فتاة الغروب دلال

فتاة الغروب – دلال

المقدمة
يعشق فتاه ويهواها من كل قلبه. يراها فوق سطح أحد البيوت تعمل ... تتجمل ... تتحدث ... و تضحك مع أمرأه اخرى . احبها منذ رآها أول مره , فتنه جمالها وسحرة صوتها وعذبه ضحكها . كان يتخيلها في غدوه ورواحه , في صباحه وفي مساءه , في صحوة ونومه ... لا تفارق خياله لا في السر ولا في العلن ... دائما ..
و لكن للأسف هي محرمة عليه الآن .

1- الصورة
صعد هاني إلى سطح بيتهم ليراقب غروب الشمس وعودة الحمائم إلى أعشاشها . وهذه أول زياره له إلى بيتهم بعد انتهاءه من امتحانات الجامعة للسنة الأخيرة من دراسته في كلية التجارة – اداره أعمال – وقد غاب عنهم لمدة ستة أشهر كاملة قضاها في سكن الجامعة الخاص بالطلاب في المدينة الجامعية .
يتميز هاني بوجه قوي الملامح وقسمات بارزة وطول شامخ وعينان سوداوان وشعر اسود مجعد قليلا في الاطراف و الصفة البارزة فيه هي حضوره الآسر و قوة شخصيته الطاغية والظاهرة لدى الجميع .
عندما صعد هاني الى السطح ليتنفس الهواء العليل و يمتع نظره بالجو المدهش و يراقب تحرك الغيوم البيضاء وغروب الشمس في السماء , عندها وقع نظره على فتاه رائعة الجمال تقف في الجانب المقابل له في البيت المجاور لبيتهم وقد ادارت ظهرها ناحيته . كانت طويلة الجسم رشيقة الجسد في بنطال ضيق قليلاً وبلوزه ورديه زهرية اللون وقد تركت شعرها الأسود الطويل جدا يموج على ظهرها مع كل نسمة هواء عليل تتخلله لتحركه بدلال و رقه , ثم رفعت يدها لتبعد خصلة من الشعر عن وجهها وقد لاحظ بياض بشرتها الصافية وملامح وجهها البسيطة - فم صغير احمر- خدود ورديه غائره قليلاً - رموش طويله وحواجب رفيعة سوداء اللون , أما العينان فكانتا مغمضتين من تأثير الشمس والهواء .
وقف هاني مندهش ومذهول من هذه الفتاه الرائعة . احس كانه يرى لوحه جميله لفنان عالمي تظهرها أمام غروب الشمس الذهبي . خفق قلب هاني بقوة وهو يراها تتحرك بهدوء وتبتسم وتسبح الله تعالى وعندما راها تستدير لتبتعد وتعود الى الداخل أخفض راسه الى الاسفل وهو يراها تختفي من امام ناظريه في مشية مائلة تدل على الدلع والدلال الذي احاطها به الجميع ونثروه برحابة صدر لها . عند خروجها خرج هاني من مكانه وهو يسبح الله على هذا الجمال الرائع الذي راه منذ قليل وقد نسي الغروب و طيور الحمام .
في تلك الليلة اخذ هاني يستعيد المنظر الذي رآه والفتاه التي شاهدها وهو على سريره لا يستطيع النوم ولا الراحة ابداً . واخيرا قرر مراقبتها والسؤال فيما بعد عنها ومعرفة اسمها واسم عائلتها , وهذا سهل بما انها تعيش في البيت المجاور لهم , ثم يطلب من والدته ان تخطبها له ثم يتزوجها بعد ان يبدأ عمله الجديد في الشركة العالمية . وعلى هذه الفكرة استطاع هاني النوم بكل هدوء وراحه .
استمر هاني في الصعود الى السطح في وقت الغروب من اجل رؤيتها ومراقبتها . رآها هناك مع سيدة كبيرة في السن تساعدها في نشر الغسيل وتتحدث معها وتضحك بعذوبة وتبتسم بكل رقه وحلاوة وقد رأى ان عيناها سوداوان كعينيه هو . ولكنه توقف عن النظر إليها عندما أحس بالخجل مما يفعله فلا يحق له أن ينظر إليها ولو بالخطأ فهي لاتحل له ولا يباح له رؤيتها من دون علمها وموافقتها .
توقف هاني عن الصعود الى السطح لمدة يومين متتاليين ولكنه لم يستطع في اليوم الثالث فقد اشتاق الى رؤيتها وقد قرر ان يسأل عنها والدته فيما بعد ذهب الى السطح وهو يخفض رأسه حتى لا يشاهدونه وقد رآها تجلس مع قريبه لها على كرسيين خشبيين وطاولة صغيرة بينهما عليها صينية فيها الشاي والبسكويت اللذيذ وهي تتحدث بسعادة مع الفتاه الأخرى ثم سمع صوتا نسائيا من اسفل الدرج ينادي : هيا أنزلوا فالعشاء جاهز
قالت الفتاه الجميلة : نعم يا امي نحن قادمتان . ثم وقفت مع الفتاة الاخرى وهم يكملون حديثهم ويسيرون باتجاه الاسفل .
تأكد هاني بأن هذي الفتاه هي ابنة اصحاب البيت وما عليه سوى السؤال عن اسم والدها وهل هي مخطوبة او متزوجة ثم يتقدم لخطبتها والزواج بها .
سافر هاني في اليوم التالي إلى مقر عمله لمباشرة العمل وتثبيت نفسه في الدوام .. غاب هاني عن أهله لمدة ثلاثة اشهر قضاها في الدوام نهارا والتفكير بفتاة الغروب ليلا والتخطيط لحياته معها في المستقبل .
قرر الذهاب إلى اهله ليخطبوا له هذه الفتاه في أسرع وقت. و في الليلة التالية من قدومه تحدث مع والدته وسأل عن صاحب البيت المجاور وعن ابنته وحالتها الاجتماعية ثم طلب من والدته ان تراها وتخطبها له بسرعه فرحت الام وقررت زيارتهم في البداية لرؤية البنت ومن ثم خطبتها لهاني .
بعد الزيارة في اليوم التالي أخذت الام تمدح البنت وتذكر محاسنها وجمالها .
قالت لهاني في حضور والده : البنت ما شاء الله جميلة جدا ومتعلمه واخلاقها عالية وأهلها طيبون وصالحين وهي زوجة مناسبة لك ويوم السعد اليوم اللي نشوفك انت واخوك متزوجين في نفس الليلة , انت تتزوج بنت السيد ناصر حسين واخوك يتزوج بنت اخته اليتيمة وهي جميلة وصالحة له ما رأيك يا ابو احمد في خطبة البنتين لهاني وأخوه احمد .
قال ابو احمد : انا موافق والسيد ناصر حسين رجل صالح وتقي وما نسمع عنهم الا كل زين هم وعيالهم .
وافق هاني واحمد على الخطبة والزواج من البنتان . وهكذا شاء الله تعالى ان تذهب فتاة الغروب الى الاخ الاكبر احمد لأنه رجل صالح بار بوالديه وبعيد عن النظر الى ما حرم الله تعالى . وهكذا تمت خطبة وملكة هاني على ريهام ابنة السيد ناصر حسين . وتحدد الزواج بعد شهر ونصف من الملكة في افخم الصالات واجملها .

بإذن الله تعالى سأضع فصل كل يوم , فأنتظروني

-2غلطة العمر
في ليله العرس تم زواج الأخوين هاني وأحمد على البنتين وقد وضعت كل عروس غطاء قاتم على رأسها حتى لا يراها الزوج الا في غرفة النوم فقط وقد كانت العروستان جميلتان جدا كالقمر في ليلة تمامه وفي أبهى حله وأجمل منظر وطله . زفت دلال الى احمد ودخلا الغرفة معا , ثم زفت ريهام الى هاني ودخلا غرفتهما الخاصة بهم .
جلست ريهام على حافة السرير ومازال الغطاء على رأسها ومن شدة لهفة هاني وفرحه بعروسه أخذ يحدثها عن حبه وغرامه لها وكيف رآها لأول مره فوق سطح بيتهم وكانت تتحدث وتضحك وتعمل مع اهلها وكيف انه قرر يتزوجها منذ تلك اللحظة .
عندما توقف هاني عن الكلام ليرتاح ويتنفس من شدة الانفعال اتجه الى ريهام ليرفع غطاءها ويمتع عينيه بجمالها ويلمس جسمها بيديه ويقبلها في شفتيها و.... عندما رفع الغطاء أصابته صدمه كبيرة فقد رأى أمرأه غريبه عنه ليست هي التي احبها ورآها وقرر الزواج بها , فوقف مذهولا من شدة الصدمة فسألها عن اسمها واسم والدها وهل هي حقا زوجته كما هو مكتوب في عقد الزواج .
اندهشت ريهام من قول زوجها واسئلته ولكنها قالت ربما هي صدمة الزواج وليتأكد من انه زوجها حقا , وربما لأنه عرف ما بها قبل الدخول عليها .
ريهام ايضا جميلة و رائعة ولكنها ليست حبيبته التي اراد الزواج بها فربما هي اختها او احدا من اقاربها ولذلك قرر التأكد منها بسؤالها .
في صباحية العرس استيقظ العرسان متأخرين فهاني لم ينم حتى سمع اذان الفجر عندها خلد للنوم لبعض الوقت اما ريهام فقد نامت بسرعة من شدة التعب .
ذهب العرسان الى الوالدين للسلام عليهم ومباركتهم وقد رأى هاني اخوه احمد سعيد و وجهه مشرق دليل النوم المريح والسعادة ثم صدفة رأى زوجة اخيه احمد - دلال - فعرف ان اخوه احمد قد تزوج حبيبته دون ان يعلم عن هذا شيئا أوعن شعور اخيه .
شعر بطعنة قويه في صدره وعرف ان فتاة الغروب التي أحبها اصبحت حلال اخيه وزوجته الى الابد , وهو اصبح زوج ريهام الى ما شاء الله لهما الحياة معا . فحمد الله وشكره على كل حال ودعا لأخيه بالسعادة لأنه طيب و يستحق كل خير ودعا الله لنفسه بالصبر والرضا بقضاء الله وقدره.
بما ان الاخوين سيقضيان في بيت الاهل فترة من الوقت فقد كان لزاما على هاني ان يرى اخاه وزوجته ويشعر بالسعادة التي هما فيها .
بقي اياما وليالي يفكر ويحاول الهدوء والنسيان ولكن الألم يعتصر قلبه كلما سمع صوت اخيه يضحك بصوت عال او يبتسم لزوجته دلال ويمدح الزواج والمتزوجين , وكانت زوجته ريهام لا تعلم ما الذي حدث لزوجها وما الذي يكدره . بقيت صابره عليه ثم قررت أن "الهجوم افضل وسيلة للدفاع" ولذلك تحدثت معه بكل هدوء وفي جو رومانسي لتعلم ما الذي يضايقه ويكدره . اخبرها هاني بانه يريد السفر الى بلد اخر للعمل في فرع الشركة هناك والاستقرار ايضا في حياته ولا يعلم كيف يخبر اهله بذلك - وهذه ليست الحقيقة ولكنها صدمته - .
فكرت ريهام : ربما هذا السبب الحقيقي لبعده عنها وتكدره . طمأنته ريهام على موافقتها وما عليه سوى اخبار والديه واخذ موافقتهما ودعوتهم لهما بالتوفيق و السعاده في حياتهما . وفعلا وافق الوالدين على ان يأتيا لزيارتهم في الاجازات ولا يقطع الاتصال بهم .
استعد هاني و ريهام للسفر في اليوم الثاني من موافقه الاهل و ودع اهله و اخوه احمد و زوجته دلال طالبا منهما الاعتناء بوالديه وقلبه يعتصر ألما وحزنا داعيا ان تكون حياته في البلد الثاني افضل له وللجمـــــيع .

-3الضياع
خلال السنوات التاليه انجبت دلال ابنتها الاولى جميلة بعد مرور سنه على زواجها من احمد وقد كانت ابنتهما جميله جدا مثل امها وبعد مدة زمنية انجبت ابنها الاول حسن وهو كالبدر في تمامه أما بالنسبة لريهام فلم تحمل ولم تنجب طوال هذه المدة وقد جربت العلاجات الطبية والشعبية دون فائدة .
قبل نهاية السنه الخامسة من زواجهما بأيام , قررت دلال ان تقيم حفله خاصة رومانسية لها ولزوجها احمد بمناسبة مرور خمس سنوات على زواجهما الرائع وسعادتها الكبيرة لوجودها معه ومع أولادها الصغار . كانت حياتهم تسير على ما يرام حتى اللحظة التي طلب من احمد السفر الى احدى المدن البعيدة للنظر في مشكله خاصة بالعمل هناك وتتطلب منه الذهاب لحلها والتخلص منها. وقبل سفر احمد ودعته زوجته دلال بالقبل والتمنيات ودعت له بالسلامة وطلبت منه الانتباه للطريق و الاهتمام بنفسه و صحته والعودة الى البيت قبل نهاية هذا الشهر للاحتفال معا بمرور خمس سنوات على زواجهما . وعدها أحمد بالحضور والانتباه ثم ودعها و ودع اولاده بالقبل ثم سافر بالسلامة.
قبل انتهاء السنة الخامسة بيومين انتهى احمد من حل المشكله في البلدة البعيدة وقرر العودة الى البيت حالا وقد كان الوقت قبل غروب الشمس بقليل , ومن شدة فرحته لم ينتبه الى الطريق و السيارة القادمة من الاتجاه الاخر وهي مسرعة فاختل توازن السيارة والتفت حول نفسها بقوه واحمد بداخلها بين الحياة والموت .
في خلال الساعة التالية نقل احمد الى المستشفى القريب لإجراء العلاج والاسعافات اللازم له لإنقاذ حياته وجاء دور الشرطة في البحث عن هوية المصاب وسبب الحادث - هو المخطئ - وابلاغ الاهل والاقارب للحضور .
حضر الوالدين ودلال الى المستشفى فورا وهي تبكي وتصرخ مع الوالدة . ادخل احمد غرفه الانعاش واتصل الوالد بهاني في البلد الثاني واخبره بما حدث وطلب منه الانتباه للطريق . اتصل هاني برئيسه في العمل واخبره بما حدث لأخيه وطلب منه اخذ اجازه من العمل ثم حجز له ولريهام على الرحلة المغادرة الى بلدة في الحال .
بقي احمد في المستشفى بين الحياه والموت اياما بعد الحادث حتى قدر له الله الموت فمات بهدوء وسكينة . صدم الاهل بالخبر وخاصة زوجته دلال فما ان سمعت الخبر حتى اغمي عليها ودخلت المستشفى الذي هم فيه وبعد التحاليل تبين انها حامل في الشهر الثاني في الوقت الذي هي فيه في فترة حداد وحزن على زوجها المتوفي وتستمر حتى ولادة الطفل الذي تحمله في أحشاءها . وبسبب هذه الظروف طلب هاني من رئيس عمله نقل عمله من البلد الثاني الى فرع الشركة في البلد الام لكي يهتم بوالديه واسرة اخيه احمد ونقل اهل أخيه الى جوار اهلها ورعايتهم جميعا . اخذ هاني اجازة لمدة عشر ايام لتدبير أموره هنا و هناك وتقبل العزاء في أخيـــه .

قضت دلال فترة الحداد عند اهلها اما اولادها فقد كانوا ينامون عند جديهما ويهتم بهم عمهم هاني وزوجته ريهام .
واخيرا انتهت فترة الحداد بولادة دلال لابنها الثاني وقد اسمته هاني كما اوصاها احمد على اسم عمه هاني حبا له ولتذكيره دائما به واستمر هاني في رعاية اولاد اخيه وخاصة الصغير هاني فقد كان يشبه والده قليلا ويسأل ارملة اخيه عما يحتاجونه ويريدونه في أي وقت ومهما كان . وكان يأخذهم الى الملاهي والحدائق مع والديه وزوجته احياناً وامهم نادرا .