لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-11-17, 12:57 AM   المشاركة رقم: 596
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



فرك رأسه بألم بسبب ضربها له بالقلم في يدها ورفعه عن

الأوراق تحته ونظر لها وقال بضيق

" أعيديها مجددا يا ابنة مطر شاهين وسأدخل القلم في حدقتك

الزرقاء هذه "

أغمضت عينها تغطيها بأطراف أناملها ونظرت له بالعين الأخرى

فقط قائلة تمسك ضحكتها

" وما ذنب عيني تفقأها لي إن كان دماغك يرفض فهم ما أشرحه

من عشرة أيام يا كاسر يا ابن الكاسر ابن شراع "

جمع الأوراق من تحته ورماها بعيدا عنه عند منتصف الطاولة

البيضاوية المستديرة قائلا بضيق

" لم أعد أريد دروسك السخيفة تلك ... انجليزيتي ممتازة

فاحتفظي بمهاراتك لنفسك "


ضحكت وقالت تقلد صوته في نطق الكلمات

" أندوور تينك "

نظر لها بضيق وقال يقلد صوتها الرقيق

" أندور تييينك ... لما عليا أن أمط الأحرف مثلك لتكون صحيحة ؟ "

نظرت له بضيق قبل أن تحول نظرها جهة الجالس على مبعدة

منهما منشغل بجهازه المحمول أمامه وقالت

" من منا معه حق خالي رماح ؟ "


نظر لهما من فوق الجهاز أمامه وقال مبتسما

" إن واصلت تعليمه لأشهر وليس لعشرة أيام فقط فلن ينطق

الكلمات مثلك لأنك عشت هناك منذ صغرك فلا تتعبي نفسك معه "

وما أن أنهى عبارته تلك أغلق حاسوبه وحمله معه وغادر بكرسيه

الكهربائي جهة غرفته فعادت بنظرها للجالس قربها حين قرب

وجهه ناحيتها وهو يقول بتملق

" هه ... تيبد بروبلي "

مدت وجهها له أيضا وقالت بسخرية تشير لوجهه بسبابتها

" وإن يكن كتبتها صحيحة فأنت تنطقها بشكل خاطئ ...

وحتى هذه أيضا "


نظر لها باستياء وكان سيتحدث لولا قاطعه صوت هاتفها

الموضوع على الطاولة فرفعته فورا فهذا صوت رسالة وصلت

لبريدها وهي تنتظر أن تتذكرها عمتها غيسانة من نفسها برسالة

ولم تفعلها حتى الآن ، فتحت الرسالة التي وصلتها ونظرت بصدمة

لتلك الصورة وذاك الرجل الأشقر الذي كان يمسكه رجلان من

الشرطة من ذراعيه ويخرجانه من مكان يبدوا بأنه حانة أو ملهى

ليلي فشعرت بكل عصب في جسدها يرتجف بشدة وبالدموع الحارة

تملأ مقلتيها الزرقاء وهي تنظر لذاك الوجه وكأن الزمن عاد بها

تلك اللحظة لتلك الليلة والبلاد بل والملهى والموسيقى والصراخ

الذي باتت تشعر بهما يضربان أذنيها وقلبها تلك اللحظة ، ارتجفتا

يديها الممسكتان بالهاتف ونظرت للمكتوب أسفل تلك الصورة من

بين دموعها ( يبدوا عليك البحث عن حبيب آخر ... بل يبدوا أن

مكالمتك له تلك الليلة أرسلته للسجن )


ثم وفي سطر آخر أسفله بقليل ( قد يهمك أن تعلمي بأنني كنت

في مهمة في ذاك الملهى تلك الليلة وبأوامر من والدك من أجل

هذا الرجل وشريكه تحديدا لأنهم ممن يدمرون بلادك حاليا (

قلبت الهاتف على الطاولة بقوة وخبأت عينيها في كفها ولم تستطع

منع الدموع التي تقاطرت من عينيها تباعا وهي تدخل في نوبة بكاء

حادة فما به معها الآن وهو من لم يحاول الاتصال بها ولا مراسلتها

منذ تلك الليلة ؟ بل ما الذي يريده تحديدا ! وقف الجالس بجانبها

فورا وحضن كتفيها قائلا بقلق

" تيما ما بك ؟ ما هذا الذي يبكيك ؟ "


لم تجبه ولم تستطع قول شيء بسبب العبرات التي كانت تتابع

بين أضلعها وحلقها وهو يحاول التحدث معها لحظة ما انفتح باب

المنزل ودخل منه الذي أغلقه خلفه وتوجه نحوهما فورا حتى وصل

عندهما ووضع يده على كتفها قائلا بتوجس

" تيما ما بك ؟ "


وقفت وغادرت من هناك راكضة وصعدت السلالم تمسح دموعها

التي ترفض التوقف فنظر للكاسر وقال


" ما بها ! ما يبكيها هكذا ؟ "


حرك الكاسر رأسه بعدم فهم قائلا

" لا أعلم ! ثمة رسالة وصلت لهاتفها جعلتها تبكي هكذا ورفضت

أن تجيب "


نظر رعد للهاتف الذي تركته على الطاولة ثم رفعه ونظر لتلك

الصورة وما كتب تحتها قبل أن يرفع نظره بالذي قال بفضول

" ماذا فيها ؟ "


دس الهاتف في جيب سترته قائلا

" لا شيء سيء ... لم يتأذى أحد تعرفه "


وتحرك من هناك جهة السلالم من فوره تتبعه نظراته المستغربة

قائلا

" هيه رعد ما الذي أبكاها إذا ؟ "


لكن سؤاله لم يلقى أي جواب من الذي صعد يقفز العتبات

مختصرا لها وسلك الممر مسرعا حتى وصل باب غرفتها وطرقه

عدة طرقات قبل أن يفتحه ليقع نظره فورا على التي كانت تضم

ركبتيها مخبئة وجهها فيهما تبكي بصمت لا يسمع سوى صوت

نشيجها المنخفض فوقف مكانه مترددا للحظة وهو ينظر لحجابها

المرمي قربها وشعرها الأسود مثناثرا حول كتفيها وظهرها

وخصلات منه قد نزلت على ذراعيها وركبتيها ، يعلم بأن الأمر

تجاوز منه لكنه لا يراها سوى ابنة لشقيقته التي لولا اختيارها

بنفسها من أعوام طويلة أن تتحجب عنهم ما أن علمت بأنها

ليست شقيقتهم ما كانوا ليهتموا بأن تبقى مكشوفة الشعر أمامهم

وهي من تربت معهم وحملوها على أكتافهم طفلة ، أما الآن فلا خيار

أمامه سوى أن يدخل لتلك الصغيرة الباكية المنكمشة على نفسها

فعليه أن يعلم سر تلك الرسالة والرجل في الصورة خاصة بعدما

حكته له سابقا وكان مبهما وناقصا في نواحي عدة ، أغلق باب

الغرفة واقترب منها وجلس أمامها على طرف السرير وقال بهدوء

" تيما ما هذا الذي يبكيك ؟ عليك قول الأمر لي حالا "

انتظر قليلا على أمل أن تجيب لكنها لم تفعل كما لم يتوقف

بكائها ولم ترفع رأسها فأخرج هاتفها من جيبه وقال بحزم

" تيما ارفعي رأسك وتحدثي معي أو أخذت هذا الهاتف لوالدتك

حالا "

قفزت حينها مرتجفة من مكانها وأمسكت بكم سترته جهة ذراعه

وقالت ببكاء

" لا خالي رعد أرجوك كله إلا والدتي ، إن كانت مغادرتي معك

لم تسامحني عليها بسهولة فكيف بمصيبة كهذه ؟ "


رفع يده ومسح الدموع من وجنتيها قائلا

" لن تعلم شيئا إذا أخبرتني بكل ما حدث يا تيما ، من هذا الذي

في الصورة وما علاقة الأمر بالشخص الذي حدثتني عنه سابقا ؟ "


وتابع بجدية ناظرا لعينيها الزرقاء الدامعة حين لم تعلق

" تيما التكتم عن بعض الأمور قد يوصلنا لمشاكل أعظم من

مشكلتنا الأساسية "

مسحت بظهر كفها عيناها الدامعة وأنفها الصغير وهمست

ببحة بكاء تتجنب النظر لعينيه

" والحديث عنه أيضا لن يجلب حلا له بل مشاكل أكبر لي "

تنهد بصبر وقال بالكثير من التفهم

" لكن الأمر لن يصل لأحد ليتحول لمشكلة يا تيما ثقي بي ،

هل لذاك الشاب علاقة بالأمر ؟ "


أنزلت رأسها تخفي ملامحها عنه بغرتها المقصوصة هامسة ببكاء

" بل هو من أرسل هذه الرسالة "

نظر لها باستغراب قبل أن يمد يده لذقنها الصغير ورفع وجهها له

وقال ناظرا لعينيها الباكية " ألم تخبريني بأنك لم تلتقيه مجددا

ولا تعرفين شيئا عنه ! "
زمت شفتيها المرتجفة الباكية قبل أن تحررهما قائلة والدموع

تتقاطر من عينيها

" بلى لكني التقيته هنا ولا يمكنك أن تتصور من كان "

دس يده في جيبه وأخرج لها منديلا ومده لها قائلا

" هيا امسحي دموعك وتوقفي عن البكاء وأخبريني بكل شيء

من البداية وأعدك أن لا أوبخك ولا مجرد توبيخ فالأمر قد

مضى ولا يمكننا العودة للوراء لتغييره "

أخذته منه ومسحت دموعها قبل أن تنزل يديها لحجرها تضمهما

وذاك المنديل فيها وبدأت بسرد ما حدث معها منذ تلك الليلة

متجنبة ذكر هوية عمتها كما تم تحذيرها سابقا وبأن من عرفتهم

هناك لا تتحدث عنهم هنا أبدا كاحتياط حفاظا على حياة أتباع

والدها هناك خاصة أنه كان يعيش في تلك البلاد متنكرا .


ما أن انتهت من سرد حكايتها مسحت عيناها ودموعها مجددا

لحظة أن وصلها صوت الجالس أمامها قائلا بحيرة

" ابن عمة والديك !! ما أغربها من مصادفة يا تيما ! لكنه

حقا فعل شيئا يعجز اللسان عن وصفه درجة أن يضحي بحياته

لينقدك ! ماذا كان سيحدث إن لم يكن هناك ؟ "

أمسكت فمها ولازالت تنزل رأسها للأسفل وقالت ببكاء

" لست أعلم ماذا كان ليحدث حينها ؟ ليتني مت وما فعلت ما فعلته

فها أنا أجني العقاب مضاعفا "

أمسك كتفيها بيديه وقال بجدية ناظرا لملامحها التي لا يظهر منها

إلا القليل بسبب ذاك الشعر الحريري والغرة المتدرجة

" أنا أحترم عدم ذكرك لسبب فعلك كل ذلك رغم أني أخشى

عليك من التستر على تلك المرأة يا تيما ، وتوقفي عن البكاء

هيا فمخاوفك جميعها لن تتحقق أبدا "

رفعت رأسها ونظرت له وقالت باكية

" كيف وأنا أخبرتك بكل ما قال وفعل ؟ لست أعلم ما به

حظي هكذا ! "

أبعد يديه عنها وقال مبتسما بسخرية

" من تلك الناحية عليك أن تكوني مطمئنة فذاك الشاب لن يخرج

سرك من صدره أبدا "

نظرت له باستغراب ودمعتها تتدلى من رموشها الكثيفة فمسحها

بطرف إبهامه وقا مبتسما

" لو أراد إخبار والدك لفعلها سابقا بل وما كان ليمنعك من فعلها

وهو لن يتضرر بكشف الحقيقة أبدا لكنه يرى أن انكشافها هو الأمر

الذي لن يكون في صالحه "


همست بحيره

" وما الذي سيستفيد منه ؟ "

خرجت منه ضحكة صغيرة وقال

" لن يجد حينها ما يعاقبك به على آلامه بسببك ... لا يفهم الرجال

أحد مثل الرجال أنفسهم يا تيما "


حركت رأسها بعدم استيعاب فأخرج هاتفه من جيبه قائلا بابتسامة

" حسب علمي فوالدك في فزقين اليوم من أجل اجتماع منظمة النفط

وسيكون هدفنا معه فهو ظهر برفقته في جميع رحلاته السابقة داخل

البلاد وفي جميع نشرات الأخبار فسأريك دليل ما قلت الآن "


نظرت له بحيرة وترقب وهو يتصل بوالدها ثم يضع الهاتف

على أذنه وقال بعد وقت

" مرحبا يا زعيم ... يبدوا أنك في السيارة هل أنت عائد لحوران ؟ "

أشار لها بإبهامه مبتسما ومؤكدا لها بأن خطته تسير في الطريق

السليم فمسحت عيناها وأنفها ونظرت له بانتباه ترعي سمعها حتى

لصوت والدها الخارج من الهاتف منخفضا وهو يقول

" أين أنت كلما وصلت لمكان هربت أنت منه قبل وصولي ؟ ثمة

ما عليا محاسبتك عليه وعسيرا أيضا "


ضحك رعد وقال

" أخفتني يا رجل ... أشم رائحة ابنة عمك في الموضوع فلا مشاكل

ستأتيني منك إلا من رأسها ؟ ثم أنا من له حساب عسير معك فتحرك

أو دخلت مدن ثنان بنفسي وأخرجت ما يخصني من عندهم وخرجت

وتصرف أنت معهم لاحقا "

خط بعدها بطرف ظفر سبابته جهة لاقط الصوت في هاتفه

وغمز للجالسة أمامه ثم أبعد الهاتف وقال

" مطر افتح مكبر الصوت لديك هاتفي اليوم يعاني من مشكلة

ولم يعد يمكنني سماعك جيدا "

نظرت له بصدمة ولابتسامته الماكرة حين فهمت فيما يفكر ويخطط

وهو اسماع شخص ما معه في السيارة ما سيقوله ! ولها أن تتوقع

جيدا من يكون ذاك الشخص فأشارت له بسبابتها رافضة فضحك

بصمت وأمسكها لها وهمس مبعدا الهاتف

" ثقي بي يا تيما سرك لن يكتشفه أحد "

نظرت له بعبوس وهو يترك يدها قائلا لمن في الطرف الآخر وقد

أعاد الهاتف لأذنه

" أجل هكذا أفضل ... أخبرني متى سأدخل لمنزل شقيقتي ولا أجد

ابنتك فيه ؟ هل قررت تركها عندها هنا أم ماذا ؟ لن أضمن لك

أن لا يفسدا الكاسر ورماح طباعها "

" أنت من سيحاسب حينها "

ضحك فورا وقال

" وما ذنبي في ذلك أيضا ؟ ولعلمك لست مسئولا عن فكرة

حضورها حفل الجمعية مع والدتها فإن كانت تلك نفخ لي رأسي

خاطبيها فكيف بابنتها زرقاء العينين "

ضحك بصمت على شكلها المصدوم ووصلها صوت مطر قائلا

" لا تزد من رصيد مساوئك لديا يا ابن شراع "


قال مبتسما وغامزا للجالسة أمامه

" زوجني إياها إذا ... صحيح أني أكبر من والدتها لكني أصغر منك "

ولم يستطع امساك ضحكته بسبب شكل الجالسة أمامه حتى أنها

بسبب ضحكه لم تسمع ما قال والدها حتى قال رعد مبتسما

" ها هي جالسة أمامي تبتسم لي ولم تمانع أما كلمة خالي سأنسى

أنها قالتها سابقا لا مشكلة "

أمسك يدها التي مدتها لتأخذ الهاتف منه ضاحكا ثم قال

" أجل سأراه بعد ساعتين وسأكون هناك المكان ليس بعيدا

عن هنا ... وداعا "


أنهى الاتصال معه ونظر مبتسما للتي ضربت فخذها بقبضتها

قائلة باستياء

" أهذا هو ما ستجعلني أفهم به كلامك السابق ؟ أنت تورطني

أكثر وتضع حولي دائرة حمراء جديدة "

أشار بأصابعه بطريقة العد التصاعدي قائلا

" هي خمس ثوان فقط ... واحد ... اثنان ... ثلاثة ... أر.... "

وقطع عده صوت رنين الرسالة التي وصلت هاتفها مما جعل جسدها

ينتفض بشدة ورمته جهته لا شعوريا قائلة

" خذه لم أعد أريده "


ضحك كثير ورفعه وفتح الرسالة التي وصلت منه

( قد يعنيك أن تعلمي بأن صورة آخر امرأة ظهرت معه ستنزل في

جميع الصحف فتمني من الله أن لا تكوني الأخيرة )

عاد للضحك مجددا ما أن قرأها ثم مد لها الهاتف قائلا

" انظري ها هو الدليل "

أخذت الهاتف منه وقرأتها ثم رفعت عيناها التي امتلأت بالدموع

مجددا له وقد عبست ملامحها الجميلة منذرة بنوبة بكاء جديدة

فشد أنفها وقال مبتسما

" هل علمت الآن معنى أن يعاقب الرجل سبب آلام قلبه تحديدا ؟ "

تدحرجت دمعة من عينها اليمنى وهمست ببحة بكاء

" وما هذا الألم والعقاب ! لا أرى إلا أني أنا من نال كل ذلك ؟ "


مسح تلك الدمعة بسبابته عن خدها وقال مبتسما

" اتركينا من هذا الآن وما عليك فعله من الآن وصاعدا أن لا تجيبي

على رسائله مهما كتب فيها ، وكوني أكيدة من أنه هو من سيحمي

سرك وبقوة كي لا ينكشف فتجاهليه تماما ولا تظهري له خوفك من

انكشافه وابقي على موقفك السابق وستري بنفسك ما ستتجه

له الأمور "

وقف بعدها وعيناها الدامعة معلقتان به ترفع رأسها ووجها له وقد

تابع بجدية داسا يديه في جيبي بنطلونه

" لكن عليك أن تعلمي يا تيما بأنه قد يكون ثمة وقت ستحتاجين

فيه لقول الحقيقة له لأن التستر على تلك المرأة وكانت من

تكون قد يكون ثمنه قاس جدا وأنتي من سيدفعه لباقي عمرك

فتلك المرأة لم تفكر فيك بل بنفسها فقط فإن احتاج الأمر يوما

لأن تكوني أنانية مثلها فافعليها وأنقذي نفسك وإن كنت ستزجينها

في السجن وليس توريطها في غضب والدك منها فقط "


وغادر ما أن أنهى حديثه مغلقا الباب خلفه تراقبه نظراتها الحزينة

العابسة تشعر بأنه رماها في متاهة ألغاز كبيرة وغادر ، وما هي إلا

لحظات وانفتح باب الغرفة بقوة ودخل منه الكاسر وسحبها من يدها

قائلا

" تعالي يا بكاءة لتختاري معي ما سألبسه في حفل الغد "


*
*
*

مررت قلم الحبر على شفتها تنظر بضيق لصفحات الكتاب التي

باتت جميعها متشابهة فهذه هي المشكلة التي تواجهها دائما إن

تعقدت أمامها مسألة لا تفهم شيئا بعدها أبدا ورغم أنها تدرس في

هذه الجامعة مند حوالي الأسبوعين وقد التحقت بدورة تقوية

مسائية من عشرة أيام وتحسنت أمور دراستها كثيرا خاصة

بمساعدة صديقات كين إلا أنها لازالت تقع في مثل هذه المعوقات ،

بقي أمامها أسبوع واحد وتنتهي دورة التقوية ولن تجد بعدها

من قد يفيدها في كل هذه المسائل ويساعدها فيها ، أغلقت الكتاب

ووضعته على الحقيبة في حجرها وأمسكت بالآخر تجلس في ساحة

الجامعة وهو مكانها المفضل والذي تختاره حتى عن المكتبة الضخمة

العالمية الموجودة فيها فهي تفضل استعارة الكتب والجلوس هنا

فوق بساط الأرض الأخضر وسط الهواء النقي وحيث ثمة تجمعات

كثيرة ومتفرقة للطلاب لكن الهدوء كان السمة الغالبة على المكان

لاتساعه وتباعد الموجودين فيه ، لم تبني صداقات عميقة مع الطلبة

هناك رغم أنها كانت تندمج بسهولة مع المجموعات في كتابة التقارير

والبحوث الأسبوعية لكنها لم تشكل صداقة مع أي منهم ... كانت

ترفض مرافقة الشبان وبكل أدب بينما الفتيات لاحظت أنهن لا يبدين

أي استعداد لفعل ذلك ما لم يقدم الطرف الآخر عليه أي إن رغبت

أنت بذلك فعليك طلبه وليس نحن من يعرضه عليك وهي استساغت

ذلك فأي طالب يدخل تلك الكلية لن يفكر في شيء أكثر من دراسته

وتفوقه وأن يجتاز العام بنجاح فلا مكان للفاشلين المستهترين هناك .

ليست تعلم إن كان الجميع مثلها لكنها ترى وضعها المزدحم فوضوي

جدا فهي بالكاد تجد وقتا لتهتم بأي أمر من أمورها السابقة فما أن

تغادر من الكلية تلتحق بدورتها المسائية ولا ترجع للمنزل إلا مساء

وسيكون لديها الكثير من العمل بخصوص دراستها لتنجزه ثم تنام

ويبدأ بعد ذلك يومها من جديد ، ساندرين تدرس في كلية الطب

و تعمل في حقول منظمة الإغاثة وعضو في نادي رياضي لكنها

تراها تجد وقتا كثيرا لتتسلى وتسلي نفسها ولتخرج وتتنزه أما

هي فكانت وكأنها تهرب فعلا من وحدتها .. من أن تختلي بنفسها

ومن أن تجد وقتا لتفكر في أي شيء لم يعد .. أو لم يكن يوما لها ..

أجل لا يمكنها أن تنكر أنها تهرب دائما من التفكير فيه وفي زيارته

الأخيرة وفي حضنه وقبلاته المثيرة تلك بل وتهرب حتى من

استعادة ملامحه ورائحة جسده والشعور به ، فهو منذ زيارته

تلك لم تراه مجددا لم يتصل بها ولم يراسلها وما عادت تتوقع

ذلك منه فدراستها استقرت تقريبا ووفر لها كل ما تحتاجه كما

يرى ويعتقد ولولا رسالتها له ذاك اليوم وشجارهما وقت اتصاله

ما كان ليزورها ولا لتراه أبدا وتستبعد أن يكون لديه وقت أساسا

ليفكر فيها فهل سيجد وقتا ليقرر رؤيتها فيه ؟ وحتى إن وجد ذاك

الوقت فلن تتوقع أبدا أن يخصصه لها أو أن يرغب في ذلك من أساسه .

تأففت وأغلقت الكتاب الآخر ووضعته على السابق في حجرها فها

هي النتيجة سافرت بأفكارها له فورا وبكل سهولة بل وفي ثوان

معدودة استطاع سرقتها من كل شيء حولها .

رفعت نظراتها المتوجسة بالساقين الطويلتين أمامها والملتفتان

ببنطلون أسود أنيق حتى وصلت لذاك الرأس ذو الشعر الأسود

الذي حجب الشمس عنها فابتسمت ما أن عرفت هويته قائلة

وقد عادت بنظرها للأسفل " مرحبا كين "

انحنت تلك الساقين وجلس صاحبها أمامها وقد نزع الحقيبة

الشبابية السوداء التي التف حزامها حول صدره ووضعها بجانبه

وقال مبتسما

" رأيتك أكثر من مرة تجلسين هنا لكني كنت دائما منشغلا

بفعل شيء ما يشغلني عن الاقتراب منك ، كيف تسير أمور

دراستك هنا ؟ "

نظرت ليديها ولحركة أصابعها على الكتاب في حجرها وقالت

" جيدة ... إنها تسير بشكل جيد حتى الآن ... شكرا لما قدمته

من أجلي فصديقاتك قمن بالواجب معي حقا "


وصلها صوته المبتسم فورا

" ولما الشكر ؟ ليس سوى شيئا بسيطا جدا ، انتظرت أن

تزوري مكتبنا لطلب ما هو أكثر وأهم من ذلك لكن يبدوا بأنك

استقلالية كثيرا أو أنك لازلت تخجلين مني ماري "

رفعت رأسها له وقالت مندفعة

" ماريه "

ضحك من فوره وقال ممررا أصابعه في شعره الأسود

المصفف بعناية

" حسنا ماريه أنا فقط أناديك كما يفعل الطلبة في دفعتك

ولم أكن أعلم أنك لا تتقبلين اسم ابنة خالتي أبدا "

هربت بنظراتها منه محرجة وقالت

" آسفة لم أقصد إهانتك أو إهانتها لكني حقا افضل أن يناديني

الجميع ماريه "

شبك يديه مستندا بمرفقيه على ركبتيه يجلس متربعا أمامها

وقال مبتسما

" بإمكانك جعل الجميع يناديك به فكثر هم من يختصرون

أسمائهم في هذه البلاد أو يغيرونها لما يشابهها ، هم لا يتسمون

بالعناد في مثل هذه الأمور فما أن تبدي رغبتك في مناداتك


بطريقة ما سيبدي الجميع استعداده لفعل ذلك "

رفعت خصلات شعرها خلف أذنيها وقالت بهدوء " أنا حقا آسفة
قد أعتاد ذلك يوما ما ويصبح شيئا آخر عليا التعايش معه "

ابتسم الجالس أمامها مدققا على ملامحها الجميلة وقال

" يبدوا لي أن وضعك لا يعجبك ماريه ؟ هل ثمة مشاكل تواجهك

مع زوجك ؟ "

رفعت نظرها له وقالت فورا

" لا ... أعني الأمور تسير على ما يرام ونحن متفقان مسبقا

على وضعنا وظروف كلينا "

نظر لأصابعه حاني الرأس قليلا قبل أن يعود بنظره لها قائلا

" أجل لكني ظننت أ.... "

هربت بنظرها منه وقالت مقاطعة له وليبتعد عن الموضوع بأكمله

" كنت أرغب حقا في زيارة مكتبكم ذاك ورؤية نشاطاتكم الطلابية ،

أتمنى أن أجد وقتا لفعلها قريبا "

ابتسم الجالس أمامها وقال

" سيكون لديك الوقت الكافي إن استقطعت من وقت مغادرتك

القليل فيبدوا أنك تغادرين فور انتهاء محاظراتك هنا "

نظرت حينها للساعة في معصمها ووقفت ترفع كتبها

وحقيبتها قائلة

" أجل كاد الوقت يسرقني هنا عليا العودة للمنزل الآن "

وقف أيضا وأدار حزام حقيبته حول صدره يلبسها مجددا قائلا

بابتسامة

" كنت أرغب في وقت أطول نقضيه معا بما أنك خرجت مبكرة

لكنها لن تكون الأخيرة بالتأكيد ، يعجبني أسلوب كتابتك في

التقارير وأتمنى فعلا أن تجربي كتابة المقالات سيكون لك سيط

كبير ومميز في المجلة الطلابية وبين الجميع ، ذاك سيساعدك

حتى مع أساتذتك حين يصبح اسمك متداولا لدى الجميع "

نظرت للكتب ومذكراتها في حضنها قبل أن ترفع نظرها به مجددا

قائلة بابتسامة

" لست أعلم إن كنت سأجد الوقت الكافي أو القدرة على فعل ذلك

لكني سأحاول بالتأكيد "

ابتسم لها ابتسامة جميلة تشبه وسامة ملامحه واسترخائها

وأمسكها من مرفقها وقال سائرا بجانبها وقد أبعد يده عنها

" أنا أيضا سأغادر الآن يمكننا السير معا حتى الخارج "

وتابع مبتسما وهما يقطعان ساحة الكلية الواسعة

" أخبريني ما أخبارك وشقيقتي المجنونة تلك ؟

لابد وأن تكوني تعلمت منها الكثير عن طرق الاستمتاع بحياتك "

ابتسمت من فورها قائلة

" ليس كثيرا لكن ما رأيته يكفي لأن أكون متهورة أحيانا "

ضحك من فوره وقال وهما يجتازان مجموعة طلبة قرب

مدخل الكلية

" إذا أنتي لم تعرفيها جيدا بعد "

وبدأ يسرد عليها بعض قصص طفولتهما ونجح في إضحاكها

مسافة سيرهما خارجان قبل أن تموت تلك الابتسامة وقبل أن

تشعر بأنه أصبح يبتعد عنها وبصوته يتلاشى تدريجيا بل

ولم تعد تشعر بوجوده قربها ولا أي شيء أو شخص آخر

وهي تنظر للواقف أمامهما قرب مواقف السيارات الخاص

بالجامعة .. صاحب ذاك الطول المتناسق مع جسده المليء

بالعضلات والشعر الأسود الفاحم الكثيف تحركه النسائم الخفيفة

للخلف بسهولة رغم قصره .. النظرة الحادة القوية والوقفة

الواثقة يدس يديه في جيبي بنطلونه الجينز مبعدا بحركته تلك

طرفي سترته البنية الأنيقة للخلف ليبرز ذاك الخصر النحيل

والصدر العريض الملتف بقميص ضيق يظهر أكثر مما يخفي

من معالم ذاك الجسد المتفجر رجولة .

كانت نظراتها معلقة به وخطواتهما تقترب ناحيته ببطء بينما

كانت نظراته الحادة مركزة على شخص واحد وشيء واحد

حتى وصلا عنده ولم يكن ذاك الشخص سوى الذي لم ينتبه

لوجوده ولم يتوقف عن الحديث إلى ذاك الوقت وقد وقفا أمامه

تماما وتلك الأحداق الذهبية والنظرات الحزينة معلقة بملامحه

وبنظراته للواقف بجانبها وكأنها ليست في ذاك المكان

وليس يرى أحدا سواه هناك وقد قال كين مبتسما

" اوه تيم كيف حالك يا رجل ؟ أنرت الجامعة بل وكامبريدج بأكملها "

كان رد فعله الوحيد أن همس ببرود ونظره لم يفارقه

" شكرا "

بينما تابع كين حديثه قائلا

" كنت أبحث عن طريقة لمعرفة رقم هاتف قاسم وجيد أني

التقيتك فلابد وأ.... "

قاطعه قائلا بجمود

" لا يمكن التواصل مع أحد ممن كانوا هنا "

مرر أصابعه في شعره وقال مبتسما

" حسنا لا بأس "


نظر بعدها للواقفة بجانبه ليسرق نظراتها المعلقة بتلك

الملامح الحادة المشدودة رغم وسامتها حين قال مبتسما

" أنتظر مقالك الأول ماريه ومتأكد من أنه سيتم قبوله فورا

فقط فكري في المحاولة "

نظرت للأسفل قبل أن ترفع نظرها بالذي تحولت نظراته

لوجهها وهربت بنظرها منه أيضا وهمست ترفع خصلات من

غرتها خلف أذنها

" لا أعلم .. سأفكر في الأمر "

غادر حينها من عندهما قائلا بابتسامته ذاتها

" جيد الوقت أمامك طويل ... وداعا الآن "

وغادر من فوره مبتعدا فرفعت نظراتها بالواقف أمامها والذي كان

يلتفت برأسه تتبع نظراته من اجتازه للتو مغادرا فرطبت شفتيها

بطرف لسانها سريعا وكانت ستتحدث لكن ما أن عاد بنظره

لها طارت كل تلك الأحرف وتبخرت الكلمات ليستلم هو المهمة

وقد قال بجمود

" ماريا هل أفهم ما يعني طلبه ذاك منك ؟ "

اتسعت عيناها بصدمة وبالكاد وجدت صوتها حين همست

" هو كان ير.... "

قاطعها من فوره وبحزم

" لا تنشغلي عن دراستك بتلك النشاطات السخيفة ماريا ، طلبة

الماجستير يجدون وقتا ليضيعوه في تلك الأمور لكن أنتي لا "

زمت شفتيها قبل أن تخفض رأسها ناظرة لمذكراتها في حضنها

وهمست ببرود

" لم أكن أريد حقا إحراجه بر.... "

قاطعها فورا

" أعلم ما كنت تريدين "

رفعت نظرها له وقالت حانقة

" تيم متى ستتركني انهي مرة عبارة أقولها ؟ "

أخرج يديه من جيبي بنطلونه وشدها من يدها قائلا بضيق

" ها قد أنهيتها الآن ، تحركي لأوصلك للمنزل "

سارت خلفه بخطوات شبه راكضة حتى وصلا لسيارة جاكوار

بيضاء فاخرة وأنيقة وفتح لها الباب بجانب السائق فنظرت

حولها في المكان قبل أن تهمس

" لكن سيارتي !! "

وصلها صوته البارد وقد تحرك حولها

" أرسلتها للمنزل .. هيا اركبي لأوصلك "

نظرت له بصدمة وهو يجتازها .. أرسلها للمنزل ... !!

لما يوصلها له إذا ! بل لماذا يرسل سيارتها ثم يلحقها بها ؟

لحقته بخطتوتين سريعتين وأمسكت بذراعه ولفته جهتها قائلة

" تيم ما بك ؟ "

حدق بعينيها للحظة وبصمت قبل أن يتحرك مجددا ولف حول

السيارة وفتح الباب وركبها مغلقا إياه خلفه ونظراتها الحانقة

تتبعه ، ما يقصده بما فعله الآن ! أرسل سيارتها أي أنه لم يكن

يخطط لأخذها للمنزل لكان تركها تذهب بها بل لم يكن ليأتي

أساسا حينها ؟ أيفعل معجزة كتلك ثم يتراجع عنها الآن

ودون سبب ! حضنت كتبها ومذكراتها بذراعيها ولم تتحرك

من مكانها احتجاجا على تصرفه ذاك فوصلها صوته من داخل

السيارة وبنبرة حازمة

" ماريا تحركي أو غادرت وتركتك "

تجاهلته ولم تتحرك من مكانها فصرخ هذه المرة بحدة

" ماريا لا تجعليني أريك وجهي الآخر "

شدت أسنانها بقوة وغضب متأففة وتحركت جهة الباب المفتوح ..

حمقاء لما تهتم أساسا بما كان يريد فعله ؟ ما كان عليها أن تظهر

اهتماما بأن فكر بأخذها معه لأي مكان كان ... كان عليها أن تتجاهل

كل ذلك ولا تسأله عنه ولا مجرد سؤال لكنها مغفلة متسرعة دائما

ومن الجيد أنها لم تسأله بكل حمق أين كان سيأخذها ولن تستبعد

حينها أن يسخر منها أو أن يصدمها بجواب قاتل فليست تستبعد أبدا

أن يكون كان ينوي أخذها لطبيب لفحص نظرها أو اختبار ذكائها

لتدرس بشكل أفضل فهو لا يبدي اهتماما سوى بذلك ، ركبت

السيارة مغلقة الباب خلفها وتحرك من هناك فورا فاكتفت بالنظر

جهة النافذة مكتفة ذراعيها لصدرها ، الغبي فقط من لا يمكنه فهم

أنه قادم لأخذها لمكان ما وحدهما ولن يرجعا في وقت تكون فيه

الجامعة مفتوحة لأخذ سيارتها وهو يعلم جيدا أنها تفهم كل هذا

لذلك لن تسأله أكثر .. لن تهتم وإن ظاهريا .

انتظرت أن يتحدث وأن يقول شيئا وإن ليوضح سبب تبدل مخططه

فجأة لكنها اكتشفت سريعا أنها أكثر حمقا مما كانت تتخيل فقد وضع

السماعة في أذنه وأمضى الطريق من كامبريدج للندن وهو يخرج من

مكالمة يدخل في أخرى وهي على وضعها ذاته لم تغيره ولم تزح

نظرها عن النافذة لا تريد رؤية شيء منه ولا يديه وأصابعه

الملتفتان حول المقود يكفيها سماع صوته ورائحة عطره ...

حمقاء بالفعل تعشق جميع تفاصيله بينما يعاملها هو بتجاهل

ولا مبالاة وليست تفهم حتى الآن لما لا تكون مثله ؟ لماذا تفقد

صوابها ما أن تراه أمامها ؟

ما أن توقفت السيارة أمام باب المنزل فتحت بابها ونزلت فورا

وضربته مغلقة إياه وتوجهت للباب ودخلت دون أن تلتفت للخلف

ولا بطرف عينها ، وقفت منتصف الطريق وسمحت حينها لنفسها

بفعلها والنظر للخلف حين سمعت صوت سيارته تغادر مسرعة

وعبست ملامحها متمتمة بأسى

" لو أفهم لما أتيت ؟ كنت واصلت مسيرة اهمالك وتجاهلك لي "

تحركت مجددا وتابعت سيرها جهة باب المنزل تمسح عيناها

بظهر كفها بقوة فلن تسمح لدموعها بالنزول أبدا ، ما أن فتحت

باب المنزل حتى سحبتها تلك اليد جهة ممر غرفتها وقد قالت

صاحبتها ضاحكة

" أجمل شيء فيك أنك تصلين على الوقت تماما "

تبعتها شبه راكضة بسبب سحبها لها وقالت

" ساندي ظننتك في الجامعة ؟ "

قالت وهي تفتح باب غرفتها

" لديا محاظرة واحدة اليوم ماريه أم نسيتي ؟ "

أجل كيف نسيت أنها تدرس ثلاث مواد فقط وفي ثلاثة أيام في

الأسبوع ، دخلت خلفها ووقفت مكانها تنظر باستغراب للصندوق

المخملي مستطيل الشكل الموضوع فوق سريرها على صوت

ساندرين قائلة بحماس

" وصل منذ قليل .. إن كنت تأخرت أكثر لكنت فتحته فلم أستطع

الانتظار لمعرفة ما الموجود في داخله "

نقلت نظرها منه لها وقالت باستغراب

" من أحظره ؟ "

ضحكت من فورها وقالت

" ساعي البريد ... موظف التوصيل طبعا "

قالت بحنق

" كنت أعني من أرسله لي ؟ "

جلست على السرير وقالت تمسك غطاء العلبة

" لم أتركه يرحل دون تحقيق طبعا وقال أن شابا يدعى

تيموثي فالكون طلب إيصاله لشقته ثم طلب جلبه إلى هنا "

نظرت له بصدمة وسرعان ما امتلأت عيناها بالدموع

وقد تذكرت أول مكالمة أجراها في السيارة وقد طلب فيها

من أحدهم نقل الغرض الذي تم إيصاله لشقته لعنوان آخر

وأخبره بأنه سيرسل له العنوان حالا ! كان هذا هو ذاك

الغرض الذي تحدث عنه إذا ؟ تسارعت أنفاسها في صدرها

وازدادت سحابة الدموع في عينيها درجة أنها لم تعد ترى شيئا

وهي تستوعب كل ذلك .. كان سيأخذها لشقته ثم ... ماذا أيضا ؟

ولم يتأخر عنها الجواب كثيرا والجالسة هناك تفتح العلبة وتخرج

منها ذاك الفستان الطويل الذي دمج فيه قماش الدانتيل الفاخر

والحرير الأزرق الناعم ترفعه مندهشة أمام التي باتت تسمع

صوتها وكأنه ذرات غبار تتلاشى من حولها

" آه يا إلهي ماريه ما أجمله !! "

أخفضت رأسها للأسفل تحجب تلك الدمعة التي تدحرجت من

رموشها للأرض ... لماذا ؟ ما هذا الذي فعلته يعاملها هكذا ؟

لماذا أرسله هنا بما أنه غير مخططه بأكمله ! هل يفعل

هذا فقط ليؤذيها ؟ ليؤلمها أكثر ؟ ليعاقبها على ذنب هي لا تعلم

ما يكون ! كان أعاده للمكان الذي اشتراه منه أو أهداه لإحداهن ،

أمسكت قلبها بيدها بقوة تشعر به انقبض بشدة ما أن فكرت

فقط في ذلك وفي أن يكون ثمة من قد يهديها شيئا وإن كانت

ابتسامة من شفتيه.

" آه ماريه لو لم أغير لون شعري وأعيده كما كان لكنت استعرته

منك .. إنه قنبلة بل تحفة فنية لا أعلم من أين له كل هذا الذوق

الرفيع ؟ "


رفعت نظرها لها وهي تضعه على جسدها تقف أمام المرآة

وقالت بحزن تقاوم تساقط دموعها

" يناسبك بشعرك الأشقر أيضا ثم هو يشبه لون عيناك "

عدلته على جسدها أكثر قائلة

" لا هو ينسجم تماما مع لون شعرك وعيناك ، لن أغير لون

شعري للأسود لكني لن أبقيه أشقرا أبدا "

وتابعت بضيق تضع ذاك الفستان على السرير

" سيكون أي لون إلا ذاك اللون "

أخرجت من العلبة حذاء ذهبيا بكعب مرتفع وقالت ضاحكة

ترفعه أمامها

" كنت أفكر كيف فاته هذه المرة أن يرسل شيئا بلون عينيك ؟ "

شعرت بأن خنجرا جديدا غرس في قلبها ولم تستطع المقاومة

أكثر فتوجهت جهة حمام الغرفة على صوت من تركتها خلفها

تفتش باقي أغراض الصندوق قائلة بانبهار

" آآآه ماريه تعالي وانظري هذا خاتم زواج ! "

دخلت وأغلقت الباب خلفها واتكأت عليه بظهرها وتركت

العنان لدموعها وقبضتها تضرب الباب خلفها فلم يعد يمكنها

احتجاز ما بداخلها أكثر من ذلك .


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 25-11-17, 12:59 AM   المشاركة رقم: 597
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



أوقف الخادمة التي كانت تنوي صعود السلالم وأعطاها حقيبته قائلا

" خذيها لجناحي "

أخذتها منه فورا وصعدت مسرعة بينما غير هو اتجاه سيره لمكان

آخر ، لم يراها بعد تلك الليلة ولم يلتقيا ولا مصادفة فمنتصف

الأسبوع الماضي سافر لوالده من أجل مسائل شائكة في عملهم

هناك في جزيرة أنجلسي حيث يتم انشاء مشروعهم الجديد مع

شركة هديسون باي ولم يرجع إلا بالأمس ، كان عليه مساعدته

في معالجتها قانونيا والسفر له فهو من استلم مكان جده هناك منذ

فترة حين عاد جده لبريستول وكان على أحدهم أن يكون موجودا

هناك وليس يعلم متى سيحين دوره فلن يستبعد أن يرسلوه بديلا

عن والده وإن لفترة قصيرة خاصة أن رواح استلم الأعمال في

شركتهم في بريستول من وقت قريب يساعد جده هنا فلن يجازفوا

بالتأكيد بإرساله لاستلام مشروع كامل خاصة أنها التجربة الأولى

لهم بعيدا عن مجالهم الأساسي وهو صناعة الطائرات .

وصل باب غرفتها وطرقه عدة طرقات فلم تجب فأعاد الطرق

مجددا وبإصرار فعليه أن يتحدث معها فلن يفهم شيئا من تلقاء

نفسه ولم يعد يمكنه التوقف عن التفكير في تلك الجريمة التي لم

توضح له منها شيئا سوى بأنه عليه أن يستخدم ذكائه لفك

رموزها وخباياها وكأنها تطلب ذلك منه ... منه هو تحديد .. !!

هل لأجل هذا حررت دواخلها فرسمت وذكرت شيئا من ماضيها

ولأول مرة !! هل ستختار الخروج عن صمتها أخيرا ؟ يستبعد أن

تفعل ذلك لكنه لن يفقد الأمل وسيحاول .

كان سيغادر لولا أوقفه باب الغرفة بجانبها وقد انفتح فجأة فنظر

للتي خرجت منه وهمست له

" إنها في الداخل ولم تخرج الأيام الماضية من غرفتها ولم ترسم

مجددا ، هي تعلم بالتأكيد أنه أنت فوحدك من يطرق الباب ولا يدخل

حتى تأذن له "


تنفس بعمق واكتفى بالصمت فتابعت هامسة بحزن

" أريدك أن تساعدها حقا سيدي وأن تكون امرأة كبقية النساء

تحب الحياة وتستمتع بها وأن تنظر للمستقبل نظرة فضول لمعرفة

ما يخبئه لها ليس أن تراه والموت سوآء "

أبعد نظره عنها مشيحا بوجهه يمسك خصره بيديه وقال

" وكيف سأساعدها وهي ترفض ذلك بل ولا تريد التحدث عن

أي شيء ولا حتى رؤيتي "

قالت من فورها

" لكنها رسمت وخرجت من غرفتها تلك الفترة ، هذه أمور لم

تفعلها سابقا وكانت ترفض الخروج حتى بالإكراه "

نظر لها ولم يعلق فتابعت بأسى حزين

" لن تفقد الأمل أنت أيضا سيدي أرجوك فأنت وحدك من كنت

متيقنة بأنه الذي إن تأذت وفقد حياتها سيحزن عليها ويلوم نفسه

على فقدها دون أن نبحث عن أي حل "

نظر للأسفل وتنهد بعمق هامسا

" لن أتخلى عنها أعدك بذلك ولن نلوم أنفسنا إن فقدناها بل

سأسعى جهدي كي لا يحدث ذلك "

أومأت له موافقة بابتسامة شقت تلك الملامح الحزينة والعينان

الدامعة ، رغم خشيتها من أن تستمر زيزفون في مخططها للانتقام

من جده عن طريقه لكنها واثقة من أنه وحده من سيمنع حدوث

ذلك دون مساعدة أحد ودون أن يعلم بذلك ... هي تثق به ثقة

عمياء وتعلم أنها لم تخطئ حين منحته إياها .

راقبته نظراتها الحزينة وقد استدار مجددا وفتح الباب ببطء بعد

طرقتين خفيفتين ودخل ووجدها بالفعل هناك ومستيقظة ، وكما

قالت مربيتها يبدوا أنها ترفض أن يدخل لها وتعلم بأنه لن يفعلها ،

اقترب منها بخطوات بطيئة حيث كانت تجلس أمام نافذة غرفتها

المفتوحة تمسك هذه المرة شعرها عند نهاية عنقها بشريطة

أرجوانية اللون ولم يبقى للنسائم سوى تلك الخصلات المتمردة

على ذاك الشريط المربوط بإحكام تسند ساعدها على إطار النافذة

المرتفع لمستوى صدرها وتتكئ بذقنها عليه لا يظهر له سوى

وجنتها المرتفعة وأنفها ورموشها الطويلة بسبب شعرها المتدلي

على طرف وجهها وعنقها قبل أن يجتمع في ذاك الشريط المربوط .

" ظننتك الشخص الوحيد في هذه العائلة الذي يعرف أصول اللباقة

لكن تلك الجينات يبدوا أنها تؤثر بك أيضا ؟ "

استقبل إهانتها برحابة صدر وابتسامة صغيرة كالعادة وقال

" لا تنسي أنك تحملين ذات الجينات"

وصله صوتها الساخر فورا

" أجل لذلك سأخبرك وبكل وقاحة بأنه ليس مرحبا بك هنا "


رفع رأسه قليلا وتنفس ببطء ، لا يعلم لما يشعر بأنها غاضبة

منه بالفعل هذه المرة وترفض إظهار ذلك لكنه لا يفهم لما ومما

تحديدا ! عاد بنظره لها وقال

" لست أعلم لما تري الجميع متشابهون هنا يا زيزفون فوالدة

رواح تحبك فعلا كما أن رواح لا يرفض وجودك هنا "

أبعدت ذقنها واستوت في جلستها وقالت بذات سخريتها ودون أن

تلتفت له

" أرى جدك ليس ضمن اللآئحة ؟ تعترف إذا أني فرد غير مرغوب

به هنا ؟ ولمعلوماتك فقط أنا لست أهتم "

تنفس بضيق ودس يديه في جيبيه قائلا

" ليس هذا ما علينا التحدث عنه يا زيزفون "

وقفت على طولها والتفتت له قائلة

" بل لا شيء أبدا نتحدث عنه "


اقترب منها حتى وقف أمامها مباشرة لا تفصلهما سوى نصف

خطوة ونظر لعينيها قائلا

" بلى ثمة حديث ناقص دار بيننا قبل سفري "

ابتسمت بسخرية مشيحة بوجهها عنه وقالت

" تهتم حقا ؟ لقد صدقتك بالفعل "

مد يده ممسكا بها النافذة خلفها وممررا ذراعه بجانب وجهها

وقد اقترب وجهه منها أكثر بسبب حركته تلك وقال بحزم

" كان عليا السفر لوالدي ولم اهمل حديثنا ذاك يا زيزفون "

نظرت مجددا لوجهه القريب جدا منها وقالت بضيق

" أجل فثمة علاقة غرامية بيننا لأغضب منك لأنك سافرت

وأهملتني "

رفع رأسه للأعلى وتنفس بعمق متمتما ببرود

" لا تختبري صبري يا زيزفون فأنتي لا تعرفيه جيدا ... إنه أطول

من عمر جريمة ماضيك تلك"

ساد الصمت التام من طرفها فعاد بنظره لها مجددا ولنظرتها

المعلقة بعينيه ... تلك النظرة الخالية من أي تعبير وكم تمنى

لحظتها أن يظهر فيها شيئا مما يحدث بداخلها .. أي شيء وإن

كان الغضب والكره .. أو حتى الحزن والأسى وإن كان يستبعد

ذلك بعد السماء عن الأرض .


قال بهدوء مركزا نظره على تلك الأحداق الواسعة بلون

زرقة السماء

" زيزفون ما هي تلك الجريمة ؟ أنا أود المساعدة فعلا "

أشاحت بوجهها جانبا وابتسمت بسخرية قائلة

" إن كانت كمساعدتك للمتهم في جريمة صاحب تلك اللوحة فوفر

قدراتك لنفسك "

أمسك ذقنها وأعاد وجهها كما كان ونظرها لعينيه وقال

" تلك القضية تخص أصدقاء لي ويصعب عليا استلامها لكن

محاميه سيفعلها "

رفعت يدها وأبعدت يده وقالت ولازالت ناظرة لعينيه

" وهذه قد تلعب فيها العلاقات الشخصية دورا مشابها ... فهي

إذا ليست من اختصاصاتك "

نظر لها باستغراب قبل أن يهمس

" علاقات شخصية !! "

وضعت كفها على صدره العريض ودفعته منه مبعدة إياه وتحركت

من هناك فأمسك يدها قبل أن تجتازه وقال بجدية ناظرا لنصف وجهها

" عليك التحدث يا زيزفون فقد يكون ثمة متهم بريء خلف

قطبان السجن ومجرم طليق أو مدان لم يأخذ قصاصا عادلا ...

الصمت لن يفك خيوط تلك الجريمة يا زيزفون "

سحبت يدها منه وتحركت من هناك قائلة ببرود

" لا تتعب نفسك فقد اقيم العدل وبعيدا عن القانون الذي لا يعرف

القصاص سوى من الضعفاء والمغفلين "


رمته بذاك اللغز الجديد وتوجهت جهة باب الحمام منفذها الوحيد

للهرب من وجوده كما خمن سريعا فقال قبل أن تدخل

" ماذا عن الذي مات محترقا هل أخد حقه ؟ وماذا عن الأرنب

الذي غرست فيه مخالب قاتله وللأبد هل كان القصاص عادلا

معه أيضا ؟ "

التفتت له وهي عند الباب فشعر بقلبه انقبض بين أضلعه بقوة

وهو يرى ذاك البريق في عينيها الواسعة حين قالت بحزن

" ذاك لن يأخذ له أحد حقه ومهما حاول "

دخلت بعدها مغلقة الباب خلفها متجاهلة نداءه لها ولحاقه

بها طارقا باب الحمام بقوة قائلا بغضب

" زيزفون لا يوجد حق لا يمكن إرجاعه فافتحي الباب لنتحدث ...

افتحي الباب يا زيزفون "

ولم يكن من جدوى من كل ذلك وهو يعلم هذا جيدا فضرب الباب

بقبضته هامسا من بين أسنانه

" عليا أن أعلم إن منك أو من غيرك ولن أرتاح قبل أن أفعلها "

غادر بعدها الغرفة وأغلق الباب خلفه وما أن اجتاز نهاية الممر

وقف ونظر للتي وقفت أمامه مباشرة وقد قالت بابتسامة ساخرة

كارهة

" أرى قدماك اعتادتا هذا بالفعل ؟ "

تنفس بقوة وقال بنفاذ صبر

" لازلت أحترمك لأنك زوجة والدي ولا أريد أن أخطئ في حقك

فلا تجبريني يوما على فعلها "

رفعت يديها وصفقت بهما قبل أن تنزلهما قائلة بسخرية

" هذا بدلا من أن تبحث عن شقيقك كما كلفك جدك تمضي النهار

مع زوجته ؟ ومتفاخر جدا بنبل أخلاقك يا ابن سلطان "

شد قبضتيه وأنساه غضبه ما حذرته والدة رواح منه وقال بغضب

مكتوم

" أنتي قلتها الآن جدي كلفني بذلك لما كنت لأكلف نفسي بالبحث

عن رجل يدفن حياته بين الخمور والمخدرات لينتحر ببطء وأنا من

عليا التستر عليه طبعا "


نظرت له بصدمة قبل أن تصرخ قائلة

" كاذب ... هذا ما تريده وتخطط له لتخبر به جدك ، أنت تكره

أشقائك منذ صغرك وتريد التخلص منهم جميعا لتكون الحفيد

الأول في كل شيء "


ابتسم ابتسامة ساخرة قاتلة قائلا ببرود

" ليست مشكلتي إن كان ابنك في المؤخرة دائما ففشله لا يد لي

فيه بل أنتي السبب "


رفعت يدها جهته صارخة

" وقح أتتطاول على ... "

أسكتها إمساكه لمعصمها مانعا إياها من صفعه وقد شد أصابعه

حوله لدرجة آلمتها قائلا بحزم

" لعلمك فقط أنا لم أصل لمستوى التواقح عليك حتى الآن

ولست أنا من يترجم أفعاله بالأقوال بل العكس ولازلت أصمت

احتراما لوالدي فقط وليس لك "

أنزل بعدها يدها بعنف وتحرك من هناك مغادرا يتبعه صراخها

الغاضب

" أجل هذا ما تفلح فيه ... أصلح حياتك وزواجك الفاشل بدلا

من دس أنفك في مشاكل غيرك "


تجاهلها صاعدا السلالم وكأنها لا تتحدث عنه حامدا الله أن جعل

له أعصابا من حديد في مثل هذه المواقف ، ثم هو يعلم من التي

ستربيها جيدا على وقاحتها ولا يستبعد تلك المواجهة بينهما

وقريبا أيضا فلن يعلمها حجمها الحقيقي غيرها فالنساء دواء

للنساء بعض الأحيان كما يقولون .


*
*
*


أخذت كمية من المرهم وبدأت بوضعه على الحرق في ذراعها

برفق تنفخ عليه بشفتيها لتألمها من لمسها له ، مر أكثر من

أسبوع وحالته لا تراها تحسنت أبدا فكلما جفت تلك الطبقة

الحمراء عادت وتشققت وخرجت السوائل من تحتها وتنسلخ

مجددا كاشفة عن اللحم تحتها ولا يمكنها احتمال الشاش فوقها

حتى تجف مجددا ، كسر الله يده ويدها كل هذا فقط لأنها قالت

بأنها تعبت من كل تلك الأعمال الشاقة ذاك اليوم وقررت النوم

وترك باقي عملها للصباح فلم تتوانى تلك الحرباء عن إخبار

شقيقها والذي لم يتردد لحظة في إنزال عقابه القاسي بها ، لو

كانت بغلا لمنحت وقتا من الراحة فما يظنانها آلة أم جنية ؟

لفت الشاش حول ذراعها تمسك طرفه بأسنانها وقد ربطته

أيضا بمساعدتها وأنزلت كم فستانها فوقه لحظة أن انفتح باب

الغرفة بقوة ووقفت أمامه التي قالت باشمئزاز

" تحركي بسرعة لن ينظف المطبخ نفسه بنفسه أم تريدي ترك

أواني الغداء حتى وقت العشاء ؟ "

وقفت قائلة بضيق

" أجل لتحرقا لي ذراعي الآخر "

غادرت تلك قائلة بسخرية

" هذا ما سيحدث بالتأكيد إن فعلت فعلتك تلك مجددا ولم تحفظي

لسانك في فمك "

شدت أسنانها بغضب قائلة من بينها

" أجل فلسانك لا يراه الهواء أبدا يا شمطاء "

ولحسن حظها أنها لم تكن هناك لتسمعها فهذا ما يوقعها


في العقاب دائما أنها لا تستطيع الصمت عن ظلمهم لها فما

تراه هي حقا من حقوقها في نظرهما يكون تواقحا تستحق عليه

العقاب الذي لم يغير في طباعها شيئا مهما كان قاسيا أغلب الأحيان .


جمعت شعرها الغجري الأشقر الطويل بعشوائية وأمسكته بمشبك

وخرجت من الغرفة وتوجهت للمطبخ فورا ولعملها اليومي الشاق

وبدأت بغسل كل تلك الأكوام من الأواني فزوجة شقيقها قررت منذ

أكثر من عامين أن تقوم ببيع بعض الأكلات التي تجهزها في المنزل

ليجمعا المال الذي سينتقلان به من هنا فهي تعمل كمدرسة في

مدرسة البلدة وتصنع الطعام وتبيعه وزوجها يعمل بمحراثه الصغير

في المزارع ليجمعا المال ويرحلا من هنا بينما هي التي تأخذ جميع

وظائفها وقت ذهابها للمدرسة وتعمل معها في تجارتها تلك وتغسل

كل تلك الأواني بل وجميع أعمال المنزل لا يحق لها ترك المكان

معهما فوصمة العار عليها أن تبقى هنا ولا تتبعهما ولأنه سيبيع

المنزل قبل مغادرته عليها أن تجد لها مكانا يؤويها بعيدا عنهما

فأين يتوقعان أن يكون هذا المكان ؟ أين يريدان منها أن تذهب

ولا أحد لها في هذه البلدة ولا خارجها إن كانت عائلة غيلوان

ينبذونها بل ولا يعترفون بها ولا بشقيقيها وعائلة من قالوا بأنه

والدها ينكرونها تماما ووالدتها ليست من هذه البلاد بأكملها وكل

ما قالته عن نفسها أنها تربت في دار للأيتام في إيرلندا فأين

يتوقعون منها أن تذهب ؟ فحتى الرجال يهربون منها من بعد

أميال بسبب نسبها المشرف وعائلتها العريقة وقصتها المخزية .

تنهدت بأسى وهي في حركة واحدة تغسل الصحون وتضعها في

المغسلة الحديدية ، حتى شقيقها هازار ومن حلمت طويلا بأن

يعود وينتشلها من كل ما هي فيه لم يرجع حتى اليوم رغم عودة

ابن شاهين ورجاله ... هازار شقيقها الذي لازالت تحمل له في

ذاكرتها صورا كثيرة عن معاملته لها كأخ لم يحصل غيره على

شقيقة رغم أنها ولدت وعمره ثمانية عشرة عاما إلا أنه الوحيد

الذي عاملها كإنسانة وكشقيقة له وليس كوصمة عار وحكاية

شائكة مبتورة ، ورغم أنه وقت سفره كانت في السادسة من

عمرها إلا أنها لازالت تذكره كما لازالت تذكر بكاء والدتها كثيرا

عليه بعد غيابه حتى ماتت وكانت ترى أنها السبب وراء فعله

لذلك بسبب حملها بها وما حدث فعلاقته بها أصبحت أقل عمقا

منذ تلك الحادثة رغم أنه عامل ابنتها منه كملكة على عرش قلبه

وليس كشقيقة فقط .


رمت قطعة الاسفنج المشبعة بالماء والصابون من يدها بقوة

متمتمة بأسى

" لو كنت أعلم أين مكانك لذهبت دون تردد يا هازار لكن أين وكيف ؟

من لي غيرك يا شقيقي من ؟ "

استغفرت الله هامسة فقد أنساها الشيطان أن الله وحده من لو

خسرناه لا أحد لنا غيره ولا بعده ، فتحت صنبور المياه وبدأت

بشطف كل ما غسلته فتلك الأفكار لن تجلب حلا لمشكلتها ولم

يعد أمامها من حل سوى أن تسلم نفسها لأفكار فجر المجنونة فإما

أن تخرج بها من هنا أو أن تموت وكلاهما حل مناسب تماما لمشاكلها

وخير لها من أن يرميها شقيقها في مكان مقطوع ويعلن خبر وفاتها

فلن تستبعد ذلك منه أبدا ولن تتهم فجر في هذه بأنها خيالات سخيفة .


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 25-11-17, 01:01 AM   المشاركة رقم: 598
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 


دست الأوراق في حقيبتها ورمتها بجانبها على السرير ، ها قد

أصبحت الساعة الخامسة ونصف ولا تشعر برغبة أبدا في الذهاب

لتلك المؤسسة التدريبية بل ولا فعل أي شيء وتشعر بأنها محطمة كليا .

أمسكت هاتفها ودخلت في صراع جديد مع نفسها فهذه رابع مرة تفتح

صندوق الرسائل لتكتب رسالة ثم تعود وتمسحها .

(أريد أن أراك )

( هل نتقابل الليلة ؟)

( ثمة أمور علينا التحدث فيها)

وفي كل مرة يتغلب عقلها عليها وتمسحها وترمي بالهاتف بعيدا

عنها ، فاشلة ... هي حقا أكبر فاشلة في الوجود وفي التاريخ

أيضا .. لكنه السبب هو من يشعل عواطفها في كل مرة ويختفي

في صمت .

نظرت بأسى للعلبة المخملية الصغيرة السوداء الموضوعة فوق

طاولة سريها ، أيشتري لها خاتم زواج ثم يتلاشى كالسراب ! في

أي قانون يجوز فعل هذا بقلب الأنثى ؟ لو يعلم أي عذاب هذا الذي

رماها فيه منذ ساعات وغادر .

انتفض جسدها بقوة حين رن هاتفها بين يديها ونظرت مصدومة

لاسمه في شاشته وقد تصلبت أصابعها حتى لم يعد بإمكانها رفعه

لأذنها أو فتح الخط إلى أن انقطع الاتصال وما أن عاد للرنين

مجددا تحركت يدها أخيرا وفتحته ووضعته على أذنها في صمت

شاركها فيه بادئ الأمر قبل أن يصلها ذاك الصوت الذي جعلها

تغمض عينيها لا إراديا

" ماريا تسمعينني ؟ "

رطبت شفتيها بطرف لسانها هامسة

" أجل "

قال من فوره

" أنتظرك أمام باب المنزل الداخلي .. لا تتأخري "

وأنهى الاتصال ما أن أنهى عبارته تلك فأبعدت الهاتف تنظر له

بصدمة ، قال أنه ينتظرها أمام الباب ! أسمعت ذلك فعلا أم أنه أمرا

آخر وهي فهمته بشكل خاطئ ؟ انفتح باب الغرفة فجأة ودخلت

منه ساندرين وقد قالت بحماس

" إنه هنا لقد رأيت سيارته .. ألم أخبرك بأنه سيأتي "

نظرت للهاتف ثم لها مجددا وكأنها تقارن الحقائق ببعضها قبل

أن تهمس

" اتصل وقال أنه ينتظرني في الخارج "

صرخت بحماس وتوجهت نحوها وسحبتها من يدها موقفة لها وقالت "

ولما جالسة حتى الآن ؟ "

نظرت حولها ورفعت حقيبتها فأخذتها منها قائلة بصدمة

" ستذهبين هكذا ! "

نظرت لنفسها وللثياب التي كانت تلبسها لتذهب للدورة

التدريبية وقالت

" أجل وما بها ثيابي ؟ "

قالت متوجهة جهة الخزانة

" بلهاء .. أحضر لك ثوبا لتتفرجي عليه ؟ "

نظرت لها بعبوس وهي تصعد فوق الكرسي وتنزل الصندوق الذي

وضعته منذ الصباح في الأعلى قائلة

" لا أعلم بأي عقل يرسل لك فستانا ترميه أعلى الخزانة !

لن يرسله إلا لتلبسيه له يا غبية "


تنهدت بأسى ولم تعلق ، لو تعلم ما حدث صباحا وما فعل

ما كانت متحمسة هكذا ولكانت حرضتها على رفض الخروج

له من أساسه ، ثم هي لم تكن تريد أن تلبسه فعليهما أن يتحدثا

عما حدث صباحا ليس أن تتزين له وتحتفل ، اقتربت منها ووضعت

لها الفستان في يديها قائلة

" بسرعة أنتي تضيعين الوقت وسيمل من الانتظار ويغادر "

شدت أناملها على القماش الناعم وهمست تنظر للأسفل

" يمكنني ارتدائه في وقت آخر ، الآن أ... "

أدارتها جهة الحمام ودفعتها جهته قائلة

" تحركي ماريه ، أقسم أن أي رجل ما كان ليعجبه أن يشتري

فستانا باهض الثمن كهذا لامرأة ولا تلبسه له فكيف إن كان ذاك

الرجل كزوجك هادئا مسالما ومبتسم دائما وليس بحاد طباع "

استسلمت لدفعها لها حتى أدخلتها الحمام وأغلقت الباب خلفها ،

نظرت له بين يديه متنهدة بأسى وحركت رأسها متمتمة

" لست أعلم كيف سأخرج له به وهو فعل ما فعله صباحا ؟ "

لكن لم يكن من خيار آخر أمامها فكما قالت ساندرين سيجدها

حجة ليغضب ويحولها هي لمذنبة ، نزعت ملابسها ولبسته

سريعا ودهشت فورا وهي تنظر له على جسدها فتوجهت جهة

المرآة ، كان يظهر فيها نصف جسدها العلوي فقط لكنها

أوضحت جماله عليها بالفعل ، كان قماش الدانتيل يأخذ الجزء

العلوي منه بياقة مثلثة وأكمام قصيري أبرز جمال مفاتنها

الأنثوية فطبيعة جسدها أنه متناسق ومميز وصدرها مرتفع

مستدير وهذا الفستان أبرز ذلك بشكل واضح ومثير ، حاولت

رفع ياقته للأعلى لكنه سرعان ما عاد كما كان ، التفتت للخلف

ونظرت لظهرها في المرآة .. كان الدانتيل المخرم واصلا لنهاية

ظهرها ولم يكن مبطنا بأي قماش كما مع صدرها فكان يظهر

بشرتها البيضاء من تحته بوضوح عكس ما كان من الأمام

مقتصرا على منطقة الصدر فقط لينزل بعدها ذاك القماش

الحريري الأزرق منسابا مشدودا على خصرها ووركيها ثم يبدأ

بالاتساع تباعا للأرض وينتهي بذيل بسيط في الخلف ، لن يفكر

في أخذها لمطعم بالتأكيد وهي بهذا الفستان إلا إن كان رجل

آخر لا تعرفه !
طرقات ساندرين المتثالية على باب الحمام جعلتها تخرج فورا

وما أن فتحت الباب وجدتها واقفة أمامه تمسك الحذاء في يد

والحقيبة في اليد الأخرى فصرخت من فورها قافزة من مكانها

وقالت بدهشة " يا الهي ماريه ما أجملك ! إنك كنجمة سينما بل

كأميرة من الأحلام "
رمت لها بالحذاء تحت قدميها وقالت وقد توجهت لدرج طاولة

التزيين تفتش فيها

" أقسم أن تسلبي عقله في ثوان معدودة ، إن كان روب حمام فعل

معه العجب فكيف بهذا ؟ "

وضعت يديها لا شعوريا على الفستان جهة صدرها ورفعته مجددا

وسرعان ما عاد كما كان فنظرت بيأس جهة التي توجهت نحوها

ولفت حول عنقها سلسالا ذهبيا بسيطا وأنيقا يتدلى منه قلبان

صغيران متداخلان ومرصعان بالفصوص وثلاث سلاسل رقيقة

تنتهي كل واحدة منهما بقطعة كرستالية بشكل دمعة صغيرة ،

قالت وهي تغلقه

" البسي الحذاء بسرعة ماريه ، إن خرجت ولم تجديه فأنا من

ستجن ولا أستبعد أن أبكي حسرة "


انحنت له ولبسته قائلة ببرود

" أنتظره منذ الصباح لابأس في أن ينتظر قليلا "

استوت في وقفتها ما أن انتهت من ارتدائه وقالت بعبوس ناظرة

للواقفة أمامها وقد عادت تشد الفستان للأعلى مجددا

" أليس مكشوفا كثيرا ؟ "

ضحكت تلك من فورها وتحركت جهة السرير قائلة

" بل مذهل ولن أنتظر عودتك الليلة للمنزل أبدا "

شعرت بجدسها ارتجف وعظامها تيبست تنظر لها بصدمة

وقد دست لها هاتفها في حقيبة الفستان الزرقاء بحواف معدنية

ذهبية اللون وقالت وهي تضع فيها مجموعة محارم ورقية

" قد تحتاجينها ولن نقول لتمسحي بها دموعك نهاية السهرة

وسنتفائل في ذاك الكنعاني خيرا "

عبست ملامحها الجميلة من ذاك التشاؤم فتوجهت نحوها ودفعتها

جهة المرآة قائلة

" ماريه ما بك هكذا وكأنك تلقيت صدمة قاتلة اليوم ؟ أنتي لا

تعجبينني منذ الصباح ، هيا ضعي أحمر شفاه على الأقل

وسأتصرف أنا في شعرك "

رفعت أحمر الشفاه الزهري الخفيف الثابت اللون ومررته على

شفتيها ليزيدهما لونا ورديا لامعا وجميلا ، ماسكرا سوداء خفيفة

كتفت رموشها وأعطتهم لونا جميلا وخفيفا وقد اكتفت بذلك فقط

بينما ارتفعت يدي ساندرين ترفع لها شعرها للأعلى وثبتته

بدبوس شعر كريستالي ذهبي اللون أيضا فتدلت منه خصلات

على عنقها وصدغيها بينما نزل جزء منه على كتفها ، مدت لها

حقيبتها وأمسكت بيدها وسحبتها جهة الباب قبل أن ترجع

قائلة بشهقة

" آه ماريا الخاتم كدت تنسينه ! "

أخذت منها العلبة وقالت

" هذا عليه هو أن يلبسني إياه أو لن ألبسه أبدا "

ضحكت وقالت

" أجل هكذا تعجبينني "


وصلتا باب المنزل فأدارتها جهتها ونظرت لها نظرة أخيرة

وعدلت له خصلات غرتها وهمست مصفقة بيديها

" ممتاز أراك صباحا يا عروس "

شهقت بصدمة وضربتها بالحقيبة في يدها وهي تركض ضاحكة

وقد ابتعدت ونظرت جهتها قائلة من بعيد بعدما أرسلت لها

قبلة بيدها

" عليك بقلبه ماريه .. أصيبيه في مقتل يا فاتنة "

وغادرت راكضة ما أن أنهت جملتها تلك تراقبها مبتسمة فما

أنقى قلب تلك الفتاة رغم مشاكستها وتهورها وطول لسانها إلا

أنها لا تكره ولا تحقد أبدا ، التفتت جهة الباب ومررت يدها على

عنقها نزولا لصدرها وتنفست بعمق لتبدد شيئا من توترها

الذي لا تراه يزداد إلا حدة ، فتحت باب المنزل ببطء وقد لعبت

بها الهواجس وسيطرت عليها فكرة أن يكون غادر فعلا ؟

عضت طرف شفتها بقوة ما أن انفتح الباب أكثر وظهر لها

الواقف مستندا بالعمود الخشبي لسلالم الباب يديه في جيبي

بنطلونه يلف ساق حول الأخرى وينظر جانبا .. يرتدي قميصا

مزررا أسود اللون بخطوط بيطاء رقيقة ومتباعدة وبنطلون

جينز أبيض وحذاء أسود لامع وخصلات من شعره الأسود يتلاعب

بها النسيم فوق جبينه فشعرت بضربات قلبها ترتفع بضجيج

صاخب وأنفاسها تتصاعد تباعا فلا يعلم هذا الرجل أي مشاعر

متقدة تلك التي يشعلها في داخلها ما أن تراه أمامها .

سحبت الباب بيدها من خلف ظهرها دون أن تغلقه وقد تقدمت

خطوة نحو الخارج فانتبه حينها لوجودها ونظر لها صعودا

من طرف حذائها الظاهر من فستانها الحريري مرورا بجميع

تفاصيل جسدها وصولا لوجهها .. نظرة بطيئة متفحصة ساكنة

هادئة لا تشبه نظراته الباردة الشبه دائمة تلك فتمنت لحظتها أن

استطاعت أن ترفع يدها لتهف بها على وجهها فقد شعرت بجسدها

يكاد يشتعل من نظراته تلك ، ابتعد عن العمود مستوي في وقفته

وتوجه نحوها وقد أبعدت يدها عن الباب خلفها وجمعتهما تمسك

بهما حقيبة الفستان تنظر لهما تشعر بضربات قلبها تخترق

خلاياها مع اقترابه أكثر حتى أصبح واقفا أمامها تماما وامتدت

يده لذراعها العاري ولمسها بأصابعه قائلا

" أغلقي الباب لنغادر "

نظرت جانبا لازالت تتجنب النظر له وقالت بصوت منخفض

" ليس بعد فقد أدخل منه الآن "

لم يعلق بادئ الأمر على تصريحها الواضح باحتمال رفضها

للذهاب معه وقد امتدت أصابعه لذقنها وأمسكه بأطرافها برفق

ورفع وجهها له حتى التقت نظراتهما وقال بنبرة بتحذير مركزا

نظره على تلك الأحداق العسلية بلون الذهب النقي

" ماريا !! "

زمت شفتيها الزهريتان في خط واحد كدليل على ضيقها

المكبوت داخلها قبل أن تحررهما هامسة ونظرها على عينيه

السوداء

" ألست تعتقد بأنك مدين لي باعتذار عما حدث صباحا دون أن

تشرح حتى سببه ؟ "

ظهر شبح ابتسامة طفيفة على شفتيه وشد أصابعه حول ذقنها

يرفع وجهها له أكثر وأحنى رأسه له وقبل شفتيها قبله صغيرة

لكنه عرف كيف يجعلها مثيرة ومدمرة لتلك المشاعر الصاخبة

بداخلها وقد أبعد رأسه سريعا وقال بابتسامة جانبية

" تكفي هذه ؟ "

كانت أصابعها تشتد لا إراديا على الحقيبة وتلك العلبة السوداء

من شدة ما تواجهه داخلها تحاول تنظم أنفاسها وإن قليلا وإبقاء

نظرها على عينيه وبالكاد استطاعت أن تهمس

" هل أفهم أن هذا هو التعبير الفعلي لكلمة آسف لديك ؟ "

اتسعت تلك الابتسامة قليلا وهو يحرر ذقنها من أصابعه الطويلة

وقال ونظره ينزل ليديها

" أنتن النساء كم تعشقن أقوال الرجال عن أفعالهم رغم أن

أغلب حديثهم يكون كاذبا "


تنقلت بنظرها في ملامحه الجذابة ولازال يسدل جفنيه للأسفل

وقالت بهدوء

" ليس حين يكون الرجل صادقا في كل شيء "

مد يده ليدها وأخذ منها العلبة المخملية السوداء الصغيرة

وفتحها وأخرج الخاتم منها ورفع يدها وألبسها إياه ومد يده

للباب خلفها وأغلقة بينما الأخرى تمسك أصابع يدها تلك وقال

ما أن عاد بنظره لها وبابتسامة جانبية

" ظننت أن كل هذا قد يكفي ماريا لكنك جشعة كطفولتك تلزمك

جنية النوافذ لتحقق ما تريدين "

لم تستطع امساك ضحكتها الصغيرة التي تغلبت عليها كما انهزم

هو سريعا أمام ابتسامة زينت شفتيه فرفعت نفسها على رؤوس

أصابعها وحوطت عنقه بذراعيها وأغمضت عينيها برفق تشعر

بيده على ظهرها وهمست بمشاعر لا تزيدها تلك الرجولة

سوى تفجرا

" شكرا على كل هذا تيم "

وتابعت وهي تنتزع نفسها منه مرغمة لتبتعد عنه وقد نظرت

لعينيه بابتسامة ماكرة تزين تلك الشفاه الجميلة المغرية

" حسنا على الأقل يلزم الرجل أن يعبر عن إعجابه بما رآه

وإن بكلمة واحدة "

أمسك ذقنها مجددا وقبلها قبلة أخرى فسرت الحرارة في أوصالها

مجددا وكأنها لم تعرف ذلك معه من قبل ، قال ما أن أبعد شفتيه "

ستكفي هذه أم تريدين المزيد ؟ "

هربت بنظرها منه وعضت شفتها ولم تستطع أن تعلق على ذلك

ليس بسببه ولا بسبب ابتسامته الماكرة تلك بل بسبب التي

انتبهت لوجودها هناك خلف النافذة ترسم لها قلوبا على زجاجها

المغلق تضحك بحماس فأنزلت رأسها للأسفل وشدت أناملها على

أصابعه هامسة

" هل نغادر ؟ "

نزل حينها السلالم فورا يسحبها خلفه .


*
*
*


نزلت تلك السيدة الأربعينية من المنصة على صوت التصفيق الحار

تشجيعا لشجاعتها على قول كل ما صرحت به دون خوف ولا خجل

فقد اختارت هذه المرة طريقة مختلفة لعرض نشاطهم في الاحتفال

السنوي لتأسيس تلك الجمعية الضخمة وبدلا من أن تصعد هي كمديرة

لذاك الصرح وتتحدث عن انجازات جمعيتها وعن كل ما فعلوه

ويفعلونه من أجل قضايا دعم المرأة لتقنع الداعمين والممولين

الجدد لهم بأن ما سيقدمونه سيدعم الكثيرين فاختارت أن تتحدث

النساء بأنفسهن عن أنفسهن واختيرت مجموعة معينة تركت لها

حرية الحديث لدقائق معدودة لكل واحدة منهن لتتحدث عما قدمته

لها الجمعية وأين كانت وماذا أصبحت بعد الدعم التام لها من قبلهم .

أدارت الخاتم في أصبعها وشعرت بأنه تحول لخاتم من نار يلتف حول

بنصرها فقد بات كاللعنة المطوقة لعنقها لكنها لن تسمح لذاك الرجل

أبدا بأن ينتصر عليها بمعتقداته الخاطئة تلك وستثبت له بأنها قادرة

على الوقوف من دونه وأن القضية التي تدافع عنها يدعمها الكثيرون

وأنها لا تحتاجه أبدا ، كانت بداية الحفل غير موفقة كما تراها فرغم

امتلاء تلك القاعة برجال الأعمال والشخصيات المهمة في البلاد

وعلى رأسهم وزيري الثقافة والاتصالات وسياسيين والكثير من

الكتاب والمحامين وبعض رجال الدولة إلا أن الأحاديث معها

أخذت منحا آخر تماما وكل واحد منهم يسأل عن ذاك الخاتم

وعن ظهوره فجأة ولماذا تلبسه الآن ومن يكون سعيد الحظ

ذاك كما يصفونه ، أما الاحاديث عن نشاطات الجمعية والتبرعات

والدعم المادي كانت وكأنها هوامش أحاديثهم تلك وجميع من أبدوا

سابقا استعدادهم لدعمهم أصبحوا يتحججون الآن وما قدموه لم

يساوي شيئا أمام ما كان يقدم للجمعية سابقا فكانت مجرد تبرعات

رمزية ووعود مبثورة وناقصة ولا أحد يبدي أي استعداد صريح

لتولي مشاريع الجمعية أو المملكة ولا أحد منهم يبدوا راغبا في

إهدار ماله من أجل انتشال غيره من الفقر وأن لا يأخذ من عائدات

تلك الاستثمارات سوى النصف ، أغمضت عينيها وسحبت نفسا

عميقا وهي تتذكرت عبارته الغاضبة تلك ( أي منافع مادية هذه

التي تتحدثين عنها وأرباحهم ستكون مضاعفة إن استثمروا تلك

المبالغ في أماكن أخرى وهم سيقدمون نصف تلك العائدات كهبات

للعائلات المحتاجة ؟ لا يخبرك عقلك يا غسق أنه ثمة من يضع

مالا في مكان ويمكنه استثماره بأرباح مضاعفة في مكان آخر ،

الهبات والحملات التبرعية وغيرها لا تكلف كل هذا .. لا أحد

يدفع المال كهبة لغيره .. ليس الجميع يحمل قلبك أنتي )

شدت أناملها على ذاك الخاتم بقوة آلمتها فلن تسمع بأن ينهار

كل ما فعلوه وكل ما أفنت عمرها لبنائه ، لن تخذل كل تلك

النسوة والعائلات التي تعتمد عليها ولن تقتنع بكل ذاك الهراء

الذي سمعته اليوم ، كيف يرون أن قضاياهم محتكرة على

المرأة فقط ؟ لا وقالها البعض بكل صراحة بل ووقاحة بأنه كان

عليهم أن يتبنوا قضايا أخرى وأكثر أهمية كدعم مرضى السرطان

أو أطفال التوحد أو الإعاقات المستديمة وكأنهم لا يرون ما أنجزوه

حتى الآن وأن مريض السرطان قد يكون فردا من أسرة يدعمونها

كما أطفال التوحد وغيرهم الكثير ... ألا يرون كم عائلة تعيش هنا ؟

كم شخص يقتات من وظائف توفرها له الجمعية ؟ كم عائلة تجد لها

مأوى في مساكنها هو ملاذها الوحيد من النوم في العراء ؟ هل أصبح

الآن ما يقدمونه لهم هو السبب الأول لتقاعسهم عن تطوير أنفسهم

وقدراتهم كما يدعون ! ألا يرون أن ما يقدموه لتلك العائلات والنساء

مجرد حلول مؤقتة مهما طال أمدها حتى يتم مساعدتهم على تحسين

ظروفهم الحالية ثم الانتقال خارج المدينة بأكملها والاندماج في

المجتمع بعد أن تحظى كل منهن بما حرمت منه سابقا ودمر مستقبلها

سواء كان شهادة جامعية أم وظيفة لائقة أو رعاية نفسة أو جسدية

لتنطلقن نحو المستقبل بروح جديدة .

أدارت ذاك الخاتم في أصبعها مجددا وشعرت بأنها لا تريد شيئا سوى

رميه في سلة المهملات لكنها لن تضعف أبدا ولن تتراجع عن

اتفاقهما فهو من اتهم جميع ممولي جمعيتها الجدد بأنهم يسعون

لمطامع شخصية عوضا عن المال الذي سيخسرونه كما يرى وهي

قبلت تحديه ذاك لتثبت له العكس ولازالت لم تفقد الأمل بعد وتعول

فعليا على ما تقمن به كل من صعدن لتلك المنصة وتحدثن عن

أنفسهن وعن ماضيهن وعما قدمته لهن مملكة الغسق من دعم

لهم ولعائلتهن .

ابتسمت فورا للتي اعتلت تلك المنصة ذاك الوقت والتي قد

خصتها بتلك النظرة والابتسامة وهي تمسك بجهاز الميكرفون

وبدأت الحديث قائلة بابتسامة

" ما قدمته جمعية الغسق لي ولعائلتي أعظم من أن أشرحه في

دقائق معدودة لكن ما أود قوله بأننا حين غادرنا بلادنا

غادرناها مطرودين ومضطهدين لم يحضا أي منا بوظيفة

ولا شهادة ولا حياة كريمة وكل ذلك تغير من أيام قليلة فقط

وما أن أصبحنا في هذا المكان وقد أصبح بإمكاني مزاولة مهنة

حسب شهادتي الصغيرة المتواضعة وأصبح شقيقي مريض التوحد

فردا في مؤسسة صحية لرعاية وتأهيل من هم في مثل حالته ولأول

مرة منذ ولد ووجد شقيقي الآخر فرصة جديدة ليكون مستقبله أفضل

مما حكم واقعه ، لن أنسى أبدا ما فعلته الجمعية من أجلي ومن أجل

عائلتي وشقيقي المريض ، لقد فتحت بابا جديدا للأمل أمامنا جميعا


وهو أسمى هدف عرفه التاريخ .... وشكرا لكم "

نزلت بعدها من المنصة على صوت التصفيق الحار وتوجهت فورا

جهة التي وقفت أمامها والتي قالت مبتسمة لها

" شكرا يا جهينة كنت رائعة "

أمسكت ذراعها كدعم لها وقالت بحزن

" ألن يأتي رماح ؟ "

هربت من نظراتها الحزينة تلك وقالت

" لا "

غطى الوجوم ملامحها وهمست بأسى

" غير رأيه بعد أن علم بانتقالنا للعيش هنا وعملي في مبنى

الجمعية أليس كذلك؟ "


رفعت نظرها بها مجددا وقالت

" عليك أن تصبري يا جهينة فالأمر لن يكون بتلك السهولة

وأنتي تفهمين أسبابه بل وتعرفين شخصيته جيدا "

أومأت برأسها بحزن وقالت

" أعلم ولن أيأس أبدا فقط ليعطيني هو المجال لأغير له قناعته

تلك فبعد وعدي لوالدتي لا يمكنني دخول منزلك أبدا ما لم تأذن هي

لي بذلك ولن تفعلها أبدا أعرفها جيدا "


أمسكت بيدها وقالت مبتسمة

" سنجد حلا يا جهينة وسيلين دماغه العنيد يوما .. كوني أكيدة "

أومأت لها مبتسمة بتفاؤل وإن كان قد شابه الكثير من الحزن

وغادرت من عندها تشرف مع البقية على تنظيم الحفل بينما التفتت

هي لصاحب اليد التي لامست كتفها وابتسمت من فورها للواقفة

أمامها والتي اندمجت سريعا في الحديث معها قبل أن يتحول العدد

لخمس أشخاص وتتشعب المواضيع ووجهات النظر


، لكنها لم تستطع الانسجام مع أي من تلك الأحاديث وتفكيرها منحصر

فيما سينتج من ذاك الحفل فسيبدأ بعد قليل داعموا جمعيتها الجدد

بالصعود للمنصة ليشرح كل واحد منهم اقتراحاته ومساندته وما

سيقدمه ويتنازل عنه من أجل مشاريعهم القادمة وليست تخشى شيئا

أكثر من تلك اللحظات خاصة بعد الفتور الذي أصاب حماسهم تدريجيا

وكأنهم يتأملون مثلا أن يكون ثمة مقابل لما يقدموه ؟ لا هم مجانين

بالتأكيد إن فكروا كما فكر ذاك الرجل ، كان ثمة من لازالوا على

موقفهم السابق لكنهم قلة وأغلبها مؤسسات خيرية تحاول دمج

نشاطاتها معهم وذاك سيؤثر على عملهم سلبا ولا يمكنها قبوله .


نظرت جهة الواقفان بعيدا عند بوفيهات الشراب والأطعمة وابتسمت

دون شعور منها وهي تنظر لصاحب تلك البذلة الأنيقة الواقف مع

صاحبة ذاك الفستان القرنفلي اللون الطويل يضحكان على طريقة

امساكه للكأس وهي تحاول تعليمه الطريقة الغربية لفعل ذلك ، ولأنه

عليها الابتعاد عن الصحافة والكاميرات مثلها أصبحت أماكن تنقلها في

ذاك المكان محدودة ... من كثرة احتكاكهما ببعضهما لم تعد تعلم ممن

تخشى على الآخر أن يلصق طباعه السيئة به لكنها سعيدة أيضا بقوة

العلاقة الوليدة بينهما فكل واحد منهما وجد في الآخر الشقيق الذي لم

يحصل عليه يوما خاصة الكاسر من فقد والديه طفلا رضيعا وانحصر

عالمه عليها لوحدها وقد سعت جهدها أن تمنحه كل ما فقده وها هو

آخر ذلك وهي الشقيقة .

ابتسمت بحنان تراقب تلك الملامح الجميلة التي خطفت الأنظار اليوم

حتى أن جليلة أبعدتها عنها مجبرة ورفضت أن تقفا معا مجددا تخشى

أن تنام الليلة إحداهما في المستشفى بسبب كل تلك الأعين المحدقة

بهما بذهول وإعجاب فهي لم تنسى بعد أنها في مراهقتها عانت

من ذلك ذات مرة وكادت تفقد عقلها .

اتسعت ابتسامتها وهي ترى إحدى عضوات إدارة جمعيتها تقترب

منهما برفقة شقيقها الذي جلبته اليوم للحفل عنوة لتجمعه بها

ومصممة فعلا على أن تجعل شقيقها ذاك يقتنع بفكرة الزواج بعد أن

يراها درجة أن أبعدت الكاسر عنهما وليست تعلم كيف لعبتها لتتركهما

معا بمفردهما فقررت حينها التدخل فهذا التجاوز لن تسمح به أبدا

خاصة مع نظرة ابنتها المستجدية التي رمقتها بها وكأنها تحتاج

لشخص يخلصها من ذاك المأزق .

وما أن فكرت في التقدم نحوهما أوقفها ذاك الصوت من خلفها والذي

عرفته ما أن وقع في أذنها

" هل يمكنني تقديم العون أيضا أم رجال الجيش محظورين في

نشاطاتكم ؟ "

التفتت من فورها لصاحب ذاك الجسد الطويل والأكتاف العريضة

والشعر الأسود المسرح بعناية والملامح الحادة الجذابة والابتسامة

الرجولية المميزة وقد تخلى هذه المرة عن زيه العسكري مستبدلا إياه

ببذلة سوداء أنيقة غيرت من ملامحه بشكل واضح ، من لم تتوقع أبدا

أن يكون هنا اليوم ! استرقت النظر لابنتها مجددا قبل أن تنظر له قائلة

بابتسامة مجاملة مغصوبة

" مرحبا سيادة اللوآء ، لم يسبق لأمثالك أن فعلوها بالطبع لأنه لا

شيء تحتاجه النساء منكم لكنه كرم حقيقي منك "

خرجت منه ضحكة صغيرة وقال

" معك حق فرغم أننا نقدم لوطنكن كل شيء إلا أن قضاياكم لا نستطيع

تقديم أي دعم لها فأنا عنيت الأمور .... المادية بالطبع "


ارتخى صوته عند آخر كلمتين وهو ينظر ليدها التي ارتفعت لحجابها

وانتبهت حينها فقط أي يد كانت تلك فأنزلتها سريعا وهربت بنظراتها

منه على صوته المستغرب قائلا

" يبدوا أنه ثمة سعيد حظ هنا ؟ متى حدث هذا ؟ "

تلعتمت قليلا تنظر لحركة أصابعها حول ذاك الخاتم قبل أن تقول ما

قالته لجميع من سألوها عنه " حدث الأمر سريعا "

لم يحضى بفرصة التعليق على ما قالت وسؤالها عما تجاهلته في

سؤاله ولا هي لإيضاح الأمر والأنظار جميعها تنتقل جهة ذاك الضجيج

بسبب انتقال رجال الصحافة وكاميرات التلفاز لباب تلك القاعة المزين

بباقات الأزهار الضخمة وقد وقف أمامه صاحب ذاك الحضور الذي

خطف الأبصار جميعها بتواجده الغير متوقع في ذاك المكان ميزته

الملابس التي لم يصل أي منهم لفخامتها يضع أحد يديه في جيبي

بنطلونه الكحلي الأنيق واليد الأخرى يمسك بها مجموعة أوراق فأنزلت

رأسها وأغمضت عينيها متنهدة بقوة بعد ما التقطت عيناها تلك النظرة

الموجهة لها تحديدا ، وحالها لم يكن أفضل من الواقفة على مبعدة منها

من جن جنون ضربات قلبها درجة أنها لم تعد تعي لما يقوله الواقف

أمامها وهي تنظر للذي دخل خلفه فورا



*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 25-11-17, 01:08 AM   المشاركة رقم: 599
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



كانت السيارة الجاغوار البيضاء ذاتها في انتظارهما في الخارج

وما أن ركبا غادر من هناك مسرعا وانطلقت سيارته فورا مغادرة

شوارع لندن المزدحمة لتبدأ في مسابقة الريح خارجها ، كان الصمت

حولهما يزيدها توترا فلم يشغل نفسه هذه المرة باتصالاته ولا بأعضاء

تلك المنظمة كما أنه لم ينطق بشيء تاركا للصمت حرية العبث بينهما

كما تركت هي لنظراتها تلك الحرية المطلقة لتسترق النظر ناحيته كل

حين لا تمل أبدا من مراقبة قيادته وملامحه المسترخية مركزا على

الطريق أمامه يسند مرفقه على نافذته المفتوحة ويضع إصبعيه

السبابة والوسطى تحت شفته السفلى مثبتا ذقنه بإبهامه تارة وممررا

أصابع تلك اليد في شعره الكثيف الأسود المتدرج مع حركة الريح ثارة

أخرى فلم تكن تزيد بذلك من وضعها إلا سوءا بمراقبتها المجنونة له

دون تحفظ بعض الأحيان تاركة لمشاعرها العنان هذه المرة بدون

قيود ... آه رباه ومتى فرضت هي على نفسها قيودا ؟ إنها تفقد

عقلها في وجوده وحسب .

لا تصدق أن تيم ذاك الفتى الذي عاشت معه منذ طفولتها في تلك

البلدة الصغيرة الفقيرة يكون هذا الشاب الجالس قربها الآن يقود

سيارة فاخرة ويرتدي ملابس لا تقل عنها فخامة ورقي ! نظرت

لنفسها تكتم ضحكتها فماريه أيضا أصبحت وكأنها ليست تلك

الطفلة مهملة الثياب والمظهر تلعب الريح بغرتها الحريرية

المقصوصة في كل اتجاه والتراب يلطخ يديها وملابسها طوال فترة

وجودها خارج المنزل لتكون مهمة الجالس بجانبها الآن إزالة كل

تلك الأثربة ينفضها عن ثيابها بيديه قبل أن تدخل منزل عمها

وقت مغيب الشمس كي لا تعاقب ... الآن فقط أدركت سبب ذلك

وفهمت ما كان يعلمه هو وتجهله لصغر سنها ... ذكريات كانت

في السنوات الماضية على استعداد لدفع كل ما تملكه ليعيدوها لها

ولو يوما واحدا لتجد نفسها بقربه مجددا .. تراه .. تتحدث معه

وتسمع صوته ، وها هي اليوم حصلت عليهما كليهما ( مالها وتيم(

تتسائل أحيانا هل جنية النوافذ كما سماها هو موجودة فعلا وأخذت

أمنيتها تلك وطارت بها بعيدا وحققتها ؟ فها قد تحقق بعض ما

كتبته في تلك الورقة وأغلبه بمعجزات !

نظرت جهة النافذة وأنزلت زجاجها بكبسة زر صغيرة لتتلاعب

تلك النسائم القوية بشعرها أكثر وشعرت حينها فعلا بالماضي

يعود وإن كانا كبرا وتغيرت ملامحهما فلا ينقصهما الآن سوى

سلاحفهما الصغيرة تلك ، عادت للابتسام مجددا وهي تتخيل أن

يلعبا بالفعل بسلحفاة صغيرة وهما بهذا السن !

" ماريا أغلقي النافذة لا أحب القيادة ونافذتان مفتوحتان في السيارة "

أغلقتها فورا مبتسمة فرغم أن اولى عباراته كانت أوامر وبنبرة

جادة إلا أنها سعدت بأن علمت شيئا عما بات يحب ويكره ..

تغلغلت في بعض تفاصيل حياته وشخصيته مهما قل ذلك ،

نظرت ليديها في حجرها لتسرق يده الممسكة بذراع السرعة

نظرها فورا فشدت أناملها على الحقيبة فيهما بقوة تمنع نفسها

من فعلها وامساك يده ، أبعدت نظرها جهة النافذة سريعا

وأغمضت عينيها بقوة موبخة نفسها .. حمقاء ما هذا الذي تفكرين

فيه ! لما لا تحضني ذراعه أيضا ؟ حسنا هو زوجها وملك لها

وحدها فما الخطأ فيما تفكر فيه ؟ عضت طرف شفتها وهي تتكئ

للخلف لتغوص أكثر في ذاك الكرسي الجلدي تنظر لنصف وجهه

المقابل لها وفقدت التحكم تماما في عينيها ونظراتها التي تعلقت به ...

حسنا هذا من أبسط حقوقها فلتترك العنان لنظراتها لتتشبع

بتفاصيله وإن كان ذلك أفقدها الشعور بالوقت والمكان للحظات

حتى أنها لم تنتبه بأن السيارة دخلت طريقا فرعيا محاطا بالأشجار

والطبيعة المميزة وصوت خرير مياه ذاك الشلال تتسلل لسيارتهما

بوضوح واستطاعت سرقة نظره لها هذه المرة وقد رفع يده

وأمسك بذقنها وأدار وجهها جهة نافذتها قائلا بابتسامة جانبية

" لا تحرمي نفسك متعة النظر لهذا المكان فالشمس ستغرب قريبا "

شعرب بجسدها تحول لكتلة من الهيلام من شدة احراجها فتمتمت

تنظر للطبيعة التي كانت كما وصف فعلا

" كنت أراها من تلك الجهة أبحث عن الشلال "


ومدت شفتيها بعبوس حين لم يعلق ولم يكشف عما يدور في

داخله وكان قد عاد بنظره للطريق أمامه مجددا وما أن أدار

المقود كانا أمام سياج حديدي منخفض بعض الشيء ، أوقفت

سيارته أمامه وفتح الباب ونزل فنظرت حولها باستغراب فهل

وصلا للمكان المقصود ؟ حسنا هي لا تعرفه على أي حال لكن لما

هنا وأمام هذا السياج !

صوت طرقات أصابعه على نافذة الباب الذي نزل منه جعلتها تفتح

بابها وتنزل أيضا بعدما قررت ترك الحقيبة هناك فلن تحتاج لها

ولا لهاتفها وتشعر أنها تقيدها بالفعل ، ما أن نزلت وأغلقت الباب

كان في استقبالها رائحة الهواء النقي المنعش والأزهار الجبلية

وحشائش الأرض ، كان المكان أشبه بجنة خلابة وذاك اللون

الأخضر يمتد حتى تلك الجبال البعيدة العالية ولازالت تسمع صوت

تلك المياه التي لا تعلم أين تكون تحديدا ؟ أبعدت خصلات غرتها

المتطايرة على عينيها تنظر للذي دار حول مقدمة السيارة ليصل

عندها وأمسكها من يدها قائلا

" تعالي سندخل من هنا "

نظرت له باستغراب تتبع خطواته الواسعة حتى وصلا لباب صغير

دخلا منه تلاه ممشى حجري متعرج قليلا أوصلهما لمكان جعلها

تفتح فمها مندهشة ما أن رأته تنظر لذاك الجسر الخشبي الأنيق
فوق مياه النهر الجاري تحته تحيطه الخضرة من كل جانب والتي

اقتصرت على بساط الأرض الأخضر والأزهار المتراقصة مع الريح

وكأنه تم تصميمه ليكون هكذا تحديدا وقد ازيلت منه باقي الأشجار

والنباتات ، لكن المفاجأة الحقيقية لم تكن هنا بل في الكوخ الموجود

خلف ذاك الجسر ! كوخ ريفي رائع بواجهة أماميه مفتوحة على

تلك الطبيعة وبأضواء صفراء زادته جمالا مع منظر ذاك الغروب

وكان يوجد أمامه موقد نار حجري تحيط به كراسي أنيقة لكن ما

جعل قلبها ينتفض بشدة وقتها كانت تفاصيله الداخلية المكشوفة

وذاك السرير الأبيض المزدوج وسط ذاك الأثاث الخشبي المميز

والشموع .

عضت طرف شفتها لا شعوريا تقبض يداها ببعضهما بقوة وما

أن نظرت ناحيته شعرت بأنها تحولت لدمية لعب عيناها متحجرتان

وخداها متوردان بشدة من الإحراج فقد وجدته ينظر لها فهربت

بنظرها منه سريعا وهمست تنظر ليديها

" لا تقل بأنها فكرتك أنت ؟ "

وما أن أنهت جملتها تلك عضت طرف لسانها موبخة نفسها ..

ألم تجد شيئا غير هذا لتقوله ! الغبية المغفلة إنها تسخر من

شخصيته علانية ، توقعت تعليقا قاسيا منه وكانت تستحقه بالفعل

لكنه خان توقعاتها حين قال

" حسنا هي ليست فكرتي بشكل مطلق لكني أردت فعلا مكانا هادئا

منعزلا "

شغلت نفسها بالنظر للمكان حولها ولم تعلق وبما ستعلق مثلا !

فلتحمد الله أنه لم يغضب منها ، إذا هو أراد العزلة والهدوء فقط

وثمة من اقترح عليه هذا ؟ كانت تعلم بأنه لن يأخذها بهذا الفستان

لمكان لا يكونان فيه بمفردهما .

تحركت قدماها لا شعوريا ما أن راقبت مياه ذاك النهر النقية ..

هذا من أجمل ما قد يراه المرء وذاك الجسر الخشبي المنحني فوقه

يزيد المنظر جمالا ، لو أنها انتبهت لتلك اللآفتات وقت وصولهما

لعلمت في أي مدن ريف لندن المميزة هما الآن .. ( شير .. اشويل أو

افينهام ؟ ) أم مكان آخر تماما من تلك المدن الريفية المحيطة بها ؟

وصلت الجسر الخشبي تشعر بخطواته خلفها ووقفت في منتصفه

تراقب مياهه من الأعلى ومشاعرها وتركيزها مع الذي وقف

بجانبها وانحنى متكئا بمرفقيه على خشب سياج الجسر يراقب

مياه النهر أيضا ليمتد ذاك الصمت الطويل مجددا والذي

يشعرها بالخوف دائما في وجوده .. تعلم بأنه جزء من شخصيته

لكنها تتوتر بسببه وليست تعلم لما وكأنها تخشى من أن لا يكون

لها مكان في أفكاره تلك حين يعتصم به عما حوله أو أن يكون

تعبيرا صامتا عن شعوره بالملل في وجودها ؟


سحبت نفسا عميقا وحررته سريعا من صدرها وأدارت ظهرها

لتلك الجهة من النهر واتكأت به على السياج ليصبحا يقفان

معاكسان لبعضهما تماما ولأنه يقف بعيدا عنه بنصف خطوة

بينما ألصقت هي ظهرها به أصبحا في مواجهة بعضهما تقريبا

فنظرت للأسفل لبرهة قبل أن ترفع نظرها به واكتشفت حينها

بأنها سرقت نظره لها مجددا وبدأت تلك الأنفاس تتسارع في

صدرها حتى خشيت أن تفضحها فنظرت لأصابعها المتشابكة

ببعضها وهمست بابتسامة حزينة

" تغيرت كثيرا يا تيم "

ساد صمت قاتل كم شعرت بأنه قاسي ومؤلم مما جعلها ترفع

نظرها به مجددا وكان لازال ينظر لملامحها الرقيقة طفولية

القسمات قبل أن يبتسم بسخرية متمتما

" هل كنت تتوقعي أن تجدي ذاك الفتى ذاته ؟ نحن نكبر ماريا "

ركزت هذه المرة حدقتيها الذهبية على عينيه حين قالت

" ليس مظهرك أعني "

وهربت بنظرها منه لأصابعها مجددا وقد تابعت بحزن

" أصبحت أقسى من الماضي بكثير "

كانت تعلم بأنها تختار التوقيت الخاطئ لكنها تحتاج فعلا لأن تفهم

الكثير .. لأن يكون كل واحد منهما صريحا مع الآخر وأن تعلم ما

مكانها من حياته تحديدا ، رفعت نظرها له سريعا حين قال وقد عاد

بنظره للمياه في الأسفل وبنبرة خالية من أي تعبير

" أنا لم أتغير ماريا بل تلك الطفلة هي من كانت تستطيع فهم تيم

أكثر من الواقفة الآن بقربه ليتحول ما كانت تفهمه في الماضي

اهتماما لقسوة في نظرها الآن "

شعرت بكلماته صدمت حاجز قلبها وكأنها حجارة تحطم نافذة

من زجاج درجة أن أغمضت عينها لا شعوريا تشعر بوخز الدموع

فيهما وسرعان ما امتلأت بهم ما أن فتحتهما ونظرت له

هامسة بأسى

" ليس ثمة مسميات أخرى للإهمال يا تيم "


نظر حينها لعينيها واستوى واقفا ومسح بإبهامه رموشها وكأنه

يمنع تلك الدموع من النزول قائلا بجدية

" هل سنحتاج فعلا لشرح هذا ماريا ؟ "

حدقت في عينيه وهمست ببحة

" أجل "

تنفس حينها بعمق وقال بذات جديته ناظرا لعينيها

" ماريا ظروف حياتي أسوأ حاليا من أن اشركك فيها فلن أرضى

بتركك في شقتي وحيدة طوال النهار ولن تريني سوى ساعات

الفجر بل وأتغيب عن البلاد لفترات طويلة ولست أضمن أن لا تصابي

بمكروه في غيابي فمن يعنيهم أن يتضرر المقربون مني كثر لأني

أعمل في مجال أعدائي فيه يكونون ضعف أصدقائي ، أنتي أفضل

بعيده عني ماريا أتفهمين هذا ؟ "

نظرت للأسفل تكابد دموعها مجددا وهمست بحزن

" ليته يمكنني فهم ذلك ... لكني أعدك أن لا أهتم مجددا "

همس بكلمة يونانية لم تستطع فهم ما كانت تعني سوى بأنه

شتم أحدهما وقد امتدت أصابعه لوجهها حاضنا بها طرفه وقد

رفعه له مجددا وحدق بعينها قائلا

" ما هو الغير مقنع في كلامي ماريا ؟ "

أسدلت رموشها على تلك الأحداق العسلية ووجها لازال مرتفعا له

وقالت بابتسامة حزينة

" لا شيء ..."

قالتها بصدق وإن كان قد تخلله الكثير من الألم فهي تعلم بأنها

واقع وبأن ما قاله حقيقي تماما ، لكنه يعجز عن فهمها .. عن فهم

ما تحتاجه وما يعنيه لها حقا فقد تعبت من الوحدة ومن التشتت

ومن الضياع ... عاشت ومنذ طفولتها بلا عائلة وبلا انتماء رغم

أنها كانت تعيش مع من يكونون أهلا لها وهي الآن بينهم فعلا

لكنهم لم يستطيعوا ملأ ذاك الفراغ الذي تركه هو في روحها التائهة ..

كيف تشرح له هذا وكيف تجعله يقتنع به وليس يفهمه فقط ؟

شعرت بأصابعه تبتعد عن وجهها ووصلها صوته البارد كتلك

النسمات حولها

" وأنتي تغيرت أيضا ماريا "

رفعت نظرها به سريعا وحدقت به باستغراب فتابع وقد مرر

إبهاماها على شفتيها

" هذه الابتسامة الحزينة لم تكن موجودة في الماضي بتاتا فلما

قتلت تلك الابتسامة الجميلة ماريا لما ؟ "

فقدت حينها أي سلطة لها على تلك الدموع المسجونة في مقلتيها

وهمست بعبرة

" لم أقتلها بل هي من رحلت معك .. مع والدتك ومع كل شي

تشاركنا فيه في تلك البلدة وابتعدنا عنه بعد رحيلنا "


كان أقسى اعتراف أدلت به يوما .. كان تصريحا واضحا وقاسيا

لمشاعرها التي لم تكن لتتخيل بأن تكشفها أمامه أبدا لكنه لعب

وببراعة على أقرب وتر لقلبها فما عاد يعنيها ما قالت وما فهم

من كل ذلك ، أغمضت عينيها برفق وتقاطرت تلك الدموع منهما

تباعا حين أمسك وجهها بيديه وقبل جبينها قبل أن يدفنها في

حضنه لتسجن تلك الدموع والعبرات وسط أضلع صدره وهو

يشدها له أكثر هامسا

" ماريا يكفي بكاء أو قسما غضبت منك "

ابتعدت عنه حينها تمسح دموعها بظهر كفها تنظر للأسفل فامتدت

أصابعه لذقنها ورفع وجهها له وقال بجدية ناظرا لعينيها

" ماريا امنحيني بعض الوقت "

تعلقت نظراتها الدامعة بعينيه وهمست ببحة

" أتعني أن ذلك قد يتغير قريبا ؟ "

مسح بظهر سبابته تلك الدمعة التي تدلت من رموشها قائلا

" لن أحدد ماريا لكنه سيكون تأكدي من ذلك ... إلا إن أنا مت قبلها "

وضعت يدها على شفتيه دون شعور منها قبل أن ترفع جسدها

على روؤس أصابعها وتطوق عنقه بذراعيها تدفن وجهها فيه

وهمست ببكاء

" يكفي ما أخذ الموت مني يا تيم لا تكرر هذا أمامي مجددا "


طوقها بذراعيه بقوة شعرت بها فجرت كل ذاك الشوق بداخلها

وهي تشعر بملمس شفتيه وقبلاته الرقيقة المتتالية لعنقها واصلا

لأذنها وقد همس فيها

" جسدك يرتجف ماريا ، أتشعرين بالبرد ؟ "

ابتعدت عنه حينها تنظر ليديها وهمست بحياء

" أجل ... الجو بارد هنا "

ولعقت شفتيها قبل أن تتابع بذات همسها تلعب أصابعها ببعضها

" إن كان ذاك الكوخ ضمن حدودك فنحن نحتاج له فعلا "

كانت تلك اللحظات التي تلت عبارتها تلك من أصعبها عليها فهي

كانت تريد بالفعل أن تثبت له بأنها تتفهم موقفه وظروفه ولن

تتصرف بأنانية حيال الأمر بما أنه قدم أعذاره بل ووعدها بأن

وضعهما هذا لن يدوم ، رفعت نظراتها له حين وصلها صوته

قائلا بهدوء

" ثمة ما عينا التحدث عنه قبل ذلك ماريا "

نظرت لعينيه بحيرة تتنقل حدقتيها العسليتان بينهما وشعرت بهول

ما كانت تجهل ما يكون ذلك الذي وضعه حاجزا أمام ما سيكون

اتصالا فعليا بينهما كزوجين ! أبعدت شفتيها لتتحدث لكنه منعها

بوضعه لسبابته عليهما قبل أن يبعد يده وتنفس بعمق مخرجا

ذاك النفس دفعة واحدة وقال ما لم يجهزها أبدا لتلقيه منه

" أنا على علاقة بفتاة انجليزية "
*************

المخرج ~

بقلم /أنة غريب

مارية..

قد ضاقت وعليك الفرج
لطفاً يارب الأكوان...

وبحار همومي قد فاضت
أحزاناً تلو الأحزان...

بطفولة قاسية مرة
وشبابٍ ذاق الحرمان...

تيمٌ يامنفاي ووطني
ياسندي في كل زمان...

هل مازلتَ تحفظ عهدي؟.
أم جار عليه النسيان...

*****

تيم...

عمرٌ يمضي ياماريّة
كنتِ زهرة في البستان...

ومضتْ بعدُ سنين الحبِّ
لكنّي ذبحتُ النسيان...

لم أنسَ فاتنتي يوماً
من حجزتْ بالقلب مكان...

بعيونٍ كحلى عسلية
وخدودٍ زهر الرمان...

لكني أمضيتُ حياتي
ببرودٍ غلّف نيران...

عذرا ياغاليتي فإنّي
سأُنسيكِ طعم الحرمان...
******




نهاية الفصل

الإضافه بعد الفصل

آسفة عالتأخير يا بنات وأعتذر أكثر من حبيبتي فيتامين سي لتعبها معاي في ظروفها الحالية وربي يشهد إني خجلانة منها خجل كبير فرغم كل شي تقاوم ظروفها لإيصال الفصل لكم .. ربي ما يحرمنا جميعا منها ومن سعة صدرها



فيه نقطة يمكن تحتاج توضيح عشان ما تتشابك عندكم الأمور وهي حكاية ماريرين والي هي إن يحي غيلوان تزوج بالصحفية الإيرلندية أم مايرين وهازار وكان وقتها عنده ولد رضيع وهو شقيقهم جسار وحملت بهازار وولدته وأرضعت جسار معاه وبعد وفاة يحي غيلوان ب 31 سنة تقريبا حملت بمايرين ووقعت التهمة على والد أويس الي يكون زوج شقيقة يحي غيلوان وابن عمومتهم ورغم إنكاره زوجوه بها بعد ولادة مايرين ومات بعدها بعام وسجلوا مايرين بإسم يحي غيلوان وتركوها بين نسبين . وعمر هازار حاليا 39 سنة نفس عمر عمير ورعد وعمر مايرين 20 سنة

أتمنى تكون حكايتهم واضحة وأعتذر مرة ثانية على تأخر الفصل كل هالوقت

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 25-11-17, 01:10 AM   المشاركة رقم: 600
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

آآآه أخيرا نزل الفصل
هذا الفصل نفسي أشد أذن ميشو على اللي عملته فيه
من يساعدني ويمسك الإذن الثانيه

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 09:24 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية