كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
منذ ذلك السبت صارت لديها طقوس خاصة ،
كل ليلة بعد صلاة العشاء ، تضع جهازها على حجرها ، تشاهد عشرات الفيديوهات الكوميدية ، تضحك و تضحك حتى تتفجر دموعها ثم تطفئه و تبدأ بالبكاء ، بكاء مُرّ ، بكاء تحاول أن تذيب فيه أوجاعها ، شعورها بالرخص ، بأنها لا تساوي شيئا في هذه الدنيا .
هذه الليلة و هي تمارس طقس بكاءها ، رأت أمها تدخل عليها و هي تضرب كفا بكف ثم تهز رأسها و تقول بأسف :
- هذه آخرة العناد يا ابنتي : مطلقة مرتين و مجنونة
- أرجوك يا أمي لا تقولي أكثر و إلا سأقوم و أرمي نفسي من النافذة
لكن السيدة جميلة واصلت بقسوة :
- مطلقة ، مجنونة و كافرة
نظرت إلى أمها بتعاسة ، لم تكن لتتوقع منها العكس ، تنهدت و بدأت ترتدي ملابس الخروج .
- إلى أين تخرجين جنابك في هذه الساعة ؟
- سأخرج لأشتري بعض النوم ، أجابتها و هي تأخذ حقيبتها
- و منذ متى أصبح النوم يباع يا ليلى ؟
- منذ أصبحوا يضعونه في حبوب منومة يا أمي ،
و منذ أن أصبح حلما بعيد المنال بالنسبة لها .
- انتظري أخاك ، أمرتها أمها بحزم
- أنت تعرفين يا أمي أن سامح ليس له وقت للعودة ثم أنا لن أتأخر
- لن تخرجي وحيدة من البيت ، انتظريني أغير ملابسي و أذهب معك ، أنت اشتري النوم و أنا أشتري دواء الضغط.
بعد عودتها شربت ثلاث حبات مرة واحدة تعويضا لأرق ثلاث ليال و أثناء انتظار زيارة النعاس لجفنيها جلست تستمع لخطاب أمها الذي حان وقته.
- منذ كنت صغيرة و تخجلين من "عادتك" و تخفينها عني و عن أخواتك البنات عرفت أنك ستتعبين و تتعبيني معك
طرف بعينيها و هي تحاول أن تفهم ما دخل هذا في ذاك ؟ لكن بالتأكيد الجواب كما أجوبة أسئلة كثيرة مشابهة عند أمها.
- لأني عرفت حينها أنك لست طبيعية يا ابنتي ، لم تستطيعي أبدا أن تتأقلمي مع دورك كامرأة
- و دوري كامرأة هو ؟
- هو أن تتحملي ، أن ترضي
- أرضى بماذا ؟
أرضى أن أعيش دون قلب ، دون إحساس
أرضى أن أعيش بلا كرامة
هل كرمنا الله لتقولوا لنا لا كرامة للمرأة مع زوجها
لترددوا علينا أن المرأة هي من يجب عليها أن تتنازل ، هي من يجب عليها أن تتحمل
أخبريني في أي آية ذكر ذلك يا أمي ،
- في آيات الصبر يا بنتي ، قالت السيدة جميلة بحكمة
- لقد صفعني يا أمي ،
- و جاء بنفسه ليعيدك معه
- لكنه لم يعتذر لي يا أمي كأن صفعه لي شيء عادي
- مجيئه بنفسه هو طريقته في الاعتذار يا ليلى
- لم أستحق تلك الصفعة يا ماما ، قالتها و هي تشيح بوجهها في ألم
- أعلم أن ابنتي أنا لا تستحق أن يمد أي رجل يده عليها و لكن يا ابنتي أنت تسرعت
لأنك لا تعرفين أن الرجال كلهم هكذا ،لا يفصلون بين مشاكلهم خارج البيت و داخله
الرجل حين لا يجد مخرجا لغضبه يتوجه إلى أقرب الناس إليه : زوجته
- يا له من شرف يا أمي
- هكذا هم الرجال يا ليلى ، من تريدهم تقبل بهم كما هم و إلا تظل في بيت أبيها
الزوجة الحقيقية تلتف حول زوجها ، أضافت أمها بثقة ، الزوجة الناجحة يا ليلى لا تهجر زوجها و تدع الساحة لغيرها
نظرت اليها ليلى نظرة ذات معنى فواصلت بنفس الثقة :
- اسمعيني يا ابنتي ، أنا أُمٌّ و أنا أقول لك أن الأم لا تستطيع أبدا أن تنافس المرأة التي احتلت قلب ابنها مهما حاولت و أنا يا ابنتي كأُم و كامرأة أؤكد لك أن زوجك يحبك
- لا أعرف يا أمى ، لا أعرف
- أتعلمين ما مشكلتك يا ليلى ، مشكلتك أنك تتعاملين مع زوجك على أنه ابن الذوات الذي تكرم عليك و تزوجك
لكن هذا خطأ يا ابنتي ، هو تزوجك لأن لديك ما يحتاجه و لم يجده لدى سواك
تأملت والدتها بفكر شارد في موضوع حديثهما .
لمدة أيام ظلت تعيش في جو الثقة الذي منحته إياها كلمات أمها و تقنع قلبها بأنه سيحن ، بأنه سيعود إلى أن جاءتها تلك الرسالة لتهدم كل شيء.
.........................
|