كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
- ليلى ، ارتفع صوت أمها و ارتفعت معه كفا أختها تمسح بسرعة دموعها و آثارها على خديها فهي تعرف تماما ما ينتظرها لو علمت السيدة جميلة أن هناك من سولت له نفسه أن يبكي يوم الزفاف.
دخلت أمها و أنظارها مركزة على وجه العروس :
- بسم الله ما شاء الله ، ابتسمي يا بنت ، نعم هكذا ، هيا حبيبتي اتبعيني عريسك ينتظرك في سيارته
- و أنتم يا أمي؟
- نحن سنلحقك فورا ، لا تقلقي
- أمي أرجوك لا تتأخروا ، أفراد عائلته سيكونون هناك ، لا أريد أن أكون الغريبة الوحيدة التي بينهم
نظرت لها أمها تلك النظرة التي لا أحد في العالم يجيدها أكثر منها :
- ليلى أنت ستكونين مع زوجك ، ستكونين في بيتك و هم من سيكونون ضيوفا عليك و الآن تحركي فالرجال يكرهون أن ينتظروا.
قليل من الانتظار لن يضره ، بالعكس الانتظار مفيد لتهدئة البال و ضبط معدل الضغط . هذا ما تعلمته من سنواتها الحلوة مع المواصلات العامة.
……………………………………………………………………………………
كان بصدد تفقد الوقت للمرة الخامسة حين سمع طرقة خفيفة على النافذة ، بعدها مباشرة رأى أخاها الأصغر يفتح الباب و هو يقول له بابتسامة في شفتيه و عينيه :
- ألف مبروك يا عريس
تنحى بعدها جانبا لتظهر هي وراءه بفستان عسلي ، الحمد لله أنها لم تختر اللون الأبيض .
- تفضلي يا عروسة ، خاطبها أخوها و هو يمسك يدها بلطف
راقبها تجلس و تسوي فستانها ثم تهمس لأخيها بشيء ما ، رآه يبتعد ليغلق الباب ثم يتراجع في آخر لحظة ليرفع عينيه إليه في اعتذار و هو يقول :
- شيء أخير فقط ، قالها و هو يرفع الخمار عن وجه شقيقته
أليس هكذا أفضل يا عروسة
ثم أغلق الباب و ابتسامته تنتقل إلى ركن شفتيه.
يا لشقيقها و حركاته !
شعرت بخديها يتوهجان تحت نظراته.
انتظرت دون جدوى أن ينطلق لكنه لم يبدو أنه ينوي ذلك.
كان عليها أن تتكلم الآن و إلا ازداد الموقف غرابة
التفتت له ببطء و باعدت بين شفتيها لكن الصوت توقف في حلقها و عيناه بنظراتهما الغريبة تجبران عينيها على تكلم لغة أصعب بكثير من تلك التي تجيدها الشفاه.
لم تفهم ما رأته داخل عينيه و لا تعرف إن كان هو فهم ما قالته له نظراتها
لكنها فهمت ، و هو يحدق داخل عينيها و هي تُسَلِّم قياد نظراتها إليه ، أن الأبد قد يتلخص في ثانية و أن ثانية قد تبدو كأبد.
- هل أنت جاهزة ؟ سألها أخيرا بصوت غريب كنظراته.
أومأت برأسها دون كلام .
رأته يمد يده إليها بعلبة صغيرة ، تناولتها منه في صمت ، فتحتها و أخرجت الخاتم دون أن تهتم بتأمُّله.
- اسمحي لي ، قالها و هو يأخذ الخاتم من بين أصابعها و يحضن كفها بيده الأخرى.
أسدلت جفنيها و هي تنظر إلى أصابعه تشبك إصبعها بقيده بينما لمساته البطيئة المتمهلة تخبرها أن هناك أشياء أخرى بداخلها يتم أسرها في الوقت ذاته .
بلطف سارعت إلى سحب راحتها من كفه و هي ترفض أن تترك نفسها فريسة لأوهام أخرى بسعادة ستخطئ كالعادة الطريق إليها.
تمالك نفسه أخيرا و استطاع أن يتذكر أن من المفروض أن ينطلق بالسيارة لا أن يظل جالسا فيها.
جالسا يحدق في المرأة التي تحتل الكرسي المجاور و التي منذ هذه الليلة ستحتل جزءًا من حياته.
اختلس نظرات أخرى إليها و هو يتذكر ملمس كفها الباردة في يده.
لا يدري لماذا تَذكّر فورا المثل الفرنسي الذي يقول الأيدي الباردة يكون معها قلب دافئ .
لماذا تَذكّره معها هي بالذات ، مع أنه أمضى نصف عمره يصافح الأيدي الباردة .
تَذكّره و وجد نفسه يتساءل رغما عنه كيف هو قلبها يا ترى ؟
ضغطت قدمه بشدة أكبر يريد أن يسرع ، يصل إلى منزله و واقعه و لا يدع فرصة لتلك الأفكار لأن تلاحقه و تلحقه .
ماذا يهمه من قلبها ؟
ماذا يهمه من قلبه ؟
ما دخل القلوب في الموضوع ؟
قلبه شخصيا مات بموت كاميليا.
|