ردت هيلين بنعومة:
- لم اعد العب هذه الايام , وربما يجب ان اعود للعب حين اصبح اقوى.
- لعب خفيف قد يساعدك , اظن من الخطأ الجلوس حين يحس المرء بالتعب.
ردت هيلين بقليل من الحدة:
- لا اتصور انك ضعفت يوماً, حين احس انني قادرة على اللعب سأحاول هذا , هنا . على ملعب نيل. ألست الفتاة التي شاهدت تشارلز يحدثها منذ ايام؟ كنتما على الطريق , وتبدوان متضايقان من الحر.
ضحكت بيني :
- اوه , اجل , حين كنا صغاراً, تدربت مع اخوتي على نوع من الكلام وتشاجرت معه.
- وهل شفاك الشجار من الطفولية ؟
- ولماذا يشفيني ؟ إذا لم اعجب الناس كما أنا , فالأمر مؤسف لهم. لايمكن للمرء ان يكوى سوى ماهو عليه, ولا يمكنه ان يكون كل شيء .
تدخلت بيترا:منتديات ليلاس
- لا تقصد السيدة يورنغتون أي شيء شخصي يا بيني , وأنا متأكدة ان تشارلز سيغضب جداً لو عرف اننا نتناقش بأمره هكذا , اتودين الشاي بعد؟
طبيعة بيني مرحة لا تأخذ الأمور بعمق , فابتسمت وقبلت الشاي لتشربه وتصف نية طيبة مباراة كرة قدم شاهدتها منذ اسابيع . ثم وقفت معتذرة وذهبت , فاوصلتها بيترا حتى سيارتها , ووعدت ان تذهب للعب بعد ظهر اليوم التالي, ولو اضطرت للذهاب على ظهر جوادها . متنهدة اخبرتها بيني انها في الواقع لم تحضر للزيارة بل لتخبرها ان شقيقها مفتون بتلك المرأة الأنيقة , وهي لا تعلم. فكافحت بيترا شهقة , لابد ان تشارلز قد تكلم دون وعي او حكمة في النادي عن هذا وقالت :
- لست أرى كيف جرى هذا , فهما لا يلتقيان كثيرا.
- انا لا اقول انه يأمل منها بشيء , لكنها اصبحت مقياسه بالنسبة للنساء الأخريات , لقد كان تشارلز شريفاً, لكنه الآن اصبح تافهاً.
ضحكت بيترا لتخفي اضطرابها:
- لم يختلف حقاً, فقبل ان تأتي السيدة يورنغتون بوقت طويل كان يفكر بأن عليك ان تنضجي , ولطالما اعجبته اكثر من أي فتاة اخرى, لذلك يلاحظ اكثر , ماتفعلينه وتقولينه. فلا تقاوميه بيني .منتديات ليلاس
رفعت بيني كتفيها.
- لن اقاومه, إلا حين قارنني بتلك المرأة ثانية , ولو فعل سأقوم بمقارنته بنفسي وبصوت مرتفع!
كان من الرائع ان تلعب بيترا التنس عند آل راي بعد ظهر اليوم التالي وتتلقى المزاح والمضايقة من الشبان الثلاثة . والسخرية على لعبها السيء من بيني , لكن لم يكن الأمر ممتعاً حين عادت لتجد نيل يرمي بالكرات فوق شبكته لهيلين , ولم تستطع إلا ان تشد بقبضاتها فوق حجرها حين اخذت هيلين تتبجح بخطواتها الأولى نحو الشفاء وقت العشاء.

وسرعان ما انتهى العشاء لتسترخي هيلين تدخن سيكارة وكأنها القطة المسترخية , فوقفت بيترا بسرعة معتذرة لاضطرارها الى الذهاب مع تشارلز الى النادي, واوصلها نيل حتى الشرفة الأمامية , واضاء لها الأنوار في الممرات , لكم ما ان ابتعدت عن نظره, حتى وجدت نفسها تركض لمجرد ان تحس بالراحة لوضع اكبر مسافة بينها وبين هيلين يورنغتون.
وفي اليوم التالي وصل دايفيد باون.
وصلت البرقية من دايفيد باون حوالي العاشرة صباحاً, واستلمتها بيترا ثم قرأتها هيلين وقالت ببرود:
- ايتوقع منك نيل ان تلقاه في جورجتاون؟
- طبعاً ويجب ان تأتي معي.
- نيل لا اظن انني ساتمكن من الذهاب معك, فهو لم يعد يهتم بمشاعري.
- وتقولين انك لا تهتمين بمشاعره , وهذا يجعلكما متساويين. ولنتصرف جميعاً بشكل طبيعي حول هذا. لكن هل ستتحملين الرحلة؟
- الطريق لن تزعجني, ماعدا ان دايفيد سيكون في نهايتها, واعترف انني خائفة!
- لا تكوني حمقاء, لقد تعاملت معه لسنوات , فمما تخافين؟
- حسناً, لن اكون جبانة طالما انت معي.
بعد الشاي وقف نيل ليقول :
- بيترا , سنذهب الآن , ربما نعود حوالي الرابعة , إلى اللقاء.
وهو يبتعد همست تنتقد نفسها بعنف( انا لست واقعة في حب نيل! احياناً أكرهه اكثر مما اكره أي انسان آخر. لذلك لايمكن ان اكون احبه , الأمر فقط ان هيلين تجعلني احس بالسقام , وهو يزيد من إحساسي هذا بتصديقه لها)
خداعها لنفسها , ساعدها وكانت تبتسم سعيدة حين قادت السنايشن لتزور المايجور ساعة او ساعتين. حين عادت كانت سيارة نيل السوداء الكبيرة في الكاراج , فترددت قليلاً قبل ان تدخل من الباب الخلفي الى المطبخ.منتديات ليلاس
حين دخلت وجدت غوميز منهمكاً بعمله بارتباك وجو ومساعديهما يجلسون على الارض يعملون بتقطيع الخضار.
- ما الذي يجري غوميز؟
- السيد يقول إن العشاء يجب ان يكون جيداً ومميزاً لخمسة اشخاص , سيدي تشارلز مدعو ولدينا ضيف.
- اوه , هل قال لك السيد ماتطبخ؟
- لم يقل سوى ثلاثة اصناف , لكن جيدة.
- عظيم لكن لا تنسى تقديم الجبن وطبق فاطهة كبير . واظن من الجيد تقديم عصير الأناناس مع قطع مقطعة صغيرة . ضعها في البراد اولاً لتجمد قليلاً.
كانت عند الباب لتدخل حين قال غوميز بلهفة حزينة:
- من الجيد ان تأمر الآنسة بما تريد من الطعام , ربما سيأخذ السيد له زوجة عن قريب؟

- ربما غوميز .
ودخلت الممر الى غرفتها. حين خرجت من جديد , كانت الاضواء مشتعلة في الردهة وباب غرفة الجلوس مورب , دخلت لتلاحظ الرجل الذي كان يكمل إضاءة المصابيح , قبل ان تلاحظ انه لوحده.
- مرحبا , لابد انك بيترا.
ابتسمت له.
- مساء الخير.. انت السيد باون الشهير, تصورتك رزين وقور كشأن العلماء .
- لا سمح الله ! ما الذي اعطاك هذه الفكرة؟
تقدم منها يشير الى كرسي عالي الظهر , وبهزة كتف ناعمة جلست وابتسمت من القلب.
- قرأت مرة مقالة لك, وكانت رفيعة الثقافة وواسعة العلم.
- مغشوشة ! فأنا مزيف تماماً. ويسرني جداً الابتعاد عما أنا فيه لأتمكن من قول الحقيقة . وهذه اول زيارة لي هنا, واعتقد ان غويانا ستعجبني.
- إنها بلاد عجائبية , واتمنى مع اخي ان نستقر هنا , نحن في الاصل مزراعو اجبان .
- لا يبدو هذا على أي منكما, فقد جاء به نيل منذ ساعة للتعارف وشرب القهوة معاً. اخبريني عن نفسك بيترا اعتقد انه مسموح في بلد فج كهذا ان نتبادل الاسم الاول.
- ليس تماماً, لكن اهلاً بك, فهذا لا يهمني حقاً, ولا اظن ان لدي ماهو مميز لأخبرك به عن نفسي.
- انت لطيفة, كيف تمضين اوقاتك هنا؟ هل انت صديقة جيدة لهيلين؟
- لا بأس , انت تعرفها اكثر مني , لذلك ستدرك ان لا شيء مشترك بيننا.
- لا, لا اعتقد يبدو ان صحتها تحسنت منذ جاءت الى هنا , مع انني مؤمن ان صحتها لم تكن سيئة يوماً.
نظرت اليه بفضول واستغراب, حدس غريزي قال لها ان دايفيد باون يعرف هيلين اكثر من جيد, وقالت له بحذر:
- إنها فعلاً افضل حالاً.
نظر الى قسماتها الدقيقة.
- اعتقد انك دبلوماسية , عادة يلزم دبلوماسياً للعيش مع نيل وهيلين . ولابد انك تضايقت حين ظهر نيل واستلم المسؤولية في وقت لم تتوقعيه.منتديات ليلاس
احست بدفء اكثر نحوه :
- يبدو غريب, وانت البعيد عن الوضع , ان تفهمه بسرعة , فكيف لخبير انتيكات ان يفهم
طبائع الناس هكذا؟
ابتسم .منتديات ليلاس
- لقد جلت في الدنيا لوقت طويل , ولن تعرفي كم يسرني ان التقي بشابة مثلك , غير مفسودة , ولا تبوحي بكلامي لأحد فأنا افضل سمعتي كعباب ساخر. ارجو ان لا تكوني تعرفين الكثير عن الأنتيكات والتذكارات وجمعها.
- ليس كثيراً, لكنني احب الاحساس بامتلاك شيء قديم.

ضحك عالياً :
- شكراً لهذا الاطراء الساحر.
- ياللسماء , لم اقصد.
صمتت , وجمدت ضحكتها الخفيفة لدخول نيل, الذي التوت اطراف فمه قليلاً بسخرية وهو ينقل نظره من احدهما الى الآخر:
- جئت لأعرفكما ببعضكما , لكن يبدو ان هذا تحقق وبشكل حميم دون مساعدتي , سيكارة بيترا ؟
اخذت سيكارة التي قدمها نيل لها, وحاولت الاسترخاء في مقعدها المريح. ثم وصل تشارلز , انيق ببذلة سوداء, وبعدها هيلين التي بدت اكثر شحوباً من العادة , لكن بسيادة كاملة على نفسها.
في غرفة الطعام تلطف الجو قليلاً, وقدم لها غوميز الطعام بطريقة مبتكرة علمتها له بيترا منذ زمن. ثم قدم لهم القهوة في الشرفة , الهواء كان بارداً حلواً , والسماء مرصعة بالنجوم. وجلسوا في صف واحد يتطلعون الى المدينة, ووجدت بيترا نفسها بين شقيقها ودايفيد باون , واخذ دايفيد يسألها عن البلاد , وكان يسود احياناً صمت قبل ان تضطر هيلين الى المشاركة في الحديث, وفي تلك اللحظات كانت تظهر كراهيتها لدايفيد بشكل ملموس.
اخيراً وقفت بيترا وقالت :
- احب ان اتمنى , أتأتي معي تشارلز ؟
- اوه , لا , لقد سرت بمايكفي ليوم واحد.
فوقف دايفيد .
- هذا امر جديد بالنسبة لي , وسأذهب معك, فالليل مذهل الجمال .
ووقف نيل بدوره لكنه لم يحاول مرافقتهما , وامسك دايفيد بذراع بيترا, واشار اليها لتبدأ المسير.
خلال الأيام التي تلت , كان جو المنزل غريباً , ويصبح اكثر غرابة حين يجتمع الجميع, نيل , عموماً مرحاً لكن دون التأثر بأحد , لكن هيلين لم تغير شيئاً من عاداتها لكن تصرفاتها نحو بيترا تغيرت جداً.ريحانة
في الصباح التالي لوصول دايفيد, وضعت عدة اوراق نقدية على الطاولة قرب السرير, وقالت لبيترا حين قدمت لها الفطار, ان تأخذها , فردت بصراحة:
- لا شيء يدفعني لأخذ المال منك سيدة يورنغتون, فقد ساعدتك لأن هذا مطلوب مني.
- واريدك ان تستمري في مساعدتي, لكن كيف سأطلب منك هذا إذا لم ادفع لك؟
- لست بحاجة للطلب , فأنا افعل ما استطيع.
غرقت هيلين بين الوسائد.
- لقد فقدت كل القوة التي اكتسبتها قبل وصول دايفيد يا بيترا, ألا يمكنك اقناعه بالذهاب الى مكان آخر؟
- وماهو نفوذي على السيد باون؟
- يبدو انه معجب بك, لكنه سيفسد كل شيء لي هنا. لو سنحت له الفرصة.

- ألا تتصرفين بشكل مأساوي قليلاً؟ إنه لا يبدو لي من النوع الذي يهوى الانتقام , حتى ولو كان هكذا, فيما سينتقم منك؟
همست هيلين وكأنها خائفة :
- لن تعرفي, فهو سيفعل المستحيل مع نيل لتغييره ضدي!
- لا اظن انك محقة بالخوف. فالسيد سينكلير لا يحب السيد باون اكثر مما تحبيه انت.
- وكيف تعرفي هذا؟
هزت كتفيها قائلة" ان رأيها مجرد انطباع, فهي لن تستطيع شرح السبب لها ", ثم خرجت من الغرفة بسرعة , كل ايام دايفيد كانت مشغولة , ولم يكن يجيد ركوب الخيل, لكنه استأجر سيارة من البلدة, وجال فيها في كل ارجاء المنطقة وغالباً لوحده , واحياناً برفقة بيترا.
كان من عادته تجميع التذكارات الثقيلة , مما اوصله الى الكوخ في وقت متأخر بعد ظهر يوم. وكانت بيترا تعيد خياطة احد قمصان تشارلز المشجرة . وكانت قد غرزت لتوها آخر غرزة , حين دق دايفيد الباب وسأل إذا كان بإمكانه الدخول وتقليب ما اشتراه.
ارته غرفة النوم التي ستصبح يوماً لها, وبعد ان وضع حمله هناك, عاد معها الى غرفة الجلوس, وجلس على كرسي مستقيم الظهر واضعاً يديه خلف رأسه :
- في أي وقت ارى فيه غرفة بسيطة, وامرأة وبضعة ازهار. اتذكر ان هناك شيئاً مهماً ينقصني في الحياة . انا لست من النوع الذي يحتاج الى طبخ بيتي , وبيت مليء بالأولاد , لكن احيانا يصدمني معرفة ان العازب لديه كومة اهتمامات ومشاكل لا حل ولا نهاية لها.
اجابته ساخرة:
- لو كنت السيدة يورنغتون لقلت ان كلامك مبتذل, لكنني افهم ماتعني , واخشى ان لا يكون هناك سوى تعويض واحد , وحتى ذلك التعويض قد لا يكون ناجحاً.
بسمته كانت غريبة:منتديات ليلاس
- هل احببت يوماً بيترا؟
تصاعد الدم بسرعة الى وجهها :
- انا , لست واثقة.
- حسناً, ستكوني واثقة حين يحدث هذا لك. وكل ما ارجوه لك ان تحبي بتعقل, وان يستحقك , يقال إن المرء في الزواج يحصل على مايستحقه لا اكثر ولا اقل , لكنني اتساءل احياناً ما اذا كان للحب علاقة بالزواج.منتديات ليلاس
- بالطبع , فالحب اساس الزواج!
- قد يكون هذا , لكن في ربع عدد الزيجات, المشكلة ان الكثير من الناس يتزوجون للمصلحة فقط. فالرجل يختار امرأة تساعده في مستقبله العملي, والمرأة تختار رجلاً يقدم لها المزيد من الأمان وستحبه فيما بعد.
قدم لها سيكارة , فقبلتها وقالت:
- تبدو دائماً مثل السيد سينكلير, لكنه بارد اكثر حول الأمور , اتظن ان السيدة يورنغتون من طرازه؟