاف التي دخل بها

أما والدك فلازال في الداخل على ما يبدوا "

شعرت أن قدماها تصلبتا من الخوف وأمسكت قلبها قائلة

" ماذا حدث ؟ ماذا بها والدتي ؟ "

تكتف وقال بضيق

" لست أعلم طبعا ولم أستطع ولا أن أقترب من المنزل وبقيت

متخف هنا بين الأشجار كالقرد كي لا تراني والدتك وأنتي لست

معي فترميني جثة أمام البوابة الخارجية "

تحركت من هناك بخطوات سريعة جهة المنزل والهواجس

تتلاعب بها ... المهم أن تكون والدتها بخير لا تريد شيئا آخر

تلك اللحظة ، أجل ورماح قد يكون ... أسرعت بخطواتها أكثر

تشعر بقلبها سيخرج من مكانه من شدة ما كانت خائفة على

الموجودين هناك فهي تعتبرهم عائلتها جميهم ولا تتخيل أن

يصيب أحدهم مكروه ، لم تكن تسمع خطوات الكاسر خلفها وليست

تعلم إن تبعها أم لا فهي كانت تسير شبه راكضة تريد الهرب من

أفكارها السوداء بالاقتراب من الحقيقة أكثر .

وقفت مكانها ما أن ظهر لها المنزل ورأت سيارة والدها المتوقفة

أمامه وهو يقف خارجها يسند ساعده ببابها المفتوح ينظر للأرض

ويمسك هاتفه بيده الأخرى يتحدث مع أحدهم ويبدوا مستاء

وغاضبا ... !

سارت نحوه فورا ما أن رفع نظره ناحيتها وقد أبعد هاتفه عن أذنه

وما أن وصلت عنده حتى قالت بنفس لاهث وقلق

" أمي ... هل هي بخير "

دس هاتفه في جيبه قائلا ببرود

" هي بخير لا تقلقي ، وهيا سنغادر من هنا "

نظرت له باستغراب وتردد فقال

" تحركي يا تيما لا وقت أمامي أم لا تريدين رؤية عمتك وجدك ؟ "

شهقت بصدمة وامتلأت عيناها الواسعة بالدموع فورا وقالت هامسة

" جدي !! "

قال وهو يجلس في كرسيه خلف المقود

" أجل فقاسم مسافر اليوم لتأمين وصوله بسرية وسيصلان غدا

فبسرعة أحضري أغراضك لأننا سنتناول الغداء في منزل عمتك

في الحميراء "

وأغلق باب السيارة ما أن أنهى كلامه وشغلها فتحركت من هناك

جهة باب المنزل ، إذا هذا هو الخبر الذي كان يريد إخبارها به

وكان يفسد الأمر في كل مرة ؟ ذاك الخبر كان سيكون رائعا بالفعل

وأفقد نفسه متعة زفه لها ذاك الأحمق متقلب المزاج ، دخلت من

باب المنزل المفتوح ووجدت رماح في بهوه يمسك هاتفه ويجلس

على كرسيه موليا ظهره لها فاقتربت من جهته وكان يحدث أحدهم

بتوتر وضيق قائلا

" لا تتهور يا رجل واترك رجال الشرطة والقوات الخاصة

يقومون بذلك ... لا نريد أن نخسرك أنت أيضا "

عقدت حاجبيها باستغراب وهي تقترب منه أكثر وقد صرخ بحدة

" رعد ... إسمع ... "

ونظر بعدها للهاتف في يده متأففا بغضب ويبدوا أنه أغلق

الخط في وجهه ، وقفت خلفه مباشرة وقالت بريبة

" ماذا يجري هنا ؟ "

دار بكرسيه ناحيتها فورا وقال بامتعاض محدقا بعينيها

الزرقاء الدامعة

" تقصدي هنا أم هناك ؟ "

نظرت له باستغراب قبل أن تهمس بحيرة وضياع

" أين هي والدتي وما به خالي رعد ! ولما والدي هنا ؟ "

حرك رأسه بعجز وقال بضيق

" رعد فقد عقله تماما ويريد أن يرمي بنفسه للموت على أيدي

أولئك البربر ... والدتك صعدت للأعلى وستكون في غرفتها بالتأكيد

ولا أنصحك بالاقتراب منها حاليا ، أما والدك فلم أعد أعلم أهو

الحل لمشاكلنا أم أنه لا يزيدها إلا تأزما وتعقيدا "

نظرت له بتيه ولم تستوعب شيئا مما قال ! أي بربر ولما سيقتلون

رعد ؟ أيعني الثنانيين ؟ لكن لما سيقتلونه ! وما علاقة والدها ولما

والدتها غاضبة ؟ تحركت من هناك ما أن عاد رماح للانشغال مع

هاتفه وصعدك السلالم مسرعة ، ما فهمته أنه ثمة أمر حدث

بخصوص تلك الفتاة الثنانية ووالدها هنا وغاضب من أجل ذلك

فرعد سبق وأخبرها أن وضع علاقته بتلك الفتاة حساس جدا بسبب

قبائلها لكن ما تعجز عن فهمه لما والدتها غاضبة ونهاها رماح

عن الاقتراب منها !

وصلت باب غرفتها ووقفت أمامه مترددة لوقت قبل أن ترفع يدها

وتطرقه فوصلها صوتها الحانق وكما توقعت

" سنتحدث فيما بعد يا تيما "

فتنهدت بأسى واستسلام وقالت بعد برهة

" أمي سأغادر مع والدي ... هو هنا وقال بأنه سيأخذني معه "

ملأت دموعها عينيها ما أن خرج لها ذاك الصوت الرقيق الغاضب "

غادري فورا وإن كان سيحرمني من رؤيتك نهائيا فأخبريه بأني

لست أهتم "

غادرت من هناك تمسح الدموع التي بدأت تسقي وجنتيها تباعا

ودخلت غرفتها ، أخذت حقيبة يد مما اشترته لها والدتها فهي قد

ملأت خزانتها بالثياب والأحذية كي لا تضطر لنقل أغراضها كلما

جاءت هنا ، وضعت فيها هاتفها وبعض الأغراض البسيطة التي قد

تحتاجها ولازلت تمسح دموعها التي ترفض التوقف ، خرجت من

الغرفة ومرت بباب غرفتها المجاور لها ووقفت أمامه قليلا قبل أن

تغادر مسرعة ودموعها لا تزداد إلا انهمارا ، نزلت السلالم ومسحت

وجنتيها بطرف كمها بقوة ما أن لمحت الكاسر ورماح وعمته

جالسين هناك ويبدوا التجهم واضحا على ملامح الكاسر الذي يبدوا

أن رماح قد أخبره بما تجهله هي ولا وقت لديها لتعلمه منه ، نظروا

لها جميعهم وقال رماح باستياء ما أن رآى عيناها الدامعة

" أخبرتك أن لا تقتربي منها الآن لأنها ستكون غاضبة ومن

الجميع لكنك أعند من والدتك "

فركضت جهة باب المنزل تمسح دموعها التي عادت للنزول مجددا

وخرجت من هناك للخارج فورا لتجد والدها في مواجهة دموعها

هذه المرة ينظر لها من داخل السيارة عاقدا حاجبيه يتكئ بساعده

على المقود فأنزلت رأسها ونزلت عتبات الباب النصف دائرية تمسح

دموعها وفتحت الباب وركبت مغلقة له خلفها فتحرك بالسيارة فورا

ودون أن يعلق بأي حرف حتى اجتازا أسوار وبوابة ذاك المنزل

لتنطلق تلك السيارات السوداء المعتمة ورائهما مباشرة وقد

غادروا أسوار تلك المدينة المسيجة فورا ولا شيء يرتفع على

صوت هذير تلك السيارة داخلها سوى صوت شهقاتها التي كانت

تحاول كتمها بصعوبة وقد تشقق جفناها من كثرة ما كانت تمسح

دموعها كي لا تنزل تحاول منع نفسها من البكاء لكنها لم تستطع

وكلما حاولت فعل ذلك أكثر كلما ازداد وضعها سوءا .

" اتصلي بها "

نظرت له بصدمة من عبارته الجادة الآمرة تلك وكان ينظر للطريق

أمامه وقد أعاد بحزم
" اتصلي بها يا تيما "

تدحرجت دمعتها على وجنتها المحتقنة بشدة وهمست ببحة بكاء

" أبي أرجوك أ.... "

قاطعها قائلا بحدة

" قلت اتصلي بها "

أخرجت هاتفها من حقيبتها منصاعة دموعها تتقاطر فوقها وهي

تبحث عن الهاتف فيها ، لهذا كانت لا تريد أن تبكي لأنها تعلم بأنه

سيغضب لكنها لم تستطع والأمر كان فوق احتمالها وخارجا عن

إرادتها ، أخرجت الهاتف ما أن وجدته واتصلت بها لكنها لم تجب

حتى انقطع الاتصال وما أن رفعت نظرها له لتخبره بأنها لا تجيب

وجدت يده أمامها وقد قال بحزم

" أعطني الهاتف "

مدته له مكرهة لأنها لا تريد إغضابه أكثر لما كانت أعطته إياه

فهي تعلم ما ستكون نتائج كل هذا ، أخذه منها وبدأ يكرر الاتصال

بها المرة بعد الأخرى دون يأس أو توقف حتى انفتح الخط فأغمضت

عينيها لا شعوريا حين صرخ بغضب

" أهذا ما تفلحين فيه دائما إبكاء ابنتك التي لا علاقة لها بشيء ؟ "

كانت تنظر له باكية تمسك فمها بيدها تلعن نفسها لأنها السبب في كل

هذا وها هما سيتشاجرا بسببها ، لم تكن تسمع حديث من في الطرف

الآخر بسبب شهقاتها الباكية لكنها تعلم بأنها غاضبة أيضا ولن يزداد

الوضع إلا سوءا ، أمسكت بكم قميصه المثني جهة ذراعه حين صرخ

فيها مجددا ونظره على الطريق أمامه

" نوبات جنونك ابتعدي بها عن ابنتك ولا تحمليها نتائج أفعال غيرها

يا قدوة النساء في مملكتك ... ولعلك تقتنعي فقط بأنك لا تستحقين

الأبناء "

شدت كمه حتى انتبه لها فهمست باكية تنظر لعيناه الغاضبتان

" أبي أرجوك لا تتشاجرا أكثر بسببي .. حلفتك بالله "

أبعد الهاتف عن أذنه ممسكا المقود بيده تلك أيضا وهو فيها

وصرخ ناظرا لها ودون أن يقطع الاتصال

" اتركيها تعلم أي أم فاشلة تكون وهي تحملك مسئولية كل ما تعجز

عن إيجاد حل له أو الاعتراف بفشلها فيه "

أمسكت بذراعه بكلتا يديها هذه المرة وقالت ببكاء

" أبي أرجوك ... أنا لست غاضبة منها وهي لم تتحدث معي عن

شيء مما حدث أقسم لك "

تنفس حينها بغضب وقطع الاتصال هامسا من بين أسانه

" لا تتستري عليها يا تيما فأنا أعرفها أكثر منك لا تتوقف أبدا

عن تحميل غيرها نتائج فشلها المستمر "

مد لها بعدها بهاتفها وقد عاد بنظره للطريق تنفسه يخرج كالإعصار

من شده غضبه بينما نظرت هي جهة نافذتها تمسح دموعها التي

ترفض التوقف تشعر بقلبها يتفتت بألم وهي تراهما يصلان لطريق

مسدود تماما وجميع آمالها تلك تطير أدراج الرياح .


*


*


*


تمسكت بجذع الشجرة تتنفس بقوة ولم يعد يمكنها الركض

ولا لخطوة أخرى بعد فهي ركضت ما لم تتخيل في حياتها

أن تركضه واجتازت مسافة ليست بقليلة أبدا لم تجلس فيها

للراحة سوى لدقائق معدودة فلم تصدق نفسها حين وجدت أن

المكان الذي وصلته حيث توقف ذاك الجواد عن الركض والحركة

كان عبارة عن منحدر متوسط الارتفاع والمكان تحته عبارة عن

مساحات شاسعة من الأشجار العالية الكثيفة تحدها سلسلة جبال

بعيدة فنزلت منه دون تفكير ولا تراجع .. نصف المسافة اجتازتها

راكضة باندفاع نحو الأسفل والنصف الآخر متدحرجة لسقوطها

بسبب سرعتها التي لم تستطع التحكم بها بسبب الجاذبية الأرضية ،

ورغم الخدوش والكدمات في ذراعيها وساقيها إلا أنها وقفت

وتابعت الركض بين الأشجار التي وفرت لها حماية كبيرة ولم

تعد تركض مكشوفة في الفراغ واثقة من أن تلك السيارات لن

تستطيع نزول ذاك المنحدر خلفها وسيكون عليهم الالتفاف حول

المكان بأكمله ولن تستطيع سياراتهم تلك السير في كل مكان في

تلك الغابة الواسعة والفرصة أمامها مواتية لتبتعد أكثر ، وغاب

عنها تماما أن ذاك المنحدر لم يكن سوى الحدود الخارجية لمدنها

وأبعد نقطة يستطيع الثنانيين الوصول لها مكشوفي الهوية مثلما

أن باقي أبناء تلك البلاد لا يجتازون تلك الحدود أبدا .


اتكأت بظهرها على الجذع الضخم لتلك الشجرة ورفعت رأسها

عاليا تنظر للسماء الزرقاء من بين قمم الأشجار العالية تتلقف

أنفاسها بتسارع وصدرها الملطخ بالأتربة والدماء بسبب كل تلك

الخدوش يرتفع ويهبط بشدة ، أغمضت عيناها العسلية الواسعة

ببطء ترعي سمعها لكل شيء حولها كي تعلم إن كان ثمة سيارة

قريبة أو تلتقط أي أصوات غريبة لكن لا شيء سوى أصوات

الطيور وحفيف أوراق الأشجار مع الريح فبدأت أنفاسها تتباطئ

تدريجيا تشعر براحة غامرة وإن كانت مدججة بالخوف والتوجس ،

نزلت بجسدها على الجذع الخشن برفق وجلست تحضن ركبتيها

بذراعيها ودست وجهها فيهم تشعر بجسدها بأكمله يؤلمها كما

أنها تركت الماء والطعام في السرج فلم يكن بوسعها أن تركض

بحمل أكثر من جسدها ولكانت فقدتهم في جميع الأحوال وقت

سقوطها وهي تنزل للأسفل ، رفعت رأسها للأعلى واتكأت به

على الجذع خلفها تنظر للفراغ بحزن وضياع ، لا تريد أن تندم

على ما أقدمت على فعله فهي إن بقيت هناك لكانت زوجة لذاك

الرجل من ساعات ولضاع حلمها الذي عاشت من أجله ولفقدت

أملها في أن تجتمع بحبيبها ذاك وللأبد ، تعلم بأنها تصرفت بتهور

وهو أول من سيغضب منها إن علم بما فعلته لكنها ترفض أن

تضحي بقلبها من أجل أي أحد ولا البلاد بأكملها فسيعيش الجميع

سعداء لن يهتموا أبدا بمن دفنت قلبها ومشاعرها وعاشت تعيسة

للأبد فلن تكون ضحية لقوانين الثنانيين السخيفة ولا أفكارهم

المتحجرة تلك ، مسحت الدموع التي انسابت على خديها وأغمضت

عينيها برفق فظهرت أمامها فورا صورة الشاب التي احتفضت بها

في ذاكرتها وأعماقها طيلة تلك الأعوام تعيش وتغذي روحها عليها

لتستمر في الحياة ، انزلقت دمعة جديدة من عينيها المغمضتان

وهمست بحزن

" أين أنت يا رعد فأنا أحتاجك وبشدة ؟ "

قبل أن يسيطر عليها النوم ودون شعور منها من شدة التعب والإعياء .


*


*


*


وقف أمام باب المنزل الخشبي ذو اللون البني الداكن تفاصيله

محفورة بعناية شديدة وتصميمه يأ خذ شكل قوس علوي ليكمل

الشكل الكلاسيكي للواجهة يتوسط حائط حجري قد علق عليه

مصباحان ، نظر لساعته والتي كانت تشير للسادسة مساء قبل

أن يرفعه مجددا بباب ذاك المنزل القابع في أحد أهم شوارع

فولنهام إحدى ضواحي ومدن لندن الداخلية ، أكثر ما يخشاه

أن لا يجد الشخص المدون اسمه في تلك الورقة في هذا المنزل

وسيكون عليه حينها أن يلجأ للبحث الموسع في كامل انجلترا

وسيأخذ منه ذلك أشهرا قبل أن يجده وسيرجع لنقطة الصفر مجددا ،

مرر أصابعه في شعره متنهدا بعمق ثم وضع اصبعه على جرس

الباب وقرعه برفق مرتين منفصلتين وقصيرتين وما هي إلا لحظات

وانفتح الباب كاشفا عن رجل في منتصف الخمسين من عمره تقريبا ،

نظر له بتمعن وشعر بالارتياح لملامحه العربية فهذا هو هدفه

بالتأكيد ولم يبقى له إلا أن يتأكد من الاسم ، مد يده له وقال مبتسما

" الدكتور مختار هاشم بالتأكيد "

نظر ليده لبرهة قبل أن يمد يده ويصافحه قائلا

" وصلت ... لكن المعذرة .. من أنت ؟ "

شد على يده قائلا

" وقاص سلطان ضرار نائب مدعي عام محكمة
( أولد بيلي الجنائية " )

نظر له مفكرا لوقت قبل أن يقول

" أنت حفيد ضرار سلطان ضرار ؟ "

سحب يده وقال مبتسما

" أجل ... هل تعرفه ؟ "

فتح له الباب وأشار له بيده ليدخل قائلا

" سمعت عنه كثيرا ، ولست أعتقد أنه ثمة عربي في بريطانيا

لا يعرفه ... تفضل بالدخول "

دخل للداخل وألقى نظرة أولا على المكان حوله ، كان راق ومميز

بالفعل رغم صغر مساحة ذاك المنزل نسبيا ... الأرضية الخشبية

اللامعة والجدران البيضاء الناصعة والأثاث الكلاسيكي البسيط

والمميز .. المطبخ فرنسي الطراز والمفتوح على بهو المنزل

واللوحات والمنحوتات الخزفية السريالية الموزعة في الأرجاء

لتعبر عن النزعة الفكرية والميول النفسية لصاحب ذاك المكان

فهذا الفن يحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى

ترجمة من الجمهور المتذوق كي يفهم مغزاها حسب خبراته

الماضية لتظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة فهو يعتمد

على التعبير بالأشكال والألوان عن الأفكار ألا شعورية والإيمان

بالقدرة الهائلة للأحلام ، وقد استخدم هذا الفن حتى في

العلاجات النفسية خاصة خلال الحرب العالمية الأولى .

انتبه من شروده في ذاك التناغم حتى في ترتيب تلك الكنوز

الفنية للذي أشار له لصالون الجلوس قائلا

" هل تشرب القهوة ؟ "

توجه حيث أشار وجلس قائلا

" شكرا لك أود فقط أن نتحدث في أمر مهم وأغادر فالمسافة

من هنا لبريستول بعيدة بعض الشيء "

جلس في الكرسي المقابل له وقال مبتسما

" إذا بما يمكنني أن أخدم سيادة نائب المدعي العام ؟ "

أخرج الصورة من جيبه ومدها له قائلا

" آنجي جاكس أو زيزفون ، هذه الحالة كنت أنت المسئول

الوحيد والمباشر عنها "

وتجنب اخباره باسمها كاملا فهو متأكد من أنه يعرف فقط اسمها

الأول وأنها عربية بسبب طبيعة حالتها لكن اسم عائلتها فمستبعد

جدا أن يكون يعرفه خاصة مع الحماية والسرية التي كان يحيطها

بها ذاك الرجل مجهول الهوية ، نظر الجالس أمامه للصورة التي

أخذها منه قبل أن يعيدها له قائلا

" من أخبرك عن مكاني ؟ "

أخذ منه الصورة وأعادها لجيبه قائلا

" لا يمكنني حقا إخبارك "

وقف حينها وغادر من هناك قائلا

" انتظرني قليلا "

وغاب لبعض الوقت وليس يعلم لأين ولما ؟ وبدأ بالنظر لساعته

كل حين وقد تلاعبت به الهواجس بأن يكون لاذ بالفرار كي لا يجده ،

وما أن فكر بالوقوف والبحث عنه حتى سمع خطواته تقترب من

خلفه ووقف أمامه ومد له بمغلف ورقي أبيض اللون وقال

" في هذا يوجد الملف الخاص بها كاملا "

وقف وأخذه منه ينظر له باستغراب فقد كان مغلقا بإحكام ، رفع

نظره به وقال

" كانت مجرد أسئلة أريد أجوبة عنها فما سأفعله بملفها الطبي

إن لم يكن فيه ما أبحث عنه ؟ "

قال الواقف أمامه فورا

" ستجد فيه كل ما أستطيع تقديمه لك في كلا الحالتين ولا أخفيك

حديثا بأني أنا نفسي لست أعلم ما يحوي تحديدا "

نظر له بصدمة وقال

" لست تعلم !! بماذا إذ ... "

قاطعه قائلا

" لن تفكر أبدا في أن تستدرج طبيبا لكشف أسرار مرضاه ،

تلك الفتاة حالة أشرفت عليها بنفسي بطلب وتوصيات شديدة

من شخص أنا نفسي لست أعلم من يكون "

مرر أصابعه في شعر قفا عنقه متنهدا بضيق ينظر للفراغ بشرود ..

ليس يفهم حتى متى سيظهر له شبح ذاك الرجل ومن يكون هذا

الذي لا يعرفه أحد ! قطع الواقف أمامه أفكاره قائلا

" وما كنت لأسلم هذا المغلف لأي شخص رغم أني كنت أجهل

هوية من كان عليا تسليمه له "

رفع نظراته المصدومة به وقد تابع من فوره

" كان عليا فقط تسليمه للشخص الذي سيستطيع الوصول لمكاني

رغم السرية التامة لتلك المصحة النفسية وشرط أن يكون

محاميا وأرى تلك الشروط توفرت فيك جميعها فلم يطرق باب

منزلي شخص يسأل عنها قبلك وطيلة الأعوام الماضية "

كان ينظر له بحيرة وضياع أصابع يده تشتد على ذاك المغلف

ولم يعد يمكنه استيعاب كل ما يقول !!

قال مبتسما من نظراته له

" وأصبح بإمكاني التحرر من هذا المنزل أخيرا والعودة لموطني

وعائلتي فلست تتصور كم تأخرت في قدومك هذا "


قال باستغراب

" تسافر من هنا ! لكن ماذا إن احتجت لمعرفة شيء ليس موجودا

فيه ؟ أو اكتشفت بأنه مجرد أوراق بيضاء ؟ "


رفع كتفيه قائلا

" أخبرتك بأنه لا شيء سأنفعك به فحتى ورقة تقريري الجنائي

ضمن أوراقه "

نظر له بعدم استيعاب قبل أن ينقل نظراته منه لذاك المغلف في

يده فما يعني بالتقرير الجنائي ... جريمة !! ها هي رائحة

الجريمة تفوح مجددا .

تحرك جهة باب المنزل في صمت تام يشعر بأنه يحمل في يده

سرا سيعجز عن استيعابه واحتوائه لكنه يحتاج فعلا أن يكتشفه

قبل أن يفقد عقله بسبب التفكير فيه ، ما أن وصل باب المنزل

حتى أوقفه الذي قال من خلفه

" رجاء يا سيد وقاص إن لم يكن بإمكانك مساعدة تلك الفتاة فلا

تفتحه أبدا لأنك قد تكون السبب في عودتها لحالتها السابقة تلك

ولن يخرجها منها أحد بعدها أبدا ولا أشهر أطباء العالم النفسيين "



*


*


*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:20 PM   المشاركة رقم: 654
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

عقدت الخيط وعادت لخياطة القميص وقالت ونظرها عليه
" ما أسرع ما افتقدت الطفلين ! المنزل كئيب من دونهما "

تنهدت الجالسة أمامها بضجر واتكأت بخدها على راحة يدها

متمتمة بضيق

" لا أفهم ما يحبانه في والد حتى أصوات لعبهما وصراخهما

لم يكن يحبها "

قالت الجالسة أمامها بضيق مماثل

" والدهما ويحبانه بالتأكيد فها أنتي أيضا تصرخين بهما طوال

الوقت وتضربينهما إن أخطئا ويحبانك ؟ ثم إن كانا لا يحبانه

حقا ما كانا متلهفان لرؤيته وما ذهبا معه الآن "

استوت في جلستها وقالت بحنق

" لم يفكر يوما في مصلحتهما بل في نفسه فقط .. تزوج على أمل

إنجاب أبناء غيرهم ليرميهم نهائيا ، إن أنجبت زوجته ستري

كلامي هذا بأم عينك "

حركت رأسها بيأس منها تنظر للقميص الذي تخيطه وقالت

" لو كان كذلك ما كان ليطلب أن يكونا لديكما نفس المدة ولكان

طالب بالتنازل عن نفقتهما ليطلقك وهو يعلم بأن عمير مستعد

للتكفل التام بهما دون أن يدفع قرشا واحدا لكنه رفض وخصص

لهما راتبا شهريا وعمير من اختار تركه لهما للمستقبل "

وتابعت وقد رفعت نطهرها لها ترمقها بضيق

" ولن نتحدث طبعا عن الذي كان مستعدا للتضحية بهما "

نفضت يديها قائلة بضيق

" أمي لا تخطئي فهم ما أقول فأنا أيضا كان من حقي أن أعيش

حياتي وهو من تزوج وأراد سجني بتهديدي بأخذهم مني فلا

يبقى لنا ولا يتركني أتحرر منه وأرى نصيبا غيره "

وضعت والدتها القميص من يدها بعنف قائلة

" وما معنى هذا سوى أنك تفكرين بأنانية أيضا وليست مصلحة

أبنائك ما تعنيك ؟ "

قالت باستنكار

" أمي !! "

قالت بضيق متجاهلة لها

" وما معنى كلامك ذاك سوى أنك على استعداد لتركهم إن واتتك

فرصة زواج برجل يرفض وجودهم لديه "


قالت بضيق مماثل

" أمي أنا قلت بأنه من حقي أن أعيش حياتي مثله فأنا لازلت

صغيرة ... هذا ليس يعني بأني سأرمي أبنائي "

رفعت قميص حفيدها تنهي خياطة أزراره قائلة بحنق

" هذا حين لا تكونين ابنتي التي أعرفها جيدا ومنذ كانت طفلة "

زمت شفتيها بضيق وكتفت ذراعيها لصدرها مشيحة بوجهها جانبا ،

هذا ما يخطط له ذاك الرجل أن يبقيها مربية لأبنائه سواء كانت

زوجة له أو طلقها وهذا هو تفكير الرجال الأنانين مثله ، من حقها

أن تفكر في نفسها أيضا وقبل كل شيء كما فعل هو .

سرق نظرها سريعا الذي نزل السلالم بخطوات واسعة يلبس سترته

باستعجال يتحدث عبر سماعة في أذنه قائلا

" نريد أي معلومات عنها .. مكان الجواد الذي تركته خلفها بالتحديد

وصورة لها أو مواصفاتها بدقة وماذا كانت تلبس وسنبدأ بتحريك

جميع القوات والخلايا النائمة وسنجدها سريعا بالتأكيد إلا إن ... "

وغادر مغلقا الباب خلفه لينقطع حديثه عنهم ، غادر مسرعا دون

حتى أن ينظر ناحيتهما رغم أن مكان جلوسهما واضح له تماما ..

بل غادر ونظراتها اليائسة تتبعه بحسرة ...كم تغير ناحيتها ؟

أهذا هو عمير الذي كان ينظر لها بحب وشغف يظهر واضحا

في عينيه كلما كانت أمامه ! الذي كان يزعجها لتغضب ثم يعود

ويراضيها فورا ! من كان على استعداد لجلب كل ما تطلبه وتتمناه

كي لا يظلمها في حياتها معه ؟ لن تسامح نفسها أبدا على غبائها

حين رفضت انتظاره وتزوجت من غيره ليعلمها ذاك الزوج أن

الرجال ليسوا جميعهم متشابهون وليسوا جميعهم عمير .

" هل صعدت للطابق العلوي أو لغرفته ؟ "


نقلت نظراتها التي علقت في مكان خروجه للجالسة أمامها ونظرت

لها بصدمة وهمست بتوتر

" لغر ... لغرفته !! "

نظرت لعينيها وقالت من فورها

" أجل "

شعرت بالدماء جفت في عروقها وفقدت حتى القدرة على النطق ،

هل فعلها عمير وأخبر والدتها ؟ لا لا مستحيل إن كان عمير الذي

تعرفه فلن يفعلها أبدا ، إذا من أين علمت ؟ قالت بصعوبة

" مممن قال هذا ؟ "

نظرت لها بشك وقالت

" لا أحد أنا سألت فقط "

قالت بإنكار

" لا قطعا ... فإن صعدت للأعلى لرأيتني فنحن لا نفترق أبدا ،

ثم ما مناسبة هذا السؤال أمي ؟ "

وقفت وقالت ترفع القميص وعلبة عدة الخياطة

" عمير قال بأن لا نتعب أنفسنا بتنظيف غرفته أو أخذ ثيابه منها "

وتابعت مغادرة على نظراتها المصدومة

" فإن كنت فعلتها سابقا فلا تكرريها "

وغادرت جهة السلالم قاصدة ممر غرفهم الموجود خلفه ونظراتها

المصدومة تتبعها ليس بسبب ما قالت فقط بل وبسبب ما قال هو .




*


*


*

جمعت حاجياتها بسرعة واستعجال في حقيبة يدها وخرجت مسرعة

لتدركه ووقفت أمام المصعد تضغط زره بتكرار ليفتح فلن تسمح له

بفعلها هذه المرة أيضا يكفيه صباحا غادر وتركها تركب سيارة الأجرة

وحين اتصلت به قال وبكل برود ( محطة الباصات أمامك ، ولعلمك

فقط أي تغيب عن العمل سيخصم من راتبك (

وما الذي تركه في راتبها يخصمه وزاد عليه المواصلات ! لا هكذا

لن تجد ما تأكله باقي الشهر ، صعدت المصعد ما أن فتح لها ونزلت

للطابق الأول فورا وما أن انفتح الباب خرجت مسرعة تنظر للذان

يقفان عند طاولة الاستقبال وهدفها كان واحد منهما غير أنه تحرك

فجأة جهة باب الشركة فتبعته مسرعة لولا أوقفها فجأة الذي كان يقف

معه حين وقف أمامها تماما ولم يكن سوى آرمان الذي نظر لها مبتسما

بسخرية قبل أن تتوجه باربرا ناحيته تفتش في حقيبة يدها قائلة "

وجدته أخيرا ... يمكننا المغادرة الآن "

فابتسم رافعا ذراعه لها وقد تمسكت بها مبتسمة بسعادة وقال ناظرا
لعينيها المحدقة به ببرود

" شكرا على المصادفة التي جمعتنا بسببك "

رمت شعرها المموج للخلف وقالت بسخرية مغادرة و مجتازة لهما

" جيد ... فعلى الأقل سأعرف أين أجدك مستقبلا حين يطلب مني

مديرك البحث عنك "

وغادرت من باب الشركة الزجاجي الواسع قدماها تضربان الأرض

بغضب حتى وصلت موقف السيارات المخصص به وركضت مسرعة

تضرب بحقيبتها مؤخرة سيارته المغادرة أمامها صارخة

" توقف "

كانت تتوقع بأنه سيغادر ويتركها لكنه فاجأها بأن تراجع بالسيارة

للوراء حتى وقف أمامها وأنزل زجاج نافذته وقال

" نعم ... ما المشكلة ؟ "

أمسكت خصرها بيدها الحرة وقالت بضيق

" ليس ثمة مشكلة سوى أنه يكفيك نصف الراتب الذي خصمته

مني لتزيد عليه ثمن المواصلات "

اتكأ بساعده على إطار النافذة وقال ببرود

" تلك مشكلتك لوحدك .. أنتي من تجلبين كل ذلك لنفسك "

ضربت بقدمها الأرض قائلة بغضب

" كان يكفيني خصم الراتب كعقاب بل وإرسالي اليوم وبدوام كامل

لطابق التسويق فذاك وحده يساوي الموت البطيء "

تنفس بقوة وقال بجمود
" إذا ... ؟ "

نظرت له بعبوس مقربة حاجبيها البنيان الرقيقان ، هي لم تفعلها

سابقا ولم تكن تتخيل أن تضطر يوما للاعتراف بخطأ ارتكبته لتفكر

أساسا في الاعتذار عنه ، لكنها لن تستحمل هذا الوضع أكثر ..

لا يمكنها استحمال يوم آخر في ذاك القسم أو أن تركض خلف الباص

في المحطات كل يوم ذهابا وإيابا فسيارات الأجرة كلفتها مرتفعة ،

بل وأن لا تأكل سوى ساندوتشات البيض والجبن شهرا كاملا ،

قوست شفتيها وقالت وإن مكرهة

" أنا آسفة ولن يتكرر ذلك "

أغلق حينها نافذته وتحرك بالسيارة تنظر له بصدمة تشعر وكأنه

صدمها بها وداسها بعجلاتها .. بل لو كان فعلها لكان أهون مما فعله ،

لكنه فاجأها بأن دار بالسيارة حولها ووقف بها أمامها من الجانب

الآخر ففتحت الباب وجلست في الكرسي وأغلقته خلفها وتحرك

بالسيارة فورا وما أن اجتازا الشارع الرئيسي قالت بضيق

" لم يكن ذاك الفاشل يستحق أن اعاقب من أجله كل هذا العقاب "

قال الجالس بجانبها وببرود نظره على الطريق أمامه

" ليس من أجله بل من أجلك "

نظرت له بدهشة سرعان ما ضربها في الجدار حين تابع

" كي تتعلمي درسا في التفكير في العواقب قبل فعل أي شيء "

عبست ملامحها وتمتمت بضيق

" شكرا على المحاضرة التربوية "

لف بالمقود يمينا ونظر للساعة في معصمه ولم يعلق فلم يزدها

ذلك سوى اشتعالا ، لا تفهم هذا الرجل كيف يفكر تحديدا ؟ أحيانا

تراه بارودا ساخنا أبسط شرارة صغيرة تفجره محرقا كل شيء

وبعض الأحيان كثلة من جليد لن يكفيها عاما كاملا تحت الشمس

لتنصهر ! وما أن اقتربا من الحي الذي يعيشون فيه قالت ما لا

يمكنها الحديث عنه إلا هنا كي لا تستمع لمواعظه طوال الطريق

" وماذا بشأن الراتب فلن يكفي نصفه أبدا "

وقف بالسيارة أمام المبنى السكني وقال ببرود

" غيرك يعيشون بأقل من نصفه ، فلا تنسي بأنه يوازي رواتب
مديري الأقسام في الشركة "

فتحت باب السيارة ونزلت منها قائلة بضيق

" مسجل في بنود عقدك العقيم ذاك طبعا وإلا لما كنت أعطيتني

ولا ربعه "

وضربت باب السيارة بغضب فانطلق بها من فوره مغادرا من هناك .



*

*


*


طرقت الباب وفتحته وأدخلت رأسها منه ونظرت للجالسة

متربعة على سريرها والكتب ومذكراتها منتشرة حولها ترفع

شعرها بعشوائية تمسكه بمشبك فضي وفي يدها قلم حبر تكتب

في ورقة ما قبل أن ترفع نظرها بها فقالت مبتسمة

" ماذا تفعلين ؟ سؤال سخيف أليس كذلك ؟ "

وضحكت وهي تدخل مغلقة الباب خلفها ونظرها على التي

ابتسمت قائلة

" بل كنت أحتاج بالفعل لمن يقاطعني قليلا "

اقتربت منها وقفزت على السرير وجلست مقابلة لها وقالت بأسى

ناظرة لرموشها التي لازالت آثار بعض الدموع واضحة عليها

" ماريه اقسم أنه لا يستحق دمعة واحدة من عينيك الجميلتين "

نزلت بنظرها للأوراق في حجرها وعادت لتدوين الأرقام في الجدول

فيها هامسة بحزن

" بدأت أعتاد وسأتأقلم سريعا "

أخرجت ساندرين أحد الكتب من تحت ركبتها لجلوسها على طرفه

ورمته بعيدا عنها قائلة

" بربك مارية ستتأقلمين مع فكرة مهمته الكاذبة تلك أم مع وجودها

في حياته ؟ "

رفعت نظرها لها وقالت بغصة وقد ملأت الدموع عينيها

" بل مع فكرة أنه لم يعد له وجود في عالمي "

وتابعت ببرود وقد عادت بنظرها لأوراقها مجددا

" ساندي لنتوقف عن الحديث في كل هذا أرجوك "

سحبت الأوراق من يديها ووضعتهم جانبا قائلة

" إذا أخبريني ماذا ستلبسين من أجل حفل الغد ؟ "

ضمت يديها في حجرها ونزلت بنظرها لهما هامسة

" لن أذهب "

تنهدت ساندرين وقالت من فورها

" إن كان بسبب المدعو تيم فلا تخافي فهو لن يكون هناك

بالتأكيد ففوق أنه لم يحضر حفلاتهم سابقا لن يدخل مكانا يجتمعون

فيه أفراد عائلته جميعهم "

رفعت نظرها لها وقالت

" ليس لأجل ذلك بل لا أريد الذهاب بدونك فأنا لا أعرف أحدا هناك "

تمتمت الجالسة أمامها بعبوس

" ومن أخبرك بأني لن أذهب "

نظرت لها بصدمة هامسة

" ستذهبين حقا ! "

نفضت يديها قائلة بضيق

" وهل ترك لي والدي أي خيار ؟ كدت أتشاجر معه منذ قليل لولا

تدخلت والدتي وفي صفه طبعا .. قال ماذا ؟

( لن أسمح لك بأن تخجلينا معهم وهم يدعوننا جميعا وبالإسم ثم

نذهب بدونك )

اقسم أن ذاك الدبور وراء ذلك ويخطط لأمر ما لكنه جنا على نفسه

وأنا من ستنتقم منه "

حركت رأسها بحيرة وقالت

" وما سبب كل هذا العداء بينكما ؟ "

تأففت قائلة

" أكرهه وهو السبب .. هو من كان يسخر مني باستمرار منذ

كنت طفلة وحاله لم يتغير ولا بعد أن أصبح عجوزا .. زير النساء

القذر ذاك "

ابتسمت الجالسة أمامها وقالت متشهدة على نفسها ترفع يديها

أمام وجهها

" قد يكون في الأمر إعجاب ما ومن الطرفين أيضا "

وكما توقعت تماما كانت ردة فعل الجالسة أمامها أن قفزت ناحيتها

وسقطتا كليهما للخلف تحاول خنقها شاتمة بينما لم تستطع هي

التنفس من الضحك لحظة أن انفتح باب الغرفة فجلستا كليهما

ولازالت ساندرين ترمقها بنظرات حانقة متوعدة بينما كانت هي

ترتب شعرها مبتسمة وتمسح دموعها التي نزلت من كثرة الضحك

والصراخ مستنجدة فقالت الواقفة عند الباب مكتفة ذراعيها لصدرها

تنظر لابنتها تحديدا

" لا تدرسين ولا تتركين غيرك يدرس ؟ "

لوحت ساندرين بيدها أمام وجهها قائلة بتملق

" لا تبحثي لي عن الحجج فقط لأن زوجك الحبيب غاضب مني "

حركت رأسها بيأس منها ثم نظرت للجالسة معها على السرير قائلة
" ماريه ثمة زائر يريد رؤيتك "

نظرتا لبعضهما باستغراب قبل أن تنظر ساندرين لوالدتها تمسك

خصرها بيديها قائلة

" إن كان المدعو تيم فأخبريه بأنها ماتت "

نظرت لها بضيق وقالت

" أنا أتحدث معها وليس معك يا أم لسانين ، ثم زوجها ما كان

ليطلب من أحد جلبها له "

وتابعت مغادرة من هناك

" هذا والده يريد رؤيتك فلا تتأخري فهو ينتظرك في

غرفة الضيوف "



*


*


*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:24 PM   المشاركة رقم: 655
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

غضنت جبينها عاقدة حاجبيها بقوة قبل أن تفتح عينيها فجأة
وشهقت بصدمة وهي تنظر للواقفين فوقها بذعر حتى أنها لم تستطع

الوقوف بسبب سلاح الرشاش الذي كان يوجه أحدهم فوهته لرأسها

وشعرت بذعر لم تعرفه في حياتها وهي تنظر لوجوه أولئك الرجال

المخيفين المتحلقين حولها بلباس جيش ينظرون لها وكأنها وجبة

دسمة سقطت عليهم من السماء ، لا تعلم كيف تغلب عليها النعاس

ونامت دون أن تعلم وكم من الوقت قضته لا تعلم عما حولها شيئا

ويبدوا بأنه وقت طويل جدا حتى أن الشمس قد ارتفعت لكبد السماء

أي أن الوقت تعدى الظهيرة ، سندت نفسها بيديها على الأرض تنظر

لهم بخوف هامسة بخفوت بكل ما تحفظه من آيات تحصن نفسها

بثقتها في الله وحده وحدقتاها العسلية الدامعة محدقة بهم فوقها

بهلع وقد قال الذي نزل بفوهة سلاحه من جبينها لخدها المغطى

بالخدوش نزولا لذقنها ووشم العروس فيه قائلا بابتسامة ساخرة

" لا يبدوا أنها عربية "

قبل أن ينزل بنظراته لفستانها الذي لم يفقد معالمه الحقيقية وإن كان

ملطخا بالأثربة وصاح بضحكة

" ثنانية يا رجال "

فضحكوا جميعهم مما زاد ذعرها وارتجاف جسدها النحيل وكاد يغمى

عليها ودموعها بدأت بالانهمار من الصدمة حين قال أحدهم بضحكة

" أتصدقون .. ؟ ثنانية في أراضي صنوان !! "


*


*


*

وصل بريستول في وقت أطول مما توقع بكثير ففوق المسافة من

لندن حتى هنا علق في زحام أول المساء وهو يغادر فولنهام عائدا

فلم يصل المنزل حتى كانت الساعة العاشرة ، ركن سيارته قرب

سيارة رواح كالعادة رغم طريقته الفوضوية في ركن تلك البورش

السوداء .. لا يعلم السبب لكنه يشعر بأنه نوع من التقارب الروحي
بينهما فهو يفضل أن يخرج صباحا ويجدها بجانب سيارته هكذا ،

هو ورواح كانا منذ الصغر شخصيتان متناقضتان تماما فهو يراه

شخص مستهتر بعض الأحيان بينما رأي رواح فيه أن حياته رتيبة

ومملة وأنه يعطي للأمور قدرا أكبر من حجمها لكن ذلك لم يؤثر في

علاقتهما الأخوية أبدا فكانا يتفقان في أغلب الأمور مهما اختلفت

شخصياتهما ووجهات النظر حولها كما أن والدة رواح كانت السبب

الرئيسي في كل ذلك فهي كانت بمثابة الأم بالنسبة له ولم تعامل ابنها

بتميز عنه في أي شيء بل كانت تقف في صفه ضده أغلب الأحيان .

أغلق باب السيارة بعدما أنزل معه المغلف الذي كان رفيقا له طوال

ذاك الطريق الطويل لم يفتح حتى نوافذ السيارة خشية أن يفعلها
الهواء ويحمله معه بل أنه لم ينزل ولا ليتناول العشاء يخشى من

إنزاله معه ومن تركه في السيارة فعليه أن يعلم ما بداخله ..

هذا هو أهم ما سيكون عليه فعله حاليا .

صعد عتبات المنزل بخطوات واسعة وفتح الباب ودخل وكان في

استقباله الصمت والهدوء التام كالعادة فلا أطفال يتحركون فيه ولا

أشخاص تربطهم علاقات قوية قد يجلسون وسط بهوه يتبادلون

الأحاديث والضحكات فزوجات والده كل واحدة تنفر من الأخرى وإن

لم تكن كذلك فهي تتجنبها تجنبا لأي مشاكل ستتفاقم بسرعة البرق ،

رواح بعد أن أصبح يعمل في شركة الطيران الجديدة أصبح وجوده

يتقلص تدريجيا ، ضرار انضم لمدرسة داخلية تاركا مكانه الفارغ

أساسا شاغرا ووالده يبدوا رحلته أطول مما يتوقع ، أما العضو

الأخير والجديد في العائلة فهي تفضل مقابلة الجدران على أن تبقى

برفقة أحدهم وإن لدقائق معدودة ، فتحول المنزل لشبه خال من

ساكنيه لا ترى أحدا منهم إلا مصادفة وهو يبحث عن الآخر .

توجه جهة السلالم فورا ليوقفه صوت من لم يكن ضمن تلك

اللآئحة بأكملها وهو ... جده ، وقف والتفت له وهو يقترب ناحيته

قائلا بجدية

" ماذا حدث في موضوع شقيقك ؟ "

عقد حاجبيه قائلا بتفكير

" من منهم تعني ؟ "


وقف أمامه وقال بامتعاض

" نجيب أعني طبعا أم أنك نسيت تماما ما طلبته منك ؟ "

أشاح بوجهه متنهدا بعمق ليلفت حينها انتباهه التي وقفت عند

بداية الممر الشرقي تمسك شعرها الأشقر الطويل في جديلة جهة

كتفها الأيمن تلبس بيجامة نوم حريرية بيضاء بأكمام طويلة تنظر

لعينيه بصمت وهدوء مريب فهو بات يخشى هذه المرأة وفي جميع

حالاتها خاصة أنها يبدوا استمعت لحديثهما من بدايته ، كانت تمسك

دفتر الرسم في يدها ويبدوا بأنها كانت في تلك الغرفة التي ترفض

الخروج لسواها حتى في الليل ، انتزع نظراته من عينيها ونظر

للواقف أمامه ولا مناص من قول الحقيقة له رغم أنه تجنب ذكرها

طوال الفترة الماضية يتهرب حتى من الحديث عن أي موضوع

قد يؤدي للسؤال عنه ، قال ببرود

" في سوانزي من فترة "

انفتحت عينا الواقف أمامه على اتساعها ليس من الصدمة بل

بسبب الغضب المتفجر منهما فهو يدرك جيدا ما تكون تلك المدينة

ولما سيلجأ لمثيلاتها وهي من شهدت أكبر عدد من جرائم المخدرات

مؤخرا ، كما ويعلم بأن الواقف أمامه يدرك ذلك جيدا بحكم عمله في

مكتب المدعي العام وقبل ذلك لكونه محام يعلم جيدا ما تكون مدن

الجرائم في تلك البلاد ، شد قبضته على العصا في يده وقال بحدة

" من برايتون سابقا أصبحنا في سوانزي الآن ؟ يتنقل في مدن

الجرائم وكأنه زعيمهم !

أهذا رده على مواجهتي له بعيوبه وأخطائه ؟ "


أغمض وقاص عينيه لبرهة متنهدا بعمق قبل أن ينظر له مجددا قائلا

" جدي لست أرى أن معاقبته في كل مرة حلا له ، أنت لن .... "

قاطعته التي نزلت السلالم قائلة بغضب

" لو تبتعد أنت عن حياة ابني فسيكون بأفضل حال "

نقل نظراته الحانقة لها بينما استدار الواقف أمامه بنصف جسده

ما أن سمع صوتها وقد وصلت للأسفل ليصبحوا ليس ثلاثتهم فقط

في مواجهة بعضهم بل والتي كانت واقفة خلف ظهره تماما قبل

أن يستدير ، تابعت تلك حديثها مشيرة بسبابتها للواقف يمينا

" أنت السبب يا وقاص في أي أمر سيفعله ابني ، بسببك فقد ثقته

في الجميع لأنهم جميعا بسببك كان يراهم لا يثقون به "

تبدلت ملامحه للضيق وقال

" أجل فأنا شقيقه الأكبر منه وقدوته وجدني منحرفا منحلا قبله

وهو يقلدني "

شدت قبضتاها بجانبي جسدها وقالت بحدة

" بل أنت وجميعكم السبب "

وتابعت تنظر للذي كان ينظر لها بقسوة تنذر بإنفجاره الوشيك فيها

" وأنت أيضا يا عمي كنت تهمل المشاكل الصغيرة وحين عظمت

رميتموها عليه جميعها وكأنه ليس حفيدك مثل البقية ، لم تتركه

يدرس ما يريد ولا يعمل حيث وكيف يريد ، كانت أرائه مهمشة

دائما وقراراته مرفوضة دون سماع ومن الجميع حتى أشعرته

بالدونية وبأنه أقل حتى من شقيقاه الأصغر منه "

وتابعت وقد أشارت بحركة من رأسها جهة الواقفة هناك

" ونهاية الأمر زوجته بخرساء مجنونة وتعاملونه على أنه هو

المجنون وليس هي "

لم يعلق الواقف أمامها بحرف على ما قالت فلم يزدها ذاك إلا

اشتعالا فأشارت بإصبعها ناحيتها قائلة بغضب

" وطرد هو من المنزل بينما فرض علينا معاملة هذه المعلولة

الناقصة أفضل مما عومل هو طوال حياته "

كان جواب ضرار الصمت التام رغم أن نظراته لها لم تفقد قسوتها

وحدتها بينما تجنب وقاص أيضا التحدث محدقا بالتي كانت تنظر لها

بجمود ينتظر وبكل فضول ما الذي ستفعله فهو انتظر هذه المواجهة

طويلا فعليها أن تعلمهم جميعا بأنها أقوى من أن يسخروا من قدرتها

على الدفاع عن نفسها كما عرفها هو سابقا وجيدا أيضا ، ولم يتأخر

ما كان ينتظره طويلا وقد اقتربت الواقفة هناك بضع خطوات لتصبح

في مواجهتها وحركت رأسها بغرور ما كان ليليق بسواها حين قالت

" لما لا تتوقفي عن محاولة إلصاق فشلك في تربية ابنك المنحل

أخلاقيا بغيرك ؟ "

نظرت لها بصدمة لم تجاهد لإخفائها أبدا قبل أن تنقل نظراتها تلك

له وهو يكتف يديه لصدره ينظر لها ببرود ثم لجده الذي لازال على

صمته وجموده قبل أن تعود بنظرها لها وقد همست بعدم تصديق

" لا وكنت تدعين الخرس أيضا ! ما الذي تخفينه بعد يا كاذبة ؟ "

قالت من فورها وبسخرية

" هه .. الجنون والمرض وأن ابنك ضربني ... وماذا بعد ؟ آه أجل

نسيت ومدمنة على المخدرات والشرب وشاذة أيضا وأبحث عمن

أجعله شماعة لأفعالي "

صرخت فيها فورا ملوحة بيدها بانفعال

" ومن وجدت غيره يرضى بواحدة مثلك يا خائنة، يا حفيدة الخائنة "

كانت تلك العبارة ما أشعلت التي لم تنتظر أي ردة فعل من غيرها

وتلك الزرقة في عينيها تتحول لسحب رمادية داكنة من شدة

الغضب وقد رمت ذاك الدفتر الذي تمسكه بطول يدها ليضرب

مباشرة وجه التي لم تستطع تداركه لصدمتها وصرخت فيها بغضب

" فكري فقط بالتحدث عن جدتي بسوء مجددا وقسما أن اسجن

فيك هذه المرة "

نقل وقاص نظراته المصدومة من زوجة والده لها ليس بسبب

ما حدث وما قالت بل بسبب عبارتها تلك

( اسجن فيك هذه المرة ... اسجن فيك هذه المرة (


ضغط قبضته على ذاك المغلف لا شعوريا ونظراته المصدومة

لم تفارقها ... أي ثمة مرة سابقة ولم تسجن فيها !! كان يشعر

بالدماء تتدفق في شرايينه بقوة آلمته وكأنها ستنفجر في أي لحظة

حتى أن أطرافه عجزت عن الحركة وهو يفكر في أمر واحد فقط

( هي المدان في تلك الجريمة لا محالة ! )

كسر كل ذاك الصمت المشحون الصوت الغاضب للتي تقف بداية

السلالم تلمس أنفها بأطراف أصابعها بعدما كانت الصدمة الأقوى

من الطرف الصلب في ذاك الدفتر من نصيبه

" وأنكري أنك تخونين زوجك مع من يفتر... "

" أسماااااء "

كانت تلك الصرخة ممن انتظر وقاص أن يحسم هو الأمر تحديدا

ويتحدث ويحدد موقفه مع من سيكون لما كان ليسكت أبدا لتلك

المرأة ومنذ البداية ، أشاحت زيزفون بوجهها بعيدا على الفور

بينما صرخت تلك مبعدة يدها عن أنفها لتنكشف الكدمة الحمراء فيه

" تسكتني أنا وتراها أمامك تتطاول على زوجة عمها ووالدة زوجها

بل وتمد يدها عليها ؟ "

صرخ فيها مجددا مشيرا بعصاه ناحيتها

" أصمتا كلتيكما أو أنا من سيعرف كيف يسكتكما حالا "

رمته بنظرة حانقة قبل أن تصعد قائلة بغضب

" معك حق تقف في صفها فهي حفيدتك في كل الأحوال وأنا

الغريبة عنكم "

واختفت في الأعلى مخلفة صمتا مبهما لم يكسره سوى خطوات

التي تحركت مجتازة لهما وتوجهت جهة ممر غرفتها ليتبعها ذاك

الصوت الغاضب الآمر

" زيزفون توقفي "

لكنها لم تعره أي اهتمام وكأنها لا تسمعه وتابعت طريقها دون

أن تتوقف لحظة حتى اختفت عنهما فتحرك خلفها لتوقفه اليد التي

أمسكت بذراعه وامتد ذاك الساعد أمام صدره العريض فنظر فورا

وبغضب لعيني الذي قال بجدية

" أرجوك جدي ... أنت لن تحل المشكلة هكذا ، ثم زوجة والدي

هي من بدأ بل وتحدثت بالسوء عن جدتها وأنت أكثر من يعلم

ببراءة تلك المرأة "

أبعد يده عنه بقوة وتحرك في الاتجاه الآخر جهة السلالم أيضا ودون

أن يعلق بحرف فتنهد بضيق ممررا أصابعه في شعره قبل أن يتوجه

للدفتر المرمي أرضا ورفعه ودون أن يقاوم فضوله أبدا لفتحه يبحث

عن آخر ما رسمت ليجد ما شل أطرافه تماما ... كانت رسمة واحدة

جديدة ولنفس الذئب لكن هذه المرة الوضعية مختلفة تماما ، شعر

بجسده يتعرق وأطرافه تتصلب وهو ينظر للذي رسمته معه في

الورقة وكان .. أسد .. بتفاصيل دقيقة وكأنه صورة حقيقية أمامه

ينقض على عنق ذاك الحيوان الذي لم يستطع مقاومة قوته التي

فاقته بأضعاف فاتحا فمه وأنيابه بارزة من صرخة الموت التي

كانت تخرج حتى من عينيه .

رفع نظره من تلك الورقة ونظر جهة الممر الذي غادرت منه قبل

قليل .. يعجز عن فهم ما كان يجول في رأسها حين رسمت هذا ؟

بل ويعجز عن فهمها في جميع حالاتها !

من يكون الذي رمزت له بالأسد ... ؟

بل ومن ذاك الذئب الذي تحول في رسوماتها من مفترس لفريسة ؟!

نظر للمغلف في يده وتذكر فورا ما قاله ذاك الطبيب

( إن لم يكن بإمكانك مساعدة تلك الفتاة فلا تفتحه أبدا لأنك قد تكون

السبب في عودتها لحالتها السابقة تلك ولن يخرجها منها أحد بعدها

أبدا ولا أشهر أطباء العالم النفسيين )

شد قبضته عليه بقوة ثم صعد عتبات السلالم بخطوات واسعة

لا يمكنه أن ينتظر ولا دقيقة أخرى ليكتشف ما يخبئه بداخله .

وصل جناحه ودخل غرفة مكتبه هناك من فوره وأغلق بابها خلفه

بالمفتاح بعدما رمى بهواتفه خارجها فلا يريد أن يقاطعه شيء

ولا أحد عن معرفة كل ما يحويه من أوراق ، رمى بدفترها على

الطاولة لم يهتم ولا لانزلاقه مفتوحا على الأرض وجلس على الكرسي

الجلدي وفتح ذاك المغلف فورا يشعر بأن تلك الثواني التي تفصله عن

معرفة الحقيقة تمزقه كتمزيقه لطرفه برفق كي لا يخسر شيئا مما

يوجد فيه ، فتحه أخيرا وأخرج مجموعة الأوراق بداخله وبدأ يقلبها

بسرعة وصدمة فلم يكن يحتاج للكثير ليفهم ما تكون تلك ...

محاضر أقسام شرطة .. أرقام قضايا معلقة .. شهادات إدانة

وشهود و....

رماهم من فوره وأمسك رأسه ينظر بصدمة وضياع للطاولة التي

يتكئ عليها بمرفقيه وشعر حينها بمعنى الانهيار الحقيقي للرجال ...

هذه ليست تقارير طبية ولا جنائية ... إنه ملف قضايا يحمل اسمها

في كل ورقة فيه ....

( مقتل السيدة زهراء علي شعبان محترقة في منزلها )

( ومقتل زوجها السيد صفوان حسن العبار طعنا بحربة صيد )

جريمتان في ذات المكان وفي ذات الليلة والمتهم بذلك وبالأدلة

القاطعة ....

(زيزفون إسحاق ضرار السلطان)

أمسك صدغيه بقوة يشعر بأنهما سينفجران ووقعت نظراته الضائعة

المصدومة على دفترها المرمي أرضا مفتوحا تحديدا على رسمة ذاك

الشاب الذي لم تختلف ملامحه عن ضرار سلطان سوى في لون العينين

الفاتح ومن لم يكن سوى لغزا من ألغازها التي تكاد ترسله بها للجنون



*


*


*


رفع نظره وحدقتيه الزرقاء المستديرة من على العلب التي كان

يصفها في الصندوق الكرتوني أمامه وانتقل تركيزه وانتباهه لما

يجري هناك والواقف فوق الجالسين على المجلس الأرضي الواسع

والذي دخل للتو يرمي بجريدة ما أمام الجالسين هناك قائلا

" ابن شاهين نفى جميع شكوكك مجددا يا شعيب وها قد أرسلتني

كل تلك المسافة عبثا "

كانت تلك اليد المجعدة والتي رن حول معصمها ثلاث أساور من

الذهب يحفها كم الفستان المطرز والواسع هي من سبقت لتلك

الجريدة ورفعتها تحدق عيناها السوداء التي لم تستطع تلك التجاعيد

إخفاء اتساعها وحدتها ممعنة النظر بتلك الصورة وملامح

الموجود فيها قبل أن تمدها للجالس على يمينها قائلة

" اقرأ يا عيسى "

أخذها منها فورا ونظر للخبر أولا قبل أن يرفع نظره بالجالس في

الطرف الآخر والمقابل له يحدق به بصمت يلف عمامة بيضاء حول

رأسه كعادته التي عرفوها عنه لأعوام طويلة مبرزة ملامحه الجنوبية

الحادة ، ورغم بلوغه الستين من عمره إلا أن ذاك الشعر الذي لامس

كتفيه ينزل ناعما ومموجا من أطراف عمامته لازال يحمل من السواد

الكثير كحال باقي أبناء تلك القبائل التي لم يحمل أفرادها لقب الحالك

عبثا ، ابتسم بسخرية أمام نظرته الجامدة تلك ورماها جهته قائلا

" إقرأها أنت يا شعيب لتسمعها والدتك منك تحديدا "

امتدت أصابعه السمراء الطويلة التي لوحتها الشمس وأقست

بشرتها تلك الطبيعة الزراعية الخشنة لتك الجريدة ورفعها بعدما

رماه بنظرة متوعدة فهو يعلم بأنه لم يقصد بذلك سوى إيصال رسالة

واضحة لهم بأن الجالسة بينهما ليست تثق بأحد غيره ، انتقلت حدقتاه

السوداء في أسطر تلك المقالة وخطوط ملامحه البدوية لا تزداد إلا حدة

قبل أن يرميها حيث كانت ونظره عليها فقالت التي ضربت بعكازها

الأرض

" ماذا هناك ؟ لما لا يتحدث أحدكم بما يوجد في هذه الخرقة "

قال من أحضرها تحديدا والواقف مكتفا ذراعيه لصدره

" فيها أن ابن شاهين يعترف وأمام الصحافة والإعلام بأنه ترك

ابنة شراع قبل أربعة عشرة عاما من أجل امرأة أخرى "

رفعت نظراتها المصدومة به قبل أن تنزل بها للجالس على يسارها

نظراته القاسية لازالت جامدة على تلك الصورة وقالت باستغراب

" إذا ظنونك لم تكن في محلها يا شعيب ! "

لم يعلق بكلمة لازال نظره على صاحب تلك النظرات القوية الواثقة

في الصورة وكأنه يبادله إياها ويراه أمامه فعلا بينما قال الجالس

مقابلا له

" إذا ما شاع عن أنها ما تزال زوجته إما أنه غير حقيقي أو أنه

حدث حديثا "

عقب الواقف خلفه مباشرة

" إن انتزعت منها ملكية العمران وإدارة تلك الجمعية وهذا

ما سننتظر إعلانه في الصحف القادمة فستكون شكوك مجرد

أوهام يا شعيب ولن تكون ابنة دجى الحالك أبدا وليس من داع

لأن نفتش عن الحقيقة في أفراد ومدن قبائل غزير وستنتهي

مهمتي عند ذلك "

قال نوح متشدقا كعادته ونظره على المقابل له يفرقع أصابعه

بإبهام ذات اليد ونظره لم يفارق تلك الجريدة والصورة

" بالطبع ستنتهي كما انتهت سابقتها قبل خمسة عشر عاما حين

تزوجها وما أن كنا سنصل لسلالة دجى الحالك العريقة حتى ضرب

ذاك الرجل وجوهنا في الجدار وهو يسافر بابنته تاركا إياها

مطلقة وراءه بعدما رماها لوالدها شراع "

عاد الجالس بعيدا عنهم لما كان يفعله ما أن رمقته تلك العينان

التي حفت حاجباها غرة تكاد تغطيها من كثافتها وطولها قد صبغت

بالحناء والكتم وكأنها ليست لذاك الوجه الذي تجاوزت صاحبته

الثمانين من عمرها وقد قالت بأمر

" ظننتك أوصلته للمخزن ولست جالسا هنا حتى الآن ؟ "

وضع آخر علبتين فيه ورفعه مغادرا من هناك من فوره وفي صمته

المعتاد ووقف ما أن اجتاز الباب الخشبي لتلك الصالة الواسعة لازال

يصله صوت الموجودين في الداخل ونوح تحديدا

" أمي عليك أن لا تثقي في ذاك الفتى كثيرا ، صحيح أنه أخرس

لكنه يسمع جيدا وأراه لا يفارقك تقريبا "

علا صوتها الرقيق المرتفع فورا

" الفتى تربى بيننا منذ كان صغيرا وأنا لا أعتبره إلا فردا من

عائلة غيلوان فيكفيه أنه يتيم ووحيد "

قال نوح مجددا

" هه .. ثمة فرق كبير بين كلمة يتيم ولقيط ، وفي جميع الأحوال

علينا أن لا نثق به كثيرا "

قالت من فورها

" من برأيك سنجد لخدمتنا جميعا ؟ النساء ممنوعات هنا وفتية

لن ترضوا بأحد من الجنوب وهو يعمل دون مقابل منذ صغره "

قال عيسى ببرود

" يكفيه المأوى والمأكل والملبس "

قاطع شعيب حديثهم ذاك قائلا

" ذاك الفتى ليس موضوعنا الأساسي الآن فاتركونا فيما نحن فيه

وما كتب في هذه الجريدة "

قال نوح

" ما كتب فيها كتب في جميع الصحف غيرها والخبر لا يحتاج لتأكيد

وقد أعادنا ذاك الرجل لنقطة الصفر مجددا "

وما أن انتقل حديثهم لأراضيهم ومشاكلها وضع الصندوق من يديه

على الطاولة الخشبية بجانب الباب والتي تحوي رفين لوضع

الأحذية فيها ثم نظر من حوله قبل أن يرفع طرف قميصه وأخرج

الهاتف الذي يثبته في الجزء الداخلي من حزام بنطلونه وكتب

أحرف تلك الرسالة سريعا وأرسلها وكان فيها

( نجحت الخطة )

وأعاده بالسرعة التي أخرجه بها وبالخفة التي حرك بها أصابعه

على أزراره ورفع الصندوق مجددا وما أن تحرك من مكانه حتى

أوقفه ذاك الصوت المنادي من خلفه

" إسحاق "

فالتفت من فوره للواقفة في الجانب الآخر لذاك الباب .. ذات الضفائر

السوداء التي تجاوز طولها فخذيها وعينان واسعة فاقتها سوادا

ورغم أنها أصبحت في السابعة والثلاثين من عمرها إلا أن من

يراها يضنها أصغر من ذلك بعشر سنين ، ابتسمت له بود كعادتها

وكأنها ليست شقيقة أولئك الثلاثة الموجودين في الداخل ولا ابنة تلك

العجوز وقالت

" هل تساعدني في شد حبل الساقية ؟ أخشى أن يسقط الدلو مني

مجددا وأنال من لسان والدتي ما لا أحب "

ابتسم ورفع الصندوق قليلا في إشارة بأنه سيوصله أولا فتوجهت

نحوه وقالت تساعده في حمله

" حسنا سنتشارك في هذا فهو ثقيل عليك يا إسحاق "


المخرج ~


بقلم / أمومه الحلو

آستريا....
ننادي بالبوح خواطرنا العميقة ، نبحث عن بقايا حب آثر ..
نتيه في دولخنا نسمع ضجيج تلك المشاعر..
نهرب منها
تصادمنا في في كل خاطر..
ويااه ومن لوعات الفراق وتلك المآثر
أخفي كل ذكرى في أضلعي.. أسابق أنفاسي قبل أن تغادر..
فيغدو البوح أليماً صدًاحا
يطرب شجرا مع كل غادر ..
خذني مع رحلك سيرا ، إلى حبيبٍ هزني إليه حظي العاثر..
فقط
أبوح له على أعتاب بيته أنادي
آما زلت تذكر الوعد يا رعدا وما أبرمناه عشقاً قبل ان تغادر..

رعد..

طرقت الشوق في أضلعي دهرا
ومازال يشجب صوته ألماً مع كل طارق

أحاكيه في همسي المخنوق عبثا
أما زلت تذكر يا ذاك ''حلمي الفاتن ''

تركتها خلفي ، والوعد بيني وبين وصالها وطن يقف شامخا قد غدا واحد..
طال المسير إليك يا زهرتي
ولكن قلبي بالموده لم يكن للهوى جاحد..
سيأتي يوم أن ترضِ عني
وكيف لا وثوبي وثوبك قد صار واحد..

أعاهدك الوفا دوما حبيبتي..
أخفيه نقيا عن كل طارق

وأمسح أثر ذكراك المرير عني
بقبلة تلامس قلبك المحبوب لي عن كل خاطر..

********

نهـــــــــــــــــــــــاية الفصل

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 05:25 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية