لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المهجورة والغير مكتملة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المهجورة والغير مكتملة القصص المهجورة والغير مكتملة


أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي

بسم الله الرحمن الرحيم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . لا اجيد كتابة مقدمات منمقة ولكن هذه الرواية كانت في ذهني من قبل كتابتي

موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-03-17, 03:05 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2016
العضوية: 311025
المشاركات: 102
الجنس أنثى
معدل التقييم: شخابيط فتاة عضو على طريق الابداعشخابيط فتاة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 153

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شخابيط فتاة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .


لا اجيد كتابة مقدمات منمقة ولكن هذه الرواية كانت في ذهني من قبل كتابتي لرواية حرمتني النوم ياجمان..

ولكني آثرت تأخيرها حتى اتمكن من العودة بأسلوب وفكر انضج بإذن الله..
هذه الرواية غالية على قلبي جدا وارجو من الله ان ترقى لمستوى ذائقتكم..


اتمنى ان اجد الدعم لديكم ال ليلاس.

لكل من شجعني في روايتي السابقة شكراً من صميم قلبي ..

لا اعلم ماهي الظروف التي ستواجهني اثناء كتابتها ولكني سأحاول الالتزام قدر المستطاع..ورجائي ان تعذروني في حال تقصيري..

اتمنى ان تلقى احرفي المتواضعة القبول بينكم

...فهل أكسرها!!/بقلمي


...فهل أكسرها!!/بقلمي



كان هناك شيء جعلني اصمت حين سمعت صوتك في ذلك اليوم..
وذلك الشيء هو كبريائي..
حين طلبت منك ان تغربي..حين اخبرتك الا تعودي ..كان قلبي يتمزق..
اخبرتك الا تتصلي ولكني انتظرت اتصالك..
سالت الدموع على خدي حين اخبرتك اني لا اريد سماع صوتك…شلالات الألم جعلت من قلبي جمرًا اجفف به ذاتي..
احترقت روحي … تجعدت بشرتي..
تمنيت أن تعودي تلك الطفلة التي ألاعبها بين يدي..
اردت اخبارك انني سأبقى بجانبك دائماً،ولكن…
كيف أواسيك وقد كسرت كلامي؟؟
كيف ابقى وأنتِ قتلتني؟؟
اعترف بهذا..لقد كذبت..
كذبت حين قلت أن امرك لا يهمني..كذبت حين قلت أنني مسحتك واقتلعتك ومحيتك من حياتي..
اخبرتك أنني لا أريد رؤيتك ولكنني كنت أنتظر عودتك..
حاولت نسيان أمرك ولكن نسيانك ضرب من المستحيل..
كيف أنساك وهواجس صوتك في أذني...
كيف أغض طرفي وطرفك في خيالي..
كيف أنساك وأنتِ ملاكي..كيف أنساك وأنتِ بسمتي..
رغم كل ماحدث كنت مستعداً للعفو عنكِ..
أقسم لو أنكِ طلبت العفو لمرة واحدة فقط لم أكن لأكسرك..
أنت مرآتي..فهل أكسرها؟
روابط الفصول
الفصلين الاول و الثاني في نفس الصفحة
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصلين الخامس و السادس
الفصلين السابع و الثامن
؟

 
 

 

عرض البوم صور شخابيط فتاة  

قديم 13-03-17, 03:14 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2016
العضوية: 311025
المشاركات: 102
الجنس أنثى
معدل التقييم: شخابيط فتاة عضو على طريق الابداعشخابيط فتاة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 153

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شخابيط فتاة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شخابيط فتاة المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي

 


الفصل الأول:وهل يجدي الندم؟؟


تسرق منا الأحزان أجمل ما نملك..
تسرق دقات قلوبنا المحبة.. تسرق همسات نفوسنا الطيبة.. تسرق نور عيوننا الحالمة.. تسرق حياتنا.. تضيع أفراحنا…

توقفت امام باب المشفى وثبت بصري على البوابة ودقات قلبي تأبى الوقوف..لازالت كلمات سالم تتردد في أذني..
(ديما تصارع الموت)..

سرت بهدوء دون ان أتكلم وفي مخيلتي تتراءى أيام جميلة من الماضي عشتها معها .. سرت وأنا أرى اطياف المستقبل المجهول تحمل الموت والعذاب بين طياتها..

هززت رأسي في محاولة مني لطرد تلك الأفكار..كلا..صغيرتي لن تموت...سنعيش معاً مجدداً..ولن أسمح لأي أحد بأيذئها مادمت حيا...

وصلت الى قسم الطوارئ فوقف سالم بارتباك حين رآني..اقترب مني وهو يهمس: تماسك يا عمّار أرجوك..

وجهت بصري اليه ثم أغلقت عيني وأنا أحاول جاهداً الحديث,,لم أعد أقوى على تحريك لساني من عظم مصابي..تحركت شفتاي أخيراً وأنا أهمس بضعف:أين هي؟؟

أشار سالم برأسه لغرفتها:أنها هناك..

دفعته عن طريقي فوراً ثم اتجهت لتلك الغرفة وفتحتها باندفاع وأنا أهتف: ديما!!

ذاب الكلام بلساني وأنا أراها مستلقية على الفراش كجثة هامدة...اتسعت عيناي من هول مارأيت… .

تسارعت ضربات قلبي.. تردد نفسي...يبس ريقي…

وضعت يدي على صدري حين شعرت بذلك الألم يخترق قلبي كسهم قاتل يبقى أثره على مرور الزمن..

التفتت احدى الممرضات نحوي وهي تصرخ بحدة: سيدي اخرج من فضلك..

كنت أود تجاهلها..أردت أن أقترب من ديما أكثر..وددت أن أخبرها بأنني هنا..لقد عدت اليك صغيرتي..

امسك سالم بكتفي وأخذ يقتادني معه لخارج الغرفة..

مشيت معه بدون أن أعترض ولكن دمعة نزلت من عيني وأنا أردد بشكل هستيري: لقد ضاعت بسببي سالم..ستموت بسببي..ستموت..ستموت...

احتضنني سالم بكل قوته :لاتفعل هذا بنفسك عمّار..اهدأ أرجوك...

مشيت مع سالم بخطاً متثاقلة بعد أن شحب لوني وابيضت شفتاي واحمرت عيناي من الدمع..

جلست في غرفة الانتظار..انتظر خروج الطبيب ليطمأنني عليها…

هل ستكون ديما في عداد الأحياء أم الأموات؟؟

اغلقت عيني وعدت بذاكرتي لليوم الذي بدأت فيه قصتي..

بت أتذكر والدموع تجري على خدي مدراراً بعدما غرق قلبي من الحزن والبكاء والندم..

ولكن..

هل يجدي الندم نفعاً؟

وهل تخضر الأوراق بعد اصفرارها وذبولها؟؟

وهل تعود الأيام واللحظات بعد رحيلها؟؟

لقد بدأت قصتي قبل تسعة عشر سنة..في داخل حي شعبي قديم يحوي الكثير من البيوت.. .
يسكن بين تلك البيوت قلوب طيبة.. تضم في ثناياها أسرارا وحكايا.. .
جميلة كارتسام الشمس البعيدة في الافق..حزينة كليل عابر بلا حلم..

يقف طفل في التاسعة من العمر وهو يرمش بعينين كزرقة البحر..وشعر ذهبي ينساب على كتفيه بنعومة..يختلس النظر الى غرفة والديه وهو يسمع شجارهما..

نعم..ذلك الطفل..هو أنا..

بدأ كل شيء حين علم أبي بحمل أمي..

-لماذا لم تخبريني بأمر حملك قبل الآن..لقد تعمدتي اخفاء الأمر اليس كذلك؟؟
هل تريدين مني أن أصدق أنك لم تعلمي بأمر الحمل لخمسة أشهر؟؟

ردت أمي بغضب: وهل تسنى لي رؤيتك حتى أخبرك بالأمر.. لقد تغيبت عن المنزل لأشهر بدون أن تسأل عن حالنا..لم تسنح لي الفرصة لأخبرك..

ارتفع صوت والدي: لقد أخبرتك أنني لا أريد أي طفل غير عمَار...انها فتاة يا هيلين.
الا تدركين مقدار المصيبة التي ستحدث بسببك...؟؟
انني أجاهد منذ فترة لأقنع والدي بالاعتراف بعمّار..عزائي بأن عمار قد كبر وسيتمكن من الاعتماد على نفسه ان حصل شيء لي...اما الآن ومع هذه المصيبة داخل أحشائك..كيف سأخبر والدي؟؟

زفرت أمي ثم صرخت معترضة:ان كنت لا تريد طفلاً فأنا أريد..ماذنبي لأحرم من الأطفال بسببك ..لازلت في بداية عمري..لا يهمني أن قبل والداك الاعتراف بأبنائي أم لا ..ان لم تكن تريدنا..فسأعود مع ابنائي لأمريكا وسأختفي من حياتك الى الأبد..

احتقن وجه والدي من شدة الغضب..اقترب من أمي ثم أمسك بعضدها وهو ينطق بحدة: أياك والتفكير بهذا..ان اردت العودة لبلدك فلن اعترض...ولكن..لا تتدخلي بأبنائي..هل هذا مفهوم؟؟؟

ضحكت أمي باستهزاء:ماهذا التناقض الذي تعيش به..الم تخبرني انك تريد اجهاض الطفلة؟؟
هل أصبح أمرها يهمك الآن؟؟

دفعها والدي بكل قوته ثم صرخ :لا فائدة من الحديث مع امرأة مثلك..

قالها وهو يهم بالخروج من الغرفة..ولكن صوت أمي قد استوقفه وهي تصرخ: ليتني استمعت لكلام والدتي..كان علي أن لا أتزوج برجل مسلم..

تجاهل أبي تذمرها وهو يقوم بفتح الباب..تصلب بمكانه وهو يراني أقف أمامه..

شعرت بالخوف وأنا أنظر اليه..لم أرى والدي غاضباً هكذا من قبل..لقد اعتدت على نظراته الحنونة..

مرت ثلاثة أشهر تقريباً منذ آخر مرة رأيته بها..

ولكن شكله قد تغير كثيراً.لا أستطيع نسيان وجه أبى في ذلك الوقت.. لقد كان وجهه شاحباً جداً وفى حالة يرثى لها..عيناه محاطتان بالسواد..

كما انه من الواضح جدا انه قد فقد الكثير من وزنه..فقد أصبح جسده نحيلاً..كما أن عظام فكه قد برزت..

جثى أبي على ركبتيه أمامي ثم احتضنني حين رأى خوفي..مسح على شعري وهو يهمس بصوته الأجش: كيف حالك أيها البطل؟؟

أبعدني عن حضنه حين رأى صمتي..نظر الى عيني باهتمام:مالأمر يابني..

اجبته بتردد:أبي..لماذا تريد أن تموت أختي؟؟

اتسعت عينا أبي بصدمة..اجابني بارتباك:كلا ياولدي..انا لا اريدها أن تموت..كل مافي الأمر أنني أخاف عليها..

بدأ يتحسس وجهي بيده الحانية وهو يتابع الحديث:اخاف عليها من هذه الدنيا..قد لا اتمكن من البقاء معكم دائماً يابني..كيف ستتمكن طفلة صغيرة من العيش بدون أب؟؟

هززت رأسي وأنا أجيبه: كلا أبي..ستعيش معنا..وستكبر أختي وتصبح فتاة قوية..

ابتسم والدي بحزن:هل ستقوم بحماية أختك يا عمّار؟؟

عقدت حاجبي باستغراب..

طبع والدي قبلة على جبيني:عدني يابني بأنك ستحميها مهما اشتدت الظروف..عدني بأنك لن تتخلى عنها أبداً..

اجبته بثقة:أعدك..

اعادني أبي الى حضنه من جديد ولكني في هذه المره ..قد شعرت بجسده وهو يرتعش..لا أعلم..هل كان أبي يبكي حينها ياترى؟؟

لقد كانت تلك المرة الأخيرة التي أرى والدي بها..

مرت الأيام..وأتى اليوم الموعود..يوم ولادة أمي..

لقد كانت ليلة ماطرة..استيقظت من نومي وقتها على صوت والدتي وهي تصرخ باسمي..

ركضت الى غرفتها فزعاً لأراها..

فتحت باب الغرفة فوجدتها تجلس على الأرض بجانب سريرها وهي تتمسك بفراشها بكل قوتها..فتحت عينها ببطء ثم نظرت الي وهي تلهث وقطرات العرق تتساقط من جبينها من شدة ماتعانيه من آلام المخاض..

تحدثت بصوت متقطع: عمار..سأموت..ساعدني أرجوك..

ركضت اليها ولكن صراخها قد استوقفني:اذهب لاستدعاء أي أحد...يجب أن أذهب الى المشفى حالاً..

أومأت برأسي ..ثم خرجت من المنزل وبدأت الركض في تلك اللحظة...ركضت كما لم أركض من قبل..أرجوك يا الهي احفظ أمي..

وصلت الى منزل جارنا السيد عبد الرحمن وبدأت أطرقه بطريقة جنونية..

وصلني صوته بعد ثوان: حسناً حسناً..

فتح السيد عبد الرحمن الباب وهو يسألني بخوف: ما الذي حصل يابني...لماذا ترتجف هكذاً؟؟

اجبته بصوت متقطع من شدة البكاء: أمي.أمي ..تموت..

تلفت السيد عبد الرحمن حوله ثم صرخ منادياً زوجته: سميرة..تعالي بسرعة..

خرجت الخالة سميرة من غرفتها ثم لحقوا بي باتجاه المنزل… .
اتجهت الخالة سميرة لغرفة أمي ..أما السيد عبد الرحمن فقد كان ينتظر بسيارته لينقل أمي الى المشفى..

خرجت الخالة سميرة من غرفتها وركضت باتجاه المطبخ..ولكنها وقبل ان تدخل التفتت الي: عمار..اخبر عمك أننا لن نتمكن من نقلها الى المشفى..لا تقلق ...ستلد والدتك الآن وسيكون كل شيء على مايرام..

قالتها ثم دخلت الى الغرفة..

لم أكن أعي كلامها جيداً..لماذا لا تريد أخذها الى المشفى...امي تشعر بالألم..أسمع صراخها..أمي ستموت..

أيقظني من صدمتي صوت أبواق سيارة السيد عبد الرحمن..

ذهبت اليه لأخبره بالأمر..ولكنني انفجرت بالبكاء..

خرج السيد عبد الرحمن من السيارة وهو يسألني بخوف :ما الذي حصل؟؟

اجبته بصوت متهدج:أمي ستموت ..انها تصرخ ..قالت الخالة سميرة انها ستلد الآن..

ابتسم السيد عبد الرحمن وسرعان ماتحولت ابتسامته لضحكات...اخذ يتحدث وهو يضحك: لماذا تبكي الآن..كل شيء على مايرام..ستنجب أمك طفلة جميلة تلعب معك..تعال معي الى الداخل..هيا..

مشينا معا وجلسنا بداخل غرفتي..كنت التفت باتجاه غرفتها فزعاً كلما سمعت صراخها ولكن السيد عبد الرحمن كان يمسك بيدي ويخبرني بأنه أمر طبيعي..

مرت الوقت ببطء شديد..

مع كل صرخة من أمي كان قلبي يخفق بقوة أكبر..

توقف صوت صراخ أمي فجأة..

ولكن ..وبعد وهله..

عاد صوت الصراخ من جديد!!

كلا...

لم يكن صراخ أمي..

كان صراخ طفلة..

التفت الى السيد عبد الرحمن بعينين شاخصتين لا تعلم ماذا ينتظرها..

ابتسم لي: لقد وصلت أختك..

فتح باب غرفة أمي فأخرجت الخالة سميرة رأسها: عمار..احضر منشفة صغيرة ثم تعال لرؤية أختك…

ركضت باتجاه خزانتي لاحضار المنشفة..

اتجهت الى غرفة أمي بعدها وفتحت الباب بارتباك...وجدت أمي مستلقية على سريرها مغمضة العينين والسيدة سميرة بجانبها تحمل أختي وتقوم بغسلها بذلك الطشت أمامها..

التفتت الخالة سميرة الي: تعال يا عمار..تعال لرؤية أختك.. اقتربت منها فقامت بأخذ المنشفة من يدي وقامت بلف أختي بها..

وقفت الخالة سميرة بجانب أمي..وحين همت بوضع أختي في حضنها قامت أمي بدفعها..

رمشت الخالة سميرة بعينها مصدومة من موقف أمي.. شعرت ببعض الحرج فذهبت للخالة سميرة:خالة سميرة ..أعطني أياها.. وضعت الخالة سميرة أختي بيدي..تأملت ملامحها البريئة فشعرت بالحزن..هل هذه هي الطفلة التي تمنى والدي موتها..
ماهو الذنب الذي ارتكبته لتنظر امي اليها بهذا الحقد...

رفعت بصري الى أمي وبدأت احاول استعطافها وأنا أحدثها بالانجليزية كي تفهمني:انظري يا أمي كم هي جميلة..مارأيك..ماذا نسميها؟؟

نظرت أمي الي باشمئزاز ثم نطقت بحدة:سأسميها حظي السيء..ليتها لم تولد..انها غلطة..ارأيت..لم يفكر والدك بزيارتنا منذ اربعة أشهر بسببها..لا أملك المال لأطعامكم ووالدك لم يفكر بالسؤال عنا حتى..

بهتت ملامحي من كلامها..نظرت الى اختي بحزن.ماذنب هذه الطفلة بخلاف والدي..


لماذا لم تأت لزيارتنا يا أبي؟؟

ألم تخبرني أنك خائف على أختي؟؟

لقد وصلت أختي لهذه الدنيا..اننا نحتاج اليك أبي..

حاولت أن أطمئن أمي: سيأتي أبي يا أمي..أنا متأكد من هذا..

زفرت أمي بغضب ثم اغلقت عينها بدون أن ترد..

التفت الى الخالة سميرة..فلمحت التساؤل في نظرتها..ابتسمت لها بارتباك: ان امي تفكر باسم لأختي..تريد اسماً عربياً ولكنها لا تعرف لهذا تشعر بالغضب.

شعرت بأن كلامي لم يكن مقنعاً..ولكن الخالة سميرة أرادت مجاراتي: لماذا لا تسمونها ديما..

عقدت حاجبي باستغراب: ديما!

أومأت برأسها: ديما يعني المطر الشديد..بما أنها قد ولدت في ليلة ماطرة فأسموها ديما..

نظرت الى اختي بابتسامة...
ديما..

ياله من اسم جميل..انا اعشق المطر ..وسأعشق اي اسم يتعلق به بالتأكيد...

ما اجملك وما اجمل اسمك ديما..


لم تتمكن والدتي من تقبل ديما..فقد شعرت بأنها سبب تخلي والدي عنا..

تبقى ديما معظم الوقت معي..لقد قام أهل الحي بجمع التبرعات من أجلنا وقاموا بشراء الحليب والحفاظات وغيرها من مستلزمات الأطفال من أجل ديما..

كان أمراً محرجاً لوالدتي..

في الحقيقة..لقد أحزنني هذا الأمر أيضاً..

مر أسبوعين على ولادة أمي ولم يأتي أبي بعد..ولكني لم أفقد الأمل..انني انتظر قدومه يومياً أمام نافذة المنزل..

أنا متأكد من أنه لن يتخلى عنا..

أين أنت يا أبي؟؟

نحن نحتاج اليك..عد الينا ..

أرجوك..
.
.
.
في مكان آخر مختلف..بداخل فيلا واسعة...

هناك.تقف الذكريات..

هناك يحتار الحنين..

اجتمعت مع أخوتي في منزل أبي...ولكن في هذه المرة لم يكن اجتماعنا احتفالاً..

كلا..

لقد اجتمعنا للتخفيف عن أبي..

رغم مرور شهر على وفاة أخي حسن الا أن حزن أبي لم ينتهي بعد..

اعتقد انه نادم لأنه كان قد تبرأ منه منذ عاد من بعثته في أمريكا فقد سافر حسن رغما عنه ..

أخبرتني هيا أن أبي يريد التحدث معي بأمر مهم لذلك توجهت وحدي نحو غرفته..

دخلت اليه لأراه يجلس على مكتبه متكئً على مرفقيه..

التفت الي حين سمع صوتي وأنا أسلم عليه..

قبلت رأسه وبعد سؤاله عن حاله صمت منتظراً اياه ليتحدث..

نظر أبي الي وهو يرفع صورة بيده..

عقدت حاجبي وأنا أحمل تلك الصورة..لقد كانت صورة لأخي حسن وهو يحتضن فتى في السابعة من عمره تقريباً..

ولكن يبدو بأنه ولد أجنبي..عينيه الزرقاوين وشعره الأشقر يدل على ذلك..

هل التقطت هذه الصورة في أمريكا ياترى؟؟

رفعت بصري الى أبي وأنا أسأله باستغراب:ماخطب هذه الصورة..من يكون هذا الفتى؟؟

اجابني والدي بارتباك:اسمه عمار..انه ابن اخيك حسن..

انخفض صوته وهو يكمل حديثه: فرد من عائلة العالي..

ضحكت بصدمة: ههههه فرد من عائلة العالي؟؟
انك تمزح بالتأكيد..

تلاشت ابتسامتي حين رأيت نظرات أبي الجادة..تابع أبي حديثه:لقد تزوج بها أخوك بدون اذننا..تبرأت منه لهذا السبب ولكنه عاد منذ ستة أشهر وأوصاني أن أعتني بولده ان حصل شيء له..

نزاحمت الدموع في عينيه: أرجوك حازم..اذهب للاطمئنان عليه..ولكني أريد أن يبقى هذا الأمر سراً..تأكد من أنهم يعيشون بحال جيدة فقط..ارح قلبي يا بني..

نظرت اليه بتساؤل: ولكن..كيف سأعثر عليه؟؟

اخذ أبي تلك الصورة من يدي وقام بقلبها فظهر ذلك العنوان خلفها..

حدقت بالعنوان لفترة ولكن صوت أبي اعادني للواقع:أرجوك بني..اذهب لرؤيته لا استطيع التوقف عن التفكير به منذ وفاة حسن...

أومأت برأسي وأنا لا أكاد أصدق ما سمعته..

أخي حسن..متزوج!!
.
.
.
استيقظت من نومي قبل غروب الشمس بقليل.. ولا زالت صور مبعثرة من الحلم الذي رأيته ترتسم أمامي..لقد رأيت أبي يلاعب أختي بين يديه..

خطوت بهدوء نحو النافذة لأراقب الطريق من جديد..أين أنت أبي..ألن تأتي اليوم أيضاً؟؟

لم أكد استرسل في التفكير قبل أن تتوقف تلك السيارة بالقرب من منزلنا..

عقدت حاجبي باستغراب وأنا أراها..من الواضح أن صاحبها رجل ثري..

فتح باب السيارة ثم ترجل صاحبها منها وبدأ يتلفت حوله وملامح الاشمئزاز ظااهرة على وجهه..

خفق قلبي بشدة حين رأيته..هل هو أبي!!

نعم أنه أبي..شعره الكث الأجعد..عينيه الصغيرتين..وأنفه الحاد...لقد عاد أبي.

تأكد شكي حين قام ذلك الرجل بطرق باب منزلنا..ركضت نحو الباب بحماس لأقوم بفتحه ..

فتحته وقد كنت أنوي ان ارتمي بين ذراعيه..

ولكن..

ما ان قمت بفتح الباب حتى أدركت انه ليس أبي..

انه يشبهه نعم..ولكن جسد هذا الرجل أكثر ضخامة ...

كما أن نظراته أكثر حدة..

قام الرجل بدفع باب المنزل وهو يدخل اليه ثم بدأ يتلفت حوله باستغراب.. .
همس بضجر: كيف يمكن لأي شخص أن يعيش بمنزل كهذا...وكأنكم تعيشون بداخل جحر..هل يعقل أن أخي كان يعيش هنا!!

تنحنحت فالتفت الرجل الي..

ارتسمت على شفتيه ابتسامة حنون:أنت عمار اذا؟؟

أومأت برأسي باستغراب..

وضع يده على كتفي:آخ يا أخي انظر لحال أبنك..

خرجت أمي من غرفتها وهي تحمل ديما بيدها: عمار..عمار..

التفت الرجل باتجاه الباب..وحين رأى أمي أبعد بصره فوراً..

صرخت أمي : من تكون..من الذي سمح لك بالدخول الى هنا!!

أجابها ذلك الرجل بالانجليزيه مما أثار استغرابي:لا تصرخي..جئت لأطمئن على حالكم فقط..لقد أوصاني حسن بذلك قبل موته..

تصلبت أمي بمكانها حين قال هذا..أما أنا ..فقد ركضت الى ذلك الرجل وأنا أصرخ باستنكار: أين هو أبي..هل تعرف أبي..أرجوك ..أخبره أنني انتظر عودته..

نظر الرجل الي بحزن ثم جلس بجانبي: لقد ذهب والدك لمكان أفضل يا بني..لقد ذهب لملك الملوك..

بدأت أمي تصرخ بهستيريا: كلا..كلا..كلا..لا يمكن أن يموت حسن..كيف يموت بدون أن يرى طفلته..لماذا تركنا…آآآآآه..حسن لم يمت..حــسن.

التفت الرجل الى أمي بصدمة وكأنه قد أدرك وجود ديما للتو..

وقف أمام والدتي وهو يصرخ بحدة: ومن أين أتت هذه الطفلة أيضاً..لقد أخبرنا حسن أن لديه ولد فقط..

اجابته أمي : لقد ولدت منذ أسبوعين..

ضحك الرجل باستهزاء: هي ..هل تعتقدين أنني مغفل يا هذه؟؟
رجاءاً..لا تلقي بقذارتك علينا..ان كانت ابنة أخي لكان أخبرني عنها..

زفر بضجر وهو يتابع حديثه:لا يهمني أمرك أساساً..افعلي مايحلو لك..سأعطيك مايكفي من المال لتعودي لبلدك.. هل هذا مفهوم؟؟ سأعود بعد أسبوعين لأخذ عمار معي..أما أنت..فتدبري أمرك..عودي لبلدك مع ابنتك..واياك ان تفكري بالعودة ..يكفينا فضيحة هذا الفتى...

قالها وهو يشير الي..

قام بأخراج حزمة من المال من جيبيه بعدها وألقى بها في وجه أمي بطريقة مهينة..

نظرت اليه بصدمة..ولكنه لوح لي وكأنه لم يفعل شيئاً :أراك لا حقاً أيها البطل..

قالها..ثم خرج من المنزل..

انهارت أمي باكية...أما أنا فقد أدركت حديثه للتو..قال أنه يريد أن يأخذني من أمي..

انحنيت للأرض لرفع النقود ثم خرجت راكضاً لألحق به..

من يعتقد نفسه ليهين أمي هكذا..لن أسمح له بهذا..سأعيد النقود اليه وسأخبره أنني لا أريد الذهاب معه…

ركب عمي بسيارته ثم قام بتحريكها...حاولت اللحاق به ولكنني لم أتمكن من ذلك…

توقفت بمكاني أرقب السيارة وهي تبتعد وأنا ألهث من شدة التعب..نظرت الى المال بيدي ثم رفعت بصري الى الفراغ أمامي وأنا أصرخ بأعلى صوتي:لا أريد الذهاب معكم..لا أريد..

لقد كان يوماً عصيباً علينا..انقلب حالنا منذ علمنا بوفاة أبي...لم تعد أمي كما كانت..

أصبحت ألحظ انها تجري مكالمات بالسر عنا..أما أنا..فقد بت مرتعباً بسبب ذلك الرجل..

أحلم به في كل ليلة وهو يأتي ليأخذني من والدتي..

مر أسبوع منذ علمنا بوفاة أبي..

كنت أجلس بداخل غرفة مظلمة وحدي حين طرق الباب بطريقة جنونية..اتجهت الى زواية الغرفة ثم أغلقت عيني بكل قوتي وأنا أضع يداي على أذني في محاولة مني لصمها عن سماع تلك الطرقات..ولكن صوتها كان يرتفع أكثر.

لماذا أبقى وحدي في هذه الغرفة..أين ذهبت أمي ..لا أريد الذهاب مع ذلك الرجل..أريد أن أبقى معك أنت وأختي فقط..أريد أن أعيش معكم..لا تدعوه يأخذني..

فتح باب الغرفة بقوة فصرخت بأعلى صوتي وأنا أرى ذلك الرجل يمشي باتجاهي والشرر يقدح من عينيه..

حاولت الهرب ولكنه قام بمحاصرتي بجسده الضخم ثم أمسك بيدي وأخذ يجرني غير مبالياً بسماع صوت صراخي..

حاولت مقاومته وأنا أنظر للناس حولي باحثاً عن النجدة..لمحت أمي تقف بين الجموع وهي تحمل ديما بيدها وعيناها مترقرقتان بالدموع..

صرخت مستنجداً ولكنها تجاهلت صراخي..

تمكنت من أفلات يدي من ذلك الرجل ولكن.

حين بدأت أركض باتجاه أمي كانت أمي تبتعد عني كسراب في صحراء واسعة…

أرتفع صراخي أكثر: كلا ماما..لا تتركيني وحدي..مــــــــــامــــــــــــــــــــــــأ..


صوت ارتطام قوي..استيقظت بعدها فزعاً من ذلك الكابوس..تلفت حولي بخوف..لقد كان صوت الرعد فقط…

نظرت الى النافذة وأنا ألهث من شدة خوفي..لقد كانت النافذة تهتز بعنف بسبب الرياح مصدرة صوتا مثل صوت الطرقات..

نظرت الى السقف حين شعرت بقطرات المطر تتساقط على وجهي.....

يا الهي..لقد بدأ الماء بالتسرب...

مسحتها بسرعة ثم وقفت من سريري لأذهب لأمي..

أشعر بخوف شديد..منذ أتى ذلك الرجل وأنا أحلم به يومياً وهو يبعدني عن أمي..

فتحت باب غرفة أمي بهدوء فالتفتت امي الي بارتباك..

تعجبت من ارتباكها كثيرا..

لقد كانت امي تتحدث بالهاتف..مع من تتحدث ياترى؟؟

اغلقت السماعة ثم مشت باتجاهي : عمّار..مابك يا صغيري؟؟

نظرت الى الأرض: أمي..أنا خائف جداً..كما أنني أشعر بالبرد..لقد تسلل الماء الى غرفتي..هل ..

نظرت اليها نظرة متوسلة: هل أستطيع النوم بجانبك اليوم؟؟

ابتسمت امي بحنان..ثم فتحت ذراعيها لاستقبالي: تعال يا بني..

ركضت اليها وارتميت بين ذراعيها..لا أريد الابتعاد عنها..

تساقطت الدموع على خدي وأنا أرجوها: أرجوك أمي..لا تدعي ذلك الرجل يأخذني..أنا أريد البقاء معك أنت وديما..

طوقتني أمي بذراعيها وهي تهمس:لا تفكر بالأمر يا ولدي..لا تصدر أي صوت كي لا تستيقظ أختك..هيا اصعد على السرير بهدوء كي ننام..

صعدت على السرير مع أمي..وبدأت أشعر بالأطمئنان وأنا بجانبها..نمت نوماً هانئاً في حضن أمي..شعرت بالدفء والأمان وأنا أسمع نبضها وانفاسها...ليس في الدنيا وسادة أنعم من حضن الأم...أستغرقت في نوم عميق..ولكن سكون تلك الليلة لم يدم..

لقد راودني في تلك الليلة كابوس آخر..

كان أقرب مايكون الى الهذيان من الكابوس..فقد كان صوت أمي تطبطب على كتفي وتهمس بكلمات وداعية بنبرة حزينة:
عمّار..انت تعلم انني احبك واهتم لأمرك يا بني..ولكن وجودي معكم سيدمر حياتكم..انا لا أملك المال الكافي لأطعمك مع أختك..
كما أن أعمامك يرفضون وجود ديما معهم بسببي..
الناس في الحي هنا طيبوا القلب..لن تبقوا وحدكم..
إن علموا بذهابي فسيبلغون أعمامكم وحينها سيضطرون لأخذكم معهم..
سيعترفون بديما كفرد من عائلة العالي..كما أنك ستعيش معهم في قصرهم..
لن تشعر بعد اليوم ببرد أو صقيع ..ستنام بفراش دافئ..
لن تكابد الجوع مجدداً..ستنعم دائماً بوجبة ساخنة تسد رمقك..
ارجوك بني..اعتن بأختك دائماً ولا تحقد علي..انني أفعل ذلك لمصلحتكم..

ابعدت أمي يدها عن كتفي بعد أن أنهت حديثها..اردت أن أصرخ وأخبرها ان لا تذهب ولكنني لم أتمكن من الأستيقاظ ..نعم ..لابد أنني أحلم..من المستحيل أن تتخلى والدتي عنا..كما أنني أشعر بأنفاس شخص بجانبي..


نعم..أمي نائمة بجانبي..مددت يدي أتحسس ذاك الجسد أمامي ولكنني سرعان ما فتحت عيني فزعاً..انه جسد صغير..

جسد أختي ديما!!

انزلت قدماي عن السرير وبدأت أمشي الى أن وصلت الى الصالة..ضاقت عيناي انزعاجاً من الضوء..فوضعت يدي أمام عيني لحمايتها...

الاضواء مشتعلة ..وهناك صوت خرير للماء..الحمد لله لقد كان كابوساً ….لابد أن أمي في الحمام فقط..

اقتربت من الحمام ببطء وأنا أهتف: أمي!!

ازدادت دقات قلبي حين اقتربت..باب الحمام مفتوح..وأمي غير موجودة..وصوت الماء هو بسبب المطر فقط!!

بدأت أتلفت يمنة ويسرة وأركض في أرجاء المنزل كالمجنون وأنا أهتف بخوف: أمي..أمي..أين أنتِ..

لم أستطع السيطرة على نبضات قلبي الجنونية..ارتعبت من فكرة ترك أمي لنا..هل يعقل أنني لم أكن أحلم!!

لم أستغرق في التفكير كثيراً..فقد خرجت من المنزل فوراً لأبحث عنها..إن كانت قد خرجت فلا بد أنها لم تبتعد كثيراً..سألحق بها وأوقفها..

لقد كان الطريق مظلماً.. .. مظلماً جداً..

السواد يحيط بي من كل مكان..وقطرت المطر قد كونت بركاً صغيرة من حولي.

ركضت غير مبالٍ بتبلل ثيابي..أشعر برعب كبير..

رعب من فقدان أمي..كنت أركض دون توقف في ذلك الطريق ودموع عيني تنزل على خدي بغزارة لتختلط مع قطرات المطر...

تسارعت خطواتي أكثر ..وتلاحقت انفاسي بسرعة أكبر حتى غدوت أسمعها... .
انطلقت صرخة ألم من شفتي حين تعثرت خطوتي وسقطت أرضاً..

تساقطت الدموع حارقة على خدي ألماً وحسرة:آآآآآآآآآآآه ..مـــــــامــــــــا...

بقيت أبكي على الأرض لفترة ..

في اللحظه التي كنت اصنع ابتسامتي واقتل فيها حزني الذي يعبر عن واقعي ...احترق قلبي .

احترق قلبي.وصرخاته ما تزال صداها في أذني ....

احترق قلبي واحترق املي واحترقت مشاعري واحترق كل شي واصبح رماداً تذروه الرياح ....

احترق قلبي ولن يستطيع شتى من في العالم ان يقنعني بأن هناك قلباً يستطيع ان يحتوي قلباً محروقاً وان يعيد إليه الحياه ..

رفعت رأسي عن الأرض لأرى الطريق مجدداً...ولكنني أغلقت عيني بقوة بسبب الضوء الذي وجه لعيني..فتحت عيني ببطء لأرى تلك السيارة متوقفة أمامي..ترجل صاحبها منها ثم ركض باتجاهي فزعاً:بني ..هل أنت بخير.. .

جلس القرفصاء بجانبي ثم أمسك بكتفي ليساعدني على الوقوف..

رفعت يدي باتجاه وجهي لأمسح دموعي قبل أن يلحظها فتلوث وجهي بالطين..

همس الرجل بحزن: ما الذي تفعله هنا يا صغير...عد الى المنزل..الجو بارد جدا..ستمرض ان بقيت تلعب هنا..انظر كيف اتسخت ثيابك..هيا عد يا بني الوقت متأخر..هل تعرف طريق المنزل؟؟

كنت أريد الرد عليه ولكن ماخرج من شفتي هو شهقة تخنقها العبرات...اعلنت تلك الشهقة عن بكائي بعد خروجها...بكيت كما لم أبك من قبل..

ماما..

علميني الحديث مجدداً..ارفعيني وضميني بين ذراعيك أماه..

ماما..

أنا أرتجف من البرد..تعالي ودفئيني بصدرك أماه.

ماما…

وجهي قد اتسخ بالطين..تعالي وامسحيه بيدك الحانية أماه..

ماما.. ماذا يعني المنزل بدونك ؟؟

اريد أن أشكو اليك أحزاني...

امنحيني المأوى...وابقي معي دائماً ولا تتركيني أماه..

آآآآآآه آآآآآآآه آآآآآآآآه

هل تدركين عمق جراحي أماه؟؟

أتدركين مدي معاناتي ومأساتي في هذه الدنيا بدونك؟؟

آآه من ذلك الألم وذلك العذاب..وآآآآه من دنيا أعيشها بدونك..

كم أتمني أن أكون بين يديك كي تشفى كل جروحي..

أماه..لقد تعب التعب مني...وملت الآهات من صدري..

فأرجوك أماه.. لا تطعنيني بسكين بعدك..

ارتبك ذلك الرجل كثيراً من بكائي فأخذ يحاول تهدئتي:صغيري..لا تقلق..ان كنت ضائعاً سأخذك للشرطة حسناً..

مسحت دموعي بكم قميصي ثم أجبته بصوت متهدج:كلا..سأعود وحدي..انا لست ضائعاً..ولكنني سقطت فقط لهذا أبكي..

زفر الرجل بارتياح:ظننت أنك لا تتحدث العربية حين رأيتك.ههه..هذا جيد لقد أخفتني..حسنا سأرافقك حتى تصل للمنزل..

مشيت معه وكأنني آلة تقاد بلا أي مشاعر..لقد اكتفيت من هذا الكابوس..أريد الاستيقاظ الآن..

وصلت الى باب المنزل فشهق ذلك الرجل: لماذا لم تغلق الباب خلفك بني..هيا..اذهب وقم بتغيير ثيابك واغلق الباب حتى لا يتسلل اللصوص..

أومأت برأسي وأنا أدخل المنزل..

أغلقت الباب خلفي ثم بقيت متصلباً بمكاني..لابد أن أمي ستأتي الآن..ربما ذهبت لشراء بعض الحاجيات… .


انتظرت..وانتظرت..ولكنها لم تعد...

مشيت ببطء الى المغسلة وحين رأيت وجهي بالمرآة ورأيت ذلك الطين يغطيه ادركت ماسيكون حالي عليه بدون امي...

فتحت الماء وبدأت اغسل وجهي من الطين والدمع..

هل هان عليك التخلي عنا بهذه السهولة امي؟؟

ذهبت لتغير ثيابي بعدها فأعادني صوت ديما وهي تبكي الى واقعي...

ديما...لم تكمل الشهر من عمرها بعد...اي قلب جعلك تخرجين غير مبالية بحالها؟؟


ذهبت الى غرفة امي لرؤية ديما ثم حملتها بين ذراعي وبدأت أهزها علها تسكت ولكن هيهات...

همست بصوت ضعيف: ما الأمر صغيرتي..هل تشعرين بالبرد؟؟

جلست على السرير ثم ضممتها الى صدري في محاولة مني لتدفئتها ولكن صراخها لم يتوقف..هل شعرت ببعد أمي يا ترى؟؟

نزلت دمعة من عيني لتستقر على وجهها وأنا أهمس في اذنها بصوت مختنق:لا تخافي صغيرتي...ستأتي ماما الآن..لقد ذهبت لتشتري أشياء جميلة من أجلنا...

ارتفع صراخها أكثر فبدأت أتحسس وجهها بأصابعي لأمسح دموعها..وحين شعرت ديما بإبهامي على شفتيها..توقفت عن البكاء وهي تفتح فمها متلهفة لالتقامه..وضعت اصبعي بفمها دون تردد..يا الهي...لابد أنها جائعة..

بدأت ديما تمص أصبعي بلهفة وأنا أتأملها بهدوء..بالرغم من أنني شعرت بالألم بسبب تجمع الدم في أصبعي ولكني لم أبعده..المسكينة..لقد بكت كثيراً..لابد أنها تعبت من كثرة البكاء..أريدها أن ترتاح قليلاً..

تذكرت أمي وأنا أتأمل ديما هكذا..همست في محاولة مني لابعاد الخوف: لاتخافي يا اختي..ستعود ماما بالتأكيد..

بدأت أنفاس ديما تنتظم تدريجياً وأنا أتأمل ذلك بصمت..

ضممتها إلى صدري أكثر ثم طبعت قبلة عميقة على أجفانها الصغيرة وبدأت أغني لها تهويدة بصوت طفولي هاديء:
طفلتي...صغيرتي.. نامي.. بأمان..
وانعمي....صغيرتي ..بأحلى الأحلام..

توقفت ديما عن امتصاص اصبعي..وهدأت أنفاسها لتعلن عن نومها.. زفرت بارتياح ثم وضعتها على السرير وذهبت الى المطبخ لأحضر لها الحليب..ان استيقظت مجدداً فيجب أن أطعمها..
وجدت علبة الحليب على الطاولة وحين فتحتها اكتشفت بأنها فارغة!!


بقيت انظر الى العلبة بصدمة..ولكن بعدها ..

ارتسم شبح ابتسامة على شفتي..لابد أن ماما قد ذهبت لشراء الحليب من أجل ديما..

جلست على أرض المطبخ أنتظر عودة أمي.رغم أنني أوقن بداخلي انها لن تعود ولكنني كنت كالغريق الذي يتعلق بقشة...

لايد أن تأتي من أجل ديما..لاتزال صغيرة..وانا اعجز عن العناية بها..كيف أقوم بتربيتها وحدي؟؟

انتظرت..وانتظرت..ولكن ..طال انتظاري كثيراً..

نزلت على خدي دموع حارقة معبرة عن استسلامي…

ما الذنب الذي ارتكبته مع أختي لتتركنا وحدنا؟؟

وضعت رأسي بين ركبتاي واستسلمت لبكاء مرير..

منذ ذلك اليوم..أصبحت لديما..الأم والأب و الأخ..وكل شيء..

لقد أرادت أمي بتركنا أن ننعم بفراش دافيء وطعام شهي...

ولكنها لم تكن تعلم..أن فعلتها قد قتلت بداخلي شيئًا..

شيئاً بريئاً فى دمي كالطفولة قد قتل!!.

شيئاً جميلاً كالسعادة دافق.. قد مات مطعون الأمل..
.
,
.
💖نهاية الفصل💖

 
 

 

عرض البوم صور شخابيط فتاة  
قديم 14-03-17, 12:42 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Feb 2017
العضوية: 323512
المشاركات: 74
الجنس أنثى
معدل التقييم: ندا المطر عضو على طريق الابداعندا المطر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 181

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ندا المطر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شخابيط فتاة المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي

 

بداية موفقة
اتمنى لك التوفيق بانهاء الرواية
متى نتوقع الفصل المقبل ..

 
 

 

عرض البوم صور ندا المطر  
قديم 14-03-17, 02:14 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2016
العضوية: 311025
المشاركات: 102
الجنس أنثى
معدل التقييم: شخابيط فتاة عضو على طريق الابداعشخابيط فتاة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 153

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شخابيط فتاة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شخابيط فتاة المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندا المطر مشاهدة المشاركة
   بداية موفقة
اتمنى لك التوفيق بانهاء الرواية
متى نتوقع الفصل المقبل ..

اهلا حبيبتي منورة..

اليوم العصر ان شاء الله😊

 
 

 

عرض البوم صور شخابيط فتاة  
قديم 14-03-17, 10:02 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2016
العضوية: 311025
المشاركات: 102
الجنس أنثى
معدل التقييم: شخابيط فتاة عضو على طريق الابداعشخابيط فتاة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 153

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شخابيط فتاة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شخابيط فتاة المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي

 

الفصل الثاني:شتات..

في عتمة الليل نفتقد لهيب الحب الذي يدفئنا في ليالي الشتاء القارس.

بينما كنت أجلس وحدي في ذلك الظلام...تسلل نور خافت من بعيد واخترق تلك العتمة الشديدة..

نظرت باتجاه الضوء ثم وقفت أركض باتجاهه لأخرج من هذا المكان الموحش..ومع اقترابي من مصدر ذلك الضوء..تمكنت من رؤيته يقف وسطه فاتحاً ذراعيه لاستقبالي...

خفق قلبي بلهفة..لقد أتى..أبي لم يتركني..

عاد أبي من أجلي عــــــاد..

اندفعت نحوه وسحابة من الدموع تتشكل في عيني...ارتميت بجسدي بين ذراعيه وأنا أهتف:أبــــــــــــــــــــي...

طوقني أبي بذراعيه وأخذ يسمع شكواي بصمت:
أبي ..حبيبي..يانور عيني..
أين كنت أبي..لماذا تركتنا..
لقد تعبت من انتظارك..تعبت من تخيلك..
أين رحلت أبي؟؟
تعبت من سؤال زوايا المنزل..تعبت من احتضان غيابك..
لقد تهت بدونك أبي..لقد رحلت أمي وتركتني أيضاً...
لا تتركنا يا أبي فالكل يسأل عنك..
لقد وصلت ديما..اختي هنا..
لقد أخبرتني أنك تخاف عليها من هذه الدنيا.
كنت محقاً أبي..هذه الدنيا موحشة جداً في غيابك..
لا تترك قلوبنا الصغيرة تعيش هذا الخوف مجدداً..
عدني يا أبي أنك لن تتركنا..هيا عدني بذلك الآن..

لم ينطق أبي بأي حرف..رفعت رأسي لأنظر اليه.هناك شيء غريب في نظراته ..

عيناه!

باتت فارغه. مجرده من المشاعر كصحراء خالية قتلها القحط!!

همست بخوف:أبــ..ــــي؟؟

قطع صوتي..صوت صراخ قوي قادم من خلفي..صوت صراخ أختي ديما...

بدأت صورة أبي تتلاشى من أمامي تدريجياً..

هززت رأسي بخوف..كلا..لا تتركني مجدداً أبي..لا تتركني أبــي..

فتحت عيني وأنا أصرخ بفزع..

كنت أتعرق بشدة...

دقات قلبي مرتفعة...

أنفاسي متسارعة..

أغلقت عيني وأخذت نفسا عميقاً كان كابوسا.ً.

تلفت حولي فوجدت نفسي نائماً على أرض المطبخ الباردة..

وضعت يدي على مرفقي ..أشعر بحرقة..اتسعت عيناي وأنا أرى ذلك الدم في كم قميصي..يبدو أنني قد جرحت حينما سقطت بالأمس..

قطع أفكاري صوت ديما وهي تبكي..

وقفت من مكاني وركضت باتجاهها بسرعة..يا الهي كيف نسيت الأمر..لقد بقيت وحدها طوال الليل...

دخلت الى الغرفة وحملتها بين ذراعي وبدأت أهزها :لا لا..لا تبكي ديما حبيبتي لا تبكي...

لم تتوقف ديما عن البكاء...لابد أنها تتضور جوعاً كما أن رائحتها كريهة..يا الهي ماذا أفعل..

وضعىت اصبعي في فمها علها تسكت ولكن لا فائدة..لازالت تبكي...

اخذت أدور بها في ارجاء المنزل كي تهدأ ولكن دون جدوى..توقفت عن البكاء فجأة وبدأت تسعل...

شعرت بخوف شديد..ولكنها سرعان ما عادت للبكاء مرة أخرى..

لم أتمكن من التحمل أكثر ..تزاحمت الدموع في عيني: أرجوك ديما لا تبكي..أرجوك...

شعرت بألم في كتفاي بسبب حملي لها لفترة طويلة...

وضعتها على السرير فهالني منظر وجهها..لقد اكتسى وجهها لون أحمر داكن مائلاً للزرقة..

أستلقيت بجانبها وبدأت أقبلها وأنا أبكي معها: أرجوك لا تبكي ديما ..أرجوك توقفي..

لم تتوقف ديما عن البكاء..بالطبع لا تستطيع فهمي..قمت بتغطية وجهي بيدي وبدأت أبكي وأبكي..ماما..أنا لا أعلم ماذا أفعل..ان استمرت ديما بالبكاء فستموت بالتأكيد..

طرق باب المنزل..بدأت أمسح دموعي وأنا أجيب بصوت متهدج :من بالباب...

لم يصلني أي رد..أو ربما وصلني ولكن صوت بكاء ديما منعني من سماعه..

مشيت باتجاه الباب بخطوات بطيئة..سألت من جديد: من الطارق؟؟

وصلني صوتها الطفولي الحاد: أنا سلمى..افتح بسرعة ..هيا..

فتحت الباب بتردد شديد..اطللت برأسي من خلف الباب..فرأيت سلمى تقف أمامه ..سلمى هي ابنة جارنا السيد عبد الرحمن..عمرها ثمان سنوات..لديها أخ توأم يدعى سالم..

زفرت سلمى بضجر: هل سأنتظر على الباب كثيراً..افسح الطريق لأدخل الفطور..قامت أمي بإعداد العريكة من أجلكم..

-شكراً..

قلتها ثم أخذت الطبق من يدها ...

رفعت سلمى حاجبها:ما الذي تعنيه بتصرفك هذا الا تريد مني أن أدخل..

اففف هذه الفضولية سلمى..أنا أعلم جيداً أنها إن دخلت فلن تخرج قبل حلول المساء..حاولت ايجاد حجة لعدم ادخالها: أمي نائمة يا سلمى تعالي لاحقاً..

عقدت سلمى حاجبيها بدون أن ترد..تجاهلت حجتي ثم سألت باستغراب: لماذا تبكي أختك هكذا ؟؟

صرخت بضجر: انها طفلة ومن الطبيعي أن تبكي..

قلتها ثم أغلقت باب المنزل خلفي..اكره فضولها الشديد..أنا أعرفها جيداً..ان علمت بأمر أمي فسيعلم كل من في الحي بهذا..

بدأت سلمى تطرق الباب بقوة : تقوم بطردي يا عمًار ها..سأريك ..أفتح الباب يا رأس البطاطا..أقسم أني سأقوم بنتف شعرك هذا..واجهني ولا تختبيء كالفتيات..

لم أستطع احتمال هذه الضجة..ديما تبكي وهذه الخرقاء تقوم بطرق الباب..

قامت سلمى بطرق الباب بقوة أكبر: لم آتي من أجلك أساساً ..أنا أريد رؤية الخالة هيلين..

أرتفع صراخها: خالة هيلين..خالة هيلين افتحي الباب..

حين ذكرت سلمى اسم أمي تذكرت أمر ديما..لقد نفذ حليبها..من الأفضل أن أطلب من سلمى لتحضر لي من الحليب الخاص بأختها سلوى..انها تكبر ديما بعدة أشهر فقط..

فتحت الباب بتردد..فوجدت سلمى قد قامت بربط ظفيرتيها الطويلتين..كما أنها قامت بالتشمير عن أكمام فستانها الأخضر..انها تنوي الشجار حقاً...

لانت ملامحها حين رأت الدموع متزاحمة في عيني..سألت باستغراب:عمّار..هل تبكي؟؟

وكأنني كنت أنتظر منها أن تسأل ..جلست على الأرض فوراً وانفجرت بالبكاء..

جلست سلمى بجانبي وبدأت تحاول تهدئتي:لا تبكي عمار..أن أردت مني الرحيل سأرحل ولكن لا تبكي...

نظرت اليها وبدأت أتحدث بصعوبة:لقد رحلت أمي يا سلمى..تركتني وحدي مع ديما..ان ديما جائعة ولكن حليبها قد نفذ..أنا ..لا أعلم ماذا أفعل..

-ما الذي تقوله عمار!!..هل رحلت الخالة هيلين!!

قالتها ثم ركضت باتجاه غرفة أمي..تبعتها فوجدتها تحمل ديما بيدها..نظرت الي وهي تهتف بخوف: ان وجهها شاحب عمار...انظر اليها بالكاد تستطيع التنفس..

اجبتها بارتباك:ماذا أفعل..لقد بكت كثيراً ولم أتمكن من اسكاتها...

اعادت نظرها الى ديما ثم أجابت: تعال لمنزلنا عمار..هيا بسرعة لنخبر أمي بالأمر..

صرخت بخوف: كلا لا تخبريها..

عقدت سلمى حاجبيها: ولكن!!

مشيت باتجاهها وقمت بحمل ديما : سأقوم أنا بالعناية بها..لا تخبري أي أحد..اخاف أن يعود أبي بدون أن أعلم..وربما تعود أمي..يجب أن ننتظرها هنا..

نظرت اليها بترج :ارجوك سلمى يجب أن لا يعلم أحد بهذا الأمر أبداً أرجوك..

اجابت سلمى بارتباك: حسنا ..انتظرني قليلاً ..سأذهب لمنزلنا وأعد الحليب من أجلها...

ذهبت سلمى لمنزلها لأعداد الحليب بينما بقيت أنا مع ديما..عادت سلمى بعد دقائق وهي تحمل زجاجة الرضاعة بيدها..وحين هممت بأخذ الزجاجة منها صرخت باعتراض:انا سأقوم بإطعامها..انها ابنتي الآن..اطعام الطفلة من واجبات الأم ..

أعطيتها ديما بدون أن أعترض ..أنا أعرف سلمى جيداً..انها شديدة العناد ولن تغير رأيها أبداً..ان تأخرت أكثر ستموت ديما من شدة الجوع..

جلست أتأمل ديما بهدوء وهي تشرب الحليب...شعرت بأن الحياة قد بدأت تدب في جسدها مرة أخرى..فقد عاد لون وجهها لطبيعته..

نظرت الى سلمى ثم سألتها بشك :سلمى..لم تخبري أي أحد بأن أمي رحلت..صحيح؟؟

نظرت سلمى الي بحدة:الا تثق بي..اخبرتك أنني لن أخبر أحداً..

-احم ..كلا هوني عليك لم أقصد شيئاً..

قلتها ثم أعدت نظري الى ديما..فتحت ديما عينها ببطء فهتفت فرحاً:لقد فتحت عينها..انها بخير..انظري سلمى لقد فتحت عينها..

ضحكت سلمى: ان لون عينها مثلك تماماً..وكأنها عين قطة!!

تابعت ديما شرب حليبها الى ان نامت أخيراً..وضعتها سلمى على السرير ثم نظرت الي:لماذا تجلس أنت هنا..اذهب وكل قبل أن يبرد الفطور..

اجبتها بهمس:لا أريد أن آكل شيئاً..

طرق باب المنزل فنظرت الى سلمى بحدة حين سمعت صوت سالم..

تحدثت سلمى بارتباك: أقسم انني لم أخبره..

وقفت من مكانها :انتظر سأتفاهم مع ذلك الغبي..

ذهبت سلمى لتفتح الباب.سمعت شجارها مع سالم ..ولكن بعد وهلة..دخل سالم الى الغرفة راكضا فلحقت سلمى به وهي تصرخ: سالم ..قلت لك لاتدخل..

ابتسم سالم لي: مرحباً عمار..

بدأت أقلب نظري بينه وبين سلمى..اففف افف ..ماهذا الحظ..الا يفتضح أمري مع أحد غير هذان الفضوليان..

اضطررت لأخبار سالم بالأمر فاتفق ثلاثتنا على ابقاء الأمر سراً..ذهبت لتناول العريكة معهم ولكن سلمى شهقت حين لاحظت الدم في كم قميصي: عمار..ماهذا!!

نظرت الى مرفقي:لا أعلم ...اعتقد أنني جرحت حين سقطت بالأمس..

مشت سلمى باتجاهي ثم قامت برفع كم قميصي: دعني أرى جرحك.

اجبتها بانزعاج: اتركيني سلمى سأقوم بتغير قميصي وانتهى الأمر..انه لا يؤلمني أساساً..

زفرت سلمى: كلا..يجب أن أقوم بتنظيف الجرح كي لا يتلوث.دع الأمر لي..هل نسيت أنني سأقوم بفتح عيادة خاصة بي حين أكبر..

ضحك سالم باستهزاء: سيتم اقفال العيادة من أول يوم حفاظاً على حياة المرضى..

نظرت سلمى اليه بحدة: لا تتدخل أنت..انا اتحدث مع عمار..

قامت سلمى بوضع مناديل مبللة على مرفقي مدعية بأنها وضعت دواء بها...

استيقظت ديما من نومها وبدأت بالبكاء..ولكن صوت بكائها كان غريباً وكأنها تشعر بالاختناق..

ركضنا ثلاثتنا لرؤيتها وحاولنا ملاعبتها لتسكت..ابتسمت ديما لنا ولكن ..

كان هناك صوت حشرجة تخرج من صدرها..

سأل سالم بارتباك: عمار..ماهذا الصوت..يبدو أنها تشعر بالاختناق..

نظرت اليه بخوف: هذا صحيح..ماذا أفعل..هل الأمر خطير؟؟..

مط سالم شفتيه:لا أعلم..ولكني أعتقد أن الأمر خطير..يجب أن نجد حلاً والا ماتت..

اتسعت عيناي بخوف:هل ستموت!!

رد سالم بارتباك:كلا ..ان وجدنا دواءً مناسباً لها فلن تموت..

دمعت عيناي: مالحل..ماذا نفعل؟؟

هتفت سلمى : لدي الحل..انتظروني..سأقوم بإحضار قطرة للأنف من أجلها....لقد رأيت أمي تضعه لأختي سلوى حين أصيبت بالزكام..

زفرت بارتياح: هذا جيد ..اذهبي لاحضارها بسرعة..

ذهبت سلمى لأحضار القطرة بينما بقيت مع سالم مع ديما..طرق الباب بعد لحظات فذهبت لفتحه..

كانت سلمى تقف وهي تلهث من التعب ..رفعت يدها لتريني القطرة: لقد وجدتها..

عدنا للبقاء مع ديما ولكننا قد شعرنا بالحيرة..اردنا وضع القطرة لها ولكن ديما كانت تتحرك كثيراً وتبكي ان قمنا بإمساك وجهها..

صفقت سلمى بيديها: لدي فكرة ..قم أنت ياعمار بوضع زجاجة الرضاعة بفمها كي لا تبكي..أما سالم سيقوم بتثبيت وجهها بينما أقوم أنا بوضع القطرة!!

شعرنا أنها فكرة ممتازة..وضعناها فوراً في طور التنفيذ..كانت الخطة تسير بشكل جيد..فديما كانت تشرب الحليب بدون أن تبدي أي مقاومة..

ولكن..

ما إن قامت سلمى بوضع القطرة بأنفها حتى اختنقت ديما ..فقد قمنا بسد مجرى تنفسها..

تشنجت ديما بين يدي وانقلب وجهها للون الأزرق ثم سكنت حركتها تماماً..

صرخت بخوف: ديــــــــــــمـــــــــا...


انتفض سالم فزعاً حين رأى ديما توقفت عن الحركة..نظرت اليهم وقد بلغ الخوف مني كل مبلغ: انها لا تتحرك...لقد ماتت انها لا تتحرك!!... .
تراجع سالم بخطواته الى الخلف ثم خرج من المنزل راكضاً وهو يصرخ : أمي...أمي..النجدة..أمي..

لحقت سلمى به محاولة ايقافه: كلا سالم ..لقد وعدنا أن لا نخبر أحداً...

ولكن سالم لم يستمع اليها..رحل كلاهما وبقيت وحدي مع ديما ..وضعتها على السرير ثم تراجعت بخطواتي خائفاً..

كان قلبي يخفق بشدة ..لم أعرف كيف أتصرف..طرأ في ذهني انها قد اختنقت وتحتاج لبعض الهواء..اقتربت منها وبدأت أضرب وجهها ضربات خفيفية وانفخ بفمي علها تحصل على بعص الهواء..وفجأة ..فتحت ديما عينها وبكت بأعلى صوتها..

لازلت أتذكر ذلك اليوم وكأنه بالأمس...يا الله كم بكيتُ وبكيت ُ فرحا عند سماع صراخها.. .

لم أتصور يوماً انني سأسعد لأنها بكت!!

عاد سالم وسلمى ولكنهما لم يكونا وحدهما...كانت والدتهما الخالة سميرة قد علمت بالأمر...

اتت باتجاهي وحملت ديما حين سمعت بكاءها..أخذت تربت على ظهرها وهي تردد بحزن: اه..ياطفلتي المسكينة..أي قلب تملكه تلك المرأة..

لقد غضبت كثيراً لأن هذان الفضوليان قد أفشا سرنا ..ولكن ..ما الذي أتوقعه منهما..كنت متأكداً أنهما لن يتمكنا من السكوت ولكني لم أتوقع أن يفضحا أمري بهذه السرعة..انهما يستحقان الدخول في موسوعة جينيس في أقصر وقت للحفاظ على السر..

اضطررت للذهاب لمنزل السيد عبد الرحمن فقد رفضت الخالة سميرة بقائي في المنزل قطعياً..

رغم أنني كنت غاضباً لافتضاح الأمر الا انني اعترف بأن هذا أفضل من أجل ديما فأنا لا أعلم كيف أتصرف معها..لقد اعتنت الخالة سميرة بها جيداً..

بعد أن قامت الخالة سميرة بتبديل ثياب ديما قامت باستدعاء سالم وسلمى...

انتابني الفضول فقمت باللحاق بهما لمعرفة الأمر..

سمعت صوتها وهي تقوم بتوبيخهما: منذ متى علمتم بأن عمار وحيد مع أخته؟؟

ردت سلمى: علمت حين اخبرتني أن آخذ الفطور لمنزلهم...

نهرتها الخالة سميرة:ولماذا لم تخبريني..لو أن الطفلة ماتت بين أيديكم ها؟؟

رد سالم: ماذا نفعل أمي ..لقد وعدنا عمار الا نخبر أحداً..انه يخاف أن تعود أمه بدون أن يعلم..

زفرت الخالة سميرة بعمق: آآآخ المسكين..كيف فعلت والدتهم هذا بهم..ألا تملك في قلبها أي رحمة؟؟
سينتقم الله منها على تركها لأطفال يتامى وحدهم في هذا الجو البارد..
ولكن ماذا أقول ..ليس بعد الكفر ذنب ..انها لا تخاف الله فكيف أطالبها بمراقبة الله في أفعالها..

لم أستطع احتمال سماع هذه الاهانة..كلا ..امي ليست قاسية..أنا متأكد بأنها ستعود..ربما حصل شيء سيء لها ومنعها من العودة..ولكن أمي أروع أم بالدنيا ولن تتركنا..

ركضت لغرفة سالم ووقفت بجوار النافذة لمراقبة منزلنا..أنا مستعد للبقاء أمام النافذة طوال اليوم أنتظر عودة أمي وأبي..

أمي..أبي..ما الذي أخركما هكذا؟؟

مر ذلك اليوم.ولم تعد أمي..في الحقيقة لقد تسلل اليأس بداخلي ولكني كنت أحاول جاهداً محاربة هذا الشعور..

قامت الخالة سميرة بتجهيز فراش لي في غرفة سالم..نام الجميع ونمت أنا أيضاً ولكني مالبثت أن استيقظت بسبب كوابيسي..لم أستطع النوم جيداً منذ ثلاث أسابيع بسبب هذه الكوابيس..

استيقظ سالم فزعاً حين سمع صراخي:عمار..ما الأمر..

نظرت اليه وانا الهث: انه كابوس فقط..

جلس سالم على سريره: هل تريد كوباً من الماء..

أومأت برأسي..

وقف سالم: تعال واتبعني اذا سأعد لك عصير الليمون أيضاً..قالت ماما أنه مفيد للأعصاب..ستنام بهدوء ان شربته..

مشيت مع سالم الى المطبخ..وبعد أن قمنا بفتح الثلاجة أفزعنا ذلك الصوت خلفنا :ما الذي تفعلانه في هذا الوقت؟؟

التفتنا نحو مصدر الصوت بفزع..

صرخ سالم بغضب: سلمى ..لقد أفزعتنا...

دخلت سلمى الى المطبخ وهي تهمس:ستعاقبك أمي أن علمت أنك تشرب العصير في منتصف الليل.هل تريد أن تبلل فراشك مجدداً..

أحمر وجه سالم بغضب: أنا كبير ولا أقوم بتبليل فراشي...

ابتسمت سلمى باستهزاء: أوه حقاً...

ذهب سالم باتجاه سلمى وأخذ يجر شعرها فبدأ شجارهما المعتاد..ولكنني في هذه المرة لم أكن في مزاج جيد لأي شيء..صرخت غاضبا: تــــــــــوقــــــــــفـــــــــــا..

التفتا الي ثم وضعا يدهما على فمي: اششششششش ..

ابعدت يدهما: اتركاني..

همست سلمى: نحن آسفان يا عمار..ولكن ان استيقظت أمي ستغضب كثيراً..ولكن لم تخبراني لماذا لم تذهبا للنوم؟؟

اجابها سالم:لم يتمكن عمار من النوم..لقد راوده كابوس مرعب..

كتفت سلمى يدها على صدرها ثم نظرت الي: عمار..هل تسمي بالله قبل نومك أم لا؟؟

أومأت برأسي: نعم..اقولها ..

نظر سالم الي بحدة: أيها الكاذب لم تقلها..لم أسمعك..

اتسعت عيناي: كلا..أقسم انني قلتها ولكنني أقولها بصوت خافت..

شهقت سلمى : أها ..هذا هو السبب .يجب أن تقول بسم الله بصوت عال حتى تسمع الشياطين وتهرب..

نظرت الى الأرض بتفكير: هل هذا هو السبب حقاً..

اجابت سلمى بثقة: بالتأكيد..هذا هو السبب ..جرب قولها بصوت عال الليلة وسترى النتيجة..

ذهبت سلمى لغرفتها بعد أن شربت كوباً من الماء وذهبت انا مع سالم لغرفته..ولكنني لم أكن أرغب بالنوم..

جلست على الاريكة الموجودة تحت النافذة أراقب باب منزلنا..

زفر سالم بعمق: عمَار..امك لن تعود..انس الأمر..

نظرت اليه بحدة: بل ستعود.. .

ابعد سالم نظره عني: حسناً..تعال لننام.

نظرت الى النافذة بدون أن أرد..

حين رأى سالم تجاهلي ذهب هو للنوم..

أما أنا...فقد بقيت أنتظر على النافذة الى أن غططت بنوم عميق...

في اليوم التالي..استمرت مراقبتي لباب منزلنا ولكن في هذه المرة..لمحت شخصاً يقف أمام الباب ..شخصاً أعرفه جيداً..

خرجت راكضاً باتجاه المنزل لمناداته: عمي زيـــــــاد..

التفت العم زياد الي بابتسامة: اوه..عمار أنت هنا..لقد كنت أطرق الباب ولكن لم يقم أحد بفتحه..

توقفت بمكاني بدون أن أرد ..كيف أخبره بالأمر..رفعت بصري اليه بارتباك: عم زياد..أخبرني أنك تعرف مكان أبي..أخبرني أنه لم يمت..أرجوك..

قلتها ثم انفجرت بالبكاء..

احتضنني العم زياد:لا تقل هذا يا عمار..هل تعتقد أن أباك سيكون سعيداً ان علم أنك تبكي هكذا؟؟
يجب أن تكون قويا..لقد أصبحت رجلاً..كما أنني لن أتخلى عنكم ..ان احتجت لأي شيء فلا تتردد في طلبه..

قطع حديثنا صوت السيد عبد الرحمن:أوه زياد..أنت هنا..

ذهب العم زياد ليسلم على السيد عبد الرحمن..ابتعدا عني وهما يتبادلان أطراف الحديث..يبدو أن السيد عبد الرحمن قد أخبر العم زياد بأمر أمي فقد كانا يسترقان النظر الي..

العم زياد هو صديق أبي منذ الطفولة..رافقه في بعثته لأمريكا وكان شاهداً على زواجه من أمي...لقد كان يساند أبي دائماً ..لقد حاول مراراً التفاهم مع جدي ليعترف بزواج أبي..ولكن دون فائدة..

تأكدت من أنهم كانوا يتحدثون عني..فقد طلب العم زياد مني أن أجهز بعد ساعة لأذهب لمقابلة جدي..

لا أريد الذهاب..اريد البقاء في انتظار أمي ..ولكن ماذا أفعل...لازلت طفلاً مغلوباً على أمره..

قامت الخالة سميرة بتجهيز حاجياتي وحاجيات أختي ديما ثم ركبنا السيارة مع العم زياد..

بقيت صامتاً طوال الطريق..أشعر بخوف شديد..

حاول العم زياد كسر الصمت: ابتهج يا بني..سترى حياة مختلفة..ستدرك ماذا يعني أن تكون من عائلة العالي..

العالي..العالي..العالي..

لقد مللت من هذا الاسم..لا أعلم ماهو المميز بهذا اللقب..بسبب هذا اللقب تبرأ جدي من أبي..بسبب هذا اللقب عشت حياة عصيبة..بسب هذا اللقب تركتنا أمي..

لو كان بيدي كنت سأنزع هذا اللقب المشؤوم...

توقفت السيارة ثم هتف العم زياد: مرحبا بك في منزلك يا صغيري..

نظرت الى ذلك المنزل بانبهار!!

لم أتوقع أن يكون منزل جدي واسعاً هكذا!!

هل يعقل أن أبي قد عاش طفولته في مكان كهذا؟؟

وقفت بجانب العم زياد وأنا أحمل ديما بيدي..قام العم زياد بإخراج حقائبنا من السيارة وبدأ يطرق باب المنزل..

قامت الخادمة بفتح الباب لنا..

سألها العم زياد:هل عمي سليمان موجود؟؟

قطع سؤاله صوت حاد لامرأة: من بالباب..

تنحنح العم زياد: السلام عليكم آنسة هيا..احتاج للحديث مع والدك بأمر ضروري..

اجابت عمتي هيا:إن أبي مريض يا زياد..أرجوك ان كان أمراً يخص حسن فارحل من فضلك..ارحم هذا الشيخ..انه مريض ..وقد ندم حقاً بعد ما حصل لحسن..لست بحاجة لتكرار نفس الموضوع ..لقد مللنا..

تغير وجه العم زياد بعد حديثها..نظر الي ثم ابتسم بارتباك..همس لي : ادخل مع اختك يا عمار..هيا..

دخلت بتردد فتمكنت من رؤية تلك المرأة وهي تنظر الي باستغراب..

تحدث العم زياد من خلف الباب: لقد جئت لأسلم أمانة حسن اليكم...ارحموا ضعف هؤلاء الايتام..لقد رحلت والدتهم ولم يبق أحد لهم..اعتذر على ازعاجكم...الى اللقاء..

ركضت عمتي هيا باتجاه الباب وهي تهتف: هي أنت..انتظر..

تجاهلها العم زياد وركب سيارته وقام بتحريكها مبتعداً عن المنزل..

بقيت متصلباً بمكاني بعد أن سيطر الرعب على كل خلية بجسدي..

التفتت عمتي الي ونظرات الحقد تشع من عينيها...

بدأت تشتم العم زياد وهي تدور حول نفسها بتوتر: اففف ماهذه الورطة...

نظرت الي بحدة..تعال واتبعني..

تبعتها بذلك المكان وأنا أتلفت حولي بخوف..المنزل كبير جداً..لم أرى منزلاً هكذا من قبل..شعرت وكأنني بداخل كهف مظلم..لم أشعر أبداُ بالأطمئنان..يبدوا انهم يكرهون رؤية نور الشمس..فبالرغم من أن النوافذ تملأ المنزل الا انها مغاطاة بستائر داكنة ..

توقفت عمتي أمام باب خشبي ضخم..وضعت يدها على المقبض وقامت بفتحه فأصدر صوت صرير مزعج..

نظرت الي ثم همست: أدخل هنا..بسرعة..

أومأت برأسي ثم دخلت خلفها..

قامت بإشعال الأضواء ثم التفتت الي: ابق هنا واياك واصدار أي صوت...هل هذا مفهوم..

قالتها ثم أغلقت الباب خلفها بكل قوتها..قفزت فزعاً ثم بدأت أتلفت حولي بخوف...

ماهذه الغرفة..انها مرعبة حقاً..

يبدو وأنها غرفة الاستقبال..

رفعت رأسي لأنظر لتلك الثريات الضخمة..كل شيء ضخم في هذا المنزل..وكأنه منزل للعمالقة!!

ذهبت للجلوس على الأريكة ثم ضممت ديما لصدري وكأني أحاول حمايتها..

اتسعت عيناي حين رأيت تلك الصورة الضخمة لرجل كبير بالسن..شعرت بالرعب من نظراته..ابعدت نظري عن تلك الصورة وانا ارتعش من الخوف...

إن كان هناك غرفة للشياطين فهي هذه الغرفة بالتأكيد..

تذكرت حديث سلمى بأن علي البسملة بصوت عال لتهرب الشياطين..

أغلقت عيني بكل قوتي:بسم الله الرحمن الرحيم..بسم الله الرحمن الرحيم...
تذكرت بأن ديما معي فقررت أن أرفع صوتي أكثر لتبتعد الشياطين عنها أيضا..

بدأ صوتي يتعالى تدريجياً:
بسم الله الرحمن الرحيم
بـسـم الله الـرحـمـن الرحـيـم
بــســم الله الـــرحــمـــن الــرحــيــم
بــــــــســــــــــــم الله الــــــرحـــــــمــــــــــــن الرحـــــــيــــــــــم

فتحت عمتي الباب بكل قوتها فصرخت فزعاً:
بــــــــســــــــــــم الله الــــــرحـــــمـــــــــــــن الرحـــــــيـــــــــــم

صرخت عمتي: مالأمر..لماذا تصرخ هكذا...ألم أخبرك بأن لا تصدر أي صوت؟؟

أجبتها بارتباك:كنت أقول بسم الله ..لطرد الشياطين..

احتقن وجهها من شدة الغضب: ما الذي تقصده...هل تقصد بأنني شيطانة يا ولد!!

أجبتها بخوف: كلا..لم..

قامت بمقاطعتي وهي تنظر الي بحدة:ان سمعت صوتك مجدداً فسأرسل قبيلة من الشياطين عليك ..هل هذا مفهوم؟؟

أومأت برأسي..

زفرت بغضب: افففف ولد وقح..

قالتها ثم خرجت من الغرفة..

ما الذي حدث لها..لماذا غضبت هكذا؟؟

أغلقت عيني بكل قوتي وأنا أحتضن ديما..أمي ..لماذا ذهبت..أنا خائف جداً.

.
.
.
.


كنت أجلس في مكتبي حين وردني ذلك الاتصال من المنزل..رفعت السماعة فوصلني صوت هيا:أين أنت حازم..تعال لرؤية المصيبة التي حلت علينا..

عقدت حاجبي: ما الذي حصل؟؟

-ذلك الرجل المختل زياد..لقد قام بإحضار فتى وطفلة وتركهم وقال انهم أمانة حسن..

وقفت من مكاني بغضب: هل أنت جادة ؟؟

زفرت هيا : ولماذا أكذب عليك..

سألتها بارتباك: هل حضرت أمهم معهم؟؟

-كلا..لقد قال زياد بأن أمهم قد هربت وتركتهم وحدهم..

صرخت بغضب: تباً لتلك المرأة..هل علم أبي بالأمر؟؟

ردت هيا: كلا ..لقد وضعتهم في غرفة الجلوس..

زفرت بارتياح :هذا جيد...انتظري قدومي..سأحضر اليكم قبل صلاة العشاء..لا تخبري أبي..يجب أن أمهد الأمر له حسناً..

اجابت هيا: حسناً..

اغلقت السماعة ثم ضربت الطاولة بكل قوتي..تباً لتلك المرأة..لقد أخبرتها أنني سآخذ عمار بعد أسبوعين ..لقد حن قلبي لذلك الفتى..أردت مهلة لأقنع أبي بإحضاره..فقد طلب مني أبي أن أطمئن على حالهم فقط..أنه لا يريد مني أن أحضره لمنزلنا..أراد أن يريح ضميره بالاطمئنان على حالهم فحسب..

آآخ يا حسن..ما هذه الورطة التي أوقعتنا بها...انك تسبب المشكلات حيا وميتا..

ذهبت باتجاه منزل أبي بعد أن أنهيت عملي...طرقت باب المنزل فكانت هيا باستقبالي: وأخيراً أتيت..

سألتها بهمس: أين هو؟؟

اجابت هيا:انهم في غرفة الجلوس..ان ذلك الفتى وقح حقاً..هل تصدق ..لقد قال عني بأنني شيطانة!!

ضحكت رغماً عني فصرخت هيا: ما المضحك في الأمر...

توقفت عن الضحك ثم أجبتها بابتسامة وأنا أمشي باتجاه غرفة الجلوس:انسي الأمر..

فتحت باب الغرفة..فوجدت عمار مستلق على الأرض بجانب أخته ويقوم بملاعبتها..تنحنحت: السلام عليكم..

اعتدل عمار بجلسته ثم نظر الي بحدة..

ابتسمت له: هل تتذكرني أيها البطل...

ابعد عمار نظره عني بدون أن يرد..

نظرت الى تلك الطفلة بغضب..تلك الحقيرة..لقد أخبرتها أن تسافر مع ابنتها..أنها تعتقد أن فعلتها ستجبرني على الاعتراف بها ولكن يبدو بأنها لا تعرفني جيداً..

ذهبت باتجاه حقائبهم الموجودة بجانب الباب وقمت بفتحها..

كان عمار يراقبني وأنا أفتش بحقائبهم ونظرات الخوف في عينيه..

وجدت ما أبحث عنه من أوراق..عقد زواج أخي وشهادة الميلاد الخاصة بعمار..

ولكن تلك الطفلة..لا يوجد أي شيء يثبت هويتها..

التفت الى عمار لأسأله: في أي مشفى ولدت أختك؟؟ .

اجاب عمار بصوت مرتجف: لقد ولدت بداخل المنزل..

اعدت نظري الى الأوراق...ما ادراني بأن تلك الطفلة هي ابنة حسن؟؟

لا يوجد أي شيء يثبت هذا الأمر..

ذهبت باتجاه الطفلة لحملها ولكن عمار قد حملها وتراجع بخطواته الى الخلف..

ابتسمت له : ما الأمر يا عمار..أريد أن أحمل أختك..أنا عمك ولست عدواً لك..

نظر الى عيني بصمت..

حاولت ايجاد حجة لأخذها:ان اختك مريضة يابني ..الا تسمع الصوت الذي يخرج من صدرها؟؟

لانت ملامح عمار ثم أجابني: نعم.لا أعلم مابها..لقد أخبرني سالم أنها قد تموت ان لم نتصرف..

شعرت بأنني قد وجدت الحجة..أجبته بثقة: نعم..سآخذها للمشفى لتحصل على العلاج..أعطني اياها..

اجاب عمار بتردد: سأذهب معك..

زفرت بضجر: كلا يجب أن تبقى هنا..لن يسمحوا بدخولك المشفى ان لم تكن مريضاً..يجب أن يرافقها شخص كبير فقط..

نظر عمار الى الأرض بحزن..

اقتربت منه لحمل الطفلة ولم يحاول المقاومة هذه المرة..

نظر الى عيني حين استقرت بيدي:عمي ..لقد وعدت أبي أن أقوم بحمايتها مهما اشتدت الظروف..أرجوك..اطلب من الطبيب أن يهتم بها..

اجبته بارتباك: حسناً..سأطلب منه...

حملت الطفلة بيدي ثم خرجت من الغرفة ببطء..أشعر بالتوتر مما أنا مقدم على فعله..

وجدت هيا في استقبالي:ها يا حازم ..ماذا نفعل؟؟

اجبتها: ليبق أمر عمار سراً حتى الغد..عمار هو ابن حسن ويجب أن يبقى..أما هذه الطفلة فليس هناك مايثبت بأنها ابنته..

عقدت هيا حاجبيها:اذاً؟؟

اجبتها بارتباك:سأتدبر أمر هذه الطفلة..لا تفكري بالأمر..قومي بإخفاء أمر عمًار فحسب..

قلتها ثم خرجت من المنزل..

بدأت أقود السيارة بدون أن أدري أين أذهب...أريد وضعها في أي مسجد ولكنني لن أضعها أمام مسجد حينا..سأضعها بمسجد أبعد كي لا أفكر بالتراجع..

وصلت الى وجهتي أخيراً..تبقت نصف ساعة تقريباً قبل صلاة العشاء..

نزلت من سيارتي وبدأت أتلفت حولي بارتباك..تأكدت من أن لا أحد يراني ثم وضعت الطفلة تحت شجرة قريبة من المسجد..لن يلحظوها الا ان بكت..سأضمن ابتعادي عن المكان قبل أن يلحظوا وجودها..

نظرت الى الطفلة ثم طبعت قبلة على جبينها:أنا آسف يا صغيرتي..

قلتها ثم ركضت مبتعداً عن المكان..

بكت الطفلة فالتفت اليها بحزن..

الجو شديد البرودة..والطفلة مصابة بالزكام على مايبدو..أرجو أن يلحظوا وجودها بسرعة..أسأل الله أن يرسل لك رجلاً تقياً يحسن تربيتك..

أغلقت عيني ثم مشيت مبتعداً عن المكان..حاولت جاهداً أن أقسو على قلبي وأتجاهل صوت بكائها....سامحيني يا صغيرتي..انه خطأ أمك حين تخلت عنك في حين أني طلبت منها أخذك..

تردد صوت عمار في أذني:.أرجوك..اطلب من الطبيب أن يهتم بها..
اطلب من الطبيب أن يهتم بها..
اطلب من الطبيب أن يهتم بها.. .

أسرعت بخطواتي أكثر.. سامحني يابني..

لقد كانت حالة أختك في غاية الخطورة فماتت قبل وصولنا الى المشفى..

أنا..آسف..
.
.
.
💖نهاية الفصل💖 *

اتمنى تكونوا حبيتوا الفصل اراءكم وتوقعاتكم

 
 

 

عرض البوم صور شخابيط فتاة  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
...فهل, مرآتي, أكسرها!!/بقلمي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المهجورة والغير مكتملة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:57 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية