كاتب الموضوع :
شيماء علي
المنتدى :
مدونتي
رد: قهوة سوداء
.
.
صباح الخير جميعاً
هل أنتم في مزاج مناسب لجرعة من الذكريات ؟
الأمس كان الحادي عشر من مايو
الذكرى الرابعة لرحيل العم الذي كان دائماً أباً ربما لأبي نفسه حتى
نعم، هو العم ذاته الذي اعتادت يداي التلصص على مكتبته وما زالت
عمي كان مريضاً بالتهاب الكبد الفيروسي سي من قبل أت نكتشف مرض ابنته رحمهما الله بالفشل الكلوي قبل ثمانِ سنوات قد أشرت لها سابقاً
في غمرة انشغاله بابنتيه، نسي تماماً مرضه
أهمله وأهمل مراجعاته وعلاجاته خلال ما يزيد قليلاً عن خمسة أشهر قضتها الأولى بين جهاز الغسيل الكلوي وأسرة أقسام من المستشفيات كنا نأخذها إليها مع كل علة جديدة تضاف لجسدها بجانب توقف كليتيها عن العمل
أهمله من جديد مدة سبعة وعشرين يوماً بعد وفاتها ثم سنة كاملة بعد هذه الأيام اكتشفنا فيها أن أختها الصغرى والوحيدة مصابة أيضاً بالابتلاء نفسه
قضت سنة ما بين الغسيل الكلوي وعينات الدم والأنسجة التي تخضع لتحاليل التطابق انتهت أخيراً بأن نقلت إليها كلية سليمة
نسي عمي رحمه الله أو تناسى مرضه طيلة تلك المدة ثم شهوراً أقل من عدد أصابع اليد الواحدة هي فترة النقاهة الأولى الأخطر تقريباً بعد الجراحة التي خضعت لها ابنته ليرتد عليه المرض بعدها هاجماً بشراسة على كل خلايا كبده
تحسن قليلاً لكنه ما لبث أن انتكس أكثر
كانوا ذاهبين لإحدى مراجعاته
هو،زوجته التي هي خالتي،أبي،ابن عمي
يقول ابن عمي أنه لم يدرك من الحادث شيئاً إلا كونهم كانوا على وشك ارتقاء (كوبري بلقاس) على ما أظن قبل أن تسقط عليهم من السماء سيارة سائق مسرع ومخالف أيضاً ويعلم الله ماذا كان ليحدث لهم لو كانوا مسرعين مثلاً !
أبي عانى من كدمات متفرقة وكسر في ضلع ما
ابن عمي كسر له العديد من الأضلاع بالإضافة لنصيبه من الكدمات
خالتي كشط جلد رأسها تماماً لتظهر عظام جمجمتها من خلفه
تم نقلها لغرفة العمليات وبقيت بعدها في غيبوبة لأسبوع كامل وهي لليوم لا تذكر شيئاً إطلاقاً عن الحادث وتقول أن آخر ما تذكره كان قبلها بنصف ساعة تقريباً
عمي كان الوحيد الذي لم يصب بخدش
يقولون أنه كان ينزف داخلياً ويقول المسعفون أنه لم يظهر عليه شيء من علامات نزيف داخلي ولا أدري من أصدق !!
رفض أن يسعفوه أولاً وطلب أن يروا (أم هند) وربما ذكر أحدهم أنه طلب إسعاف (عليٍ) أيضاً ولا أدري أي علي كان يقصد فأبي وابن عمي كلاهما علي
اكتظ المشفى بأهلنا وأقاربنا الذين قادوا سياراتهم إليها بسرعة الصواريخ ليصلوا مع سيارة الإسعاف أو قبلها حتى
يقول ابن خالي أنه أحضر له ماءً كان قد طلبه فلم يشرب منه شيئاً، استلقى على ظهره واشتكى من وجع خفيف في بطنه، خرج ذاك يطلب له طبيباً وعاد وقد أسلم الروح لباريها
يومها امتلأت قريتنا التي ليست صغيرة إطلاقاً بمعزين من كل أنحاء الدولة بلا مبالغة جاءوا لتشييعه إلى مثواه الأخير
كان ذلك في منتصف الليل
بيت عمتي قريب من مقابرنا
تقسم هي ومن كان معها ومن حضر الدفن أنهم لم يفتحوا مصباح إضاءة واحداً
يقولون، كان المكان مضيئاً كأننا في منتصف النهار حتى ملأ العجب قلوب الحاضرين وسكان المنطقة !!
ربما ملأنا ذلك بالتعزية نوعاً ما
ظل بيتنا مفتوحاً للعزاء أشهراً بعدها
العزاء ثلاثة أيام لكن الميت لم يكن ميتاً عادياً ولم نكن نحن لنغلق أبوابنا في وجه من جاءنا
ما زال العزاء في قلوبنا حتى اليوم
لم نعد نجتمع
لم نعد نحس طعماً لفرح حقيقي
أذكر أن مقابر عائلتي لم تفتح طيلة عشر سنوات كاملة تقريباً ولكنها منذ استقبلت جسد ابنة عمي حتى لا يكاد تراب الميت يجف إلا وقد لحقه آخر !
ولهم الراحة الأبدية إن شاء الله تعالى
ولنا عناء الدنيا وشقاؤها حتى إشعار آخر
انتهى
|