المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 499 – أكثر من حلم أقل من حب - لين غراهام
بالكاد رأت آشرون في الاسبوع الفائت إذ حبس نفسه في مكتبه و غرق في العمل معظم النهار و نصف الليل تقريباً.
كان ينضم إليها من حين إلى آخر كى يحتسيا القهوة معاً عند الفطور, و يغرق في الصمت عند تناول العشاء, فيأكل بسرعة و من ثم يعتذر بتهذيب قبل ان ينسحب. كان مثالاً للرفيق البارد و المتحفظ خلال هذه الوجبات كما لم يظهر في عينيه او في حديثه اى اثر للتأثر بوجودها قربه. بدا و كأن ذاك الشغف في ليلة زفافها نتاج مخيلتها هى, لكن تابي بقيت تواجه صعوبة في معاملته كشخص غريب ما ازعجها و اربكها و سدد ضربة لكبريائها و إيمانها بقوته و استقلاليتها فما من امرأة قوية تستمر في التشوق للفت انتباه رجل قرر ان يعاملها كورق جدران.
إلا ان الغريب و المثير للسخط هو ان آشرون يلعب لعبة مختلفة مع أمبير, إذ اقسمت ماليندا انه لم يمر يوما ببا غرفة الطفلة من دون ان يدخل ليلاعبها و يتحدث إليها. و قد تعلمت امبير ان تلفت انتباه آشرون كلما كان في مكان قريب منها. في الواقع, اعتبرت امبير انها مرحب فيها عندما يتعلق الأمر بـ آشرون. لعل اهتمام الطفلة الزائد به يُرضى غروره. او لعله اكتشف متأخراً انه يحب رفقة الاطفال و يستمتع بها؟ كيف يمكن لها ان تعرف ما الدوافع التى تحركه؟ مرّ عليها اسبوع من دون ان تذوق طعم النوم اكتشفت خلاله انها لا تعرف سوى اقل القليل عن آشرون ديميتراكوس. يشكل زوجها لغزاً بالنسبة إليها في كافة النواحى الممكنة.
وقف آشرون عند النافذة و اطلق تنهيدة عندما رأى تابى تستلقى بجسدها النحيل على الكرسي الطويل كوليمة تُسيل لعاب الجائع. ابرز ثوب السباحة الزهرى المؤلف من قطعتين كل شبر من جسمها الممشوق. تململ منزعجاً, و كافح ليكبح الرغبة التى اثارتها فيه, هذه الرغبة التى جعلت لياليه طويلة و محبطة للغاية.
و بقى يراقب كما ينبغى على الرجل الحريص ان يفعل حسبما راح يُقنع نفسه, فرأى تابى تنزع الجزء العلوى من لباس البحر لئلا يترك أثر على جسمها. قطب منزعجاً إذ لم يكن يرغب في ان تكشف هذا القدر من جسمها امام العاملين في المنزل الذين يتجولون في المكان. من المستغرب ألا تعجبه فكرة ان يرى اى شخص عداه جسد تابي. اعتبر ان ثمة شيئاً من التملك الغريب جداً في داخله و وضع اللوم في ذلك على انه اول رجل في حياة زوجته.
اعترف في سره و قد اظلمت عيناه بانه ما ظن يوماً انه سيستخدم كلمة (زوجتى). لو كانت تابى زوجته فعلاً لبقيت في سريره خلال ساعات النهار الطويلة الحارة, مستسلمة لمتطلبات شغفه و مطلقة العنان لمشاعرها. و التهب جسده شوقا و رغبة بعد ان تراءت له هذه الصورة فاطلق شتيمة من بين انفاسه المتقطعة. لسوء الحظ ان تابى لم تتمتع بأى مرونة : فأما ان يتبع شروطها و إما ان يلجأ إلى الاستحمام بالماء البارد. ما من حلول وسط, و ما من مخارج, إما ان تحصل على كل شئ و إما لا شئ و هو يعلم انه لا يستطيع, لا يستطيع ان يسير في هذه الدروب و ان يغير نفسه ليناسب شروطها في حين انه يعلم ان ما من مستقبل لهما معاً. لن يكون منصفاً معها و سيظلمها.
في ذلك المساء أختارت تابى ثوبا ازرق رائع التفصيل من خزانة ملابسها. ارتدت ثوبا مختلفا لكل يوم من ايام الأسبوع المنصرم, معتبرة ان الملابس موجودة و لا فائدة من تركها معلقة حيث هى. على أي حال, من السخافة و الغباء ان تختار ارتداء سروال من الجينز و قميص في مثل هذا الطقس الحار, و هى الملابس الوحيدة التى بقيت من ملابسها القديمة منذ ان بدأت حياتها تتغير و مشاكلها تُحل بعد ان خسرت منزلها الخاص. حينذاك, اضطرت لأن تتخلى عن الكثير من مقتنياتها, و ان تترك ما لديها من ملابس و احذية و اغراض لتكتفى فقط بما هو ضرورى و ما يمكنها حمله.
وضعت الثوب بعناية على السرير و اخرجت مستحضرات التجميل لتضع القليل منها ثم سرّحت شعرها. و ذكرت نفسها بأن آشرون ليس السبب الذى دفعها لأن تتأنق بل فعلت هذا من اجل احترامها لذاتها و لأنها تعلم ان التصرف كـ عروس ثرية في شهر عسلها جزء من دورها, على الاقل خارجياً. و بعد ان ارتدت ملابسها, انتعلت صندلاً عالى الكعبين إلى حد خطير و راحت تتأمل نفسها فىالمرآة متمنية لو كانت اطول و اكثر امتلاءاً و اكثر جاذبية.... مثل كازما؟ كازما التى لم يأتِ آشرون يوماً على ذكرها؟ لكن ما شأنها بـ كازما و ما علاقتها بالأمر؟ فالغضب العارم الذى تملكها حين اكتشفت ان آشرون سيستفيد بقدرها من زواجهما بقدرها قد خبا. على اى حال, لم تتزوج آشرون إلا لسبب واحد و هو ان تتبنى امبير و جل ما عليها ان تفعله هو ان تركز على هدفها كى تخرج من هذه المسرحية عند انتهائها بنعومة و بأقل قدر ممكن من الألم. إن القلق بشأن امور اخرى, و الرغبة ف الحصول على اشياء اخرى تصرّف سخيف و غبى و متعب.
كان آشرون يجتاز البهو حين وصلت تابى إلى اعلى السلالم الرخامية, و دفعتها غريزتها إلى رفع رأسها و كتفيها رغم انها شعرت بالعرق ينصب من مسام جلدها كلها. ها هو ممشوق القوام, وسيم بشكل مذهل, و انيق حتى في سروال الجينز و القميص المفتوح عند العنق. راح قلبها يدق بسرعة كقرع الطبول فتمسكت بالدرابزين الحديدى المشغول بيد مرتعشة و خطت خطوتها الأولى نزولاً. و من سوء حظها ان قدما نزلت لكنها لم تطأ الدرجة بل وطأت الفرااغ فتعثرت و هوت مطلقة صرخة فزع فيما انزلقت يدها عن الحديد, و تلوى جسمها كله فيما هى تحاول ان توقف سقوطها فارتطم وركها بطرف الدرجة الرخامية القاسية و التوى كاحلها تحتها. منتديات ليلاس
صاح آشرون "امسكت بكِ!"
سجل عقل تابى انها لم تعد تسقط لكن الألم امتد من وركها وصولاً إلى ساقها.... لا, لا, ليس ساقها, بل كاحلها. حاولت ان تستقيم فيما رفعها آشرون بين ذراعيه بكثير من الحماسة فتأرجحت ساقها بقوة مما جعلها عاجزة عن كبت صرخة الألم التى خرجت من بين شفتيها "كاحلى....."
قال آشرون بخشونة فاجأتها فيما هو يتوجه عائداً إلى البهو و قد لف ذراعيه حول جسدها النحيل "يا إلهى.... كان من الممكن ان تُقتلى على هذه السلالم!"
نادى باللغة اليونانية حتى ظهر احد اعضاء فريق الأمن مسرعاً ثم اصدر اوامر موجزة.
استطاعت ان تشعر بدقات قلبه السريعة على خدها و لم يفاجئها هذا لأنه تحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء ليلتقطها و يمنع سقوطها نحو الأسفل. و احست باضطراب شديد حين ادركت انها كانت لتسقط حتى اسفل السلالم الرخامية و تدق عنقها او ضلع او ضلعين على الأقل لولا تدخله الذى جاء في الوقت المناسب. و تسلل إليها الارتياح لأن اصابتها اقتصرت على إلتواء في كاحلها و بعض الرضوض في جسمها.
"أنا بخير..... من حسن الحظ انك امسكت بىّ في الوقت المناسب."
وضعها آشرون بعناية مبالغ فيها على الاريكة و جلس القرفصاء إلى جانبها قبل ان يسألها و عيناه اللامعتان المظللتان برموش كثيفة, تتأملان وجهها
"هل شعرت بأحدهم يدفعك؟"
اذهلتها نبرة السؤال و حدته فحملقت فيه بعينيها البنفسجيتين و سألته بصوت مرتجف "و لِمَ سيحاول احدهم دفعة لأسقط؟ فقدت توازنى و تعثرت!"
عبس آشرون و قال "هل انت واثقة؟ ظننت اننى رأيت شخص ما يمر بجانبك قبل ان تسقطى."
"لم أرّ و لم اسمع احداً."
قطبت تابي و اسبلت رموشها تخفى عينيها فيما محت حرارة الارتباك شحوبها لأنها ادركت تماماً لما تعثرت إلا انها لن تعترف له بالحقيقة مهما كلف الأمر "نعم, انا واثقة تماماً."
و راحت تابى تفكر بحزن عميق و مؤلم أنها لو لم تكن منشغلة جداً بتأمل آشرون و بمحاولة ان تبدو في افضل مظهر من اجله, حالها في ذلك حال اى مراهقة سخيفة, لما زلت قدمها و لانتهبت إلى موطئ قدمها.
قال لها آشرون و هو يدس يديه تحت جسمها "اخشي ان علىّ ان احركك مجدداً.... سأحاول ألا اوذيك إنما ينبغى ان احملك إلى السيارة كى ننقلك إلى المستشفى ليفصحك الطبيب."
ردت تابى التى تعاظم شعورها بالارتباك و الاحراج
"ارجوك, لا احتاج إلى طبيب!"
إلا انها خضعت في الساعات التى تلت إلى كافة انواع الفحوصات الطبية في اقرب مستشفى. حاولت ان تثنى آشرون إنما بدا و كأنها تتحدث إلى جدار إذ رفض ان يستمع إلى اى كلمة تقولها. و بدلاً من ان يتصرف كرجل هادئ و متحفظ كما اعتادت ان تراه, بدا اشرون شديد التأثر و إن لم تعرف سبب تأثره هذا. راح يذرع أرض الغرفة خلف الستارة حيث تخضع هى للفحص ذهاباً و إياباً, و يتحدث إليها ليطمئن إلى حالها و يتأكد من انها بخير, و اصرّ على ان تخضع لصورة اشعة متجاهلاً تقريباً الطبيب الذى اكد له ان اصابتها ليست خطيرة و انها تعانى من مجرد التواء في الكاحل و بعض الرضوض الطفيفة. و لعل المحرج اكثر هو انه فريقه الأمنى انتشر من حوله في جهوزية تامة كمن ينتظر هجوماً صاروخياً قريباً على قسم الطوارئ.
ضحك الطبيب المتوسط العمر الذى يجها حقيقة الوضع و قال
" آهـ... زوج محب و قلق."
لو ان هذا لارجل يعلم كم هو مخطئ! خطرت هذه الفكرة لـ تابى التى شعرت انها مصدر إزعاج و كأنها شخص متمارض يحظى برعاية طبية قيمة في حين انه لا يعانى من اى خطب.
لو ماتت تابى لكان الذنب ذنبه. راح آشرون يجتر هذه الفكرة بكآبة و غضب و شعور بالذنب. و اجتاحته هذه المشاعر التى لم يختبرها قط من قبل كموجات تكتسح ما عداها. لكنه لم يكن يوماً مسؤلاً عن حياة شخص آخر و هو يرى ان سلامة زوجتخ هى مسؤوليته و إن كان يتمنى لو ان يفكر بطريقة مختلفة. ارعبته طبعا فكرة ان شخصاً ما يعمل لديه قد حاول ان يلحق الاذى بزوجته. بعد ان رأى الرسالة الفظيعة التى تُركت على مرآة غرفة نومها, لم يتأثر بقناعتها بأن المسألة مجرد حادث. لعل تابى لم تلاحظ ان احدهم دفعها قليلاً في اللحظات الخاطفة التى فقدت فيها توازنها و تعثرت.
و زاد من إحباطه ان الفريق الأمنى الذى يعمل لديه لم يجد اى شئ مريب بشأن اى شخص من الموظفين في الفيللا.
و لوى آشرون فمه. لسوء الحظ انه نادراً ما يستعمل فيللا توسكانا, و بما انه تم تجديدها العام الماضى و توظيف فريق عمل جديد, فسيكون الوقت وحده كفيلاً بحسم مسألة البقاء بقاء هؤلاء الموظفين او تغييرهم. اصبحت عيناه اللامعتان أكثر قساوة كما اطبق فمه ليتحول إلى خط قوى من التصميم. إن سلامة تابى اساسية لكنه يأبى ان يخيفها بشكوكه, و تقضى الاستراتيجية الأكثر حكمه بـأن يخلى الفيللا على الفور و ان يبحث عن مكان أكثر امانا منتديات ليلاس. بعد ان توصل لهذا القرار, اعطى آشرون اوامره رافضاً ان يتراجع حتى عندما اشار رئيس فريقه الأمنى إلى ان هذه الخطوة تعنى اخراج الطفلة من سريرها ايضاً. بغض النظر عن سلبيات خطته, بالكاد استطاع آشرون ان ينتظر حتى يُبعد تابى و الطفلة عن فيللا توسكانا التى اصبحت بنظره مكانناً موبوءاً. راقب الطبيب و هو يضع الرابط على كاحلها المتورم فيما لا يزال الانزعاج يتملكه لأنه لم يتمكن من ان يحول دون إصابتها بالأذى.
تنهدت تابى في السيارة الليموزين بعد ان غادروا المستشفى و قالت
"أنا آسفة على هذا كله."
"عندما تتعرضين لحادث فلا حاجة لأن تعتذرى. كيف حالك؟"
ردت تابى بابتسامة "اشعر ببعض الانزعاج و الالم.... لكن ما من شئ لا يمكن ان اُشفى منه سريعاً. سيعلمنى هذا ان اكون اكثر حرصاً من الآن فصاعداً عندما انزل السلالم."
جوابها هذا فاجأه فما من امرأة يعرفها يمكن ان تهمل هذه الفرصة لتبالغ في وصف آلمها و اصابتها مطالبة إياه بإظهار التعاطف و الاهتمام. إلا ان تابى قللت من اهمية المسألة و لم تطالبه بشئ, مما زاد من انزعاجه الكبير من الوضع.
سألته تابى و هو يرفعها من سيارة الليموزين و يضعها في الكرسي المتحرك الذى ينتظرها "إلى اين نحن ذاهبون؟ هل هذا المطار؟"
اجابها آشرون بنبرة عادية "نعم, سنسافر إلى سردينيا."
منتديات ليلاس
|