كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
استيقظت لتجد نفسها وحيدة ، لكن اليوم على غير المعتاد لم تؤلمها وحدتها.
بالعكس شعرت بأنها تحتاجها ، تحتاج أن تكون مع نفسها فقط
لتستطيع أن تستوعب الذكريات الجميلة القريبة و بقايا المشاعر الناعمة التي تدفئ قلبها .
جهزت نفسها الجديدة بسرعة ثم كالعادة تسللت من الغرفة كالفأرة .
فأرة سعيدة و كسولة .
لأول مرة لا تتسلل لكي تتجنبه بل لكي يكون وجهه هو أول وجه تبدأ صباحها به.
ألقت نظرة صقرية فاحصة من الأعلى ثم التهمت خطواتها درجات السلم في لمح البصر.
دخلت عليه غرفة مكتبه لاهثة و أغلقت الباب خلفها ،
نظر إليها بدهشة سرعان ما تحولت إلى شيء آخر ، شيء دافئ و جميل كنبرة صوته التي حملت الكثير من الفخر و هو يقول لها متقدما نحوها :
- صباح الخير يا عروستي
أخفت وجهها باحمراره الشديد ، بفرحتها الأشد في صدره و طبعا بدموعها الحاضرة دائما بدون دعوة.
أخيرا ابتعدت عنه و راقبته بحب يرن الجرس يطلب أن يحضروا لها إفطارها ثم يجلس بجانبها .
- لماذا لم تخبريني قبل الآن ؟ سألها و هو ينظر بإشفاق إلى أصابعها التي استمرت تفركها ببعضها البعض
- أنت تعرف ، شعرت ... شعرت بالحرج
قال مداعبا :
- لماذا لم تكتبيها لي في ورقة كما في تلك المرة ؟
- مازلت تذكر ؟ سألت و هي تسافر معه إلى نفس النقطة من الزمن.
- ذلك يوم أتذكر جميع تفاصيله.
راقب احمرار خديها بحنان ثم قال و هو يدير وجهها إليه :
- كانت أشهرا صعبة عليك ، أليس كذلك ؟
- بلى ، قالت و هي تومئ برأسها ، لكنها كانت أصعب عليه هو ، أقصد وليد .
- لا تشفقي عليه أمامي ، قال بنبرة قاطعة ، و هذه آخر مرة تذكرين اسمه أو تذكرينه أصلا ، مفهوم ؟
- لكنك تعرف أنه لم
- لقد عشت ستة أشهر بأيامها و لياليها معه ، قاطعها و هو يقوم من جانبها
- لم يحصل بيننا شيء يا ماهر، أكدت له و هي تقف لتواجهه
- يعني لم يلمسك أبدا
- أبدا يا حضرة الضابط
ابتسم و هو يضمها إليه بقوة ثم أبعدها قليلا لينظر إليها :
- الآن أستطيع أن أشفق عليه ، قال و هو يعقد حاجبيه ، لا بد أن حالته صعبة بحق و إلا كيف استطاع أن لا يلمسك و أنت أمامه لمدة ستة أشهر
ابتسمت برقة و هي تقول بمكر :
- أعرف رجلا آخر تركني لمدة أربعة أشهر كاملة دون أن يلمسني.
- آه ذلك الرجل ، قال و هو يهز رأسه بأسف ، كانت حالته صعبة أيضا ، صعبة جدا في الواقع .
لماذا ؟ أرادت أن تسأله ، لماذا كل ذلك التردد ، جميع تلك الحسابات ، لماذا ؟
لكن ربما هكذا أفضل ، حاولت أن تقنع نفسها
ربما كلما كان الشوق أكبر كان التلاقي أجمل.
أخرجها من شرودها و هو يرفع يدها إلى شفتيه ، يقبل باطنها و أصابعها و يقول لها بدفء :
- سأعوضك عن كل ما فات
و حينها لم تعد تقدر ، شعرت بشيء ينساب منها ،
كأن ذاتها القديمة تنفصل عن جسدها لتحلق في سماء الغرفة و تراقبهما من بعيد : جالسان ، يتحدثان ، يضحكان ، يتهامسان .
و هي ، ليلى القديمة تكتفي بالمشاهدة ، تترك الأخرى الجديدة تتصرف في هذا الظرف الذي ليست معتادة عليه : أن تكون سعيدة .
تراقب الأخرى باستغراب و هي تراها مرتاحة معه ، على سجيتها تماما كأنها تعرفه طوال عمرها.
تسأل نفسها كيف عاشت هذه المخلوقة و سكنت بداخلها دون أن تشعر بها ،
لأيام و أيام ظلت تسأل نفسها و لا تجد الجواب.
و لكنها لم تعد تريد أجوبة بعد الآن .
لأن هناك جواب واحد يغني عما سواه
أنا سعيدة.
سعيدة إلى درجة أنها أحيانا تغص بدموعها لشدة السعادة.
في كل لحظة من تلك اللحظات
عندما تستيقظ قبله و تراقبه و هو نائم.
عندما ينظر إليها كأنه لا يرى امرأة سواها في هذا العالم .
و في كل مرة يقبل فيها يدها.
لذلك أصبح هذا هو جوابها على كل سؤال و هذه هي حالتها في جميع المواقف.
هي سعيدة الآن و حتى إشعار آخر.
هل أنت جائعة ؟ أنا سعيدة
هل نمت جيدا ؟ أنا سعيدة
ماذا تريدين من الحياة ؟ أنا سعيدة
سعيدة يا ناس ، سعيدة . ماذا تريدون أن أفعل لكم ؟ أصبحت تجيب بها نظرات الآخرين إليها و هم يحدقون إلى ابتسامتها الدائمة التي ترفض أن تغادر شفتيها.
أنا أُقَدِّر أن في هكذا أوضاع تمر بها البلد تعتبر السعادة تهمة
لكنها تهمة كنت بريئة منها حتى وقت قريب.
لذلك لا تحسدوني أرجوكم ، أتوسل إليكم ، فأنا حديثة عهد بها .
دعوني أهنأ بها قليلا ، أسرقها من زمني قبل أن يلتفت ثانية إلي.
تريدون أن تسعدوا مثلي ؟ حاضر ، إليكم السر : تزوجوا
لحظة ليس هذا فقط : تزوجوا و لا تشاهدوا نشرات الأخبار. ………………………..
|