كاتب الموضوع :
شخابيط فتاة
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: أنت مرآتي ...فهل أكسرها!!/بقلمي
الفصل السادس:سأبتسم وامضي..
الحقد مرض خطير يصيب قلب الانسان فلا يخرج منه..
يمشي كالسرطان في دمه ويدخل القلب ويستقر فيه ويعمي البصر والبصيرة و يبقى الانسان يتخبط
في حقده ورغبته في الانتقام ولا يرى الناس الا وهم اعداء..
وبلا شك ستكون العاقبة وبالا وضياع وفقدان الامل بالحياة…
.
.
.
مرت سبع سنوات منذ افترقت عن صغيرتي ديما..
عشنا في هذه السنوات تجارب مختلفة..واكثر مايؤلم ان علاقتي مع ديما لم تعد كالسابق ..لقد بنيت بيننا العديد من الحواجز..
كنت أعتقد أنني أفهمها وأفهم احتياجاتها أما الآن..اشعر انني غريب عنها..انها تخفي عني العديد من الاشياء..ارى الحزن في عينيها ولا استطيع اسعادها..
رغم انني أحاول جاهداً تلبية طلباتها..فكل مايشتريه عمي لنهلة أقوم بشرائه لها بدون أن تطلبه...لا اريدها أن تشعر بالنقص أبداُ.. ولكن ديما تحتاج لشيء اكثر من الهدايا..انها بحاجة للشعور بالاستقرار وحب العائلة..وهذا ما سأسعى لتحقيقه بأذن الله..
ديما الان في السنة الأولى من الثانوية وأحاول تحفيزها دائماً لمواصلة الدراسة كي تصبح طبيبة..
أما أنا..فقد درست الهندسة الطبية ثم درست الماجستير بعدها مباشرة ..ولكن حتى الان لم أحصل على وظيفة ..
اردت ان احصل على الدعم في مشروع تخرجي ولكن محاولتي باءت بالفشل..
لا احد يرغب بدعمي....
اقترح عمي علي العمل بالشركة ولكنني رفضت ذلك..
قد يبدو الأمر سخيفاً أن أرفض عرضاً كهذا ولكنني قطعت عهداً على نفسي أن أعتمد على نفسي في كل شيء..
لا أريده أن يمن علي بأفضال لا استطيع ردها له..لقد اقسمت ان لا اطلب المساعدة من عمي بالذات..
بالرغم من عدم حصولي على وظيفة ثابتة ولكن هذا لا يعني انني لا اعمل مطلقاً..
انني أعمل كمندوب لتوصيل الطلبات وأحصل على مبلغ جيد لقاء ذلك ..سأستمر بالعمل حتى أستقر على وظيفة معينة..
وحينها لن تبقى ديما بعيدة عني أكثر..سأستأجر شقة صغيرة لنا وتنتهي مشكلاتنا الى الأبد…
.
.
.
اليوم قام فارس ابن عمتي فادية بدعوتنا لتناول العشاء بمناسبة حصوله على أول راتب..
قمت بتجهيز نفسي للذهاب معهم ولكني تصلبت بمكاني حين سمعت صراخه:لماذا دعوتم ديما..أنا أريد الخروج معكم فقط..
اجابت عمتي: اخفض صوتك كي لا تسمع..
أرتفع صوته: دعيها تسمع..الا تخجل من نفسها ماهذا الا يستطيع الشخص الشعور بالخصوصية..الا استطيع الاستمتاع مع عائلتي فقط..
اجابت عمتي بحدة: فارس كيف تقول هذا..انها ابنة خالك..ويتيمة أيضاً ...احترم مشاعر تلك المسكينة..انها متحمسة للخروج معنا..
اجاب فارس: ولكن أمي..
قامت عمتي بمقاطعته:اصمت لا أريد سماع شيء..أمل..اذهبي لرؤية ديما لماذا تأخرت..
ركضت الى غرفتي حين قالت هذا..نزعت عباءتي بسرعة ثم أمسكت بكتابي المدرسي وجلست على سريري مدعية المذاكرة..
قامت أمل بفتح الباب ثم شهقت: ديما ألم تجهزي بعد..
اجبتها ببرود: لا أريد الذهاب..
عقدت أمل حاجبيها: ولكن لماذا..
اجبتها بارتباك:لقد تذكرت لتوي أن لدي اختبار في الغد..أنا آسفة..
ردت أمل:أوه..حسناً كما تشائين..ولكن ..ألا تخافين البقاء وحدك؟؟
نظرت اليها:سأخبر عمار أن يأتي لزيارتي..لاتفكري بي اذهبوا ولا تنسوا أن تحضروا لي من العشاء هل هذا مفهوم؟؟
قلتها ثم ابتسمت وأنا أكابر حزني..
ضحكت أمل: ههههه حسنا ..لن أنسى..أتمنى لك التوفيق في امتحانك..الى اللقاء..
قالتها ثم خرجت من الغرفة..
زفرت بضيق..لن أسمح لفارس بتعكير مزاجي..سأتصل على عمار وأقضي وقتي معه..
اتصلت على عمار وطلبت منه أن نخرج سوياً ولم يعترض..
خرجت الى الصالة وقمت بتشغيل التلفاز منتظرة قدوم عمار..
في الحقيقة أنا أخاف البقاء وحدي بسبب فارس…
سرحت بخيالي وعدت بذاكرتي لسبع سنوات..
كان قد مر أسبوع على قدومي لمنزل عمتي..فكرت بالهرب وقتها من المنزل ..أردت أن أرى عمار..
ولكن فارس قد رآني حين خرجت الى الشارع...فارس يكبر عمار بسنتين وقد اعتاد على السهر مع أصدقائه في ذلك الوقت..
ركضت حين رأيته ولكنه تمكن من الأمساك بي وبدأ يجرني لداخل المنزل..
صرخت وبدأت بالبكاء: أنا أريد الذهاب لدادي..اتركني..اتركني..
قام فارس بادخالي لغرفة الجلوس ثم أقفل الباب بالمفتاح..بدأت بالبكاء والنحيب فنظر الي بحدة:ايتها الغبية..الشارع مليء باللصوص..ان ذهبت الى الخارج سيقومون بقتلك..
صرخت بأعلى صوتي: أنت كاذب..افتح الباب أريد أن أخرج..
قام فارس بإقفال الأضواء فارتعبت وبدأت بالبكاء:فارس..أنا أخاف الظلام..افتح الأضواء أرجوك..
لم يكترث فارس لبكائي..بل على العكس..لقد كان مستمتعاً..بدأ بأصدار أصوات مخيفة ..
تكومت حول نفسي أصرخ وأبكي..
شعرت برعب..رعب شديد..لقد رأيت ظلالاً سوداء تدخل من خلال النافذة وتقترب مني..
زحفت محاولة الابتعاد عنهم وانتهى بي الحال لزاوية الغرفة..
التصقت بالجدار وانا أبكي وانتحب...شعرت بدموع حارقة على خدي...
افتربت تلك الظلال مني فصرخت بأعلى صوتي: أبـــــــــــــــــــــــــي..
في تلك اللحظة ..قامت عمتي فادية بطرق الباب فقام فارس بفتحه..
دخلت عمتي فادية واحتضنتني حين رأت خوفي فبت أبكي وأرتجف بين يديها..
رغم أن عمتي قد أنبت فارس وقتها ولكن تلك الحادثة قد تسببت لي بعقدة نفسية..
أصبحت أرتعب من الظلام والوحدة..حاولت السيطرة على مخاوفي ولكن لا أستطيع..بمجرد تعرضي للظلام أصرخ بشكل هستيري….
استيقظت من تلك الذكرى حين طرق باب المنزل أخيراً..لقد وصل عمار…
أغلقت التلفاز..ثم خرجت وأغلقت الباب خلفي..خرجت من ذلك المنزل وأنا أتمنى أن لا أعود له مرة أخرى..
أبداً..
.
.
.
لا شيئ يدمر القلب كخيبة الامل بمن تحب.. .
لقد صدمت اليوم بشدة ..فقد تم فسخ خطوبة دامت لأكثر من ست سنوات..
لقد تم عقد قراننا بعد تخرجي من الثانوية..ومنذ عقد القران..وهو يتهرب من تحديد موعد الزفاف..والآن صارح أبي بالأمر..
اخبره أنه لا يريد الزواج بفتاة تدرس الطب!!
ألم يكن يعلم أنني أحلم بالطب منذ طفولتي؟؟
لماذا صمت طوال هذا الوقت؟؟
لم يبق على تخرجي سوى سنة واحدة والآن يريدني أن أترك الطب بكل بساطة!!
حاول سالم أقناعي بترك الطب كي لا أكون مطلقة..كيف يواجه أهلي كل هؤلاء الناس؟.
لقد كان اسمي مقترناً بأحمد منذ طفولتي والآن نفسخ العقد؟؟
لقد كسرني أحمد بفعلته..جرحني بعمق..
ربت أبي على كتفي حين رأى حزني: حبيبتي سلمى..لا أحد يجبرك على شيء..الخيار لك ...هل ستوافقين على شرطه أم لا..
لم استغرق الكثير من الوقت بالتفكير..الطب هو حلم طفولتي ولن أتنازل عنه..
نظرت الى أبي بعينين دامعتين : يمكنكم البدء بإجراءات الطلاق..
شهق سالم بصدمة:سلمى هل أنت جادة؟؟
نظر أبي اليه بحدة: سالم لا تتدخل..لديها حرية الاختيار..
وجه نظره الي ثم ابتسم بحنان: لا تتعجلي صغيرتي..فكري بالأمر جيداً..واستخيري الله ..ثم أجيبي ..اتفقنا؟؟
أومأت برأسي ثم ذهبت الى غرفتي كي لا أبكي أمامهم..
وضعت يدي على فمي لمنع صراخي..
من السهل جداً ان تضع يدك على فمك لكي لا تتكلم ولكن من الصعب ان تضع يدك على قلب يتالم..
ذهبت الى الحمام لأغسل وجهي ثم رسمت على شفتي الابتسامة المعتادة..اكره أن اظهر ضعفي وألمي لأي أحد..
سأتابع وكأن شيئاً لم يكن..لدي اختبار في الغد ولن أسمح لهذا الموضوع بالتأثير علي..
جلست على سريري وبدأت الاستذكار..قامت أختي سلوى بفتح الباب ثم اقتربت مني وسألت باستغراب: ما الذي تفعلينه سلمى..
رفعت بصري اليها: وما الذي ترينه..اذاكر..لدي اختبار في الغد..
جلست بجانبي وتابعت حديثها بصدمة:هل أنت جادة!!.
يقول أبي أن أحمد سيطلقك إن أكملت الطب ولم يؤثر هذا الأمر بك !!
زفرت بدون أن أجيبها..
قفزت فزعة حين صرخت سلوى:كلا سلمى لن أسمح لك بإنهاء هذا الزواج..
زفرت بغضب: ولماذا تتدخلين..أنا التي ستتزوج أم أنتي؟؟
دمعت عيناها: لماذا تفعلين هذا بي سلمى..تعلمين أن أبي لن يقبل بتزويجي قبل زواجك...أرجوك لا تفعلي هذا بي..لا أعتقد أن سامر سيتمكن من الصبر أكثر..أرجوك سلمى أريد أن أتزوج…
أففف أففف أففف .
لا أعلم لماذا علينا الانسياق وراء هذه العادات السخيفة..وما المشكلة إن تزوجت سلوى قبلي؟؟
صحيح أن سلوى في السادسة عشرة من عمرها ولكن أغلب الفتيات في قبيلتي يتزوجن بهذا السن ..بالنسبة لهم فأنا فتاة عانس ولكنني لا أهتم لكلامهم..
تجاهلت تذمر سلوى وأنا أتابع الاستذكار..قامت سلوى بسحب الكتاب من يدي: سلمى أنا أحدثك..
نظرت اليها ثم صرخت: وما الذي أقوله..تحدثي مع أبي وأخبريه أنك تريدين الزواج..والآن هيا..أعيدي كتابي..
عقدت سلوى حاجبيها: هل موضوع الطب مهم لك لهذه الدرجة..
زفرت بعمق: أكثر مما تتخيلين..
حاولت الخروج من حزني فنظرت اليها بابتسامة: هل تعلمين..حين كنت صغيرة ..كنت أجمع ابر الانسولين الخاصة بجدتي من سلة المهملات وأخبئها بغرفتي..
سألت سلوى باستغراب:وماذا تفعلين بها؟؟
ضحكت:هههه كنت أستعملها للعب..هل تعرفين ما الذي فعلته بحسان؟؟ اجابت بعد تفكير: هل تقصدين ابن عمي؟؟
أومأت برأسي: نعم هو بعينه..في ذلك اليوم أخبرني أنه يعاني من ألم في معدته..لقد كان في الخامسة وكنت في السابعة من عمري..أخذته لغرفتي وأخرجت علبة الدواء الخاصة بي..ملأتها بالماء وبعض الطين والملح..ههه لقد كان دوائي لكل الجروح..
رفعت سلوى حاجبيها:دواء من الطين!!.
ضحكت:نعم لقد كنت مقتنعة بفعالية هذا الداواء..
شهقت سلوى:هل جعلت حسان يشربه؟ .
انفجرت بالضحك:ليته قام بشربه..هههههه المسكين لقد قمت بملأ الحقنة وغرزتها بيده..
اتسعت عيناها بصدمة سلوى : أيتها المجنونة...ما الذي حدث بعدها..
ضحكت وأنا أجيبها: ههه لاشيء بكى قليلاً ولكني حذرته من اخبار أي أحد..أنت الوحيدة التي أخبرتها بهذا الموضوع..
وضعت سلوى يدها على فمها:المسكين حسان..هل تعتقدين ان هذا سبب تأخره بالانجاب؟؟
نظرت الى الارض بتفكير ..فعلاً..لقد مضى سنتين على زواجه ولم ينجب بعد..
رفعت بصري اليها ثم أجبتهابقلق: كلا لا أعتقد..
زفرت: اففف سلوى لا تعكري مزاجي..دعيني اتابع حديثي…
ابتسمت سلوى:حسناً ..أنا أسمعك..
اتسعت ابتسامتي:ممم لقد كان لدينا فيما مضى جار يدعى عمار...لديه اخت بعمرك اسمها ديما..المساكين..لقد هربت أمهم في صغرهم فاستنجد عمار بي..سمعنا صوت حشرجة من صدر أخته فذهبت أنا لأحضر لها قطر للأنف..هههه حين رأيناها تبكي..وضعنا زجاجة الرضاعة بفمها ثم وضعنا القطرة بأنفها فاختنقت المسكينة وتشنجت…
ضربت سلوى على صدرها:وتقولين أنك تريدين الطب!!.
ستقتلين المرضى أيتها المجنونة..ما الذي حل بتلك الفتاة؟؟
ضحكت:لا تخافي لم يحدث لها أي شيء..تدخلت أمي حينها وعادت الطفلة للتنفس بشكل طبيعي..
اجابت سلوى بعد تفكير:وما الذي حل بعمار واخته الآن..
زفرت: لا أعلم..لقد انقطعت اخبارهم..ذهبوا لمنزل جدهم حسب ما سمعت..
استرسلت في حكاية الذكريات لسلوى..أردت تناسي حزني...تابعت حديثي متجاهلةً أمر طلاقي من أحمد..
نعم..ان كنت تعتقد أنك ستكسرني يا أحمد فأنت مخطيء..لن ألتفت للماضي..سأقف بنفسي وأنزعك بكامل قوتي من قلبي..
سوف أرمم قلبي المكسور بضحكي وابتسامتي…
الحياة مستمرة ، سواءً عشناها بهم وقلق وألم ، أو عشناها بأمل وحب وفرح ، إذا سأبتسم وأمضي فلا شيء يستحق..
.
.
.
ذهبت مع عمار الى المكتبة فقد أراد أن يشتري بعض الكتب ..
رغم أنني كنت ضجرة ولكنني تظاهرت بالاهتمام..
في بعض الاحيان..أتمنى أن أدخل الى عقل عمار وأعيد تشغيله من جديد..لا أعلم لماذا يتصرف وكأنه شيخ كبير!!
لا أكاد أصدق أنه أصغر من فارس..فارس مرح يحب المزاح..
أما عمار..فهو جاد دائماً كما أن الابتسامة ترتسم على شفتيه بصعوبة..
يعتقد كل من يراه للوهلة الأولى أنه شخص متكبر..
لولا أنني قد رأيت حنانه في صغري لقلت أنه شخص متبلد متحجر القلب..
أعادني عمار الى المنزل بعد ساعة تقريباً فقد أخبرني أن عليه توصيل طلبية الآن..
لوحت له حين خرجت:أراك لاحقاً أخي..
نعم..لم أعد أناديه بدادي..
أنه يكبرني بتسع سنوات فقط!!
لايزال صغيراً حقاً..الآن فقط أدركت كم كنت سخيفة وأنا أناديه بأبي..
فتحت باب المنزل ثم تصلبت بمكاني وأنا أرى سيارة عمي محمد متوقفة بالكراج..
أردت العودة لعمار ولكن الأوان قد فات..لقد ذهب عمار بالفعل..
أرجو أن تكون عمتي فادية قد عادت..لا أريد البقاء مع زوجها وحدي..
صحيح أنني عشت معهم لسبع سنوات..ولكن زوج عمتي يتصرف معي بغرابة..
يفترض أن يكون مثل أبي ولكن..حين بلغت الرابعة عشرة من عمري بدرت منه تصرفات غريبة..
لقد كان يفردني عن أبنائه بمعاملة مميزة جدا، ويبتسم في وجهي بشكل دائم ..
أحيانا يجلس بجانبي وينظر لي ويبتسم ولا يتكلم بأي كلمة ويتحسس وجهي ويدي .
لم اكن اشك به حاولت اقناع نفسي أنه يعتبرني مثل ابنته وأنه يشفق علي لأنني يتيمة ولكنه كان يتمادى مع مرور الوقت..
أصبحت أرتدي الحجاب فيما بعد ولكنه يأتي لغرفتي صباحاً بحجة أنه يوقظني للمدرسة ..أردت اخبار عمتي عن هذا ولكنني أخاف..لا أريد أن تحدث مشكلات بسببي..
التمست له الكثير من الاعذار ولكن ..قبل أسبوع حدث ما افقدني صوابي...
كنت واقفة في المطبخ أغسل الأطباق فشعرت به يدخل المطبخ بسرعة كبيرة وفجأة وجدت أحدا خلفي يمسكني من وسطي بيديه ..
صرخت فزعة فدخلت عمتي ولكنه ادعى البراءة وأخبرها أنه يريد شرب الماء رغم أنه يطلب منا احضار الماء له عادةً..
لقد كانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير..
انا..لا أدري ماذا أفعل.. أصبحت لا أحب رؤيته ولا سماع صوته..
فتحت باب المنزل بعد تردد كبير فوجدت عمي محمد يجلس بالصالة…
وقف حين رآني ولكنني ركضت مسرعة لغرفتي بدون أن أسلم عليه…
أقفلت الباب بالمفتاح خلفي ثم اتصلت على عمتي أسأل عنهم..وصلني صوتها بعد عدة رنات:مرحبا صغيرتي..
سألتها بخوف: عمتي..متى ستأتون..
ردت بعد وهلة:عزيزتي هل مللت..لا تقلقي ..عشر دقائق تقريباً ونعود..
اجبتها بارتباك:لا بأس..ولكنني قلقت عليكم…انا انتظر..
قلتها ثم أغلقت الخط…
انتفظت مرتعبة حين طرق الباب خلفي..وصلني صوت عمي: ديما..لقد احضرت العشاء..تعالي للأكل..
اجبت بصوت مرتجف: لا أشتهي الأكل..
رد بغضب:افتحي هذا الباب ..لماذا دخلت الى المنزل بدون أن تسلمي علي؟؟
ارتجفت أطرافي ذعراً حين بدأ يطرق الباب بقوة..
ارتميت بجسدي على السرير وأطلقت العنان لدموعي لتفيض بالقدر الذي تريد ..
غمرت وسادتي بالدموع….عمتي..عودي بسرعة..أرجوك...
.
.
.
هل سبق لكم وأن شعرتم بالوحدة؟؟
ليست وحدة حقيقية ولكنه فراغ داخلي..
بمعنى آخر..أن تشعر ان كل احزانك لك بمفردك ولا احد يشعر حتى انك حزين..
حين يبكي قلبك وينتحب ولا أحد يمد لك يد العون..
بالرغم من وجود اهلك حولك ولكن لا احد منهم يقدر المك..
اراهم مجتمعين..يضحكون..يتسامرون..وأنا أجلس معهم محاولاً كبح الدموع في عيني…
في المرة الوحيدة التي حاولت بها التعبير عن غضبي الزموني الصمت وأنبوني ..
ضحكت أمي وهي ترى الارتباك في عين أخي وائل لأنه سيكلم خطيبته للمرة الأولى..
الابتسامة مرتسمة على وجوههم وهم يرون ابتسامته الخجول..
اما أنا..فقد ازدادت النار اشتعالاً في قلبي..حاولت كبح دموعي..ولكنها خالفتني ونزلت رغماً عني..
وقفت بسرعة كي لا يلحظوها وذهبت الى المغسلة أغسل وجهي بقوة..
لا تبك وليد..لا أحد يستحق في هذه الدنيا..
وقف أخي من مجلسهم فقد ضجر من تعليقاتهم ..اراد أن يحدث خطيبته على انفراد..
دخل الى غرفة الجلوس الموجودة خلفي واغلق الباب كي يتسنى له الحديث بأريحية..
انتابني الفضول..مشيت ببطء الى الباب محاولاً سماع حديثه..
ولكن..لم أتمكن من سماع أي شيء..
فكرت بالابتعاد عن الغرفة ولكن ضحكة مجلجلة من أخي وائل استوقفتني..
اشتعلت نيران قلبي عند سماع ضحكته..
لقد بدا لي صوت ضحكه مزعجاً..وكأن آلاف الأجراس قد طرقت في ذات الوقت..
يضحك!!
يضحك بكل بساطة!!
لماذا يجب علي أنا أن أعاني بينما يعيش هو حياته بسعادة؟؟
كيف سمح لنفسه ببناء سعادته على تعاستي؟؟
كلا..لن أصمت أكثر..
لن أسمح له بقتلي حياً..
مشيت الى المطبخ بخطىً ثابته..
سمعت صوت أمي تناديني للجلوس معهم ولكني تجاهلتها…
أخذت ما أريد من المطبخ ثم عدت لغرفة الجلوس وقمت بفتحها بكل قوتي..
قفز أخي وائل فزعاً:وليد..لقد أفزعتني..
قالها ثم أعاد السماعة الى اذنه: اعذريني يا حبيبتي..سأحدثك لاحقاً..
أقفل السماعة ثم اقترب مني معقداً حاجبيه: وليد..هل هناك مشكلة؟؟
لم أسمح له بأكمال حديثه..
غرزت تلك السكينة في بطنه بدون تردد..
تسارعت أنفاس وائل وهو ينظر الي بصدمة.. جثى على ركبتيه امامي وهو يلهث وقطرات العرق تتشكل على جبينه من شدة الألم بينما بقيت أنا محدقاً به بابتسامة..
دخلت أمي في تلك اللحظة: ما الذي يحدث يا أولاد..
شهقت ثم صرخت بفزع: وائـــــــــــــــل..
تجمع أبي واخوتي عند سماعهم لصراخ أمي وتحلقوا حول وائل وبدأوا بالصراخ والنحييب..
هل خفت؟؟
أبداً..
لقد سماني كل من سمع بحادثة طعني لأخي بالمجنون..
فقد ضحكت وأنا أرى خوفهم بكل بساطة!!
اعتقد الجميع أنني لم أكن بوعيي حين طعنته..
قالوا أن فعلتي كانت رغماً عني وذهبوا بي للعديد من الشيوخ كي يبعدوا عني تأثير الشياطين..
ولكني أؤكد لكم أنني لم أكن تحت تأثير الشياطين..
لقد طعنته بكامل أرادتي..
أردت أن أحرق قلوبهم كما أحرقوا قلبي..
أرادت انتزاع روحه كما انتزع روحي…
.
.
.
لايلزم أن تكون حسن الشكل لتكون جميلا ..
ولا مداحا لتكون محبوباً ..
ولا غنيا لتكون سعيداً ..
يكفي أن تعرف معني الرضا وتطبقه في حياتك ..
.
.
.
مرت ثلاثة أشهر على طلاقي من أحمد..
هل تعتقدون أن طلاقنا قد أثر به؟؟
أبداً..بل على العكس..لقد أدركت الآن أنه كان ينتظر طلاقنا بفارغ الصبر..
هل تصدقون هذا..ثلاثة أشهر فقط واليوم هو موعد زفافه من ابنة خالته!!
متى قام بخطبتها ؟؟..
ومتى قام بتحديد الزفاف؟؟..
لا أعلم..
لقد أغضب هذا الأمر أبي أيضاً..فأحمد هو ابن عمي ولم يخبر أبي بموعد حفل الزفاف غير الأسبوع الماضي...
سلوى تفكر منذ الأمس فيما ترتديه..لقد أخبرتها أن لا تفسد علاقتها مع سامر بسببي ..صحيح أن سامر وأحمد أخوة ولكن سامر يحب سلوى حقاً ولا أرغب أن أكون المتسببة بتفريقهم..
أتمنى لهما التوفيق..
لم أستطع التركيز في الجامعة في ذلك اليوم..حائرة جداً..
ان ذهبت لزفافه فسينظر الناس الي بشفقة حسب قول أمي..
وان لم أذهب لن اسلم من شفقتهم أيضاً..سيعتقدون انني اتظاهر بالفرح فقط…
افففف مللت من التفكير..
طلبت من سالم أن يصطحبني الى المنزل ظهراً فعلي اخذ قسط من الراحة من أجل الزفاف الليلة..
ركبت السيارة معه فالتفت الي: هل تريدين شيئا من أجل الغداء..
أجبته بهدوء: كلا لا أشعر بالجوع..
صمت سالم بعدها طوال الطريق..ولكن..حين وصلنا للمنزل استوقفني صوته قبل ان انزل: سلمى..
نظرت اليه باستغراب..
ابعد نظره عن عيني ثم تابع الحديث:لاتحزني نفسك سلمى..سأنتقم من أحمد على فعلته..
عقدت حاجبي:ما الذي تقصده..أرجوك سالم لا تحدث أي مشكلة..لقد طلبت الطلاق بملئ ارادتي وانتهى..
ابتسم سالم ثم أجاب:لن اؤذيه..سأؤدبه قليلاً فقط..
اتسعت ابتسامته :هيا اخرجي..العريس يريد مني الذهاب معه لاساعده في تحضيرات زفافه..
خرجت من السيارة ثم أغلقت الباب وانا اتمتم بغضب..
غبي متناقض..يقول انه سينتقم ثم يذهب معه لمساعدته..انا اعجز عن فهم ما يفكر به حقاً..اففف
فتحت باب المنزل ثم تلفت حوليي أبحث عن أمي وسلوى ولكن لم أجد أحداً..
اوه ..لابد ان امي قد ذهبت مع سلوى لمصففة الشعر..
هه لقد أرهقت نفسي بالتفكير عبثاً..أمي لاتفكر أصلاً باصطحابي معهم..
هذا أفضل..
ذهبت لآخذ حماما دافئا ثم ذهبت لفراشي لأنام..
سأذهب لزيارة لسديم بعد استيقاظي..
اغلقت عيني بهدوء ولكن كلام سالم تردد في اذني..
مالذي يقصده سالم بتأديب أحمد يا ترى؟؟
.
.
.
ركبت سيارة فارس مع فرح بعد خروجنا من المدرسة..ومنذ ركوبنا وهو يتذمر من اصطحابه لنا ويقول انه مضطر لهذا لأن السائق يصطحب أمل من الجامعة..
حسناً أنا متأكدة من أنه يكذب..كان بإمكانه الذهاب لأمل ان كان اصطحابه لنا يزعجه ولكنه يتعمد مضايقتي بتذمره المستمر..
توقف فارس أمام المحطة ليملأ السيارة بالوقود ثم قام بفتح باب السيارة..
التفت الينا قبل أن يخرج:سأنزل للبقالة..هل تريدين شيئاً يافرح؟؟
هتفت فرح: أريد عصير الفراولة..واعتقد أن ديما تريده أيضاً..
لم ينتظر فارس رأيي في الموضوع بل خرج من السيارة فوراً..
نظرت فرح الي باحراج: هههه اعتذر لأني تحدثت عنك ولكنك تحبين عصير الفراولة صحيح..
ابتسمت ببرود: لا أريد شيئاً منه..
عاد فارس الى السيارة ثم اخرج عصير الفراولة من الكيس قبل تحركه..
نظرت فرح اليه باستغراب:وماذا عن ديما؟؟
رد فارس ببرود وهو ينظر الي من المرآة الأمامية للسيارة: لست مسؤلاً عنها ان كانت تريد شيئاً فلتدفع بنفسها..
شهقت فرح: فارس..
ابتسم فارس باستهزاء ثم تابع القيادة باتجاه المنزل..
أما أنا فقد كنت أشتعل غيضاً..ومن يعتقد هذا الغبي نفسه ليهينني هكذا..أنا لا أريد أي شيء منه أصلاً..
وصلنا الى المنزل فخرجت من السيارة بسرعة وقمت بإغلاق الباب بكل قوتي ثم ركضت الى المنزل قبل أن يلحق فارس بي فهو يغضب حين أغلق الباب بقوة ولكنه يستحق..
فتحت باب المنزل ولكنني انتفضت فزعة حين صرخ فارس: ديما أيتها الغبية..
ركضت باتجاه الدرج فقامت عمتي بمناداتي: ديما يا ابنتي الغداء جاهز..
لم التفت اليها..تابعت الركض لأهرب من فارس ولكنني تعثرت اثناء صعودي وسقطت أرضاً.
شهقت عمتي: هل تأذيت يا صغيرتي..
دخل فارس في تلك اللحظة والشرر يقدح من عينيه:ديــــــــــــــمــــــــــــــــا..
نظرت عمتي فادية اليه: لماذا تصرخ الآن..
رد فارس: هذه الغبية تريد افساد سيارتي….
قامت عمتي بمقاطعته: انتبه لألفاظك رجاءً..احترم وجودي على الأقل..
اردت استغلال انشغال فارس بالحديث مع عمتي لأصعد الدرج..ولكنني لم اتكن من ابوقوف بسبب الم كاحلي.. أمسكت بالدرابزين فقد فكرت بالصعود حبواً ولكن فرح جلست بجانبي:ديما هل أنت بخير..
نظرت اليها بعينين دامعتين: كاحلي..انه يؤلمني..
امسكت فرح بيدي وساعدتني الى ان وصلت لغرفتي..جلست على الأرض أمامي:دعيني أرى اصابتك..
أومأت برأسي:كلا..أنا بخير..
زفرت فرح: اففف لا أعلم لماذا يتصرف فارس هكذا معك..أنا اعتذر نيابة عن ذلك الغبي..
ابتسمت باستهزاء: لا تقلقي أمره لا يهمني حقاً..
ابتسمت فرح: ما رأيك هل أجلب الغداء لغرفتك؟؟
أومأت برأسي: كلا..أريد أن أنام...أشعر بالأرهاق..
-حسناً أحلاماً هانئة..
قالتها ثم خرجت من الغرفة..
أما أنا فقد استلقيت على السرير بهدوء..
في الحقيقة..أنا أعرف سبب تصرفات فارس السخيفة معي..
لقد أخبرني عمار منذ عدة أشهر أن فارس صارح عمار بأنه يحبني ويرغب بالزواج بي ولكني أخبرت عمار أنني أرفض ذلك بشدة..
ليس لعيب بفارس..ولكن أباه يتحرش بي..
الأمر صعب..ارتباطي به أمر مستحيل !!
لا أعلم كيف أشرح هذا الأمر لفارس ولكنه اعتبر رفضي له اهانة في حقه..
لقد تغير تعامله معي وأصبح يضايقني من يومها..
آآآه عمار..متى ستصطحبني بعيداً من هذا المنزل..
متى؟؟
.
.
.
استيقظت من نومي بعد صلاة العصر ثم مشيت باتجاه منزل سديم..
سديم..جارتي وصديقتي منذ الطفولة..ستخرجني من كآبتي هذه بالتأكيد..
في اثناء المشي سمعت صوتاً قادماً من خلفي لطفل صغير:هي..مرحباً سلوم..
التفت اليه بغضب فانفجر بالضحك مع أصدقاءه..
افففف لا أعلم متى سيتركني أولاد الحي بحالي..
بالرغم من ارتدائي النقاب الا انهم يتعرفون علي..
يبدو ان اسم سلوم لن يمحى من ذاكرتهم أبداً..سيبقى وصمة عار بالنسبة إلي..
هل تتساءلون عن سبب تسميتهم لي بهذا الاسم..حسناً سأخبركم..
في اثناء طفولتي كنت العمدة في حارتنا بلا أي مبالغة..اعتدت على اللعب مع الأولاد..وقد كنت اهزمهم في لعبة كرة القدم دائماً..
كما انني كنت جزءاً من شلة الأنس..ههه أو عصابة الأنس..
تتكون عصابتنا من ستة أفراد.
الرئيسة وهي أنا ..ويدعونني بسلوم أو (الجرادة) وذلك بسبب سرعة حركتي وحبي لارتداء اللون الأخضر..
( المباحث) وهو أخي سالم..وقد أسميناه بهذا الاسم لأنه كان يشي بنا أمام الكبار..
أما الشخص الثالث فهو شقيق سديم هاني وقد لقبناه بـ(الريشة ) لنحالة جسده..
الشخص الرابع ابراهيم..أو (مسيلمة الكذاب) نعم لقد كان كثير الكذب..
الشخص الخامس هو عماد أو (العضاض) فقد كان يهاجم من يزعجه بالعض بدون تفكير بالعواقب.
أما الشخص السادس والأخير هو عمار أو (رأس البطاطا)..اسميته بهذا الاسم لأن شعره أصفر..حسناً..لقد كان عمار هادئاً وخجولاُ..انظم لعصابتنا بعد جهد مني لاقناعه..كان يخجل من الاختلاط بأولاد الحي لأنه لايتقن العربية ولكنني اتفقت معه على ان اعلمه العربية ويعلمني الانجليزية بدوره..
لقد تعلمت منه بعض الكلمات أما هو فقد اتقن العربية بطلاقة في عدة أشهر..
بالطبع لم يدم وجوده في عصابتنا فلا أحد يعلم عنه شيئاً منذ انتقل لمنزل جده ولكننا ظللنا لفترة طويلة ننتظر عودته..
ياااه كانت أيام جميلة حقاً ولكني أود محوها من عقولهم بشدة..
فعلى كل حال..ليس شيئاً جيداً لفتاة مثلي أن تصاحب الأولاد ..
أليس كذلك؟؟
.
.
.
-رؤى..اعطني الهاتف قبل أن ينفذ صبري..
كان هذا ما قاله أخي وليد لي وهو ينظر الي بحدة..
اففف ماذنبي ان قام هذا الغبي بكسر هاتفه؟؟
صحيح أنني قد اشتريت هاتفاً جديداً منذ شهر ولكني أردت التأكد من خلو هاتفي القديم من أشيائي الشخصية قبل أن أعطيه اياه..
اجبته بارتباك:حسناً وليد..انتظر قليلاً أريد محو بعض الاشياء قبل أن تأخذه..
نظر الي بشك: ما الذي تعنينه..ما الذي تخفينه عني ولا تريدين مني رؤيته؟؟
زفرت بغضب:لا تكن مريضا لا اخفي شيئاً..ولكن ..هناك ارقام صديقاتي..اضافة لبعض الصور التي أريد محوها..
أخذ الهاتف من يدي عنوة: سأقوم بفرمتته يجب أن أسافر الآن لا أستطيع التأخر أكثر...
قالها ثم خرج من الغرفة قبل أن يسمع ردي..
افف غبي..المشكلة انني أخاف منه ولا أجرأ على الوقوف بوجهه..
لقد قام هذا المجنون بطعن أخي وائل قبل ثلاثة أشهر ولكن لحسن حظه كانت الاصابة طفيفة..
نحن نشك بكونه ممسوساً من قبل الشياطين..فلا يوجد أي سبب منطقي لطعنه لوائل..
ان وائل يتجنب الالتقاء بوليد منذ ذلك الوقت كما أن وليد يحاول البقاء بعيداً عن المنزل..
أصبح يكثر الخروج مع اصدقائه ليبتعد عن المنزل فحسب..
لا أعلم متى سيصبح شاباً مفيداً لأهله ومجتمعه..حين أقارن بينه وبين عمار شقيق ديما أرى مدى اختلافهما الشاسع..
بالرغم من أنه وعمار في نفس السن الا ان عمار يعمل جاهداً ليعيش حياة مستقرة مع أخته ديما أما وليد.. مدلل غريب الأطوار..
جلست على الأريكة على هاتفي لأحدث ديما..اشتقت اليها كثيراً..
صحيح أننا ندرس في مدارس مختلفة ولكنها أعز صديقاتي..
لقد استطعت التوصل اليها عن طريق الانستقرام منذ سنة واصبحنا نتحدث معاً بشكل يومي..
فتحت الدردشة وأرسلت لها رسالة:
-مرحبا ديما ..كيف حالك اليوم..
انتظرت لعدة دقائق ثم ردت ديما بإسال صورة لها بوجه حزين وعينين دامعتين….
سألتها بخوف:ديما لماذا تبكين؟؟
ردت ديما:لقد سقطت من الدرج اليوم..قدمي تؤلمني كثيراً..
حدقت بالرسالة قليلاً ثم أجبتها:حسناً اذهبي الى المشفى ربما يكون هناك كسر..
ردت ديما: هناك تورم في كاحلي..اعتقد انه قد التوى..اردت الذهاب الى المشفى..ولكني اخبرتك عن زوج عمتي لا أريد الذهاب معه..وبالطبع لن أطلب من الغبي فارس شيئاً..ان استمر الألم فسأتصل بعمار ليصحبني لا تقلقي علي…
زفرت بعمق حين قرأت رسالتها..المسكينة ديما..حياتها صعبة جداً ..حين أرى مشاكلها أشعر بأنني أسعد فتاة في الكون..
كان الله في عونك ديما..
.
.
.
لم أتمكن من احتمال الألم..حاولت تجاهل الأمر ولكن لا..هناك تورم في كاحلي..
شعرت برغبة شديدة بالحديث الى عمار..
في كل مرة اقنع نفسي بأنني قد كبرت ولم أعد احتاج اليه أجد نفسي أتذكره في حال ضعفي..
أحتاج اليه..احتاج لحنانه ..ليتني أخرج معه اليوم ولا أعود لهذا المنزل مجدداً..
أخرجت هاتفي لأصل عليه وفكرة طفولية تدور في مخيلتي..
لقد فكرت..ان رأني عمار أتألم هكذا ربما يأخذني معه..
حين كنت أخاف من شيء في طفولتي كان يبقى بجانبي ويدعني أنام معه بغرفته...
أنا أتألم الآن أخي…
تعال وخذني من هنا أرجوك..
.
.
.
عندما أكون وحدي أحاول مرارا استبعاد لحظات الحزن تلك التي تباغتني كلما اختليت بنفسي.. .
لاأدري لم أشعر أنها تتحين الفرص لتنقض على سويعات الصفاء ولحظات السعادة اليتيمة التي قد تكون مرت على بابي يوما مــا .
في بعض الأحيان أتمنى أن أتجرد من مشاعري كي لا أتألم أكثر..
آآه بت أكره الفراغ كي لا أنشغل بالتفكير..لقد أصطدمت سيارتي في هذا الصباح بالرصيف فقد كنت أقود السيارة مرهقاً ولم أسلم من تعليقاتي عمي حازم بالطبع..
أخذ يلومني على ارهاق نفسي بالعمل بينما يعرض علي العمل بالشركة وبالطبع لم ينس الاستهزاء بوالدي واخباري انه كان محقاً حين قال بأنني سأدرس عبثاً..
لا أخفيكم هذا ..
كلماته قد سببت لي الاحباط..
لا أعلم متى سأحصل على وظيفة مناسبة..
رن هاتفي فارتسمت الابتسامة على وجهي حين وجدت بأن المتصل هو ديما..
اجبتها بفرح:اهلا اهلا..اشتقت اليك كثيراً صغيرتي..
ردت بصوت باكي:عمار..تعال وخذني من هنا..
عقدت حاجبي حين سمعت بكاءها:ديما هل أنت بخير.. ردت ديما: لقد سقطت من الدرج..اعتقد انني لويت كاحلي..ارجوك عمار..تعال وخذني الى المشفى..انني أتألم بشدة..
وقفت من مكاني بسرعة :سآتي حالاً اصبري قليلاً..
قلتها ثم اغلقت الخط..درت حول نفسي أفكر كيف أذهب اليها بدون سيارتي..
لن يسمح عمي لي بأخذ سياة السائق بالتأكيد فسيفتعل مشكلة ان احتاجت زوجته اليها وهي معي…
عزمت أمري وذهبت لاستأذن من جارنا بأخذ سيارته ولم يمانع بهذا..اخبرني انني استطيع أخذها طوال اليوم ان رغبت..
وصلت الى منزل عمتي وحين رأتني عمتي أسأل عن ديما صدمت بشدة:ولكن..لماذا لم تخبرني ديماً أنها قد آذت كاحلها..
رفعت كتفاي: لا أعلم..اخبرتني انها تريد مني اصطحابها الى المشفى..هل أستطيع الصعود لغرفتها..
أومأت عمتي برأسها: بالتأكيد..
صعدت الدرج اليها وحين فتحت الباب وجدتها بحال مزرية من الواضح انها تتألم..منظر وجهها الملئ بالدموع جعلني اشعر انها لاتزال طفلة..
اقتربت منها فازداد بكاءها:عمار لم أعد أحتمل الألم أكثر..
جلست أمامها:دعيني أرى أين أصبتي؟؟
كشفت ديما عن كاحلها فبات التورم واضحا..
تحسست قدمها فصرخت ديما:آآآه ..لا تلمسه..انه يؤلمني..
زفرت: انها متورمة..أرجو أن لا يكون أمراً خطيراً..
دخلت عمتي الى الغرفة وهي ترمق ديما بعتاب:لماذا لم تخبرني بالأمر صغيرتي..كنت سآخذك للمشفى فوراً,,هل أبخل عليك بشيء؟؟
نظرت ديما الى الأرض بدون أن ترد..
في الحقيقة تصرفها غريب حقاً ولكنني سعيد لأنها اتصلت بي..
اشعر بالفرح حين أشعر باحتياجها الي..
نظرت الى عمتي:انك لا تبخلين عليها ياعمتي ولكنها تحب أن أقوم بتدليلها هذا هو الأمر..
ابتسمت عمتي:حفظها الله لك..
ساعدت ديما بنزول الدرج ثم ذهبت بها الى المشفى..
اتضح بعد الفحص أنها تعاني التواءً في الكاحل..
خرجنا من المشفى بعد أن أخذت بعض المسكنات وقبل أن أبدأ بقيادة السيارة قامت ديما بمنادتي:أخي..
التفت اليها: نعم يا حبيبتي؟؟
ترقرقت عيناها بالدموع: حين كنت صغيرة كنت تضع لي دواءً خاصا بك فيتلاشى الألم فوراً هلل تذكر؟؟…
ضحكت من تلك الذكرى:لم يكن دواءاً فعلاً كنت أضع المناديل المبللة فحسب ولكن كان الأمر يريحك ههه لا أعلم كيف كان يتلاشى الألم حقاً..
نزلت دمعة من عينها: أعلم أنه لم يكن دواءً..ولكن بقاءك بجانبي واهتمامك بي كان يشعرني بالسعادة..متى يحين الوقت لنعيش معاً مجدداً أخي؟؟
تهدج صوتها: أرجوك لا أريد البقاء في ذلك المنزل أكثر..أنا ..أشتاق اليك..
قالتها ثم انفجرت بالبكاء..
شعرت بالألم يعتصر قلبي ..اكره رؤية حزنها بدون ان اتصرف..امسكت بييدها بحنان: تبقى القليل صغيرتي..ألم أخبرك..في الاجازة الصيفية بعد شهر سنسافر معاً وحدنا..
ردت بفرح: حقاً..
أومأت لها: نعم..ولكن أريدك ان تركزي بدراستك جيداً الآن اتفقنا..
قامت ديما بمسح دموعها: لاتقلق ..سأذاكر جيداً..
قمت بتحريك السيارة فالتفتت ديما الي باستغراب:هذا طريق منزل جدي..
ابتسمت:سنشتري البوظة ونأكلها معاً في حديقة المنزل كالسابق ما رأيك؟؟
ضحكت ديما بدون أن ترد…
بقيت مع ديما في الحديقة في تلك الليلة...ضحكنا وتحدثنا كثيراً عن ذكريتنا في الصغر..
كانت تلك الليلة ..أول ليلة أحن بها لأيام طفولتي…
فحديثي مع ديما وجلوسي معها..جعلني أشعر ولأول مرة..أنني أعيش يوماً مميزاً..
يوماً..من الماضي…
.
.
.
-أنا ملكة جمال هذا الكون..
طلاقي ليس لعيب في مظهري..ولكن ربما لو أصبح شعري أنعم..وأنفي أدق قليلاً..وشفتاي لو أنها تصبح أصغر ..اممم وعيناي أكثر اتساعاً,,,مع تورد بسيط في وجنتي فسأكون ملكة جمال الكون..
قلتها وأنا أنظر لنفسي بالمرآة.
ضحكت سديم:هههههه ما الذي تبقى من وجهك سلمى..
زفرت بعمق: يقولون أن الجمال جمال الروح صحيح؟؟
نظرت سديم الى عيني باهتمام:أتعلمين سلمى..انك جميلة حقاً ولكنك لا تهتمين بمظهرك..اعذريني لصراحتي ولكنك تتصرفين مثل الصبيان..
شهقت:أنا أتصرف مثل الصبيان!!
ردت سديم: يجب أن تواجهي الأمر سلمى..حين علم هاني أنك هنا قال أبلغي سلامي لسلوم..
احمر وجهي بغضب: وماذا أفعل ..كنت صغيرة وقتها ولكنهم يرفضون نسيان الأمر..
وضعت سديم يدها على خدها:مع الأسف ياصديقتي الأمور المحرجة تبقى عالقة في الذهن..لقد حذرتك كثيراً من اللعب مع الأولاد ولكن لا استمر لعبك معهم الى أن بلغت الرابعة عشرة من عمرك..انهم يعدونك عمدة الحي انك تعليمن هذا..
تجاهلت حديثها وأنا أرتشف من كوب الشاي أمامي..من الجيد أننا سننتقل من هذا الحي قريباً…
هتفت سديم: بسرعة سلمى أنهي كوبك لأصفف شعرك..
نظرت اليها بحيرة:هل تعتقدين أن ذهابي لزفافه أفضل..
ردت بثقة: بالتأكيد..اذهبي بكل ثقة..سأقوم بتجهيزك على أكمل وجه..أغيضيهم بجمالك وثقتك كي يعلموا أنهم قد خسروا درة نفيسة…
ضحكت باستهزاء:ههه أي درة تتحدثين عنها..انت لم تري ابنة خالته..انها آية في الجمال..بشرة بيضاء ..شعر حريري كثيف ..جسد متناسق..ههه وتقولين خسر درة؟؟ ..
ردت سديم بنفاذ صبر:كونك سمراء لا يعني أنك قبيحة...اسمعي مني سلمى لايوجد في الدنيا أمرأة قبيحة ولكن يوجد أمرأة لاتهتم بنفسها..
بدأت سديم بتزيني بعد أن صلينا العشاء ثم اعارتني فستاناً جميلاً بلون أسود ..لا أخفيكم هذا ..بدا شكلي مختلفاً..
حتى في يوم خطوبتي من أحمد لم أكن راضية عن مظهري هكذا فقد كانت مساحيق التجميل تغطي ملامحي بطريقة مقززة..
نظرت الى سديم بانبهار:لم أتصور يوماً أنني سأتقبل ملامحي وأنا أضع مساحيق التجميل!!
ردت سديم بثقة:سأفتح مشغلاً خاصاً بي في يوم من الأيام وكوني شاهدة على مهارتي وقتها هههه..
قامت سديم بتجهيز نفسها ثم طلبت من هاني اصطحابنا الى حفل الزفاف..
كنت متوترة طوال الطريق..لم أخبر أمي أنني سأحضر..هل ستغضب يا ترى؟؟
وصلنا الى القصر أخيراً..خرجت سديم وحين هممت بالخروج استوقفني صوت هاني:سلوم..
لا أخفيكم انني وددت أن أفقأ عينه حينها..يعلم انني متأنقة اليوم وما زال يقول سلوم؟؟؟
تابع هاني حديثه:لاتحزني سلوم..لقد انتقمت شلة الأنس من أجلك..
خرجت من السيارة بدون أن أرد عليه..
ولكن حديثه قد ذكرني بحديث سالم هذا الصباح..ما الذي فعلوه ياترى..
دخلت الى القاعة مع سديم وبمجرد دخولي رأيت رغد الأخت الصغرى لأحمد تدور حول نفسها بفرح..
توقفت عن الدوران حين رأتني وركضت باتجاهي وهي تهتف: ســـــــــلمــــــــــى..
فتحت ذراعي لأستقبلها..رغد تبلغ الخامسة من عمرها..انها اقرب بنات عمي الى قلبي..
قبلت وجنتيها الناعمتين فابتسمت بخجل..
رمشت بعينيها الصغيرتين وهي تتأملني:انك جميلة جداً سلمى,,
ابتسمت لها: شكراً ياجميلتي..
تابعت رغد حديثها ببراءة ..ولكنها ببراءتها قد قتلتني..مزقت قلبي لأشلاء:لقد قال أحمد انه لا يريد الزواج بك لأنك مثل الأولاد..ولكن الأولاد لا يملكون شعراً طويلاً صحيح؟؟
.شهقت سديم:ذلك الحقير..
وضعت يدها على كتفي حين لاحظت ارتعاش جسدي: سلمى هل أنت بخير؟؟
نظرت اليها بحدة: اعطني هاتفك سديم..
نظرت الي بتساؤل:لماذا؟؟
اجبتها بصوت مرتجف:لن يرد على مكالمتي..سأحدث ذلك الحقير من هاتفك أريد أن أفرغ غضبي عليه.
أومأت سديم برأسها ثم وضعت الهاتف بيدي..
أخذت الهاتف ثم أسرعت بخطواتي باتجاه دورات المياه لأحدثه بهدوء..
ذلك الغبي ..من يظن نفسه؟؟
انه لم يكمل تعليمه الجامعي حتى..انا افضل منه بكثير ولكني قبلت الزواج به لأنه ابن عمي فقط..
تنازلت عن الكثير من مواصفات الزوج المثالي بالنسبة لي كي أتقبل العيش معه ..
ولكنني سأعلمه مقامه الآن...
نظرت الى الهاتف بأنفاس متسارعة من شدة غضبي وارتباكي في نفس الوقت..
بدأت ادخل رقمه الذي احفظه من ظهر قلب..
لقد كنت مخطوبة له لست سنوات..كان عليه أن يذكرني بالخير على الأقل..
بدأ هاتفه بالرنين ودقات قلبي تزداد مع كل دقة..
كنت أعد الكلام الذي سأوجهه له بعقلي ولكن كل ما اعددته قد تلاشى فورا حين وصلني صوته وهو يصرخ بغضب: ماذا الآن؟؟
.
.
.
أنا ما زلت بخير..
قلبي يؤلمني قليلا .. ولكن هذا لا يعني أنني في حال سيئة..
عيني تحرقني وتمتليء بالدمع .. لكنني أدفع الدمع إلى داخلي..
مرهق جدا و لكنني أبتسم..
أفقد ابتسامتي لكنني أتصنعها لأسترد قوتي..
فقدت الكثير من وزني لكنني ما زلت بصحة جيدة..
أتألم حد الموت .. لكنني أعيش..
اصبحت أتهرب من البقاء في المنزل فمنذ أن قمت بطعن وائل وأنا أشعر بنظراتهم الي كشخص مجنون ..
أكره نظراتهم تلك..لو أنني كنت ابنهم هل كانوا سيعاملونني هكذا؟؟
بالطبع لا..
كانت أمي تخبرني دائماً أن مكانتي في قلبها مثل وائل تماماً..
اخفت الأمر بأنني لقيط عن رؤى ورغد لتثبت لي انها تحبني كابنها تماماً ولكني ادركت الان انها كانت تكذب..
لا الومها فان كانت امي الحقيقية لاترغب بي هل سأجبر احدا غيرها على حبي؟؟
لقد كانت أمي تعلم أنني أحب سمر ولكنها قامت بخطبتها لوائل رغم هذا..
وحين اعترضت على الأمر اخبرتني أن سمر لن تقبل الزواج بلقيط!!
ولكن..
ماذنبي أنا...؟؟!
اخبروني مالذنب الذي اقترفته؟؟
منذ كنت طفلاً وسؤالهم بالمدرسة يؤلمني حين يسألوني عن نسبي..
تسبقني دموعي على الإجابة قبل أن أنطق..
وأمسح دمعتـي من وجنتي بكم ثوبي..
أتمتم بصمت داخل نفسي ولكن لاأقوى على الـرد..
دمعات لقيـــــــط..وصرخات يتيــم
هي متقاربه حتما..ولكن بفرق بسيــط..
فاليتيــم من فقد والديه...ولكن اللقيط من رماه والداه وهما يستمتعان على قيد الحياه...
ولكنهم لايريدونه..
وأنا قد قررت بأنني لا أريد أحداً..
سأعيش بهذه الدنيا كما أريد وسأتمرد على كل من يجرأ على ايذائي..
وصلت أخيراً لمدينة الرياض فغداً سأحضر حفل زفاف أحد أصدقائي هنا ..
فتحت هاتف رؤى بعد وصولي الى الفندق…
سأرسل رسالة لأمي لأخبرها بوصولي..
لا أعلم ان كان أمري يهمها ولكني قد أديت واجبي بإخبارها…
حين قمت بفتح الهاتف بدأت تظهر اشعارات كثيرة على الشاشة الرئيسية من الانستقرام الخاص برؤى..
كم اكره هذا البرنامج السخيف سيكون أول برنامج أحذفه..
قمت بفتح احدى محادثات رؤى من باب الفضول ولكن ماوجدته قد اثار انتباهي
كانت محادثة لها من احدى صديقاتها..تدعى ديما على مايبدو..
عقدت حاجبي حين رأيت تلك الصورة..
كانت صورة لفتاة شقراء تبكي!!
مهلاً مهلاً..هل هذه صديقة رؤى؟؟
ههه كلا هذا مستحيل...من الواضح ان الصورة لفتاة اجنبية..
.
تابعت الصعود في محادثتها مع رؤى فوجدت العديد من الصور لنفس الفتاة!!.
يبدو ان هذه الفتاة هي ديما حقاً..
فتحت صورة لها بزي مدرسي وظفيرة جانبية..تنظر الى كاميرة الهاتف بابتسامة خجول..
رؤيتي لملامحها البريئة و جمالها الآخاذ حركت شعوراً غريباً بداخلي..
لم أتصور أن أرى فتاة بجمالها في حياتي!!
بقيت أتأمل تلك الصورة بتمعن وما كان لي ..إلا أن أبتسم...
.
.
.
💖نهاية الفصل💖
[/COLOR]
|