المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 499 – أكثر من حلم أقل من حب - لين غراهام
كانت عربة أمبير موضوعة في ظل الصخور فيما وقفت ماليندا التى ارتدت ثوب سباحة احمر من قطعتين ابرز مفاتنها, تتحدث إلى آشرون الذى ابرز جسمه النحيل و القوى في السروال الرياضى القصير الذى يرتديه.
بدا هذا المشهد حميماً و مزعجاً بشكل غير متوقع و لم تستطيع تابى ان تُبعد عينيها عن الثنائي فيما اجتاحتها الغيرة العمياء بقوة افزعتها. و ارتعشت منزعجة و اخذت نفساً مروعاً حين وضعت ماليندا يدها على ذراع آشرون. إلا ان لمستها لم تدم سوى لحظة إذا تراجع على الفور مبتعداً خطوة عن الشقراء و قطع الشاطئ متجهاً نحو المنزل بعد ان وجه لها كلمة اخيرة. عادت تابى إلى الداخل مسرعة بقدر ما سمحت لها اصابتها كى ترتدى ملابسها, فيما دماغها يكافح ليستوعب ما رأته في الوقت عينه الذة تقبلت فيه حقيقة ان اسس علاقتها مع الرجل الذى تزوجته قد انهارت و ان كل شئ قد تغير.
اقرت في داخلها بأن الرغبة هى التى حركت هذا التغيير مما جعلها تشعر بالخزى. اعلن آشرون بشغف ان ما من حواجز بينهما و كان محقاً في كلامه هذا : فالقواعد و الشروط التى حاولت فرضها طارت و تبخرت حاملة معها قناعتها بأنها قادرة على مقاومته. كما ان رؤية ماليندا تلمسه أثارت حفيظتها و شعوراً بالتملك و نوعاً من الغضب الممزوج بالغيرة و هى مشاعر لم تختبرها قط من قبل. ما الذى يكشفه هذا فيما يتعلق بذكائها؟ ما الذى سمحت له ان يفعله؟ من اين أتت هذه المشاعر القوية المتضاربة؟إنها تتصرف كـ امرأة غبية تعانى من آثار الحب! هل هذه هى المشكلة؟ هل جذبتها الرغبة ثم تركتها متيمة به بشكل طفولى؟
اخرجت من حقيبتها, التى لا تزال موضبة, ملابس داخلية و ثوبا صيفاً طويلاً قبل ان تتوجه إلى الحمام لتغتسل. تطلبت منها العملية وقتاً اطول من المعتاد إذ اضطرت لأن تغسل شعرها على المغسلة مما شكل لها تحدى و جعلها تترك الحمام عائماً بالمياه. عندما خرجت اخيرا بعد ان مسحت الارضية, شعرت بتحسن و بأنها تشبه نفسها اكثر بشعرها النظيف المشدود و زينة وجهها الخفيفة.
دخل آشرون إلى غرفة النوم بخطى واسعة ليجد تابى امامه, انعكس نور الشمس عليها فلمع شعرها الاشقر الطويل الذى احاط بملامح وجهها الناعمة فيما بدا جسمها النحيل كجسد حورية في الثوب الازرق الفاتح الذى ابرز عينيها المذهلتين اللتين انعكس التوتر فيهما و حاولتا تجنبه. إنها واضحة جداً و صادقة جداً في ردود افعالها إى حد الصدمة. لم تكن تحبئ شئ أو تخفى شئ عنه. انقبض صدره العريض و هو يزفر و صر اسنانه. لا يمكنه حتى ان يتصور كم تجعلها عدم قدرتها على إخفاء مشاعرها و عدم تحفظها ضعيفة و سريعة العطب. إن لم يتصرف على الفور فلابد انها ستنهال عليه بسيل من الاتهامات و الاسئلة عن حميميتهما المتجددة مما يهدد بإعادتهما إلى نقطة البداية بعد ليلة زفافهما و إعلانها قواعدها و شروطها الغير ضرورية.
همس "تابى."
قالت و قد تقطعت أنفاسها "آش."
و راحت تتأمل ملامحه الوسيمة جداً بقلب كئيب لأنها شعرت باختناق و دوار لمجرد النظر إليه و تابعت تقول "يجب أن نتكلم."
عارضها آشرون بثقة عنيدة و هو يقترب منها "لا, ليس علينا ذلك. دعينا نفعل هذا على طريقتى. لا نتكلم و لا نتعاتب خاصة بسبب أى شئ. سنتقبل الأمور كما هى و نستمتع بها إلى اقصى حد."
لقد اختطف الكلمات المرتبكة من فمها قبل ان تتمكن حتى من جمع افكارها بما يكفى لتتكلم. رأت ان هذا الحل كلاسيكى بالنسبة لـ آشرون على صعيد العلاقات.... لا كلام, لا عتاب, و تختفى المشكلة.
اعترضت و هى تتلوى قليلاً لأنها وجدت صعوبة في الوقوف جامدة لمدة طويلة و اضطرت لأن تتمسك بالعصا بقوة اكبر "لم أشأ ان اعاتبك."
اطبق يديه على ساعديها ليثبتها في مكانها و من ثم انزلهما بطء إلى خصرها "لا يمكنك تمنعى مفسك."
و ما ان رفعت رأسها نحوه حتى شعرت بوخز خفيف في شفتيها و احست بما يشبه الحرارة تمتد على طول جسدها. أمال رأسه قليلاً و قبلها بشغف مميت.
"آهـ!"
و سرعان ما شعرت بجسمها يتيقظ بحماسة اذهلتها.
رفع ثوبها ببطء و عيناه الداكنتان تتأملانها, تتحديانها أن تعترض. و انسابت نيران الرغبة لتجتاح كيانها. فاستندت إليه و لم تعترض حين رفعها ليضعها على السرير. و وقعت العصاء منسية على الأرض.
قالت له من دون ان تخفى دهشتها "استيقظت للتو."
فقال لها بصوت اشبه بالصفير "كان عليك ان تنتظرينى يا عزيزتى."
تأملته تابى يعينين مشوشتين و متسائلتين قائلة "لا اصدق انك ترغب فىّ مجدداً."
فاعترف لها آشرون "ما إن انظر إليك حتى ارغب فيك."
جاءت نبرته خشنة بعض الشئ لأن الحقيقة التى تلفظ بها تعكس عدم قدرة على السيطرة على الذات وضعفاً أربكاها في الصميم.
ذكرته بعناد "لم يحصل هذا في لقائنا الأول."
سخر منها قائلاً "لقد شتمتينى.... لم تكونى في افضل حالاتك. و الآن بعد ان عرفتك جيداً, لم يعد هذا يزعجنى او يمنعنى من ان افكر أنك المرأة الأكثر إثارة على سطح هذا الكوكب."
اتسعت عيناها دهشة بعد ان اذهلها تصريحه هذا "هل تعنى هذا حقاً؟"
"هل عليكِ ان تطرحى مثل هذا السؤال؟ لا استطيع ان انتظر حتى تكونى لىّ و هذا لا يكفيكِ؟"
اجبرت تابى نفسها على ان تتذكر كلامه هذا. اكتسحتها موجات الحرارة بقوة كان ينبغى ان تثير الذعر لديها لكنها ادركت انها تتصرف بشكل غريزى, و انها لا تتوقف حتى لتفكر بما قاله.
"انت رائعة و مثيرة, مثيرة....."
ارفق كل كلمة تلفظ بها بقبلة شغوفة حتى فقدت قدرتها على الصبر بقدره هو.
التفت جسدها كله حوله بحركة تملك تماماً كما ذراعيها, و راحت تداعب ظهره بأناملها و فقدت سيطرتها على نفسها و تنقلت من لحظة أحاسيس حادة إلى اخرى حتى اصبح من المستحيل ان تحتوى العاصفة التى اثارها فيها فحملها الشغف إلى عالم آخر.
علق آشرون و هو يشدها ليقربها منه "حسناً, كان هذا بعيداً كل البعد عن الرقة. اقدم لكِ اعتذارى."
اجابته تابى "لا حاجة للاعتذار. و مجدداً عشرة على عشرة."
سألها باستنكار واضح "اتضعين لىّ علامات؟"
فأجابته ممازحة "إذا اصبحت علاماتك خمسة و ما دون فسأحذرك."
و ابتسمت له إذ شعرت بأنها خالية الباب و قررت ألا تعاقبه أو تجادله. لكن ما ان نسيت مقولته حتى غمرها عالم الواقع مجدداً و اثار فيها الشكوك و الشعور بعدم الأمان فتوترت من جديد و تعجبت كيف تمكنت بسهولة من غض النظر عن كل ما رأته.
"رأيتك مع ماليندا على الشاطئ."
قالت هذا بصراحة شديدة و لم تحاول ان تصمت و ان تفكر في كلماتها و تأثيرها.
تشنج جسد آشرون و ارجع رأسه إلى الخلف ليتأمل ملامح وجهها المضطربة قبل ان يقول طوعاً "سأختار مربية أخرى لتعمل مع ماليندا و تحل محلها لاحقاً. اتخذت الاجراءات اللازمة لذلك, لا اريد ان تستاء امبير بسبب هذا التغير المفاجى."
فاجأها هذا الاعلان لكنها شعرت بالارتياح لمعرفة ان ماليندا سترحل قريباً كما أثر فيها انه حرص على ان يأخذ احتياجات امبير بعين الاعتبار و ان يهتم بها.
"أتخطط لطرد ماليندا؟"
"انها تعمل لدينا بموجب عقد لأجل محدد. نستطيع ان نستغنى عن خدماتها ساعة ما نشاء لكنى افضل ان نستغنى عن عادتها بالطريقة المعتادة. فهى تعرف أكثر مما يجب عن زواجنا مما يزعجنى."
قطبت تابى عند سماعها كلامه و سألته "ما الذى تعنيه؟"
"يبدو جالياً ان ماليندا تدرك اننا كنا نستخدم غرفتين منفصلتين في الفيللا. عندما كنا على الشاطئ, عرضت علىّ ان استخدم غرفتها فيما تنام هى في غرفة أمبير.
لون الاحمرار وجنتى تابى وخالجها شعور بالانزعاج و الخجل لأن ترتيبات النوم غير المعتادة التى لجآ إليها لفتت انتباه الموظفين "لعلها كانت تخطط لأن تتجول قليلاً اثناء الليل بعد ان تصبحا قريبين من بعضكما. كانت تلاحقك, أليس كذلك؟"
أومأ آشرون برأسه و هو يتأملها بعينيه الداكنتين المذهلتين فيما بقيت ملامحه الوسيمة جامدة "هذا يحدث"
رفعت تابى نظرها إليه, و قد اضعفها الارتياح لأنه اخبرها الحقيقة دون لف و دوران "غالباً؟"
اطلق آشرون ضحكة خشنة للبراءة التى عكسها هذا السؤال و اجاب "طوالالوقت. إذا تجاهلت الأمر فيموت ميتة طبيعية لكن ماليندا لا تفهم من الاشارة..... ربما لأنها توصلت إلى استنتاج مفاده ان زواجنا طبيعياً. يمكنها ان تحمل هذه المعلومات إلى الصحافة, مما يجعلنى عرضة للاتهام بأنى تزوجتك تزوجتك فقط للالتفاف بطريقة احتيالية على وصية ابى."
كشرت تابى "علينا ان نبذل جهداً اكبر لنبدو كعروسين تقليديين. علينا ان نتشارك الغرفة نفسها و ان نمضى المزيد من الوقت معاً و ان نتظاهر فنتصرف كما ينبغى لاى عريسين في شهر العسل ان يتصرفا."
أشار آشرون بثقة كسولة "لكن ما من داعى لأن نتظاهر."
خطر لـ تابى انها ستعرف في داخلها ان هذا كله زائف, و هذه الفكرة آلمتها. علاقتهما الجسدية رائعة لكنه ليس مستعداً لأن يقدم لها أكثر. و اقرت في سرها, رافضة ان تُطلق الأحكام عليه لأنه مختلف, أن هذا هو لربماء العطاء الوحيد الذى يعرفه... عطاء جسدى قصير الأمد, ضمن مهلة زمنية معينة. على اى حال, هل تعطي هى أكثر في مجال العلاقات؟ أرادته بشدة و ارادت اهتمامه بقدر أمبير و كانت مستعدة لفعل كل ما يتطلبه الأمر لتلفت انتباهه. إنما لم تكن مستعدة لأن تعترف حتى لنفسها انه يحرك فيها مشاعر تخشى ألا تتمكن من التعامل معها و مواجهتها.
"لِمَ كتب والدك وصية تجبرك على ان تتزوج في حين انك لا ترغب في ذلك؟"
طرحت تابى سؤالها هذا بهدوء مدركة ان هذا هو جوهر المسألة و اللغز الذى تجنب آشرون شرحه حتى الساعة.
أجابها آشرون بإيجاز و قد اصبح فمه أكثر قسوة "بأختصار؟ أرادنى ان اتزوج كازما. و لا اريد ان اتحدث في هذا الموضوع ابداً."
ابتلعت تابى بصعوبة الكلمات التى كادت تخرج من فمها لتذكره بأنه تغاضى عن ذكر هذا الموضوع بالذاتمن قبل إذ ادركت ان مثل هذا الرد سيزيد من تحفظه و سيجعله اكثر عناداً. يمكنها ان تترك مسألة كازما الشائكة جانباً في الوقت الحالى و تركز على نواحى "لكن لابد ان والدك كان يعرف حقيقة مشاعرك؟ إلى اى حد كنتما مقربين من بعضكما البعض؟"
انتفضت عضلة صغيرة عند زاوية حنكه غير المبتسم بفظاظة "لم التقِ والدى إلا في اواخر العشرينات من عمرى. علاقتنا كانت علاقة عمل اكثر من أى شئ آخر. كانت شركته تكافح للبقاء فطلب منى نصيحة. تدخلت لأساعد و انتهى بىّ الأمر بتولى زمام الامور."
"ألم يستأ من ذلك؟"
"أبداً. لم يكن رجل اعمال بل رجل عائلة يسعى جاهداً ليمنح من يحبهم مستقبلاً آمنا."
"تعنى زوجة ابيك و اولادها؟"
زم آشرون شفتيه لكنه عاد و اجاب "تزوجها والدى حين كان اولادها كان اولادها صغار جداً في السن و حرص على تربيتهم كما لو انهم اولاده إلا اننى لم التق بهم إلا قبل وفاته بثمانية عشر شهراً."
عندئذ سألته تابى مدهوشة "لِمَ لا؟"
اعلن بنبرة حاسمة "لم تكن عائلته تعنينى او تؤثر في علاقتنا, فهم غرباء بالنسبة إلىّ. ما من روابط عائلية او صلة قربى بيننا كما لم يكن لىّ عائلة يوماً فلم اشعر بأنى متحمس للتورط في هذا الجانب من حياتهز و تبين لاحقاً اننى كنت محقاً."
ساد بينهما صمت ملئ بالكلام غير المباح مما زاد من توتر تابى و انزعاجها. حاولت يائسة ان تكتشف طبيعة علاقته السابقة بـ كازما. يبدو جلياً انهما ارتبطا بعلاقة مما جعل السمراء الجميلة تُعلق الآمال عليه و تتوقع ما لم يكن آشرون مستعداً لتقديمه. و يبدو ايضاً ان العلاقة انتهت بشكل سلبى و خلفت لدى الطرفين الكثير من المرارة. هل حصلت ماسأة ما؟ هل حملت كازما منه او حصل شئ ما من هذا القبيل لعل هذا يفسر سبب إصرار والده على ان يزوجه منها؟ من المؤكد ان تلك المرأة مقتنعة تمام الاقتناع بانها المرأة الوحيدة التى ينبغى ان تصبح زوجة آشرون. هل كازما مغرمة به؟ ام انها تركز أكثر على ماله و مركزه الاجتماعى؟ إنما , و بغض النظر عن الاسباب التى تدفع كازما للسعى وراء آشرون, ما يهم فعلاً هو متى لم يكن يريدها؟
طرحت تابى على نفسها هذا السؤال بغيظ, و قد تملكتها شكوك زادت من توترها.
اعترفت قبل ان تتمكن من التفكير اكثر و من لجك لسانها "ليتك لم تخفِ عنى اى اسرار. ليتك كنت اكثر صراحة و صدقاً معى."
فقال لها آشرون بصوت أجش "أتنت صادقة إلى حد يرعبنى احياناً و إن اردنا لشهر العسل هذا ان ينجح فعلينا ان نتوصّل إلى تفاهم بشأن مُثلنا العليا."
أنعم آشرون النظر في الوشم الزهرى على ذراع تابى النحيلة مقطباً ثم مرر إصبعه بنعومة عليه قبل ان يقول "إن الجلد تحت الوشم قاسي و خشن كما ان الرسم لم يعد واضحاً. لابد ان من رسم الوشم قد ألحق الضرر ببشرتك."
صرت تابى اسنانها و توترت و هى تحرر يدها من قبضته الخفيفة
"لا تلمسنى هنا."
تأملتها العينان الداكنتان اللامعتان من تحت الرموش الطويلة الشديدة السواد "لِمَ لا؟"
سألته تابى التى شحي لون وجهها بعد ان قررت ان الاوان قد آن لتخبره الحقيقة "هل سنخوض نقاشاً آخر حول الموضوع فتقترح علىّ ان اخضع لعلاج بالليزر لإزالة الوشم؟"
و صمتت قليلاً قبل ان تردف "اعلم اننى لا اريد ان ازيله لأنه يغطىندبة بشعة. في الواقع, الندبة سبقت الوشم. قام الرجل بعمل رائع إنما لم يستطيع ان يجعل الرسم مثالياً لأن الجلد تحته لم يكن طبيعياً."
ازداد عبوسه مع تقدمها في الكلام و سأل "ما سبب هذه الندبة؟"
ردت تابى بنبرة مُحذرة و هى تبتعد عنه لتقف على قدميها في ظلال اشجار الصنوبر المشرفة على الرمال البيضاء "صدقنى..... لن ترغب في معرفة ذلك."
بعد ان تحققت من ان امبير لا تزال تلعب على البساط في استرخاء تام, و قد بدا فمها الزهرى ناعماً و مسترخياً, سارت تابى باتجاه الشاطئ, قامة نحيلة في سروال قصير و القطعة العليا من لباس البحر.
يا له من رجل! هذا ما خطر لها و هى تكور قبضتيها و تصر بأسنانها في احباط غاضب. في بعض الأحيان, تشعر بأنها ترغب في رميه في البحر عن علو شاهق. لا يترك امرأ ما حتى يكتشف خباياه, و لعل الاسوأ انه رجل يبحث عن الكمال. و على الرغم من انه لا ينوى ان يمضى ما تبقى من حياته معها و مع أمبير إلا انه ما زال يصر على ان يقنعها بإزالة الوشم و هو لا يتراجع عن فكرة لديه. عند الفطور, سألها إن كان يسعدها ان يُرسم وشم مماثل على ذراع امبير و قد خانتها مشاعرها حين نظرت برعب إلى ذراع الطفلة الناعمة. و آشرون بطبيعته المعتادة لاحظ نظرتها المعبرة و تقويمها.
فقال لها برضا عن الذات "أذن, أنتِ نادمة لأنك رسمتِ وشما."
اعترفت ان بعض طباع آشرون مزعجة و تثير غيظها. لكنه, على مدى الشهر الماضى في سردينيا, اثبتت انه رفيق مسلٍ و عشيق مثير و والد صبور و رقيق لـ أمبير. و لم تستطيع تابى ان تفهم في تلك اللحظة كيف مرت الاسابيع الاربعة بلمح البصر. شكل الاسبوع الاول تحدياً لها إذ اضطرت لأن تستعيين بالعصا للتنقل و لقضاء وقتها في منزل الشاطئ. إنما ما ان شُفى كاحلهاحتى راحا يخرجان.
صور اللحظات الخاصة و المميزة التى تشاركانها ملأت ذاكرتها بصور جميلة. تسلقا السلالم الضخمة إلى الحصن ليتأملا المشهد الرائع لسطوح كالغيارى. و بينما كانت لا توال تحاول التقاط انفاسها بسبب الجهد الذى تطلبه الصعود و حرارة الشمس .
اخبرها ان ثمة مصتعد يوصل إلى الاعلى لكنه افترض انها ستستمتع بالتجربة كأى سائح يزور البلاد للمرة الأولى. و لم تسامحه إلا بعد جلست تستمتع بكؤوس عدة من الشراب و النسيم العليل. و لو شاءت ان تقر بالحقيقة الكاملة لقالت ان مقاومتها سقطت تماماً حين شبك اصابعه الطويلة السمراء باصابعها عندما نزلا بالمصعد.
و زارا ذات مساء كاستلساردو, و هى قرية صغيرة جميلة تشرف عليها قلعة سحرية تُضاء كلها ليلاً, احبت امبير الضجة و الوجوه المحيطة بها كما استمتع آشرون بدهشة الطفلة التى ظهرت في عينيها اللامعتين.
في الليلة التالية, بحثا عن تسلية مخصصة للراشدين فرقصا حتى ساعات الفجر في نادى البليونير حيث شعرت تابى بأن النساء الرائعات, ذوات القوام الممشوق اللواتى يبحثن عن صيد ثمين, يحجبنها عن الانظار. و لم يرفع معنوياتها سلوك آشرون الذى تصرّف و كأنه لا يرى في الوجود غيرها و قبلها بشغف في حلبة الرقص.
تزاحمت الذكريات في رأس تابى. ابحرا على مدى يومين على متن اليخت في المنتزه الوطنى لـ مادالينا, و هى مجموعة من الجزر المحمية الغير مسكونة الغنية بالنباتات و الحيوانات البرية. و في اليوم السابق, سبحا عاريين في خليج صغير خالِ منالناس حتى المغيب. و غفت من شدة التعب لتستيقظ و تجد آشرون يشوى عشاءهما, فابتسمت عيناه المذهلتان لها بكسل مما جعل قلبها يتشقلب كالبهلوان.
قاما طبعاً بكافة الامور المعتادة ايضاً, كـ التجول للتفرج على المتاجر الشهيرة في كوستا ازميرلدا, و قد اكتشف آشرون مدهوشاً ان هذا النشاط يسبب مللاً قاتلاً لعروسه.
اعترض قائلاً "لابد انك ترغبين في ان اشترى لك شيئاً ما. لابد انك رأيتِ شيئاً ما اعجبك. انت تدركين ان الشئ الوحيد الذى اشتريته لكِ منذ وصولنا إلى هنا هو تلك البياضات للسرير؟"
رأت تابى البياضات في متجر للاعمال الحرفية فأثار إعجابها هذا القدر من المهارة في انتاج مثل هذا التطريز الرائع و هى التى لطالما كانت خرقاء في استعمال الابرة و الخيط. احبت هذه الهدية الجميلة وا عتبرتها كنزاً, و لم يخطر لها إلا في وقت لاحق انها لن ترى هذه البياضات الشتوية الثقيلة مفروشة على سرير ستتقاسمه مع آشرون و انها ستزين بالتأكيد فراشاً ستنام عليه وحيدة. بعد انقضاء فصل الصيف, سيصبح زواجهما ذكرى من الماضى.
و في حين انها تعلم انهما يخادعان بشأن شهر العسل و انها وقفت إلى جانبه بدافع الواجب ليلتقط لهما المصورين الذين يلاحقون المشاهير, صورة, إلا انها تخشي المدى الذى يمكن ان يصل إليه آشرون كى يجعل علاقتهما تبدو صحيحة و طبيعية من الداخل و الخارج. بالتالى إن شعرت من حين إلى آخر بالتشوش و فكرت فيه على انه زوجها فعلاً, فمن يمكنه ان يلومه على مثل هذا الخطأ؟
او على وقوعها في حبه بشكل جنونى ولا عودة عنه؟ فما من رجل عاملها يوماً كما فعل, و ما من رجل اسعدها مثله. من الطبيعى ان تتحرك مشاعرها لكنها حاولت كبتها قدر الإمكان, مدركة ان آخر ما يرغب فيه آشرون هو قلب محطم و امرأة قلقة, مما سيجعله يشعر بالذنب و الانزعاج.
ليس الذنب ذنبه إن احبته. فهو بالتأكيد لم يخدعها بوعود عظيمة بشأن المستقبل. في الواقع, علمت تابى منذ البداية ان ما مستقبل لهما معاً. و هو لم يكذب و لم يخادع قط بل كان واضحا تماماً. بعد ان ينحجا في تبنى امبير, سيتركان زواجهما المزعوم يذوى و يموت. ستبدأ تابى حياة جديدة مع الطفلة التى تحب, و تفترض ان آشرون سيعود إلى حياته التى تتمحور حول العمل و النساء. هل سنراه مجدداً بعد الطلاق؟ و احست بآلم شديد يفطر قلبها و هى تفكر في هذا المستقبل الكئيب. هل سيرغب آشرون في ان يبقى على علاقة بـ امبير و لو من بعيد؟ أم سيقرر الانفاصال عنهما تماماً و التصرف وكأن امبير غير موجودة؟
منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
|