كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة
طالعته بصدمة من انفجاره الهائل، وكلامه المبهم الذي شعرت به كما الخناجر المسننة التي بدأت تنغرس بلحمها بعنف لتدميها وتجرح بشرفها وعفتها الطاهرة.
هزت رأسها رافضة أقواله لكن تلك الكلمات انصبت عليها كما السيل العرم.
- على بالج ما عرف عنج شي!!.. تغازلين وتواعدين ريايل لا وبعد في بيتي، يا خسارة التربية فيج يا واطية!!
- هدي يا بو مايد أعصابك، الضغط هيرتفع، الدكتور محرص عليك لازمن ترتاح.
- وين أرتاح وهذي تبي توطي راسي بالأرض.
كان يشير إليها هي وليس لأحد آخر، إذا الكلام كان يخصها بأنها... صدمة وذهول أشلها ويا لوقع الظلم على الروح عندما تشعر به يغلغلك بقيود متينة وسميكة، فيغطيك لحد الوصول لكتم أنفاسك.
رفض لتلك الحروف التي تخترق شرفها وتفضح عريها، ولسان حالها يردد:
- كذب... كذب... والله كذب!!.
اقترب منها والدها مندفعا ناحيتها والشرر يتقاطر من عينيه، واجتث بقبضته حفنة من شعرها بقبضة من حديد، تقسم بأنه قد اقتلعه من جذوره
- لا تحلفين بالله يا الفاجرة!!.. بنتي أنا يلي ربيتها توطي راسي بالتراب!!.. قسما بالله لأدفنج وانت حية، وزواج راح تتزوجين برضاج أو غصب عنج، وراح تنفذين من جدام ويهي يا الحيوانه!!
ودفعها من يده كشيء مقزز وقذر، وسقطت على الأرض لاحول لها ولا قوة، لقد قسم ظهرها!!.. وآه من احساس فضيع بعدم وجود جدار تتكئ عليه بأحلك أيامك، وآه من سند تراه يغدر بك ويوهمك بوجوده وفجأة تراه سراب وأوهام نسجته أنت بخيالك كي تؤكد لنفسك بأن الأمور على ما يرام، وأن حياتك ما زال يدخلها النور.
ناظرته بضياع وتشكك، ذلك الرجل ليس بوالدها؟؟.. فوالدها مختلف.. هو رجل حنون تظهر على ملامحه سيمات الطيبة، أما هذا ليس بهو؟؟.. هذا وحش كاسر، غادرته الرحمة والرأفة، أين ذهب والدها الحنون؟؟.. أين أختفى؟؟
عادت تتأمله بضياع وتيه، كان يتحدث عن شيء ما؟؟.. وصلها كهمس يأتيها من بعيد ولم تفقه منه أي حرف، وبعدها لا تعرف كيف تحركت؟؟.. وكيف وصلت لغرفتها هل حملها أحدهم؟؟... أم سارت هي لوحدها؟؟.. هي لا تعرف؟؟.
هزه على كتفها توقظها من الجمود الذي دخلت به قصرا، نداء باسمها وهزات ازدادت قوة تخرجها وتجبرها على العودة للواقع القاسي.
تطلعت إلى شقيقتها الجالسة بجانبها والخوف قد زار وجهها الفتي، وبعدها اختفت صورتها من أمامها... هل أصبحت تتخيل وتهلوس بأشياء غريبة أم أنها قد جنت وانتهى الأمر؟؟.. أم هي تلك الدموع التي غطت الرؤية أمامها؟؟
برودة سرت بحنجرتها تخبرها بأنها على قيد الحياة وأن ما اختبرته هو حقيقة وليست بهلوسات.
- عنود انت كويسة؟؟... بليز بلاش ترعبيني كدا؟؟... أرجوك ردي علي؟؟
- أمون... أنت أمون صح؟؟
هزت رأسها وهي توافقها
- أيوه أنا أمون... أختك، حبيبتك.
أغمضت عنود عيناها وندت منها آه طويلة حملت فيها شقاء لن يقدر شخص آخر على حمله، وفرت من خضرتها الباهتة دمعه خائنة تحدثت عن تعب أوهن كتفيها، تحدثت عن هم شاب له شعرها، تحدثت عن يتم كسر لها ظهرها، وآه من آه ملأت جنبات جسدها.
تراجعت للخلف وأضجعت جسدها المرهق على سريرها الذي طالما شاركها أسرارها ودمعاتها، وتكومت على نفسها تحميها أو تحاول أن تحمي البقية الباقية من كرامتها وكبريائها.
رثت آمنة على حال شقيقتها، وذرفت عيناها دمعات قلة الحيلة، هي صغيرة ولا تقدر على الوقوف بوجه والديها ومنعهما مما يفعلونه بها، هي عاجزة عن ردعهما لكن يوجد حل لمشكلتها.. عليها فقط أن توافق عليه.....
اقتربت آمنه من عنود وحادثتها:
- عنود عندي ليك حل علشان تبعدي من هنا .
لم تجبها ولم تفتح عينيها بل ضغطت عليها وبشدة تخبرها باستحالة ما تقوله!!.
- عنود عارفة ان يلي راح أوله صعب عليك، بس هو الحل الوحيد ومفيش غيره، بصي انت لازم توافئي على العريس يلي طلب ايدك.
أفرجت عن مقلتيها لكن ظلت ساكنة تنظر لسقف الغرفة وتابعت الأخرى بعد أن حصلت على ردة فعل لجذب انتباهها:
- بصي... انت لما تتزوجي هيخرجك من هنا ويسكنك في بيت لحالك وترتاحي من مشاكل البيت دا.
أيضا لا جواب ولا حركة سوى رمش عينيها الذي يتحرك برتيبة عادية، تنهدت آمنة لا تعرف كيف السبيل لإقناع شقيقتها بجودة الفكرة، وأنها خلاصها الوحيد من معاناتها.
التفتت تتأمل الغرفة المهترئة والمقشرة من دهانها القديم، ثم وقعت عيناها على سرير شقيقها النائم دون أن يشعر بما يجري من حوله بسبب الأدوية التي يبتلعها، وهنا عادت ترمق شقيقتها ودعاء بأن تكون هذه الفرصة الأخيرة، وإلا لن تخرج منها سوى بكفنها!!
- أنا سمعت من بابا من أن الراجل يلي تأدم ليك راجل طيب وابن حلال، فمتعرفيش يمكن يسعدك بعلاج أخوك.
التفتت عنود تنظر إليها، تحاول أن تهضم تلك الفكرة التي حشرتها برأسها، ونهضت تداري أنين جسدها المتوجع من كفوف الحياة التي تكالبت عليها.
- تعتقدي انه راح يساعدني؟؟
- وليه ان شاء الله ما يساعدكيش؟؟.. هو جوزك وتئدري انت تقنعيه انه يسعدك.
حركت رأسها باتجاه سرير شقيقها النائم وتساءلت هل سيشفى شقيقها من دائه؟؟.. وسيقدر على الخروج واللعب والدراسة كما يحلم ويتمنى دائما؟؟.. وبيدها هي سيفعل كل تلك الأشياء فهمستها دون تردد :
- أنا موافقة
*********************
في صباح اليوم التالي ارتدت عنود عباءتها وشيلتها ثم اتجهت ناحية شقيقها تحتضنه بكل قوتها غير راغبة بتركه، لكن من أجله هو فقط ستفعل المستحيل!!.. حتى لو رمت بروحها للتهلكة!!
أبعدته عنها قليلا وتحدثت معه تغالب نفسها عن البكاء أمامه:
- ميود حبيبتي، تحمل من نفسك الله يخليك!!.. وكمان خذ دواك ولا تنساه!!.. وبعد لا تنسى تاكل وتتغذى زين.
- عنود لا تحاتيني أنا بخير والحمد الله!!.. انت بس عيشي حياتج وتهني فيها.
ناظرته بقوة وضغطت على أكتافه قائلة بتأكيد:
- ميود أنا برجع لك بأقرب وقت، وأخذك علشان تتعالج، وبسكنك معاي.
ابتسم لشقيقته الحالمة و المتأملة بالناس كل الخير، يعلم علم اليقين صعوبة ما تقوله لكن لا بأس ببعض الأمل.
هز رأسه موافقا على ما تقوله، وتأمل وجهها جيدا، وابتسامة تزين شفتيه.
طبعت قبلة طويلة على جبهته ثم تركته والتفتت لشقيقتها آمنة تعود وتنبهها لدواء شقيقها وطعامه، وأن تتابعه بانتظام، وأن لا تهمله ريثما تعود من أجله.
صراخ باسمها يحثها على الاسراع للذهاب للمحكمة، فاليوم زواجها وستضع توقيعها على كفن قبرها.
تركت شقيقتها وعادت تتطلع لشقيقها بعيون تهدد بإخراج ما خلف سدودها، لكنها لن تبكي، فلقد انتهت أيام الدموع وستحل مكانها السعادة والفرح، فالدنيا شرعت لها بابها وهي لن ترفضها أبدا، بل ستتمسك بها وبكل قوة، لفت ذراعيها محتضنة رأسه على صدرها ولسانها يردد:
- برجعلك!!.. صدقني برجعلك، وبتتعالج وبتسوي كل يلي تبيه.
قبلته ثم تركته مجبره وخرجت بسرعة من الغرفة قبل أن تغير رأيها وترفض ترك شقيقها لوحده ولو لعدة أيام.
وغادرت مع والدها دون أن تصادفها زوجة والدها أو ابنتها اللئيمة لأنهما بكل بساطة لا تستيقظان بهذا الوقت المبكر من الصباح.
ركبت السيارة وجلست بهدوء وشرود، والآخر لم ينبس بأي شفه، وهي لم ترد أن تخترق هذا الصمت.
أسندت رأسها على زجاج النافذة وتأملت الحياة تدب رويدا رويدا... السيارات تنطلق لمقصدها، والناس تجري وتسعى لكسب لقمة العيش، وتساءلت كيف ستكون حياتها التالية مع زوجها؟؟..هل ستكون سعيدة؟؟.. وهل بالفعل ستقدر على اقناعه بعلاج شقيقها؟؟.. قطبت حاجبيها هي لا تعرف اسمه بعد!!.. فابتسمت باستهزاء أي زواج هذا!!.. أبدا لم تحلم بأن يكون زواجها بهذا الشكل، فهي حالها حال باقي الفتيات، تتمنى زواج كبير بأفخم صالات الزفاف، وفستان أبيض، وصديقاتها يرقصن، وهي وزوجها سيعيشون بسعادة.
تنهدت وأخذت تستغفر الله وبدأت بتلاوة أذكار الصباح وتحاول أن تهدئ من روعها الذي أخذ ينهش صدرها، بما تخبئه لها الأيام!!.
وصلا للمحكمة وترجلت من السيارة وسارت برفقة والدها للداخل وجرت بعدها الأمور بسرعة... جلست هي بقسم النساء لوحدها ووالدها ذهب لينهي المعاملات ولا أثر لزوج المستقبل، وبعد مرور فترة من الوقت، طرق قلبها بشدة بعد أن أقبل والدها يخبرها بأن القاضي يطلبها ليسألها موافقتها، سارت بجانبه وساقيها تكادان تخذلانها من فرط خوفها، فدفعها والدها بعد أن توقفت راغبة بالعدول عن الأمر، وهمس بأذنيها بوعيد لو أخلفت أمره!!.. فعادت تسير معه وما أن دخلت الغرفة حتى أحنت رأسها غير راغبة برؤية زوجها المستقبلي كي لا تغير رأيها برؤيته شيبا كبيرا بالسن، سألها القاضي موافقتها فأجابته بخفوت بنعم، وبعدها انتهى كل شيء بتوقيعها "لقد أصبحت متزوجة".
خرجت من الغرفة برفقة والدها وسارت بجانبه إلى أن وصلت لسيارتهم فالتفتت إليه متسائلة ليجيبها والدها بسرعة:
- ريلج عنده شغل، وقالي أخذج للشقة يلي بتسكنين فيها .
رفعت حاجبيها بتعجب لهذا الأمر الغريب لكنها لم تهتم لذلك الرجل الغريب قدر اهتمامها بهذا الرجل القريب، وركبت السيارة وانطلقت بهم لوجهتها، ومن طرف عينها رمت والدها بنظرات ألم، وجرحه لها يكبر ويكبر، كيف استطاع أن يهينها هكذا؟؟... كيف قبل بأن يعاملها زوجها بقلة تقدير؟؟... هل هي رخيصة الثمن ليهين كرامتها بهذا الشكل الحقير؟؟.. تساؤلات كثيرة دارت بخلدها، ووجع نبض بخافقها، وروحها قد سئمت آلامها.
وصلوا لوجهتهم وترجل والدها بسرعة يأمرها الاسراع فقد تأخر على عمله، سحب كفها وأعطاها مفتاح الشقة وأمرها بالصعود إليها، وأن لا تخرج ريثما يأتي زوجها.
- راح تتركني لحالي؟؟
- هيه... ما عندي وقت أروح معاج للشقة، وريلج بي بعد شوي.
سلمها المفتاح وأخبرها برقم الشقة وبأي طابق و رحل دون وداع، دون قبلة، دون نصيحة، ودون ضمة حانية تخبرها بأنها ستكون بيد أمينة وسيحافظ على جوهرته الغالية، لا شيء؟؟.. فقط غبار السيارة هو من ودعها، الآن فقط علمت قيمتها الحقيقية عند والدها!!.
سارت دون أن تسير، وتحركت دون أن تشعر، جروحها تعود وتنتكئ فتدميها وتؤلمها، إلى أن ملت أعضاءها جراحها النازفة دون دواء يوقفها عن القيح.
وصلت لوجهتها، وضعت المفتاح بقلب راجف يكاد يتوقف من فرط خوفها، فأخذت أنفاسا طويلة، وتعوذت من الشيطان، وسمت بالرحمن ودفعت الباب وخطت أولى خطواتها لعالم جديد لا تعلم ما هو مصيرها
|