كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
- زوجك ينتظر في غرفة الضيوف يا ليلى ، هكذا بادرتها أمها و هي تغلق الحنفية ، تأخذ الطبق من يدها ثم تدفعها دفعا خارج المطبخ .
توقفت في منتصف الطريق و هي تقول لها بضيق :
- غرفة الضيوف من هناك يا أمي
- و هل تعتقدين يا بنت أني سأتركك تقابلينه بهذه الهيئة ، هل نسيت من يكون ؟
- نسيت من يكون ؟ سألت بمرارة ، و هل سمحوا لي يوما أن أنسى يا ماما
غيرت فستانها البيتي إلى عباءة أنيقة فضفاضة ثم دخلت عليه رغم نظرات أمها المستهجنة.
- أريدك أن تعودي ، قال بعد أن قضى ما قضاه من الوقت في تأملها
- أعود إلى ماذا
- إلى بيتك ، إلى حياتك
- هذا هو بيتي
- و حياتك معي ، أضاف بعبوس
- لم تكن حياة ، كان مجرد وقت و مضى
لاحظت تغير لون عينيه و هو يواصل النظر إليها بصمت.
- أريد فقط أن أفهم السر وراء استمرار عنادك يا ليلى ، هل تتوقعين مني مثلا أن أعتذر منك ؟
عقد ذراعيه على صدره و هو يواصل بتعال :
- لأنه إذا كان هذا ما تنتظرينه فستنتظرين إلى الأبد ، لست أنا الذي يعتذر يا ليلى، توقف قليلا ثم عاد ليقول إزاء صمتها ، و الآن أريدك أن تستمعي إلى صوت العقل لأنك إذا استمررت على عنادك فأنت الوحيدة التي ستخسرين
تذكّري أن كل ما علي فعله هو فقط أن أشير إلى واحدة لتأتي إلي الآلاف
قالت بهدوء و هي تنظر مباشرة داخل عينيه
- ليس ذنبي أني أعيش في زمن أصبحت فيه النساء كسيارات الأجرة
تواصلت حرب النظرات بينهما قبل أن يقول ببرود :
- شيء واحد عجزت عن فهمه ، لماذا ؟
- لماذا ماذا ؟ سألت بحيرة
- لماذا مضيت في زواج تعرفين أنه لن يدوم ،
أنا رجل و لدي ظروف
رجل مكبوت و في كل العبر
أنت لماذا وافقت على الأمر ، أنا لم أغصبك على ما أذكر
أخبريني لماذا رضيت أن تورطي نفسك في حياة تعرفين أنها مجرد وقت و سيمضي
رغما عنها ، هربت بعينيها منه ، كان من المفروض الآن أن تقول له
- لأني أحبك ، لأني فكرت فيك قبل نفسي ، لأن إسعادك كان حلم حاضري و لم أفكر معه في أي مستقبل
كان المفروض أن تقول له كل هذا و أكثر و كانت لتقبل منه بجواب واحد بسيط بأنه هو أيضا يحبها ثم يسكنان أشواقهما في أحضان بعضهما البعض .
لكن ليس هما ، ليس هي و هو، لم يكن الموضوع بينهما يوما بهذه البساطة ، ربما فقط لو استطاع أن يكون رجلا آخر .
أغمضت عينيها و هي تصارح نفسها أنها لا تريده أن يكون رجلا آخر ، تحبه هو بكل حرف من حروف اسمه و بكل وجه من وجوهه .
لا تنكر أن اختياره لها من بين آلاف الأخريات يجعلها تشعر كما لم تشعر أبدا من قبل .
مسرورة لأنه اختارها و مع ذلك …
و مع ذلك لم يخلق بعد الرجل الذي تقول له شكرا حبيبي لأنك تفضلت علي و اخترتني ،
و الآن اسمح لي أن أقضي بقية عمري أقبل التراب الذي تسير عليه
اسمح لي أن أكون مداسا لك
أنت و أمك و أختك و ابنة خالتك
و كل من تمرغت قدماه في وحل هذه الحياة.
كلا لم يخلق هذا الرجل بعد و لم يخلقها الله لتكون ذلك النوع من النساء .
- لماذا تسكتين الآن ، تكلمي ، أمرها بحدة
- لم يتبق لدي شيء لأقوله
كانت تريده أن يفهم لوحده أنها قالت له كل شيء ، حبها ، عشقها ، تقديرها و احترامها ،
تريده أن يعرف أن كلمة أو كلمات لن تكون أفصح من مشاعرها التي أعطتها دون حساب ،
لكنه فهم ردها بطريقته ، رأت ذلك في نظراته التي ازدادت سوادا ، أخفضت عينيها و هي تستعد لتلقي إهانات جديدة
- أنا يا مدام على عكسك تماما مازال لدي الكثير لأقوله : إليك ما أعتقده أنا ، أنا أرى أن السبب هو أنك خفت ،
خفت أن يمضي بك العمر دون أن تقابلك فرصة أخرى تجربين فيها الزواج بحق باعتبار ما حصل أو فلنقل ما لم يحصل في زواجك الأول
خفت لذلك استغللت أول فرصة وضعتها الحياة في طريقك
- جائز ، قالتها و هي تحسد نفسها على كل هذا الهدوء
هدوء فجره في وجهها لأنها في اللحظة التالية كانت تكاد تلتصق به بعد أن جذبها بشدة من ذراعها :
- أتمنى فقط أن أفهم السر وراء استغنائك لهذه الدرجة
هل جاءتك فرصة أخرى بهذه السرعة ؟
فرصة أخرى ؟ أي فرص قد تعرضها الحياة في هذا المجتمع لامرأة طلقت مرتين ، فكرت بسخرية مُرّة و هي تتفادى النظر في عينه حتى لا يرى تأثير قربه فيها ، قرب بجسده و بُعد بقلبه و روحه كما في السابق.
- اسمعيني ، قال و هو يرفع وجهها يرغمها على النظر إليه ، أريدك أن تهنئي بالا لأنه لن يكون هناك طلاق آخر لك
ليس في هذه المدة على الأقل ، ستظلين هكذا معلقة حتى يخطر لي العكس
ها قد تحرك فيه عرق أمه أخيرا .
- و أريد أن أراك تجربين أن تخلعي نفسك مني ، صدقيني لن تكسبي شيئا إلا الجري في أرجاء المحاكم .
توقف أخيرا ثم قال بصعوبة من خلال أنفاسه اللاهثة :
- للمرة الأخيرة سأعطيك الخيار : بين أن تظلي على عندك أو تستمعي لصوت العقل و تعودي معي إلى البيت
هزت رأسها نافية حتى قبل أن يتم كلامه ، رأت العرق في رقبته ينبض بجنون قبل أن يرميها على طول ذراعه لتجد نفسها تجلس بعنف على الأريكة التي لا ذنب لها .
|