كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: آنسة الشاي الأبيض
بدأت أصابعه تتصرف بإرادتها الحرة و هي تبحث عن حرف اللام في قائمة الإتصال وقبل أن يستوعب ذهنه ما يحصل كانت إبهامه تضغط على زر الاتصال
- آلو ، أتاه صوتها حائرا ، مرتبكا
امتد صمته للحظات طويلة ثقيلة ثم سألها دون مقدمات :
- آنسة ليلى ، ما الذي كانت كاميليا تنوي أن تفعله في إيطاليا
حتى من خلال الهاتف الجامد ، حتى رغم المسافة التي تفصله عنها شعر بترددها ، شعر بالكذبة التي تتبلور في عقلها ثم سمعها تتكون على شفتيها :
- أظنها كانت ستذهب لتغير الجو ولتسترخي قليلا
- تسترخي ؟
- نعم و ربما تتسوق قليلا ،
- تسترخي و تتسوق ، اممم ، دون أن تعلمني
- آه ، أنا اسفة ظننت أنها أخبرت حضرتك
- إذا كانت أخبرتني ، فلماذا قد أتصل بك و أسألك ؟
لكنه لم ينتظر إجابتها بل أغلق الخط في وجهها و في وجه أي كذبة أخرى تنوي التفكير فيها.
شعر باللهيب الذي في صدره يعود و يتصاعد و يمتد ليده الممسكة بالهاتف
و بحركة واحدة أودع فيها غضبه و سخطه رماه ليتهشم على الحائط المقابل
و هو يتمنى أن تتحطم معه مرارته
مرارة الشك
مرارة الحرمان النابع من أسئلة لن تجاب
ترى متى كانت البداية ؟
ربما بدأ كل شيء قبل ثلاث سنوات
منذ أن أصبحت كاميليا تهرب إلى البيت الصيفي
نعم هذا ما كانت تفعله تهرب ، تهرب من كل شيئ ، منه هو زوجها ، من مسؤلياتها حتى من ابنتها
في كل مرة كان الأمر يتم دون إنذار
يصحون من نومهم أو يعودون من الخارج
ليجدوا ورقة ملصقة على باب الثلاجة ،
بجملة يتيمة كالعادة
"أنا في المنزل الصيفي ، لا تنتظروني"
هكذا دون تحية ، دون توضيح ، دون عاطفة
لذلك لم يشعر بذرة واحدة من تأنيب الضمير حين وضع عدة كاميرات ليراقبها و يكشف الستار عن جزء من غموضها
لكن ما كشفته له التسجيلات لم يفعل إلا أن زاد من جرعة تشوشه و حيرته
فكل ما كانت كاميليا تفعله في ذلك البيت هو الكتابة في دفتر مذكراتها و القيام بإحراق الكثير و الكثير من الأوراق
كانت تشعل نارا صغيرة في الليل أمام البيت و تبدأ في إطعامها الورقة تلو الورقة ، القصاصة إثر القصاصة
و تظل تتأمل الشعلات المتراقصة في سكون خاشع حتى تكمل عرضها السحري و تخبو النار تماما
حينها فقط كانت تغادر للداخل و تبدأ في الكتابة.
ما الذي حصل يا كاميليا منذ ثلاث سنوات ؟
ما الذي جعلك تبتعدين و تَنْأَيْنَ عني أكثر من ذي قبل ؟
هل كان هناك رجل آخر في الموضوع يا كاميليا كما أخبرني قلبي مرارا و كما كذبته في كل مرة ؟
|