كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
للحظات طويلة طغى الصمت بين الأختين ، صمت أوله ذهول و آخره حزن على أحلام قُتلت قبل أن تتحقق ، و أوسطه حب لا تفهمه إلا من اشتركتا دفء نفس الرحم .
- كان يتصل بك باستمرار ؟ قطعت ليلى الصمت أخيرا
هزت شقيقتها رأسها بالإيجاب
- بعد كل تحذيري لك يا فرح ؟
- أرجوك أختي لا تعاتبيني ، انتهى كل شيء الآن
- و إن اتصل بك مرة أخرى يا فرح ؟
- لن أرد عليه يا ليلى أو سأشتمه هو نفسه إن أردت ، قالتها ثم حان دورها هي في البكاء
يا ليت السعادة معدية كالتعاسة ، تمنت ليلى و هي تتنهد و تضم أختها إليها.
- لم البكاء الآن يا روحي ؟
- لأني حزينة ، لأني على ما يبدو كنت نائمة حين كانوا يوزعون الحظ
- هل تحبينه يا فرح ؟ سألتها بانشغال
- لا أعرف يا ليلى و لكنه ليس كما تظنينه
أنا أعرف أنه ليس الشاب المثالي ، لكنه يعجبني
أعرف أن ماضيه لا يشرف ، لكن الإغراء أمامه كبير جدا
أغلب الشباب لو كانوا مكانه كانوا ليكونوا مثله
- ستتعبين معه يا فرح
- سأتعب أيضا لو تزوجت رجلا أقل من أن أقتنع به ، ردت بمرارة ، لو سُجِنْت داخل زواج كزواج أختك منى
- لكل نصيبه في هذه الدنيا ، ردت ليلى بحزن ،
علمتني الحياة أنه في مقابل امرأة واحدة سعيدة هناك العشرات يعشن في شقاء
و مفتاح السعادة هو الرضا يا أختي
ضمتها إليها طويلا ثم قالت لها بلطف :
- أتمنى أن يُكْسَر قلبي مائة مرة و لا يُكْسَر قلبك مرة واحدة .
هيا لنخرج لبعض الوقت يا فرح ، ربما نضيع تعاستنا في الطريق و نعود بدونها
……………….
عادتا من جولتهما لتجدا سيارته رابضة أمام بيتها ، أرسل لها السواق بهذه السرعة ؟
تورد خداها و هي تتذكر آخر كلماته لها في حديثه الهاتفي منذ قليل :
- مبيتك في بيت عائلتك و أنا موجود في البيت أَمْرٌ عليك أن تنسيه تماما
خطت بسرعة داخل غرفة الاستقبال و خفق قلبها أسرع حين رأته هو بنفسه ، بكل ما تحبه فيه ، جالسا يتحدث بحماس مع أخيها الأوسط ،
أكيد عن شيء ما يتعلق بكرة القدم .
تعلقت عيناها بعينيه وهي تراقبه ينهض لاستقبالها.
- لن أتأخر سأحضر حقيبتي و نغادر ، قالت له بعد أن احتوى كفها في راحة يده .
جذبها بلطف لتجلس في المكان الذي أفسحه لها شقيقها بجانبه .
- هل تطردينني من بيت أسرتك يا بنت ؟
- كلا طبعا ، أجابت بإحراج ، لكني لم أظن أنك قد تود العشاء عندنا
- لماذا ، هل أبدو لك بحاجة إلى ريجيم ؟
- أنت تعرف ماذا أقصد ، قالت بصوت خافت ، هنا ليس لدينا سوى الأكل العادي ، الأنواع التقليدية
- و من قال لك أني لا أحب التقليدي يا بنت ،
بالعكس اكتشفت مؤخرا أني أعشق التقليدي ، أموت في التقليدي
احمر وجهها أمام نظرات أخيها المتسللة المستغربة فالباشا كان على راحته تماما لا يحاول حتى أن يخفض درجة صوته .
أكملت بصوت محايد كأنها لم تفهم تلميحاته :
- أنا أقصد أنك لن تجد لدينا الأصناف التي تفضلها كحشرات البحر مثلا
- حشرات ؟!
أكملت ثانية كأنها لم تسمعه :
- و بالتأكيد لن تجد لدينا السوشي
لسوء حظها التقطت أذنا أمها آخر كلمة ، شاهدتها يبدو عليها الإحراج و هي تتوجه إليه بالكلام :
- هل تفضل الشوشي يا بُنَيّ ؟ أنا آسفة لكني لا أعرف كيف أعده
شوشي و بُنَيّ في نفس الجملة يا أمي ، هل تريدين للرجل أن يرحل بلا عودة ، فكرت ليلى قبل أن تقول بصوت أعلى :
- سوشي يا ماما سوشي
تجاهلتها أمها و هي تتوجه إليه بالحديث و الابتسام :
- هل فهمتني بني عندما قلتها بطريقتي ؟
- طبعا
- ثم أعدك بني أني سأتعلم نطقها بطريقة الخواجات عندما يتعلمون هم أن ينطقوا كلمة "ملوخية" بطريقتنا .
تأملها بإعجاب و هو يهز رأسه مؤيدا :
- أُحَييك سيدة جميلة ، نقطة في الصميم
وجه كلامه إليها و هو ينحني قليلا نحوها :
- أمك ما شاء الله لديها الثقة بالنفس ، أتساءل لماذا لم تورثها لك
بعد أن انتهوا من العشاء انحنى نحوها مرة أخرى :
- للأسف لم ترثي كذلك إبداعها داخل المطبخ
- نحن خمس بنات ، أجابته بمكر ، كل واحدة منا ورثت صنفا ، نصيبي من التركة كان الأومليت
- نصيب فعلا ، قالها وهو يتنهد بافتعال قبل أن يبادلها الابتسام.
في تلك الليلة ، بعد أن عادت معه إلى المنزل ، نامت ملء جفونها .
نسيت الإهانة ، ذابت في حنانه عليها ،
نسيت الألم ، غرق في مراعاته لها .
في تلك الليلة نامت و هي تشكر الله على أجمل جلسة عائلية في حياتها.
|