كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 499 – أكثر من حلم أقل من حب - لين غراهام
كانت قد ارتدت احد اثواب النوم الجديدة قبل ان يُفتح الباب مجدداً. فاندست على عجل تحت الغطاء و التفتت إليه متسائلة.
سألها آشرون بحدة و هو يضع يديه على وركيه في وضعية ابرزت صدره المفتول العضلات "ما هى هذه القواعد اللعينة؟"
"اولاً اى علاقة بيننا يجب ان تكون حصرية و إذا اردت ان تقيم علاقات اخرى فعليك ان تخبرنى لننهى علاقتنا بشكل لائق. ما من اسرار, و ما من لعب من خلف ظهرى."
راقبها آشرون بعينين واسعتين عكستا عدم تصديقه لما يسمعه و قال "لا اصدق ما اسمعه!"
تابعت تابى كلامها و كأن الأمر لا يعنيها "ثانياً, عليك ان تعاملنى باحترام طيلة الوقت. إذا ازعجتك فعلينا ان نناقش الأمر إنما ليس في حضور امبير."
اخذ آشرون نفساً عميقاً و راح يتأملها بعينين مضطربتين "انت مجنونة.... و قد تزوّجتك!"
ارجفت تابى بثبات على الرغم من ان وجهها اصبح احمر اللون و اشتدت قبضتيها إلى جانبيها "ثالثا, انا لست لعبه تختارها ثم تضعها جانباً حينما يحلو لك. انا لست هنا لتسليتك حين تشعر بالملل. إذا احسنت معاملتىفسأعاملك بشكل جيد انا ايضاً, و لكن إن لم تفعل.... حسناً, فستتغير الرهانات كلها."
همس آشرون بغيظ "اذهبى إلى الجحيم و احملى قواعدك الثمينة معك."
لم تتنفس تابى مجدداً حتى صفق الباب خلفه. عندئذٍ, استندت إلى الخلف في سريرها, و هى تشعر و كأن جسمها حجر ثقيل رُمى من علو, و كأن معدتها مركب تتقاذفه الأمواج في ليلة عاصفة. حسناً, أنها طريقة للتخلص من آشرون من دون ان تفقد ماء وجهها, طريقة لتضمن ان ينظر إليها كند له. مال الذى كان بإمكانها ان تقوله خلاف ذلك؟ فالتورط في علاقة لا ضوابط فيها ليس اسلوبها في العيش و رجل متقلب مثله لن يكون سوى وصفة مؤكدة للوصول إلى كارثة. إنما, بعد ان عرف الرجل المتحرر, ساحر النساء, انها ستكون متطلبة جدا فسيحرص على ان يتجنبها من الآن و صاعداً.
و اى نوع من الحمقى هى كى تشعر بالحزن لهذه الفكرة؟
ستتغلب عن افكارها السخيفة عنه...... نعم, ستفعل لأن ما من خيار آخر امامها. ما تريده هى يختلف عما يريده هو, و من الأفضل بالتالى ان تنهى العلاقة قبل ان تسوء الأمور و تصبح مؤلمة و مهينة. هذا افضل بكثير.....
في منتصف الليل, ترك آشرون سريره و اتجه إلى الحمام ليأخذ حماماً بارداً. لن تهدأ إثارته كما انه ما زال يشعر بغضب شديد. قواعد, قواعد لغينة. هل عاد فجأة إلى مقاعد الدراسة؟ مع من تظن انها تتعامل. و لعل السؤال الأهم هو ما الذى تظن انها تتعامل معه؟ هل افترضت انها دخلت ذاك الفراش و بالتالى اشتركت في اللعبة كلها؟ يكفى ان تعطى المرأة مفهوما بسيط بسيط كـ الجنس لتعقده!
إلا انه كان غاضباً من نفسه بقدر غضبه منها. خطر له ان براءتها ستفضى إلى مشاكل و علم انه كان عليه ان يصغى إلى هواجسه و شكوكه. إنما, و كما لن يتوقف تدفق الدم في جسمه المتوتر و المتألم, بدا ان رغبته فيها لن تضعف. اراد ان يعرف كيف يمكن ان تكون و اكتشف ذلك و لعل الاسوأ هو انها مذهلة. و ماان توقف حتى رغب في معاودة الكرة..... مجدداً. و صر اسنانه البيضاء بقوة.
قالت تابى في اليوم التالى فيما امبير تلوح بمعلقتها في الهواء متجاوبة بفرح مع كلام تابي المحبب الدافئ "إذن, من هى اجمل طفلة في العالم؟"
كبح آشرون تنهيدة و جلس في كرسي إلى طاولة الطعام الموضوعة على الشرفة. الكلام إلى اطفال عند الفطور , هذا أمر آخر لا يروق له أدخلته إلى حياته. و خطر له بنفاد صبر ان ما يحبه في الصباح هو ممارسة الجنس و الصمت و بما انه لم يحصل على الاثنين فلا يتوقع منه احد ان يكون مزاجه جيد. و لم تساعده رؤية تابى في قميص احمر مخطط و سروال قصير يكشف عن الكثير من بشرتها البيضاء, حتى ان رؤية ذاك الوشم على ذراعها فيما هى تجلس في كرسيها فشلت في إطفاء نبض الرغبة المتسارع.
حاولت تابى ان تتأمل آشرون بشكل غير مباشر, فراحت ترمقه بنظرات من طرف عينيها بين الحين و الآخر لتعود و تشيح بنظرها سريعاً. بدا وسيما جداً, إنها لخطيئة ان يكون الرجل على هذا القدر من الوسامة التى تجعل عدم النظر إليه بمثابة تحدٍ. لم تستطيع سوى ان تُقدّر هذا الجسم الطويل, الممشوق و القوى, الذى بدا كتحفة فنية منحوتة بيدين ماهرتين. التمعت اشعة الشمس على خصلات شعره المجعدة فودت لو تنرر اصابعها بينها و لو تلامس ذقنه المصقول حتى توقظ تلك الابتسامة الرائعة مجدداً. هذه الافكار الخائنة جعلتها تضطرب فاشاحت برأسها بعيداً في محاولة منها لمقاومة الاغراء.
مدت امبير ذراعيها باتجاه آشرون و انحنت نحوه, فقال لها "ليس الآن عزيزتى. تناولى فطورك اولاً."
هذا اعتراف بوجود امبير إنما ليس بوجودها. لم تكن في الليلة الماضية سوى جسد إنما يبدو انها زهرة منسية غير مرئية هذا الصباح.
قالت بتهذيب "صباح الخير يا آشرون."
همس بصوت ناعم كـ الحرير و قد لاحظ لمعان عينيها البنفسجيتين الرائعتين حين رفعت نظرها إليه "صباح الخير. هل نمتِ جيداً؟"
رجت تابى كاذبة "نعم, نمت نوماً عميقاً."
و تساءلت لِمَ ايقظ فيها هذه الناحية التى ما ظنت يوماً انها تمتلكها.
سكبت القهوة فداعبت الرائحة الذاكية انفها مما ذكرها لسبب ما بـ صونيا التى اضحت حساسة لبعض الروائح حين حملت بـ أمبير. هذه الفكرة اثارت الذعر في نفسها فسألت بفظاظة "الليلة الماضية....."
و صمتت تنتظر انسحاب الخادمة و قد احمر وجهها و تسارعت دقات قلبها
"هل استعملت واقياً؟"
جاء رد فعله لا مبالياً على هذا السؤال الحميم, و قال و السخرية تتراقص في عينيه "اتظنين اننى غبى بما يكفى لاهمال مثل هذا الأمر الوقائى؟"
فاعترفت تابى بصراحة "اظن ان الانسان في حرارة اللحظة, و إذا رغب في شئ ما فقد يخاطر."
رفع آشرون حاجبه و اشار برأسه ناحية امبير معلناً "لي إذد ادى ذلك إلى اكتساب واحد من هؤلاء. الشغف لا يتحكم بىّ."
"او بىّ انا."
و طال الصمت المتوتر حول المائدة حتى دخلت المربية و رفعت امبير من كرسيها لتعيدها إلى غرفتها حيث من المفترض ان تأخذ حمامها.
آخذ آشرون نفساً عميقاً من الهواء الذى اضفت اشعة الشمس الدفء عليه, مدركاً ان عليه ان يتحدى مفاهيم تابى الخاطئة من اجل السلام و التفاهم بينهما. سألها و هو يهز كتفه في حركة عدم اكتراث "قواعدك؟ قواعدى؟ لم اتورط يوما مع نساء دبقات و فقيرات."
نزل هذا التصريح على تابى من العدم كحجر رُمى على زجاج و شعرت برأسها يدور و بعينيها تتسعان "هل تنعتنى بالدبقة و الفقيرة؟"
"ما رأيك؟"
هبت تابى من كرسيها التى وقعت و ارتطمت بالارض مُحدثة ضجة فيما وضعت يدها على الطاولة لتستند إليها. تملكها غضب شديد فصاحت به "كيف تجرؤ؟ لم اكن يوماً دبقة و لم احتاج يوماً إلى رجل!"
و رغم ذلك, كانت خطوتك الأولى هى محاولة تقيدى بقواعد. تريدين ضمانات و وعود بشأن مستقبل لا نعرفه كلانا. انا لا املك كرة بلورية."
بادرته تابى قائلة بشراسة "لا احب طريقة تصرفك!"
"لكنك لا تعرفين شئ عنى. لم اهتم لسنوات سوى بعملى و لا اترك امرأة من دون ان اُعلمها حين افقد اهتمامى بها."
و وقف ليشرف عليها و يتأملها بعينين قاسيتين و لامعتين قبل ان يضيف "لا يحق لكِ ان تتهمينى بالكذب و عدم الاخلاص انطلاقاً من افتراضات لديكِ بشأن طباعى."
صاحت به تابى بنبرة اتهام رافضة ان تعترف بأنه محق نوعاً ما "يا لك من متكلم..... ما كنت لأثق بكلمة واحدة تخرج من بين شفتيك!طط
اجابها آشرون بصوت كالفحيح "و الآن, من ذا الذى يطلق احكاماً مسبقة؟ ما الذى يزعجك أكثر فىّ؟ ثقافتى ام ثروتى ام اسلوب حياتى؟"
الشعور الغامر بالغيظ جعل جعل تابى تجمد مكانها و قد احمر وجهها لكن فمها الزهرى الناعم, لالممتلئ و المثير هو ما لفت انتباه آشرون
"ما يزعجنى فيك هو انك تعرف افضل من غيرك عن كل شئ!"
"اعلم اننا نقيضان و ان هذا الترتيب بيننا سينجح بشكل افضل لو التزمنا بالاتفاق الأولى."
انقلبت احشاء تابى كما لو انها نزلت في مصعد سريع جداً, و اشتدت كل عضلة من عضلات جسمها إلى حد آلمها و قالت "كان عليك ان تُبقى يديك بعيدتين عنى!"
رمقها آشرون بنظرة تقويم من عينيه اللامعتين و لوى فمه بابتسامة ساخرة قبل ان يقول "من المؤسف اننى لم استطيع....."
بعد هذا الاعتراف الأخير, عاد آشرون إلى جو الفيللا المبرد بفضل اجهزة التكييف و تركها وحدها لتتأمل المنظر الرائع.
امتدت تلال توسكانيا امامها في خليط رائع ملون من الغابات و بساتين الزيتون و كروم العنب. اخذت نفساً عميقاً مرتجفاً فملأ الهواء الحار رئتيها. انه يريد ان يعودا إلى شروط ذاك الاتفاق الأفلاطونى الذى ظنت انها تريده. إذن, لِمَ تشعر كأنها خسرت المعركة على الرغم من انها حققت هدفها؟ في الواقع, شعرت تابى بالألم و الهجر بدلاً من ان تشعر بالراحة و بالامان.
منتديات ليلاس
نهاية الفصل السابع
قراءة ممتعة
|